أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - خصوصيتنا ولو كره الكافرون














المزيد.....

خصوصيتنا ولو كره الكافرون


هشام محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 03:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أتصوّر أن معارض ايكيا السويدية الشهيرة، والموزعة عبر قارات العالم، والتي تزود مرتاديها بكل ما يحتاج إليه المنزل من الألف للياء، لا تختلف من حيث المنتجات والتنظيم والتوزيع أينما حلت وارتحلت. فايكيا في أسبانيا لا أظنه يختلف عن نظيره في ماليزيا، وايكيا في استراليا لا أحسبه سيختلف عن مثيله في جنوب افريقيا. غير أن ايكيا السعودي قد تم تكييفه وتطويعه لينسجم مع ما يعرف لدينا ب"الخصوصية السعودية". فبما أننا نملك القوة الشرائية فمن حقنا أن نملي على من يطأ أرضنا "الطاهرة" أن ينحني بخشوع لخصوصيتنا، وأن يسير بجوار الحائط لئلا يصطدم ب"ثوابتنا الأصيلة". لا تسألني...أين تبدأ خصوصيتنا...وأين تنتهي خصوصيتنا. الخصوصية مفهوم فضفاض وتعبير هلامي، ولا أحد يملك القدرة على تحديد معالمها أوسبر أغوارها. الأكيد أن المغزى من تعزيز الوهم بالخصوصية وتسويقه بين العامه هو بقصد خندقة المجتمع وتحصينه ضد رياح التغيير العاتية، وحماية ما تبقى من البنى الثقافية الهشة من الانهيار...ولكن هيهات!

ما علاقة هذا كله بايكيا؟ سأحدثك بذلك الآن!

عندما تعبر البوابة، وتسير قليلاً، ستظهر أمامك شاشة تلفزيونية، يطل منها وجه فتاة مليحة سمراء، تتحدث فيه عن منتجات الشركة الرائعة التصميم. وبما أن التيار الديني الوهابي مصاب بعقدة تاريخية اسمها المرأة، فقد استبدلوا معالم وجه تلك السمراء بمربعات تذكرك بالفن التكعيبي... المحرم بكل تأكيد من قبل "علماء الأمة".

إذا تجاوزت وجه المرأة "الكافرة" باتجاه قسم رفوف المكتبات، ستجد أن العاملين في المعرض قد حشوا الرفوف بكتب دينية تراثية تتناول عناوينها الجنة والنار وعذاب القبر والصراط وأمجاد أمة الإسلام وأقوال السلف لنخبة من جهابذة "الفكر الإسلامي النير" أمثال ابن تيمية وابن القيم والسيوطي. كأن من اختار هذه العناوين يريد أن يقول هذا ما يقرأه السعوديون، أو ربما هذا ما يجب أن تحويه رفوف مكتبتك. قد يبدو الأمر عادياً، لكنه يومئ ولو من بعيد لنوعية القراءات "النوستاليجيه" التي تستهوي السعودي، ولا يكاد يبرحها.

بعد أن تتجول في المعرض الممتليء دوماً بالزوار، وينال منك التعب والجوع، قد تقرر الذهاب إلى مطعم المعرض المتميز، ولكن يجب أن تقرر سريعاً قبل أن يرفع الآذان بعشر دقائق على الأقل. فبمجرد أن يعلو صوت الآذان...تتوقف الحياة تماماً. إذا تصرفت بسرعة، ووضعت أطباق الغداء أو العشاء على الطاولة المحجوبة حتماً بستار حتى لا تتلصص على "خصوصية" جارك الجالس بجوارك مع "الجماعة" أو "الأهل"، انظر إلى أعواد الأسنان المغروسة في طبقك وفي أعلاها "الجزء المتبقي" من علم مملكة السويد ذي الخلفية الزرقاء والصليب الأصفر. لن تجد أثراً للصليب لا هنا ولا في أي مكان آخر في بلاد الحرمين حتى ولو كان مرفوعاً على هامة عود أسنان! اتساءل: ماذا سنفعل لو قام الغير برد مماثل فانتزع السيف ومحى كلمات الشهادة؟ لقد ثار المتدينون عندما وجدوا الفتيات والفتيان يحملون العلم الأخضر في مدرجات ملاعب كرة القدم وفي ستار أكاديمي، لا حباً في الوطن، ولكن غيرة على أول أركان الإسلام...شهادة ألا إله إلا الله محمداً رسول الله.

في طريقك، وأنت تدفع بعربتك نحو صناديق المحاسبة، سيطل عليك وجه تلك المليحة السمراء مرة أخرى، ولكن هذه المرة بلا خدوش وبلا تعتيم! لماذا لم تطمس يد الوهابية وجهها هنا بعدما طمست معالمه هناك، كما سرقت معالم وجوه وأجساد نسائنا تحت خيمة سوداء؟ أيكون وجه السمراء فتنة، والفتنة أشد من القتل، هناك عند الدخول...ويكون وجهها حلال هنا عند الخروج؟! الكثيرون يعبرون دون أن تستوقفهم التناقضات الصارخة، ربما اعتادوها وألفوها، أو ربما لأنهم يمارسونها يومياً دون وعي. تلك التفاصيل الصغيرة التي تختبيء وسط الزحام طالما أوقفتني، واسالت دم الأسئلة المحرمة. رغم تناقضات المشهد وكاريكتوريته، فالأمر يبدو مفهوماً بسبب فشل التيار السلفي عملياً في أسلمة كل مظاهر الحياة، واصطدامه باشتراطات الحياة المعاصرة، وعجزه عن إدارة عقارب الزمن في الإتجاه المعاكس، الأمر الذي يعني في النهاية قبول هذا التيار ولو على مضض بنماذج وأشكال تعتبر في حكم المحرمات. للتبسيط، التيار السلفي لا يتهاون في السماح، مثلاً، للمرأة بقيادة مركبتها خوفاً عليها - كما يدعي - من الوقوع في الزنا، لكنه يسمح بوجود سائق أجنبي محرم عليها شرعاً! مثال آخر، ذات التيار يعارض عمل المرأة في محلات الملابس الداخلية النسائية لأسباب واهية، لكنه - وياللمفاجأة - يقبل بوجود رجل أجنبي، صار من كثرة اختلاطه بالنساء يحدد لها قبل أن تتكلم أي حمالة صدر وأي سروال يناسبها!







#هشام_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفانا مساجد!
- شروط صناعة المأساة: غزة والعراق ودارفور نموذجاً
- مواصفات البطل العروبي...وأشياء أخرى!
- يبكون على دماء غزة...ويرقصون على دماء العراق ودارفور!
- ملاحظات على الهامش
- ماذا لو لم يبعث محمد؟
- احجار الدومينو وأبو هريرة وابن عباس
- الكلام المحظور عن ختان الذكور (2/2)
- الكلام المحظور عن ختان الذكور (1/2)
- الشيخ غازي... وزوبعتان في فنجان
- مدينة الشيطان ترحب بكم
- ولا عزاء للقطط والكلاب
- وداعاً.....أيها العقل
- كيف سيكون الاسلام بلا معجزات؟
- الذباب ينهش لحم شاهين
- ملتحون ولكن لصوص
- رحلة في عقل وهابي


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - خصوصيتنا ولو كره الكافرون