أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حافظ واعي - في ما يقوله التاج للهدهد ، للشاعر وديع شامخ














المزيد.....

في ما يقوله التاج للهدهد ، للشاعر وديع شامخ


جمال حافظ واعي

الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 16:37
المحور: الادب والفن
    



دلالة العنوان، في مجموعة وديع شامخ ( ما يقوله التاج للهدهد ) الصادرة عن دار التكوين في دمشق عام 2008 ، تهيّج مجسات الاستشعار وصورته المحتشدة مفتوحة على الأزمنة، وما يقوله التاج هو محاولة لإسترداد أناه المختطفة، فالهدهد هو الذي يقول على الدوام في مرويات التاريخ والتاج ينصت له!
وهو الذي يخبر التاج عما جرى ويجري، وخلف كل هدهد يتخفّى نبأ قادم سيوقف الخلائق على سر عظيم.
فالهدهد هنا ذات عارفة (أحطتُ بما لم تحط به) كما جاء في سورة النمل الآية 22، تحاول الانعتاق من طوق اللغة لتسبق بيانها.
انه شاهد متقدم على بريد الزمن المتأخر دوما.
إذا كان الهدهد في كتاب منطق الطير لفريد الدين العطار هو شيخ المريدين والراوي ومرشد الطيور في رحلتها العرفانية لبلوغ جبل قاف والوصول الى طائر السيمرغ الذي هو رمز السر الإلهي وحقائق اليقين، فانه في هذه المجموعة ،يمثل خلاصة النزوح الدامي الذي يجرده من دلالاته الماورائية لينزاح الى انفاق الوجود وقيعان المدن المنكوبة:
أنام على فتوى ، وأصحو على طريقة
منتظرا أقواما تجيء أو تهبط ،
هاربة من فزعها..ص27
فقد أستنزف الهدهد وجوده في صراع غير متكافئ وكان هبوطه من الأعالي - المتوهمة - خديعة، وقد اكتشف بأنه ليس الديدبان أو الرائي الذي يقف عند النهايات ليزودنا باخبار الماوراء والأماكن القصية بل استبدل دوره وانقذف في تيه المدن المنذورة للغياب الثقيل والكوابيس المرعبة:
و ( قمرها الغاطس في الوحل ) ص100 صورة لهذا الغياب
و (أصنامها التي فخرتها الشمس ) ص100 تم تأهيلها لتُزج في تاريخ هذه المدن!

انها صورة مواجهة، فمن التخوم المقابلة للاسطورة تبتدئ الحكاية حيث الهبوط من:
( سماواتي الحامضية المدججة بالأوحال. ) ص94
(أيام رأسي تتكوم على متاهة الجسد.) ص7
(جثة متعفنة تقود رأسي إلى متاهة اليوم التالي.) ص5
(اشرب من زمهرير الأجساد. ) ص94
حتى ليبدو ان هبوطه كان صعودا من طراز آخر وكأنه يبحث عن سماء مقابلة!
( غير آبه بسورة الغياب. ) ص94
فحياته المنتهكة في الفضاءات اللزجة جعلته بلا معنى وهو يدوّن حماقة ما قبل الهرم والانطفاء، وفي لحظة مناجاة يائسة يخاطب نفسه:
(تفتح جرحك المتقيح لشهوة الحكايات. ) ص96
( الليل لي، أريد أن احلّق خارج النفق.) ص9
ربما كان حديث التاج للهدهد خارجا من وثوقية المرويات، إلى وثوقية أخرى او تدوين لاحق لها يتخذ شكل المفارقة أو الفخ التاريخي المحوّر على هيئة سؤال:
( أليس من الحق أن يكون الطريق صالحا لعبور الحمير وعربات بيع المأكولات الشعبية، وفي ظلاله وعلى جوانبه تنامُ كتب الفلاسفة ببلاهة وحرّية ...!!؟ ) ص17
ان النزوح الى الغابة، الأمثولة التي صنعها الفلاسفة، هو ما تخبر عنه الجاهزية والاستعداد الفطري والإرواء الغرائزي للتطرف حيث تتناسل:
( طوابير العبيد على الطرق المعبدة ) ص 19
لتأهيل ( غابة من كوابيس ) ص21
ثمة مرارة تحاول المجموعة تجسيمها ومن ثم ترحيلها من المجاز الى صورها الناطقة، وثمة تبادل للادوار في هذه الانطولوجيا الزمنية التي تكشف عن نموذجها الإرتكاسي عبر موتيفات باهرة تحاول ان تعيد المجرد الى صورته الأصلية.
كما ان التماهي مع الاشياء يحررها من سطوتها دون انمساخ الهوية او الشخصية التي تدل عليها، فالكل مستدعى لنزع الأقنعة واستبدالها بشخصياتنا المهملة، تلك التي طال المقام بها في النسيان الذي يجبرنا على المجاهرة باسمائنا كذريعة!
يقول الشاعر في قصيدة ( النول يتذكر):

تأتي الملوك وتذهب
والمُلك يذهب أيضا
ويذهب القضاة..
يتوالى السيافون والرواة
والولاة يتناسلون على الغزول
النول لا يتذكر هل كان فراشا لنزوة القاضي أم سرجا
لحماره!
النول لا يعرف كم مرة صار نطعا
حين تذكّر النول تاريخه...
أحيل على التقاعد بتهمة خصخصة النسيج الوطني
وإخفاء الفضلات المحرمة
لابد للنول أن يتذكّر!! ص52

اننا ذروة الفقدان، المهووسون بالرثاء، نبتكر الموت قبل ان تأخذنا الخرافة الى لعبتها، تلك اللعبة التي تداعب التاريخ كذكرى لم يبقَ منها إلاّ مراياها المتدافعة مع وجوهنا، حيث:

(نشم رائحة الهدهد المذبوح وسط قبورنا.) ص53

لقد خرج الشاعر من بيضة الحكاية وأوكسيد الرطانة، كما يقول، ليقدم حياته هدية للأحلام المصابة بتشمع الحواس؟
إذ يتصابى ( كديناصور معاد في حفلة تنكرية) ص39
( في مساء المرايا العامر بالصدى، يقدم رأسي على طبق من نشوة.) ص23

وكانت تخطيطات الفنان المبدع خالد خضير، المرافقة للنصوص، تحليقات منفتحة على العالم الذي تنشده القصائد من حيث قدرتها على التجسيد والاختزال.

استراليا
[email protected]






#جمال_حافظ_واعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...
- فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية ...
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24 ...
- وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في ...
- -زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
- نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حافظ واعي - في ما يقوله التاج للهدهد ، للشاعر وديع شامخ