أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود الزهيري - قانون لدور العبادة : قانون لعمارة الآخرة















المزيد.....

قانون لدور العبادة : قانون لعمارة الآخرة


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 2750 - 2009 / 8 / 26 - 09:11
المحور: المجتمع المدني
    


من جملة الأزمات المتوالدة في المجتمع المصري أن يكون هناك دوراً للعبادة تشرف عليها الدولة وترعاها وتخصص لها قطع من الأراضي بالمجان في المجتمعات العمرانية الجديدة , وكأن الدولة المصرية خصصت دوراً للحياة الدنيا بالتوازي مع دور تصل بالمؤمنين بالأديان إلي حيث تكون جنات الخلد والنعيم الأبدية .

كنت أتمني ان تكون هناك مساكن لجميع المواطنين المصريين , وألا يكون هناك سكان للمقابر وسكان تحت الكباري والعشوائيات , وكنت أتمني أن تزول أزمة السكن اللاآدمي والتي يسكن في المسكن الواحد منها أسرة بكاملها قد يزيد عدد أفرادها علي الخمسة أفراد في حجرة واحدة ومطبخ ملتصق بدورة المياه , أو بدورة المياه التي قد يكون مكانها النهائي البلكونة أو مسقط النور أو بئر السلم .
أزمة السكن والعشوائيات وتكدس الأسر كبيرة العدد في مساحة صغيرة , والفقر والجهل والمرض , هي من ضمن جملة أسباب لقانون دور العبادة الموحد , حال كون هذه الأزمات التي تعتبر بمثابة مصانع منتجة بوفرة للتطرف والعنصرية والإرهاب , وهي التي تشير إلي أسباب الفرز الطائفي / العنصري , فالبحث عن حل أزمة الإسكان الذي هو الدور المنوط بالدولة في توزيعاتها للثروة القومية والدخل القومي لعلاج أزمات التكدس السكاني والعشوائيات وسكان المقابر وتحت الكباري هو الدور المنوط بأجهزة الدولة وصولاً لعمارة الدنيا , قبل أن تبحث عن عمارة الآخرة , لأن عمارة الآخرة ليس من شأن الدولة بهيئاتها ومؤسساتها وأجهزتها .

كان من المتوجب علي المجتمع المصري بمسيحييه ومسلميه وكافة طوائفه الدينية أن يبحث عن الحلول التي تؤدي في نهاية الأمر لعمارة الدنيا والوصول إلي حدود معقولة من الرفاهية , أما عمارة الآخرة والوصول للطرق المؤدية إليها فشأن فردي يختص به كل إنسان حسب مجهوداته الفردية في الطاعة والعبادة وحسب ماتيسر له من جهد , لأن الجنة في المفهوم الديني درجات , والنار في نفس المفهوم دركات , ولايمكن أن يتساوي الناس في درجات النعيم الآخروي , ولا هم من الممكن أن يتساووا في دركات العذاب ذاته , وليس من شئون الدولة رعاية إيمان الناس وقياس نسبته .

ولو أن هناك حريات فردية وإجتماعية يصونها دستور وقانون مدني في ظل منظومة ديمقراطية ترعي الحقوق والواجبات في ظل دولة مدنية تغل فيها يد الدولة عن مراقبة ضمائر الناس وتوجيه مشاعرهم الدينية والوطنية حسب إرادة النظام الحاكم ووفقاً لهواه ماكانت هناك أزمة في بناء دور العبادة الدينية السماوية أو حتي دور العبادة الوثنية الأرضية , لأن المجتمع هو الذي سينتج مؤسساته ودور عبادته التي تراعي في إنشائها الدستور والقانون المنظم لإنشاء أي مبني .

أما ووضعية المجتمع المصري مأزومة بتراث من المفاهيم الدينية التي يريد كل تيار سرقة مشاعر المجتمع وتوجيه أحاسيسه حسب مصالحه بداية من النظام الحاكم بمؤسساته الدينية الرسمية , واجنحته الدينية الغير رسمية والموظفة لمصلحته في البقاء والإستمرار في السلطة , وكذا زعماء الطوائف والفرق الدينية في المجتمع المصري المأزوم بالمتدينين والبالغ نسبة تدينه مائة في المائة , أي لدرجة الكمال في التدين الظاهري والمهتريء في تدنيه الجوهري بدلالة الجرائم الأخلاقية وأحداث التحرش الجنسي واستخدام كم هائل من الألفاظ البذيئة والقذرة لدرجة إستخدام الألفاظ الجنسية الموظفة للأعضاء التناسلية في تغليظ السباب والشتائم , ولدرجة وصل معها سب الأديان لحالة مذرية وحقيرة , ناهيك عن جرائم الدعارة والسرقات والرشوة والتربح واستغلال النفوذ .

وأعتقد أن قانون دور العبادة الموحد والذي يسعي النشطاء لإقراره بمجلس الشعب ونشره بالجريدة الرسمية لتفعيله ماهو إلا تكريس لدور الدولة في توظيف الأجنحة الدينية لصالح النظام الحاكم فقط , وإعطاء بعض الحقوق المهدرة للمسيحيين علي زعم إعتبارهم أقلية دينية مهدرة حقوقهم بالتوازي مع دور العبادة للمسلمين والتي يكاد لايخلو شارع أو حارة أو هيئة أو مؤسسة حكومية أو حتي وزارة من وجود مسجد بها أو زاوية أو مصلي لأداة صلاة واحدة فقط في يوم العمل تشغل أحد أماكن العمل أو الدراسة من أجل صلاة واحدة , وياليت المصلين قاموا بتفعيل صلاتهم من أجل العمل والتخديم علي مصالح المواطنين , ولكن يد تمسك بالمسبحة وأخري تتناول الرشوة .

وهذه أمور ضاغطة علي الدولة قد تجعلها في مرحلة تاريخية يسعي لإقترابها الجماعات الدينية لتعطيل العمل كلياً وقت الصلاة الوسطي ( صلاة الظهر ) ثم يتم فرض شروط الجماعات الدينية الأخري علي المجتمع في نهاية الأمر ليكونوا بديلاً للدولة , لأن سلطة الأمر والنهي ستنسحب من الدولة لتكون لهذه الجماعات التي ستتناحر فيما بينها حول المفاهيم الدينية الصحيحة حسب مرادات الله ورسله , ولن يكون المضار الوحيد في هذه الحالة إلا المجتمع , والمضار الوحيد هم المسيحيين وباقي الأقليات الدينية سيكون مصيرهم هو والمجهول سواء بسواء !!

قانون دور العبادة الموحد يبرز فيه تخصيص مساحات في المدن الجديدة بالمجان , وسيكون التمييز واضح في هذه الحالة حيث ستخصص مساحات مناسبة من الأراضي في المجتمعات العمرانية والمدن الجديدة لبناء دور العبادة وكلمة مناسبة ترجع في نهاية المطاف للدولة , حال كونها كلمة عشوائية غير محددة وغير مراعية لأعداد السكان من المواطنين , وهذه محل بحث ومراجعة .

وكذا الرجوع إلي الجهات الأمنية لتكون لها الكلمة الفصل في إنشاء دار العبادة من عدمه , وكذا معاملة القائمين علي إنشاء دور العبادة معاملة الأشخاص العاديين في تطبيقات القوانين التي تعاقب بالحبس والغرامة والإزالة بالقانون 106 لسنة 1976 .

أعتقد أننا مع المطالبة بإقرار قانون دور العبادة الموحد والذي يطالب به المسيحيين من أجل إصلاح دورة مياه أو ترميم حائط أو بناء داراً للعيادة لهم , حال كونهم هم المأزومين ومعهم الأقليات الأخري من مواطني الدولة المصرية , ولكن قبل ذلك يتوجب مراجعة القانون مرة أخري للتدقيق في نصوص مواده لتكون السيادة للدستور والقانون فقط بعيداً عن أهواء الجهات الأمنية والإدارية الموظفة لصالح النظام الحاكم .

والنضال الوطني الحقيقي هو من أجل بسط سيطرة الدولة بتفعيل الدستور والقانون وتهميش دور المؤسسات الدينية من جهات الإنفاق عليها ورعايتها , فكما تم خصخصة الإقتصاد , يتوجب المطالبة بغل يد الدولة عن الهيئات والمؤسسات الدينية , وكذا وسائل الإعلام حال كون المؤسسة الدينية ومعها المؤسسة الإعلامية هما الخادمتين للنظام الحاكم , ليصبح الحزب الحاكم له مؤسساته الإعلامية بالتوزاي والتساوي مع باقي الأحزاب السياسية الأخري وهذه هي أولي خطوات الدولة المدنية , وهنا لن يحتاج أبناء المجتمع لوصاية من فرد أو جماعة أو هيئة أو مؤسسة , حتي دور الدولة سينعدم ليكون رقابي في تنفيذ القانون فقط والإشراف علي تطبيقه أما بخلاف ذلك فإن علامات الإستفهام والتعجب ستذداد ويكبر حجمها بحجم مشاكل وأزمات المجتمع والتي من ضمنها أزمة دور العبادة خاصة للأقليات الدينية حسب التعريف بدلالته الأمنية ؟؟!!.

أما إحتكار الدين ومؤسساته وهيئاته حينما يكون تحت سلطة الدولة فهذا ضد مفاهيم الدولة المدنية الحديثة وفي هذا الوقت لن نحتاج لقانون دور العبادة الموحد لأن أي مبني ديني أو مدني سيخضع لسلطان القانون فقط , حال كون الدولة في هذه الحالة ستكون محايدة وتراقب أداء سلطاتها.



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توظيف الإستبداد للفاشية الدينية : دراسة
- ثنائيةالإرهاب والإستبداد
- عن عقلي المحتجز : رد عقلي
- النذير والبشير : أزمة الشرعية بين الوطني والدولي
- شيخ الأزهر وشيمون بيريز : أصداء المصافحة مازالت مستمرة .
- تسفيه واذدراء الأديان : من المستفيد ؟!
- الكنيسة المصرية وزيارة أيمن نور: هل تكيل بمكيالين ؟
- زغلول النجار وصمويل العشاي : الإنتصار للمقدس علي حساب الإنسا ...
- عذراً يا إنسان !!
- أوباما : هل يعتنق الإسلام ويتحدث العربية ؟!!
- إبراهيم أبو العيش : جنة سيكم المصرية
- يوسف البدري !!
- القرآنيون
- الدين وصحيحه : من يمتلك صحيح الدين ؟!!
- خوف
- القتل المعنوي للآخر في المعتقد : بسمة موسي نموذجاً
- عقل
- الرسوم القضائية : خيار الدولة أم خيار ماقبل القبيلة ؟!!
- جميلة إسماعيل .. أيمن نور : الحرية لها ثمن
- العنصرية تجتاح المجتمع الإسرائيلي .. والعرب يزايدون !! 2 / 2


المزيد.....




- هيئة فلسطينية: جرائم طبية وتنكيل بالأسرى في مستشفى سجن الرمل ...
- -واشنطن بوست-: سكان بالضفة الغربية يتهمون قوات إسرائيلية بتن ...
- -كندا دولة قانون-.. تعليق من ترودو بعد اعتقالات مرتبطة باغتي ...
- الصحة العالمية تحذر من -حمام دم- ومن امتداد المجاعة لجنوب ال ...
- فرار 8 معتقلين من سجن في هايتي والشرطة تقتل 4 آخرين
- الآلاف يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة باتفاق رهائن مع حماس
- ميقاتي ينفي تلقي لبنان -رشوة أوروبية- لإبقاء اللاجئين السوري ...
- فيديو.. سمير فرج يُشكك في عدد الأسرى الإسرائيليين: حماس تخفي ...
- برنامج الأغذية العالمي: أجزاء من غزة تعيش -مجاعة شاملة-
- مديرة برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة يواجه بالفعل مجاعة كا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود الزهيري - قانون لدور العبادة : قانون لعمارة الآخرة