أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أندريه منتشوك - وسترن يونيون تبني أمجادها على عرق ودماء العمال المهاجرين















المزيد.....

وسترن يونيون تبني أمجادها على عرق ودماء العمال المهاجرين


أندريه منتشوك

الحوار المتمدن-العدد: 850 - 2004 / 5 / 31 - 08:36
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


شركة "وسترن يونيون" الأميركية الضخمة (Western Union Financial Services Inc.) ، فرع الاحتكار الأميركي العالمي First Data، تحتكر في العالم كله مجال التحويلات النقدية الدولية. و"يستفيد من خدماتها" ملايين العمال الأجانب الذين ضاقت في وجههم أبواب الرزق في بلادهم في ظل العولمة الرأسمالية. ومن بين هؤلاء عمال أوكرانيا المهاجرون إلى أوروبا بحثا عن باب رزق هناك بعد أن تعذر عليهم ذلك في أوكرانيا الرأسمالية، وذلك لأجل أن يتمكنوا من دفع ثمن الماء والكهرباء، والخيز والدواء، ثمن التوابيت التي غلا سعرها مع خدمات المآتم. كل هذا لا يمكن أن يؤمنه عملهم في داخل حدود بلدهم الذي تحول من وطن أم إلى وطن خالة بعد ان أعيد إلى أحضان الرأسمالية، يدفع بأبنائه وبناته إلى بيع قوتهم على العمل في الخارج.

وإنك لترى من بين ما يثير الشجون في هذا المجال لوحة دعائية للشركة المذكورة عليها صورة أم أوكرانية تحمل مكنسة كهربائية ليست لها بين جدران بيت غريب كأمثالها مئات الألوف من الخادمات الأوكرانيات في العائلات البرجوازية الأوروبية. بينما طفلها المتروك في أوكرانيا يفرح لرؤية الأموال القليلة المحوَّلة إلى العائلة لتقيه شر العوز وتؤمن له عيشه من مأكل وملبس ومدرسة. غير أن دموع هذا الطفل الذي اضطرت أمه لتركه من أجل هذا المال القليل والمرير لا تدخل في حسابات هذه اليافطة الدعائية الماجنة.

يقول شعار هذه الشركة الأميركية ذات الآلاف، بل عشرات الآلاف من الفروع والمكاتب في العالم: "نحن نقرب ما بين الناس ونفسح المجالات لهم". فهل هو الأمر كذلك بالنسبة إلى شركة تحصّل ملايين ومليارات الدولارات أرباحاً من قروش قليلة يكدح من أجلها هؤلاء المجاهدون في سبيل أطفالهم وذويهم المسنين؟ شركة تصنع الأرباح الطائلة في كل أرجاء العالم "المعولم" من تعب وكدح العمال المهاجرين من بلدان العالم الثالث والبلدان الاشتراكية سابقاً إلى بلدان رأس المال الكبرى المرفهة؟

وليست لائحة المستفيدين الطفيليين من كدح المهاجرين غير الشرعيين مقتصرة وحسب على الشركة وطاقمها. فهناك أفراد الطبقة الحاكمة في أوكرانيا من موظفين إداريين وجمركيين ومكاتب لاستئجار وتشغيل اليد العالمة وشركات شرعية وغير شرعية ترسل طالبي العمل إلى الخارج إما صراحة تحت ستار إرسال سياح وطلاب، وإما سراً عبر الغابات الجبلية وفي مخابئ السيارات الخانقة، ومن نهابين متوحشين في الشرطة ومرتشين في مصالح الهجرة، ومن أرباب بيوت بخلاء وقحين ومن فارضي خوات من عالم الإجرام وغيرهم وغيرهم... غير أن كل نهب هؤلاء يبدو "عسلة" مقابل ما تنهبه شركة "وسترن يونيون" التي يمر عبر صناديقها القسم الأعظم من النقود التي يتقاضاها العمال المهاجرون، فيرسو جزء منها غير ضئيل في حساباتها.

فالعمال المهاجرون غير الشرعيين يجهدون لإرسال ما تقاضوه في الخارج من نقود إلى الوطن في أسرع ما يمكن. فهم إذ يعملون خارج القانون يخاطرون في كل لحظة بأن يفقدوا ما تراكم لديهم من نقود، ولذا يضطرون للموافقة على تلك الفوائد العالية التي تجنيها شركة "وسترن يونيون" من تحويل نقودهم الهزيلة إلى الوطن. فكل تحويلة نقدية من 50 دولارا مثلا تطلب الشركة مقابلها 13 دولارا مثابة "قوميسيون". وهكذا يصنع مئات الألوف من العمال الأوكرانيين بانتظام ثروة هذه الشركة العالمية وغيرها، وصانعو هذه الثروة يزدادون يوما بعد يوم بفعل المزيد من الأيدي العاملة المهاجرة طلبا للرزق.

وفي أوكرانيا تفتح هذه الشركة مكاتبها في كل منطقة تغلق فيها المصانع والفبارك لتعتاش متطفلة على حساب عمل المواطنين الظالم وغير المشروع في بلدان أخرى. فهي ومثيلاتها تستغل اضطرار الناس إلى الهجرة لتثري على حسابهم أيما إثراء.

وأوكرانيا ليست سوى بلد بين بلدان كثيرة تصل إليها أصابع هذا الأخطبوط العالمي الذي يمص دم العاملين المهاجرين من كل أرجاء المسكونة غير المحظوظة. وإن مقالة جوليا رايف في مجلة "تايم" لتظهر البعد العالمي لنشاط هذه الشركة الضخمة التي تأسست عام 1851 في غرب الولايات المتحدة المتوحش واشتهرت بدورها النشط في شراء أراضي ألاسكا من روسيا.

جاء في المقالة: "... إن "وسترن يونيون تضحي شيئا فشيئا مثابة بنك لملايين العمال المهاجرين الذين يرسلون جزءا مما يتقاضونه إلى عائلاتهم في الدساكر والقرى المكسيكية لقاء العمل في حقول أريزونا حيث يجمعون محاصيل قنّبيط "البروكولي"، ، أو إلى مدينة بومباي الهندية من حقول النفط السعودية. ومع تنامي وتائر الهجرة يتنامى "بيزنس" شركة "وسترن يونيون" التي تزمع فتح 20 ألف نقطة جديدة إضافة إلى النقاط الـ159 ألفاً الموجودة الآن في 195 بلداً. وهذا أكثر أربع مرات من عدد نقاط مطاعم ماكدونالدز ووول مارت (أضخم شبكة تجارة بالمفرق في الولايات المتحدة). وقد أضحت "وسترن يونيون" تدريجاً واحدة من أضخم المؤسسات المالية في العالم وأكثرها ربحاً. فخلال العقد الأخير من السنين ازدادت تحويلات ما يتقاضاه العمال المهاجرون بنسبة 44 بالمائة. وفي العام 2002 بلغت هذه التحويلات 183 مليار دولار، ويفترض أن تزداد أيضا بنسبة 28 بالمائة في خلال السنوات الثلاث القادمة".

لقد أرسل العمال المهاجرون من أميركا اللاتينية وحدها في خلال عام 2002 إلى أوطانهم مبلغ 32 مليار دولار معظمها تم تحويله عبر شبكة "وسترن يونيون" وشبكات شركات مماثلة لها. ودفعوا مثابة "كوميسيون" لقاء هذه الخدمات من نقودهم القليلة التي كلفت عرقاً غزيراً مبلغ 4 مليارات دولار، أي قرابة 12,5 بالمائة مما أرسلوه. وليس لدى هؤلاء العمال المغبونين من بديل عن دفع هذه المبالغ للشركة-الحوت عمليا، وهو ما يبينه بوضوح وصف "التايم" للأمر في مقالتها أعلاه إذ تقول: "شركة "وسترن يونيون" هي بالنسبة إلى القرى الصغيرة المترامية في كل أرجاء المعمورة حلقة الربط الأساسية بين أطراف الاقتصاد العالمي. ففي قرية كواتلكو المكسيكية الصغيرة البعيدة مائة ميل عن العاصمة مكسيكو جنوباً ليس ثمة مصرف، أما النقود فتأتي إلى هنا في معظمها من عمال البناء والزراعة الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة للعمل، وهي تشكل نسبة 90 بالمائة من دخول أهالي القرية. وباتريسيو وهو أحد سكان القرية المذكورة وعمره 49 عاما كان يعمل في الولايات المتحدة لثلاث سنوات خلت. وفي نهاية كل شهر يتصل به هاتفيا ابناه اللذان يعملان بصورة غير شرعية في ولاية جورجيا، يبلغانه رقم التحويل، فيسافر باتريسيو مسافة أربعة أميال إلى أقرب نقطة لـ"وسترن يونيون" كي يتسلم هناك الـ600 دولار المرسلة إليه. ويدفع ابناه لقاء التحويل 40 دولارا. ثمة في مدينة مازاتيبيك مكتب آخر لتحويل النقود أرخص من هذ، إلا أنه أبعد بمرتين...".

نهب البنوك للناس متشابه في كل الأوطان، في المكسيك وفي أوكرانيا، وفي كل بلد من عالمنا "المعولم"، مثلما هي متشابهة عمليات سوق العمل العالمية المؤدية إلى رحيل اليد العاملة بالجملة من البلدان الأطراف إلى بلدان المركز في العالم الرأسمالي. أما شبكات تحويل النقود المستقلة التي أنشأها المهاجرون أنفسهم على أساس مبدإ تعاضد أبناء البلد الواحد لأجل إرسال النقود الهزيلة إلى ذويهم في الوطن فأجهزت عليها الاستخبارات الأميركية بعد أن أعلنتها زورا وبهتاناً قنوات تمويل لتنظيم "القاعدة" (الذي كانت هي نفسها وراء إعلانه والترويج له طبعا، ووراء عملياته الإجرامية)، فخلصت بذلك البنوك من منافسة غير مرغوبة في هذه التجارة الفائقة الربح في عالم الرأسمالية الموحد تحت لواء العولمة.

..............

إن الدعاية التي تنشرها "وسترن يونيون" حول خدماتها "التي توحد من تفرقوا" من أبناء البشر تعني عمليا تشريع عمل المهاجرين غير الشرعي وتشجيع الشرعي منه على السواء. والسلطات المعنية في البلدان التي يهاجر منها العمال بحثا عن لقمة العيش ترفض اعتبار هذا الأمر ظاهرة سلبية معيبة، بل تزينها بشتى الأوصاف الإيجابية متحدثة عن المغتربين من أبناء الوطن بأسلوب إنشائي مغمور بالعواطف "غير الصادقة". فمنطق أهل الحكم في هذه البلدان واحد وهو أن الهجرة تريحهم من أشخاص "زائدين عن اللزوم" غير لازمين، فلا يضايقون العين الناظرة ولا يطالبون بمعونة اجتماعية، زد على ذلك أنهم يرسلون إلى الوطن مبالغ لا بأس بها بالعملة الصعبة قد تشكل أحيانا الجزء الأعظم من دخول المناطق والبلدان في أرجاء العالم الفقير.ولذا لا يرى حكام تلك الدول وموظفوها الأمناء أي سبب للتشكي من اقتصاد العمال المغتربين غير الشرعيين من أبناء بلادهم، فيشيحون بأنظارهم عن تلك الظاهرة المدمرة للإنتاج المحلي. وتستمر هجرة الأيدي العاملة بالتنامي ملتهمة أعدادا متزايدة من السكان القادرين على العمل، فيما تساعد شركة "وسترن يونيون" موضوعيا على تعزيز وتسريع وتائر هذه الهجرة. فهي إذ تقدم المعلومات عن إمكان العثور على عمل في الخارج تساعد على تزايد جيش المهاجرين العاملين، وعلى زيادة أرباحها تاليا وهي تعد بالمليارات من الدولارات.

أما شعار الشركة المذكورة الذي ذكرناه أعلاه فيجب أن يكون: "نحن نفرق بين الناس إذ نحرمهم من إمكان العيش والعمل في بلادهم".



#أندريه_منتشوك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيكة شوكولاتة غرقانة بصوص رهيب.. اقتصادية جداً ومفيش أسهل من ...
- المغرب وفرنسا يسعيان لتعزيز علاقتهما بمشاريع الطاقة والنقل
- مئات الشاحنات تتكدس على الحدود الروسية الليتوانية
- المغرب وفرنسا يسعيان إلى التعاون بمجال الطاقة النظيفة والنقل ...
- -وول ستريت- تقفز بقوة وقيمة -ألفابت- تتجاوز التريليوني دولار ...
- الذهب يصعد بعد صدور بيانات التضخم في أميركا
- وزير سعودي: مؤشرات الاستثمار في السعودية حققت أرقاما قياسية ...
- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية
- أسعار النفط تتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أندريه منتشوك - وسترن يونيون تبني أمجادها على عرق ودماء العمال المهاجرين