أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لؤي حسين - سوريا - ردا على مقال السيد منذر خدام المنشور في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 3/5/2004 عن مثلث السلطة الدولة القمع















المزيد.....

ردا على مقال السيد منذر خدام المنشور في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 3/5/2004 عن مثلث السلطة الدولة القمع


لؤي حسين - سوريا

الحوار المتمدن-العدد: 829 - 2004 / 5 / 9 - 01:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مقال الكاتب السوري النشيط ياسين الحاج صالح <<سوريا أمام المنعطف من هنا إلى أين؟>> (ملحق النهار 21/3/2004) يخرج هذه المرة عن مألوف الكتابة السورية إذ تحمل بعض أفكاره جرأة على رأي النخبة المعترضة، ما جعله موضوعاً لنقاشات بعض أفراد هذه النخبة ومادة للعتب على كاتبه، حين فهموا من المقال قلق الكاتب على ضعف السلطات السورية، في حين أن قلقه كان من هذا الضعف وليس على السلطات. وإن أتفق مع هذا القلق إلا أنني لا أتناول المقال للدفاع عنه أو عن صاحبه، ولا لتصويب قراءة البعض الخاطئة له، بل محاولة متابعة ما بدأه في مسألة القمع والدولة والسلطة.
إن النقطة الأساس التي كان للمقال أن ينطلق منها لبحث مسألة ضعف القمع، هي التي قاربها الكاتب لاحقاً وأسماها <<تماهي السلطة والدولة>>، لكنه اكتفى عند حد توصيفها ب<<المشكلة البنيوية الأخطر سوريا>> من دون أن يكمل شبكها بالموضوع الذي يتناوله. ومع أنه تناولها سابقاً بشكل منفرد إلا أنها لم تكتمل لتشكل أساساً لفهم قوام النظام السياسي السوري. فالقول بتماهي السلطة والدولة لا يصيب الواقع السوري إلا بالمعنى المشهدي أو بالمعنى السطحي. هذا التصور، الذي راج كثيراً لدى العديد من الكتاب والمهتمين بالشأن العام السوري، يعتبر وجود دولة سابقة على السلطة الحالية التي سيطرت على الدولة لتتماهى معها وتقوم بدور السلطة ودور الدولة في الوقت ذاته، لدرجة يستحيل ضبط الحدود بينهما. ويعتمد هذا التصور على إطلاق صفة الدولة على مجموع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في سوريا. وإن لم تكن هناك تسمية أخرى لهذه المؤسسات سوى الدولة، لكن لا يصح اعتماد اطلاعنا النظري للدولة على هذه الدولة السورية ولا يجوز مقارنتها مع الدول الغربية. فهذه المؤسسات التي يقوم عليها النظام السياسي السوري هي <<شبه دولة>> لأنها تقوم في هذا الإطار بدور شكلاني لا بدور وظيفة الدولة. ولا يجادل أحد بأن الدولة في سوريا لا تشبه الدول في البلدان الغربية العريقة، إلا أن ما أقصده أن هذه الدولة لا تشكل إطاراً ولا أساساً لدولة وطنية حديثة. فكل ما لدينا، دوماً وليس الآن فقط، سلطة تصنع وتلغي مؤسسات بجرة قلم. فمؤسسات كهذه، تفتقر لقوة وجود مادي، لا يمكنها أن تقوم بدور الدولة، فدورها يقتصر على كونها أدوات للسلطة تصنعها لتتمكن من حكم الناس بواسطتها.
إن فكرة تماهي السلطة والدولة، أو ابتلاع السلطة للدولة أو هيمنتها عليها، قد تفهم على أنه لو تم سحب، أو انسحاب، السلطة من الدولة فسنحصل على دولة ناجزة ربما ينقصها بعض <<الروتوش>> الذي أطلق عليه البعض استكمال بناء الدولة. لكن الذي أراه هو غير ذلك، فإن كان لدينا في فترة زمنية قصيرة بعض المؤسسات الصغيرة والفتية إلا أنه تم تحطيمها نهائياً في وقت مبكر، وما بقي من بعضها إلا الأطر والأسماء. وهذا لا يعني تبرئة السلطة الحالية أو حزب البعث من مسؤولية إعاقة بناء الدولة، بل والحيلولة دون ذلك بكل السبل خلال العقود الأربعة الماضية.
إن البحث في هذا الموضوع هو محاولة لمعرفة سبب وظروف غياب الدولة في بلدنا، عله، على الأقل، يتضح لنا ماذا سنفعل: هل نخلّص الدولة من السلطة، أم نبحث عن سبل بناء الدولة. ومحاولة معرفة طبيعة النظام السياسي السوري ودور القمع فيه، وهل الخطر في ضعف هذا القمع أم في اشتداده.
ما أراه أن هيكلية النظام السياسي السوري قائمة، منذ عقود، على ضرورة وجود حاكم عرفي (فرد أو مجموعة) اكتسب صلاحيات مطلقة بقوة مادية عسكرية أو بقوة قانون الطوارئ أو أي قانون، أي بقوة قمعية. هذه الصلاحيات تمكّنه من تغيير الدستور أو إلغائه، أو فبركة مجلس نواب أو مجلس وزراء أو جبهة وطنية أو إلغاء أي منها بآلية قمعية. إذن هذه المؤسسات لم ينتجها ولا يملكها المجتمع (ليس الشعب). هذا الواقع هو الذي يوضح لنا علاقة السلطة مع مؤسسات الدولة وطبيعة ودور كل منهما. ويكون لكل أشكال القمع التي تمارسها السلطة دور الرابط بين هذه المؤسسات مع بعضها، وبينها وبين مكونات المجتمع جميعها. ويضبط كل هذا آلية القمع الأمني الطاغية لتشكل آلية حكم النظام للبلد.
لهذا لا يمكننا اعتبار القمع في سوريا مجرد <<وظيفة أساسية من وظائف الدولة>>، كما نفهم من المقال المذكور. فإن كان دور القمع في الدولة الطبيعية هو حماية احتكارها العنف ومنعه عن المجتمع، إلا أنه ليس سبباً لبقائها ولا ضعفه يهدد وجودها كحال النظام السوري، بل والاجتماع السوري برمّته القائم على أشكال عديدة من القمع.
يتضح لنا الآن من أين أتى تخوف ياسين وقلقه من ضعف القمعية السورية. ويتبيّن لنا صوابية خشية أهل السلطة من أن أي إصلاح حقيقي يمكن له أن يودي بالنظام برمّته، كما جاء في تقرير المجموعة الدولية للأزمات. فهم مصيبون وياسين كذلك مصيب بأن ضعف قوة السلطة أو إرادة القوة لديها يشكل خطراً على البلد، أو كما أسماه <<الكيان السياسي>> رغم أن النخب السورية لم تعترف لحد الآن بحدود جغرافية للكيان السياسي السوري.
رغم أن هذه المخاوف صحيحة وصادقة إلا أن مسار التغيير في سوريا لا يمكن أن يسير إلا بحواف المخاطر. وهذه المخاطر حقيقية وتتعدى الخوف على نظام الحكم والخوف من تفشي القمع لتصل إلى حدود الخطر من اقتتال أهل السلطة على النفوذ، أو اقتتالٍ أهلي تحت ذرائع عديدة تخلقها العديد من التناقضات والصراعات الاجتماعية التي خنقتها السلطات السورية بحلول أمنية قهرية. لهذا يجب أن لا يكون غريباً علينا ظهور مثل الأحداث الكردية الأخيرة في القامشلي ومدن عديدة أخرى. فمثل هذه الأحداث تؤكد وجود تلك الصراعات الاجتماعية المخنوقة، التي لا يمكن الاكتفاء بتفسيرها استناداً، فقط، إلى جور السلطة السياسية على حقوق الأكراد، كما في المثال الكردي، الذي أكد بشكل صريح وجود صراع بين السوريين الأكراد والعرب ناجم عن عدم إنجاز تسوية شكل المشاركة بينهما. فمن الخطأ تفسير المسألة على أنها صراع بين الأكراد والسلطة بالنظر للسلطة على أنها حالة متمايزة عن الواقع الاجتماعي، حتى لو كانت هي المسؤولة عن وجود أو بقاء مثل هذا الصراع أو هذه المسألة. والحل السياسي لمسألة كهذه لا يتأسس على تهدئة النفوس وتطييب الخواطر، كما ترى المعارضة، بل البدء بتحديد ما هو الوطن السوري وعلى ماذا يجتمع السوريون. حينها سنعرف أن هذه الصراعات لا يمكن حلها إلا في إطار الدولة، لأن ذلك من أهم وظائفها، فهي التي تستطيع أن تنقل الصراعات من الميدان الأمني إلى الميدان السياسي حيث مؤسساتها الوطنية.
فالتعايش والتسامح الذي يتغنى به الكثيرون من جميع الجهات والأطراف، حاله كالوحدة الوطنية القائمة على القهر والقمع وليس على التصالح والمشاركة. لذلك لا يجوز تحميل الأحداث الكردية وأصحابها مسؤولية إزاحة محرق الصراع في سوريا، ولا سبب لمحاصرة المطالب الديموقراطية والتغييرية، ولا انها تشتت أو تشوش حركة المعارضة التي يتوجب عليها قبل <<مواجهة الرأي العام بخطورة الأوضاع في البلاد>>، أن تواجه نفسها ناقدة فهمها وتاريخها سعياً ليكون واضحاً بالنسبة لها البديل للنظام الاستبدادي. فقبل ذلك لا يمكنها أن تتوجه إلى الرأي العام، بل لا يمكنها لفت انتباهه إليها ما دامت لا تملك إلا الدهشة والحيرة. وعليها، إذا وعت هذه المخاطر وحتميتها، أن تكون أكثر مسؤولية بأعمالها وأقوالها، وأن لا تكتفي بهذه المسؤولية بأن ما على الرسول إلا البلاغ، ليكون هذا البلاغ منجاتها إذا أصاب البلد مكروه ما.
أغلب الأشكال المطروحة الآن لإصلاح الدولة السورية تعتمد على وجود حاكم عرفي إصلاحي، يصدر مراسيم عرفية إصلاحية تضبط القمع ومؤسساته وتستعيض عنها بمؤسسات قانونية تسيطر على القمع الذي يمكنه حينها أن ينظم عملية الإصلاح السياسي. هذا الطرح ينطلق من الرغبات الطيبة التي لا تريد سوءاً في البلاد، إنما تريد إصلاحاً سلمياً سلساً. وهذا التصور لا يخرج عن إطار النظام الاستبدادي، ويدخل ضمن إطار الفبركة والإرادية التي لا تصلح للتعامل مع النظام السياسي السوري القائم والمبني على الاستبداد. فتحوّله وانتقاله إلى نظام ديموقراطي لن يتم إلا بتفككه، وهذا التفكك لا يعني فرط مؤسساته ولبناته وإعادة تركيبها ثانية بشكل مختلف كلعبة <<البازل>>، بل تفكيكه يعني فك روابطه ومفاصله الرئيسية التي هي حصراً آلياته القمعية. فلا يمكن حصول <<تغيير سياسي حيوي>> في سوريا بدون تداعي النظام السياسي العام. ومعرفة ذلك ربما تفيدنا بمعرفة أدوار الجميع للتخفيف كثيراً من الأضرار الحتمية.
ربما في النهاية يمكننا تصور حل سحري يفترض وجود رجال شجعان في القيادة السورية يملكون قوة النفوذ، يتبنون مبادرة أساسها قناعتهم أن النظام السياسي القائم في سوريا مصيره الانهيار. فيتحلون بالجرأة على إعلان نهايته ويديرون تفكيكه، ويتشاركون مع الآخرين، كل الآخرين، في بناء نظام جديد على أسس ليست استبدادية، مقتنعين بأن التبكير بهذه الخطوة يمكنه أن يبقيها تحت سيطرتهم، وأن التأخير بها يمكن أن يأتي بلحظة، لا يمكن للمنجمين التنبؤ بها، تخرج الأمور بها عن كل سيطرة. ومع أن هذا الحل سيبقى، أيضاً، محفوفاً بكل تلك المخاطر، إلا إذا وجدت غالبية السوريين مصلحتها فيه.
لكن يبقى هذا الحل سحرياً. ومع أننا في سوريا ما زلنا نؤمن بالحلول السحرية، فالأمر يحتاج، إضافة الى المسحورين، لوجود الساحر.



#لؤي_حسين_-_سوريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - لؤي حسين - سوريا - ردا على مقال السيد منذر خدام المنشور في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 3/5/2004 عن مثلث السلطة الدولة القمع