عباس حيروقة
الحوار المتمدن-العدد: 2793 - 2009 / 10 / 8 - 12:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد قراءة ما دار وما يدور حول مقالة الصديق الشاعر الدكتور حمزة الرستناوي من تعليقات وأهمها برأي من حيث حاثة وجدية الطرح رد السيد ماجد جمال الدين الذي تم تجاهل الوهج الحقيقي لمادته والتركيز حوا ما تتركه من ظلال .. فكان الدوران حوله دون أن يتثنى لأحد الدخول إلى بواباتٍ نورانية أخفت خلفه الحقيقة .. فتكدّسوا جميعهم محرومين منه ومحروقين بوهجها .
وبغض النظر عن قناعات ومعتقدات الشعوب ولأمم - المفطورة على الخوف من الغيبيات - وطرائق تشكلها بالله , بالرسل , بالأنبياء , باليوم الآخر و.. الخ فلكلٍّ مستوى يصل إليه حسب ادراكاته وملكاته العقلية والنفسية ولاجتماعية , فما هو مدرك عند غيري ربما مجهول عني , وما هو من المسلّمات و البديهيات عندي يكون ربما عند غيري منافياً للبرهان مثلاً ..
فالحقيقة واضحة سارية في الوجود الكوني , ثابتة ولكنها تتلون بتلون الوعاء الذي يتحواها ... بطرائق تناولها وطرحها , وتصل للكل بحسب ما تتحوّاه هذه الكل من ملكات ..
ما أراد قوله الأخ ماجد هو من ضرورات العمل له وعليه معرفياً كونه ينادي بإنسانية لإنسان وإطلاق حريته لتحقيق العدالة لاجتماعية وتنمية مقومات الأمن والسلام .. وبغض النظر عن لبوس هذه الدعوة وألوانها التي لا أحبها مثلا والتي قد أختلف معه بطولها أو قصرها .. فأنني ومع احترامي وتقدير لكل الأديان والطوائف والملل والقوميات والوطنيات والروح القبائلية والعشائرية التي مازال ينادي بها قوم هنا أو هناك أرى أنها وبحسب منطق أرسطو - والتي حاولت مدرسة دمشق للمنطق الحيوي دحضه – ومقولاته العشر أنها لا تتجاوز التسع الباقيات بعد الواحد الجوهر أي أعراض و أحوال و لا تتجاوز الكيف ولإضافة والأين و المتى والوضع الملك والفعل والانفعال ..
فإذا كان الواحد الجوهر هو العقل والفكر وحيويتهما واللتان يتحواهما الإنسان منطلق الحياة وغايتها والمنتج لكل الأحوال والهندسة المعرفية بصيرورتها وصيرورتها المعرفية .. فإن التسع الباقيات كل ما عداه من دين ومعتقد و إلوهية وملة وطائفة وقومية وايدولوجيا وإيمان وإلحاد و .. الخ هي ما يمكن مناقشته ضمن الكينونة الشكل والتي لها طرائق تشكل .. إذ أسجل هنا أن لا فرق من حيث الجوهر بين ما ذهب إليه السيد ماجد و اشتغل عليه ولو بحياء الدكتور حمزة في كتابه منطق الجوهر .. إذ كم عاد ووضح في رده أيضاً على السيد ماجد بالقول أن الكل كينونة / طريقة تشكل الإيمان .. الإلحاد .. كما ذهب في كتابه ليقول أن الله شكل / طريقة تشكل .. و لكنه يعود في مواضع أخرى ليتعامل مع مفاهيم الإيمان.. الله .. الخ جواهر ثابتة .. إذ قلنا سابقاً أن المنطق الحيوي قائم بحد ذاته على إبطال ودحض المنطق الأرسطي القائل كما قلنا بالجوهر الثابت .
فالسؤال الأهم والأكبر ليس إثبات وجود الله أو عدمه , أو الديانات وعدمها أو الإيمان والإلحاد وطرائق تشكلهما .. السؤال الأهم هو أن ..
هل من لا يؤمن بالله أو الدين والعقيدة والطائفة والقومية هو إنسان أقل صلاحية من ذاك المؤمن بما سبق ذكره مثلاً ..؟
وهل التاريخ حدثنا عن مجازر وحروب ارتكبها العدميون (من عدم الإيمان بالله ) أم كل من خاض الحروب ضد مفردات الخليقة من بشر وحجر وشجر هم أصحا بالعقائد باسم الدين والله والوطن ..؟
لست مع تشتيت النص , ولست مع اقتطاعه بل مع تناول روحه للخروج بالزبدة التي يتحواها والتي تتكور فيها إنسانية الإنسان والسعي لفتح آفاق حرياته للتأسيس لعالم أكثر عدلاً وأمناً وسلام .
وهذا ليس بالبعيد عن أدوات الصديق الناقد حمزة والدكتور رائق النقري , ولكن كان في الرد والرد على الرد و.. و.. الخ حمأية وغيرية مما أبعدت صاحبها عن روحانية النص وضرورة حيوية الحوار .
السؤال الأهم .. ولنفترض افتراضاً مثلاً إذا لم هناك إلهاً أو رسلاً أو أنبياءً أو آخرة ..أليس العقل الفعال بقادر على قيادة أسطول الخليقة بشكل أكثر أمناً وسلاماً مما هي عليه الآن ..
وإذا كان الهدف والغاية من أي دين ولأي دين هو الإنسان بوصفه سيد المخلوقات .. فما الذي نشاهده أليس الكل يحارب الإنسان وإنسانية الإنسان باسم الدين والله والوطن كما قلنا سابقاً ..؟
لماذا إذاً هذا الفلتان رغم وجود هذا الكم الهائل من الرسل والأنبياء والطوائف والملل التي كله تنادي بوحدانية الخالق ..؟ لماذا لا يتم التركيز على العقل وملكاته و ادراكاته ..؟؟
وهل الأخلاق والقيم والعدل ولأمن والسلام هي نتج ديني مثلاً ..؟
ألم يكن هناك الكثير من القيم والأخلاق والعدالة والأمن .. و.. الخ قبل حركة الأديان والملل والطوائف والقوميات و..الخ ..؟
هل العقل أتى بالقيم والمبادئ والأخلاق أم الديانات برسلها و أنبيائها مثلاً ..؟ هل تعزيز العقل – الذي حنط لقرون وقرون – كمخلص للمجتمعات من لوثة الحروب والفساد – أقل أم صلاحيةً من تعزيز الدين – الذي تطاول كنسه وكنائسه ومآذنه شاقولياً وأفقياً - كمنقذ و مخلص من الحروب والفساد المجتمعي ..؟؟
ويبقى السؤال الأهم مشتعلاً : للدين صلاحية ككينونة بأشكاله وطرائقه ... أم العقل ككينونة بملكاته وحيويته أكثر صلاحية ..؟؟؟!!
عباس حيروقة
[email protected]
#عباس_حيروقة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟