أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد ناصرالدين - الأسر الفكري















المزيد.....

الأسر الفكري


عاهد ناصرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2652 - 2009 / 5 / 20 - 04:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد أن أزيلت الدولة الإسلامية من الوجود قام الإستعمار مقامها وبسط نفوذه مكانها وركز أقدامه في كل جزء منها ، بأساليبه الخفية الخبيثة ؛فاحتل العقول وعكس الصورة الإستعمارية على هذه الشخصية بإعطائها الوضع المثالي الذي يُقتدى به عن طريق بث ثقافته وحضارته والتدخل في مناهج التعليم فأصبح كثير من أبناء الأمة مثقفين ثقافة فاسدة ، تُعلمنا كيف يفكر غيرنا ، وتجعل فينا العجز – طبيعيا - عن التفكير وكيف نفكر نحن ، فاستطاع بذلك أن يأسر عقولنا وتفكيرنا لأن فكرنا غير متصل ببيئتنا ، وشخصيتنا ، وتاريخنا ، وليس مستمد من مبدئنا .
كل هذا جعل من الطبيعي العجز عن التفكير في كل أمور حياتنا خاصة السياسية ، وفي أحسن الحالات يكون التفكير على الأساس الذي وضعه المحتل ليبقينا في التبعية والغربة والوحشة من مجتمعنا واحتقاره ، ولا يمكن تصور الأوضاع القائمة في بلادنا إلا تقليدا للأجنبي حين التحدث عن النهضات ، ولا يكون التحرك من أجل المبدأ ، وإنما التحرك من أجل الوطن والشعب ، وهو تحرك خاطئ ، ومع ذلك لا يُثار من أجل البلاد ثورة صحيحة ولا يُضحى من أجل الشعب تضحية كاملة ، لأن الذي يثور لا يشعر شعورا فكريا بالأوضاع التي تكتنفه ، ولا يحس إحساسا فكريا بحاجات الشعب ، ولو ثار فإنه يثور كردة فعل لصدمة من الصدمات مع مصالحه الشخصية يهدأ عن إلقامه وظيفة أو تزول حين تصطدم بأنانيته ومنافعه ، او يناله منها أذى .
ومن جراء تسميم الأجواء بأفكار وآراء سياسية فلسفية تم إفساد وجهة النظر الصحيحة عند المسلمين ، وبلبلة الفكر لدى المسلمين بلبلة ظاهرة في مختلف نواحي الحياة .
بأسر التفكير فقد الكثير المركز الذي يدور حوله التنبه الطبيعي ، وبالتالي فإن كل يقظة تتحول إلى حركة مضطربة متناقضة ، تشبه حركة المذبوح تتنتهي بالخمود واليأس والإستسلام .
بأسر التفكير أصبحت الشخصية الأجنبية مركز دائرة الثقافة , وموضع الإتجاه والبوصلة وقِبلة أنظار السِّياسيين أو محترفي السياسة الإستعانة بالأجنبي والإتكال عليه . دون الإدراك أن ربط قضيتنا بغير أنفسنا وعقيدتنا ومبدئنا هو انتحار سياسي .
بأسر التفكير أصبح الكثير ينادي بالقومية والوطنية والإشتراكية والإقليمية الضيقة وجعلها محور العمل الآني ، مع الترويج لاستحالة قيام الدولة الإسلامية , واستحالة وحدة البلاد الإسلامية ، مع وجود الإختلاف المدني والعنصري واللغوي ، مع أنها جميعها أمة واحدة ، تربطها العقيدة الإسلامية التي ينبثق عنها نظامها .
بالأسر الفكري وتعطيله وُجدت كثير من الأفكار السياسية المغلوطة والآراء الواقعية الرجعية ، مثل قولهم : ( الأمة مصدر السلطات ) ومثل ( السيادة للشعب ) و( خذ وطالب ) و ( إننا نأخذ نظامنا من واقعنا ) ومثل قولهم : ( الرضا بالأمر واقعيين ) و ( يجب أن نكون واقعيين ) وما شاكل ذلك .
ومن نتائج الأسر الفكري قامت أحزاب وحركات غير مبدئية ولا تربطها رابطة ؛ فهي مفككة قائمة على الصداقات والمصالح بذرت بين الناس الحزازات والأحقاد العائلية واليأس والإستسلام لأنها لا تُعلم إلا التذبذب والدوران وراء المنفعة .
لا بد للإنسان أيا كان هذا الإنسان أن يفكر بنفسه ولا يكون أسيرا لغيره حين استعماله لعقله .
قال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }سبأ46
أن نفكر ببساطة الأعرابي الذي سئل عـن وجـود الله فقال: “ يا سبحان الله، إن البعر ليدل على البعير، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟ “.

وهذا نموذج آخر واضح في قوله تعالى :{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ{117} فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{118} فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ{119} وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ{120} قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ{121} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ{122} الأعراف 117- 122.
أدرك السّحرة أن موسى عليه السلام ليس ساحرا ولا مشعوذا وأن ما رأوه هو حق لا يقدر عليه إلا الحق وكشف الله عن قلوبهم غشاوة الغفلة وأنارها وأنابوا إلى ربهم وخرّوا له ساجدين وقالوا جهرة للحاضرين ولم يخشوا عقوبة فرعون وخرجوا من أسره
كما قال تعالى :{ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{123} لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ{124} قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ{125} وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ{126} الأعراف .
إن كل من كان له عقل، يدرك من مجرد وجود الأشياء التي يقع عليها حسّه، أنّ لها خالقاً خلقها، لأن المشاهد فيها جميعها أنها ناقصة، وعاجزة ومحتاجة لغيرها، فهي مخلوقة لخالق .
هذا إذا فكر جيدا وكان نزيها ليس مستكبرا ولا أسيرا لغيره ؛ فإنه سرعان ما ينساق للحق سوقا طبيعيا .
ونموذج آخر لشخص وقع في الأسر الفكري فوضع القطن في أذنيه لا يريد السماع ولا التفكير كحال كثير من مسلمي اليوم عندما تُطرح عليهم فكرة الخلافة فإنهم يتشنَّجون أو يقفون موقف العداء لها وللعاملين لها .
قال ابن إسحاق : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما يرى من قومه يبذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه . وجعلت قريش ، حين منعه الله منهم يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب وكان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة - ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها - فمشى إليه رجال من قريش - وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا - فقالوا له يا طفيل إنك قدمت بلادنا ، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا ، وقد فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه وبين الرجل وبين أخيه وبين الرجل وبين زوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا ، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئا .
لكنه خرج من هذا الأسر الفكري الذي فرضته عليه قريش
( قال فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شيء من قوله وأنا لا أريد أن أسمعه . قال فغدوت إلى المسجد ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة . قال فقمت منه قريبا ، فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله . قال فسمعت كلاما حسنا . قال فقلت في نفسي : واثكل أمي والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته وإن كان قبيحا تركته .

قال فمكثت حتى انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته فاتبعته ، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت : يا محمد إن قومك قالوا لي كذا وكذا - للذي قالوا - فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك ، فسمعته قولا حسنا ، فاعرض علي أمرك . قال فعرض علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام وتلا علي القرآن فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ولا أمرا أعدل منه قال فأسلمت ، وشهدت شهادة الحق وقلت : يا نبي الله إني امرئ مطاع في قومي ، وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه فقال اللهم اجعل له آية .

قال فخرجت إلى قومي ، حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت : اللهم في غير وجهي ، إني أخشى ، أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراق دينهم . قال فتحول فوقع في رأس سوطي . قال فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق وأنا أهبط إليهم من الثنية ، قال حتى جئتهم فأصبحت فيهم .
فهل آن لنا أن نخرج من هذا الأسر الفكري وأن نفكر على أساس العقيدة الإسلامية وننهض على أساسها , ونعود كما أراد لنا ربنا خير أمة أخرجت للناس .
{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران11



#عاهد_ناصرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القِوامة ديكتاتورية أم رعاية ؟؟
- الداء والدواء
- انتصار الإسلام السياسي
- هل حقا أن الإسلام يبيح التحرش ؟!
- الإسلام السياسي بين القبول والرفض


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد ناصرالدين - الأسر الفكري