أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابن جرير الرحماني - رواية وجبة من طحالب الكتابة الجزء الرابع















المزيد.....



رواية وجبة من طحالب الكتابة الجزء الرابع


ابن جرير الرحماني

الحوار المتمدن-العدد: 2553 - 2009 / 2 / 10 - 08:49
المحور: الادب والفن
    


الجزء الرابع :

وشاء القدر ذات ليلة من ليالي صيف، قد استوى القمر على الأفق بزوغه، كقلادة من مرمر على صدر السماء وضعته، يضيء سناه البيدر، وهما على سطحه متباعدين ملثمين بخمار رث من الحشمة، وكل منهما في جنان الأخر يسكن، فلا هي تستطيع إخراج ما في قلبها من أبيات قصيدة، عصي على اللسان نظمها، فإن اللسان منذ أن تفوه استهلالا فقد النطق بما يرغب، كذلك شأن الترب استعصى عليه البوح بما بالداخل كاتم،فتتساوى الحظوظ الذكر بكيل الأنثى من القسوة و الحرمان،جاهلان لما من أجله خلقا ينغمسان في وحل السلف غير عاقلين يمضيان و اللحد لقدومهما منتظر ، غير مدركين لما سيغرقان في ما فطر عليه من تقاليد عنهما تضمر الحياة، ويبقى الكل رهينا بالتراب ليس له منه نور، والذي ليس له لب غير قادر على أن يخلق له كونا، فيه يخلق ما يجعل منه كائنا، بذرة منها تنبت شجرة طيبة يجني منها ثمار انتفاضة .
من الشقاء تشققت على وجهه تجاعيد، وليس قادرا اليوم أو غدا أن يقاتل ما يلبسه والقرية من تراب، إن يده لا تمد إلا للفحشاء، فكلما ذهب إلى النوم، وهو متعب بما أعطى من جهد لأرض عجفاء، لا تدخر له من ترابها رزقا إلا بما يشد به رمقه، يسعى عليها في العيش باسطا كفه لها متسولا، فيقضي وقتا شاردا في الضياع، يداعب قضيبه، ليداهمه النوم فيتسلل خفية في دهاليز الليل، يفتح على حائط أثري كوة منها ينفذ إلى خيال موصد يفر من جثة طين، يغني المدن بجثث من مآثر، ومنها مدخنة تعتم حاضرا من القبح نال أوفر نصيب، وترمي الحقول بدخان لا ينزل مطرا إلا إذا أقام له البؤساء مناسك استسقاء في الشهور العجاف، فيها يعقل نفسه ولا يجد لها مسربا، منه يلجأ إلى رحم فيه يجد كل الخيرات التي منه سلبت، إنه الفقير و طعامه من ما يلقي السراب من جيف، على مائدة يقاتل من أجلها رغم أنها لا تستحق القتال، عقيم لا يستطيع إنجاب طيف، والكرى فسحة أنعمت على من لا روض له على مناكب النهار، من أزهاره يتشمم عبق عطري، ومن وجودي يتفجر نبع الجمال، نسائما وشذى يطهر ما أصاب من قرح قلبه، فلقد وضعوه في قعر لا مصعد له منها أبدا، حتى يلاقي لحدا في الشيخوخة له قد حفروا، إنه الأسير عندهم، والقرى والمدن منها أقاموا له سجونا، ولقد حاكوا له من الزمان حقبة، سعيهم في ذلك نشأة جيل على أبشع ما توقعوا له من صورة عليها يكون داخل سياج عهد، يرضيه ما يدري من رماد ظلمات في عيون الأرحام، إنه عن ذلك غافل، وغير مدرك في الشقاء من أين أتى إلى رحم قد وضعه على الأرض زبلا من التراب، ينتظر في جحيم النهار المسعر بنار مستوقدة من حجر، أن يستخرج رغيفه قد زرعوا له رميم بذرتها في محرقة لا ينطفئ لهبها، حتى يحضره الموت ومنه يخطف روحا تقتل تحت سوط المساجد، ثم تنقل على نعش الوارثة كي تدفن في مقبرة من سيأتي من الأحفاد، إن قرح الكي بارز على جبينه، منه تفيض أنهار القيح يغرق في سيولها ما من زقاق بالبؤس مكتظ، ليته يكون مثلي، يسكن إلى رحم فيه يتعلم كيف يتمرد على كل ما تخلق سلطة من المآثر، وتجعل منها معبدا فيه يقدس لها الضعفاء، وهي إليهم ناظرة بعين قاسية، لكرامة الإنسان تنهش، فدخلت إلى مالا يدخله إنسان، مهدا فيه من نهد الطبيعة أرضع أبهى صور الجمال، حتى إذا ارتوى خيالي مما أغدقت عليه، وبلغت عندها الموت، فإن فطامي عنها ليس الإنسان عليه قادر، ولما ألج حارة اللهو أعبث في حارة وجودي، أنظم قصيدة من همس زبد البحر، ومما تحمل الرياح من عبق أنفاسي، عطر لا يضاهي رحيقه أريج أي زهرة في مزهرية الأرض لها نبي قد زرع، قصيدة تحوي ما في الكون من أرواح، داخل زنزانة الطين ليس لديها لسان ولا رمز به تشكي عما أصاب خواطرها من قرح، فلما أخلع عن الإنسان تميمة العقائد القديمة، يكون مني للأرض شفاء، فمنذ كنت في المهد جنينا، يرثل الرعد بلساني تلاوة أمام نبي فطر على إعدام جنيني في ثكنة النهار، لأني أعشق أن أحيا أبديا في مدن بلا صوامع أثرية، وعند كل إصباح من ولادتي، أصنع له مني جنينا لا يهاب الموت أمام الإنسان .
فلما حل بجنح ليل، والليل يرفو من إصباح، يكشرعما ببواطنه من ظلم مزمن، في مرقده يتخبط تقلبا، وكأن مسا بنفسه تربص، إنه لم يهدأ له بال ولن يهدأ أبدا، حتى أتى يده لمرات عدة، حتى صارمنه المصباح قصيا، وما تدفق من ماء قذر، خال أنه ذنب، وفي الآخرة يكون منه قد أنجب من نفسه ولدا شقيا، يكون على ما فعل شهيدا، وعلى ما يجرى به من عقاب عدل قسيا، ثم دلف تائها في خيال بسطت منه البيداء أطرافها وسرابها، على ناقة ضامر، وزاده في جراب من فرو ثدي قد تسننت به الألبان، يجوب ضالا أمكنة عليه الدخول إليها محظورا، وقد أظناه عبء البحث عن ملامح أنثى منها يعيد إليهم بضاعة ترضي يوم اقتراع نخاسا، يوم الإبتياع في سوق النخاسة تتقاتل الأحزاب، إنها لم تترك له في الدنيا من زينة إلا وصادرتها منه غصبا، وتركوه على قارعة الأزقة جثة عفنة يعيف أكلها البعوض و لو من شدة الجوع يحتضر، يزعم أن ما يغرفه من دمع، من أنهار نبعها بكاء قد صار كالسراب لايسقي الأرض إلا قحطا، إن البكاء في خلوة الصمت يشفي ما أصاب النفس من قرح، في غرفة الحياة سلبوا منه فراشا من نسوة لم يتذوق بعد من ثمارهن طعما، لقد غلوا بغشاوة حالكة قلبه، وبه زجوا في سبات حوائطه من أشباح، تبدوا له بارزة كلما أطبق جفنيه المثقلين بأرق مرتدي إملاقا أبديا، أشباح فظة، وفظيعة في نهشها لحظة الإنقضاض على ما من جنين يحاول خلقه في ما هو فيه من كبت مزمن، فطر عليه ومنذ أن كان في التراب رغيفا، ومطرا من زقوم، تلبدا وتآلفا في غيمة حتى صار كسوة للروح في جسد منه الإنسان ظهر.
إنه منذ المهد لم يجد نكاحا، ولم يتركوا له في السجن ما ينكحه، وما ترغب إليه النفس من بغاء، لقد علقوه بأصفاد من تمائم يحمل عقاب طلاسيما في غفلته عبء تقيل، فقد خرج كافرا خارج ما وصفوه فيه من بؤس، وما قيدوه به من أغلال عدل تصليه عقابا إن هو أراد أن يمارس شهوات الحياة، بعين ضريرة، نزل إلى قعر السبات الحالك، والقلب قد شرب منه نخاس ظمي، وتركه للحياة ناضبا عن النبض قد انثنى، وكلما
أراد المرء إن يتلمس جمال الكون، فعليه أن ينفذ بما استطاع جمعه مما أوتي من بذرة طيف بها ينجب من نفسه جمالا، يضيف لوحته إلى ما قد علقت على جدار الطبيعة من سحر لوحاتها الأخاذ، عندها ترى نفسك في قلب النساء صبيا، يمنحك البراءة من كل ذنب في جنة اللعب واللهو اقترفته سهوا.
إن لم تستطع أن تضيف شيئا من جمالك إلى الكون، فإن وجودك بغرفته باطلا، إني لا أبدي أي جهد في الحصول على أفكار، ولكن ما أعاني منه هو أنني موجود بعالم غير ذلك الذي تتكون فيه الأفكار، منه إلي يوحى أن أنقلب على ما أهداه الأنبياء من صلاة للإنسان .
كسر الأصفاد، ثم هوى نحو قصر الصبا، كورقة ميتة سقطت من كرمة بها الريح من شواظ الخريف تعبث، ولقد اشتعل الجسد بما زرعت فيه الشقاوة من بذور كبث أكياسا، وعلى الفتوة خلقت حرثا، والمصدعة صدئة، وما شققت من تجاعيد عليه،من أغوارها كست الوجه شيبا كثيفا، وفي بطن لحد و ضعته عجوزا في النسيان منسيا،حتى إذا بلغته المنية تولت فرارا، وقالت هلوعا إنه ليس إنسانا مألوفا، إنها تأبى أن تقربه وما كان عليها هينا أصبح عصيا، فتركته آية، كما تركوا له مآثرهم العتيقة في بطنها تدس رمام الأجساد، إن الضعفاء، وهم كافة من ذرية الفقر لا يستطيعون في التاريخ تنقيبا، عقولهم مغلولة بقفل من جهل، فيه يمكثون ركودا، كي لا يصنعون في الطين ضجيجا، به يزعجون إلاها زعم أنه من سلالة السماء خليفة، في الأرض يرفل على رزق هو من عند الله قد سخره للناس قوتا،إنه في الرقاد لم يكن ظالما لنفسه، ولكن ما أصابوه به من ظلم، جعله يبيح لنفسه قبحا مضمورا، لفافه من سبات فيه يحيا حلما، ولا يخشى عدلا لا يفقه إلا في تنزيل فريضة يكون عقابها جورا، فرحل إلى قفر وحيش، وكان بالأمس به يتيما في الأرض يرضع زقوما، خربة من الصبا كان له بها مأوى، وأعياد تأخذ مواقيت الصلاة من عمره درعا، ولا يجوز له في إصلاحيتها كفارة ولا جزية، ممنوع عليه بسط نظرة من كوة إلى شمس نسجت سناء ونورا، في عتمة ما أعدوا له من قعور، ضياؤها مني ساطع، فإني أحذركم نفسي، فمن حاول أن يصيب أطفالي بأذى أو هؤلاء الذين مني على قرطاسي، فإن مدادي زقوم أصب منه أكوابا ملأى في بلعوم طغاة من أحزاب، إني لا أستبشر منهم للغد خيرا .
حلق يؤوسا حول ما ترك في المهد من قمامة الصبا، والقلب من الهوى مبتور، فلم يلمس من زوجة قبلة ولا لمسا، فقط لما بلغ الفحولة يلاطمهن خفية بنظرة تؤدي الجنان ألما مريرا، بما يضمر فيه من خواطر، فيه تحبس ولا تجد لها مسربا منه إلى الحياة تتفجر، إنه في الوجود يلاقي صوما أبديا لما النفس فيه تعشق، تكاد الرموش أن تنفض في جفونها، والعين تؤرقها رؤى منها الجمال يفتقد، فتصير كليل إن هو افتقد طيفه القمر، فتغوص النفوس الشحب في وصل النعاس، ولا تجادل جلادا وشم على جبينها قهرا، وقسوة في محرقة الدنيا لا تدر من جسده العاجف رميما، فحتى الأرض الزغب اللحود لم يتركوا لها من جيفة لحمه وعظمه ما تنهش،فغالبه النعاس ففاز بموت يحل على النفس ما كان عليها محرما، وما كان منها قصيا وعصيا، واسقط عنها عين المخزن التي كانت عليها رقيبا، إن هي تزوغ عما صنعوا لها من خم فيه تركد إصباحا وآصالا، فركع لما يعتريه من قصور، وما بصدره من شع مكبوتات على ضلوع متكلسات عالق، ودب في مخيلته يصطاد طليقا نقص ما لمح بصره من عورات نسوة ولو كن من محارم، في مضجع زنزانته بت ما يغريه فيهن من فاكهة الأنوثة، صورا منها يأكل لذائذ، وجبة شهية منها كان ممنوعا، وما أبهم عليه من صور تزيده تأججا لشهواته، فيستحضر بريقها انتشالا، ثم ينقض عليها نكاحا، ولما يقضي منها ما كان ينقصه، ينصرف عنها مشبع الرغبة مرحا،ولا يعتبر ذلك عيبا، ولا يحسب ما استمتع به ذنبا ولا جرما،ولا يزج به في حانات المحاكم حيث القانون يفتي فيه عقابا .
لقد أوتيت الصدى غرفة، استبق الرحيل من أمكنتي، تاركا الجسد شاردا، يذرف دمعا أحول هديره صهيلا، وأشتري لوجودي زنزانة، إن لم أستطع ابتياعها، أكتري ركنا من البقاء فيه أقيم طقوس ردتي وكفري، ثم أبسط على روحي لحافا من لذة الكرى، أبحث في روضة عن مكان أتآلف فيه مع الموت، أسكب دمعا منه اليم حوى ملحه، صخرا ترسب على شواطئه، بذور عبرات من حولي تنبت أقحوانا وقرنفلا، من عبق رحيقه أبدع جمال امرأة عارية من تقاليد النساء، زنجية تبيت في أحلامي وتأخذني في عيونها بحرا من شرفته تغازلني شمسا، تلامسني بوجنة كتلك التي لا مسني بها القمر عند بزوغه في ليلة ظلماء، فأنشر من لونها الخافت غروبا يسر قلبا عفيفا، لوحة كنت لها البديع، تشير لي بطرف الوقت، وجفن الغسق ملئ بدمع الوداع،ناظرة أن أكون في أحشائها وميضا، إذا أبسطت لها الإصباح فراشا، فتسخر لي موج البحر أدراجا، أنقل عليها هدايا أنفقت في شرائها ما ملكت في وجودي، لما كنت جنينا اشتغل في الرحم كماسح أحذية، منه طردت تعسفا، فهيأت لي الطبيعة مما حاكت من أسمال الفقراء هودجا، فنصبت الغروب خيمة، وعلى صخرة قاعدة ترسبت من رميمي، أعقد أشلاء طفولتي المبعثرة في التراب، بخيط رث من كفن مهترئ لملمته، ثم غادرت المكان الذي فيه ولدت، وولجت مكانا منه تفر الناس، ومنه اتخذت لموتي مستقرا، تم أنظف روحي من وسخ الطين وعلى جدار صخرة أرسم بلوني شيخوختي كما أشاء لها، مرة على قارعة الرصيف تحتسي من جمجمة المهد كآبتي وأحزاني، وأخرى في قعر حذاء لقيط منكمشة تغزل لي من النقع قماشا، اتخذه كسوة لعيد ألاقي فيه بإملاقي الجنانيون وهم في الصلاة بي يستهزؤون، وما صورت في رحم الصخرة من شيخوخة، فيكون بيننا الموت فاصل في الوغى، يتذكرني خارج الزمان ذلك العجوز، لما كنت صبيا في حارتي ألتقط حبيبات برد من فرو غيمة ألقت بها السماء، لتكون لي جدول دمع من مقلي يتصبب مدرارا، إنهم جبناء لا يستطيعون اغتيال ما بنيت من الجبال، فإذا ألحقت بهم مكروها تنصل بعضهم من بعض، فتراهم في الجنة أشتاتا فرارا، فيتذكرني ذلك العجوز حين هر اللحد من نعشي، عندما ركبت توبقال جوادا نافرا يحاورني بوقع حوافره على الحصى، أدق بصهيله طبلا في الصدى، وموعدي فاس منها أنتزع ما سلبت من تراث الزنوج، وما أخذت سطوا من متاجر الإنسان، وما نهب فقهاؤها من مناجم القبائل، وما زيفوا من حقائق على قرطاسهم، إنهم في القرويين ليسوا سوى دجاج رابط في خمه، يخيفه الليل إذا أطل بهيمه .
فيا خليلي عندما تعشق في موتك موتي، أتخذ من كفي نعشا عليه أحمل جثثك المنكوبة، في حانتي، تمنحك رحمها يركض فيه خيالك طليقا من غير لجم، حتى تصنع من جمالها ما يصرف عنك ما تولد فيك من إيمان العبودية، وراودك على خيانة ما أنت عليه من كفر مسكوت عنه .
سكن البيدر، ولاطمت حواشيه عتمة الليل، في سمائه استوقدت شموعا من النجوم اللامعة الومض، ومن حوله لا تسمع لغو سيارة، ولا سامرا يناجي في معبده إلاها قد أنزل على قلبه شقاوة خفضت به حضيض مذلة، واليافعين كأنهما من جلمود ، لا يخال ناظر إليهما أن الحياة دسيسة في بواطنهما ستتفجر، فاخترق النفوس وما يغشى البيدر من صمت، صوت مناد ينادي نداء مبحوحا، من تخوم القرية مصدره، ولا آبه لعشائه إلا قلوبا خافضة قد أثقل عدلها إملاق، وما من إقطاع للحقول يصادر في حضن عدل للضعفاء يبيد إعداما، فلبي على الفور دعوة المنادي كهل ومعه قرين عجوز قد نهك التعب جسده السقيم، وصاحبه شاحب نحيف، صابر طوال الحول على طعام غث من سنبلة يستخرج ما يشد به الرمق، فسعى العجوز معكوف الظهر يمشي على ثلاثة أرجل، إلى كومة قش من تحتها يخرج جرة ماء، فاغتسل بما فيها من سراب، وما كان ليغتسل لولا خوفه من بطلان ما سيقدم من مناسك قربانا يرضي بها نفسا مقهورة، ثم تبعه في ذلك صاحبه، فالماء غير مطهر لما علق على الوجه من أوحال ، إلا إذا سالت الدماء من جسد رصيف له حذائي أعير، فانصرفا من البيدر يقصدان البيت لجوءا، وفي الإسراء ليس لهما من طريق إلى المحج، والمقصد إلى ما يسعيان إليه مجهول، وما هو إلا حلما في الكرى غير مرجو .
دخلا البيت راكعين وهم حفاة ، والقلب يتخشع من الفقيه، نبضه يسمعه الأقصى وإن يكن أصم، بصوت خفيض همهما بالتحية، وتسابقا مرهوبين من يكون الفائز بالقبلة على هامة الرجل؟ فعصفت على عتبته بهما رجة، كاد أن ينقض أحدهما من الرجة حضيضا، و هو منهما يبدو غير عابئ، على فرو يجلس، ولا يكف عن المسح على اللحية، بكف تحمل طهارتها سبحة، من بين الأنامل تتدلى ارتجافا ، و على تقاليد لباسه محافظ ، منه عطر الرند ينبعث فوحا، وعين جاحظة تطارد في إسرائها نسوة من القرية قد أعجبه فيهن الخصر، فتدحرجا حبوا إلى أقصى ركن داخل البيت، وفيه تلبدا منكمشين لا يسمع لهما زفيرا، ولما قضى النفع الذي أتيا من أجله، انصرفا غير مطرودين ليخليا له الفضاء الذي يشتغل فيه كاسبا رزقا ، يفتح لهم باب جنة ومن خيراتها يريهم وهما، وهم إليه يرغبون، إذا جاءه أحد من الفقراء، وهم يحجون إليه كافة، وأنفسهم بالضر مثقلة، يدعي شفاء المرضى، ولو كان المرض مزمنا ، ومن النساء اللائي يخادلن أزواجهن، ومن مس الشياطين متوهمات، فنصيب الفقيه منهن الأوفر، وإذا أعجبته إحداهن وسال على أنوثتها لعابه، فرض عليها الخلوة فريضة، إلى حين أن يستسلم المارد ويغادر منها إكراها، فترة منه يقرر أوانها، يحل متى يشاء في مواقيت رحمها محل الشيطان، ويداوم إيتاءها في بيتها أياما، حتى يتخم من لذائذها، والنفس تغادر منها راضية، يأتين إليه أصنافا وما أكثرهن، ومن الذين هم إليه يتضرعون، مظلوم ضعيف ضاع منه الحق في سرايا المحاكم، أن يصك له تميمته تصيب بأذى ذلك الذي غلبه بحصانة من جاهه، أوزاني يجيئه أعمى، ومن المال ما يصرف جما، يطالب منه إخضاع محصنة قد أغراه ما ظهر له من زينتها، يسطر له من الطلاسم ما يجعل جلبها إليه عاجلا، بغية راضية به، ملبية أطماع نزواته في مضجعه الخبيث .
فكت الشمس عن طلوعها أغلالا من ليل كانت طوقا على النهار، فشع النور منها وعم الضياء مني، إني لست طارحا ما ليس لي به علم، حيث يخرج الفقراء والعتمة للقرية غطاء، يكسبون قوتا، والجبين منه يتصبب العرق صبيبا من قسوة مهلكة، أما الذي هو بالمسجد يحتضن، من كف صبي قد قرحته المعاول يأكل طعاما، طفلا قد اشترى ذمته من أرملة، نخاسة بضاعة أسواقها غلمانا يتامى، ومن المحتاجين الضعفاء، على قارعتها ثمن بيع فلذات الأكباد زهيد، إن في ذلك للطفولة حقارة وتبخيسا، إن النخاسين هم السفهاء، وأهل القرى في الجهل رواقد، وعن خطيئتهم غفل، أتحسب الأحزاب المتكالبة في تآلفها على ما تغشي من ضر يسقم الأرض، ويميت في البؤس العباد، إن من خمودها لا يصيبهم رزج، فإنا علينا أن نبدل صورة ما سننجب من أجيال، ومنهم نخرج الألباب، تفك رقاب الأقنان والعبيد من أغلال طغاة، من الحياة صيروا محرقة بؤس فيها ألقوا بأمة، وجميع من ينتمي إلى عقيدة الإنسان عقيدة بها كفروا، وعلى أجنتها شنوا حربا ضروسا .
من عند الله جئت إليكم نعيا، أنعي الذي من بطشه أنتم مرهبون، فما من كفر أجيء به مبشرا، في الزقاق أجهر به وإني لست له من الكاتمين، ولست كهؤلاء الجبناء ألهث مذعورا، وللغالب الفاجر أكون لحافا، فمنذ كنت جنينا لساني لم يكن يوما مخروسا، إني استبق جهر الصدى بما تخشون نطقه، وأنفسكم في خمها راجفات، خوفا من أن يلمسها عقاب جلاد اشد قسوة قلبه من الحجر، إني أريدكم أن تكونوا حمالين على الألواح روحي، وأن لا تسقوا المحل الذي ألقيت به جثثي دمعا، وأن لا تكونوا في صحفي عرضة للشتات، فيأخذوكم مني، كما تأخذ الريح من الأرض نقعا، وتدر بقاء الأزقة على خرابها قائمة، حلقوا من حولي جميعا، ولا تفرقوا، حتى تبلغكم مني صرخة يداوم ارتدادها الصدى زئيرا، وأقيم لكم من يومي يوما، أنزع فيه من الجانين أسماءكم التي سلبت، وأجيئكم عبر الإصباح بالذي قتل فيكم العقل، وأنتم تنظرون، وقد عقل العاديات فيكم بما شرع من إرث أسلافه دينا، وأنتم من شرفات أعددتها لكم من صخرة، إليه ناظرون، وفي حارة الجحيم لن أتركه أمامكم مستورا، أنزع ثوبه كاشفا عن سوءته للملأ، فنتضاحك حتى يسمع من بالقبور تضاحك الصدى به هزؤا،
فلقد غطت أوحاله وجه قرية، وصارت أدمتها كبيداء عليها يهب سراب لافح الريح، تستوقد حريقا ناره تأتي على هشيم طفولة، تتصبب من أرحام يعجبها التكاثر في الجهل، ولا تعقل بالعقم شهوة الازدياد، وما تجني على ولد مسقطه بلاد، لن تعطيه مما تخرج الأرض من معادنها حقه، وهم عوام على الحضيض اكتظاظا، يتسولون أمام مخافر الجلادين موتا، والموت يأبى أن يمدهم لحدا، يسكنه شقي شاحب مصفر، ولقد أكل من الجوع ما تبقى فيه من طين، حتى ظهرت عظام صدره بارزة، عليها كساء من جلد مغضن، قد اهترى من حريق الأقراح.
لملمت من أشلائه شيخوختي في الأزقة القديمة، ومن خيالات الفقراء أية كفر بها أرضى أن أكون رسولا، فهذه الأرض مني خلقت، وجلدي الأديم لها كساء، ولن أغادر منها حتى أبلغ الإنسان أغواره، وأجود عليه بما ينقصه من واردات الجمال من ميراثه، وأترك لما تغادر مني الروح، صبابتي تجاعيد على وجه من من الإنسان عن تراثي تولى .
إنه كذب بوجودي وكان به جحودا، وتولى ضريرا لما سمع زئيري في الصدى مجادلا، فمن شيم النسور، لا تبني مساكنها إلا على قمم الجبال الشاهقات، ولا ترضى أبدا أن يكون لها الحضيض مستقرا، كي يبدو لك الكون جميلا، تمرد على عاديات مألوفة في الوجود، ولا تفارق حضن عجوز، يوشك الوقت فيها غسقا تغزل على رحى الموت أعشاب جسدك، وتحشو بها البحر طحالب، ولما يصير ظلي سخاما، ومنه ملامحي تتساقط كأوراق كرمة تين عندما ينفخ فيها الخريف من مداخنه صواعق، أعود من غير ترابي، أحتسي من نهد البحر جماله، ثم أنساب فيه صفاء زرقة، وعلى صخرة من كآبتي أنثر ملحه زبدا، وأسكب ما تبقى في أكوابي نبيذا على الموتى، وأنزع منهم ما كانت الروح من طين له ترتدي، إن الذي يطعمها لا يقدم لها طعاما إلا من المطر، على مائدة الأرض لها يقدم عشاء غثا، إني باصر البحر لما كان دمعة في مقلة رضيع يطالب بالعويل قوتا، فحفرت لدمعه على صخرة من كلس، مجاري منها هدير خريرها بالصدى يسمع .
ذات يوم قالت لي ناجبتي: إنك مني خلقت حقيقة، وفي الوغى بك ألقيت لتقاتل ذلك الرجل الذي اغتصب بكارتي، ومني أخذك طيفا، وفي ضيعته شغلك قنا تفرغ أفران الجحيم من رميم الأجداد .
وقلت لها لما كنت في الرحم صغيرا، لقد رمى بي الزمان في حارة بؤس، وعني تخلى الموت، وكل من كان بداري أطعم جوعه وعلى جوعي أبقي، ولا أنيس يعمر حضني، وينهاني أن أتخذ من الموت رحيلا، قابع في ركن نفسي أتأمل ما تكثم الإناث في كمدهن من أسرار هذا الكون، فانبسطت الأرض أمام عيوني، ورداؤها جلباب عقائد قد اهترأ على حبل غسيل الإنسان، ففتحت كوة في جداره عسى أن أجد مخرجا إلى النور، فلم أبصر سوى نقع الظلام جاثما على مقبرة تلتحف أكفانا قماشها من تقاليد بالية، فأي صرخة يدوي بها الرعد من لفائف الغيوم، تتكسر على ظهر الصدى وتتناثر كزبد عباب البحر تحت أقدام تاريخ ينتعل في يده سوطا من طين، يطعم الحواصل الجائعة مطرا قذرا، تنغمس في أوحاله الأجنة، فإن عقرب زمان القوت من الغيث قد تكسر واندثر، وعهد مآثر الطين قد ولى واندحر، فمن الأفضل أن تحيى عظيما بأفكار تجلب إليك الموت، خير من أن تسعى شقيا تسرف وقتا زائفا في البحث عن رغيف حقير ، يلهو به الجوع إبان مواقيت الصلاة، إني أخشى أن ينضب الفقر من جرابي، ويهلك نجلي على عتبة قبري، قبل أن يمضي على قارعة زقاقي شاهرا ردته من مئذنتي، فلقد انصرفت من حارة هذا الكون مبكرا، ولكني سوف الجأ إليه مرات من رحم امرأة عاقر، ويكون قدومي واضحا كالبدر، أعتقل في جحيمي ساسة متخمين بعلف الجنة، وأنتزع منهم كرامة الأوباش، ومن الصوامع والكنائس حرية الإنسان، وأرفع عنه ما يثقل رموشه من أدوات الإضطهاد، وأسكب دمعا كلون الغسق حين بفيض رقراقا على سواحل المساء، فإن هذا الوجه الذي يكسو الوجود، إنه وجهي قلادة من مرمر تتوسط عقدا على صدر هذا الكون، فإن أدمته ناصعة لا تقوى على خدشها أديان ، فالوصل إلى الكارثة قريب، لا يفصلنا عنه سوى خمار من الإنتظار، وتصبح الأرض جحيما، يفر منها الإنسان هلوعا، وأينما رحل وحل وحاول بناء قدر من الاستقرار، أفرغ ما يحمل في نفسه من فجور وجور،كي يدمر من جديد هذا الكون الجميل، فإن الحياة ليست سوى زنزانة يفقد الإنسان فيها صوابه، إلا من استنشق أريج الموت وحمل معه روحه في حقيبة من تراب، وترك لهذا الكون جماله يلدني جمالا من عند الله، والجميل في الرحيل إسقاط الزمان من ساعة اللحد، ولا سلطة ترغمني أن أحمل معي ذكريات هذا الوجود، فلقد أمضيت وقتا لم يكن مضيعة من حضوري، في بناء شمعدان من رحيق زهرة القرنفل، عند الشفق أضع عليه شمعة من شمس لا يقوى الظلام أن يذهب بنورها، فالكون من الجمال خلق، وكل ما يخلق فيه فإن علقته من لذة جمالي قد أزلفت، لذا لن أصبر صامتا في القعر على لسان أخرس، سأنقد عقدة لجامه، ليقول قولا تقتات منه عقول أمة من السبات صنعوا لها وكرا، وتقاليد الأعياد قد كست حاضرها بهيما، فطروها على ديانة وهي في أبشع صورة تكتظ على عتبات معابدهم تتسول قوتا، لا يجودون بنفقة ولو من فائض ما يلقون به من قمامة في مزابلهم، لقد أقعدوا الأزقة خرساء ولا متكلم من الصدى يصرخ، وكأن من بالأرض في غور لحد قد توارى، فإن أفران الأزقة موقدة والأجنة لها لناري حطب، إن نحن بالوغى حضور، جبناء تراهم يفرون من صرخة رضيع إن هي تفرقع كالرعد في الصدى، فتبصرهم وكأنهم أوراق كرمة بالتساقط تتهاوى حين يضرب بها الخريف هلاكا.
على مائدة الإملاق، نسجت من نبرات استهلالي إصباحا للوجود بداخلي، أضيء أدمة بنجم من صنيعي، فتتفجر الأنهر من أنامل الجبال، وأرسم من معينها على لوحة أطرافها اللامتناهية حزن أفكاري، وعلى جدار البدر أعلق نسخة منها، لا يسكتها عن الصراخ جلاد حتى يقوم الغضب من حناجر جيل لم يخلق من الطين كالمآثر، ومن فصل لآخر أغير أمكنتي من رحم إلى آخر كي أنمو خارج جسد الإنسان، ومن غرفة تكاد أن تنقض جدرانها والغروب يتربص لأخذ حجرها منه يرمم ما اهترأ من حيطانها، ألد من حجرها تمثال صبية بلا مهد، على قارعة كفي تلملم بقايا أشلائها، وفي حارة خيالي تبعثر انتظاري، منتظرة أن أنسج لها من جمال الطبيعة فستان أنوثتها تحت شرفة المطر، فتسقط دمعة مزمنة من مقلة زهرة، فانقضت عليها الأرض لاعقة ملوحتها من شدة ما أصابها من ظمأ، فإني أحتسي منها رميم رشفة، لأخرج منها طعاما لجائع لم يتذوق من قبل إنسان طعم لذائذه ، فتراه في باحتي مستلقيا من كثرة ما إلتهم من طعام، حتى يخال أن الجنة لا تستحق القتال من أجلها، والأرض محل افتراس، الأقوياء يفترسون الضعفاء، كما تفترسني شهوات امرأة وهي تستلقي على منكب حلمي عارية، والكرى أتربته أصناف مختلفة من ألوان الزهور، والليل يرخي عسعسته على مزارعي، فأهرع من مرقدي رافضا ما أوحى به الكرى، فأوقد مصباح البدر، وأسعى راكضا في طريق لم يسبق أن عرج منها إنسان، أنقب في خلاء الوقت عن مكان أقيم عليه واحة، أحرث بها ما حملت في بردعتي من بذور طعام وأريج أزهار وولدانا أبسط لهم خيالي ساحة لهو ولعب، وعلى مائدة إملاقي أقدم لهم وجبة فطور من أفكاري، التي امتزجت بطهارتي في محراب الولادة، منها تدفقت السواقي بجمال الروح، يسقى ما زرعت من بذوري على شرفة حلم جنين في رحم منه دخلت أبوابها لما كنت يافعا، أرفع عنك الأكمام التي تحجب عني عورتها في الصلاة، وأنطق ما ترك غاصب برحمها من ماء قذر، كقيح القرح تنقبض لرأيته الجفون، فكلما نثرت بنظراتي على مرقدها، أهوي من الإصباح وكأني طيف تاه عن حلم نائم، بنقل قطوفه على لوحة قماشها رث من الثرى، فتنتشر من حول مئذنتي تريا من الورود، تحمل أكاليلها لون بشرتي الأبلج، والليل بستان حدائقه من نسوة، فما أعظم جنة النساء...بها كل ما تشتهي الأنفس من الفواكه الطيبات، في مضاجعهن حسبت نفسي كائنا من الخيال يجني فاكهة لم يتذوق لذائذها من قبل مخلوق في الأساطير، فمنهن أعيد الفخار لصاحبه، وأنادي ناصية الفجر، وعلى أريكة من سعف النخيل، أنظم عقد إملاقي من دمع كالمطر ينهمر من غمامة بمقلتي تلبدت، قلادة أتوج بها صدر متمرد لجأ إلى خيالي طاهرا، ثم أسمق إلى شرفة البحر، وأنادي بلهجة الصواعق والصدى لسانه لساني، وهدير العباب من حنجرتي تفجر هيجانه، منارتي صخرة اشتكى اليم من صلابتها، وأنادي...، ثم أنادي حتى ينطق الأخرس بردتي، ومعه يحملها في جراب الزمان غيمة تظلل هامته، وتسقي حرثه، وتجعله في غنى عن صلوات الفقيه عندما يأتيه من نصب نفسه على القرية رقيب، يقرؤه ما أوتي من ألواح سطروها له تسطير، وعليه تبليغها بلسان التقوى الذي عهده سبقا حاسما على رقاب المستضعفين فخرج من التيمم طهورا، ولباسه من زينة ما أبهاها، فصر القرية في صرة ثوبها من كفن ولقد أحكم عقدتها إحكاما، ومن البائسين اصطاد نفرا يكون لرحلته ميسورا، ولقد أعد لهم من الصلاة الوسطى نداء منظوما، وإلى حارة الريف خرج صحبة صبية وغلمان يتأبطون ألواحا، والتمائم حول أعناقهم بحبال من صوف مبروم مشدودة، وأصوات صراخهم مرفوعة، يتلون ما حشا في صدورهم من كلام على الألواح كان مكتوبا، يطوفون على الأبواب سعاة، و مقلهم بالخجل ملبدة، بصرهم يرفع إلى غيمة تمر فرارا، وقلوبهم تستعطفها مزنا، فتجود عليهم بزخات مالحة، وعجزة لا يستطيعون مشيا، من خلفه تعلو راية وسط حشدهم، ثوبها الرث الوسخ كلما نفخت فيه الريح، بصمت عليه شروخا، إلتف من حوله العوام وازدادت أعدادهم وفرة، وكلما قرعوا بالصراخ بابا، خرجت إليهم صاحبته عن أنوثتها كاشفة، تعطي مما تدخر في بيتها من فقر صدقة، وعندما يغطي بنظرة منه جسدها، يدلي بيده ليفرك قضيبه، ثم يمسح بكفه على اللحية، وبنظرة سفيهة يفقع عينها، فتندحر من قبحه وتطبق جفنيها محتشمة قاذفة إياه بلعنة مكتومة، وإذا مر بدار وكانت أنثاها ممن أصابها الخبيث في فراشه، تبسم فاركا عيونه، وكأنه يعيد المشهد ليكون عليه شهيدا، يرخي النفس وكأن همسها يقول: ما أروع حظ امرئ عندما تنضج التينة وتتزبب على عروش كرمتها، وفي حضن فحل تسقط متهاوية، فيقلبها في مضجعه كما يشاء، إنه فظيع في الإفتراس، ينهش أنوثتها كما يحلو له، ويبقى من حصادهن إلا القليل، والفراش للمزيد منهن متسع، له تنبطح النسوة راغبات، وهن في الجهالة ينعمن، وإذا أعجبته إحداهن وكان بها ولوعا، عندما تأتي إليه حاملة ضرا، يكون دخولها إلى قفصه أمرا يسيرا، ويقول لها إن لك في ذلك نفعا كبيرا، وتستسلم لطقوس الوجبة، فتكشف له عن فرجها راضية، عليه يسطر طلاسيما، ويرسب في عقلها اعتقادا تخال أنه صوابا، وإن محبة الغير ستجلب لها لا محال، وأن البعل سيكون لها مطيعا، راكعا بعدما كان لحياتها قاسيا نكورا.
وبنظرة شرسة قاسية يضرب بها على عيون الصبية، فترتجف قلوبهم من بطشه، وتعلوا حناجرهم بتلاوة:
طالب، طالب يايوه
ياسعدات امو و ابوه
لالة، لالة اعطيني بيضة
باش انزوق لوحتي
لوحتي عند الطالب
الطالب في الجنة
والجنة محلولة
حللها مولانا
مولانا واصحابو
في الجنة يتصابو .
ولما اكتمل في الحشد النصاب، وغص العرس الذي أقامه نسوة وكهول، وحتى من كان قصيا إليه حضر، ملبيا في خضوع نداء نفس، بها قصور، أبدا منها لم يحتضر، نفوسا من الشقاء قد شيد طينها، فإن دم التراب المراق، هديره كهدير العباب الهائج، منه قد تفجرت الأنهار، وخرير جريانها ما هو إلا جهيش بكاء،فإن الوجوه لما تلامسها بنظرة، ترى ما عليها من قيح الأقراح يسيل، يسير لأحوالها القلب نقعا، إن ما هم فيه من جهل حرائقه تشوي من بالأرحام قادم، تكاثر لا يجدي الأرض نفعا، والمقابر حبلى، ثغورها صارت تتقيأ رفات الموتى، والعواصف تدري برميمها نقعا وغبارا،و ما من قرية إلا هي محرقة، و سكانها حطب، في كل يوم تجثث جذورها وفيها يتم الإحراق، نار بها لا يخمد جمرها ولا ينطفئ، لهيبها من تقاليد ساقطة بالجماجم تضرم، تأتي على كل جيل وبها يقيد، وكأن وجوده بالدنيا لم يكن له عبور، إن ما أقاموا لهم من خم، وجعلوه لهم مستقرا، إليه جاءهم رسول من صلب مخزن يقيم في أنفسهم عبيدا، فيه يحيي أعرافا خشية أن تموت أو منهم قد تنزلق سهوا، فيندب عقب عهده، لما يضيع منه تراثا يحسب أنه يسوق في الأسر قطعانا، فيكون له الحشد لفافا، ولقد حفهم بيم أدمته من سراب لكل من تولى أو عن مائدته يتخلى، به يغرق روحه حتى الموت خنقا في مائه، فسكت الجميع ولزفير أنفاسهم كبحوا، وفي صمت رهيب قد تصنموا وتحجروا، وما افترى عليهم من أقوال خدال، بها تمسكوا رشدا وإصلاحا، ثم أخرج من سلته حبلا متينا، وقد قضمه في عتمة، وهم على خدلانه غافلون، ليكون قطعة في تجاذبهم، فيما بينهم يسيرا، إنه بين الناس يقيم موازين غش، يفعل ذلك حرصا واحتراسا، خشية أن يرتدي العوام نعلا، به ينقرون الأرض نقرا مريبا، فتتأجج نفوسهم سواءا، لما تدرك ما يطرح لهم من سبل يركبونها مشيا أعمى، |إنه يوقعهم في مستنقع لا حواشي له، وليس لهم منه من مخرج، ولا ذراع انقاد لهم تبسط، إلا أوحالا فيها يكون إغراقهم،
فاليوم حطبك من هشيم، وما من ريح لافح تنفث بها عواصفي، يكون في مهبها مدرارا، وعلى أدمة من بسيطتي، لا يعثر على أثر لرماده،فإنه لا يحوي من سجوني سوى رثاء على أطلال القبور، ومأتم يقوم فيه بشق الجيوب.
وفي حارة جحورهم، أ ظلت السماء رؤوسهم بغيمة نفثت بها مداخن للمآذن دجنت وصارت لها أزواجا، وحجبت عنهم شمسا، من زيتي استوقدت سراجها، وجعلت من سنائها لألبابهم نورا، أما أهل وثاب فان على مذلتهم يصرون إصرارا، ويتخذون من الأرض أوحالا، ولحضورهم قد حفروا قبورا، لحدا به يمكثون سباتا، ركودا كالحجارة الغارق في غيابات الجب، ولقد نسجوا لهم من الأعراف حيكا، واتخذوه طوقا وسياجا، وعقلوهم في المساجد، وأفرغوا في نفوسهم صلاة منها اتخذوا طقوسا، ولما تقطع الحبل من قوة الشد والجذب، فإن سقطتهم على الحضيض كانت بهجة وسرورا، لقد تراكم بعضهم على البعض أكواما، والحناجر الصدئة تنفث بأصوات من أهازيج شتى، وقد استلهمت من الأساطير أعرافها، وفي كنف الذاكرة حفظت طقوسها، وعلى سجادة من فرو الأجداد فرشت لهم حاضرا، عليها نومهم يكون سباتا، وطفولة تحت غطاء قهر، بأذيال من تراب رث تكفل، جرابها فيه تفرغ أساطير السالفين، حتى إذا بلغت عتبة الغد، يكون سعيها إليه من الأولين نظير، وجوه طلاها السخام والقلوب مرتجفة، والعيون ككوة ليس بها من برق سوى الدماسة، والمقل بها يرتعد حصى من الدمع المزمن، ترتجف رموشها خوفا أن يغتصب منها الحول رغيفا من الزقوم، يقتات منها قنوعا أو يصوم صبورا، راضيا بما أوتي من قسمة ضيزا، فان جلبها من حقول السماء عصي، ومن التراب لا يحصد ولو حبة شعير من سنبلة، والمنجل صدئ، والسواعد الكلس العظام، لم تعد تقوى على حمل الأتعاب، من عبئها كلت، وأمتعة القوت مما ترك الأجداد إرثا، لا تغني الأرض من جوع، ولا هي مطعمة الحواصل الزغب بوجبة ولو غثة، على مائدة الإفطار، لأن طعام الجنة ليس من نصيبهم.
لقد جاءهم صاحبه من بوابة العقيدة بارزا، يوقب ختمهم، والمواسم فريضة موقوتة لما يتعطل فرن الخبز، والحطب غيمة نضب ماؤها ، يكسر بها انتظارا كان بالنفوس ساكنا، ومنها يخرج قمامة صراخ بات بها مكبوتا، يفتح لها أبواب ضلال ترتدي رقصة خواطر بالبؤس محرومة، يفك عنها عقدة ربطتها بالنفوس محجوبة، والعيون ترخي بصرها صوبه وتذرف من لبد حزنها وهما فتخال في وجدانها أنه لرزقهم يتعب، فساق لهم من مرابطه بقرة فارض، ولقد كسا ظهرها بلحاف أخضر ناضر، بقرة ليست بضامر ولا عجفاء، سمين حلوب، وأنعامه لها بالبيت من الكلإ الوفير، وما تشرب أرضه من ماء زلال دافق لجلبه مختلس، ولا يؤدي عنه فريضة ولا ضريبة، ولا في السجيل من يحاسبه عما منه قد هدر، والناس على حواشيه محنتهم الظمأ، تهلك تحت وطأة عيونه، فلم يدر لهم ذرة تسقي نفوسا للمذلة قد حوت، وحقولا قفرا تبدو من السراب عبوسا .
جهلاء التفوا حول البقرة ، كما يجثم على الدناسة الذباب، من خلفها والمناكب قد صر الضلال جثتهم في رزمة، وأرخى ليل دامس في عتمته أقبر وجودهم، تراهم في زحمة يخترقون بعضهم بعضا، والنفوس تهيم في خلائها وبها قرح، لشفائه تطوق بهم الأرحام اكتظاظا، والحاضر منهم يعمر، أقدامهم للنقع تثير، وهم يعبرون أزقة القرية طوافا، إنهم من مزبلة الحياة لبسوا إرثا لقيطا، على صدورهم وضع جلمودا ثقيلا، مقياسا صاروا به يقاسون، كلما حل لسباتهم من الأعلى كوابيس، بقيد أبطل ولادتهم ومنذ مهده، وأخرج من وجودهم ما من طيف في الكرى يمدهم من الحياة جمالا، حتى لا يدركون ما ببساتين الجنة من الفواكه والأعناب، وإذا حضروا من الأرحام من دون إحصاء، فليس لحضورهم مقعد سوى قبر على السراب يطفو، والأرض أعدت لهم مقابر فيها دفنهم يمنع، فقط، يسمح لهم المبيت ليلة واحدة، كلما عاد مثل هذا العيد خارج ذاكرة الوطن، والمهد عالق على عروش دوحة الشيخوخة لها الأجنة تركب، فما الجدوى من بكاء على رمس لم يكن به من الوجود سوى رميم، فتضاحك...، وبهم استهزأ الذي كان من الصدى مارا، وهم من أطلال مآثر يغرفون ذنوبا وجرائم، فاستقبح مشهدهم وعنهم صد سبيلا، وما بأرحامهم ينتظر على الأرض نزولا، يكون حضوره قرحا، قيحه يشوب جمال الكون بأخطاء قبح فادح جرحها لن يندمل ولو أخد منهم الموت أسرابا، فالأرض ليست للموت ضمادا، من قمامة الغيوم إنهم يشيدون لأنفسهم أكواخا، ومن ترابها اللازب يستخرجون خبزا، فتراهم على موائد الإملاق يحتسون أكوابا زقوما، وبطونهم ليس لها قوت إلا من مطر أجاج كسبه، غير مدركين لمصادر عيش إلا غيثا منه يأكلون ويشربون، وفي جنة منهم سلبت، ملائكة قد اشترت من السماء حقولا، وعليها شيدت فيه تكون لها مستقرا مخلدا، منها تخرج خلسة وظهورا، تنهب ما في أحشاء البحر وما من معاش في باطن الأرض، وبالحصانة على الرعية كما تشاء ترفل، رعية شابها التمزيق ورث الفقر ترابها، وعنها الأرواح انفكت وضللت سجونا كانت مأواها وعلى لوحات ألصقت على جدار السماء يكتنزون لأحفادهم أعيادا، ويوم العيد وجوه من الصلصال تتجهم، لباسها كآبة ضربت عليها كشع عنكبوت، والحواصل الزغب على الأرصفة كفها ممدود، عليها لا تتصدق ولو بفلس صدئ من ماء أو طين ليكون لها قوتا، إنها نسيت عقباها، وأن موتا قاهرا منا يكون إليها مبعوثا، ولما يحضرها لا تستطيع منه فرارا.
ونفض البؤساء ما كان بدواخلهم محبوسا، وهللوا وكبروا تكبيرا، ثم قرعوا الدفوف وزمروا تزميرا، ورقصت أجسادهم هرولة وركضا، وهم في غفلة عما حيك لهم من مصائد، من غيوم شباكها نسجت، لبسوا مطرها رداء ليكون لسوءاتهم سترة، وما كان بالنفوس من عبء الشقاء عالق، قد سقطت علائقة، لأن المواقيت كانت محسوبة،فتبهج بما نفتت الأفواه من أصوات أهازيج، بها سرت النفوس، وأفرغ من أحشائها ما كان من نكد ثقيلا، والليل على العيون غطاء مبسوط، من كوة المواسم العجاف يختلسون وميضا، فيحسبون أن الكرى فتح لهم أبوابه، فيدخلونها خفية حجاجا، وعلى نعش من طين تقدم لهم جثة طبق قربانا، فيقيمون لها نصبا على مراعي من خيالاتهم الجرداء، وجنين لا يحضره مني بلاء، في بطن امرأة كان أسيرا، امرأة قائم حضورها في كل استسقاء، إنه في رحمها قد بلغ من الكبر شهورا عدة، وعن الخروج عزف، منزعجا، ينتفض في مواطنه صاخبا مرتدا، وبتقاليد عليها فطروا كفر، وهم عمي في أزقة الحياة، عيونهم لا تحتسي جمالا من فنجاني يفيض، إنهم أسرى في قبضة نخاس، يكبل كل مولود في الوجود، ويضع في أذنيه أصابع من حجر، حتى لا يبلغه منهم ما من ضجيج عن لغوهم يصدر، وجذب إليه حبل الصرة، و به أراد خنق روحه، لكي لا يكون زبلا في التراب، منه يكون في المقابر أسيرا، ويحمل عدله بما قد حملوا على واضعته من شقاوة، تنعم بها في صلاة تنقض ما من جمال في الوجود لها قدمت أطباقه، فالصدى كان لردته مجيبا، واللسان رفض أن يردد ما من محفوظة تنشد أهازيجها على ألواح الجهل جهرا، حتى بحث الحناجر من صدق إلقائها،
أشتا تات تات
أوليدات الحراثة
راه أمك تجري وتطيح
أباك داه الريح
فلما أغلقوا باب الطواف، دخلوا باحة المسجد، وقلوبهم من الخشوع ترفرف، والبقرة ولوجها تتقدم مطلع زخمهم، فأحاطوا بها وهم زحمة، وباحته الضيقة لا تأويهم جميعا، ومكث خارج المحراب نفر أزيد من نيفهم ، أو أكثر من ذلك بكثير، وهم ذكور أصناف، بالمسجد وجدوا على الأرائك الذين حضروا الصبي عقابه، إنهم عصبة توائم وجوهم من النور معصومة، وقد نثر عليها المسخ سخامه، إنهم بالأرض مفسدة، لا نفعا بها ينبتون إلا فسادا، جرائدهم واحدة مهما اختلفت أسماؤها وعقيدتهم ، إن الناس في صحنهم ليسوا إلا أقنانا، ولهم أعدوا حشرا في صناديق اقتراع، تراهم فيها منبطحين على البطون جياعا.
ولا يمسك منه ضرر إلا إذا بنيت في النفس للضرر عشا، أفسح للنفس مجراها، ولا تحصرها في ضيق فتتخذ منه انتحارا، فإن أزهار الجمال بها يانعة، تتركها بلا حرث فيجوع الفؤاد، فتنحبس الروافد نبعها ثدي مني يسقى الوجود عطرا، فالوجود مني قائم، ومن غيري ما كان الوجود فيك كائن،وعندما تذهب من دار لك أقمت، لم تبق منك فيها مآثر ولا أطلال، فعجبت لله كيف يقبل أن يأوي في جنته إنسانا لم يخلق في الأرض إلا أشرارا، وفجر في الأرض من الدم أنهارا، وكسا أديمها قبورا لأطفال غدرا قتلوا وهم في المهد أبرار، إني أتيت من غير إذن مني لأكون للأرض رسولا، لعقابها أعجل، ولا أدر بها روحا تتناسخ عني خلسة من التراب، إني لكم صادق نصوح، أن تتركوا هذا الكون فإنه بكم ضاق ولا يبتغي من أرحامكم ازديادا .
لقد خلا لكم الرهان والقرية ميتة تحمزت بيوتها من جهل، والألباب منعدمة، ومن ضعافها زمرة في الكرى سكارى، يتخبطهم المس، وإذا انقضوا على وثاب من نعيم، صيروا الأرياف خما، ومن الحاضر سرابا، وشحذوا لطغيانهم أنيابا، واتخذوا من جهل من بالبيادي ركودا، نهادا لافتراس طفولة فطرت في الأرحام على إرث ساقط من تركة الأجداد، قيد به كبلت أمة وأنزلت إلى حضيض قعره الأسفل، عليها تصب السماء بالدنائس، منها شعوبا نزعت في غفلة، وبيعت لكعبة بها شيطان لمخزن يصون، إنه لهم المقصد، فتراهم حجيجا إليه، خوفا من نشوب العقاب .وصبية لا دار معرفة تأويهم، تلهو بهم المنايا، والمهد منهم قد كشط، وما الأرحام التي منها قدموا، ما هي إلا مزبلة قضى فيها زوجان في المضاجع لحظة لهو وعبث، حارة في الدنيا إليها خرجوا، وهم في الخلق ليسوا إلا قمامة، قذفت بها لحظة نكاح من الوقت سرقت غصبا، طفولة لسانها أخرس، لا يحمل من الكلام إلا ما يخرج من أفواه حامزة، إنسانها غير عاقل، ولا هو بما تتفوه مدرك، مشيهم في الحياة ضلالة، وشروخ لأقدامهم في قيحها تغطس حتى الغرق، و الضماد رث، من كفن له الجثث نافضة، أزقة على حبل من ماض سحيق ينشر فروها، عنها رفع الشفاء، والقرح بها غار صدعه، ودمر ما بالأجساد من بقيعة للنور تنشد، بيداء قفر و وحيش بها قد نزلوا، طعاما لسبات في مقبرة يوارون حضورا، وطحالب على وجه الجنة عالقة، عنهم المدى لاذ فرارا، وتركهم ضياعا في ليل مديد، لا يحصره فجر ولا مئذنة تكبح بالصراخ زحفه، فلا تسمع به إلا زغاريد نسوة معارجها لم تجد في السماء عروشا عليها تستقر، فهوت على صدور مقرحة ، وقد بعثر غرفها بؤس، عن علقة فرحة كان بحته، غصبا عنهم يأخذها أسيرة، والسجون بالفقراء اكتظاظا، احتراسا من أحزاب على انقراض أعراف جلبت أعيادها من ما انصرم من الحقب، خشية أن يتجرد منها جيل أو عنه ينقض فروها، فسخروا لها الإملاق يصب في كل مولود منهم أنذالا ، وفتحوا لهم من الوقت ما يكفي لحمل ذنوب هم منها في كتابنا يتبرؤون.
تتبع



#ابن_جرير_الرحماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الجزء الثالت - وجبة من طحالب الكتابة-
- رواية - وجبة من طحالب الكتابة- الجزء الثاني
- الرواية


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابن جرير الرحماني - رواية وجبة من طحالب الكتابة الجزء الرابع