أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهي ناصر - الاصلاح مطلب شرعي وملحّ لأوضاع مأساوية في العالم العربي















المزيد.....

الاصلاح مطلب شرعي وملحّ لأوضاع مأساوية في العالم العربي


زاهي ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 799 - 2004 / 4 / 9 - 10:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"عندما لا يكون بديل للأوضاع يتقدم به شعب ما قابلا للتحقيق عندها يلجأ الى بديل آخر قابل للتحقيق فتصب الاغلبية في التيار الديني ليجعلوه بديلا".

ان الشرق الاوسط يواجه حالة عامة من الاحباط وكثرة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ومستقبلا محصورا مضغوطا لا يمكن ان تقرأ أسطره الاخيرة.

هذه الأوضاع تعطي، لربما، الاسلام السياسي احتمال ان يكون البديل، بنظر الناس، بعد أن يئسوا من حكامهم وانظمتهم المتعفنة. فالناس متى أصابهم الاحباط يتراجعون الى الدين ليحتموا به وليبحثوا عن يقين وأمل وعنفوان في فترة فقدوا فيها الكثير. ان مشاعر اليأس والاحباط في العالم العربي ووقوف الولايات المتحدة الى جانب هذه الأنظمة التقليدية التي تاجرت بالاسلام ساعدت الى حد كبير في جعل الاسلام السياسي بديلاً مهيأ. فالقوة الكامنة في الاسلام السياسي قد تنطلق في أي فرصة تأتي عندما تتهيأ الفرض والظروف (كما حدث في ايران في ثورة الخميني او الاستيلاء على السلطة من قبل عسكريين اسلاميين كما حدث في الباكستان مع ضياء الحق). اما مثال افغانستان عندما سيطر طالبان على السلطة فقد يكون واردًا ولكن لربما تعلمت الولايات المتحدة درسًا منه! ولن تسمح بمثله ولن تساعد نظاما يكرهها ليأخذ زمام السلطة.

ان خوف الولايات المتحدة من سيطرة الاسلاميين على الحكم نابع من تجربتها في اماكن مختلفة وزمان معين. لان الاسلام السياسي الاصولي قد وضع هدفًا لدحره وهو الولايات المتحدة. وترى الولايات المتحدة ان الخيارات السياسية في الدول العربية قليلة جدًا وهي لا تريد الخيار الاصولي. اذا فهي رأت انه من الافضل لها أن تتعايش مع أنظمة تصحح نفسها ولا تترك مجالا للاسلام الاصولي من السيطرة.

وفي الواقع فان تجمد الخيارات السياسية في أنظمة الدول العربية التي تمسك بالحكم ولا تخرج هذه الخيارات الى الجماهير ولا تتغير الاحوال فيها امر غير مفهوم الا في بلاد قد نسيها التاريخ او نسيتها الحضارة. فتمسك هذه الأنظمة بالحكم لفترات طويلة والحيلولة دون تقديم أي حلول للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولحقوق الانسان والحريات يزيد الامر تعقيدًا ويطرح البديل الديني.

ان فكرة تداول السلطة بواسطة نتائج انتخابات امينة وحرة في اطار تعدد الاحزاب والحريات السياسية ودمقراطية صحيحة يحمي الشعوب من الاحباط والتحول نحو البديل الديني.

لقد استُغل الدين من قبل الدول الاستعمارية الغربية بعد الحرب العالمية الثانية ضد الحركات الوطنية والقومية وضد المد الشيوعي. فالولايات المتحدة كانت صاحبة فكرة اغراق الدول العربية والاسلامية بالدين ظنًا منها ان القوى التقليدية سوف تنهض لمنع تسرب الافكار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التقدمية الى الشعوب العربية، وبذلك توقفها قبل انتشارها. وكانت ترى ضرورة في انشاء حلف اسلامي في الشرق الاوسط وبذلك يستطيع جذب القوى الاسلامية في الدول الشيوعية كالصين ودول الاتحاد السوفييتي. الا انها فشلت فشلا جزئيًا لان تلك الفترة كانت ملتهبة بحركات التحرر الوطني الافريقية والآسيوية وكانت الشعوب العربية تتطلع نحو مستقبل حر كان محركها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.

لم تكن الولايات المتحدة الوحيدة التي عملت في هذا المجال. فان الانظمة التقليدية في العالم العربي وعلى رأسها دول البترول كالسعودية ودول الخليج تولت تشجيع وتحويل وتحريض التيارات الاسلامية الاصولية لمقاومة القوى الوطنية والتقدمية، وتعاونت مع الولايات المتحدة والمعسكر الغربي في محاربة الشيوعية. وكانت تريد بذلك ان تمنعها من نشر الفكر التقدمي والوطني والفكر الاشتراكي. ولقد استطاعت هذه الانظمة بالتعاون معًا ومع الكنيسة في الغرب من شن حرب قاسية سميت "بالحرب الباردة" على المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي، وتم في وقت ما ترحيله من الدول العربية. وهكذا تحولت دول عربية قيادية في التحرر كمصر الى تابع للولايات المتحدة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وضعفت مواجهتها مع القوى المعادية وضعف ثقلها السياسي ايضًا ووزنها بين الدول العربية. وكانت النهاية بانهيار الاتحاد السوفييتي ففسح المجال للاخطبوط الامريكي ان يلتف حول رقبة الشعوب العربية بأنظمتها التي ابتعدت شيئًا فشيئًا عن رسالتها القومية والتحررية. ودخلت الدول العربية مع شعوبها في عهد كبت الحريات السياسية والفردية التي يمارسها حكامها حتى الآن.

وكانت نتيجة الاوضاع هذه صعود القوى الاسلامية الاصولية وحوادث نيويورك وواشنطن والتفجيرات في اكثر من مكان ودولة. ان العالم العربي والاسلامي بحاجة الى تحليل لهذه الفترة ودراسة موضوعية للحوادث والتحركات الشعبية والسلطوية وعلى الأغلب يحتاج العالم العربي - لأنه ما يهمنا اكثر - الى وقفة كبيرة ليتساءل الجميع: الى أين؟

ان مطالبة الولايات المتحدة الدول العربية بان تقوم ببعض الاصلاحات هو ناتج عن صراخها المتولد عن الألم الناتج عن ضرب مصالحها وتعريفها للأذى متهمة اصدقاءها الحكام العرب بعدم "القيام بواجب التربية والمواطنة الصالحة"، لشعوبها. ولكن يظهر بوضوح وجلاء انه طال العهد على تلك الانظمة الفاسدة والمهترئة ولم تعترض الولايات المتحدة على شيء ولا حتى على خروقات الحقوق الانسانية في تلك الدول ولا التعدي على حريات الشعوب ولا على غياب الدمقراطية، ولكن عندما تعرضت مصالحها للأذى فهذا بالنسبة لها امر غير مقبول اطلاقًا.

ان ضغوطات الولايات المتحدة على الدول العربية لأجل القيام "بإصلاحات" أمر يصب في مصلحة الولايات المتحدة اولا لانه بحسب شروطها. ولكن الفكرة الاساسية من الاصلاح يجب ان لا تخيف الشعوب العربية (عفوًا، لقد أصبحت الشعوب العربية تخاف كل شيء حتى الاصلاح.. عجبًا؟) لان الاصلاح الحقيقي هو الذي يخيف الرجعية والاصولية الدينية واولئك الذين يرون في أي اصلاح خطرًا على نمط حياتهم ومسلكهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ومركزهم السلطوي. فالاصلاح يجب ان يكون، وهو من اجل، ومن مصلحة الشعوب العربية، لذلك يجب ان لا يرفض كفكرة او كمشروع جملة وتفصيلا.

ان الاصلاح المطلوب يأتي من حاجة وضرورة لكي تنطلق الشعوب العربية نحو التقدم والازدهار واللحاق بركب الامم المتقدمة والمتطورة ولقد كانت التجربة الاوروبية مهمة وهي مثال ونموذج لينظروا اليهما وليتعلموا منهما. فقد كان فصل الدين عن الدولة أمرا ضروريا لتسهيل عملية التطور والتقدم وهذا ما يجب ان يحصل. ان الدمقراطية ليست من صنع ابليس ولا من صنع الشيطان الرجيم. ان الدمقراطية هي نتاج تجربة مئات بل آلاف السنين وهي بتطبيقها من الناحية السياسية والاجتماعية لا تتعارض مع الروح البشرية الحرة التواقة الى الحرية والتقدم والازدهار. ان دمقرطة المؤسسات الرسمية والشعبية واعطاء الحريات لتشكيل الاحزاب السياسية واعطاء الحريات الدينية والفردية واحترام حقوق الانسان كلها تصب في خانة الاصلاح. فما الخطأ في الاصلاح؟ ان من يخاف الاصلاح هو الحاكم المستبد والمستفيد من الاوضاع الراهنة. ان الشعوب تتوق الى الاصلاحات دائمًا والحقيقي منه وليس المزيف او المستورد بشروط.

ان الاصلاح هو مطلب حق طالبت وتطالب به قوى اليسار في الدول العربية وقد دفعت هذه القوى ثمنًا باهظًا من اجل هذا، الا انه يأتي الآن بصورة غربية وبمطلب مشبوه وبشروط امريكية. لذلك لا تخافوا من الاصلاح ايتها الشعوب العربية. اصنعوا اصلاحا يليق بكم، بل ان عدم الاصلاح هو الذي لا يليق بكم وابقاء الوضع على ما هو عار على الأمة العربية وخطر على حاضر ومستقبل الشعوب العربية. واود ان احذر من أن فكرة الاصلاح يجب أن لا تنفرد بها السلطة والحكام، بل يجب ان يشترك فيها الشعب بمثقفيه، عماله وفلاحيه وجميع الطبقات، ولتكن حوارات ونقاشات مفتوحة من اجل اصلاح حقيقي يمكن تطبيقه، اصلاح تاريخي نفتخر ونعتز به. اننا معشر الشعوب العربية بحاجة الى اصلاح فهو فرصة وحاجة ملحة، فرصة لا تعوض ما دمنا نرى ضرورة الاصلاح.



#زاهي_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهي ناصر - الاصلاح مطلب شرعي وملحّ لأوضاع مأساوية في العالم العربي