أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - أحمد عائل فقيهي - هل يمتلك المثقف السعودي وعياً بحركة التاريخ














المزيد.....

هل يمتلك المثقف السعودي وعياً بحركة التاريخ


أحمد عائل فقيهي

الحوار المتمدن-العدد: 2652 - 2009 / 5 / 20 - 04:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


في كثير من الأحيان يملك الشاعر رؤية عميقة واستشرافية للمستقبل لايملكها ولايتملكها الكاتب والمثقف وأعني بالشاعر ذلك الشاعر الكبير الرائي الذي يرى ماوراء الأفق وماوراء اللحظة والزمن كما نرى ذلك عند آباء الشعر التاريخيين من أمثال أبي الطيب المتنبي وأبي العلاء المعري وأبي تمام وأبي نواس وغيرهم من أولئك الكبار, وكذلك عند شعراء كبار أيضاً من شعراء العصر الحديث من أمثال أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وبشارة الخوري ومحمد مهدي الجواهري ونزار قباني والبردوني وعمر أبي ريشة وبدوي الجبل وغيرهم من أولئك الذين لا يرتهنون في شعرهم لفعل اللغة وانفعالاتها فقط, ولكنهم يمتلكون إلى جانب ذلك وعياً بالتاريخ وحركة هذا التاريخ, وبالواقع وحركة هذا الواقع, وبالسياسة وتحولاتها, مايجعلهم يمتلكون من موهبة البصيرة مايتجاوزون به قدرة البصر, وهذا مانراه في نموذج قصيدة «قبر من أجل نيويورك» لأدونيس الذي قرأ وتنبأ من خلالها ماوراء تمثال الحرية في نيويورك, وتحطم رموز القوة في أمريكا وسقوط المرأة التمثال, لقد كُتبت القصيدة في عام 1971 م.
يقول أدونيس:
نيويورك حضارة بأربعة أرجل كل جهة قتل وطريق إلى القتل,
وفي المسافات أنين الغرقى..
نيويورك امرأة, تمثال امرأة
في يدٍ ترفع خرقةً يسميها الحرية
ورقٌ نسميه التاريخ
في يد تخنق طفلةً يسميِّها الأرض
إلى أن يقول:
تفتتي ياتماثيل الحرية.. أيتها المسامير المغروسة في الصدور
بحكمة تقلّدَ حكمة الورد..
الريح تهب ثانيةً من الشرق تقتلع الخيام وناطحات السحاب.
كأنما أدونيس في هذه القصيدة الاستشراف وهو الشاعر المفكر, يقرأ لحظة 11 سبتمبر العاصفة بكل ماتحمله هذه اللحظة من توتر وانفعال سياسي وديني وفكري, وبوصفها لحظة مفصلية وتاريخية بامتياز, وهي اللحظة التي جعلت العالم يتحول إلى عالمين كما تم توصيفه من قبل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش والمحافظين الجدد، «عالم الخير» «وعالم الشر» عالم التقدم والحضارة والمدنية والتكنولوجيا والحرية والعلم والحداثة, وعالم التخلف والعنف والإرهاب, عالم يقف بين عالمين «النور» و«الظلام».
إضافة إلى قصيدة «قبر من أجل نيويورك» لأدونيس تأتي قصيدة الشاعر الراحل أمل دنقل المعنونة بـ «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة» تلك القصيدة النبوءة أيضاً التي أرخت لحقبة من السقوط والانكسار الحضاري والاجتماعي والسياسي.
ثم جاءت قصيدة أمل الكبيرة «لا تصالح» التي وجهها إلى الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد معاهدة كامب ديفيد, وزيارة السادات التاريخية لإسرائيل والتي قلبت موازين الصراع بين العرب وإسرائيل في المنطقة, وغيرت الخارطة العربية, ألم يصرخ أمل دنقل في تلك القصيدة قائلاً:
لاتصالح ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبِّت جوهرتين مكانهما
هل ترى؟ هي أشياء لاتشترى.
من هنا فإن الشعر عندما يكتبه شاعر كبير يملك وعياً بالراهن والمستقبل وسبراً لأغوار النفس البشرية, يأتي هذا الشعر متجاوزاً كل طبقات الزمن ومتخطياً كل حقب التاريخ, ومثال ذلك الكبير المتنبي, وعندما يمتلك الشاعر ثقافة سياسية واجتماعية وفلسفية وإدراكاً لحقائق اللحظة ودقائقها وتفاصيلها سوف يأتي شعره مغايراً ومختلفاً يحمل في داخله كل اشتعالات واحتراقات الشاعر الذي يحمل في ذاكرته وبين أصابعه الجمرات المتقدة بوقدة الألم والأمل.
إنها الجمرات التي بقدر ماتحرق بقدر ما تضيء بحثاً عن مايخرج من بين الرماد, إنه طائر «الفينيق» الذي يضيء بأجنحته الأفق والمستقبل, إنها لحظة الاشتعال, لا لحظة الإنطفاء.
وهنا أتساءل متى تتحول قصائدنا وكتاباتنا وطروحاتنا إلى استقراء وقراءة واستشراف للمستقبل, بدلاً من أن تكون مجرد جلد للذات فقط.
تلك الكتابة الإبداعية والثقافية والفكرية التي تطرح الأسئلة الشائكة, «من نحن» «وأين نحن» وماذا نريد من أنفسنا ومن هذا العالم؟ ذلك أن الكتابة لايمكن أن تتأسس إلاَّ على وعي عميق بما يريده الناس والمجتمع والأمة.
إننا بحاجة إلى الشاعر والمثقف الرائي, الذي يمتلك فهم للأحداث والقضايا الكبرى ولحركة التاريخ, ذلك أن كل شاعر كبير هو مثقف كبير ومتنبئ في آن, وكل مثقف كبير هو بالضرورة صاحب رؤية ونظرة بعيدة, بعيدة تتجه إلى المستقبل, فهل يملك شعراؤنا ومثقفونا السعوديون وعياً بحركة التاريخ؟ وبمسار الواقع, وإلى أين نتجه, ومن نكون, وماسوف نكون عليه في المستقبل وفي هذا العالم, هل لدينا رؤية كونية وفكرية؟ في كل مانكتب ونبدع؟
لاتتحول الكتابة إلى كتابة حقيقية ما لم يمتلك المبدع المثقف الممتهن للكتابة حصيلة معرفية, يتداخل فيها ماهو اجتماعي وتاريخي وفلسفي وفكري, ذلك أن الموهبة لاتكفي لصناعة عمل إبداعي أو فكري, ما لم تكن هناك رؤية عميقه, إن كل نص كبير هو نتاج ثقافة كبيرة وبالتالي ناتج لرؤية واسعة وعميقة أيضاً, هل هناك أدونيس ودرويش ونزار قباني آخرون في بلادنا, هل ثمة من يملكون فكر وثقافة الجابري وأركون والعروي وإدوارد سعيد مثلاً, أين هو الشاعر أو المثقف الذي يحمل رؤية؟ لنبحث ونرَ؟





#أحمد_عائل_فقيهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع بين التحديث والممانعة


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - أحمد عائل فقيهي - هل يمتلك المثقف السعودي وعياً بحركة التاريخ