أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي شكشك - , فتح . النص الأول














المزيد.....

, فتح . النص الأول


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 2730 - 2009 / 8 / 6 - 09:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


إذا كان لا يمكن فصل البذرة عن فروعها, لأنها كما تكون تكون, تحملُ سماتِها وألوانَها وطعمَها الكامن في جيناتها, وتتلوّى وتتشابكُ وتشمخُ في السماء وتمنحُ ظلَّها للمتعَبين والغادين وعابري السبيل, ويقذفُها المحبون بالحجارة تُساقط عليهم ثمارَها, ويتسلقها اللاهون مرحاً وطمعا, ويُصلي جوارها الجامعون والقاصرون, ... كذلك "فتح" إبداعُ مفاعلاتِ الشعب الفلسطيني, وبلورةُ الخطوة العبقرية التي ظمئت لها روحه وهفَتْ أشواقُه وأمسكَ نفسَه لمرةٍ متلبساً بنفسه, بعد عقود من الانتداب والوصاية والارتهان, ربما المرّة الأولى التي بالكاد وجد نفسَه قابضاً عليها, ومتملصاً من قبضات الآخرين, فشدَّ عليها وما زال حتى أدماها, فذلك خيرٌ مِن أنْ تفلتَ منه وتعودَ هذه المرّة إلى أجلٍ غيرِ مسمّى في قبضة الآخرين,
وإذا كان لا يمكن فصلُ سياق التشكُّلِ عن جوهر التكوين, فإنَّ المناخ الاستثنائيَّ المشبَعَ بالندى والحلم والغضب والصدمة والاندفاع التي صبغتْ ما بعد النكبة وسنواتِ الخمسينات كان هو الحاضنة والمشيمة للأمشاج الأولى لحركة فتح, الأمشاج الأولى الواسعة كالحلم والغامضة كالماضي والواضحة كالمستقبل, فقد أطبقتْ على ومضة الوعي المبدعة في برهة ظلامٍ فبدّدته رغم داجيَّتِه, واندفعتْ بأثقال السلاسل الممتدَّة وشوق الوصول,
ورغم تواضع الحال, وطغيان منطق المحال, فقد انبجسَت بتلك الومضة وتلك الاندفاعة عيونٌ وطرائقُ وآفاق, وأظلتها سماوات وندَّتها غيومٌ وأزهارٌ وأقمار فاقت ربما توقعاتِ المراقبين, وأنعشت قلوبَ الذين ناموا طويلاً يحلمون ببرق تلك اللحظة, ذلك أنها كانت برهة القبض على الحق والحقيقة, والأهمُّ أنها كانت القطرة التي تنتظرها أرضُ العرب العطشى والقلوب الصحارى من وادي الملح إلى خليج العذارى, "كالقمح لونك يا ابنة العرب", وكأنَّ المرحلة نفسَها هي التي ولدتها, بل تلك هي الحقيقة, وما كانت الطلائع الأُوَلُ إلّا الإجابة البديهية على السؤال والتمظهر الحيوي للتفاعل والانفعال, والسطورَ الأولى في النَّصِّ الأوَّل,
والنَّصُّ الأوَّلُ ليس نصاً رقماً, بل إبداعاً لا يتبعُه نَصٌّ ثانٍ بل إنَّ كُلَّ ما يتلوه هو إفرازات ذلك الاجتهاد وتوقيعٌ عليه, فكان "اتكالاً منا على الله وإيماناً منا بحقِّ شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب, وإيماناً منا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج وإيماناً منا بمؤازرة أحرار وشرفاء العالم, لذلك فقد تحركت أجنحة من قواتنا الضاربة" هو التوقيعُ الذي ترجم طموحات وأشواق الإنسان العربي وشكل الناظم لالتفاف كلِّ الأحرار في العالم حول الميل الفطري البشري لانتصار الحق والجمال, وهؤلاء يتكاثرون الآن على ظهر هذه الكرة التي تُسمَّى الأرض وما زالوا عطشى للنَّصِّ الأوَّل,
وهو ليس حنيناً سلفياً لماضٍ مجيد, لأنَّ السلفية نفسها ليست إلّا اجتهاداً مبدعاً في سياقها, وقراءتُها لا تستقيمُ إلّا بأنَّ النَصَّ الأوَّل هو إبداع التفاعل, والإيمان بمكنونات ووجد الشعوب التي تتغلف غالباً بحجبِ الحكمة والصبر في صورة خادعة من اللامبالاة, وقد أثبتت كل الأحداث والمراحل مدى التماهي والاستعداد حين يُدشَّنُ النَّصُّ الأوّل بعيداً عن الاستنساخ البارد اللاهث وراء تحقُّق التقليد, فسُلطةُ النَّصِّ ترشحُ منه بداهةً صدقاً وتوقداً وذكاءً عبقرياً, يَطوي برشاقةٍ متغيراتِ المرحلة التي أغرت عدوَّنا بالتجاسر واعتبار "أنَّ برنامج حركة فتح الذي يرفض الاعتراف بيهوديّة دولة إسرائيل ومطلبَ الانسحاب إلى حدود سبعةٍ وستين وحقَّ العودة الكامل للاجئين هو بمثابة إعلان حرب عليها",
والنَّصُّ الأوّل يتجاوز حُجُبَ العقل وضبابَ الآفاق إلى مكنون القدرة ونواميس الحقّ الأصيلة في مفردات الكون وكون الإنسان, ويضع في صميم حسابه قوةَ الإرادة عاملاً حاسماً نهائياً أمام القوى الأخرى مهما تطاولت في البنيان,
والنَّصُّ الأول متجاوزٌ لكل من قد تُسوِّل له غرائزُه السخريةَ منه أو اتهامَه بالجنون, فقد كان الأمر هكذا مع كل حركات التحرر التي حلمت واتسعت لأكبر مما تحتمله نفوس وغرائز المصالح وقصار النظر,
لقد استقطبَ النَّصُّ الأوّلُ كلَّ الجماهير والقوى وتعاطُفَ النصوص في كل القارات, فقد كان يمتحُ من شعبه وكان يشبهه, وترجمةً أمينةً له, وكان يستسقي له ومنه, فتماهى معه ومع فتح إلى درجة أن أصبحَتْ كلَّ الشعب إلَّا مَن اختارَ "تنظيماً" آخرَ,
ولذلك فقد رسخ في وعي العالم أنَّ فتح هي بوصلة المنطقة, ولهذا كلُّ هذا الاهتمام بالمؤتمر من العدوّ والصديق, ومن الجار ومن البعيد, وكلُّ هذا الانتظار لــِ "النَّصِّ المنتظَر", المفترَض أنْ يقبضَ بعبقريةٍ في لحظةٍ عبقرية على عبقريته, أيْ على سِمَتِه وسَمْتِه, أنْ يكونَ أيضاً نَصَّأً أوَّلاً, لا تفوته الإشارةُ الرسالة الرمز عشية انعقاده أنَّ النكبة متواصلةٌ ومتفاقمة, فإذا كانوا اغتصبوا الأرض قبل الانطلاقة فقد أقروا بيع أملاك اللاجئين الغائبين عشية المؤتمر السادس, كأنه توقيعٌ على دفتر النكبة, وإغلاقٌ لِبابِ نَصِّ العودة, بل إنَّ طردَ عائلتين من الشيخ جراح في القدس بقوة بنادق العسكر وإهداء بيتيهما للغرباء لَهُوَ تحدٍّ لمستقبلنا واختبارٌ لقريحتنا, أيَّ نَصٍّ نُبدِعُ تحت وطأةِ هذه المحرقة التي تتفاقم شهيتُها كلما تراجعَتْ قصيدتُنا, بتناسبٍ اضطرادي لا نهائي, وجنونٍ متعطشٍ للجنون؟,
إنَّ الخطوة العبقريّةَ والحلم العظيم كالنَّصِّ المبدعِ وبشارات الأنبياء, قد يراها كثيرون أضغاثاً وجنوناً أو شِعراً, وحدهم المؤمنون يرَوْن غير ذلك, المؤمنون الذين يُشبهون شعبَهم, ويكتبونه مثلهم, فيكونا معاً ... النَّصَّ الأوَّل.



#علي_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا للسلام
- باقة شوك


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي شكشك - , فتح . النص الأول