أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - كفاح محمود كريم - ( الموصل.. بين الحكايات وواقع الحال ؟ )














المزيد.....

( الموصل.. بين الحكايات وواقع الحال ؟ )


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 04:13
المحور: كتابات ساخرة
    


في سنوات الدراسة أو بعدها كلما كنا نذهب إلى بغداد أو إلى أي من مدن الجنوب العراقي ونجالس أصدقاء لنا أو زملاء يفاجؤننا بنكاتهم عن البخل الموصلي أو الحيلة والمكر وأحيانا كثيرة عن تغيير المواقف تحت شعار موصلي قديم ( ألف قلبي ولا غلبي ) ليصلوا في نهاية هذه التوصيفات إلى إن المصلاوي أكثر حيلة ومكرا من الواوي أي الثعلب وبذلك تكون عشرة الواوي أهون من عشرة المصلاوي!؟
وكم كنا نتضايق أحيانا من هذه النكات أو التوصيفات وأحيانا أخرى نرد عليهم بنكات وتوصيفات مقابلة، إلا إنه في نهاية اللقاء أو الجلسة نغادر ونحن كما يقول المثل المصري ( صافي يا لبن وعسل يا قشطه ) دونما أن تترك تلك التوصيفات آثارا جانبية في النفس.
لكننا وفي كل مرة نعود بها إلى موصلنا الجميلة نندس في جلسات ( الشياب والختيارية ) لنسألهم عن حقيقة هذه التوصيفات وأصل هذه الأمثال والحكايات:
وذات يوم جمعتنا جلسة جميلة لمجموعة خيرة من ختيارية موصلنا الأصيلة كان فيها الفنان المرحوم إسماعيل الفحام وصديقه أحمد كجك وبعض أخر لا تسعفني الذاكرة في أسمائهم حينما قلنا لهم حكاية الواوي والمصلاوي فأجابنا الفحام ضاحكا بحكاية جميلة عن شراكة إبليس والمصلاوي في مشروع للزراعة عند أطراف النهر، حينما قال المصلاوي لإبليس دعنا نزرع البصل فهو نبات مبروك ويحبه أهل الموصل وبالذات أوراقه الخضراء الجميلة واللذيذة، وطالما قبلت شراكتي فأنني في هذه المرة سأعطيك ما ينتجه هذا المحصول فوق الأرض وليكن ما تحت الأرض لي فشراكتك لوحدها تعتبر ربحا كبيرا!
رضي ابليس بهذه القسمة ضنا منه إن المصلاوي على نياته، ويوما بعد يوم تنمو مزرعتهم البصلية وتزداد أوراق البصل طولا ونضارة، ويبدأ إبليس بجني محصوله يوميا من الأوراق الخضراء حاملا إياها إلى سوق المخضر، يبيع نصفها ويرمي النصف الآخر في آخر النهار، حتى جاء الصيف فبدأت الأوراق بالجفاف ولم يبيع إبليس ربع ما دفعه في بداية الشروع بالزراعة، فقال للمصلاوي وماذا ستفعل أنت وقد خسرنا أكثر من نصف رأس مالنا، فرد عليه قائلا: القناعة كنز لا يفنى، ومثل ما اتفقنا لك ما فوق الأرض من محصول وقد رضيت انا بما تحت الأرض!
وأخذ المصلاوي يجنى محصوله من البصل وينقله إلى سرداب بيته دون أن يفكر بالبيع، مما جعل إبليس يشتاط غضبا قائلا له ماذا تفعل أيها المصلاوي فرد عليه بمسكنة لا مثيل لها إنه ينقل محصوله إلى البيت لعدم إمكانية بيعه الآن!؟
حتى جاء الشتاء فباع أخينا بالله محصوله بثلاثة أضعاف سعره وقت جنيه! مما جعل إبليس يجن جنونه ويكاد يفقد عقله فذهب إلى المصلاوي غاضبا متوعدا حتى أن دخل بيته أي بيت المصلاوي فأخذه بالأحضان ونادى أهل بيته أن آتوه بماء بارد وفاكهة لذيذة وقال له العن الشيطان يا إبليس(!) وتوكل على الله فان الأرزاق ليست بيدنا وكن قنوعا مثلي وارتضي القليل لتأخذ الكثير؟
فقال له إبليس وكيف أعوض خسارتي فرد عليه صاحبنا أن نزرع هذه السنة الطماطة ولك أن تختار أي المحصولين لتعويض ما فاتك فقال له دونما تفكير أريد ما تحت الأرض!؟
ولك أن تعرف عزيزي القارئ ما جرى لاحقا بين الشريكين حينما بدأ كل واحد منهما بجني محصوله.
بالتأكيد هي قصة من نسج الخيال الذي يتباهى بشطارة المصلاوي وإمكانيته بغلب حتى إبليس إذا ما تعامل معه في بيع أو شراء أو شراكة، وهي نفس المخيلة التي تبيح ( ألف غلبي ولا قلبي ) حينما تكون الثقة مفقودة تماما في مدينة عاشت معظم دهورها حصارا وحروبا واغتيالات من أيام نادر شاه الفارسي وحتى إرهابيو البعث والقاعدة هذه الأيام وما خلاها من أيام الحرس القومي وسحل الناس خلف سيارات الحمل وتعليق الجثث على أعمدة الكهرباء وحملات الاغتيالات المعروفة في الموصل منذ قدوم البعث وحتى يومنا هذا في موصل الحضارة والتاريخ، وكأنما تلك الأيام تعيد نفسها ثانية حيث الاغتيالات والذبح من الوريد إلى الوريد في مدينة لا تكاد تودع غازٍ حتى تستقبل آخر أكثر قساوة ووحشية لتبقى هي تبحث عن حيلة للبقاء أو محاولة للتنصل من حصار قد تُغلبُ فيه فتقلب قبل فوات الأوان!؟
وها هي اليوم الموصل الجريحة تدفع ثمن شطارتها أو على الأقل ثمن ادعائها الشطارة والفهلوة دماءً زكية لخيرة شبابها وعلمائها وأساتذتها وأعلامها من كل الأعراق والأجناس والملل التي كونت عبر مئات السنين هذا النسيج الراقي من تكوينات العراق والذي اسمه المصلاوي الذي يتعالى على العرق والدين والمذهب واللون والجنس وكأنما يقول للآخرين إنما نحن المصالوة قوما أو عرقا أو ثقافة لا يعلوها انتماء آخر؟
اليوم تدفع الموصل ثمن شطارتها وحيويتها والإصرار على بقائها حمامات من الدماء والخوف والإرهاب على أيدي من حاول تشويه هويتها ومسخ حضارتها بأفواج من القرويين والأميين الذين عبثوا بحضارتها المدنية عبر آلاف السنين ومسخوا عنوانها وشكلها وحتى لهجتها ونقلوا كل تقاليد وعادات القرية والبداوة البائسة إلى مفاصل الحياة فيها حتى يكاد ابنها يكون غريبا فيها، بل أصبح غريبا تماما الآن؟
فهل يا ترى ما زال المصلاوي حيالا أو ماكرا وهو ( يقلب إلف قلبة لكي لا يغلب ) أم انه يسحق يوميا منذ أكثر من ثلاثين عاما تحت عجلات البعث ويقاوم للحفاظ على ذاته ولكي لا يتم إلغائه أو مسخه، سواء من دويلة العراق الإسلامية المسخ أو من بقايا البعث والعودة وأصابع دول الجوار المندسة إلى أعمق أعماق جراحنا العراقية!؟
اليوم تذبح الموصل برمتها ويغتال العراق بأجمعه في موصل الحضارة والمدنية والإنسان على أيدي من يعتبر سكانها الأصليين أغرابا ودياناتها القديمة كافرة ومرتدة، اليوم لا يقتل الكوردي والمسيحي أو الايزيدي لوحده في الموصل بل تقتل حضارة الموصل ومدنيتها واصالتها وديمومتها وخصوصيتها برمتها.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا بؤس من يعادي شعباً ؟
- في الموصل: تمخض الجمل فولد فأراً !؟ *
- قبلات المطر
- طالما فعلوها مع الالوسي.. فلتكشف كل الاوراق !؟
- ( وأخيراً يا كركوك !؟ )
- ( العراق وحفنة التراب !؟ )
- سنجار كركوك خانقين ؟
- ( المناورة والمخاتلة والتآمر ! )
- ( من يعيق تطبيق الدستور الدائم ؟ )
- ( اسألك دمعا أيها الدرويش ! )
- ( من هم اعداء الدستور .. ولماذا ؟ )
- ( لنتحاور ... )
- ( لا يا سوريا الأسد ! )
- الكورد وعراقية الموصل
- ( سنجار.. والخبز الحار )
- ( يا حلة الحب.. يا عشق المكتبات )
- ( العرب واسرائيل وشماعة العلاقة معها !؟ )
- ( مجالس الصحوة في بعض المدن )!؟
- ( العلم العراقي... ثانية !؟ )
- ( شنكال وتقطيع الأوصال !؟ )


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - كفاح محمود كريم - ( الموصل.. بين الحكايات وواقع الحال ؟ )