أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مقصيدي - أوهام الإسلام السياسي















المزيد.....


أوهام الإسلام السياسي


محمد مقصيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2603 - 2009 / 4 / 1 - 08:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس غريبا أن يصنع الفقر والجهل أرضية صلبة للإسلام السياسي . هذا المصطلح الذي ترفضه رفضا قاطعا الجماعات التوتاليتارية الرجعية لأنه يرعبها ويعريها كي تصبح مكشوفة أمام سهام العقل والنقد . فهجومها على هذا المصطلح ليس عشوائيا بل عن وعي بخطورة تداوله . إذ عندما تقول أنه لا وجود للإسلام السياسي فهي تعني بذلك أنه لا فرق بينها وبين الإسلام وأنها هي الناطق الرسمي باسم الله على الأرض , أو على الأقل فأفكارها يجب أن تكون ركنا أساسيا من أركان الإسلام جنبا إلى جنب مع بعض الجماعات الدينية السياسية المتحالفة معها . وتكون مكاسب تلك الجماعات قداستها تحيط بها هالة من الخرافات والأوهام التي تستعملها كأسلحة في وجه معارضيها أو لتأكيد شرعيتها مع مناصريها . فأي انتقاد لها يكون بمثابة انتقاد للدين . فكل آلياتها وترساناتها الإيديولوجية مبنية على تأويلاتها للنص الديني بشكل يخدم مصالحها وأهدافها . بل حتى النص الديني لا وجود له خارج تأويلاتها النظرية والخرافية . إذ يتم التشطيب في أوقات كثيرة على أحداث تاريخية كبرى مؤثرة في سيرورة التاريخ العربي , وإلغاء شخوص وحقب كاملة إن كانت تتعارض مع تصوراتهم الخرافية حتى يتم التسويق لعالم مثالي وخيالي . بل يبدو أحيانا أنهم يصدقون أكاذيبهم .

سوف أحاول المرور سريعا وبشكل عام على بعض المفاهيم التي ينبغي توضيحها , وكذا على بعض المغالطات التاريخية التي تستند عليها جماعات الإسلام السياسي لتبرير الإرهاب أو العنف الدموي أو الكراهية اتجاه الأخر . كذا بعض المغالطات التاريخية التي تحاول ترويجها لإقناع الشعوب بتبني فكر سياسي رعوي بدائي ضد الدولة بالمفهوم الحديث . وربما سيتطلب الأمر حلقات كثيرة لتشريح وتفكيك تلك الخرافات التي طبعت تاريخ العالم العربي لقرون طويلة .

أعداء العقل :

يصطدم الإسلام السياسي بالعقل كعدو رئيسي , حيث يحاول استعمال تكتيكات تتراوح بين محاولة تكييف العقل مع خرافاتهم , وبين رفض العقل رفضا تاما ومطلقا بدعوى أنه قاصر على فهم الطبيعة والإنسان وأن النصوص هي الحقيقة وحدها وهي القادرة على تفسير الحياة . بل لا يؤمن حتى باستعمال العقل في اختيار نصوص دينية وإلغاء أخرى . ثم يتحدثون على أن الذين ينتقدونهم لا يستخدمون العقل ؟؟؟ إذ ثمة تناقضات كثيرة سوف تهدم بناياتهم النظرية الهشة في أول تماس , ولو عرضي مع العقل . وبالتالي يكون من الضروري الإلتجاء إلى الخرافة والهلوسات للتعتيم على تلك المناطق المظلمة , ويواجهون منتقديهم بالتكفير والإضطهاد كشكل بسيط لتكميم الأفواه أو بعبارات أشبه إلى طلاسم سحرة ودعوات بالنار والعقاب .

لنر مثلا , الحملات التي يواجه بها كل من ينتقدهم , إذ لا يجد أمامه حججا أو براهين , ولكن سوف يجد شتائم ومحاكمات واغتيالات . طبيعي , لأنهم ضعفاء جدا ولا يستطيعون مواجهة العقل . لنر مثلا ما يحدث حاليا في المغرب , دائما , ما يزعم البعض أن ليس ثمة اختلاف بين الشيعة والسنة , أو بين بنيات إيديولوجية أخرى من خارج المذاهب السنية أو الشيعية . لأنهم لا يستعملون عقولهم يقولون ذلك . فزواج المتعة مثلا الذي يحرمه البعض يحلله الآخر . وشرب الخمر الذي يحلله المذهب الحنفي تحرمه المذاهب الاخرى وتعتبره فاحشة كبرى , بل كيف بالإمكان من داخل الإسلام السياسي أن تأخد مسلما إلى السجن لأنه اختلف معك في المذهب ؟؟؟

إن الإعتقالات التي تقودها السلطات المغربية ضد الذين يعتنقون المذهب الشيعي رغم أنه إسلامي توضح بجلاء الفكر الإقصائي للآخر المختلف , حتى ولو كان مسلما . من هنا يبدأ سقوط أسطورة الإسلام السياسي والتسامح . فلا يتعلق الأمر بتكميم حرية الإعتقاد والفكر بإرهاب حدود الردة التي يلوح بها الإسلام السياسي والجهاد , بل يتعداه إلى الإرهاب المتبادل داخل نفس البنية السياسية . نعم , إن جماعات الإسلام السياسي متسامحة , لكن فقط إن لم يكن هناك من يختلف عنها في التصور. لكن حين يبدو الإختلاف ,تكشر على أنيابها وأسلحتها .
فلم يا ترى يقتتل الشيعة والسنة ويتحاربون ؟ وكافة طوائف الإسلام السياسي الذي يكفر بعضهم بعضا ؟
ثم , أليس أصلا الإختلاف بين الشيعة والسنة مرده إقحام السياسة في الدين ؟ وهو ما نتج عنه موت عشرات الآلاف من المسلمين الذين قتلوا على يد بعضهم البعض بتأجيج من الحالمين بالسلطة باسم الدين . ثم كيف يريدوننا أن نلتزم بنصوص بعينها ؟ وأن لا نلتزم بأخرى ؟؟ حتى لو سلمنا لهم بأن النص قبل العقل . إنهم يريدون أن يسوقوننا كقطيع خلف تصوراتهم فقط , وأن يوجهوننا إلى مصادرهم فقط في التاريخ التي تدعو إلى القتل والإرهاب . ألا بن لادن يتكلم باسم الإسلام ؟ ألا الكثير من المغاربة يحبونه ؟ إنه يتكلم برجوعه إلى نصوص بعينها وإلغاء اخرى . إنه يتكلم من داخل الإسلام السياسي وليس من داخل الإسلام .

أليست الحركات الإرهابية المغربية تسوق نصوصا وتعطينا مرجعيات وأدلة بالنص على جرائمها الوحشية ؟ إذن , أين الخلل ؟ هل الخلل في عدم تماسك النص أم في عدم استعمال العقل ؟ ألم تتأثر النصوص بالصراع السياسي ؟ ألم تكتب كتب ومقالات كثيرة تقدم أدلة تاريخية وعقلانية على الإختلال الذي وقع فيه النص في علاقته مع الإسلام السياسي . والقضية هنا معروفة لا تحتاج لتفصيل في الإتهامات المتبادلة حول النصوص الدينية بين الشيعة والسنة كمثال في إطار الصراع حول المناصب السياسية .

لا أريد ان ألقي الضوء هنا على ضرورة استخدام العقل , لأنه مجرى التاريخ الطبيعي . لا أريد محاججة البعض حول أسبقية العقل أو النص لأن الأمر سيحسمه تطور البشرية من الجهل نحو المعرفة . ولكن أردت فقط إظهار عداء الإسلام السياسي للعقل وأسباب مهاجمته رغم أن بعض مكوناته تتحدث بلا خجل أنها تستعمل العقل أكثر من الحداثيين ؟؟؟ العقل ليس قميصا , نستخدمه وقتما نريد وننزعه وقتما نريد . إنه بنية شمولية , ومنهج لرؤية العالم , ومقياس للأشياء . العقل لا نستعمله فقط في أمور محددة وعندما لا تعجبنا نتائجه ننتقده ونقول أنه قاصر . نحن لا نقول أن العقل فسر كل الأشياء في الحياة , ولكنه ساهم في بناء الكثير وكل يوم ثمة تفسيرات جديدة ومفاهيم جديدة باسم العقل . إن البشرية في مرحلة بناء مستمر باسم العقل , بل حتى الخرافات هي مرحلة جنينية للعقل . التفكير العقلاني يفرض علينا أن نتجرد من مشاعرنا وذواتنا للحكم على الأشياء , علينا أن نتجرد من قناعاتنا الإيديولوجية وأن نقبل أن كل أشكال التفكير الإنساني هي خاضعة لمنطق الصحيح والخطأ . كل شيء ممكن في التفكير العقلاني . لكن ما يفعله الدغمائيون من تلامذة الإسلام السياسي هم أنهم يتشدقون أحيانا بالعقل والتفكير العقلاني بشكل مضحك وبهلواني , ويتباهون أنهم يطلعون على علوم الغرب وثقافته بشكل ساذج . فهم يطالعون الغرب ويرون الثقافات من عين الإسلام السياسي وحدها لا غير . ويعتقدون بشكل مطلق أنهم صائبون وأفكارهم لا تقبل الخطأ أبدا وأن الآخر الكافر لا يفهم شيئا وضالا ويعاني ضياعا روحيا , بالإضافة أنه سيذهب إلى النار . لأن عبد السلام ياسين أو بن لادن أو بنكيران أو القرضاوي أو ابن تيمية أو قطب أو الملا عمر أو الكثير من المجانين المهووسين بنظرية الإسلام السياسي يصدرون لأتباعهم أنهم على صواب , وأن كل جريمة فهي جهاد باسم الله , وأن كل تعصب وإرهاب هو الطريق إلى الجنة , وكل من يقول عكس ذلك هو كافر وعدو لله . هذه الحتمية في تصوراتهم هي حاجز بديهي لإستخدام العقل .

إن الإسلام السياسي يحمي ذاته بمناعة تحارب العقل . لا يمكن لأحد ان يقول أنه يستخدم عقله بدون شك أصلا في المسلمات . هل يستطيع أحد من هؤلاء المجرمين أن يشك يوما في مسلماته ؟ أكيد , لا . لأنه ليس مسموحا له بذلك . وأن معلمهم المجنون طبعا يحذرهم كل يوم من الشيطان , ولو استعمل أحد المدافعين عن الإسلام السياسي عقله يوما , سيجد أن قدواتهم في المجتمع هم الشيطان حقا .

إذن فليكفوا عنا أفواههم وعن علاقاتهم الطيبة بالعقل . وليؤمنوا أنهم لا يستعملون العقل حتى لو حاولوا إثبات لأنفسهم العكس . إنهم يعيشون في مرحلة ما قبل العقل التي عاشها الأوربيون قبل قرون عديدة , ولعل إحراقهم لكتب ابن رشد وقتلهم وسجنهم لمئات المتكلمين والفلاسفة منذ الصراع الأول حول السلطة السياسية باسم الدين في سقيفة بني ساعدة , يوضح بجلاء ذلك .

إن الإسلام السياسي لا يفعل سوى تشويه الإسلام كدين إنساني لكافة البشر ويقضي عليه ويدمره . ولعل صورة المسلم اليوم في العالم دليل ناصع البياض على أياديهم البيضاء . طبعا سيقولون أن الإسلام مستهدف وأنهم مستهدفون لأنهم مسلمون وكأن المسيحيين والبوذيين واليهود والحداثيين ..و..و.. هم من ينفجر في الشوارع على الفقراء والمساكين .


أعداء الديموقراطية :

علاقة الإسلام السياسي بالعقل تشبه تماما علاقتهم بالديموقراطية . حيث تتراوح بين عدو مباشر للديموقراطية وبين من يمارس التقية ويختبئ تحت قميص يوسف . لنوضح الأمر للإسلامويين المبشرين بالإسلام السياسي . إن الديموقراطية ليست حكم الأغلبية وحكم الشعب نفسه بنفسه كما يعتقد البعض من المتخلفين والرجعيين والمثقفين على طريقة قراءة عناوين الكتب , فحكم الشعب نفسه بنفسه كتعريف جنيني للديموقراطية ظهر قبل ظهور الإسلام بخمسة قرون . إن ذلك التصور هو الجنين الذي نتجت عنه الديموقراطية المعاصرة بعد العديد من الثورات الفكرية والسياسية الذي مر به المفهوم . الديموقراطية فكر متكامل ومنظومة لا تقتصر فقط على صناديق الإقتراع . إنها تبدأ أولا من حقوق الأقليات واحترام الإنسان واحترام التعددية و..و..و.. فلا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن الديموقراطية بدون إيمان بتعددية فكرية وسياسية . فلا يمكن أن تنعت الحركات الإسلامية السياسية نفسها بالديموقراطية لأنها حققت أغلبية , وبالتالي تبرر شرعية القضاء على الآخرين وممارسة التطهير العرقي او الديني . فهذه سذاجة مطلقة , وهذا نفهمه أيضا لأنهم لا يستعملون العقل . وبالتالي سواء صرحوا بذلك أو لا , فإنهم لاديموقراطيون ويعرف الكثيرمنهم ذلك ويدافع عن مرجعياتهم بنظريات أكل عليها الدهر وشرب .

إذن . الإسلام السياسي لا يمكن أن يتواجد في خانة واحدة مع الديموقراطية لأنه بكل بساطة لا يؤمن بالتعددية ولا يحترم البديهيات الأولى لحقوق الإنسان . ولا يمكننا أن نقبل بجرائم تحت ذريعة أن الأغلبية من وافق على ذلك . فالمحرقة اليهودية مثلا التي إرتكبها هتلر ضد الشعب اليهودي لا يمكن لأحد أن يبررها بأنه نظام شرعي يفعل ما يريد ضد الأقليات لأنه منتخب شعبيا . وجبهة الإنقاد الجزائرية التي كانت تحضر للإنقلاب على الديموقراطية والدولة المدنية في الجزائر مثلا والتي تشبه حزب العدالة والتنمية في المغرب لا يمكن أن تقود انقلابا على الديموقراطية بشرعية الأغلبية , كما أنه على الديموقراطية أن لا تسمح بانهيارها لصالح الظلاميين والإقصائيين بمحاولة إشراكهم في العمل السياسي . إنها العبارة الأصح : لا ديموقراطية إلا مع الديموقراطيين . فلا يمكن أن تكون ديموقراطيا مع الإرهابيين . يدافع بعض الحداثيين عن أخلاق الديموقراطية التي تستوعب وتحاول قبول الإختلاف حتى النقيض . إن قبول الإسلام السياسي بالديموقراطية هو فقط خطوة إلى الأمام من أجل إقامة دولة توتاليتارية ديكتاتورية . كما أنه على السلطة السياسية في المغرب والتنظيمات الديموقراطية أن لا تسمح للإرهابيين الذين لا يؤمنون بالديموقراطية في المشاركة أساسا في العملية السياسية وأن يكون التعامل بحزم ولاهوادة مع الأمر وأن لا تحاول الدولة اللعب بالنار, وإلا سوف يجد المغرب ذاته في يوم ما أمام كارثة تفوق أزمة الجزائر والعراق مع الإرهابيين .


لا يمكننا أن نقبل بانقلاب الإسلام السياسي على الديموقراطية بشرعية صناديق الإقتراع . والمزايدات التي يطلقها الظلاميون هنا وهناك هي ليست ذات معنى . إذ لا يمكن للإسلام السياسي أن يأخد ما يعجبه من الديموقراطية ويرمي ما لا يريد . إما أن يتم القبول بالتعددية والإختلاف وحرية العقيدة وحرية الرأي وكل حقوق الإنسان دونما تقطيع أو يعلن عقيدته صراحة كما فعل الكثير من مكوناته .

يضحكني مشعوذو الديموقراطية لتبرير الإسلام السياسي . يصفون أحيانا الخلافة بأنها ديموقراطية وأنها نموذج الإسلام السياسي المنشود. فأولا , بعدما وقع الصراع حول السلطة السياسية بعد موت الرسول بين الانصار بزعامة سعد بن عبادة الذي كان ينشد الخلافة وبين المهاجرين التي سوف تستقر لأبي بكر . الصراع الذي كان سيفجر المواجهة الدموية باكرا قبل أن تتجدد بين علي وآل البيت من جهة وبين الصحابة وعائشة من جهة أخرى . فالتاريخ السياسي الرسمي السني لا يطالعنا بالحقيقة كاملة , بل يحاول طمسها . ولولا بعض ما تسرب لكنا لم نسمع بذلك قط من طرف الإسلام السياسي . فالحجاج والمواجهة التي دارت والتي انقسمت بين مهاجرين وأنصار , وليس بين من يمتلك مؤهلات سياسية أو حتى دينية . وها هو عمر بن الخطاب يرد بوضوح بعدما كادت الفتنة تشتعل وينفلت الموقف مجيبا على اقتراح الحباب بن المنذر بن الجموح "هيهات لا يجتمع سيفان في غمد، والله لا ترضى العرب أن تؤمّركم ونبيّها من غيركم، ولا تمتنع العرب أن تولّي أمرها من كانت النبوّة منهم، فمن ينازعنا سلطان محمّد ونحن أولياؤه وعشيرته." . وقد ساعد الصراع الجاهلي بين الاوس والخزرج في توطيد خلافة أبي بكرعلى حساب سعد بن عبادة . أنا لا أضيف أفكارا هنا من إبداعي ,أو أحاول تقديم أشياء جديدة بخصوص اجتماع السقيفة . فالموضوع كتبت فيه الكثير من الكتابات بالإمكان الوصول إلى المئات منها . فاختيار أبي بكر كان مفروضا من طرف المهاجرين على الأنصار , وكان في إطار ترتيب سياسي بين تحالف تمكن من الإنقضاض على السلطة بشكل تعسفي واستبدادي . إذ بالإمكان تشبيهه بانقلاب عسكري يفرض قوة الواقع اكثر منه شورى . فمن أين يأتي منظرو الإسلام السياسي بتفاهاتهم عن الإنتخاب الديموقراطي ؟؟ ومطالعة أولية لكتابات الشيعة – إنهم مسلمون ولا داعي لتكفير أمة كما يفعل البعض معي للهروب إلى الأمام – توضح اكثر وأسوأ من تلك المؤامرات السياسية للإنقضاض على السلطة التي ذكرتها كتب السنة وأورد صحيح البخاري البعض منها . بل أن حتى علي بن أبي طالب لم يبايع أبي بكر إلا بعد وفاة فاطمة بنت الرسول التي خاصمت أبي بكر لأنه منعها من أموال أبيها . فمن أين يتحدثون عن هذا التوافق؟؟؟ بل إن مقتل سعد بن عبادة في حادثة غامضة وإدعاء أن الجن قتلته , وتغييب ذكره كصحابي جليل كما ذكر الصحابة الآخرون يطرح أكثر من سؤال حول جذور هذا الإغتيال . بل أورد نهج البلاغة للمعتزلي أن أبي بكر وعد عمر بتسليمه السلطة بعد أيام قليلة , وهي الواقعة التي يستند عليها الكثيرون في توريط عمر بن الخطاب في الإغتيال السياسي المفاجئ لأبي بكر بعد سنتين وثلاتة أشهر فقط من الحكم , إذ قتل مسموما . لقد أوصى أبو بكر الخلافة لعمروفاء منه لوقوفه إلى جانبه في صراع السقيفة . فأول من عين مباشرة هو أبو بكر في حادثة لم يقم بها الرسول من قبل . فقد تم تجاوز علي بن أبي طالب وخيرة الصحابة في تقرير مصيرهم والشورى فيما بينهم . عمر بن الخطاب الذي سيموت مقتولا على يد أبي لؤلؤة , الأخير الذي تعتبره بعض فرق الإسلام السياسي بطلا سياسيا . وربما الكثير من الفرق الشيعية التي تحتفل إلى اليوم بأبي لؤلؤة لا تدعو مجالا للشك والمزايدة . فهؤلاء مسلمون أيضا . لم يتم تكفيرهم ؟ ألأنهم يمارسون أيضا الإسلام السياسي ولا ينخدعون لأكاذيب الإسلام السياسي الموجود في الضفة الأخرى ؟؟؟ ألأنهم يعرفون خبايا وكواليس الصراع حول السلطة السياسية باسم الدين ومتمرسين بها . هل الثورة الإيرانية التي يطبل لها الكثير من مناصري الإسلام السياسي في المغرب صباح مساء , وحزب الله اللبناني والشيعة عموما ليسوا مسلمين ؟؟؟؟

إنهم ببساطة لا يستخدمون العقل ويتناقضون مع ذواتهم . يحبون الخميني وعشرات زعماء الإسلام السياسي , في حين أنهم يغلقون مدارسهم ويكفرونهم ويهاجمونهم لأن الشيعة غير متفقين عموما معهم حول الخط السياسي الديني ويفضحون الكثير من الصحابة ممن غطى عليهم التاريخ السياسي السني . ثم يأتي تعيين عمر لعثمان . سيقول البعض , لا . إنها الشورى . هل يضحكون علينا أم على أنفسهم ؟ وكل كتب التاريخ تتحدث عن تعيين عمر لستة صحابة لإختيار واحد منهم . واحد منهم وليس خارجهم . أين هي الديموقراطية أو الشورى في ذلك ؟؟ بل الأدهى , أن من بين الستة الذين اختارهم أشار بشكل واضح في تحديد الخليفة حين قال أنه إن كان ثمة تعادل في الأصوات فليكن الإختيار للفرقة التي فيها عبد الرحمان بن عوف . لست هنا في باب المفاضلة , ولكن ألا يرى البعض أن مقام علي أكبر من مقام عبد الرحمان . فلم اختاره عمر بالضبط ليحدد الجهة الرابحة إن كان ثمة تعادل ؟؟ أرجو من منظري الإسلام السياسي أن يجدوا جوابا شافيا لذلك .

ولا أريد هنا أن أسرد واقعة خروج عبد الله بن عمر لأنه ابن صاحب سلطة سياسية لقتل ثلاتة أشخاص أبرياء بعد مقتل والده انتقاما له . فماذا فعل هؤلاء القتلى حتى يقتلهم ؟ ولماذا لم تتم محاسبته والقصاص ضده ؟ ولماذا خرج علينا عمرو بن العاص ليفتي برأي لا يقتل عبد الله , أي مقولة: أتركوه , إن الله سيتولاه ؟؟؟ عمرو بن العاص الذي يقال أنه قتله علي بن أبي طالب شخصيا بسيفه في معركته ضد معاوية . ألم يمارس نفس منطق ممارسة القضاء المغربي مع أبناء الزعماء المغاربة ومع المجرمين الذين هم فوق القانون لعلاقتهم بالقصر أو بالدوائر النافذة ؟؟؟؟
إذن فعثمان لم يتم التشاور في أمره , بل بتعيينه بطريقة لبقة . وحتى لو جزمنا في التشاور بحسن نية , هل التشاور ليس إلا بين ستة أشخاص عليهم اختيار واحد منهم ؟ أين جماعة المسلمين والتشاور بينهم ؟؟؟ أما علي ومعاوية فالأمر معروف دون توضيح . أي اللجوء إلى الحل العسكري لحسم الموقف . فعن أي وهم ديموقراطي كان في عصر الخلافة يتحدثون . بل , أي وهم تشاوري كان ؟

أية خلافة يريد الظلاميون سوقنا إليها ؟ ويكفي أن نعرف أن كل الخلفاء ماتوا مقتولين بسيوف المسلمين او غيرها .

ذلك واقعيا , حتى لا يخدعوا الشعب بخرافاتهم وهلوساتهم . أما نظريا , فالخلافة تكون مدى الحياة . وذلك أمر غير مقبول في النظام الديموقراطي , وهو ما يعرف بتداول السلطة . فاستبداد شخص بالسلطة من الطبيعي أن تؤول إلى الفساد .
إن آخر منطقة يمكن أن يتواجد فيها الإسلام السياسي هي العقل والديموقراطية .





#محمد_مقصيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الفضلاء اللاديمقراطيين
- الحالمون بنظام طالبان في المغرب
- المثليون الجنسيون والشواذ السياسيون في المغرب
- لماذا نرفض إمارة المؤمنين
- هزيمة الدونكيشوت الصهيوني وفضيحة السانشوبانسا
- ما بعد الداروينية
- تكريم الإسلامويين للمرأة بالجلد والإغتصاب وأشياء أخرى
- المرأة بين مطرقة الإسلام وسندان التاريخ- 2-
- المرأة بين مطرقة الإسلام وسندان التاريخ
- الإعلان المغربي لحقوق الإنسان والحكام
- في مديح الفقر:محمد السادس ملك الفقراء فضيحة أم فضيلة؟
- المغرب الكافكوي أو مستوطنة العقاب
- خرافة الإصلاح السياسي بالمغرب
- لماذا لا نستعمل الباب : ملاحظات حول الدستور المغربي الذي يكر ...
- حقوق الملك وواجباته
- الديموقراطيون المغاربة الجدد
- الحياة كمفهوم قدحي : نقد ذاتي


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد مقصيدي - أوهام الإسلام السياسي