أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس لكريني - ملاحظات على هامش إصدار تقرير المجلس الأعلى للحسابات















المزيد.....

ملاحظات على هامش إصدار تقرير المجلس الأعلى للحسابات


إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)


الحوار المتمدن-العدد: 2482 - 2008 / 12 / 1 - 03:38
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


رفع المجلس الأعلى للحسابات مؤخرا تقريرا يتضمن مجمل الأعمال التي باشرتها المحاكم المالية سنة 2007 إلى الملك؛ وذلك بموجب الفقرة الثانية من الفصل 97 من الدستور، سواء فيما يتعلق بالتدقيق والبث في الحسابات أو مراقبة استخدام الأموال العمومية ومراقبة اجراءات تنفيذ الميزانية...
وبإلقاء نظرة على هذا التقرير الذي جاء في أكثر من 740 صفحة ونشر بالجريدة الرسمية؛ يتبين أن المجلس عمل من خلاله على الوقوف على عدد من الخروقات القانونية التي طالت تدبير الشأن العام في بعده الوطني والمحلي؛ ومجموعة من الأخطاء التي عرفها تدبير عدد من الأجهزة العمومية..؛ قبل أن يطرح مجموعة من التوصيات والمقترحات الكفيلة بتجاوز هذه الأوضاع والرفع من المردودية تبعا لمقتضيات المادة 75 من مدونة المحاكم المالية.
وإذا كان إصدار التقرير ونشره؛ يمثل في حد ذاته خطوة هامة على طريق تنوير الرأي العام الوطني بصدد متابعة ومراقبة المال العام الذي يرتكز في أحد جوانبه على الضرائب التي يؤديها المواطنون؛ بالشكل الذي يعزز الثقة في القضاء المالي؛ فإنه مع ذلك يطرح مجموعة من الملاحظات المرتبطة بمدى قدرة هذه المؤسسات الدستورية ونجاعتها في إعمال مراقبة فعالة على تدبير الشأن العام واستعمال الأموال العمومية بما يكفل تجاوز الاختلالات التي تشوبها.

1- عمومية الملخصات
جاءت المعطيات والملاحظات التي حفل بها التقرير بصدد مختلف القضايا والملفات الحيوية؛ عامة ومطبوعة بنوع من المرونة والتحفظ؛ ذلك أنه وخلال وقوفه على العديد من المخالفات والخروقات؛ لم يشر التقرير إلى الجهة أو الجهات المسؤولة عن ارتكابها؛ سواء تعلق الأمر بأشخاص طبيعية أو قانونية، بل اكتفى باستعمال ألفاظ عامة من قبيل المستفيد، الملزم، الشركة المعنية.. الأمر الذي يحول دون تشكل صورة واضحة ودقيقة لدى المواطنين إزاء مرتكبي هذه المخالفات المرتبطة بالتدبير اليومي للشؤون العامة.
والواقع أن إحاطة السلطات المعنية وإطلاع المواطن على معطيات دقيقة وواضحة صادرة عن هيئة قضائية مستقلة؛ وعلاوة على دورها الناجع في بلورة رقابة فعالة على المال العام؛ وفضح المتورطين؛ فإنها تشكل مرجعا مهما وقاعدة يستنير على ضوئها الناخبون لممارسة نوع من "الرقابة الشعبية" على تدبير شؤونهم المحلية من خلال دعم أو التخلي عن دعم المنتخبين في الجماعات المحلية؛ وبخاصة وأن المغرب على أبواب إجراء الانتخابات الجماعية خلال سنة 2009.
وإذا كان التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات هو الأداة الوحيدة للتواصل مع المواطنين وتنويرهم في هذا السياق عبر نشره في الجريدة الرسمية؛ على خلاف التقارير الخاصة التي تعدها المحاكم المالية والتي لا تجد طريقها للنشر؛ فإن فعالية هذه المؤسسات ودعم أدوارها في مجال الرقابة؛ يستدعي إطلاع المواطنين بطريقة كافية وواضحة على محتوى هذه التقارير الخاصة التي تنجزها ومآل الأعمال التي تتناولها؛ انسجاما مع الغاية من نشر التقرير السنوي بالجريدة الرسمية طبقا للمادة 100 من مدونة المحاكم المالية.

2- عدم شمولية التقرير
إذا كانت المادة 97 من الدستور تؤكد على أن المجلس الأعلى للحسابات مطالب برفع بيان عن جميع الأعمال التي يقوم بها إلى الملك.
فإن هذا التقرير لا يتضمن سوى بعض ملخصات الملاحظات التي وقفت عليها المحاكم المالية طبقا للمادتين 85 و157 من مدونة هذه المحاكم اللتان تفيدان بأن التقارير الخاصة يمكن إدراجها في التقرير السنوي عند الاقتضاء، وليس بصفة منتظمة.
وكنتيجة لذلك، فقد اقتصرت هذه الملخصات على 81 تقريرا خاصا فقط؛ في الوقت الذي قامت فيه المحاكم المالية بإنجاز 130 تقريرا في إطار مراقبة التسيير؛ كما أشار إلى ذلك التقرير السنوي في الصفحة التاسعة منه.
ومن خلال هذه المعطيات، يتبين أن التقرير لم يتعرض لنسبة كبيرة من الأعمال التي قامت بها المحاكم المالية والتي بلغت 49 تقريرا خاصا، الأمر الذي يثير بعض الملاحظات والاستنتاجات:
فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن نشر التقرير في الجريدة الرسمية يشكل في أحد مظاهره نوعا من "العقاب المعنوي" الذي يطال المتورطين في مختلف الاختلالات والخروقات القانونية؛ فإن هذه الوسيلة – "العقاب المعنوي"- لم يتم إعمالها بشكل عادل ومتساو وفي مواجهة جميع الأجهزة العمومية الوطنية والمحلية التي خضعت للمراقبة والتي بلغت 130 جهازا ومؤسسة، وبخاصة وأن العدالة تقتضي أن تنشر جميع الأعمال المرتبطة بهذه الأجهزة دونما تمييز؛ احتراما لحق المواطنين في التوصل بجميع المعلومات المتعلقة بتدبير الشأن العمومي.
ومن جهة أخرى؛ يلاحظ أن التقرير لم يعر اهتماما كبيرا لأعمال المجالس الجهوية للحسابات؛ حيث لم يتضمن الجزء الثاني منه سوى 47 من أصل 92 أعدتها هذه المجالس خلال سنة 2007؛ في مقابل 34 تقريرا من مجموع 38 تقريرا كحصيلة المجلس الأعلى للحسابات خلال نفس السنة.
وهو ما يحيل إلى التساؤل عن السبب في عدم نشر هذه التقارير بالجريدة الرسمية؛ والحيلولة دون تنوير الرأي العام بمضامينها؛ على الرغم من المجهودات والإمكانيات التي بذلت في سبيل إنجازها.
ولعل الموضوعية تقتضي أن تنشر جميع التقارير الخاصة بالجريدة الرسمية قبل نشر ملخصاتها عند الاقتضاء، بالتقرير السنوي للمجلس.
وهذا ما ينبغي تعزيزه دستوريا من خلال التنصيص على مسؤولية المجالس الجهوية للحسابات في رفع بيان عن أنشطتها إلى الملك؛ كما هو الشأن بالنسبة للمجلس الأعلى للحسابات؛ مع نشرها بالجريدة الرسمية الوطنية أو بالجريدة الرسمية الخاصة بالجماعات المحلية.
ويجد هذا المقترح مبرراته في التطور الملحوظ الذي شهده القضاء المالي منذ الارتقاء بمؤسساته إلى مستوى المؤسسات الدستورية وإحداث المجالس الجهوية للحسابات بموجب دستور 1996؛ الأمر الذي يتطلب ملاءمة مقتضيات الباب العاشر من الدستور مع هذه التطورات.

3- الاقتصار على إثبات المخالفات
إذا كان مجرد الوقوف على الأخطاء ومختلف المشاكل المرتبطة بتسيير الشؤون العامة وتقديم اقتراحات وتوصيات دقيقة تضمن تحسين سبله والرفع من مردوديته؛ يعد هدفا مهما في حد ذاته؛ فإن اكتفاء التقرير بإثبات وتحديد المخالفات القانونية؛ يطرح أكثر من سؤال حول الجدوى من هذه المراقبة؛ والتي يفترض أن تنصب على متابعة من يثبت ارتكابهم لهذه الأخطاء والمخالفات القانونية.. في إطار الـتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن حصيلة المحاكم المالية فيما يتعلق بهذا الاختصاص؛ كانت ضعيفة بالمقارنة مع حجم المخالفات التي وقفت عليها سنة 2007، فإذا استثنيا إصدار 90 قرار من طرف المجلس الأعلى للحسابات تهم ملفات يعود بعضها إلى ما قبل سنة 2004، فإن المجالس الجهوية للحسابات لم تصدر أي حكم خلال الأربع سنوات الماضية، هذا ولم تتعد حصيلة الملفات التي تنظر فيها 34 إحالة؛ موزعة على خمسة مجالس جهوية بكل من فاس، الرباط، سطات، أكادير وطنجة، خمسون بالمائة منها تم رفعها من طرف وكيل الملك بالمجلس الجهوي بفاس.
ويستنتج مما سبق؛ أن جل المخالفات التي تم الكشف عنها منذ شروع المجالس الجهوية للحسابات في مزاولة أنشطتها؛ لم تتم إحالتها بعد على هذه المجالس من طرف ممثلي النيابة العامة على الرغم من كثرتها؛ كما هو مثبت في التقارير السنوية الأخيرة للمجلس، الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا التأخير في رفع قضايا التأديب إلى المجالس الجهوية.
إن تحقق الجودة في أعمال المحاكم المالية التي تتميز عن باقي الأجهزة القضائية الأخرى بعدم خضوعها لسلطة وزير العدل؛ يظل مشروطا بضمان استقلاليتها وممارستها لاختصاصاتها في إطار من الشفافية التامة تجاه الأشخاص الخاضعة لها وتجاه المواطنين على حد سواء؛ بعيدا عن أي تأثيرات أو اعتبارات كيفما كان نوعها أو مصدرها.



#إدريس_لكريني (هاشتاغ)       Driss_Lagrini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرصنة فكرية جديدة في الوسط الجامعي
- تقرير عن ندوة الهجرة واللجوء بالمغرب- طنجة 2008
- حوار مع د.إدريس لكريني حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب
- التنوع المجتمعي والممارسة الديموقراطية
- إدريس لكريني في حوار مع صحيفة العرب الدولية
- المدونون العرب وقضايا المجتمع
- نظام الغرفتين في السياق المغربي
- تقرير حول ندوة وطنية: حقوق الطفل بين القانون والممارسة
- حوار مع د. إدريس لكريني حول تطورات قضية الصحراء في ضوء المفا ...
- النخبة السياسية في المغرب؛ أية رهانات؟
- النخبة السياسية وأزمة الإصلاح في المنطقة العربية
- تقرير حول ندوة دولية:الحركات الإسلامية والمجال السياسي في ال ...
- دروس ودلالات الانتخابات التشريعية المغربية الأخيرة (شتنبر/ أ ...
- العزوف السياسي في المغرب صرخة في وجه الفساد: حوار مع الأستاذ ...
- انتخابات شتنبر 2007 بالمغرب؛ أية رهانات؟
- حوار مع الأستاذ إدريس لكريني حول السرقة الفكرية التي تعرض له ...
- ندوة دولية:تقرير التنمية الإنسانية للعام 2005، نحو نهوض المر ...
- بين الأزمات الداخلية والتهافت الخارجي؛ أي موقع للعرب في عالم ...
- حوار مع الباحث إدريس لكريني حول تنامي ظاهرة الاحتجاجات في ال ...
- لقاء علمي في مكناس حول الحق في السلام


المزيد.....




- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية
- أسعار النفط تتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين
- -تيك توك- تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية ...
- المركزي الياباني يثبت الفائدة.. والين يواصل الهبوط
- المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات
- -BHP- للتعدين تريد شراء -أنغلو أميركان- مقابل 39 مليار دولار ...
- الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع
- مساهمو بيانات والياه سات يوافقون على الاندماج لإنشاء SPACE42 ...
- -ألفابت- تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس لكريني - ملاحظات على هامش إصدار تقرير المجلس الأعلى للحسابات