أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي رفيق - حنين الى الرفيقة الغالية:هيام















المزيد.....

حنين الى الرفيقة الغالية:هيام


مهدي رفيق

الحوار المتمدن-العدد: 2794 - 2009 / 10 / 9 - 03:48
المحور: الادب والفن
    


حنين الى الرفيقة الغالية:هيام

شجون مغربية – الشجن رقم 1-

عزيزتي هيام :

" فضيع أن يموت الإنسان عطشا في البحر، لما تضعون كل هذا القدر من الملح في حقيقتكم ، إلى درجة أنها لم تعد قادرة حتى على إ رواء العطش " نتشه.
احملي نعشك واتبعيني ، وخلصي نفسك من حرقة التفكير المضني في مصير يتعين التقرير فيه وحسمه بشكل جماعي ... فحسب الدليل الصهيوني للأحلام العربية الذي صيغ حسبما أعتقد بأقلام الجبن العربي ، فمن حقك كفلسطينية في الصراخ والألم والموت ...لكن لا حق لك في متر مربع من الحرية ،لأن أرض أجدادك حسب أوهامهم التوراتية – التي يستندون إليها كغطاء إيديولوجي لتبرير الجريمة الصهيونية – تحولت إلى أرض للميعاد الصهيوني حيث تسفك دماء الأطفال والشيوخ والرضع تحت أنظار العالم وبمباركة أمة "محمد القريشي " برمتها؟.
أعلم جيدا يا عزيزتي ، بأنك لا تدعين البطولة أمام هكذا مأساة إنسانية ووجودية وأنت تعملين جاهدة من اجل المساهمة في صيانة ورد الوطن ووطن الورود . لكن من حقك إدعاء الحرية في أبهى وأصدق معانيها ،كلما استوعبت بأن هذه اللفظة الرشيقة والمهيبة في آن واحد لا تعني في آخر المطاف حسب ماركس سوى وعي الضرورة ، أي إدراك حتمية الانغماس روحا وجسدا، شعرا وقلما ، دما ودموعا ، وعيا وجنونا ،ألما وفرح سنابل ورصاص...في كفاح إنساني وقومي وأممي وفلسطيني،ضد كل أشكال الإهانة التي يمارسونها ضدنا ورثة نيرون الجدد.
ليس في نيتي في هذا المساء الخريفي الحزين أن أحرضك على الصمود،لأنني متيقن بأن لفظة" صمود " ،أضحت خبزكم اليومي هناك في شوارع يافا وعكا وطول كرم ،كما أضحت لفظة "لن نستسلم" شعارا لشعب بأكمله وعنوانا لمرحلة بكاملها .
لا أود أن أحرضك على الصمود أيضا ،لأنني لا أدري إن كان هذا الأخير قد يحل مأساة الضياع تحت المطر ،أو قد يعني شيئ ما ،بالنسبة لإنسان أضحى محاصرا في الداخل والخارج ...
دبابات وغازات كيماوية محظورة في الخارج تتأهب لتصفية القضية والأرض والشعب ،واجتثات جدور المقاومة وتجفيف ينابيع الصمود الفلسطيني .
وفي الداخل قمم ومؤتمرات من اجل المباركة والتزكية والبحث للجلاد عن كل المبررات والأعذار الممكنة والغير ممكنة، المعقولة والغير معقولة من أجل طمس جريمته وتكنيس معالمها بفلسفة القانون الدولي ،وتحميل الضحية في آخر المطاف مسؤولية تشرده وأسره واغتياله،وربما حتى إبادته ،لأنه ببساطة مات وهو يقاوم !! إنهم يحاولون أن يجعلوا من الركوع والاستسلام هوية جديدة للإنسان الفلسطيني، فماداموا في " قيادة " الحركة التحررية فإن الخبز الفلسطيني سيقل أكثر، وغصن زيتونه سيذبل أكثر، ودموع الثكلى واليتامى ستنهمر أكثر ، وكرامته ستداس أكثر ... وبذلك أزمة المقاومة ستستمر ومخاطر التصفية والاستسلام ستتصاعد . فما العمل يا حبيبتي ؟ هل نرضى بالذل والهوان والاحتلال ؟ هل نستسلم أمام هذا العبث؟.
سأصرخ بك ثانية أيتها المنبعثة من قاع الحرية ومن أرض النبوة والشهادة، حاولي التخفيف من معاناتك ومعاناتي ، ففي الصمود والمواجهة أيضا غربة ،ولكن أية غربة ؟ ففي الغربة من أجل الغد الفلسطيني والإنساني المشرق تحتوينا المآنسة ويدثرنا الحنين ويوحدنا الإنتماء لجيل اختار الوفاء لدم الشهيد ومعانقة أحلامه .هل ترين كم كان صادقا محمود درويش وهو يصرخ في وجوه صانعي "السلام" : خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا ودعونا نحرص ورد الشهداء.
ولأننا يا هيام اغتسلنا – نحن الذين اخترنا السير على يسار الهزيمة والمفاوضات – نهائيا من إثم السلام الصهيوني ووثنية الجنة والخلود ،فلن يلوثنا ولن يخدعنا وهم السعادة بشكلها المطلق،لأننا على قناعة تامة بصدق شعارنا القديم/ الجديد، الذي أكدنا من خلاله بأنه من فوهة البندقية ينطلق السلام والحرية ،وبأن السعادة الحقيقية هي أن يعيش المرء كإنسان ،أن يتصرف كإنسان ،كما يقول الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي .
انصتي ،أنت التي تسكنين في كياني كجرح غائر وكحلم عنيد غير قابل للمساومة ،الإنسان لم يولد ليرتطم بالأرض ويتوسد فجيعته ويعشق مأساته الأبدية ؟
الإنسان هو في نهاية الأمر قضية،على حد التعبير الجميل لشهيدنا وحبيبنا غسان كنفاني، وحسب الرائع عبد الرحمان منيف ،فهذه القضية بمقدار ما يتحمل الإنسان مسؤوليتها ،يتشبت بها، يدافع عنها ، بمقدار ما هو جدير بها ، وبالتالي ترتبط به وتصبح هيئته وصورته ،أما حين يسهو أو يتخلى عن واجبه ،فإن هذه العلاقة تهتز وقد تسقط وربما تنتهي.
ومن هنا يبرز مفهوم أوضح وأقوى للوطن : إنه الارتباط الذي لا يجوز فيه التخلي أبدا . وهذا يقتضي أن يمتزج دون توقف ،دون انقطاع بدم الذين يقيمون فيه بعرقهم ،ليس فقط كإرث وإنما كعلاقة دائمة ومستمرة .
فوفق هذا المفهوم " المونيفي" للوطن تضل المقاومة يا حبيبتي قيثارتنا التي ننشد بها نشيد الحرية ،فهي خيارنا الأوحد والوحيد لفرض حقنا في الوجود على أرضنا وبحرنا وسماءنا...فليقاوم كل واحد منا حيثما انوجد ، لأننا نؤمن بضرورة أن تكون معركتنا بلا موطن محدد ، مادام موطنها الأصلي والحقيقي هو ساحة الكفاح من أجل بناء مجتمع الحنان البشري ؟.
صغيرتي ، أشعر بأن هذا الحلم الذي يوحد بين قلبينا ،يحتويني ويجعلني أشعر بلذة العيش على نحو أفضل رغم قسوة الشعور بثقل البعد والحنين ...
وأنا أتأمل دهشة أولئك الذين يشاركوننا اللحظة، هذا العري الطفولي بل وحيرتهم أمام هذا الحجم الهائل من الهشاشة الإنسانية ،أتمنى أن تزرع هشاشتي زهرة الياسمين في أعماق قلبك الكبير المفعم بالدفء والضوء والحنان ...
دعيني أمازحك فبل أن أضع أروع قبلة على جبينك الجميل ،كيف تجري الأمور هناك في مشرق القلب عند الحد الفاصل بيني وبينك ؟ أما هنا في مغرب القلب، فلا يسعني إلا أن أهمس لرفاقي كي لا ينشغلون بالسؤال عن لونها ،فهي كل الألوان ، وكي لا يسألوني عن شكلها ، فهي كل الأشكال ، تشبه ملامح الوطن عندما يتخذ شكل أغنية ؟.


أحبك : رفيقك الوفي مهدي
خريف 2009







#مهدي_رفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي رفيق - حنين الى الرفيقة الغالية:هيام