أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان المصري - معرض الجثث














المزيد.....

معرض الجثث


احسان المصري

الحوار المتمدن-العدد: 2480 - 2008 / 11 / 29 - 03:20
المحور: الادب والفن
    



" باب موصد" ، كان ضوء خافت ينسل من كوة في الجدار ، ليضيء تلك اللافتة ، " باب موصد" .
بيد ان الملايين كانت تحتشد منذ قرون بغير انتظام كالعادة , لربما لم يقرأوا اللافتة , فمعظمهم اميون وغير الاميين ان ابصروا عميت بصائرهم , اصطفوا يطرقون الابواب , يتدافعون , يتسلقون بعضهم بعضاً , والقيظ جعل رائحة العرق تفوح في ارجاء المكان . وكان الرجال منهم , لا يشتموا سوى رائحة الطمث , فيلهثون وراء نسوة باقيات , علهم يحظون باحتكاك بثديي او فخذي احداهن .
ضوضاء , ضجيج , اصوات تتعالى من كل حدب وصوب , ولا احد يسمع .
من بعيد قدموا , كانوا ثلاثة شبان , رأوا تاجراً , اقترب منهم عارضاً تذاكره المزيفة , لكنهم حدجوا اللافتة بطرف اعينهم وادركوا استحالة الخروج . راح احدهم يصرخ في الجموع , ركل البعض , رفسهم , لكنهم فقدوا الاحساس , لاآذان لتصغي , لا عيون لترى , الكل هنا تكيف مع الجحيم . عبثاً حاول من دون جدوى .
ناداه رفيقاه وهموا بالرجوع . سلكوا طرقاً وعرة , مبتعدين عن الباب . في الطريق , سمعوا انين امرأة , تتبعوا الصوت , كان قادماً من كوخ بائس , في داخله تسمر شيخ عجوز , يحتضن زوجه المحتضرة , سألوه : " أين نحن ؟ "
قال : " انتم في معرض الجثث "
قالوا : " أأحياء نحن ام اموات ؟ "
اجاب : " كلنا اموات الى ان نمسي كلنا احياء "
صرخ احدهم : اما من طربق للخروج ؟ "
قال الشيخ : " تابعوا السير حتى المدافن , واقرأوا ما كتب على اجساد الموتى " .
مشوا الهوينى , يتفادون الجثث المبعثرة , ولكن اقدامهم كانت ترتطم بها انى اتجهوا .
كانت المقبرة اقسام ,ولجوا قسم الدين , قلبوا الاجساد المحنطة ,هذا شاب قطع التكفيريون اوصاله , و هذي بقايا مجهولي الهوية قضوا في تفجير انتحاري , تلك صبية ذبحت صوناً للعرض وذاك عراقي سقط ضحية الاخوة المذهبية .
كان قسم الاقتتال الداخلي الداخلي يعج بالشهداء , لبنانيون صرعهم ملوك الطوائف , يمنيون قتلتهم القبائل , فسطينيون نحرتهم الفصائل .
وفي قسم الفقر والمجاعة : سودانيون وصوماليون مرصوفون , مغاربة وجزائريون انقلب مركبهم في عرض البحر , مومسات قتلتهن السرية , وسكان احزمة البؤس في القاهرة وبيروت ودمشق .
كان رأس مواطن يتدلى من قسم الانظمة , تبين انه لم تكن لديه مناعة للممانعة . مئات المنفيين واللاجئين السياسيين ومعارضون شوهت اجسادهم في زنازين القمع .
رويداً رويداً اسدل الليل ستاره . اهتدوا الى باب عفن , طرقوه ففتح لهم جندي يتكلم لغة اجنبية , دعاهم الى عصر الديمقراطية والسلام , لكن صور دير ياسين وسيناء والجولان وصبرا وشاتيلا وقانا وجنين وقانا والعراق من اوله الى آخره , وتطول اللائحة ويضيق الرواق وتظلم وتظلم وتظلم وتظلم .........
لاحظوا عمق الازمة , فدفعوا الجندي وتراكضوا , حاول منعهم فداسوه .
كان الشيخ لا يزال جاثياً في كوخه تبسمت زوجته , ولفظت انفاسها الاخيرة .
بكى قائلاً : " أوتهربون ؟ "
اجابوا : " اجل"
قال : " اتذكرون الباب الموصد والجدار ؟ "
اومئوا بروؤسهم .
قال : " اذا نجحتم لا تفتحوا الباب فهو سيغلق نفسه بعد برهة "
سألوه : ما العمل اذاً ؟ "
قال : " اهدموا الجدار ....... اهدموا الجدار ....... "
احسان المصري
لبنان



#احسان_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورتك و صلاتي
- هذيان المنافي
- المثقفون العرب بين سارتر وكامو


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان المصري - معرض الجثث