بديع الآلوسي
الحوار المتمدن-العدد: 2748 - 2009 / 8 / 24 - 06:51
المحور:
الادب والفن
....طارت , تبعها , لتختفي في الضباب ,وليسقط في بئر بلا قرار ... عيونها الساحرات تسكن بين وهج الروح وتشتتها , بقى ساكنا ًفي مهجع (العرائس الحزينات ) متوترا ً, مئات الهواجس كادت أن تخنقه , حالة ألأزعاج المحمله بالأسرار دعته لملازمة الصمت ثلاثة أيام بلياليها . الصباحات الشتائيةغير متشابهة في تفردها , هنالك مسحة ًمن اللون الرمادي يكسو الشجر ألأجرد , بقايا ثلج طاهر يوحي له بغربة ألأعماق وسكون ألزمن ألأعزل , شيء يحز في النفس أنه لم يرها منذ زوبعة ألرماد .
- كم أنا في شوق لرؤيتها ؟
الورود البنفسجية تقاوم البرد راعشة ً, هنالك بعيدا ًتنام قبرته ألمتحوله ,, بعينيها ألطريتين ترقب الطريق الترابي الشاحب المؤدي الى المقبرة ,عانقها , أحس أن تيارات الموج تأخذه الى جزر تنتشر فيها نشوة ألنداءات ..... مد يديه لامس شعرها الهارب , ضحكت متنفسة ًرغوة الحلم .
- تفاحة ( سيزان ) تحسسني بروعة ألأسرار ودفئها .
تجرأ أن يكشف لها شيء عن ألغاز ألأنطباعات السحرية , خافت وهربت بعيدا ً صوب هزائم جارفة , حاول ألأمساك بها , تبددت , حينها أمطرت السماء هوسا ًوجنونا ً,,,, ترك بيت ( نوبات الهذيان ) ...... أينما كان يُحَلق يرى آثار أقدامها , فكر كالغجرفي حل عقدة ألخيوط المتقاطعة هندسيا ً,, باءت كل حسراته بالتشتت , لترتعد جفونه بالترقب والكبرياء , تجلى يقينه المضطرب عن أشكال مهشمة . ألزمن المحكوم بالخوف يحطمه ويوقعه بالسذاجة , طاردته , لم تكف عن التحليق بملابسها المزكرشه الشفافه , رتابة مشاعره مشفوعة بالأنعطافات المستفزة , ماكاد أن يصل الى حديقة ( الشياطين ) حتى أعترته أحساسات ملونه , أكتشف أن ألرذاذ يحمل في طياته عمق الجوى ورائحة الأسئلة .
- ولم لا ؟ تعال أني في أنتظارك .
لم يملك جوابا ً ,هكذا هي الحياة , الله أعطاها الموهبة الأزليه , لنفقد الصواب , لتحل اللعنة , ليبدأ سفر النفي . حرارة أنفاسها أجبرته أن ينفلت الى حلم الطيور البيضاء التي غطت السفح الجبلي لتحيل ليله نهارا ً, ذبذبات غير مرئية تهيج ألذاكرة تدفعه للتفكير كذئب جائع , راوده هاجس أن يراها في حانة ( العاطلين ), ألتأملات ألمتشظية والعشوائيه بددت كل أحلامه , سريعا ًينتابنى الحزن , لكن ليس من معجزة , جَلس على ألأريكه الحجرية الخاصة بالعجائز(المتسولات) , أتجهت أنظاره الى قبة السماء المكفهرة , خانته المصادفة الم يَرَ لها من أثر , ألشعور بالفرح العقيم لا يدوم طويلا ً, واصل السير بلا هدف , لم توصله أفكاره الى شيء محدد ,, مر عطرها ً فجأةً , ثوبها الخمري ملأ صفحة السماء , ثم أختفى كل شيء .
- هل سأستلم منها توضيحا ً عبر ( البريد ألألكتروني ) .
دهاليز القرف الموجع بدأت تشل روحه , الشوارع المكفهرة , الهواء الصرصر جعلة يحث الخطىعائدا ً الى مهجع (العرائس الحزينات ). الأندهاش يحرقه , ولأسئلة تدخلة في وحول الخذلان ,, أتجه نحو (الكومبيوتر ) ,,,, أعترف أخيرا ًبالأحباط , خيبة ألحلم جعلته أكثر أصرارا ً . واصل السخرية من نفسه .
-لاتترك ألأمل حتى لو مت .
القهوة الساخنه جعلته أكثر أتزانا ً , كاسرا ًرتابة الفجيعة بموسيقى أندلسية قديمة , أجل كان متسامحا ً , ليعذر عصفورته لأنها خلقت لتعطيه تقوى التحرر .. كاشفة ً له شرعية الهوى .
قلب الرسائل على عجل , واذا بها تخرج من ركام الحشود معصوبة العينين , عقاب لا يعرف تفسير له .
- مخيف ما أرى ,, نظراتها الفارغة تذكرني بانثى بلا ذاكرة .
علاقات قلقة خدشت صفاء روحه , رغبات محمومه أحالته الى ماضي السنين العجاف ,, ألأحاديث الشهية تدفعه أن يتخيلها حسناء مترعةً بالجاذبية دائما ً ؟, جميع حالات ألأنكسار تعادل قبلتها المرسومه على زجاج الحواس , بقى عالقا ًفي ذهنه عقدها ألأنيق الذي يملأ المكان ضياء ً. فتح النص ( ظلال ألأطياف ) وأنصرف يقرأ بنهم .
لقاؤه بدفء أنفاسها الغارقة بالتلظي شجعه للغناء , هكذا هي الشجاعة تساعده لرصد الحياة من زاوية أكثر ذهولا ً.
متحفزا ًً, ناغاها بدفء , أنتشرت رائحتها لتعيده الى نساء (مودلياني ) , تأمل كيف يرتب أفكاره بشكل دقيق , حصى حضورها اللذيذ , راحت أنامله تعانق لهفتها المتلونة .
- أه من الغرام الغاشم , كم يذل .
نهرب أحيانا ًمن كل شيء حتى من أنفسنا ,, هي كذلك , تتخفى بملابسها مُحتجة ًً بالبرد ...... , تصرفاتها تلك تحيلها طفلة أرتكبت حماقة ًصغيرة , غنجها المقرون بالزعل والأنطواء تحيله الى سمفونية ( طريق النمل )..
عودة ً الى رسالتها ( الحكمة السابعة ) فقد أشرقت بهاجس البحث ( ...., ألأفاق البعيدة تشعرنا فورا ًبالأنفلات الحارق , غير القابل للتأجيل ,آه من جذوة اللهاث الغامض الى مدن التيه , ستباغتني بالهوس , ولكني أعترف لك بجمال الأنطلاقات البريئة الظافرة , ...........)
ترك سورة غضبه جانبا ً, تشبث بأنفاس الغيث , أكثر ما وخز روحه أن العيد المقدس قد مر دون أن يرى خريف بساطتها , أي زمن هذا ! ألألم يخنقنا رغم كل ذلك ترانا نتشبث بأنتصارات وهمية ً .
- ليس لي ذنب , أني أحبك , سنلتقي , قبله , قبلتان , ثلاث ,,, .
ألمُنكَسر يعلمنا كيف نحيل طريق الندم الى تصالح ٍ يمدنا بالقوة , أبتسم منشرحا ً , وصلته ضحكاتها الحميمية , أيعقل أن الغضب يتبدد بالحب ؟ رأها ترقص له , أطمأن , ناحر منطق ألأشياء , مد يديه الى خصرها , وجد صعوبة ً بالأمساك بها ,غادرته هاربة ً , ليتبدد كل شيء , لم يبق َ غير هتاف كلماتها : (الحب كما في ألحلم كل شيء مُمكن ), ذهوله جرفه أن يغرق من جديد في طقوس رسالتها , كلماتها الندية تلونت بخواطر الدلال الذهبي .
أطمأن الىعدم مجافاتها ,أعتراه الرضا , حملق في لوحة ( الملائكه الفضولين ) , كما توقع , كانت تصر على عدم حقدها عليه , حضورها يضيء خلجاته الطفوليه , لوحَ لها بيده لترد بأيمائة ٍخجولة .
- الجميل في ألأمر أنها تعرف كيف تحتويني .
عندما قلبَ كلماتها التي تضمر تجريد التفاؤل, تبددت خيباته الكابوسيه , فحوى خواطرها الأنيقة أشبعته بالأنشراح اللذيذ , راح يرتشفها متلذذا ً, الطريق طويل للوصول الى تلك اللحظات الشفافة .
- لا تأبه كثيرا ً, سيدي الجميل سأعود غدا ً.
أراد أن يفتح لها قلبه لكنه خاف من أن ينكسر جسر الأغاني الهش , بقى حاضرا ً, متماسكا ً , متشبثا ً بعمق تجربته معها . تفاصيل حُبه مشبعة ً بضياء قمر ممتليء . .. كتب عدة سطور ومحا , ثم أنثالت عليه ألأفكار ألمتصارعة من لجج غامضة , كلما تعمق في الفكرة , يرى عنفوان ألألم يغلق روحه , حينها أحس بأن للأفكار نفوس حية .
تذكر مقولة (أندريه جيد) : أجمل ألأشياء هي التي يقترحها الجنون ويكتبها العقل . رتب كل تصوراته وعنونها ( حيرة الغرانيق ) ,, حرص أن لا يتحرش بالشهوة الدبقة .
- (........,, ما أن تتوقف أشراقاتي عن الحب حتى تتوقف زمردتي عن ألتذكر ................) .
نقاء أسراره تخبىء بريق صمته . نتائج تورطه بالبوح قد رهنت بتأثيرات متقلبة لكنها بقيت تلامس تقلبات مزاجه .
أضاء كلمة ( الحب ) بلون أخضر .. غار في عمق المعنى وسحره , رأها ترسم له علامه القلب المطعون بالأنتظار . أدعيته التي تسطع من نور قلبه كانت ترى دربها الى غيوم الله الغارقة بالخجل .
- تعودين بالسلامة يا حوريةألألم .
لم يتوقف عن قراءة تعاويذ الأماني , فجأة ً, بلمح البصر تغير المشهد , وحده أمام لسعة القدر الممض , أضطرب , سطع نور وضجيج , أهتز الكومبيوتر , فرقعات غير وهمية تدعو الى الرهبة , ألوجل أخترق ألأجواء , أنفجار أسود هشم روعة الحلم , ليتشظى الزمان الى شرر شؤم , قبل أن يتيقن من خطورة الحدث الجلل , تذكر آخر أسألتها : هل تعرف , لماذا الكذب كريه ؟,, أنشقت بعنفوان صفحة الرساله ,, لتنزلق طائرة ( الشبح ) ,..... مَرقت أمام عينيه بثوبها ألأبيض الطويل وهي تسير على العشب , ناداها أن تبتعد ,,, واصلت سيرها بخطى متثاقلة نحوه .
يُحَلق ( الشبح ) , لتحوم في أجواء الغرفة كطائر ( الفزع ) لترمي حممها , لتقلب معادلة ألأفراح الطفولية ,, ياللهول , وازع الهرب الغريزي راح يشتغل , الرعب المجنون شل ساقاه , أستعان بالصراخ , الضجيج ألمسعور أخرسَ كلماته الخائبة , لم يبقَ له غير أن يجهش بالبكاء المر , منكمشا ًمحاولا ًأستنطاق ألأنباء , أحس بدفء السائل بين فخذيه , ليتذكر قبر أخيه الغارق في جوهر البساطة ,, ليس من خلاص , رأى عقارب الساعة تتحرك عكس غايتها , داعبته يداها ,, أكتشف ان ألأنثى ضحية القلق , تفأجأ أن الدخان الملوث بأستطالة الزمن العقيم أحرق أطراف أصابعه ,, بقى غائرا ًتحت صدى حكايات تتنازع بين تفاصيل الموت وضخامته . الزمن تحلل الى دهور كالحة ..
سمع دفوف بعيدة تنقر , بغتة ً عاد الصمت , وواصلت ألساعة تحركها المنطقي ,وتنفس الصعداء ,, رأها تلطم خديها , تبدد أحتراق أصابعه , ألمخيف أن أندهاشه تحول الى رهبة مستقرة ودائمة , .....
- لا أدري , كيف لم أمت ؟
الحقيقه أحيانا ًكثيرة تشبه الوهم هذا ما أسفرت عنه مخيلته التي تلوثت بالفاجعة ,,, صورتها تملأ الشاشة , كم كانت شهية حينها . رغبته أوضيأت ونطفأت , لينصرف في مداعبتها . صب جل غضبه على ألأنظمة الحاقدة التي أستفزت روحه . كل ذلك أهاج التساؤلات : أين الحق ولماذا يحدث كل ذلك الأن ؟
شعور بالأختناق دفعه للتوجه الى شباك ألمرايا ,, رأها ترقص بثوبها ألأحمر في حقل الورد ألمشبع بالصفره ,,أتجهت عيناه الى ألغيمات وجدها حبلى بالوجد , ليدغدغها بأنامله المرتجفة , لتمطر السماء عسلا ًولبنا ً,عنئذ صارت روحه تتناسل أشباحا ً مشوهين , منذ ذلك اليوم المنكسر تركته ألأستقامة , بقى غبار ألجريمة يخنقه ويعذبه ...عاد الى رسالته ( حيرة الغرانيق ) , وجد إن كلماته لم تسلك الطرق الواضحة , ليهوى في ألألم اللزج, ملائكة الرحمة حارسين له , حيث أجهدوا في أنتزاعه من براثن الموث وحممه ,,رأها تطير صاعدة ًنحو شمس القر الشتائية , أه من رسائل العشاق المهزومين , في زمن القتله كل شيء ممكن , بقيت عيناه جاحظتين بالذهول لغرابة ما يرى , وجد كل كلماته قد خضبت بالدم ألا كلمة ( أحبك ) قاومت لتبقى يانعة ًخضراء
#بديع_الآلوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟