أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الحد بين المنهج الماركسي و البورجوازي















المزيد.....

الحد بين المنهج الماركسي و البورجوازي


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 2795 - 2009 / 10 / 10 - 20:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لعب ماركس و إنجلس دورا هاما في مؤتمر العصبة الشيوعية الثاني بصياغة بيان الحزب الشيوعي الذي من خلاله وضعا الأسس النظرية المتكاملة للمذهب الماركسية ، باعتماد المادية الجدلية و المادية التاريخية الصيغة العلمية لقوانين التطور الإجتماعي في العلاقة بين المعرفة العلمية و الممارسة العملية ، و استطاعا تجاوز الطبيعة المثالية للمادية الكلاسيكية بوضع أسس الصراع الطبقي الذي تشكل فيه البروليتاريا الطبقة الثورية ، و كان للثورات البورجوازية في أوربا دور هام في بناء النظرية الماركسية من خلال اكتشاف ماركس لفكرة ديكتاتورية البروليتاريا و ضرورة تحالف البروليتاريا مع الفلاحين من أجل إنجاز الثورة الإشتراكية ، و اكتشافه لشكل دولة ديكتاتورية البروليتاريا من خلال دراسته لثورة كومنة باريس و إضافة المزيد من التدقيق للدياليكتيك الماركسي عبر تعريض برنامج حزب العمال الإشتراكي الألماني للنقد في أطروحته " نقد برنامج غوتا " على ضوء مضمون " بيان الحزب الشيوعي " ، عبر انتقاده لموقف لاسال من مفهوم الدولة في نقده لمقولة "الدولة الحرة" في ظل النظام الإقطاعي للإمبراطورية الألمانية حيث اعتبر أن الدولة لا تنبثق عن الصراع الإجتماعي بل هي مستقلة عنه ، عبر حديثه عن "الدولة الحالية" و "المجتمع الحالي" في الوقت الذي ينسى فيه أن ما يسميه "المجتمع الحالي" هو مجتمع رأسمالي و الدولة ما هي إلا أداة للسيطرة الطبقية ، و اعتبر ماركس كل مطالب حزب العمال الإشتراكي الألماني ما هي إلا ترداد لمفاهيم بورجوازية لحزب الشعب و عصبة السلام و الحرية.
و واجه المذهب الماركسي منذ تأسيسه الرجعية البورجوازية و الإنتهازية الماركسية بصرامة و اتخذ ماركس و إنجلس صراعهما ضد البرودونيين و اللاساليين أساسا لترسيخ أسس المذهب الماركسي ، من أجل مجابهة الأعداء من الداخل و الخارج الذين يسعون لدحض الماركسية بواسطة الفكر البورجوازي خوفا من انتشار المذهب الماركسي في صفوف البروليتاريا ، و خلال نصف قرن من النضال الثوري عمل ماركس و إنجلس على محاربة أعداء الدياليكتيك الماركسي بدءا بالهيكليين باعتبار الهكلية عدوا أساسيا للماركسية مرورا بمجابهة البرودونيين في طريقهما من النظرية العلمية إلى الممارسة العملية بعد تأسيس الأممية الأولى و طرد الباكونينيين منها ، و انتهاء بمواجهة دوهرينغ ليتم لتركيز أسس المذهب الماركسي في أوساط الحركة العمالية العالمية ، و أصبحت الإنتهازية العدو اللدود للدياليكتيك الماركسي بعد فشل البورجوازية من نسف الماركسية من الخارج محاولة نسفها من الداخل ، و كان على رأس المعادين للمذهب الماركسي إدوارد برينشتين في أواخر التسعينات من القرن 19 الذي تزعم الجناح الإنتهازي المتطرف في الإشتراكية الديمقراطية الألمانية في الأممية الثانية ، من خلال دعوته إلى النضال الإصلاحي من أجل تحسين أوضاع العمال في ظل الرأسمالية متنكرا للصراع الطبقي و الثورة الإشتراكية وديكتاتورية البروليتاريا و حتمية زوال الرأسمالية ، و واصل لينين الصراع ضد الإنتهازيين الماخيين و الكاوتسكيين في عصر الإمبريالية متخذا في نقده وسيلة لتطوير المذهب الماركسي عبر دحضه للمنهج التجريبي الوضعي و الإصلاحية الإقتصادية الكاوتسكية و أسس الأممية الثالثة، و واجه الإشتراكيين ـ الثوريين و المناشفة أثناء الثورة الإشتراكية و الحرب الأهلية و واصل ستالين نضاله ضدهم خلال مرحلة البناء الإشتراكي و الحرب الإمبريالية الثانية و أرسى أسس الماركسية اللينينية.
و عكس ما يدعين المناشفة الجدد أصحاب المنهج البورجوازي الجديد يعتبر المنهج الماركسي اللينيني المنهج الحاسم في تناول القضايا السياسية و الإقتصادية في عصر الإمبريالية ، الذي وضع لينين أسسه النظرية و العملية بالدفع بالثورة الإشتراكية إلى الأمام عندما تأكد من خطورة الإمبريالية على الإنسانية معتبرا أن مهمة إدارة دولة دكتاتورية البروليتاريا تتجاوز القضايا السياسية إلى القضايا الإقتصادية ، سعيا إلى الإنتقال من المجتمع الرأسمالي إلى المجتمع الإشتراكي على اعتبار أن المهام السياسية تخضع للمهام الإقتصادية من أجل بعث القوى المنتجة الإشتراكية ، مما يتطلب إعادة تنظيم الإقتصاد أولا عبر "الحساب و الرقابة على إنتاج و توزيع المنتجات" و ثانيا ب"زيادة إنتاجية العمل" بعد انتصار العمال و الفلاحين في الحرب الأهلية ، مما يتطلب المقدمات الأساسية للنظام الرأسمالي التي تسعى الإشتراكية إلى هدمه في روسيا الدولة التي لا تتوفر فيها جميع هذه المقدمات على جميع المستويات سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا ، و لتحقيق هاتين المهمتين الأساسييتين في إدارة دولة السوفييتات لا بد من سيطرة البروليتاريا على السلطة حتى تصبح الطبقة السائدة ذلك ما تحقق في الإتحاد السوفييتي ، و لتخطي النقص في المقدمات الرأسمالية من أجل البناء الإشتراكي لا بد من الإستفادة من تجارب الدول الإمبريالية نفسها كما هو الشأن بالنسبة لألمانيا التي طبقت " فريضة العمل الإلزامي " ، و لكون ألمانيا دولة إمبريالية فإن "فريضة العمل الإلزامي" فيها عبارة عن سجن للأشغال الشاقة للطبقة العاملة الذي يؤدي إلى نظام جديد لقمع هاذه الطبقة مما أدى إلى بروز النازية ، واستفاد من هذا الإصلاح الذي تم في ألمانيا ما بعد الحرب الإمبريالية الأولى لصالح روسيا ما بعد الحرب الأهلية لكن باختلاف جوهري هو البعد الإشتراكي ل " فريضة العمل الإلزامي" الذي يلزم الشعب جميعه.
و في مرحلة البناء الإشتراكي برزت أهمية قانون الإقتصاد الإشتراكي الذي يتجلى في توفير أقصى الحاجات المادية و الثقافية للشعب كله الذي اكتشف ستالين و الذي من أجل القضاء على جميع الفوارق الطبقية ، مما يجعل جميع القوانين المتفرعة عن القيمة الزائدة المنبثقة من النظام الرأسمالي كالعمل المأجور و الإنتاج البضاعي و غيرهما تنتفي مع بروز القانون الأساسي للإقتصاد الإشتراكي ، و لم يتم القضاء نهائيا على قانون القيمة في التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي إلا أنه تم الحد من تأثير مفعوله على الإنتاج الإشتراكي ، و ذلك عبر بفضل الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج التي قضت على المزاحمة و فوضى الإنتاج و الأزمات و الحد من سيطرة الإنتاج البضاعي ، و المطروح على الإقتصاد الإشتراكي هو القضاء على الإنتاج البضاعي في الفلاحة و لكن بالتدريج عبر أسس الثورة الإشتراكية التي وضعها لينين و هي :
ـ عدم تفويت الظروف الملائمة للاستيلاء على الحكم؛ فعلى البروليتاريا أن تستولي على الحكم دون أن تنتظر حتى تكون الرأسمالية قد توصلت إلى خراب ملايين المنتجين الفرديين الصغار والمتوسطين.
ـ نزع ملكية وسائل الإنتاج في الصناعة وجعلها ملكاً للشعب.
ـ أما المنتجون الفرديون الصغار والمتوسطون فيجمعون بصورة تدريجية في تعاونيات إنتاجية، أي في مؤسسات زراعية ضخمة، هي الكولخوزات.
ـ تطوير الصناعة، بجميع الوسائل، وإقامة الكولخوزات على أساس تكنيكي حديث، هو الأساس التكنيكي للإنتاج الكبير؛ وعدم نزع ملكية الكولخوزات، بل بالعكس، تزويدها، بشكل وافر، بأعلى طراز من التراكتورات وسائر الآلات.
ـ لأجل تأمين التحالف الاقتصادي بين المدينة والأرياف، بين الصناعة والزراعة، يحافظ، إلى حين، على الإنتاج البضاعي (التبادل عن طريق البيع والشراء)، بوصفه الشكل الوحيد المقبول ـ لدى الفلاحين ـ للعلاقات الاقتصادية مع المدينة، وتطور التجارة السوفييتية على مداها، تجارة الدولة والتجارة التعاونية والكولخوزية على السواء، مع إزالة الرأسماليين، على أنواعهم، من ميدان التجارة.
فالتناقض بين المنهج الماركسي و البورجوازي يحتم وضع قانون الإقتصاد الإشتراكي الذي ينهال من صلب هذا التناقض من خلال التناقض بين :
ـ القانون الأساسي للإقتصاد الرأسمالي الذي يرتكز على الحد الأقصى للقيمة الزائدة و القانون الأساسي الإقتصاد الإشتراكي الذي يرتكز على توفير الحد الأقصى من حاجات المجتمع المادية و الثقافية.
و اليوم يسعى المناشفة الجدد إلى دحض الماركسية و الماركسية اللينينية باتخاذ المنهج البورجوازي وسيلة لذلك عبر ما يلي :
ـ إتهام ماركس أنه لا يملك تصورا واضحا حول الثورة الإشتراكية متهمين إياه بالقول بأنها ستقوم في العالم دفعة واحدة ، هذا الإدعاء الخطير في حق ماركس الذي يعتبر الماركسية عبار عن أوهام المادية المثالية التي لطالما حاربها ماركس في حربه ضد الهكليين ، معتبرين أن ذلك هو ما دفعه إلى تأسيس الأمية الأولى في 1864 انطلاقا من عالمية الإشتراكية في مقابل عالمية الرأسمالية ، معتقدين أن هذا الخطأ هو الذي دفعه إلى حل الأممية الأولى ليسقط رفيقه إنجلس في نفس الخطأ بتأسيس الأممية الثانية من أحزاب إشتراكية و نقابات التي ما تزال قائمة إلى اليوم ، إنه بالفعل تحليل منبثق من المنهج البورجوازي الذي تناول بشكل مبسط مفهوم " يا عمال العالم اتحدوا ! " الذي اتخذه ماركس شعارا لمواجهة إتحاد الرأسماليين.
ـ إتهام لينين على أنه لم يعر إهتماما للبورجوازية الصغرى ذلك ما عرض مشروعه الإشتراكي للدمار و سيطرة هذه الطبقة على السلطة و انهيار الإتحاد السوفييتي ، معتبرين أن روسيا في بداية الثورة الإشتراكية تعرف طبقتين رئيسيتين هما العمال و الفلاحون لكن مع مرحلة البناء الإشتراكي ظهرت طبقة ثالثة و هي "البورجوازية الوضعية" ، هذا التقسيم الطبقي الغريب عن المذهب الماركسي الذي وضع ماركس و إنجلس أسسه في نقدهما للنظام الرأسمالي و الذي يدعي أن الإشتراكية هي التي أفرزت هذا التقسيم الطبقي الجديد الذي أدى إلى تفكيك الإتحاد السوفييتي ، في نفس الوقت الذي يتحدثون فيه عن الطبقة الوسطى المتعددة الفئات ينسون أن لينين نفسه ينتمي إلى هذه الطبقة إلا أنه بروليتاري ممارسة .
إن محاولات المناشفة الجدد لتجاوز الدياليكتيك الماركسي أسقطهم في أحضان المنهج البورجوازي و هو صلب الإنتهازية التي حاربها ماركس و إنجلس و بعدهما لينين و يتجلى ذلك في :
ـ قولهم بأن العلاقة بين أداة الإنتاج و المنتج علاقة تناقض التي تنبثق منها المعرفة المسيطرة على العمل عكس ما يقوله ماركس و هو أن المعرفة تنبثق من داخل الصراع بين القوى المنتجة أي أدوات الإنتاج و العمال المنتجون و بين علاقات الإنتاج الرأسمالية ، هكذا بكل بساطة يحاولون تجاوز المفاهيم الماركسية بوضع كلمات بسيطة في محاولة لتجاوز الدياليكتيك الماركسي بأقوالهم المليئة بالتناقضات مما يدفعهم إلى محاولة تجاوز الفهم الماركسي اللينيني للنظام العالمي المتسم بالصفة الإمبريالية و هنا يقعون في معضلة البؤس الفكري الذي يقول بأن جميع الأنظمة قد انهارت ، و هنا يكمن صلب منهجهم البورجوازي الذي يريد وضع "النظرية الثالثة" للعالم و هي لا رأسمالية و لا إشتراكية و إنما شيء ما بين المنزلتين ليكتمل لديهم البناء الفكري البورجوازي الرجعي ، واهمين أنهم قد تجاوزوا ماركس و إنجلس و لينين و ستالين و ماو و أن الماركسية اللينينية غير قادرة على إعطاء الأجوبة الصحيحة للتناقض الأساسي بين الإمبريالية و الإشتراكية ، و انهوا بناء صرح مشروعهم الفكري البورجوازي الرجعي المفعم بالإنتهازية المنشفية بتبرير كل الكوارث التاريخية التي لحقت بالبروليتاريا في الربع الأخير من القرن 20 بالمشروع الإمبريالي للإقتصاد الإستهلاكي ، و هم يتحدثون عن الرأسمال في محاولة لتفسير أزماته المزمة عبر إخفاقات العملة الأمريكية معتبرين أن أساس الأزمات الإقتصادية و ما هي إلا أزمات الدولار ، مدعين أن نهج الإقتصاد الإستهلاكي بدول العالم الثالث و سيطرة "البورجوازية الوضعية" بالدول الإمبريالية هو الذي ألحق الكارثة بالعالم ، و هم عاجزون عن تجاوز تناقضات منهجهم الخرقاء التي تعج بالمغالطات الصارخة و التي لا تخرج عن نطاق المدارس البورجوازية الصغيرة التي تسعى لوضع البورجوازية الصغرى شبه المثقفة في صرح الترف الفكري البورجوازي.
و قد علمنا التاريخ أنه في الوقت الذي بلغ فيه البناء الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي أوجه حدثت أزمة اقتصادية عالمية لم تستطع خرق الإقتصاد الإشتراكي قيد أنملة ، و في ظل هذه الأزمة الرأسمالية نادى الإقتصاديون البورجوازيون بما يسمى بسياسة " التكافل الإجتماعي" من أجل تجاوز ما لحق الإقتصاد الإمبريالي من دمار نتيجة نتيجة بروز الإقتصاد الإشتراكي ، إلا أن النظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا يسعى لتخطي أزماته على حساب مزيد من استغلال الطبقة العاملة بإثقال كاهلها بعبء تكافل العمال لإنقاذ الإمبرياليين من الإفلاس ، و لم تخرج الإمبريالية من أزماتها على حساب البروليتاريا إلا و دخلت في صراع إعادة تقسيم العمل التي أفضت إلى الحرب الإمبريالية الثانية و انهزامها أمام المنتظم الإشتراكي ، و عاش الإقتصاد الرأسمالي الإمبريالي أزمات هيكلية منذ بروز الإقتصاد الإشتراكي مما حدا بالإمبرياليين إلى محاولة تخطي أزمة ما بعد الحرب بمزيد من استغلال الطبقة العاملة ، و كان لتشجيع التجارة العالمية و التقدم التكنولوجي و الحروب اللصوصية في آسيا و أفريقيا و انهماك الإتحاد السوفييتي في إعادة ما دمرته الحرب و إدماج دول شرق أوربا دور هام في تخطي الإمبريالية مرحليا لأزماتها ، إلا أنها واجهت مشكل السوق العالمية التي انقسمت إلى رأسمالية و اشتراكية و كان على الإمبريالية العمل على تدمير السوق الإشتراكية بتفكيك الإتحاد السوفييتي ، و لم يستطع الإقتصاد الرأسمالي الإمبريالي الخروج من نفق الكساد إلا بعدما تأكدت الإمبريالية من أن سقوط المنتظم الإشتراكي مسألة وقت فقط ، و التأكد من أن الثورة الصينية لا يمكن تجاوزها لمرحلة البناء البورجوازي و ستمر بسلاسة إلى المستوى الإمبريالي بعد سيطرة الإنتهازية التحريفية على السلطة بالإتحاد السوفييتي، و في منتصف السبعينات من القرن 20 برز ما يسمى ب " الليبرالية المحدثة " كشكل من أشكال الإقتصاد الرأسمالي لحل أزمات الرأسمالية الإمبريالية و الذي تعتمد على :
ـ مزيد من استغلال الطبقة العاملة بإثقال كاهلها بتكاليف التأمين الصحي و الإجتماعي و الضرائب على الدخول الذي يتحمله أجر العمال.
ـ مزيد من حرية الإنتاج الرأسمالي الإمبريالي بتخفيض الضرائب عن دخول أصحاب المشاريع الرأسمالية و ذوي الثروات من الإمبرياليين.
و خلال ربع قرن من هذه السياسة الإمبريالية التي تهدف إلى الخروج من الكساد الإقتصادي الرأسمالي لتحرير التجارة العالمية نتج عن ذلك :
ـ تدمير دخول الطبقة العاملة نتيجة ارتفاع مستوى العبء الضريبي على حساب أجر العمال.
ـ تضاعف دخول أصحاب المشاريع و الثروات نتيجة انخفاض العبء الضريبي على حساب خزائن الدول.
فمنذ 1975 تم سن سياسة ما يسمى ب " الليبرالية المحدثة " المعتمد على انخفاض نسبة الضرائب عن دخول أرباب الشركات و أصحاب الثروات إلى النصف تقريبا في حين أن الضرائب عن الأجور قد تضاعفت أربع مرات ، و ساهم تحرر التجارة العالمية في هروب الشركات من أداء الضرائب بالهروب إلى الخارج بحثا عن دول توفر لها إمكانيات التخفيض الممكن من الضرائب التي بلغت حد إلغابها بفعل المنافسة بين الدول خاصة بعد تفكيك المنتظم الإشتراكي ، و نما جشع الإمبرياليين بلا حدود خاصة بعد هيكلة "منظمة التجارة العالمية" و رفع الحواجز الجمروكية لبسط سيطرة "الشركات متعددة الجنسيات" على ثروات الشعوب و استغلال الطبقة العاملة ، مما ساهم في خلق المنافسة بين الدول في استقطاب الرساميل إلى بلدانها عبر هذه الشركات التي تلقى مجالا رحبا للإستغلال المكثف للبروليتاريا في ظروف أشبه بالعبودية من أجل الإقتصاد الإستهلاكي الرخيص ، و تم إغراق السوق التجارية العالمية بالمواد الإستهلاكية الرخيصة و تعتبر الإمبريالية الحديثة بالصين رائدة في هذا المجال حيث تم استباحة العاملات و العمال الصينيين من طرف الشركات الإمبريالية العالمية ، فلا غرابة أن نجد أسواقنا غارقة بالمنتوجات الصينية الرخيصة لكن تحت أسماء الشركات الإمبريالية المتعددة و العابرة للقارات.
لقد عملت السياسة الإمبريالية الجديدة في الألفية الثالثة على بسط سيطرة الشركات الإمبريالية على الدول العالمثالثية مما زاد في تكثيف استغلال البروليتاريا ، عبر مزيد من الضرائب على دخول المأجورين في مجال الإنتاج و الخدمات على السواء في الوقت الذي يتم فيه إعفاء الرأسمال المالي من الضرائب ، مما جعل هذه الدول تفقد موارد مهمة لأداء ديون البنك العالمي و صندوق النقد الدولي التي أثقلت كاهل الشعوب بالجزية المفروضة عليها الشيء الذي فرض عليها نهج سياسة الخوصصة ببيع المؤسسات العمومية ، و بالتالي التخلص من الخدمات الإجتماعية بسن سياسة الهروب من الإنفاق على المؤسسات الإجتماعية كالتعليم و الصحة و الإدارات العمومية مما أدى إلى تفاقم العطالة بتقليص مناصب الوظيفة العمومية ، و أدى تمركز القيمة الزائد في أيدي الإمبرياليين و حرمان المأجورين من حصصهم من هذه القيمة مما نتج عنه تعميق التفاوت الطبقي بسيطرة الرأسمال المالي على القيمة الزائدة على حساب استغلال اللبروليتاريا و تراكم هذه القيمة في أيدي أقلية من البورجوازيين ، و لا يمكن توزيع الدخل القومي بشكل عادل إلا في ظل النظام الإشتراكي حيث أن الإقتصاد اللامتكافيء في ظل الرأسمالية الإمبريالية لا يحطم فقط المجال السياسي بل يتعداه إلى المجال الإقتصادي بتحطيم القدرة الشرائية للمأجورين ، الشيء الذي جعل فائض الإنتاج في السوق التجارية العالمية يتضاعف مما نتج عنه كساد إقتصادي و بالتالي بروز أزمات اقتصادية تعرض الطبقة العاملة لمزيد من الإستغلال .
و لا غرابة أن نعيش أكبر مستوى حاد للأزمة الإقتصادية العالمية اليوم و التي تراكمت منذ تتفاقم الأزمة المالية الإمبريالية في 2001 بعد انهيار الأسواق العالمية المالية ، مما نتج عنه فقدان الطبقة الوسطى بالدول الإمبريالية لكل ما تملك بفقدانها لأسهما و سنداتها بالبنوك الإمبريالية لتعم اليوم هذه الأزمة بعد العصف بالبورجوازية الصعرى إلى صفوف البروليتاريا ، عكس ما يدعيه المناشفة الجدد عن سيطرة "البورجوازية الوضعية" على الإقتصاد العالمي و سحق البروليتاريا هذا الإدعاء الذي لا يتفق معه حتى الإقتصاديون البورجوازية أنفسهم الذين يعترفون بغطرسة الإمبرياليين.

تارودانت في : 10 أكتوبر 2009

امال الحسين





#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسس الحركة الطلابية الثورية المغربية
- الحد بين القانونين الأساسيين للرأسمالية و الإشتراكية
- الحد بين الثورتين البورجوازية و الإشتراكية
- النظام العالمي الراهن و المهام الثورية
- المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج5
- المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج4
- المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج3
- المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج2
- المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج1
- الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 5
- الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 6
- الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 4
- الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 3
- الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 2
- الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 1
- الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 12
- الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 11
- الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 8
- الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 9
- الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 10


المزيد.....




- -لا لإقامة المزيد من القواعد العسكرية-: نشطاء يساريون يتظاهر ...
- زعيم اليساريين في الاتحاد الأوروبي يدعو للتفاوض لإنهاء الحرب ...
- زعيم يساري أوروبي: حان وقت التفاوض لإنهاء حرب أوكرانيا
- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الحد بين المنهج الماركسي و البورجوازي