أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - شغف















المزيد.....

شغف


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:30
المحور: الادب والفن
    



هي المرّة الثّانية الّتي يتاح لي فيها التّحليق في معرض لفنان غير عربيّ؛ المرّة الأولى لفنّانة أوروبيّة في مركز خليل السّكاكيني في رام الله، الذي كان ولم يزل حاضنة الثّقافة والفنّ هناك، والثّاني في رحاب قاعة مركز رؤى في عمّان، هذا المركز الّذي أصبح لا يفارق زياراتي لعمان في رحلة التّجوال والوطن، لأكون في زيارتي الأخيرة على موعد تحليق في عالم من الفرح مع "شغف" الفنان خوزيه فنتورا.
الفنّان خوزيه يحلّق في "شغف" بتميّز وفرح، وهو معرضه الأوّل في بلد عربيّ، فالفنّان الكندي الجنسيّة السّلفادوريّ المولد والأصل والفنّ والملامح، يحلّق في فضاء رؤى عمّان، حاملاً معه ألوان الحياة والجمال، الفرح والمرح وسهر الليالي وأحلام العاشقين، يحمل لنا فرحه وأحلامه بالرّيشة واللون، ليحملنا على أجنحة من جمال وحبّ وفرح إلى عوالمه وترحاله.
خوسيه فنتورا ولد في السّلفادور وعاش بها، عمل في الرّسم بأشكاله- فهو فنّان ومحترف؛ رسم اللوحة والسّيراميك، وعمل بفنّ الزّجاج المعشّق في الكنائس أيضًا. ولعلّ عمله في دور العبادة وزجاجها لعب دورًا كبيرًا في خلق روح الفرح والحبّ والتّأمّل في فنّه، فكان ما تأمّلته من أعماله في رؤى عمّان حالة تمازج بين الرّوح والفرح والفنّ الانطباعيّ.
نحن لسنا أمام فنّان مستجدّ أو صغير في العمر، فهو يبلغ الرّابعة والخمسين عامًا؛ سنوات حياته قضاها في الفنّ ممارسة عمليّة وفنًّا يحلّق به، وتجوالاً بين الأمكنة. فعاش فترات في المكسيك وواضح تأثّره بها من خلال فنّه، حتّى وصل لكندا وعاش بها وحمل جنسيّتها، فتركت الأمكنة أثرها على روحه وانعكست على فنّه ولوحاته، وإن كان هذا بالنّسبة لي المعرض الأوّل الّذي أشاهده للفنان، إلاّ أنّي أكاد أجزم أنّ الفنان في معارضه الشّخصيّة السّابقة بعددها الإثنيّ عشر ومعارضه المشتركة الثلاثة عشر بين السّلفادور والمكسيك وفرنسا وكندا حتّى وصل إلى عمّان. إنّ الفنّان حافظ على روح الفرح في لوحاته، وكان الفرح نقطة المركز والجذب في فنّه.
في معرضه "شغف" يمكن أن نوزّع أعماله إلى ثلاثة أقسام:

[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=172&u=12018225][img]http://i61.servimg.com/u/f61/12/01/82/25/img_6314.jpg[/img][/url]


القسم الأوّل: مجموعة لوحات الفنان الزّيتيّة والمعروضة. وفي هذه اللوحات نلاحظ عدّة أمور، فالفنان يلجأ لاستخدام الألوان الحارّة والدّاكنة، يمازج بشكل أساسيّ بين تدرّجات الأزرق الدّاكن، وألوان الأحمر بشكل واضح، دون إغفال اللون الأخضر واللون الأبيض في بعض اللوحات، ولعل استخدام اللون الدّاكن مرتبط بأنّ معظم اللوحات هي لوحات تصوّر الفرح في الليل. وكأنّ الفنّان يشير لنا بأنّ الفرح موجود رغم الليل وعتمته. معظم لوحات الفنّان تشترك في العديد من الرّموز، بالكاد يغفل إحداها في لوحاته. وهذه الرموز هي: المرأة والقمر وآلات العزف الوترية والبحر والحيوانات والطيور، وحين ننظر بتفاصيل كل لوحة ونجول في اللوحات الأخرى، نجد أن القاسم المشترك بينها كبير، بحيث نشعر أن الفنان يروي لنا حكاية عشق وفرح وسهر ليالي، يرويها في لوحاته بشكل متناسق ومترابط ومتّصل، ويلاحظ أنّ استخدامه للمرأة في لوحاته كبير جدًّا وبشكل لا يغفل فيه عن وجودها، فالمرأة موجودة في كلّ اللوحات باستثناء لوحة واحدة- تصوّر مهرج سيرك يرقص بألعابه. نلحظ أنّ الفنّان يلجأ للمرأة كرمز للحياة والفرح، فهي عازفة للموسيقى، راقصة، حوريّة بحر، ملاك بأجنحة، متبتّلة بتصوف، عارية الجزء العلويّ بغير ابتذال، وجه قمر.
أمّا القمر فهو عامل كبير في إنارة الليالي ومنحها الجمال، فمعظم اللوحات يزيّنها القمر بأشكاله المختلفة. وإن كان التّركيز على القمر بشكل الهلال هو العامل المشترك في معظم اللوحات. وفي بعض اللوحات وهي الأقلّ كان القمر مستديرًا استدارته الكاملة، ولجأ الفنّان في بعض اللوحات إلى أنسنة القمر برسم وجه امرأة بداخله، وكأنّه يشير لنا بأنّ المرأة هي القمر المنير، تنير العتمة وتمنح الحياة بهجتها والفرح.
يلجأ الفنان في معظم لوحاته لرسم من يعزف على آلات عزف وتريّة. فنجد آلة الكمان تتكرّر بشكل كبير، بينما ترد آلة الكونتراباص مرّة واحدة، وآلة شبيهة بالعود مرّة واحدة، ويلجأ للمزمار مرّتين والأكورديون مرة واحدة. لذا نلاحظ التّركيز الكبير على آلة الكمان والّتي تتميّز بنعومتها وجمال ألحانها، وفي الوقت نفسه نجد التّركيز على الوتريّات وكأنّه يجعل الموسيقى تعزف على وتر الحياة، بينما آلات العزف الأخرى لم تحضر إلاّ كعامل مساعد للآلات الوتريّة.
أمّا البحر فهو قاسم مشترك في اللوحات، بالكاد تخلو لوحة منه. نجد أنّ البحر هادئ باستمرار، لا تظهر إلا بعض التّموّجات الهادئة على سطحه، رقراق، حتّى أنّ الأسماك تظهر من تحت مائه. وعادة لا يرسم هذا الفنّان البحر بدون القوارب الشّراعيّة أو الصّغيرة، ومثل هذه المراكب لا يمكن أن تبحر في بحر هائج وفي ظلّ عواصف ورياح عاتية، لذا أرى في رمزيّة البحر انعكاسًا لروح هادئة في داخل الفنان، تتوق للهدوء والجمال والفرح.
أمّا الطّيور، فنجدها تتكرّر وبشكل خاصّ على شكل حمائم بألوانها المختلفة، بينما الحيوانات ورغم وجود عدّة أصناف منها، إلاّ أنّ القطّ يتكرّر بشكل خاصّ. والقطّ دومًا يرمز إلى الألفة وتعايشه مع الإنسان دون أذى أو خوف، وإن كان يستخدم الفنّان حيوانات أخرى تشير إلى حياة ريفيّة، والقرد في لوحة المهرّج، وفي إحدى اللوحات نجد الفراشات المحلّقة رمزًا للفرح والرّبيع.
ومن الملاحظ أنّ الفنّان استخدم الخطوط البارزة والواضحة في رسم أشكاله ورموزه المختلفة وخاصّة المرأة، ممّا أعطاها بروزًا واضحًا في ثنايا اللوحات، حيث أنّ قوّة الخطّ المستخدم توجّه العيون المشاهدة نحو هذه الرّموز بشكل خاصّ، فنلاحظ الخطوط مستخدمة بقوّة في ملامح وجه المرأة، بينما هي أقل حدّة في ملامح جسدها، ممّا يجعل تركيز المشاهد على ملامح الوجه بقوّة، دون الاهتمام بالصّدر العاري في بعض اللوحات، ممّا يمنح اللوحات الطّابع الجماليّ الخاصّ.


[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=174&u=12018225][img]http://i61.servimg.com/u/f61/12/01/82/25/img_6316.jpg[/img][/url]

القسم الثّاني: الخزفيّات المرسومة، نجد أنّ الفنّان في القطع الخزفيّة المعروضة ركّز على رسم المكان والبحر والأسماك والحيوانات، وغابت عن الخزفيات المرأة بالحضور المكثّف، واختفت الآلات الموسيقيّة تمامًا. وتغيّر نهج اللون المستخدم، فغدت الألوان الفاتحة هي المعبّرة عن الفرح، وغابت الألوان الدّاكنة عن معظم الأعمال المعروضة، فكان عمله الخزفيّ يتّسم بالبهجة بدون استخدام رموز تحمل هذا الفرح.

[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=173&u=12018225][img]http://i61.servimg.com/u/f61/12/01/82/25/img_6315.jpg[/img][/url]



القسم الثّالث: وهي عدّة أعمال محدودة العدد، عبارة عن رسم لأشكال معلّقة بالخيوط ومدلاّة من الأعلى، حيث أطلقت عليها اسم اللوحات الطّائرة. وقد ركّزت هذه الأعمال على المرأة بشكل خاصّ، فنراها على شكل حوريّة بحر أو عازفة أو تحلّق وكأنّها تطير. وبينها لوحة واحدة لحيوان بألوان تثير الفرح، ويمكن من خلال النّظرة الإجماليّة بعد تأمّل الجزئيّات، أن نرى أنّ الأعمال عبارة عن لوحة واحدة تحمل البهجة والفرح بشغف روحانيّ كبير، ولعلّ ما ساهم بهذا الشّعور أنّ العرض كان على نافذة زجاجيّة كبيرة، تظهر خلفها حديقة مركز رؤى الجميلة، فأصبح المشهد الخلفي للحديقة والسّماء، وكأنّه البحر الّذي تسبح فيه هذه اللوحات.
والخلاصة أنّ الفنان باستخدامه الألوان والرّموز، كان محلّقًا بإبداع، حيث أنّ الرّوح لا يمكنها إلاّ أن تعود لتتأمّل هذه اللوحات أكثر. ويمكن أن نلمس بوضوح روح التّفاؤل والأمل في روح الفنّان، وبالوقت نفسه تأثّره بأسلوب فنّ الأيقونات، ولعلّ عمله بالكنيسة والزّجاج المعشّق فيها، لعب دورًا كبيرًا في ذلك. ولعلّ الترحال لعب دورًا آخر في انعكاس مشاهد من الرّيف في العديد من اللوحات، وظهور البحر كعامل لا يغيب عن لوحاته، وفي الآن نفسه نجد تأثّره بالرّوح الشّرقيّة من خلال رسم النّارجيلة في العديد من اللوحات. كما ولا تخفى روح الفنّان الإنسانيّة والتي نتلمّسها بقوة من خلال سعيه المتكرّر لأنسنة وجه القمر ووجوه العديد من الحيوانات والطّيور، فكان الفنان مبدعًا محلّقًا يمنح المشاهد والمشاهدة كمًّا هائلاً من الفرح ومشاعر الحبّ.

(عمّان 10/5/2009)


http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com

http://www.arab-ewriters.com/jayosi



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بوح (رفسة غزال)
- شهداء بلا مأوى
- من وحي -حكاية حبّ- للأديبة عبير محمّد
- بين بغداد وعمّان والقدس
- تفاصيل
- صباحكم أجمل/ سنلتقي يا مصر -يوميات من القاهرة 5
- أنا القدس
- صباحكم أجمل/ بهية يا مصر - يوميات من القاهرة 4
- صباحكم أجمل/ وللقاهرة عبق وجمال آخر.. يوميات من القاهرة 3
- صباحكم أجمل/ سحر القاهرة
- صباحكم أجمل/ عبق النيل
- صباحكم أجمل/ عمّان ثريا ومطر
- قصة ساحة الورد
- صباحكم أجمل/ قلبي له
- الجسد الموشوم
- صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح
- مع كلام غير مباح للقاصة ميسون أسدي
- صباحكم أجمل غزة وجراح في القلب
- الذاكرة المثقوبة حقل من الألغام
- صباحكم أجمل/ سائليني يا شآم - يوميات دمشقية 2


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - شغف