أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إدريس ولد القابلة - إشكالية النفايات الطبية بالمغرب















المزيد.....

إشكالية النفايات الطبية بالمغرب


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 755 - 2004 / 2 / 25 - 09:17
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


إن كمية النفايات الطبية الناجمة عن الوحدات الصحية العمومية والخاصة بالمغرب أضحت تشي لخطر جرثومي حقيقي يهدد البلاد اعتبارا لتراكمها وانعدام طرق مجدية للتخلص منها إما عن طريق معالجتها أ إعدامها، إذ أن التجهيزات الخاصة بالأزبال والنفايات لازالت هزيلة جدا بالمغرب، حيث لا يتوفر إلاعلى ثلاث آلات لطحن النفايات بمدن فأس وتتوان والقنيطرة، ولم يكن احد من مسئولي الصحة بالبلاد يعتبر أن النفايات الطبية قد تشكل مشكلا أو تتحول إلى خطر صحي، كما الحال الآن كما أن الاهتمام بهذا المشكل كان دائما يتم تجنيبه لكون ارتفاع كلفة إحداث محطات المعالجة، وهكذا تم إبعاد هذا الإشكال من خانة الأولويات إلى أن أضحى الآن يشكل خطرا أكيدا اعتبارا للمواد المشعة والجرثومية التي قد تفرزها النفايات الطبية المتراكمة على امتداد فترة من الزمن، ونظرا لأهمية كميتها، فإن التخلص منها عن طريق الحرق من الأكيد أنه سيلوث الهواء وينتج مادة الديوكسين، باعتبار أن تلك النفايات الطبية تتضمن الأدوية والإبر والأمصال والضمادات وكذلك القطع الآدمية ومواد مشعة، علما أن كل نوع من هذه النفايات يستوجب معالجة خاصة به ومتباينة.

ويزيد الطين بلة بغياب قوانين تهتم بالتعامل مع النفايات الطبية بالمغرب، إذ هناك فراغ قانوني في هذا المجال، وفي ظل هذا الفراغ عمت الفوضى في التعامل مع تلك النفايات وطرق التخلص منها، فهناك وحدات صحية خاصة تلجأ إلى حرقها في فران تابعة لشركات الإسمنت، وأخرى تفضل طمرها بعيدا عن العيون وتحت جناح الظلام، وهناك من توسل لها نفسها التخلص منها بمجرد رميها في المزابل العمومية، وهذا وضع وصل درجة من الخطورة تستدعي الاستعجال لإقرار إطار تشريعي خاص بالتعامل مع النفايات الطبية.

ولتكوين صورة عن خطورة الوضعية في هذا المجال نكتفي بالإشارة إلى حجم النفايات الطبية المتعلقة بمدينة الدار البيضاء، علما أن الإحصائيات الخاصة بالنفايات على الصعيد الوطني غير معروفة ولم يتم الاهتمام بها، فالدار البيضاء لوحدها تنتج سنويا 2080 طن من النفايات الطبية، 1400 طنا منها من طرف المستشفيات العمومية و680 طنا من طرف المصلحات الخاصة.

ومن الأحداث التي عرفها المغرب في هذا الصدد، أن مدينة الرباط عاشت في أكتوبر 1996 حدث رمي أشلاء بشرية في مزبلة عمومية، وفي مارس 1998 عامت مدينة الدار البيضاء من أزمة دفن ما قدره 40 طنا من النفايات الطبية بعد أن رفضت المجموعة الحضرية قبولها، كما أن هذه المدينة سبق لها أن برمجت غلافا ماليا لاقتناء فرن لإحراق النفايات الطبية إلا أنه تم التخلي عن الفكرة وتخصيص ذلك الغلاف لإقتناء شاحنات لجمع النفايات رغم أن هيأة الصيادة المغاربة طالبت وبإلحاح شديد على إحداث محارق في كل المدن المغربية للتخلص من الأدوية القديمة وغير القابلة للاستعمال ولا يخفى على أحد أن النفايات الطبية تتسبب في أخطار عديدة إذ لم يتم التخلص منها بطرق علمية تحترم المواصفات الخاصة بهذا المجال والمتعارف عليها عالميا، وتتفاوت خطورة هذه النفايات باعتبار أن هناك نفايات معدية ونفايات كيماوية ونفايات مشعة.

والنفايات المعدية هي التي تحتوي على جراثيم " بكتيريا، فيروسات، طفيليات، فطريات" أما النفايات الكيماوية فهي التي تحتوي على المواد الكيماوية التي انتهت صلاحيتها وهي إما دوائية أو ناجمة عن إنتاج وتحضير المنتجات الصيدلية والنفايات الناشئة عن إنتاج المبيدات ومخلفات معامل الأبحاث والمختبرات، ومن أهم هذه النفايات والميثالين والكلوريد والكلوروفورم وحمض الكبريت والهيدروكلوريك والنيتريك والهيدرو كسيدات ومركبات الزئبق والكادميوم.

والنفايات المشعة هي تلك النفايات المحتوية أو المكونة من مواد مشعة مثل مولدات التكنينيوم 99 وأقراص الكوبالت 60 وترينيوم والصوديوم 22 والفوسفور 32 والكلور 36 والكالسيوم 47 والكاربون 14 والسيلينيوم 75 والبتريوم 90 واليود 125 والكروم 51، وكل هذه المواد تستعمل عادة في القياسات الطبية والإبحاث البيولوجية.

وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى انه في فترة ما بين 1998 و 2000 تم تحضير جملة من القوانين الأساسية ومن ضمنها قوانين استصلاح البيئة ودراسات التأثير على البيئة وتدبير شؤون النفايات في أصنافها المختلفة كما تم البحث مع مختلف الأطراف المعنية قصد إنجاز مشروع مشترك تتفاعل فيه البيئة مع التنمية المستدامة، إلا أن كل هذه المجهودات كانت ضحية للبيروقراطية وظلت حبرا على ورق، رغم أنه أضحى العالم اليوم يضيف المجتمعات حسب درجة وعيها البيئي، علما أنه بشهادة الجميع المهتمين بالبيئة، المغرب مازال لم يصل بعد إلى التعبئة المقبولة بيئيا وكما هو متعارف عليها، وبذلك فلا زال مطالبا بالاهتمام بالعمل على استعادة التوازنات المجالية كعامل أساسي في اكتساب التوازنات الاجتماعية من أجل اعتماد تنمية مستدامة تضمن كرامة المواطنين عامة، وهذا يعتبر الأساس الصلب لبروز وعي بيئي أو ايكولوجي حقيقي وليس مفتعل أو مناسباتي كما هو الحال الآن.

وفي هذا الإطار يعتبر مشكل جمع النفايات الطبية تحمل المسؤولية لبعضها البعض دون الإرساء على حل مجدي وفعال، إذا، على سبيل المثال لا الحصر، تؤكد المصحات الخاصة أنها ليست مستعدة لتحمل نفقات التخلص من النفايات الطبية لاعتبارها أنها مسؤولية الجماعات المحلية وجزء من اختصاصها.
إلا أن التعامل مع النفايات الطبية يعتبر قضية شمولية تستوجب نوعا من التربية الطبية والوعي بطريقة ملائمة للتعامل معها، إذ على كل من يهمه الأمر أن يحرص منذ البداية على العناية بالتعامل السليم مع تلك النفايات، أضرار كثيرة، ومن ضمنها الأمراض الخطيرة الشائعة اليوم كالالتهاب الكبدي، والذي أضحى يعتبر الآن أشد خطورة من السيدا، والذي ينتقل عبر الدم، باعتبار أن الأمراض الشائعة الناتجة عن النفايات الطبية هي مرض الالتهاب الكبدي والسيدا، في وقت لا يتمتع فيه أغلب المغاربة بتغطية صحية شاملة.

وعلاوة على المستشفيات العمومية هناك حوالي 260 مصحة خاصة وكلها تنتج نفايات طبية تتطلب استراتيجية واضحة المعالم والآليات للتخلص منها طبقا للمعايير المتعارف عليها دوليا حفاظا على صحة المواطنين وعلى البيئة، علما أن جمع النفايات الطبية يتطلب مصاريف باهضة، ويبدو حاليا أنه من العسير على المصحات الخاصة بالمغرب تحمل تغطية نفقات جمعها لاسيما وأن أصحاب هذه المصحات يعتبرون أن أرباحهم تقلصت بشكل كبير ولم تعد كما كانت في السابق.

وبذلك يتضح أن إشكالية النفايات الطبية لازالت مطروحة بالمغرب، وبذلك فلا زالت انعكاساتها تتراكم رغم أنها وصلت إلى حد أضحى معه من الضروري الإلتفات إليها بعزم ومسؤولية.

                                           



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتجار في الحياة
- منع آخر للدكتور المهدي المنجرة بالمغرب
- إشكالية الدين والسياسة والدولة
- المغرب والتطرف الديني
- خاصية التطرف الديني بالمغرب
- لازال المغرب في حاجة لإصلاحات
- تداعيات الإرهاب بالمغرب - قراءة متعددة الزوايا -
- -الإهانة في زمن الميغا- أمبريالية- للمهدي المنجرة في طبعتها ...
- لا يمكن الاستمرار على هذا الحال
- التعامل مع الفساد بالمغرب
- اغتصاب الأطفال
- الأحزاب المغربية والغباء السياسي
- حول كتاب ترجمة معاني القرآن للأمازيغية
- الحقل السمعي البصري بالمغرب السياق والمآل
- المخدرات: زراعة القنب الهندي بالمغرب
- حوار الحضارات يستلزم رؤية واضحة المقاصد
- الكشف عن الحقيقة ، كل الحقيقة ، لاشيء إلا الحقيقة هو مطلب ال ...
- آليات الفساد مازالت حاضرة بالمغرب
- الشرخ الرقمي بين دول الشمال ودول الجنوب
- أوراش 2004 بالمغرب


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إدريس ولد القابلة - إشكالية النفايات الطبية بالمغرب