أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جيهان عوض - في القدس صلينا ,,رغم أنف الجبابرة














المزيد.....

في القدس صلينا ,,رغم أنف الجبابرة


جيهان عوض

الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 06:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


لكنت أقول دائما وفي عدة مناسبات أن هذا المحتل الغاشم يحتاج الى مليون سنة تضاف الى الستين التي مضت ,, ليعرف تركيبة الفلسطيني ,,من التحدي والعنفوان الذي لا يقهر ,, وليدرك أن هذا المزيج عصيّ على الفهم والتحليل ,,,فكل المعارك التي ينتصرون فيها علينا بسلاحهم هم في الحقيقة مهزومين من دواخلهم ,, وإن كنا ضمن الحسابات خاسرين ,, إلا أننا نسجل انتصارات في أعماقنا ,,,
لم تكن فكرة الذهاب الى المسجد الأقصى في الجمعة الأخيرة من رمضان والتي صادفت لأول مرة ليلة القدر إلا مسًّ من الجنون أو ضرب من الخيال ,, وسط تشديدات امنية لم تشهدها المدينة لسنوات مضت سيما امام من تقل أعمارهم عن 50 من الرجال وعن 45 من النساء لغير حملة هويات القدس والتصاريح ,, ,, فقد أغلقت كل مداخل المدينة والمعابر حتى تلك الإلتفافية التي كنا قد سلكناها في السنوات ماضية ,, فلا بد من حكاية ومغامرة في كل مرة تفكر فيها بالصلاة في مسرى الحبيب ,,
على حاجز قلنديا العسكري الفاصل بين مدينة القدس ورام الله كان لكبار السن زهو كبير علينا وهم يعبرون الحاجز دون أي سؤال أو حتى إبراز هويتهم فالتجاعيد تكتب تاريخا على وجوههم ,, أما لو نظر أحدهم الى عيون الشباب لوجدها ممتلئة بدموع الأماني وأحلام يقظة أن تغمر التجاعيد نضارة وجوههم ,ويداهم الشيب سواد شعرهم ,,, وأن تهدي الأقدار لأعمارهم قدما ثالثة يتكأون عليها ,, عينان مليئتان بالنقمة على الحاجز من جهة ,, وعلى الصورة الشابة و تاريخ الميلاد الذي لم يتقهقر إلى الخلف عشرين سنة على الأقل ليسهل عبورهم !!
كانت إجابات الجنود تزيد من حدة النقمة التي تتأصل في دواخلنا ,, فهم دوما يردون "روخ بيتك ,, ارجع كمان عشرين سنة بتفوت ,, يلا من هون " هكذا قالوا لي بتهكم وربما كان لجملتهم هذه أن تكون شرارة التحدي بيننا وبينهم,, قنلنا لهم وابتسامة يملئها الغرور والاستهتار بغباءهم تعلو شفاهنا " وهل تضمنون لنا أن نعيشها , حسنا سنريحكم ,, سنصلي هناك وسندخل ولكن ليس من أمامكم " ,,أشاح الضابط بوجهه عنا ,, ولكني متيقنة أنه هرب من الحقيقة الكامنة والتحدي الذي يسكن لمعان عيوننا ,,
اجتمعنا على هذا التحدي وجربنا كل الطرق الإلتفافية دون جدوى ,, فالمروحيات تدور في السماء بحثا عمن يحاولون سلك تلك الطرق ,, وكلما وجدنا ثغرة تحت جدار الفصل العنصري تمكننا في بضع خطوات ان نصير حيث سافرت أحلامنا ,, حتى نسمع صوت عجلات الجيب العسكري قادم,, وأصوات جنود ينتظروننا في الناحية الأخرى من الجدار !
أكثر من ثلاث محاولات شاقة للعبور باءت بالفشل ,, لكني لم أر يأسا تسرب الى أي من العيون ,,,, بل تزداد فيها حدة الإصرار والتحدي ,, إذ لم يبق أمامنا سوى خيار واحد ,, مغامرة شاقة جدا ومرعبة بعض الشيء حسبما يصفها لنا السائق ,, لم نتردد في الموافقة عليها أبدا ,, ركبنا الحافلة التي توجهت بنا الى قرية بيت اكسا التي تبعد مسافة 9 كيلومترات الى الشمال الغربي من مدينة القدس,, حيث نزلنا على مشارفها إذ لا يسمح لسائقي خارج هذه المنطقة بالتجول فيها ,, مشينا مسافة ربع ساعة في طريق جبلي وعر حتى وصلنا الى شارع رئيسي ,,كانت هناك سيارة أخرى بانتظارنا والتي بدورها أقلتنا الى آخر القرية وكان مطلوبا منا السير في طريق شقّ في بطن الجبل الذي تقع فوق نهايته مغتصبة "ريموت "

,,ربما كان من الخطر أن نسير تحت وكر المحتلين ,, ولكنه خيارنا الوحيد ,, ولا بدّ من المحاولة ,,

كنا نسيروكلنا همة ويقين بالوصول ,, ولم يجد الخوف سبيلا الى قلوبنا حيث أذهلنا المكان بسحره وجماله مناظر لم نكن لنراها من بلادنا لولا تلك المغامرة ,, على جانبي الطريق تنتشر أشجار السرو والصنوبر ,, والصخور بألوانها وتموجها وتشتتها تارة وتجمعها تارة أخرى شكلت لوحة رائعه ,, اكمل انتعاش رحلتنا هبوب هواء عليل من عمق الوادي السحيق من تحتنا ,, و نزول مطر خفيف داعب الثرى لتزكم انوفنا رائحته التي لو اجتمعت حروف الضاد لتصفها لأعجزها سحرا وعذوبة ,,,
استغرق المشي معنا أكثر من ثلاث ساعات ,, حتى وصلنا الى تجويف تحيط به الصخور كبير جدا تحيط به أشجار السرو الكبيرة حيث كانت كفيلة بحجبنا عن أنظار المستوطنين من فوقنا ,,وهنا يعني أننا قطعنا 90% من طريقنا وكل ما يحتاجه الامر سيارة تقلنا من حيث نحن الى باب العامود في القدس ولكن طال انتظارنا للسائق لأكثر من ساعة ,, والهواتف النقالة باتت خارج التغطية لأنها تابعة للشركة الفلسطينية ,,, إلا أن "عمّار " الشاب الذي قاد رحلتنا بالتنسيق مع سيارات النقل كان لديه هاتف تابع للشركات العبرية في محاولة منه إيجاد سيارة تقلنا ,, مرّت دقائق الساعة ثقيلة كأنها دهر بأكمله ,, فنحن على بعد بضع دقائق من المسجد الأقصى ,, ولكننا لا نستطيع حتى رفع رؤوسنا فوق تلك الحفرة ,,وقد فاتتنا صلاة الظهر منذ ساعات ,,تأخر السائق كثيرا ,,

ولم نصدّق أنفسنا حينما قال لنا عمّار أن السائق وصل ,, وهذه المرة كان علينا أن ندخل المستوطنه ,, ونقطع طريقا قصيرا جدا فيها ,, كان هدوء يشبه هدوء المقابر يسود المكان ,, حتى كسره نباح كلب مربوط أمام أحد المنازل هناك ,, تسارعت خطواتنا حتى أصبحنا على مفرق " مشعول موران "في منطقة بلدة لفتا القديمة الفلسطينية أصلا حيث وجدنا السائق بانتظارنا ,, ركبنا على عجل وما هي إلا عشر دقائق حتى صرنا هناك ,, في رحاب المسجد الأقصى ,, شعور لا يمكن وصفه ,, زال عنده كل التعب ,,حتى أننا شعرنا أن سحابة أقلتنا وأنزلتنا هناك !!
أغبياء هم الجنود على الحاجز ,, إذ كان عليهم تصديقنا حينما قلنا بأننا سنصل إلى هناك وسنصلي زوالهم بإذن الله ,, لقد مرّغنا جبينهم في الوحل حينما بلغ عدد المصلين الأكبر بين كل السنوات التي مضت علما أنهم هذه المرة أحكموا إغلاق المدينة وأوصدوا كل مداخلها !!
حري بهم بعد مضي كل تلك السنوات أن يدركوا أن تركيبة الفلسطيني تأبى الخنوع ,, وأن ثورتنا لا تخمد بقوة النار والحديد ,,وإنما بنيل كل حقوقنا وزوالهم عن أرض أجدادنا الطهور ,,
تصبحون على وطن حر كريم

دمتم بنقاء



#جيهان_عوض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى النكبة ,, السلام ترتيب تناقضات ، أم تصفية قلوب ؟
- سوبر حصار


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جيهان عوض - في القدس صلينا ,,رغم أنف الجبابرة