أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي فاهم - بيع الخمور المشكلة و الحل














المزيد.....

بيع الخمور المشكلة و الحل


علي فاهم

الحوار المتمدن-العدد: 2676 - 2009 / 6 / 13 - 03:57
المحور: المجتمع المدني
    


عاش أغلب العراقيين في فترة أواخر السبعينات و الثمانينات حالة من الانحلال و التفسخ على المستوى الأخلاقي و تفشي الكثير من المشكلات و الأمراض الاجتماعية ، و طفت على السطح العديد من الظواهر التي كادت أن تصبح جزء من ثقافة المجتمع و قطعة من تكوينه رغم أنها طارئة عليه و لهذا نراها أنحسرت بصورة كبيرة بعد الصحوة الإسلامية التي أطلق زمامها السيد محمد صادق الصدر في مرحلة ما بعد الانتفاضة الشعبية في التسعين من القرن الماضي , حيث شهد العراق أنقلاباً ملحوظاً في أنخفاض معدل الجريمة بكل أنواعها حتى أني سمعت وقتها تصريحاً لأحد الضباط الكبار أن جريمة السرقة أنعدمت تماماً في أحدى المحافظات ,
و من أبرز هذه الظواهر التي كانت منتشرة بشكل كبير ظاهرة تناول الخمور في الأماكن العامة و كثرة محلات بيعها حيث يندر أن تجد شارع أو منطقة تخلو من بار أو مطعم أو محل يبيعها , و كانت سياسة نشر بيع الخمور عملية ممنهجة و منتظمة و جزء من ثقافة كان يراد لها أن تنتشر في محاولة لتغيير طوبغرافية المجتمع العراقي و القفز على جهازه القيمي لأنعكاسها من خلال التقليد و الإيحاء على البناء الاجتماعي و تهديده بالتفكك من جراء محاولة طبعنتها لتكون جزء من منظومة الأعراف المجتمعية التي يصعب تغييرها مع نشوء جيل أو جيلين يعيش هذه الظاهرة و يتناولها بسلاسة , و تكون من الظواهر المشتركة ذات الطابع الاجتماعي, و فعلاً نجح النظام وقتئذ الى حد بعيد عندما أصبحت الخمور هي الملجأ التي يحبوا أليها أغلب الشباب ليفرغوا و ينفسوا عن مشاعر الرفض و الشعور بالظلم و نوع من الهروب السلبي و لو بشكل مؤقت من الوضع المزري الذي كانوا يعيشونه ’ بالمقابل فهي عملية تخدير لهذه الشريحة الذي كان البعث جزء من أهدافه التي تتحرك في خط الكسب الجهوي بمنع حالة التفكير أو على الاقل تاجيلها أو تخديرها لأن التفكير كان يوقض الرفض و المعارضة ولأن تعقل الشباب و تحركهم في دائرة الوعي كان يمثل خطراً تهدد امبراطورية البعث فكان يرفع شعار ( نكسب الشباب لنضمن المستقبل ) و مفهوم الكسب هنا هو تسطيح و تمييع المستوى الفكري للشباب لضمان مستقبل خالي من قادة أو مفكرين أو معارضين و عليه ليدخلهم في دائرة الإلهاء التي تتنوع في زوايا متعددة من حركة كرة القدم و نشر الملاهي و بيوت الدعارة و محلات بيع الخمور و حبوب التخدير ( الكبسلة ) بكل أنواعها و غيرها فكانت بيئة مناسبة للشذوذ الجنسي و التخنث و التميع ، حتى باتت طبقة الشباب عبارة عن شريحة مميعة سطحية التفكير و لا علاقة لها بالوعي أو الثقافة أو التعليم و أقتصار اهدافهم على الملبس الذي يواكب الموضة أو الاستغراق في دوامة تشجيع هذا الفريق أو ذاك أو التسكع في الطرقات و أطلق الناس عليهم أسماء البريكية و الطنطات ,
و اليوم و نحن نعيش حالة حكم ما بعد الدكتاتورية و الشعب يمارس حقوقه بحرية نسبية عادت ظاهرة بيع الخمور العلنية لتطفو على السطح مرة أخرى و في أماكن متعددة و رغم أنه تأجل أنتشار هذه الظاهرة في الفترة السابقة فقدان الاستقرار الأمني و الحرب الطائفية غير المعلنة و القتل و التهجير فكانت الشوارع تخلو من المارة قبل غروب الشمس بساعات فلم تكن الأجواء مهيئة لفتح محلات بيع الخمور الا في بعض المناطق التي أوجدت مصلحة متبادلة بين الجهات السياسية التي تسيطر عليها و بين أصحاب هذه المحلات حيث كان فتح هذه المحال يضفي نوعاً من صور أستتباب الامن و يعكس نوع من الاستقرار كانت تحلم به مناطق اخرى ,
كما حدث في منطقة الكرادة ,
و اليوم نحن نعيش حالة جدلية بين أصوات متعددة دعى قسم منها الى تقنين عملية دخول و بيع الخمور بصورة علنية و سن قوانين تؤطر تداولها منطلقين من الايدلوجية الاسلامية التي تحرم الخمر و تناولها و تداولها , بالإضافة الى عرض الظواهر السلبية التي تسقط تبعاتهاعلى المجتمع بكل فئاته, و الذي لا ينكره حتى المعسكر الثاني الذي أنطلق في معارضته من شعارات الحرية الشخصية و حقوق الانسان و إن المنع يفضي الى نتائج عكسية و ينقل التداول الى البيوت بدل الشوارع مستشهدين بتجارب طولية عاشها العراقيون سابقاً و عرضية تعيشها دول الخليج القريبة ,
و المراقب المنصف المتعقل الذي ينظر الى الحالة العراقية بشمولية و يأخذ بنظر الاعتبار التباين الفكري و الاجتماعي و التاريخي بين مناطق العراق المختلفة و الطبيعة السكانية المعجونة بالأرث الحضاري الخاص لكل منطقة أو لكل محافظة فالنظرة المجتمعية و كذلك حركة العقل الجمعي لسكان محافظة النجف لا ينطبق بالضرورة مع نظرائهم في مدينة أربيل و هكذا في باقي المحافظات فهذا التنوع في الخصوصية يصعًب على المشرع سن قوانين وضعية تصلح للجميع و التي من الصعوبة بمكان حصرها في سلة قانونية واحدة ,أو تسييرها وفق منهج واحد , و هذا سيولد عشرات المشاكل التي ستتفاقم و تولد أنقسامات و أعتراضات تستنزف جهد و وقت السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية، فالحل الامثل لهذه القضية هو تحكيم الخصوصية لكل محافظة أو أقليم من خلال ممثلي الشعب في مجالس المحافظات المنتخبة حديثاً والذين يكونون أقرب الى تطلعات و تصور القرار الأنسب الذي يتوافق مع الطبيعة الأعم لدى سكان المحافظة و يكون قرارهم متناغماً مع الواقع الاجتماعي الذي يعيشونه و طبيعة النظرة العقلانية لهذه الظاهرة أخذين بنظر الاعتبار كل ملابسات القضية و حيثياتها لتقع المسؤلية على عاتقهم و نكون بذلك ضربنا أكثر من عصفور بحجارة واحدة فمن جانب طبقنا الديمقراطية التي تمثل حكم الاغلبية و تركنا مساحة كبيرة لممثلي الشعب أن يمارسوا دورهم في أيصال صوت ممثليهم و فعلنا مجالس المحافظات التي ستنعكس نتائج قراراتها بصورة مباشرة عليهم سلباً أو أيجاباً و حافظنا على الخصوصية التي تميز كل محافظة عن غيرها .



#علي_فاهم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسم المطيرجية
- صباح أبو الخبزة ....
- مملكة البعوض


المزيد.....




- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...
- الأمم المتحدة تدين اعتقال مراسل الجزيرة والاعتداء عليه في غز ...
- نادي الأسير يحذّر من عمليات تعذيب ممنهجة لقتل قيادات الحركة ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل 20 مسلحا واعتقال 200 آخرين خلال مداهم ...
- وفد إسرائيلي يصل الدوحة لبدء مباحثات تبادل الأسرى
- إسرائيل تمنع مفوض الأونروا من دخول غزة
- برنامج الأغذية العالمي: إذا لم ندخل شمال غزة سيموت آلاف الأط ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي فاهم - بيع الخمور المشكلة و الحل