أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حزب العمال التونسي - الشيوعيون والعائلة















المزيد.....

الشيوعيون والعائلة


حزب العمال التونسي

الحوار المتمدن-العدد: 799 - 2004 / 4 / 9 - 10:44
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في نفس الموضوع يناضل الشيوعيون من أجل بناء بديل مجتمعي شامل. فعلاوة على مجالات السياسة والاقتصاد والفكر والثقافة، تحتل العائلة مكانة بارزة في حقل اهتماماتهم ومجالا رئيسيا من مجالات تدخلهم لسبب بسيط كونها النواة الأساسية الأولى للمجتمع البديل، إذ لا يمكن الحديث عن التغيير الثوري لعلاقات الإنتاج البرجوازية السائدة دون الحديث عن تغيير فعلي في صلب العائلة من حيث نمطها وبنائها وتركيبتها الذهنية ونوعية العلاقات التي تسودها والدور الاجتماعي والروحي الذي ستلعبه مستقبلا.

ولما كانت العائلة على هذه الدرجة من الأهمية فقد أولاها ماركس وأنجلز الأهمية اللازمة وحظياها بقسط وافر من كتاباتهما ومن أهمها كتاب "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة". كما حظيت المسألة بكتابات ونقاشات وسجالات فيما بعد تعرض خلالها أوقست بيبل وبليخانوف ولينين وكلارا زتكين والكسندرا كولنتاي وغيرهم إلى مسائل هامة مثل الأخلاق والعلاقات الجنسية وغيرها من المواضيع المتصلة بالعائلة.

وما يهمنا بالدرجة الأولى في هذا المقال هو النموذج العام الذي وضعناه لأنفسنا وبنينا عليه طموحاتنا ونحن نهيء ظروف التغيير الفعلي للمجتمع. إذ نطرح على أنفسنا أسئلة حول مدى النجاحات التي حققناها في هذا المضمار وكيف ينظر المجتمع إلى العائلة الشيوعية إن وُجدت وحتى التقدمية على سبيل المثال. ما هي الإضافات الكمية والنوعية التي راكمتها في عملية التغيير الفعلي للمجتمع؟ ما هي المآخذ والسلبيات العالقة بنا نحن الشيوعيين في هذا الباب؟ كيف تسير عملية تربية الأطفال وأي صورة للحب والعلاقات العاطفية تمارس في أرض الواقع؟ وغيرها من الأسئلة الهامة التي تطرح نفسها.

I – صورة العائلة الشيوعية:
لما كان إيمان الشيوعيين بحرية المرأة قضية مبدئية لا تقبل الجدال كانت الصورة المنطقية التي رسموها عن العائلة هي العائلة المتحررة من العادات والتقاليد والإرث الثقافي السائد مؤهلة للنضال وتحقيق ذاتها وبناء المجتمع المتحرر. ومن هنا فمسألة الارتباط الزوجي كانت تأخذ بعين الاعتبار إلى حد كبير مسألة الوعي الثوري أو حتى الديمقراطي لدى الطرفين أي أن المحدد في الاختيار كان أساسا الالتقاء الموضوعي بينما تظل العوامل الأخرى ثانوية. ونحن لا نشك اليوم في أن انحرافا يسراويا كان يطبع عديد التصورات ذات الصلة بالموضوع إذ كانت بعض الأفكار عن العائلة الشيوعية رومنسية وطوباوية تحلم بالثورة ولا تعرف كيف تؤسس لها، تقرأ الماركسية ولا تهتدي إلى تطبيقها مما ولّد انفصاما في بعض النفسيات رغم صدقية ونزاهة المنطلقات.

لقد كانت العائلة الشيوعية في أذهاننا خلية للنضال فقط، مكرسة حياتها للسياسة دون أخذ بعين الاعتبار العوامل الحياتية الخاصة عازفة عن فرص الرفاه إن وُجدت وغير مكترثة ببناء المسكن واقتناء السيارة وتأثرا بموجات النضال والمد الشعبي أحيانا جاءت أسماء الأبناء والبنات في فترة الثمانينات ذات دلات سياسية واضحة مثل نضال، فدوى، أيمن، جهاد، انتصار، نبيل… وغيرها من الأسماء الدالة.

II – الاصطدام بالواقع العنيد:
لكن بقدر ما كانت هذه الرؤية مشروعة وطموحة ومناضلة وتعكس مزاجا عاما تقدميا ورغبة صادقة في التحرر كان الواقع الذي اصطدمت به عنيدا، قمعيا ومتحجرا. هذا الواقع المكبل الذي انعكس بقوة على مشاريع العائلات التقدمية والشيوعية. إذ لما قويت ضربات الجلاد في حقبة التسعينات السوداء وتلبدت سحب الردة في أكثر من مكان في العالم انعكست هذه التصورات سلبا عن العائلة فوجد الأب المناضل نفسه إما محاصرا وملاحقا أو مطرودا من العمل أو يقبع وراء القضبان الحديدية ناهيك عن عدم قدرته على توفير المتطلبات الضرورية للحياة، كما انعكست هذه الصورة على الأم التي اعتراها الخوف على "مستقبل الأولاد" فمارست بحكم تدني وعي المرأة عموما ضغوطا متزايدة من أجل كبح العمل السياسي والنقابي. وبطبيعة الحال في هذا التوازن الاجتماعي والروحي المفقود سوف لن يكون "نضال" نضالا ولا "انتصار" انتصــارا بل أضحى الاسم أحيانا بلا مسمى وربما عبئا ثقيلا عليه.

ولكن مهما كانت قوة الهجوم الايديولوجي والاجتماعي فلقد صمدت أغلب العائلات التقدمية والشيوعية واسترجعت توازنها رغم الاهتزازات المعنوية هنا وهناك.

إن نوعية التربية والتكوين الإيديولوجي الذي تلقته العائلة الشيوعية النموذج في حاجة إلى إعادة الصياغة، إذ أن التعامل الرومنسي مع الثورة ومع الاشتراكية ومع الديمقراطية لا يجب أن يكون له مكان في أذهاننا إن كنا أناسا علميين صادقين مع شعبنا الذي ينتظرنا. لقد ولت اليوم النظرة الطوباوية الحالمة بالثورة والاشتراكية لتحل محلها النظرة الواقعية والموضوعية فإنضاج الظروف للثورة عملية يومية متأنية ودؤوبة تراعي كل جوانب النضال داخل العائلة وخارجها، تعيد العائلة –المتخلية اليوم نسبيا- إلى دائرة النضال والكفاح دون سقوط في الحركة العفوية ودون مغالاة في جانب من جوانب النضال فقط، فالجانب السياسي للنضال لا يسقط التوازن النفسي والعاطفي ولا يهمل الفكري والفني والجمالي والسوسيولوجي.

كما أن العلاقات العمودية البرجوازية داخل الأسرة يجب أن تترك مكانها للعلاقات الأفقية المتفتحة والديمقراطية ليتحول الآباء والأمهات إلى مساعدين بيداغوجيين داخل الأسرة ليس في حقل التعليم كما يتبادر للذهن ولكن في حقل السياسة والثقافة والفكر والفن والجمال لأبنائنا من العائلات التقدمية والشيوعية.

إن جيلا كاملا من مدرسة 7 نوفمبر اللقيطة هو بدون هوية، ممسوخ الثقافة مزدري للمعرفة وفاقد للحس الفني والذوق الجمالي السليم من خلال ما نلاحظ يوميا من موجات الموضة وتدهور مستوى الأخلاق وإن دل ذلك على شيء فهو يدل ويؤكد على تفسخ وانحلال العائلة البرجوازية لتحل محلها العائلة التقدمية والشيوعية وهنا يأتي دور الشيوعيين فتطرح عليهم الأسئلة التالية: إلى أي مدى تحمّل الشيوعيون مسؤولياتهم في تحصين أبنائهم أولا ثم أبناء المجتمع ثانيا من سرطان المسخ الحضاري والثقافي؟ كم من الوقت يخصصه الشيوعيون لمساعدة أبنائهم على تحصيل تكوين فكري وسياسي وثقافي بديل؟ لماذا تنخرط النخبة النيرة وطلائع الشعب في اللعبة "فيجاهدون" من أجل الدروس الخصوصية صباحا مساء لحشو أدمغة الأبناء ويغضون الطرف عن ترغيبهم في النهل من الفكر العلمي والأدب الملتزم والفن الملتزم والانخراط العام في النشاط؟ هل كل ذلك بداعي أولوية التحصيل العلمي؟ ومتى كان هذا الأخير يتنافى مع التكوين السياسي والفكري؟ هل يمكن التذرع دائما بالفضاءات المغلقة والتصحر الثقافي والفكري بالبلاد أم أن قناعات الشيوعيين في حد ذاتها في حاجة إلى إعادة الترسيخ والتثبيت؟

صحيح أن المسألة ليست إرادية ونحن ضد التلقين والحشو الايديولوجي والإرهاب الفكري الذي يمارسه السلفيون وكل الرجعيين وصحيح أيضا أن تعقيدات الحياة قد ازدادت حدة وتشعبا، كما هو صحيح فعل الشارع وتأثير الفضائيات والمحيط الذي يهدم يوميا ما نبنيه باستمرار، ولكن بدون مجاملة ظل فعل الشيوعيين على هذه الواجهة من النضال ضعيفا جدا بل رديئا أحيانا وأمثلة عديدة فشلت في إرساء حياة زوجية متوازنة كما لازال الخمر والتدخين ملجأ وهروبا إلى الأمام وعدم تحميل مسؤولية الأزمة للمتسببين الحقيقيين فيها، كما لازال العنف المادي والمعنوي يطفو على السطح في هذا البيت التقدمي أو ذاك لاختلال في شروط بناء الحياة الزوجية أو لاهتزاز في المعنويات وسلم القيم لدى هذا الطرف أو ذاك. كما أن الصورة التي نحن عليها في المجتمع في حاجة إلى مزيد الصقل والتقويم. وستظل بطبيعة الحال هذه السلبيات والنقائص تلازمنا طالما لم تتغير الشروط المادية لوجودها.

لكن على الرغم من هذا النقد والنقد الذاتي الذي لا نتردد في الكشف عنه لتجاوزه تظل العائلة الشيوعية أو مشاريع العائلات الشيوعية –على قلتها- المثال الراقي والمكتمل التطور والنموذج للمجتمع البديل من حيث النوعية والدور الاجتماعي والتوازن الروحي والعاطفي.

إن العائلة الشيوعية متحررة في بنائها وتصورها وأهدافها وهي النواة الأولى للمجتمع البديل ومن هنا وجب إيلاؤها الأهمية القصوى.

ومن يطمح لتغيير فعلي في المجتمع "يبدأ بالكنس أمام منزله" فمن غير المعقول أن تكون "دار النجّار بلا باب".

إن العائلة الشيوعية ترفض الترصيف و"التلبيز" البرجوازي للأثاث المنزلي الذي يفتقر للذوق الجميل و"الفخفخة" في نمط العيش، وهي عائلة نوعية في أسلوب حياتها وفي علاقاتها ودائرة اهتماماتها كذلك.

إن أركانا أساسية في البيت الشيوعي لا يجب أن تختفي: المكتبة الشيوعية واللوحات الفنية لعظماء الإنسانية والفن الملتزم… إلى جانب العادات الاجتماعية الحميدة كالسهرات المشتركة والتزاور والمخيمات الصيفية والمطالعة والاطلاع على الفنون الملتزمة من غناء وسينما ومسرح ورسم… وتوسيع دائرة العلاقات… كل هذا يساعد على خلق الروابط المشتركة وتوفير مناخ جديد تنصهر فيه العلاقات الأسرية وأنماط العيش الاشتراكية وهي قابلة للتحقيق والإرساء مهما كانت الضغوطات المادية والمعنوية لو تمثَّل الشيوعيون دورهم الحقيقي ودافعوا باستماتة عن نمط عيشهم ونموذج عائلتهم.

إن عملا شاقا، مضنيا طويلا ومعقدا ينتظرنا في هذا الميدان. فلنناضل جميعا من أجل بناء العائلة الشيوعية البديلة ونوسّع إشعاعها ولنكسر الحصار من حولنا ونقطع مع التقوقع والانعزال.

إن الأخلاق الشيوعية هي أخلاق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية فلندافع عن أخلاقنا ولنفرض نمط عيشنا، فمسافة المائة ميل تبدأ بخطوة.



#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضد الرأسمالية، دفاعا عن الاشتراكية
- حول الوضع الدولي الراهن - من أجل جبهة عالمية معادية للامبريا ...
- حول الوضع العام بالبلاد - لنكسر العزلة عن الحركة الاجتماعية ...
- المقرر السياسي للندوة الأممية للأحزاب والمنظمات الماركسية ال ...
- على هامش القمة العربية المزمع عقدها يومي 29 و 30 مارس 2004 ب ...
- القانون الأساسي لحزب العمال الشيوعي التونسي
- بلاغ
- الأدنى الدّيمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا- الجزء الثالث - -حركة ...
- الأدنى الدّيمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا - الجزء الثاني- في عل ...
- الأدنى الدّيمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا - الحزء الاول- النّقـ ...


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حزب العمال التونسي - الشيوعيون والعائلة