أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمود عيسى - نحن لسنا مستأجرين على أرضنا















المزيد.....

نحن لسنا مستأجرين على أرضنا


محمود عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 2782 - 2009 / 9 / 27 - 06:44
المحور: حقوق الانسان
    


في البدء كانت الكلمة ... أي قبل العناصر الأربعة الماء, الهواء, التراب, والنار ... وبداهة فأنها وجدت قبل السلطة وقبل السجون وقبل محاكم التفتيش, وقبل محاكم أمن الدولة, وقبل الكرابيج والزنزانات ..... الخ
وهي قديمة لذلك يتحاشى السجان ورجل البوليس النظر إليها عندما يحقق معها, أو التطلع في عينيها... وأعين المدافعين عن شرفها... وشرف الكلمة التي ترفض أن تتحول إلى غطاء للقمع أو تحطيم المعاني ....
إلى الذين يسعون من أجل غدٍ أفضل ... الغد الذي نريده ونحلم به...غد الحرية والعدالة الاجتماعية... حلم البشرية أولاً وأخيرا ً... حكايتنا معها ليست قصة عشق عابرة ... إنما هي قضية عضوية بالنسبة لنا ممارسةً وعيشاً وتجربة ...
إلى المستعدّين دوماً للعمل والتضحية من أجل أن تصبح سوريا أفضل ... ليس هناك من هو ليس قادر على فعل شيء ما ... وعندما يقوم كل منا بشيء ما سيبدو كل شيء مختلف .... ويزول الخوف ... وتأتي اللحظة التي نرى فيها الوطن بطريقة مختلفة ....
لا نريد إلا أن نأخذ حقنا من الحياة .. .لكنّنا نصرّ عليه إصرارنا على البقاء ... ورغبتنا الأكيدة أن تكون سوريا مظلة لجميع أبنائها... ووطناً رحوماً.... ليس عبثاً أو إضاعة عمر بين متاهات الملاحقة وغياهب السجون, ولسنا هواة حبس... إننا نخسر أيامنا ويقضم السجن شبابنا من أجل الحفاظ على كرامتنا ... فكم من الناس يخسرون أيامهم في النوم والحانات ... و ... و ... ويبدو الأمر للبعض بأنّ نضالنا دون جدوى, أو كأننا في نفق لا ضوء فيه. وأي نضالات يسفحها القمع ... بدون محاكمة !!
هل قرأتم " ذكريات من بيت الموتى ـ لديستوفيسكي " حيث يقول في معرض وصفه لمستعمرة العقاب الرهيبة في اومسك ؟!! " إن الأنسان لنذل حتى أنه يعتاد على كل شيء ".
بلى أنه يعتاد كل شيء ... الألم ... والذل والجوع ... والسجن ... والتعذيب إلى أبعد الحدود ... ولكن في لحظة ما يقف فوق جراحه ويثأر لكرامته المهدورة بطريقة ما, وفي ذلك تكون عظمة الحياة...
وعندما قرأ أبن الأمبراطور الروسي تلك الرواية, أعلن غضبه على ما يجري وأبلغ والده بضرورة وضع حد لهذا الأمتهان لكرامة البشر. ومن يومها توقف العمل بقانون القنانة ... وأوصى بوقف التعذيب في السجون تحت أي ذريعة.
من يطّلع على قائمة التهم الموجهة لنا جميعاً يهوله الأمر: إثارة النعرات الطائفية, والنيل من هيبة الدولة, واضعاف الشعور القومي, وتعريض سوريا لخطر أعمال عدائية, واقتطاع جزء من الأرض السورية .... الخ ". طبعاً دون أدنى حاجة إلى أي دليل, أو الإقناع ... ( لأن السلطة مهما أوغلت في القمع تحتاج إلى درجة من إقناع خصومها بما تفعل... ).
للأسف قابلني الكثير ممن التقيتهم بالنقد اللاذع أحياناً لتوقيعي على اعلان دمشق – بيروت, وذلك حقهم, وعندما أتيح لي المجال للدخول في النقاش مع البعض, تبين لي أن الكثيرين منهم لم يقرأ الإعلان بدقة وبنوا موقفهم على خلفية ما سمعوه من هنا أو هناك... ومنهم لم يقرأه بتاتاً...!
هناك من يريدنا أن نكون في موقع المتهم دائماً ... والذي يقضي كامل وقته في الدفاع والتفسير ... فكل ما تقوم به المعارضة اللبنانية صحيح دائماً أما المعارضة السورية فهي دائماً على خطأ... خمس وأربعون سنة لم تكن محقّة ولا صائبة في أي موقف من مواقفها ... دائماً وأبداً المكان وازمان غير ملائمين ....!!! والبعض لامني لأن بعض الجهات الدولية قد طالبت بإطلاق سراحي أو رؤساء دول .. ربما ...!!!
الإعلان الذي دفعنا ثمن كلماته من حريتنا وأعمارنا.. ظهر في لحظة خطيرة في تاريخ العلاقة بين البلدين الجارين إلى الأبد, تجاوز الزمن تلك اللحظة, وأصبحت من الماضي ... لكن الرؤية الإستراتيجية التي قدمها ينبغي التمعن بها جيداً, والصالحة كإطار للعلاقة الوطيدة التي تضمن الاحترام المتبادل والأخوّة الحقيقية ... ووضع مصلحة البلدين في المقدّمة, وفوق الاعتبارات الضيّقة والمؤقّتة....
وأن يعقد مؤتمر العلاقات السورية اللبنانية في دمشق, ونحن نقبع وراء الجدران في السجن نتابع وقائعه عبر الجريدة والتلفزيون ... ونتفحّص الوجوه, فمنهم من وقّع إعلان 2006... سنتجاوز مشاعرنا, لأننا لا نقف عند ما هو شخصي, ولا عند آلامنا, بل نقرأ ولاءات ذلك الموقف ورمزيته...
أيها الأصدقاء ... نعرف أنكم تعيشون مع الجرائم في أصفاد واحدة ... ونعرف كم هو الفرق بين حراب الأيام التي تطعن الذاكرة وحراب تطعن كل شيء وتسقي الذاكرة. إن تحطيم قضبان السجن أسهل بكثير جداً من فتح أبواب الحياة المجهولة كما قال وي اتش لورنش ...
إذا سألتموني عن الحرية أقول لكم : هي الهواء النظيف وصخب الشوارع والأصدقاء ورائحة البحر وعبق الغابة, حنان الأهل ... ضحك الأطفال ... وأنتم غائبون لا قيمة لها ...!! لا قيمة لها وقوافل الناشطين تنضم إلى المجهول ... تلتهمهم عتمة الأقبية ووحشة الزنازين... في ممارسة منفلتة من أي عقال أو قانون... وهي محاولة مثل غيرها محكومة بالفشل ... لتكميم الأفواه وإسبال العيون لكي لا ترى ولا تدين الفساد والثراء الفاحش لقلة... وتفضح تعميم القمع والفقر, وجنون الأسعار... ورفع الدعم عن لقمة المعوزين والفقراء, وتحرير الأسعار في السوق الاجتماعي...!!
لماذا كل هذا؟ وهل إلغاء الآخر بالاعتماد على القوة كفيل بحل المشكلة؟ ألا يشكل قمع المعارضة الوطنية الديمقراطية السلمية مناخاً ملائماً لنمو معارضات أخرى تتخذ وسائل غير مرغوب بها من أحد في الإعلان عن وجودها وتحقيق أهدافها...؟
وكلما زادت المطالبة بالديمقراطية فإن القمع ذاته الذي تمارسه السلطة يزداد, ويأخذ أشكالاً أشد قسوة وتمويهاً... وهل تزايد الخوف من معارضة سلمية وطنية لا تملك إلا الكلمة, يجعل السلطة أكثر ضيقاً بالمعارضة, وبالتالي لجوءاً إلى القمع...؟ أم الأمر, وكلنا يعلم أن شروط النظام وحالته الآن أفضل... حسابات أمنية وضربات استباقية وأخرى انتقامية...؟
لا يمكن للقوة أن تكون الحل, وإن دامت, ومهما دامت... الأمر يستوجب أن يكون العقل والمصلحة الوطنية, والمستقبل, من جملة المقاييس والاعتبارات التي يجب التفكير بها قبل فوات الأوان...
يحدّثنا التاريخ كم من الأنظمة والإمبراطوريات التي لم يكن لقوتها حدود كيف انهارت وتفكّكت, وكم دفعت ثمناً غالياً وهي تبارح مواقعها, نتيجة عدم أخذ المستقبل وغياب الحرية بعين الاعتبار...
ينبغي أن يكون المستقبل حاضراً في كل خطوة, لأن قوة النظام , أي نظام تعتمد على رضى الناس ومشاركتهم. وهذه لا تقوم دون وجود صيغ التشارك والتعايش والتفاعل ضمن اتفاق أو توافق تفرضه المرحلة, ومن المستحيل أن يكون على توافق مع حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية.
ألم يقل الأستاذ الروائي الراحل عبد الرحمن منيف, بأن السجين السياسي هو عار, وهو أكبر عار عربي معاصر وقد يفوق الهزائم العسكرية من بعض الجوانب,لأنه لا يمكن أن يواجه الهزيمة العسكرية, وحتى الهزيمة السياسية إلا مواطن حر,يعرف معنى الوطن, ويعرف كيف يدافع عنه, وما دام هناك سجين سياسي سيبقى الوطن مقيّداً...
دولة الجميع هي البديل ... عن عودة الناس إلى انتماءاتهم ما قبل الوطنية ... ولا ينخدع أحد بالشعارات الطنّانة من قومية ووطنية وطبقية وعن العنف والعنف المتبادل ... الذي جُرّب في جولات سابقة وفشل كأسلوب في استعادة الحقوق ... وقاد إلى صراع دموي ما زال المجتمع السوري يدفع ضريبته بألف شكل وشكل...
المخرج هو الحرية
والصيغة العملية للحرية هي الديمقراطية ...هي التي من شأنها أن تكسر حالة الاستعصاء القائمة ... والديمقراطية ليست مجرد شعار أو كلمة ... إنما هي صيغ عملية تحددها طبيعة المرحلة القائمة, وهي ممارسة يومية ضمن قواعد وعلاقات تلتزم الأطراف بها... وتعني حرية التعبير والتمثيل والمشاركة في اتخاذ القرار ... أي الاعتراف بالتعدد قانوناً وإمكانية الاختلاف وإلغاء احتكار السلطة, وتداولها, والحق في تكوين الأحزاب والجمعيات والنقابات وحرية المعتقد... بنص القانون وتخضع لرقابة فعلية يمارسها المجتمع من خلال مؤسساته... وفي حال الاختلاف والتجاوز هناك القضاء المستقل ... الذي يوكل إليه تطبيق القانون وتفسيره ويخضع إليه الجميع. وكل تعديل بالقوانين يجب أن يتم بإرادة الناس.
نحن لسنا مستأجرين على أرضنا, فنحن من نسيج هذه الأرض, وماؤها, وذرات هوائها, ورمل صحرائها, وصخور جبالها, وجذور سنديانها ... معارضة وطنية ديمقراطية في سوريا وليس في مكان آخر ... ولا نبحث عن وطن آخر غير سوريا ... والتغيير هو حاجة واستحقاق داخلي, نفض يديه من نفض ... وتبنّاه من تبنّاه...!!
فالمواطنة بالمعنى الفعلي هي ليس أن نعيش في مجتمع فقط, بل أن نعمل لتغيير هذا المجتمع ...
أيها الأصدقاء ... الذين تركناهم ... والذين التحقوا بهم ... وفي أقبية أخرى, ما زال عصفور شباك الحرية يأتي يومياً ... منشدة الأمل القريب بالحرية للجميع...
شكراً لكل من ناضل من أجل إطلاق سراحنا وسراح كل المعتقلين, لقد كنا نسمع أصواتكم من خلال الجدران ... وشكراً لمن سرّته عودتنا وعودة القابعين في السجن ... ولمن قدّم وردة أو ذرة مودة ... كان لها الأثر الكبير في بقاءنا كبشر ... وحماية أحبابنا ... واستمرار حلمنا.



#محمود_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمود عيسى - نحن لسنا مستأجرين على أرضنا