أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عبده علي غانم - -ذاكرة الرحيل--رواية















المزيد.....



-ذاكرة الرحيل--رواية


نشوان عبده علي غانم

الحوار المتمدن-العدد: 2377 - 2008 / 8 / 18 - 10:03
المحور: الادب والفن
    


الإهداء: إلى أبي وأمي وأخي الأصغر جلال ,
وإلي الأستاذ القدير/صالح شعبان ,
هؤلاء من قرروا أن لا يتنفسوا هواء الخوف والخيانة فتنفسوا هواء الحرية الواسع..
و لم يجدوا من مبرر ٍ لكتابة نص ٍ على مساحة الخرافة فكتبوا على مساحة الحقيقة فقط حقيقة الإنسان!!
كتبت لكم من أنفاس لغتي العربية أنفاسي الأخيرة على هذه الأرض !
عسى أن تبقى لأنفاسي من ظل ٍ أو حتى رحيل بين مفردات اللغة!!
نشوان هلال.
الفصل الأول


أي عنوان ٍ يستطيع أن ينقذ جنازة نص ٍ يلفظ أنفاسه قبل أن تتعثر دواة الحبر في العثور على مساحة ٍ تشهق ميلادها ؟وأي علم ٍ من علوم الطب قادر على وصفتها؟
نصٌ يعاني من عتمة ٍ حادة ولا يجد ما يلزم من كسر طوق الظلام..
أنها تعاني من العتمة أكثر من النور وتجد متسعا من الهزيمة لأنها ربما ستموت قبل الأوان,
قبل أن تكون حاضرة في معترك الحياة,
ربما لأنها ستكون ذاكرته التي ستتسلل إلى نور الأرض وتبدأ في سرد مؤلفها !!
تبدأ في البوح دون الخوف من بطش الأنظمة الحاكمة !!
لان كاتبها لم يعد يخشى الموت فهو قد أجاز لنفسه النهاية..
أجاز أن تنتهي اللعبة ولكن ليس كما يريدها الآخرون !!!
أن الخوف من الموت ليس عملا بطوليا لشخص ٍ يُرغم على موت ٍ مصطنع من أنظمه الدولة,,
أنها تصنع لك الدراما دون الخوف من هيبتها كدولة!!
أن أجهزه الدولة في الأخير لا تنفذ إلا أهواء ورغبات أولئك القائمين على تسييرها ,,
الموت لشعب ٍ ربما يكون هينا لمسئول على جهاز ٍ معين في الدولة مقابل أن يحصل ذلك المسئول على شروطه في العيش !!
العيش طبعا على دم المغلوب ودم الضحية ورائحة الفقراء واللعب بأرواحهم وأجسادهم !
هذه الصفحات التي أبدأ بخطفها من يد القدر كي اترك وصيتي على سطورها !!
وأي وصيةٍ ستكون تلك بعد أن منحوك تلك الهدية المحترمة ..
هذا العطاء الذي انتظرته طيلة العمر ,,
فأجهزه النظام قد فرشت الورد على سرير نومك!!
لم تترك لك شيء إلا ودمرته ..لقد انتظرت اللحظة الحاسمة لكي أهدي أبي وأمي وأخوتي وأختي الوحيدة أهديهم قليل من سعادتي ..
ولكن مثل هذه الانظمه الحاكمة ترغمك على البكاء والمراره ..
ترمي بك بعد أن تحصل على شهادة التخرج الجامعية إلى طابور الفراغ والبحث عن الخبز ,
حتى ولو أنك حاصل على تخصص فريد وعلمي فى نفس الوقت..
وأبناء المسئولين هم من يسرقون الوظائف والمزايا ويسرقون أيضا أرواحنا ان جاز التعبير ..
أيمكن أن يكون كل ذلك هو عنوان ٍ لمستقبل الأجيال ,,
فأنظمتنا الحاكمة لا تقبل بشخص ٍ يرفض الإذلال ولا يقبل الفساد ولا تكون مواطنا حقا دون أن تصفق لهم وتمدح بهم وتثني على وفاءهم لوطنٍ كانوا فيه أغنيه ٍ للفساد وقصيده لنهب الثروات والممتلكات !!
فأنت بكل مقوماتك لا تستطيع أن تغير شيء في الموضوع !!
عليك أن تقول نعم أينما كنت !!
لم تكن تلك الكلمة هي المشكلة لشعبٍ يريد أن يعيش بأي ثمن وتحت أي مسمى !!
ولكن الذي يدميك ويجعل من أعصابك تتمزق أنك ربما تسقط فى أنيابهم مره واحده !!
بعدها تأكد أنك ستسقط تماما مهما كنت بريئا أو وطنيا فأنهم لا محالة سيلعبون لعبتهم القذرة..
وسيجعلون منك رجلا خارجا عن وطنيتك وعروبتك وبأنك مواطنا رجعيا وعميلً,
وعلى ذلك يجب الخلاص منك ,,
يجب إعدامك لكي تنجز أجهزه النظام على العملاء والمرتزقة .
وبهذا العمل سيحقق الوطن المزيد من الإنجازات وبناء الدولة الحديثة ..
أي بناء ٍ هذا ؟
أن نستخدم قوة النظام في مطارده من نريد أن نقضي عليه !؟
أيمكن أن نسمي قتل شاب ٍ جامعي ومعه الكثير من المؤهلات الفريدة ؟؟
أن نسميه إنجازآ وطنيآ خالدآ ؟؟
وبهذا نقضي على ثروه هذا الوطن بأن نغتال من نريد وندمر من الطاقات ما نشاء وفقآ لأهواء أولئك المتسلطين على الدم الإنساني ..
كانت برودة المكان أقل من تلك القادمة من برودة الروح .
ياالله ماأجمل تلك الأيام ..أنها ربيع العمر فعلآ!
أنها تلك المقالات التى كنت أنشرها فى منتدى أحلام مستغانمي
وكذلك تلك التى أنشرها فى مدونات مكتوب على شبكة الإنترنت,
وهذه المشاركات التى أستقبلتها من أصدقاء فى المغرب وفى الجزائر !
أنها بعض القصص القصيرة التى كنت أستلمها من أصدقاء يطلبون ملاحظات حول مايكتوبون,
جاء من الطرف الأخر صوتان :الأول صوت نجاة الصغيرة "أسألك الرحيل"!
فما الذي جاء بتلك المفاجأة التى تواطأت مع ذاكرتي فى الرحيل أيضآ ؟!
و الأخر :صوت المذياع الذي يعلن عن منح الموسيقار "دانيال بارين بيوم" !
ذلك الموسيقار العالمي الإسرائيلي والذي مُنح الجنسية الفلسطينية !
الموسيقار الذي قرر أن يمنح عائدات المهرجان الى أطفال غزة المحاصرين !
هذا الموسيقار الأكثر تضامنآ مع الشعب الفلسطيني,
وضد سياسة التطبيع ومشاريعها مع إسرائيل ,
هذا الذي جاء أرض فلسطين وهي فى أسوء أيام الحصار على غزة.
جاء ليهدي أطفال فلسطين جزء من الفرح وأن الفن ليس الا رسالة ً إنسانية ..
أن هذا الحضور الفعلي لموسيقار إسرائيلي لم يكن خطابآ موجه الى كل الأمم !!
تلك التى يروق لها أن تستمتع بمظاهر العدوان الإسرائيلي على أطفال ونساء وشيوخ فلسطين!!
دخلت "زهره"الى غرفه أبنها فى أحدى ليالي ديسمبر البارده وهو يردد الى نفسه بعض الكلمات والتي بها يريد أن يُشفى من مشاكله التي أخذت تتسارع وتيرتها وبدأ كل شئ يأخذ شكله المُر والجنوني فى مجتمع مثل مجتمعه ..
مجتمع ينام على فكره الصراع والسباق الكاذب الى المادة دون علمهم كيف يستطيعوا الاستفاده منها !!
أنهم يجمعون المال كي يجدوا متنفسآ واسعآ لإفتعال الأزمات والمشاكل مع الضعفاء والمغلوبين على أمرهم من أبناء جلدتهم ,,
أنهم يحاولون أن يقلدوا أنظمتهم الحاكمه فى تطبيق البقاء دائما للأقوى !!!
ألقت الأم ببعض قلقها على ولدها قائلة:
- لاتحاول أن تبقى وحيدآ فى غرفتك ,فليس هناك مايستحق كل هذا التفكير !!
وقبل أن تصل كلماتها إلى مسامعي وأنا في دوامة الصدمات الكبرى التي تتأرجح في الذاكرة ويتردد دويها الصاعق ..مازلت أعلّق الرايات التي أنكسرت ألوانها على نافذة القلب!!
وأكتب لوحة سرية تحت منفى النص :أن يوما تفقد فيه رايات المجد وتتكسر أمواج الصمت المتلاطمة ..
وتُنّكس شهادات الرحيل ..سرقوا أدلة حضورها التام وجردّوها من سموها الشامخ في الغياب أيضا !
لحظة أن يغمسوا الإسم فقط في بؤرة الخطيئة ويعلنوا عن سقوط القناع الأخير للضحية!!
أنها المناسبة القومية الكبرى التي سيعشون تفاصيلها تماما!!
يتبادلون التهاني وبطاقات التبريكات الجاهزة والتي مازالت تنتظر ساعات نزيفك القادمة!
بطاقات مستوردة تُملأ بكلمة واحدة أو بالأحرى حرف ُ واحد يميزها عن الأخرى !!
البطاقات التي تشهق جمرا لملأ فراغاتها وتستعد لذلك التاريخ الذي لم يُكتب بعد على فراغاتها !!
تاريخ أعلان السقوط في خندق الخديعة التي نسجوا خيوطها سنين ومازالوا في أول الخيانات التي لم يتمكنوا بعد في تحقيق ذاك الحلم المهترئ الملامح والأبعاد !!
خفوت من حلم ٍ يطارد يقظتي فأجبت أمي :
- نعم ..ولكن البقاء هكذا أروع من أرتكاب أي حماقه آخرى !!
- ياأبني الناس هنا فى القريه ليس مثل الناس فى المدينه فهنا الناس مساكين
- الناس فى أي مكان هم بنفس العقليه القائمه على أحتراف العداء للآخرين ..
خصوصآ الانسان الناجح فى حياته والمتفوق فى طريقته فى التفكير ..
حين يسقط فى دوامه الفخ والخديعه ..
يبقى مادة شهيه يتناولها المجتمع ويسهم فى تغذيه هذا الجرح !
بدأت تتسلل الى الذاكره عناوين آخرى مازالت تفوح منها رائحه الجنون والموت المعلن فى كل لحظه ..مازالت تلك المدينه حاضره بكل تفاصيلها وكل أوجاعها ..
تلك المدينه "صنعاء " التي أختصرت رحلة العمر والحلم معآ ..
ليتحول الحلم الى نوعآ من الجنون والتشظي ..
تحولت تلك المدينه من ليله صيف دافئ
الى شبح ٍ وهمي يطاردني كلما حاولت أن استعيد مآساتها ,,
كانت مدينتي التي منحتني كل مذاق للحريه ..
تلك المدينه العاصفه فى كل شئ تحمله بداخلها,,
أنها مادة للحنين الى كل ملامح الانسان ,,
تعني الحقيقه بكل تجلياتها وأبعادها ..
كانت ايضآ الصوت الدافئ الى شكل الخبز المتمادي فى الغياب والتماهي ..
"صنعاء"هي من ستصنع مستقبلي ومنجم للحلم القادم !!
ربما يكون البحث عن العشق هو ناجم عن البحث عن العمل أو البحث عن الثروة ,
فهل هذا ممكنآ ؟؟
هل من الممكن البحث عن هذه المعادله الصعبه؟؟!!
أن العشق لا يمكن أن تكون بعده الا مذبوحآ بسمومه !!
فكم هو جميل ذلك الحب المختبئ خلف أسوار الحقيقه ..
ذلك الحب المكتوب على الشاشه الخلفيه لجهاز الكمبيوتر ..
ذلك الذي يتعدى المسافات ويطير بك الى الجزء الآخر من الكره الارضيه دون ان يكلفك أي معارك حقيقيه مع أصحاب القبيله !!
دون أن تخسر أي شئ يذكر فى الارواح ,,
فأيهما يستحق البحث العمل أو العشق او الاثنين معآ ؟؟
غالبآ مايكون البحث عن العمل هو السائد فى كل الاوقات ,
ولكن أحيانآ نعتقد لاننا فقدنا الأمل فى العثور عن العمل نعتقد أن الحب ربما يكون سببآ فى الحصول على العمل !!
هكذا تعتقد وأنت تحاول ان تبحث عن ثقبٍ للنور أي كان شكله أو معناه !!
تريد أن تنجو من شبح الموت وتحاول أن تجد تفسيرآ لمعنى الاخرين ومعنى الحياه معهم ,,
خصوصآ الناس فى صنعاء وطبقه البرجوازيه !!
فتلك المدن تبدو لك طبيعيه فى كل شئ ولكن تحمل لك مالاتتوقع حدوثه .
"صنعاء "التي منحتني القوة فى فترةٍ كان ينبغي أن أكون ضعيفآ .
منحتني النصر والشموخ فى أوج الهزائم ,
لقد تعلمت من تلك المدينة أن الإنسان يمكنه أن يبقى حيآ دون المال ودون زيف الشكل .
علمتني الصمود والعزه على ماتملك هي بالتأكيد أغلى مما يملكه الآخرين من ارصده وعقارات.
ربما يكون أحدنا مخدوعآ بطيبه الآخرين وزيف مشاعرهم فنعتقد بأننا أصبحنا فريقآ واحدآ !
أصبحنا كتله من النبل والروعة اللامتناهيه وأننا لاشك نتقاسم الحلم والواقع دون شك!
كذلك يخدعك من تظن أنه سيمثلك ,
ويحاول أن يقترب من عواطفك ,,
لتمنحه أسرار حياتك,
وربما تخسر مقابل منحك ذلك حياتك بأكملها !
فنحن دومآ نتيجه كل مانخسره فى حياتنا ,
وليس كل مانكسبه .
فالوجود هو نتيجه ماحدث وليس نتيجه مالم يحدث,
وكذلك الإنسان ربما يبقآ فى حاله ربح حين يعتقد جدآ أنه خسر شئ بمحض الصدفه .
فالتجارب أحيانآ تمنحك القوة مهما خرجت مهزومآ من تلك التجربه ,
فلاشك بأنك ستنجح فى المرات القادمه ,
ولن يكن نجاحك القادم الا نتيجة خسارتك فى المرات السابقه!
الذي يبقى بنقطة النجاح ربما يأتي وقـتٌ آخر يكون فيها مهزومآ نتيجه مايمكن ان نتوقع حدوثه من الآخرين من طفرات فشل ونجاح مكتسبين معآ!
هناك حدثٌ ما ,
تتغير حياتنا تمامآ على أثره..
ربما نخسر كل المكاسب التى جمعنا رحيقها من الطفولة إلى الآن ,,
فيصبح هذا التغيير عملآ إستفزازيآ لحصتنا فى الحياة,,
وذلك التحول الذي يصنع منك رجلآ مستحيلآ ..
رجلآ من العيار الثقيل فهذا ربما يأتي بمحض المصادفات وبمساعده القدر ذاته تصبحآ لامعآ ,,
وربما مسؤلآ كبيرآ ,,
ذلك النجاح لم يأتي لانك رجلآ ذكيآ أو عبقريآ وليس لانك رجلآ سحريآ ,
أنه يأتي ربما بمساعده غيرك ونادرآ مايأتي النجاح المدهش لكونك رجلآ تستحق ذلك المنصب.فأبناء الفقراء هم الأقل حظآ من الحقوق المشروعه لهم!
فهم اكثر طبقات الشعب نضجآ وأكثرهم ذكاءآ ,,
ومع ذلك فهم أكثر الطبقات تهميشآ ,
فتجد غالبيتهم فى الغربه والبعض الآخر فى الريف وهم يعملون ليلآ ونهارآ فى الارض ظنآ منهم أن الأرض ستمنحهم مالم يحصلوا عليه من الثروات والجواهر التى لم يحصلوا عليها من الدولة,فتجدهم يموتون قهرآ وإنتظارآ !
يموتون وهم يبحثون عن شكل السعاده الحقيقي ,
هم خارج لعبة النهب المؤدلج الذي تقوم به أجهزة الدولة ورجالها المدسوسين فى قتل المواهب والأجيال وسرقة الدم البشري كل لحظة !
حاول أن تجد تفسيرآ لشكل الفوضى والنهب للمنح الدراسية التي تذهب إلى أبناء المسئولين .
فالقانون مطبق على أبناء الفقراء ولكن أبناء الدبلوماسيين والطبقة البرجوازية هي التي يسقط عندها القانون والدستور .
وتُسرق الحصص والمكاسب دون أي جهد ٍ يذكر !!
لكل فرد حلمه الخاص الذي ينسج خيوطه من الطفولة ..
فالطفل عندما يبدأ في النمو فى جو ٍ من التفوق يبقى الحلم أن تكون طالبا يكمل القسم الأكاديمي
من دراسته العلمية في خارج الوطن.
ربما يكون هذا ليس بهدف التحصيل العلمي الجيد ولكن من أجل فكره أن تتزوج امرأة من أجنبية ,أو لسبب أن تحصل على جمهور كبير من رضاء بنات القرية ,
على أنك شخص مهم للغاية ,بعيدآ عن التخصص الذي ذهبت من أجله.
كان أخي الأكبر هو من زرع فى نفوسنا هذه الرغبة ,
رغبة الإلتحاق بالقسم العلمي وكذلك الحصول على منحه دراسيه الى الخارج !
ولكن أحيانآ فى القرى نادرآ ماتجد مدارس تحوي القسم العلمي ,
فيضطر الطلبه المتفوقين الى الإنتقال المدينه لإكمال القسم العلمي ,
هذا أن توفرت الظروف الماديه لرب الأسره وأذا لم تسمح الظروف فأن الطالب مهما كان مبرزآ فأنه يُكره على القسم الأدبي أو ينتقل الى مجال العمل فى أرض أبيه ,
فوزارة التربيه والتعليم لاتملك الخطط المناسبة من أجل المساهمة فى نشر التعليم العلمي فى المناطق النائيه ..بل تجد العكس فالمشرفين على العملية التربويه والتعليمه يكتبون تقارير لا علاقة لها بهذه الظرورات وهذه الرؤية التى تخفف من كاهل المواطن بدلآ من الانتقال الى المدن وتحمل عبأ إضافي على رب الاسرة.
وكل ذلك من تكريس التعليم التقليدي والكلاسيكي وهذه الأقسام هي مكدسة والتي لا معنى لدراستها فيما سيأتي للدراسة الجامعية القادمة .
خصوصآ فى ظل البطالة التى تملئ الشوارع من حملة التخصصات الأدبيه .
وهذا لايعني ان المجالات الأدبية لا قيمه لها ,
بل الانظمة العربيه هي التي تعلن أفلاسها وتغلق باب التوظيف لمثل هذه التخصصات .
ولكن الدور الفعلي الذي تلعبه وزارة التربية والتعليم هو التلاعب بمصير الاجيال ونشر سياسة
التعليم المتدني وايضآ نشر الفساد بكل أشكاله ,
سواءً مابين المشرف والمدير أو المشرف ومكتب الوزير ,
كل هذا ينعكس سلبآ على أبناء الفقراء ويغلق مجال التنافس على التخصصات النادره كالطب والهندسة وايضآ حرمانهم من الحصول على منح دراسيه خارج الوطن .
عند أقترابنا من الثانوي وأنا فى رأسي هذه الرغبات الجامحه ,
فكنت طالبآ متفوق منذو الدراسه الإبتدائية والأعداديه ,
وعندما أردت الإلتحاق بالقسم العلمي والمنطقة بأكملها ليس فيها هذا القسم ,
ذهبت الى مدير مدرسة تبعد مسافة لا بأس بها فى القرية المجاورة لقريتنا ..
وطلبت منه أن ينشأ قسم للعلمي ,
رغم التأخر الفكري والثقافي الذي تعيشه تلك القرية ,
ولكنه فاجأني بتفاعله مع الموضوع وطلب مني خمسه عشر طالبآ وهو سيتولى باقي الإجراءات من أجل تحقيق الفكرة بشكل فعلي !
وبالفعل أنشأنا القسم العلمي لأول مره فى المنطقة وأكملنا الدراسة الثانوية هناك ,
وبهذا الانسان يتحدى المستحيل ويحاول أن يخمش المستحيل بسماء الرغبه .
وان تحقق الهدف الاساسي فان المعلم غير متوفر بالشكل المطلوب ,
ولكن هذا يهون فاننا كنا نذاكر كل المواد العلمية فى البيت دون الحاجة الى مُدّرس للرياضيات او العلوم .
ربما كان ذهابنا إلى المدرسة فقط للترفيه عن النفس ..
ولكن كان الإعتماد على الذات فى فهم الدروس هي كل الغايه والهدف .
فنملك مزيدآ من القدرة الخارقة فى التحدي والصمود والحصول على أكبر قدر من العلامات .
لم أشعر يومآ أنني رومانسي ,
فالملابس التي كانت معي أغلبها تعاني من أنهيار حاد فى اللون الحقيقي للقماش .
ولكن هناك شئ يسكنني منذو الازل ,
هاجس لم أستطع أن أُشفى منه ..
فأنا أحتفظ لنفسي بالكبرياء وأن اللحظه الحاسمه لثمن العقل والعلم ستأتي ,
وسياتي الزمن الذي يكون فيه الانسان متميزآ عن غيره ,
فالمجتمع لا يرى شئ أمامه سوى التفوق المادي ,
فذلك جوهر الموضوع ,
وذلك ليس تفكير المجتمع فقط فهذا هو أساس العلاقات الدولية والدول العظمى أيضآ ,
ولكن العقل هو الدينامو الأول للمادة التي تصل بشكلها الحقير إلى المجتمعات الاستهلاكية ..
تلك المجتمعات المتعرية فى الفكر وفى نوع العلاقات الانسانيه القائمة بين الأفراد .
أن الفقر الذي صار يلازم الأسرة ترك بصماته على أفكارنا,
والذي كان من المفترض أن يكون محركآ حاسمآ للبحث عن فرص عمل,
وتخفيف حده المعاناه على أبي ,
ابي الذي كان لديه من المال مايجعل الاسرة تعيش فى سعادة الى الأبد ,
ولكن لم يضع حساباته للأيام المقبله ,
فالتفكير الذي كان مسيطرآ عليه انه يتصرف مع الفلوس كأنها مادة عابره ومنتهيه ,
فيتصرف بها من منطلق الكرم ,
على أساس ان جدي أي أبو أبي كان شيخا فأبي يتصرّف بماله على هذا الأساس أي من اجل ان تبقى رائحة المشيخه باقية ويتوارثها الأبناء عن آبائهم .
فأبي كان لايخرج أي مكان الا ومعه الخيل الفريد من نوعه فى المنطقه وكأنه فى زمن هارون الرشيد ,
أعاد للذات عمقها الباذخ فى الشكل الخادع واللامع خارج حدود حقيقته!
فابي كريم وهذا الكرم الذي بدد حصتنا فى العيش حين انتهى كل حلم صباه ,
وأدخلتنا حرب الخليج –دخول القوات العراقية الى الكويت-ذقنا فعلآ المرارة يوم خروج ابي بنفس اليوم الذي احتل صدام حسين الكويت ,
ومع هذا فأبي من المؤيدين لذاك الاحتلال ولمعناه الحقيقي .
كان ابي يمقت الوضع فى الخليج ويعتبر ان الرئيس العراقي صدام حسين هو معنى الحرية والنظال وأساس الوجود ,
فهو كغيره من اليمنيين المهووسين بصدام حسين .
ولكنه لم يدرك أننا سندفع ثمن ذلك الخطأ الذي قامه به ذلك الزعيم العربي ,
ذلك الزعيم الذي قرر دون رجوع أن يحتل أرض عربية ويحررها من مواطنيها ,
فهل ذلك يعني الإنتصار ؟!
ربما كان يفكر ذلك الرئيس أن الشعب الكويتي بحاجة الى رجولة وأنه بذلك يعتبر ابناء الكويت نساءآ فلهذا قرر أن يتعامل معهم على هذا الاساس !
فالعربي تسكنه روح الإحتلال فنحن لسنا بحاجة الى إحتلال أرض ..
أهلها يعيشون بسلام وأمان ,
نحن بحاجة الى ان نتذكر تلك الأرض العربية الباكية فلسطين ,
ان نقرأ ذلك الجرح المتمادي فى نزيفه ,
كان أجدر بنا أن نفتح عيوننا على مأساة ذاك الشعب,
ونضع لهم شئ يُذكر من التضامن ,
فالتظاهر ورفع اليافطات لا يعني شئ .
وسط أنظمة لاتحترم رغبة شعوبها فى صنع الممكن وتقديم رغبتهم الى ضفة الواقع .
فمثلآ فى حرب تموز 2006 م صرّح الملك عبدالله ملك السعودية والتي أدان فيها حزب الله على عملياته ,
لم يتكلم عن المذابح التي ترتكبها اسرائيل فى أطفال لبنان,
فكل الأنظمه العربيه أشهرت إفلاسها ولا يعنيها الا الإحتفاظ بكرسي الرئاسة.
تلك الانظمه تدرك ان عليها أن تصمت أكثر لتحافظ على بقائها ,
ولا يترك الرئيس الكرسي لأحد دون أبنه .
وعلى الشعب أن يتوقف عن الكلام وسب أمريكا وإسرائيل ,فتلك الدولتين محترمتين ولا يجب أن نقول لا لأمريكا أو الموت لأسرائيل ,
فمثلآ أحيانآ السلطة لا تجد مبررآ لشئ فتبحث عن مبرر لا علاقة له بتصرفات الدولة !
ففي حرب صعده فى اليمن على الحوثيين نقل التلفزيون اليمني مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء,
والذي سرد من خلاله عدد من الأسباب التي جعلت السلطة تتعامل مع هذه الطائفة بذلك الشكل الوحشي فى قتل الأبرياء والإباده الجماعية للمواطنين وتشريدهم من منازلهم ,
قال رئيس الوزراء :لقد كانت تلك الطائفة لها مدارسها الخاصة والتي كان شعارها الموت لإسرائيل وأمريكا!!
فأي سخافة هذه التي يقولها ذلك الناطق بأسم النظام والحكومة ..
فأبناء تلك الطائفة الإثنى عشرية كانت فى فترة من الفترات تحظى بدعم الرئيس شخصيآ ,والتي أستخدمها كورقة ضد الطائفة السلفيه والتى كانت بزعامة الشيخ الوادعي .
لعل السياسة هي من وضعت الحقيقة فى الخانه اللامتناهية من الارقام .
السياسة أخطبوط أحمق فى التظليل على الشعوب والامم !
أنها ديكور مُعيب ننشر من خلالها شكل الأزمات وتسويقها بالقالب الذي نريده ,
لاشئ يمكن أن تنتجه مثل تلك الأنظمة سوى فراغ من الهالة الاعلامية لحجم الدولة وهيبة النظام والقانون ,
وعمليات الإغتيالات والسطو والترهيب والنهب الذي ليس له من وصف ٍ !!
على المواطن العربي أن يغلق جميع نوافذ المعارضة ويقول للحاكم :نعم !!
فماالذي سيكون بديلآ لكلمة نعم ,فنعم فى بلادنا العريبة تعني لا ,,
لأنك أن قلت "لا "فلايوجد الشخص الذي سيمثل الكلمة "لا".
أنت ستنتخب شخصآ واحدآ فعليك أن تختار الكلمة المناسبة!
فأي ديمقراطية تلك التي تسرق من ميزانية الدولة الملايين من الدولارات ,
ونحن ندرك مسبقآ أن الحزب الفلاني هو المنتصر والشخص الفلاني هو الرئيس !؟؟
وليست تلك مشكلة النظام فحسب ,
فمشكلة وعي الشعب هي الأكثر كارثية,,
الشعب لايستطيع أن يعبر عن رفضه ولا عن حريته ولا عن معانته ..
ففى أحدى المظاهرات الشعبيه فى المحافظه والتي كانت الأعنف من نوعها فى اليمن ويرى المحللون أنه أن أستمرت تلك الحالة سبع ساعات سيؤدي الى إنقلاب النظام ,
وفى نفس الشهر أيضآ شهدت المحافظة أعنف إستقبال جماهيري حاشد لرئيس الجمهورية ,فكيف تفسر شكل الرفض الذي شهدته المحافظة ؟؟
هكذا أكون ضدك فى الغياب ,
ومعك حد الموت فى حضورك !
ليست كل هذا ماتعانيه الشعوب العربيه .
أنها تركض فعلآ الى بناء ترسانتها العسكرية البشرية والإستخبارتيه من أجل ان تحافظ على عمرها الإفتراضي فى البقاء .
فالسكرتير الصحفى لنائب الرئيس ليس صحفيآ ,
أنه رجل أمني وعمله فى الحقيقه ليس صحفيآ بالمعنى الأحرى فالرجل لديه رتب عسكرية ولم يكن لديه رتب صحفية أو أنجازات تستحق أن يكون صحفيآ !!
الا من باب النفاق والتظليل على الشعب برمته,
هذا لايعني طبعآ ان الوطن بأكمله يعاني من فقر ٍ فى الصحفيين والكُتاب !!
فالصُحف تكتظ بالملايين من المبدعين والذين يفوقون ذلك الصحفي بمليون مرة!
ولكن كان حصوله على هذه المرتبه بسبب أنه كان عسكري هو الرئيس آنذاك ,
ليصبح الأول رئيسآ وزميله الأخر صحفي لنائب الرئيس!
فهذا هو التصنيف الأجمل للمناصب فى هذا الوطن ,
فهناك الماجستير والدكتوراه من إعلاميين وصحفيين لا يملكون ثمن الخبز ,
ومحاولاتهم الجادة فى كسب القوت اليومي من المقالات التي تذهب إلى أدراج المخابز والسندوتشات ,وهؤلاء الذين يتسلقون المناصب وتلك القصور الفخمة ..
والتي هي جزء من قصور الاحلام الخيالية التصميم والهيبة .
وهذا يعكس وجة السلطة وحقيقة الوضع القائم !
إضافة إلى ذلك خريجين الكليات العلمية مثل الطب والهندسة والذين لم يجدو من طريقةٍ آخرى للبحث عن العمل والوظيفة الخيالية جدآ !!
ان الوضع القائم والذي تسير على نهجه نظام السلطة هو الإهتمام بالمجالات العسكرية دون غيرها .فكيف نخرج من أزمة أنظمتنا العربية ؟؟
أنها مؤسسات جاهزة لنسف القيم والمبادئ والحريات الإنسانية .
أكانت الديمقراطية التى أنتجها لنا الغرب فى العراق هي ذلك الذي ينقص الشعب العراقي ؟؟
هذا القتل الجماعي والمجازر كان بديلآ عن نظام ٍ ديكتاتوري !!
فالنظام العراقي الذي كان مبررآ لدخول القوات الأمريكيه لاحتلال العراق.
فأنت أن شئت الحرية فأصنعها بنفسك ولا تعتبر الجيوش القادمة من أقصى الكرة الأرضية سوف تمنحك الحرية !!
فهذه الحرية اسوأ من النظام الديكتاتوري !
فالشعوب يجب أن تناضل وتضحي من اجل أن تستحق وتنتزع حريتها بأي شكل ٍ كان!!
فكل الحروب القائمة هي من أجل النفط .
ونحن أسقطنا سخطنا على نظام "صدام حسين",
وأجزنا كل الأعمال التي ترتكبها قوات الإحتلال !!
فأي شعب ٍ ذاك الذي يعتبر يوم دخول دبابات العدو الى ارض وطنه هو يوم وطني ؟؟
يوم سقوط عاصمة وطنه بيد الاحتلال هو يوم للذكرى ,
يوم قتل الأطفال وتشريد النساء هو يوم نتبادل فيه الورود والأزهار وبطاقات التهاني !!








***********









بدأت رغبتي فى القراءة عندما كنت فى الصفوف الأولى من تعليمي الأساسي .
شعرت برغبة جنونية اليها ..
كانت مجلات أطفال تزيد من لهفتي الى القراءة وصور الاطفال التي تملء صفحاتها ,
أنها ميول أخي الأكبر الى الثقافة ،
فأكتسبت تلك الرغبة دون إرادتي !
أنها أشياء عابره نلزم بها أنفسنا ,لنعتاد على تداولها ,
فتصبح هواية تتعلق بشخصيتنا !
نبدأ بصور ملونة وعناوين مؤقتة للتسلية واللهو,,
لتكون بعد ذلك همآ يرافقنا وينتابنا لحظة ان نحس بكآبة الوقت وزحمة المكان ,
لحظة أن تكسونا إنكسارات الزمن !!
ويسكننا هاجس الخوف والفرح وسماءات البكاء العابرة!
نبدأ تلك اللعبة الشمطاء مع انفسنا ..
وكأننا نلعب لعبة اليانصيب المجهولة التفاصيل والملامح!
أن كنت تريد أن تبقى ملاكآ فحاول أن لاتتورط بأدوات الكتابة وحاول أن تجد مسافة ٍ شاسعة بينك وبين أدوات الموت والجنون تلك !!
لاتقترب من براكينها فأنها ستطمرك وستذبحك وأنت فى أقصى الإنتصارات ,
أنها ستغمرك ببعض زخارفها المدهشة فى أول جرح ٍ وأول منعطف لرحلتك الشاقة بدواة حبرها وسوار الورق المتمايل فى بياضه الشاسع !!
قاوم تلك الشهوة الحمقاء التي سترميك فى قعر الهزيمة حتمآ !
وستجعلك كبريائيآ فى طريقتك الخاصة فى الزهو والكلام ,,
ولكنك ستجد أنك وقعت فى فخ ٍ لا حدود له..
حاول أن لاتتورط بزحمة اللغة وإشتعالاتها الحادة,,
أنها لم تعد تعني شئ فى هذا الزمن ,,
أنها تعني الموت .الجنون...الغيرة الحمقاء..النسيان!!
كيف تحاول أن تعيد مجد اللغة وأنت بحاجة الى إعادة تحول وصياغة ٍ جديده للعقل !
عليك أن تخرج من المعنى الزائف للأشياء التي لم تعد تعني شئ !!
عليك أن تلبس معطف النسيان لعاطفتك ,لتصنع أدوات قلبك الجديدة!!
أصنعها وكأنك ذاهب ٌالى معركة ٍ خاصة بك,
معركةٌ عليك أن تقاوم فيها سماسرة الغدر والخديعة ,,
فأنت ستتغلب على أدوات ذاكرتك الأولى !
وستذهب الى مرمى حقارات الآخر وتهزمه بحقارتك الجديدة بالتأكيد!
عليك أن تخفي قلبك السحري وذاكرتك الممتلئة بالحنين جانبآ ..
وأن تُبقي زمنآ من المسافات بينك وبين الآخرين !!
وتصنع لك جسرآ من الحقيقة والصمت الحديدي ,,
فانك أن بقيت محتفظآ بأشياء صمتك ,
فلاشك أنك ستتقدم بكل الإتجاهات وكل الظروف!
لأنك ستبقى غامضآ وناجحآ وحقيرآ أيضآ فى نظر من يريد أن يدفنك بعباراتك ,
وتصريحاتك التى تمنح الآخرين حق الدخول الى عالمك الخفي !
عالم يجب أن تغلقه تمامآ ,
لكي لا يبقى موضوعآ عابرآ !!
موضوعآ يجترحه الأخرون فى أي وقت ٍ يريدون ..
فأنت مسئولآ عن عواطفك ورمال حزنك الحارة ,
عليك أن تحترم أسرار حزنك وفرحك ,ومشاريع ذاتك القادمه !!
لاتكن طيبآ ولا سخيفآ أمام لعبة النار التي يشعلها الآخرون دون أن تدرك رائحة الحرائق تتسلل الى مسامات روحك المتمادية فى سباتها !!
أخلع دومآ الركام الجليدي الذي يحتل ثكنات عقلك الغافي!!
وأقترب من الحرائق ولاترمي ذاتك فى جرحها النازف ..
كن دومآ على حافتها وحاول أن لاتقع فى فوهتها..
فإنك ستبقى متوقدآ وحافلآ بحرارة الأشياء التي تحيط بك ,,,
وتضع لها مليون إحتمال وحدث متوقع !!
أجعل الأشياء المتوقعه هي الأكثر حضورآ من تلك الأشياء التي تقع فيها !!
الأشياء التي لم تحدث هي فى الحقيقة الأكثر حدوثآ !!
فأنت ستُخطأ أن اعتبرت الأشياء الغائبة ,
هي أشياء ضاربة فى الغياب والنسيان !!
وأنها فى عداد الموتى والإندثار المزمن!!
عليك أن تضع حياتك فى خط الأشياء المنسية وتلك المتمادية فى سباتها..
عليك أن توقظها من أزمة صمتها المروع!!
كي تبقى ساطعآ بجرحك وبألمك ..
وشكل هزائمك على الأقل تبقى لها وصفآ فى ذاتك!!
لتدرك معنى السقوط ولون البكاء الذي سيغمرك !!
ستفيظ أنت بمعنى الإنكسار ان أحببت العيش فى غمرة الحاضر فقط ,,
انها مرحلة الأنتقال الى الكشف عن عيون الأتــــــي وسوط المجهول ,
بقاء الذات على حافة التحولات والتوجس ...
وأعتبار الأتي مادة لما سياتي والذي ياتي بالطبع !!
عليك أن تتحول الى رقم يقبل الجمع والطرح ..
ويخسر ويربح ويكبر ثم يتلاشي ليصبح صفرآ ,,
ولاتعتبر ان الصفر رقمآ صغيرآ وكائن من صنف الجمادات!!
فلولا الصفر ماصنعنا تلك الأرقام الخياليه ,,
الصفر يمثل رقمآ سحريآ لتلك الأرقام التي تُقرأ بالملايين والمليارات .
فانت أن وضعت صفرآ على رصيدك الفعلي فأنت بلاشك..
ستسعى الى إضافة رقمآ واحدآ يجعل من الصفر رقمآ محترمآ ,,
وهكذا ستتحول الى مشروع يضيف على خاناته الأرقام كما يضيف على نفسه الأحلام !!!!
ويقبل بذاته لتحقيق هذه العمليات ....
هل يعني هذا أن نص ٍ كهذا يشغل ذلك الحيز من الأرقام ؟!
وأنه لكي يكون نصآ قابل للتداول أو الكساد أيضآ .
ليس هنالك من ضروة ٍ لمنح الأعمال كل هذا التبجيل والأهمية .
إنها لن تكون مشروعآ إستثماريآ بحد ذاتها ..
الأدب يقف عند تلك العتبة الحرجة من اللامعنى ومن اللاتعريف!!
إنها تلك العاصفة التى تأخذنا إلى واحة ٍ مجهولة .
لاندرك بأيّ أرض ٍ سترمينا أو ستلقي بحمولتها ..
لذا نحن أمام شيئ يصعب تعريفه أو قراءة أبعاده .
أنها حالة التمرد القصوى التى تنتابنا فى لحظة الجنون !!
النص الذي يأتي تعبيرآ عن حالتنا النفسية والعصبية .
لا يُعتبر فى مرتبة الأشياء التى نتفاخر بمكاسبها تمامآ,
نحن لانتوقع أن تكون حياتنا بعد نصٍ ما ..جزء من عالم مثالي !!
الذي يمكن أن يحدث مع الأدب هو ذلك الشيء القريب من الخيال .
ليس لكاتب نص ٍ أن يتدخل فى صناعة قدر النص ذاته ...
النص يبقى الأكثر وجودآ من مؤلفه ومن صانع حبره وورقه ..
إنه من يدافع عن ذاته فى كل الحالات وفى أقصى الظروف,
إنه حالتنا الخارجة عن زحام الزمن وعتمة الحبر والورق أيضآ,
تلك التى تعبر حدود الذاكرة الحقيقية إلى ذاكرة الورق ..
وذاكرة الأشياء التى تحاصرنا ونُصاب بِزُكامها الخارق .
كل مايتصل بالزمن والمكان والذاكرة والعشق والموت والرحيل والزلازل النفسية التى تنتهك الذات فى لحظة عريّ أو لحظة جنون تبقى عنوانآ جدير بالتوقيع على حافة الورقة ..
نحاول أن نتدخل فى إيجاز ٍ لملأ هذا الفراغ أو إستعادة الشكل المفقود من واقع ٍ مرير !!
فهل الذي لانحصل عليه فى الواقع يمكن أن نعثر عليه وهو فى صورة الأدب!!
ربما يمكن أن تكون الحالة مغايرة لذلك !
فالأدب هو كل مالم يحدث فى الواقع وفى الحقيقة ..
وأيضآ ليس ذلك الذي نحلم بتحقيقه يومآ ما .
الأدب أيضآ سرد ٌ خفي ووهمي وإنساني ووطني وإخلاقي !!
إنه أكثر من مساحة ٍ للحرب أو السلم أو الموت صمتآ .
فكل واحد يختار طريقته المُثلى فى الكتابة و فى إختيار لون صمته ..
وهنالك من يعتبر الكتابة حقلآ خِصبآ للتعبير عن حالة الانتحار أيضآ,
التعبير عن كل تلك الأشياء الخفية التى نسعى إلى بث الروح فيها ,,
ومنحها الحياة بدلآ من الموت ..
أو تلك الأشياء التى تمثل وجودها كثيرآ من الغثيان لدينا ..
فنحاول أن نتخلص من كينونتها تمامآ .
فنهديها الموت سرآ بطريقتنا المُعتادة فى الكتابة ..
أن الكتابة هي شكل ٍ خفي من أشكال الحياة .
وتلك التى بقوتها نمتلك أدوات الحياة الإضافية وأدوات اللغة .
ففيها أيضآ محاولة البقاء أكثر والمقاومة والنظال .
ونسعى فيها لتحرير أنفسنا من أزمة الإحتلال وأزمة العبودية..
أننا فى رحاب اللغة نمتلك شرعية قصوى فى إجتراح الزمن .
وفى معمارية تلك الأجزاء المُهدمة من القيم والأخلاق والحقوق المسلوبة !!!!!
أنه الحوار المُتقدم الذي تقيمه فعالية الكتابة فى أي ّ زمان ٍ وفى أي ّ مكان,,
والدور الأكبر الذي تلعبه فنون الكلمة فى رسم حدود المعنى وتجليه الأكبر .
فهل المعنى سيأخذ على كاهله كل معنى الوجود ايضآ ؟؟
ليس هنالك أدنى شك فى طهر الأدب ودوره الريادي فى إجهاض مشروع الظلم والتعسف !!
أنه الصفحة البيضاء التى نغسل بها تلك المساحات المُتسخة من مخلفات الخطايا ..
ومن تلك المناطق المحظورة التى تكسوها شهوة الصراعات وبركات الدم البشري ,,
يأتي الحبر كعنصرٍ ينطق برسالة التحرير والحرية وكسر طوق الصمت !
ويعلن بذلك الصوت الأكثر دفئآ ونقاوة ٍ عن مشروع البوح المتكامل فى حقيقته.
ويخرجنا من صدمة المفاجآت وتلك الأشكال السوداوية المُباحة ..
أنه مرحلة الإقتحام الخارق الذي تمتاز به الذاكرة تمامآ,
وتتجرد من كل مظاهر الخوف والجبروت الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة !!
الكتابة رسالة ٌ متكاملة الأبعاد والنُبل المطلق فى مراميه.
ليس هنالك من فرق بين الكتابة والموت فى ساحة القتال .
كلاهما تمنحك الشهادة والخلود والسمو المُقدس .
لافرق بين الموت الذي يأتيك من ضربة رمح أو طعنة سيف أو من رصاصة ٍ طائشة !!
وذلك الموت الذي يأتيك بسبب رائحة الحبر الحاد الذي يتأرجح في مساحة الورق ..
أنك ربما تموت بسبب كل مايأتي مما تتكتب ..
فأنت تكتب شيئ مُتقدم فى محاولة ٍ جادة لكشف ذلك الغطاء الكاذب الذي يخدع البشرية ويمنحهم كثيرآ من الأوهام والأباطيل !!
فالكتابة فى هذه الحالة القصوى تأتي كعنوان ٍ لمرحلة نظال ٍ عظيم .
ففهذه الحالات تموت بسبب أنك تجيد القتال والفروسية بالقلم ..
تموت بسبب كونك كاتبآ مُحترفآ ..
يحترف الكتابة مثلما يحترف القتال فيها .
ويعتبر أن الحبر هو أدوات معركته التي سيخوضها بمفرده.
وهي كل مايملكه من فتنة الخوض فى غمار المعارك والحروب .
لن تأتي الرصاصات إلى جسده إلا بعد أن ينتهي من معركة ٍ حارة مع الحبر !!!
هنا سينال قسطآ من الأوامر التي تريد أن تستهدفه تمامآ ,
لأن الكتابة بحجم ذلك يعني الكشف عن الغطاء الوهمي الذي يظلل أرض الواقع .
لابد أن تؤمن أن حجم القلم هو بحجم الدبابات والصواريخ العابرة للقارات!!
كلاهما يهدينا الموت بطريقة ٍ أو بأخرى ,
فهناك الموت البطء الذي يأتيك نتيجة الكتابة وهنالك الموت السريع والعشوائي الذي يحصد العدد الهائل من الأرواح البشرية دون أن تعرف السبب الحقيقي لموتها ..
فلماذا إذآ نموت دون فائدة ؟!!
لما تكتسحنا عربات الموت الجنونية بغير أن تكون لتلك الطريقة من جدوى ؟!!
الأجمل أن نموت ونحن قد دفعنا ضريبة ذلك الموت مُسبقآ !!
من أجل أن نسجل أسماءنا على الأقل في قائمة المدافعين عن قضيةٍ إنسانية !!
ربما قد يكون الوطن تحت ذلك المُسمى المجهول !!







**********************














من أين لك أن تبدأ خيوط تلك الشبكة التى تعني فى مجملها الجوع والفقر والمشاكل ؟!
تلك الطفولة المختبئة فى عتمة الذاكرة !
أنها مزيجٌ من الفوضى والجنون الذي رافقها منذ البدء.
ذلك الخليط القروي الذي يلقي بإفرازاته على شخصية الفرد.
ويحاول أن يصنع من الكائن نسخة مزورة عن الجيل الذي يسبقه .
لافرق بين ميول الأسر وتوجهاتها فى الحياة .
الكل فى خط المتاهة والبحث عن أسباب ٍ غير كافية للسبب الوجود هنا على هذه المساحة الجغرافية المنعزلة تمامآ عن تغيرات الحياة وإتجاهات العالم .
هنالك سببآ فى وجودهم هنا على هذه المساحة .
ربما لكي يطغي عامل الصراع كدليل ٍ فاعل فى سبب البقاء على هذه المنطقة الجغرافية ,
منطقة تقتات على بقايا التلفيق والنفاق ومبدأ الصراع على المكان .
الكل هنا يتبارون على حلبة الغلبة للأقوى !
فمن يستطيع أن يدفع الأكثر مالآ سيكون بالفعل هو المنتصر !
أنها قرية تعيش حالة البؤس أكثر من حالة الإنتصارات .
وتغرق فى سبات الجهل والتخلف وعالم واسع من الأساطير والخرافات .
فأي معنىً ستحمله تلك الطفولة القادمة من مخالب ذلك الوسط الإجتماعي ؟!!
وسط ملئ بحقبة التسابق إلى دائرة الوهم المفرغة !
لم تكن الحياة إلا شيء مجرد من مضامينها .
فثقافة الوسط هي تلك الأدوات المُسممة التى تدير طاولة الأجيال .
وتحاول الزج ّ بهم فى خندق المتاهات والأنفاق المظلمة واللامتناهية .
خندق لا يملك إلا لغة الضياع والمتاهة,
فهذا الوسط القروي الذي بدأت ملامح طفولتنا تبرز فيه .
وتتفتح في حضرته..أنه مجتمع لا يعرف الوصف فى شيء..
يصعب على الطفل أن يعثر على شكل ٍ من الأشكال التى تكون اقرب الأشياء إلى قلبه!
فما عليه إلا أن يجرّب تلك الأشياء التى قد تكون ضارة على نفسه !!
الأطفال الذين يجدون مواهبهم القصوى تلك التي تربطهم بكبار السن !!
أنهم يلجئون إلى تلك العادة للتعبير عن حالة التقدم التي يمرون فيها ,
وحالة الرُقي الذي وصلت إليه عقولهم وأجسامهم.
هذه ثقافة الآباء وأبناءهم والأجداد وكل الفئات الإجتماعية .
لقد صرفت عقولهم وأبصارهم تلك العادة فى كسب الرزق .
إنه الإغتراب الذي مزق حبل الهوية .
وصنع لهم وهمآ خفيآ مازالت أوتاره ترّن فى آذانهم ,
ويكبر ذلك الوهم ليتحول فى يوم ٍ ما إلى كائن مألوف .
كائن يتقاسم معهم أحوالهم اليومية دون أدنى شك .
ليكون جزءً من تراثهم الموروث عن الآباء والأجداد!!
أن الحياة لا تحمل أي معنى بهذا الدوار الخطر بحياة المجتمع .
مجتمع يقتات على تلك الثقافة المتبادلة بين الأجيال.
فتتجسد بشكلٍ كثيف وعنيف أيضا,
الطفولة في ذلك الوقت لا تعنى إلا الخروج عن البيت وممارسة أقرب الأشياء عند الغير من الأطفال..
فربما تكون تلك اللعبة مُخلة بالأخلاق والقيم .
فتضطر إلى ممارستها وإتقانها .
وتسعى جاهدا إلى عشقها بكل براءة الطفولة!!
ليس هنالك من رقابة ٍمن قِبل الآباء ولا الأمهات أيضا .
فالطفولة هي البوابة الكبيرة التي تحدد ميوله واتجاهه..
هي النافذة الأولى التي من خلالها يستطيع الطفل أن يجد صورته الحقيقية في تلك المراحل المُقبلة من الحياة.
التي ستكون الزاد الحقيقي في النمو القادم لأجسادنا.
لذا قليل من الأطفال الذين ينجون من وعكة ذلك السن !!
وتصرفهم حالتهم المادية المُتدنية في ممارسة بعض الأعمال القروية.
مثل رعي الأغنام ومتابعة مراحل الزراعة في الأرض .
فهؤلاء هم من يمارسون شيء أكثر واقعية وأكثر قراءة لواقعهم المُعاش,
ويقتربون أكثر من الحقيقة وشكلها القريب إلا الذاكرة الأولى للآباء والأجداد .
كانت الأرض هي السبب الحقيقي في بقائهم على الحياة في ذلك الزمن السابق .
قليلون أولئك الذين خرجوا نحو المُدن والبعض إلى الغُربة.
إنها الظروف القاسية التي كانت عنوان لذلك الزمن.
فترميهم ببؤسها وأحوالها الصعبة .
لم تكن هذه الطفولة إلا هذا الخليط العبثي للأشياء.
لم أعرف صورة أبي إلا في سن كبير ,,
سرقت منه الغربة سنوات العمر ..أحسست بوجوده وأنا في الصفوف الابتدائية..
طفولة شبه مُفرغا وخالية من أي خطوط بارزة التفاصيل!!
الحياة في الريف قالب جاهز من التجارب !!
لا يمكن أن تكون نقطة متوهجة من الإبداع أو التميز !!
الكل يتقارب ميولهم في هذا المكان الضيق.
ربما تكون المرحلة الفاصلة هي مرحلة الشباب والنضج.
وباقي المراحل تتقارب في صنوف العيش .
الكل موسوما بطابع سائد هو إكمال الدراسة الثانوية وبعدها السفر إلى دول الخليج.
وذلك للعمل هناك وفي النهاية العودة إلى القرية والزواج وبناء بيت ..
هذا شكل التفكير الروتيني و لا سواه .
المرأة في تفكيرهم هي العنصر المُتمم لكل حياتهم ,
هي نصف الكرة الأرضية والنصف الأخر لم يأتي بعد.
وربما يكون النصف الأخر هو الإنتظار إلى الموت . رواية "محمد عبد الولي" > رواية تسرد حالة القرية وحال العائدين إليها من الغربة.
إنها مكان واسع للنساء والأطفال والعاجزون عن الحركة .
وأيضا العائد إليها يعود مزدحمآ بالأمراض العصرية الحديثة .
كالسكري والضغط وباقي الأمراض التي تجبره على الجلوس فيها .
و الذي بقى في الغربة يحلم بقضاء بقية العمر هنا !
ولكن نظرا للالتزامات التي عليه تجبره على البقاء في الغربة .
ليت تلك الالتزامات تكون فعليه أو في إطار الإنشغال في العمل !!
إنها مزيدآ من الديون المالية التي تكبدوها في نفقات الحياة .
مبالغ خيالية لم يعد في الإمكان سدادها .
وبقت تطاردهم حتى وصل أعمارهم إلى الشيخوخة .
ومنهم من وصلت بهم الأحوال إلى مراكز الشرطة هناك .
وساعدتهم بعض الظروف السياسية في الإفراج عنهم .
وهل الذين نضحي من أجلهم يستحقون كل هذا ؟!
أنهم يفعلون كل ذلك من أجل الأولاد.
الأولاد الذين لا يجيدون إلا الرسوب في الدراسة.
فلماذا هذا التعب من أجل شيء لا يستحق الذكر؟
الأولاد لا يعنون شيءً لحياة الأب التي ستأتي.
سيظل الأب يحملهم بكل ما تيسر له من عمر وعافية .
ليس سوى هذا النسق الممل في الحياة !!
فأي حياة ٍ تلك القريبة من معنى الموت والتعفن ؟!!
حياة عنوانها الأفكار الخاطئة والنمط الكاذب في ممارسة العيش .
ومع كل هذا الزيف الواضح لنمط الحياة مازال هناك شعور خفي لدى الناس في القرية .
إنهم من يعتبرون عشا الحياة الذهبي يسكن ديارهم !!
ومن تقع في يديه الفلوس سرعان ما يتم إدراجها في الجانب المظهري ,
ذلك الجانب الذي يتم فيه التباهي على أولئك المغلوبين على أمرهم .
إنه جانب استعراضي في صرف الأموال .
وتحقيق تلك النزوة الخفية في إغتصاب النساء !!
وفض بكارتهن أن سنحت الفرصة بتحقيق ذلك .
ليصبح معنى الإنسان الحقيقي رخيصآ إلى درجة ٍ لاتوصف .
بغض النظر في أن يكون ذكرآ أو أنثى !!
الإنسان يفقد تدرجيآ قيمته من حيث المبدأ المطلق في إنسانيته .
ليكون شيء عديم الجدوى والمنفعة في نظر الأخر .
ذلك الأخر الذي يمكن أن يرتكب ما يراه في نظرته مناسبا ..
وسيوافقه الآخرين الرأي ولو كان مخطأ للمرة المليون !!
ماذا تتوقع أن يقدم ذاك النموذج لنفسه ولأسرته ولمجتمعه ؟!!
ذلك الإنسان الذي يحول شخصا ذكوريآ وأمام الملأ إلى كائن يصلح لممارسة الجنس معه!!
فهل المال هو الذي دفعه إلى هذا التمثيل العلني ؟
أم أن نزعته إلى إظهار الجانب الخفي من القوة تجاه الآخرين هي التي أرغمته على هذا العمل ؟؟
وتوجيه رسالة إلى أولئك الفقراء والشرفاء بمعنى تلك الرسالة وفحواها !!
أن أمواله القادمة من دول "أوبك"جعلته يصل إلى هذا التفكير في استغلال الرجال والنساء معا ..
الاستغلال الجنسي والاستغلال الفكري والعاطفي والأخلاقي ..
فلماذا صنعت الأموال بالإنسان مثل هذا .؟
لماذا تفقده تلك المعالم الرجولية الجميلة كالكرم والنبل والمروءة ؟
كيف تتحول عقلية الإنسان فجأة إلى ترسانة من الأفكار الوحشية؟؟
وقدرة خارقة تجيز لك ممارسة الأفعال الصارخة القبح؟
تجردك من القيم الإنسانية والسلوك الذي ينبغي عليك أن تتمثله تمامآ!!
الفلوس التي أمتلكتها بغتة في أحدى ضربات الحظ !
لتقلب لك مشروع الحياة إلى مشروع ترفيهي !!
مشروع يستهدف معه كل معاني الحرية التى بحوزة الآخرين ومصادرتها تماما!
هؤلاء الذين تمكنوا من إحتلال الفقراء والمستضعفين والشرفاء والتفنن في جعلهم مسرحا للدعابة !!
لكي تُنتهك أعراضهم متى نشاء !!
ونسلبهم رجولتهم متى نشاء!!
ونمارس العشق أو الجنس مع نساءهم متى نشاء!!
فماذا بقى إذآ من مُبرر للعيش ؟؟
لكل هؤلاء الذين صادرنا ممتلكاتهم الشخصية وهويتهم الإنسانية في شرعية العيش !
لم نترك لهم حرية التمتع بأحوالهم الخاصة وحقوقهم المُكتسبة !
لم تتوقف تلك النظرية عند ذلك الحد !
أنها تخوض غمار المعارك في السباق الحار نحو تضخيم المشاكل !!
والبحث عن الطرق الكثيفة في إنفاق الأموال من أجل كسب قضية ٍ ما !!
تلك القضية المُضحكة جدآ التي ننفق من أجلها الملايين في حين أنها لا تساوي فلسآ واحدآ!!
ولا يمكن أن يأتي ذلك اليوم الذي سيصبح ثمنها فلسآ واحدآ!
فهل يمكن أن تخسر ملايين الريالات من أجل أن تكسب ملكية شجرة !!
أيمكن أن يكون هذا كلاما منطقيا؟
نتيجة الإفلاس الفكري الذي يطغي على عقلية الإنسان..
في هذه الأماكن التي تعاني عزلة حادة في الجغرافيا وفي الفكر وفي المنطق .
العزلة التي شكلت العامل الكبير في تغييب المشروع الفكري والثقافي لأبناء المنطقة.
إبقاءهم على عقلية البقاء من أجل الصراع ومن أجل الغلبة للأقوى فقط !!
والسير على طريق مُفخخ بالإنتهاكات الصارمة لحق الآخرين!
هكذا تتقاسم المجتمعات فلسفتها وتعمد إلى تعميق ذلك الفكر ..
لا يوجد هنالك أي ّ مُبرر للعيش على هذه الجغرافيا الجرداء!!
جغرافيا تدفع أبناءها إلى عشق الصراع الحتمي على الأرض.
وترغمهم على البحث المكثف عن جذور ٍ مجهولة لتلك الأرض التي في حوزتهم.
أرضٌ يصعب تفسير تاريخها والظروف التي عاشتها في حقبتها الأولى.
والسبب الحقيقي الذي دفع بالأجداد للتواجد عليها !!
جغرافيا تفتقر إلى صناعة التاريخ الحقيقي الذي شكّلها !!
الكل يعيش حالة مجهولة التفاصيل عن هويته وعن تكوينه الإجتماعي !!
نعيش تلك الأسطورة التي تُروى للأجيال وتخدعهم في نبل مراميها !
أسطورة ذلك البطل الذي كان المؤسس الفعلي للقرية !!
ذلك الذي أكتسح في معاركه الأشرار وأستطاع أن ينتصر تمامآ !!
أنها تتجاوز أبعاد المكان والزمان وتقول بأن البطل أصله من قبائل "همدان" في صنعاء!!
وأستقر هنا بعد معارك طاحنة إنتصر على إثرها وأستقر في هذا المكان!!
المكان الذي كان له صلة بالمذهب الإسماعيلي والذي تجذر بعد تلك الحقبة ..
وغدا مكانا متسعا لتلك الفئة المذهبية التي مارست طقوسها الدينية في غياب تام لأنظمة الحكم السائدة وعلى الأساس في ممارسة الشعائر سرآ.
إنها الأسطورة المُتداولة التي إختصرت الجغرافيا دون أي دلالات تذكرها كُتب التاريخ أو ترتبط بها التغيرات الإجتماعية آنذاك !!
الأسطورة التي تؤكد بكل وضوح عن عجز المكان في إثبات هويته !!
لا شك أنها مبتورة الأحداث وغائبة عن دلالتها التاريخية !
فهل كان التاريخ يخفي نفسه من أجل الحفاظ على ذلك الموروث المذهبي الذي إحتفظ بمطلق السرية ؟!
وعدم إلقاء الضوء على مثل تلك الحُقب التي تحمل بداخلها رسالة يجب الصمت على محتوياتها !!
خوفآ من بطش النظام الحاكم في ذلك الزمن .
ساهمت البيئة وعوامل العزلة في أن تتكاثر تلك الفئة بكل صمت وتمارس طقوسها سرآ.
لكن هذه السيرة تبقى مجهولة التفاصيل .
لا أحد يعلم عن تلك الرواية الصحيحة التي تؤكدها !!
التاريخ لم يترك خلفه أي دلالات تُذكر لسرد الحالة الإستثنائية هذه.
هذه الجماعة المذهبية التي تحاول العيش صمتآ وتمارس شعائرها الدينية خوفآ من بطش الدولة !!
مازالت تُكرس هذا المفهوم وترغم أبناء الطائفة على العيش بعيدا عن بقية الطوائف .
دون الخوض في مسائل الفقه وعلوم المذهب..
لا يقرأ كُتب المذهب "الإسماعيلي" إلا أولئك الذين يؤدون شيء يشبه القسم !
القسم الذي يؤدونه يسمى "العهد" على يد زعيم الطائفة !!
العهد الذي يمنحك فرصة الدخول إلى عالم القراءة الفقهية على يد مندوب مُعين من قبل رئيس الطائفة.
رئيس الطائفة يُطلق عليه "الداعي" وهو الذي تتبعه كل أبناء الطائفة.
وهناك لقب "المنصوب" مندوب "الداعي"في كل منطقة جغرافية !!
الذي يكون أمام الصلاة والقائم بأمور المذهب في تلك المنطقة ..
يتلقّى التعليمات من "الداعي" في كل أمور الدين والدنيا.
ويقوم بجمع الزكاة في شهر رمضان والإحتفاظ بها إلى حين يبلغه "الداعي"بإرسالها إلي بيت المال .
ومن بيت المال يفقد أبناء الطائفة عن المصير المحتوم لهذه الأموال .
يتولى توزيعها والتصرّف بها من قبل الحاشية التي تتبع الداعي.
ويضعوا لها بنود معينة ومُسميات خفية ليتم تسريبها سرآ,
مسألة الخضوع لحكم وتوجيهات "الداعي"وعدم مخالفه أوامره حتى وأن كنت مظلوما..مسألة في غاية الأهمية.
القريبون جدآ من بيت المال والذين يمنحهم "الداعي" الصلاحيات في توزيع المال وتقسيمها هم أكثر من يتغذون على موارد الطائفة المادية.
أولئك يملكون شوارع من محلات الذهب والمجوهرات في دول الخليج !!
قمة الثراء وقمة النهب المنظم لذلك البيت التي تسمى "بيت مال المسلمين".
هناك أموال يتم توزيعها في "مكة"تحت مُسمى الصلاة على الميت.
أنها تُوزع للناس الذين يملكون القوة داخل المذهب والنفوذ.
مبالغ خياليه وبالعملة السعودية تُدفع من طرف أقرباء الميت إلى يد رئيس الطائفة الذي يُطلق عليه "الداعي".
والذي بدوره يمنحها إلى المندوب الذي من طرفه .
وهذا المندوب يذهب بها إلى "مكة" ويوزعها كيفما يريد!!
وهكذا تُسرق الأموال تحت مُسميات باطلة وأساليب خادعة !
ليس هناك من تساوي في حصة أبناء الطائفة .
هنا العملية ليس فيها أي ديمقراطية أو أي إعتراض.
أن كنت من ذوي النفوذ.. تسلقت معهم لحصد تلك الأموال !
وأن كنت مؤمنآ ومن كبار الفقهاء في المذهب لن تحصل على شيء.
ستعيش وستموت وأنت بكامل العوز!!
لن يمنحوك فلسا واحدا .
في الحالات كاملةً ينبغي أن تكون صامتا وراضيا لكل الطرق التي يتخذونها !
نهب بيت المال ومصادرتها تماما يعتبر أمرآ حاسما وليس فيه أي إعتراض ,
السلطة الكاملة التي يتمتع بها رئيس الطائفة ومن يخالف أمره فأنه خارج عن الطائفة,
فهل يستطيع رئيس الطائفة أن يعلم سلوك مندوبيه وأين تم صرفها ؟
وهل فعلا يُمنح أولئك الشرفاء من أبناء الطائفة بعض حقوقهم ؟
أن الشرفاء هم الذين إبتعدوا تماما عن مسار الطائفة .
وأستطاعوا أن يبحثوا لهم عن طُرق أكثر عفة ونزاهة في كسب المال.
ومع هذا لم يطالبوا يوما في حصتهم من بيت المال !!
إنهم أيضا مُطالبون بدفع الأموال إلى المسئول أو المندوب.
والدفاع الحميم عن المذهب في كل الأحوال .
كان مركز الطائفة أو مركز الهجرة كما يُمسى سابقا في اليمن .
وبعد أن تغيرت الأحداث إنتقل دار الهجرة إلى السعودية.
فأنتقلت كل الأشياء التي تحت قيادة الدعوة.
تحولت مركز فوة الدعوة على هناك !!
وبيت المال إلى مقر الدعوة الجديد.
وصارت نواة لبقية عناصر الفرقة الإسماعيلية في العالم!!
تمكنت تلك الطائفة من تأسيس ذاتها عن طريق معاهدة مع الملك عبدالعزيز ملك السعودية في ذلك الوقت!!
التي تنص على عدم التدّخل في شئون الطائفة الإسماعيلية.
المعاهدة تجيز للطائفة ممارسة الطقوس والشعائر الدينية التي لا تمس بأمن وسلامة النظام السعودي!
لذا مارست الطائفة على نفسها نوعا من الحصار !!
عزلة على ممتلكاتها الفكرية والفقهية وبقت في حالة الصمت!
أنها تتعرض للهزات العدائية من جانب الطوائف الأخرى!
هزات التكفير والتحريض ضد تلك الطائفة الإسماعيلية!
لم يكن الرد في جميع الحالات إلا الصمت !
تمارس تدريس تلك الكُتب التي بحوزتها وتعمل على تعليمها إلى من يدخل مرحلة "العهد".
الكُتب التي تُدرس لا علاقة لها بالواقع تماما!
مناهج تحكي أمور الدين وتلخص دور ومكانة الإمام "علي بن أبي طالب"كرم الله وجهه!!
وتلك الكُتب المحدودة التداول ..إنها الأكثر جرأة في المسّ على سيرة الخلفاء الراشدين !!
لذا لا يتم منحها وتدريسها إلا للقلة القليلة من الفقهاء الكبار داخل المذهب ...
إنها كُتب تحت الخط الأحمر فإذا ما تم الكشف عنها والبوح بأسرارها فستنال الطائفة حظها الأوفر من التكفير وتنشب الحرب المعلنة مع بقية الطوائف!!
كل هذا الصمت الذي يفترس أبناء الطائفة ويلتهم ضلوعهم بسبب ما تحمله بعض الكُتب من علامات خارقة في تجاوز المذاهب والطوائف الأخرى !!
أفكار في غاية الخطورة والتحدي الصارخ لمبادئ الإسلام المعتادة!!
أن تلك الأفكار التي يكون عندها الدين مجرد فلسفة والموت فلسفة والبعث فلسفة والقيامة فلسفة .
لذا فالطائفة تعيش حالة من الركود الكثيف لأفكارها ..
وعدم التصريح بأي شيء معتبرين أن الحديث عن باطن تلك المؤلفات يعتبر ظلماً وخروجاً عن "العهد" الذي قطعوه على أنفسهم وأمام ذلك الذي تم على يديه "العهد"سوى كان "المنصوب"أو "الداعي" !
وتلك الأشياء التي مازلت تتكرر في تعهيد النساء في يوم غدير !!
اليوم الذي يتم فيه تجديد العهود ومبايعه أهل البيت كما يُقال !!
وعند تأدية النساء للعهد ..تمتنع المرأة المُتعهدة عن كل الفواحش وعن "القات "وعن الغناء وبقية الأشياء المُحرّمة وتلك التي تأتي من باب الاستكراه!!
فهذا الذي لا يتم الوفاء به ..فأكثر النساء ارتكابا للفواحش هن تلك المُتعهدات !!
ربما يمارسن تلك العادة من أجل أن تظهر المرأة للمجتمع من الناحية السطحية والإعلامية بالمظهر اللائق!
النساء تمارس الطقوس الدينية وتتوغل في أعماقها ربما بسبب ذائقتها النسوية التي تريد أن تستهلك كل شيء بالفائض وبالكميات الهائلة ..كما تستهلك في الركض خلف الأزياء والمجوهرات الحديثة ..
لهذا تناقلت بقية الطوائف الأخرى يوم "غدير" كيوم يمارس فيه الشيعة الأعمال البشعة !!
اعتبروا يوم غدير بمثابة اليوم الذي يمارس فيها الأخ الجنس مع أُخته أو الأب مع أبنته!!
ففي الزمن السابق والضارب في العمق عندما كان أبناء الطائفة بعدد أصابع اليد في القرية الواحدة!!
كانوا يتلاقون بعد الصلاة للسمر وجلوس الأقارب مع بعض !!
اعتبروها خرقاً لشريعة الإسلام وبأن الطائفة مؤمنة بهذا الاختراق السافر للقيم الإسلامية !
هذا من ناحية والجانب الأخر أن المرأة التي تتعهد يجب أن تتطهر بالماء باعتبارها ستدخل مرحلة جديدة في حياتها لذا عندما تنتهي من أداء "العهد" تخرج وكأنها مُبللة بالماء ومن هذه النقطة التي تعتبرها الطوائف الأخرى ممارسة الجنس العلني بين أوساط الأسرة الواحدة!!
أنها نوعا من الحرب الباردة التي تكتوي بها الطائفة الشيعية أو الطائفة الإسماعيلية بشكل ٍ أوضح !
وتُمارس ضدها كثيرا من الأسلحة الكلامية والحكايات الباطلة المُستحيلة.
الطائفة وحتى رئيسها والذي يطلق عليه"الداعي" يحاولون الإبتعاد عن النقاشات وطرح مفهوم الدين وأساسيات المذهب على طاولة النقاش مع الطوائف الأخرى.
العزلة لمظاهر المذهب والمحاولة القصوى في بقاءهم على حِده!!
لديهم القناعة التامة في عدم إمكانية العيش مع شخص ٍ آخر من خارج المذهب ,,
وأن أختلط معهم فأنه يحافظ على سرية تلك الهوية والتي أن باح بها و وأعترف بأنه شيعي ..ربما ستُعلن ضده الحرب النفسية في مجال العمل أو الوظيفة الحكومية ..
لا توجد الثقة الكاملة التي تجعله يمارس الحياة بعيدا عن التُهم التي تُساق إليه وإلى انتماءه الطائفي !!
أننا نعاني من نقص حاد في عدم وضوح شرعية المشروع المذهبي الإسماعيلي وكذا عدم إكتمال الرؤية الحقيقية لأبعاده !!
أي أن المذهب نفسه لم يقدّم أوراقه الكاملة على بقية المذاهب !!
ويعلن عن مشروعه وعن اتجاهاته الفكرية والفلسفية والأيدلوجية التي ترافق نموه وإتساعه !
أن الطائفة تمارس شعائرها وطقوسها وتقرأ كُتب الطائفة وقد تناست الدور الإعلامي الذي يجب أن يفصح عن تلك الهوية التي تُمارس ليس من أجل أن تمنحها بقية الطوائف الشرعية ولكن أيضاً من أجل أن تظهر للأخر خطابك الطائفي وتوجهك المذهبي !!
وتبرز الصورة كاملةً للأمم الإسلامية قاطبة بكل طوائفها بمحتوى المذهب ..
والشرائع التي تتٌبع وتُسن وفقاً لأحكام المذهب ..
وكل ما يميزه ويجعل منه مذهباً واضح المعالم!
أن المذهب لا يتوافق مع سرعة العصر ولا مع مُتغيراته .
يحاول الحفاظ على تلك الإستراتيجية التي وضعت أُسسه في زمن ٍ غابر ومنسي !!
معتبرا إياها نظرية تُقلل من رغبة الأعداء في مد اعتداءاتهم عليه وعدم الكشف تماما عن أفكار ومؤلفات المذهب للذين يتربصون بالطائفة ويحاولون النيل من وجودها !!
يختلق الصمت في عناوين العيش وفي حواراته الكبرى مع ذاته..
وممارسة الانتحار السري تحت رحمة تلك الشموع المبهمة الظل والضوء.
شهوة المحافظة على جدلية العادة المتوارثة في عدم اختراق هذا الجدار الأزلي !
الجدلية التي نشهرها في كل الحروب والمعارك والخلافات عن مرامي أبعاده..
وتلك الإسقاطات العابرة واليومية التي تقودنا إلى اجترار ذلك الهدف واقتحام بعض تفاصيله !!
أنها المشكلة التي يعاني منها أبناء الطائفة أكثر من أولئك الذين هم خارج المذهب !!
فالذين هم خارج المذهب ربما يدفعهم فضولهم الفكري إلى إقتناء بعض مؤلفات وإصدارات المذهب !!
لتكون في متناول القراءة والتحليل والتفسير !!
ولكن تكمن الإشكالية في أولئك الذين هم محسوبين على المذهب ولم تُتح لهم الفرصة في قراءة مؤلفات المذهب بكل أنواعها ولا حتى إدراك معنى المذهب وأبعاده الفكرية والفقهيه!!!
الذي يُسمح له بالقراءة لا يوافق على الرد عن تلك الأسئلة التي تُطرح عليه!!
يقول لك سيأتي ذلك اليوم الذي يمكن للجميع قراءة هذه الكُتب !!
أنه دور الكشف لكل الأشياء الخفية !!
في ذاك الزمن ستحصل على هذه الكُتب وغيرها وتعرفوا الحقيقة !
الزمن الطوري للخرافة وتلك التي تندرج ضمن سلسلة الأساطير التي يروجون لها.
رجال الدين من يستطيعون أن ينشروا الخرافات في أوساط المجتمعات !
يخدعون المساكين بأنهم من يملكون الدواء والشفاء لكل الأمراض ,
في أحدى الأيام عندما سقطت أمي في الجبل البعيد عن القرية..
فقد تأثر الرأس والعمود الفقري لها مخلفا الكثير من الألم !!
تعتقد بقوة تلك الخرافات التي ينشر أفكارها رجال الدين.
أمي طلبت من "المنصوب"علاجا لذلك الألم!!
فأعطاها ورقة مكتوب عليها سور من القرآن الكريم وبعض الأدعية..
لتوضع الورقة في الماء وتشرب الناتج من الحبر الذي على الورقة والماء.
وأيضا ورقة ملفوف عليها بلاصق يتم تعليقه على صدرها !!
وجدت كأس الماء ممتزجا بالحبر الذي كُتب على الورقة صحت:
- ما هذا الحبر الممتزج بالماء يا أمي ؟!
ردت وهي تشعر بألم شديد:
- إنه "محو" يا أبني !!
- يا أمي هذا سرطان!!
- هذه أسماء الله تعالى !!
- أنا أعرف أنها أسماء الله ولكن الأسماء لا نعتقد أنها ستحمل لنا الشفاء بهذا الشكل!! الحبر مادة سامة وتسبب السرطان بغض النظر عن الكلمات التي ستخطها !
- يا ابني أنها من يد "المنصوب"وتعتبر شفاء ودواء !!
- وما هذا الكتاب الصغير الملفوف بلاصق ؟
- إنه صرف للجني الذي جعلني أسقط في الجبل!!
- وهل تعتقدين أن هذا الكلام صحيح ؟!
- نعم صحيح الذي ألقي بجسدي جني !!
- وماذا سيربح من ذلك العمل في نظرك ؟
- لا أعرف !!
- النتيجة سيحددها الدكتور المختص !!وليست هذه الورقة المطلية بالمواد السامة ,أنتِ بحاجة إلى كشافة لتظهر أن الرأس فعلا سليم وكذلك كشافة أخرى للعمود الفقري لتظهر أنه لم يتأثر..
هذا ما ينبغي أن نقوم به !!
ردت بشيء من الحسرة :
- الدكاترة كذابين يريدوا أن يبيعوا حقهم العلاج !!
- أننا أولا يجب أن نتأكد من عدم وجود أي كسور في عظام الجمجمة وكذا في العمود الفقري وبعد ذلك تهون الأمور الأخرى!
- على الله !!
وبعد أجراء الفحوصات الطبية وخروج النتائج التي تؤكد خلوها من أي كسور !!
ظلت ترافقها الشكوك والأحلام والكوابيس في نومها .
وازدادت ثقتها بالطب الشعبي وأولئك المشعوذين الذين يؤكدون أنهم قادرون على إخراج الجن من الإنسان !!
تعتقد بأن الجن يُطاردونها في كل الأماكن !!
الطريقة التي استخدمتها لسنين طويلة في العثور عن الدواء..
فلم تدرك بأنها تعاني من أزمة نفسية حادة نتيجة اعتقادها الكبير بفرضية الأرواح الشريرة!!



************************************************************

















كثيرة ٌ معاني الفقر ومفرداته ومُسمياته !!
ترغم الفرد على البدء في البحث عن فرصة عمل !
وذلك ليسد ذلك الثقب الذي يأتي منه البؤس والتعب!
كانت الروايات هي اللعنة الجميلة التي تلاحقنا أينما نذهب وأينما نبقى!
فقد فكرت بالعمل في إجازة الدراسة الثانوية !!
لكي أحصل على بعض المصاريف المتواضعة !
يوم انتقلت إلى ممارسة العمل في مطعم بسوق ٍ شعبي !!
شعرت بحزن ٍ كبير يعتصر قلبي لأنني سأنقطع عن قراءة الروايات !!
سأخرج عن عادتي في الجلوس إلى متابعة الجديد عبر الراديو والجرائد,
ذهبت أنا وبعض الأصدقاء إلى المطعم في الليل !!
أنه يبعد عن القرية حوالي 2 كيلومتر.
أخذت معي ذلك المساء رواية "الرهينة"لزيد مطيع دماج ..
لأخفف من وطأة الحزن والكآبة التي التصقت بذهني,
عملت في ذلك المطعم حوالي أسبوعين حتى أدركت أن المطعم بدأت أموره في الإنهيار فقررت أن أخرج من العمل !!
لم أخسر شيء ولم أربح شيء أيضا .
ولكن فقط لأكتشف قدرتي على مواجهة أعباء الحياة الأولية,
عندما تركت المطعم شعرت أن ذاك الحاجز قد أنهار تماما,
حاجز الخوف من مزاولة العمل والشعور الكثيف بخيبة الأمل !
تأكدت بعد خروجي من العمل أنني حققت شيء ً لذاتي !
كنت أعود إلى أسرتي ومعي الخضروات وأيضا "القات"!
الذي أدهشني فعلا احد أصدقاء القرية وأصدقاء العمل.
أنه عاشق حتى النخاع لامرأة ٍ ربما لن تتذكره بذلك الفيض الذي يجتاح مشاعره وأحاسيسه!!
عندما يعجز عن التعبير عن حنينه إلى تلك الحبيبة كما يسميها فإنه يلجأ إلى البكاء الطويل .
لقد نصحته كثيرا في تلك المرحلة أن يتوقف عن قراءة رواية "ماجدولين",
لكثرة ما كان يعيد قراءتها فقد حفظ الكلمات التي كانت تأتي على لسان البطل !!
كان ينتحب لغزارة الإحساس التام الذي يستولي عليه..معتبرا العشق محرابه الأول والأخير في الحياة.
عانى كثيرا من أجل الوصول إلى هدفه المنشود في الحياة .
وحال القدر في إيقاف نشاطهم العشقي وإحباط تلك المحاولة لتكون عنوانا لحياة أخرى بينهم !
لقد شكّل لهما ذلك الحب مشروعا متكاملا في الحنين .
أنه يمارس العشق على بعد عدة كيلومترات !!
وينفتح العالم له بمجرد أن يسمع أغنية رغم إستحالة المكان أن يكون أرضية صالحة لجمع أشلاء العشق !
بالإضافة إلى ولعه الكبير بالموسيقى فإنه أيضا متورط بعزف العود !!
وفي خاتمة العشق إنتهى الأمر بعدم الزواج !
نهاية مأساوية لحكاية عشق ٍ أستمر لعدة سنين !!
ما الذي يضاف العشق إلى رصيد الإنسان مادامت تلك نتائجه ؟
لماذا نعشق شيء حد الجنون وفي الأخير نرمي بجثمان ذلك العشق ؟
علينا أن نبقى موقنين بشرعية الواقع !!
وأن نضع حدا لمأساة الجنون التي نعيش تفاصيلها !
ليس إلا أن نترك توقيعنا المباشر على لوحة العشق,
فهناك من يملك التوقيع العابر لطريقته في العشق .
وآخر من يوقّع لوحة بذلك التعبير الفريد والبطولي ..والذي يترجم لوحة جسده إلى بقايا موت ٍ صامت !
يموت منتحرا بأدوات العشق لا غير !!
أدوات وهمية تكون أكثر خطرا لأرواحنا وحياتنا.
على طريقتها السرية نُصاب بعِقاب الموت ,
ونوقّع رحيلنا بالانتحار ..فهل تلك الطريقة أقصى مراحل العشق ؟!
الطريقة الأكثر عمقا في مساهمتنا الفعلية لارتكاب مثل ذلك الإثم!!
أثم العشق وأثم الجنون بإثم ذلك العشق !!
هل تلك الطريقة مثالية في التعبير عن زلزال العشق الذي أقتحم نافذة الروح ؟!
وبقى للجسد أن يمارس تلك اللعبة الخفية في الإنتحار !!
أنها الرصاصة الأخيرة في جُعبته التي أطلقها أخيرا على ما يملك !!
لقد نُفذت كل الطُرّق المتاحة والممكنة والتي مارسها أثناء مرحلة العشق التقليدي!
فكان التعبير الأكثر شمولا.. ذلك الذي رسم الجسد منتحرا بأنفاس العشق المروع !!
أنها الوردة الأخيرة في مسيرة العشق التي تجيز لنا أن نرتكب رسم مثل تلك اللوحة !!
الفنان والرسام "فان غوخ"لم يجد من تعبير حقيقي يمكن أن يدل على شعوره المبدع في عشق حبيبته !!
ولم يجد شيئاً يستطيع أن يهدي حبيبته فقطع أُذنه اليُمنى ووضعها في تلك الرسالة التي أُرسلت إلى حبيبته فيما بعد !!
العشق الذي نفقد بسببه أجزاء الجسد !!
أن الخوض في عشق ٍ كهذا كخوض المعارك القتالية التي نفقد على إثرها أجسادنا أو أشلاء من الجسد !!
الحروب التي نخرج منها ثكلى كأن نفقد ذراعا أو قدما أو أُذنا أو أي شيء من الجسد !!
فهذا عشق ذلك الرسام الذي وقّع على اللوحة تلك الرائعة من روائع العشق!!
وأهدى حبيبته أغلى الأشياء التي بحوزته .
لم تكن اللوحة المُهداة إلى عاشقته إلا واحدة من لوحات الرسام العالمية !!
اللوحة الخارقة الإبداع والتي كانت تمنح الرسام حصته القصوى في تحويل الموسيقى وأصوات الطبيعة إلى عالم ناطق عبر الرسم والألوان!!
عندما أهدى عاشقته تلك اللوحة الفريدة الجنون لم ينتظر شيئاً كعادة العاشق الوهمي!!
لم يعرف بعد تلك المغامرة الجنونية ما الذي حصل بعد ذلك !!
لقد غادر المدينة تاركاً تلك الرسالة لمن سيعطيها إلى عاشقته في المدينة الأخرى!!
ترك وصيته الصاخبة في رسالة ٍ لا يعرف ما الذي سيحصل لها !!
وماذا ستشعر عاشقته عندما تجد رسالة ٍ مثل تلك ؟!
لقد نجح ذلك الرسام في توقيع رسالة عشق ٍ أبدية !!
تلك التي لم تأتي بعد على لسان الألوان ومساحة الرسم للوحاته الشهيرة والعالمية !!
فأي جنونا أصاب ذلك الرسام ؟!!
الذي لم تخطر على باله أن يتقن رسم حبيبته !!
فرسم تحدي ٍ أكبر وبطولة ٍ قصوى لمعنى عشقه وتفانيه !!
فهل حقا أن نُعبّر عن حالتنا الأعمق بذلك التعبير؟؟
ألم تكن الطريقة الأخرى التي يستطيع فيها ذلك الرسام التعبير عن حالته الجنونية ممكنه الخلود ؟؟
وذلك عن طريق اللوحات التي سينشرها التاريخ لاحقا في معارضه الدولية ..
وبهذا يعمد إلى وصف حالته العشقية عبر الأزمنة القادمة؟!!
فهل الرسم أصدق تعبيرا عن حالته.. من تلك التي أقترفها ذلك الفنان والرسام المبدع في التعبير عن مشاعره ؟!
أنه يستطيع أن يرسم لها أجمل اللوحات الناطقة بالألوان !!
ولذا قرر أن يرسم لها ذلك الجزء الغالي من أعضاءه !!
ليكون تعبيرا عن الشعور المروع الذي يغمره وينتابه في تلك اللحظات !!
لم يظفر بشيءٍ مقابل ذلك!!
خرج مُصابا من معركة ٍ عنوانها الإبداع والبطولة والرسم بأدوات الجسد !!
وهذا ما يفقده الزمن الذي تجرد من تلك النظريات التي لم تكن إلا للعباقرة فقط !!
إنهم من يرتكبون تلك التحديات الجميلة لا أحد سواهم !!
وتبقي تلك التحديات شاهدة على عظمة بطولاتهم وتحديهم الصارخ لذلك الواقع !!
إنهم عباقرة في الرسم وأيضا جاء هنا ليؤكد عبقريته في اقتراف العشق!!
لم يفعلها ذلك العاشق الخرافي الذي امتلأت عناوين الكُتب في سرد خرافته!!
ذلك الذي هام في الصحراء بحثا عن عاشقته "ليلى" !
"قيس بن المُلوح"ذلك العاشق الإفتراضي الذي تزدحم على ذِكره الأمثال والحكايا..
أنه عاشق كاذب من يملأ صفحات الكُتب بالأشعار التي تصف المحبوب !!
لم يُسجل شيئا يُذكر لوصف حالته العشقية !!
ألم يكن "نزار قباني"قد كتب أجمل قصائده في محراب المحبوبة ؟!
ولهذا لم يُوصف بالعبقري الذي أدهشنا بطريقة عِشقه!!
أنها حالة عابرة تلك التي نفترض فيها أننا على قمة الجنون في عشقنا !!
ولكن في الأخير أننا لا نُقدّم شيء يستحق أن يُدون في ذاكرة التاريخ !
أن كل الأعمال التي نجيز لأنفسنا ارتكابها تلك التي تستحق أن نمنحها وسام التضحية,
ونُراهن على قداسة أهدافها ونُبل مراميها !!
لذا نسمو بشرعيتها كأن نؤدي خدمة الدفاع عن أرض الوطن !!
يجب أن تُمنح قراراتنا بشرعية كبرى كشرعية الحرب في الخسارات الجسدية !!
أن يعزز قرار الإنسان بفعل ٍ باهض الحسم !!
العنصر الغائب من قاموس هذا الزمن ,
زمن يتجرد من عظمة الأفعال الرفيعة وقيم البطولات !!
وأصبحنا نبحث عن البطولات الكاذبة على جثمان الصفحات الميتة للروايات التي ننتظر ختامها المأساوي !!
ننتظر خاتمة البطل وكأنه سيأتي لتحريرنا من وعكة الهزيمة التي وصلت إليها عقلية الإنسان الشرقي.
لم تعد الجغرافيا ولا البيئة ذاتها تنطق أو تشهق بنوع ٍ ولو خفي من فعل البطولة !!
أعلنت إستسلامها التام لخفض رايات التمرد والبقاء على حالة الصمت .
أنه الخيار الفعلي الذي يمارس سطوته على عقلية الإنسان في توقيتٍ كهذا !!
لم يعد هناك من مبرر للتمرد في ظل أنظمة ٍ حاكمة تحقن شعوبها بالذل والإستسلام !!
فإن كانت تغتال الكاتب بسبب ما يكتب..
فكيف لها أن تفسح للشعب الخروج إلى ساحات الوطن والتعبير عن شكل الرفض الذي يريدون أن يتقاسموا على فعله ؟!!
وتحرّم تلك الكُتب الأكثر جرأة..وأكثر حرية في كشف تلك الأزمة التي يعيشها الشارع العربي!!
وتعرية المعنى الخفي لكل ما تسميه الأنظمة بالديمقراطية !!
أن الشعوب ربما لا تحتاج إلى ممارسة الديمقراطية بقدر حاجتها إلى ممارسة العيش والموطنة الحقيقية!
ذلك الذي يكفل لها أن تمارس حياتها.
وأن لا يُسلب حقا من حقوقها المشروعة!
وأن يكون الإنسان هو عنوانا لوطنه ولأمته !!
وليس عنوانا للتهم والإسقاطات الكبرى التي تُلحِقها على أبناء الوطن.
فالإنسان الذي لم يتعلّم بعد القراءة كيف له أن يذهب إلى لجان الانتخابات للتصويت ؟!
وأن كان مُتعلم أيضا, ما الذي سيتغير في الموضوع ما دام كل شيء محسوم سلفا ؟!
المرشح الذي تأتي أصواته من خارج اللجان وفي صناديق مُعلبة كصناديق السجائر المُعلبة !!
في أحدى الانتخابات البرلمانية عندما كنت مُشرفا من أحدى المنظمات التي تُعني بالجانب الديمقراطي في اليمن !!
فكل مندوبي الحزب الحاكم يستغلون جهل الموطنين في عدم قدرتهم على تمييز المرشح الذي يريدون الإدلاء له بالأصوات ليقوم المندوب باختيار المرشح المطلوب !!
وكذلك في اللجان النسائية التي تستغل وقت الوجبة وهي فترة راحة لجميع المشرفين والمراقبين في اللجان الإنتخابية وفي تلك الفترة تتم تعبئة الكروت بالإقتراع الوهمي لمرشح النظام الحاكم !!
هناك أحد المرشحين لحزب المعارضة والذي أستأجر سيارة لنقل عائلته النسائية للإُقتراع من القرية إلى موقع المركز الإنتخابي في المدرسة !!
وعدم وصلن إلى المركز وجاء دورهن للإقتراع ..قامت مندوبة الحزب الحاكم بإخيتار مرشح الحزب الحاكم,
فكل من كان على تلك السيارة ذهبت أصواتهن إلى مرشح الحزب الحاكم وليس إلى مرشح المعارضة !!
مرشح المعارضة لم يظفر حتى بصوت زوجته وبناته وعائلته !!
هكذا تتم سرقة الأصوات ويتم أيضا خداع شعوب العالم بممارسة الديمقراطية وإعتبارها عملية راقية !
الذي أدركه جيدا أن الإنتخابات يستفيد منها خريجوا الجامعات الذين تُأخذ أسمائهم من الخدمة المدنية !!
فتلك أكبر إنجازات الإنتخابات ..لكسب المال طيلة الفترة الإنتخابية !!
وكل ما عداها لا خير في ممارسته أو عدم ممارسته!
مناسبة لمنح خريجي الجامعات بعض المصاريف التي تعينهم على مسايرة أمور عيشهم !!
هناك من المواطنين الذين دمرهم الزمن تماما. فتجدهم في تلك المناسبات يفيقوا من سبات التعب !
ويحاولوا أن يجدوا مبرر لحياتهم في تلك اللحظات..أنهم يختلقون الفوضى والمشاكل في فترة الاقتراع,
يعطون أنفسهم هالة الدفاع عن أحزاب لم تمنحهم صلاحية الدفاع عنها!!
تلك التي تصل في بعض الحالات إلى القتل تماما !
أنه الخداع الكاذب الذي يتوّهم الإنسان المغلوب على أمره في أهمية تلك المناسبة..
المناسبة التي تنمح كل الناس الحرية والكشف عن الهدف الحقيقي من أهميتهم في ذاكرة الوطن !!
أنها المناسبة التي توقظ الجميع لإكتشاف النُخب المطمورة بتلك الذهنية الحمقاء!!







* ****************************************************








المجتمع الذي يعتقد أنه لا يساوي شيء دون تلك الفئة المُتعلمة !
بالتأكيد مجتمع صعب أن تجد له من اثر في مجتمعاتٍ لا تؤمن إلا بالركض خلف المادية !!
وهذه الثقافة ليست مشكلة مجتمع ٍ بعينه..
إنها الثقافة التي تقوم عليها السياسات والعلاقات الدولية !!
وتبني على إنقاذها الكثير من المشاريع!!
لذا الحصول على الشهادة الجامعية يمكن أن يكون أمرا عابرا في مجتمع ٍ لا يؤمن بالتعليم ولا بالمُتعلمين !!
الحياة التي يخوضها الإنسان بمفرده ويؤمن بنظريتها تماما ..
ولا ينتظر من المجتمع شهادة موافقته أو رفضه بخصوص مشروع الحياة !!
فالمجتمع يحتقر أولئك الذين يواصلون تعليمهم الجامعي في ظل غياب فرص الحصول على الوظائف!!
في وقتٍ أصبحت فيه الشهادة الجامعية رقما عاديا وورقة مُزينة بالألوان !
ولكن التجربة الجامعية رغم كل تلك الاعتبارات التي تنفي كبريائها وشموخها,
إلا أن تلك التجربة هي الأساس في صقل عقلية الإنسان وجعله قادرا على تشخيص الأمور ومعرفة الأبعاد الأساسية لها !!
أن الدراسة الجامعية هي المفصل الأساسي في تحديد هوية الإنسان لدى المجتمعات المُتقدمة أو تلك التي تعاني من انحطاط في الفكر أو الثقافة !
الإنسان من تعود إليه نتائج فلسفته في الحياة وليس المجتمع !
أنه الذي يجب أن يعيش تجارب مع الآخرين!!
يحاول أن يصنع أفكاره على مقربة من منجم تجارب الأخر!!
ويتقاسم شروطهم أيضا في طريقتهم في العيش وفي المعنى العميق لإنسانية الإنسان !!
ولكن هذا المعنى قد يتضاءل و يقتصر على تلك الأهداف التي يجري وراءها الشاب المراهق !
بإعتبار الجامعة مُتنفسا للترفية والإستجمام والأشياء التي يسهل على الإنسان الحصول عليها !
أنها تكون كذلك لبعض الناس وقد تكون العكس تماما بالنسبة لأخرين!!
ربما تلعن اللحظة التي فكرّت فيها أن تدرس الجامعة !!
وهذا يعود إلى ظروف الحياة أو ظروف القسم والكلية التي إلتحقت فيها .
المرحلة الأكثر حرجا في حياتنا والأكثر صعوبة على إستيعاب شروطها !!
أن أول يوم دخلت ساحة الكلية غابت ذاكرتي عن الأصدقاء من الصباح وعدت إليهم في السادسة مساءا!
بدأت تدريجيا أتخلّص من عالم الطفولة وعالم المجتمع الذي خرجت منه !!
فأنا كل يوم أقترب من هدف ٍ خفي يزداد حضوره أكثر في الذاكرة!!
ولكن تلك الرغبة اتسعت هوتها وأصبحت تعني أشياء عميقة في الحياة!!
مفاجأة كبيرة لحظة أن تكتشف أن القسم الذي أنت فيه يحتاج إلى جهد كبير !!
الجهد الغير الطبيعي وغير المُصطنع,ذلك الذي يجعل من مستوى تفكيرك و ذهنيتك الأقرب إلى أولئك الطلبة المُتفوقين في القسم!!
أو على الأقل أن تكون على إطلاع ودراهية بالأشياء التي يمكن أن يهتم بها الدكتور !
ولكن الإنسان القروي يعتبر أن أصدقاء القرية هم من يستطيع العيش معهم فقط !!
ويعتبر أن الدراسة الجامعية بدون أصدقاء الطفولة غير ممكنة !!
تلك المشكلة التي يعاني منها أصحاب الأرياف,فكم يكون الإنسان حزينا دون أن يرى أصدقاء الطفولة ؟
أصدقاء القرية الذين لا تكف عن الحنين الجارف إليهم .
على الرغم من الخطورة التي يُمثلوها بالنسبة لطلاب الذين في الأقسام الحساسة .
تبقى عاطفتك إليهم مشدودة في تلك الحالات التي تشعر معها أنهم يحاربونك ويكرهونك !
تصل إلى مسامعك شرورهم وأحقادهم وعدائهم الدفين لك !
أيكون مصدر كل تلك الكراهية بسبب أنك اخترت القسم الذي لم يستطيع أحد منهم اختياره ؟!
هذه الصفة السائدة التي يمتاز بها أصدقاء قريتك أو أصدقاء الطفولة !
يغمرونك بحقدهم وغيظهم و يتبادلون الهمس عند أول قدم تغادر المكان .
لهذا تشتاقهم لسبب ٍ هزيل وسخيف وهو أنك تقرأ منهم أخبار القرية والأصدقاء والصديقات !
تشتاق إلى أخر أخبار العشاق والعاشقات ولا تهتم بأخبار الأسرة أو أخبار العائلة !!
هذا كل السبب الذي يجبرك على متابعة خط الحنين إلى أولئك الأصدقاء !!
و أولئك القادمين يوميا من القرية والذين تتبادل معهم أخبار القرية !!
وتتجاذب معهم أطراف الحديث في مقيل ٍ يفيض بجلسة "القات".
كيف لطالب ٍ في الجامعة وفي القسم الأكثر صعوبة أن يتابع تحصيله الأكاديمي في جو ٍ مشحون بجلسات "القات" وأخبار عاهرات القرية ومتابعة تفاصيل المشاكل الوهمية التي تحدث في القرية ؟
أنها المشكلة التي لم أستطيع أن أُشفى منها تماما!!
لا تستطيع أن ترفض الشكل ولا المضمون الذي يأتي به القادم من القرية .
عليك أن تتجاذب معه الكلام حتى وأن كان لديك أي أعمال ٍ تتعلّق بالكلية !!
لا يفيد في شيء أن تذهب إلى أصدقاء القسم والإستعلام عن بعض الأمور الغامضة التي لم تستطيع إستيعابها!
السبب الذي يضعف مقدرة الطالب على التركيز والفهم العميق ,
أن الجو الذي تعيشه تماما يعطيك الثقة الكاملة بأنك داخل القرية .
أنهم يمارسون عادات القرية في الأكل وفي إستعراض الكلام وإستعراض الحديث عن أشخاص محددين !!
مع هذا أنهم يشعرون بفخر ٍ كبير ومتعالي بمستوى الفكر الذي يملكونه,
الفكر الذي يأتيهم من دول "أُوبك",في الشكل وفي الإطار الداخلي للعقلية!!
لا يدركون بأنهم محطّ للسخرية من آخرين !!
أنهم يسخرون منهم لكونهم "شيعة" وكذلك لسبب السخف الفكري الذي يملكوه !!
أن أصحاب القرية وخصوصا أولئك الذين لديهم المال الكثير قد تركوا بصماتهم العميقة في مشاريع البحث عن عاهرات المُدن !!
يتركون زوجاتهم في القرية و يذهبوا إلى المدينة لقضاء الراحة المُطلقة,
أجمل بنات القرية في ذاكرة النسيان بالنسبة إليهم لكي يمارسوا لعبة خرقاء خارج حدود الأخلاق !
الثقافة التي تُجسدّها المنطقة لأبنائها القادمين من خارج الوطن .
أولئك الذين يظنون أن الوطن لم يكن إلا محطة نُفرّغ على صدره كل الرغبات والشهوات التي لم يستطيعوا ترجمتها خارج وطنهم لهذا تجدهم متسخو الأفكار والسلوك!!
يعانون من خلل باهض الوصف في الجهاز العقلي والهرموني والجنسي أيضا ..
كل تلك الإختلالات يصبون مُخلفاتها على أرض الوطن !
يدّمرون أشياء كثيرة في صفوف الأُسر التي تقع ضحية في أيديهم !
بقليل من المال الذي يحمل شارة العملة الأجنبية وصفاتها..
يقضون على ربيع العمر للفتيات التي تسقط في أيديهم !!
قمة الوقاحات التي تأتي إلى داخل هذا الوطن.. دون أن تتدخل الأجهزة الأمنية في وقف هذه الثقافة !
هؤلاء القادمين من خارج المكان والزمان أيضا يرمون بمخلفاتهم المُتعفنة في وجه الوطن !!
ويبصقون على هيبة القانون تماما بذلك الجزء الميت من العملات الذي في حوزتهم .
لقد بدّلوا الوطن.. بشيء ٍ يشبه المنفى و ذلك الشكل الوهمي والمؤقت للحضور والغياب و الحياة والموت !
وأولئك الزائرين إلى تلك المدينة الباذخة الخضرة والجمال الطبيعي !!
يُصاب الواحد منهم بهوسه المُطلق لفعل أي حماقة في تلك المدينة الشاهقة الاخضرار !
أولئك الذين يبحثون عن المتاجرة بالجنس تحت مُسمى البحث عن زوجة والسفر بها إلى خارج اليمن !!
وهذا الحدث الذي كشفت عنه الأيام و أظهرت الصورة جلية,في أن تلك الحادثة لم تكن إلا عملية مُزورة !!
عملية تنام تحت غطاءها الصورة القاتمة والبشعة للفكر الإنساني الذي يجيز التعاطي مع الشكل والمضمون الأخرس لعتمة ٍ مثل تلك !!
الزوجة التي يأتي بها من تلك المدينة اليمنية تكون في النهاية امرأة تمارس الدعارة مع الآخرين في السعودية مقابل الحصول على الفلوس إلى الذي جاء بها من اليمن !
شيءٌ مضحك ما أخبرني به أحد أصدقائي.. الذي كان يعمل في إحدى الفنادق السياحية في تلك المدينة.
سألته عن العمل لديهم في الفندق فقال:
- أيش من عمل !!
- السياحة التي تستقبلوها من دول الخليج في شهر الصيف!!
- أنهم مضحكين جدا,
- كيف ؟
- واحد من أولئك السياح وهو من دولة عُمان..ماذا تتوقع أنه طلب أن أفعل له ؟
رديت وأنا أضحك بصوت ٍ مسموع :
- ماذا تفعل له ؟ أكان أيضا يرغب أن تأتي إليه بفتاة من الجامعة؟!
- والله يا ريت كان يريد مثل ذلك !!
- ماذا طلب أرجوك دعني أضحك كثيرا؟
- تمدد على بطنه وطلب مني أن أحكّ له ظهره !!
- المسألة ليس فيها شيء!
- إلى الآن ليس فيها شيء ..أسمع .
- أكمل وبعد.
كان يضحك ويردد :
- بعد أن وضعت يدي على ظهره طلب مني أن تمتد اليد إلى أسفل الظهر وفي الأخير أراد أن ألتصق بمؤخرته تماما!!
- لا تكمل ,
- قد قلت لك هذه حقهم السياحة !
- با لله عليك يقطع هذه المسافة الخيالية بين الدولتين من أجل يمارس هذه العاهة التي تهدم رجولته ؟!
- قليلون أولئك الذين يبحثون عن النساء !!الغالبية منهم يبحثون عن الرجال!
- طيب معقول ما فيش رجال عندهم في السلطنة..علشان يلبوا مطالبهم !!
- أساسا هم يجدون الراحة في السفر !!
- أوكه.. يجدوا الراحة في السفر ولكن هذا لا يعني أن يسقطوا رجولتهم في الأماكن التي يزورنها !
- ذلك العُماني طبعا يملك سيارة مرسيدس آخر موديل!!
- ربما حصل عليها نتيجة مهنته التي عرض عليك جزء من شريطها الخفي !!
- لا أعتقد أن المال الذي معه نتيجة تلك المهنة!
- جميل أن تمنحه مهنته التي يتقنها كل ذلك الثراء..فلماذا إذاً سيمارس تلك اللعبة ؟
- ربما لأنه مُصاب بدوارها الخفي !
- أنه إذاً لا يحترم رغباته.. ولا يعرف كيف يتعامل معها !!
لم أكن التقي بصديق الطفولة والذي يعمل في الفندق السياحي إلا في بعض الحالات !
الصديق الذي لا تشعر بالملل في حضرته..وليس هناك ما يستدعي المجاملة معه!!
لم أشعر بقيمة وجوده إلا في السنوات الأخيرة من الدراسة الجامعية!!
المستويات الأولى للدراسة كئيبة جدا من عدة جوانب,
صعوبات كثيرة تخلقها ظروف الحياة والدراسة ومناخ المدينة بالنسبة للطالب القادم من القرية !
أول كارثة قرب الشقة من منزل تملأه الفتيات المثيرات للتساؤل !!
لذا أصبحت شقتنا مكان ملائم لمن يجيد فن العشق !!
أن بنات ذلك المنزل ليس هناك وقت ٍلإعاقتهن عن الخروج أمام المنزل !!
ذلك ليس نتيجة عدم وجود رجال داخل المنزل !!
و لكن ربما تكون تلك الظروف العامة التي تعيشها تلك الأسرة !!
أيضا البعد الكبير الذي يفصل السكن عن المدينة !
نعلن حالة الطوارئ إذا نقصت أحدى مكونات الأكل وتقوم الأرض وتقعد من الأصوات و الآراء المتصادمة.
الأمر الذي يستدعي أن يخرج كل واحد إلى المدينة.و يأكل الذي يريده وبعد ذلك يرجع إلى الشقة دون أن يأخذ للصديق الذي في الشقة شيء!
الجميع يتفقوا على مسألة استئجار جهاز الفيديو لمشاهدة الأفلام الجنسية !!
و يختلفوا على من سيُعيد ذلك الجهاز إلى محل بيع الأفلام !!
بعد ليلة ٍ عمياء من المشاهد المثيرة والأفلام الساخنة ,
الكل ينسى همومه ومشاغله في تلك الإجازة التي تنقل المُشاهد إلى عالم الخيال !
و لكن ما إن تظهر خيوط الفجر حتى تتحول تلك المشاهد إلى جمر ٍ يوقظ البطون معلنا عن شدة الجوع !!
وهكذا ينبغي سد ّ تلك الثغرة التي ستتسبب في الكثير من المشاكل وتؤثر على مستوى المُذاكرة ومتابعة الكلية.
أن يبدأ اليوم التالي الذي يلي ليلة الأفلام ومُخلفاتها في شرب عصير المانجو والذي يوقف صوت المعدة المتعالي والذي يعلن عن دق جرس الخطر والجوع !!
كم يشعر الإنسان بالانتصار عندما يملئ معدته ؟
فيعتقد أنه لن يجوع مرة ً أخرى !
هناك أصدقاء في الكلية عندما أنظر إليهم كنت لا أعتقد بأنهم يشعرون بالجوع !
بدأت معرفتي به حين خرج كل طلاب الجامعة إلى تلك المظاهرة التي تعلن عن رفضها لضرب العراق !!
فقلت مازحا :
- هل نتوقع أن يصغي الرئيس الأمريكي إلى عدم موافقتنا عن خطته في شن الحرب؟!
فرد ّ بنبرة أبناء الطبقة البرجوازية :
- أصلا نحن نعلن التضامن مع العراق وليس أن نوقف الرئيس الأمريكي عن اتخاذ قراره!
أجبت :
- أن كانت الرسالة التي نريد أن نوجهها إلى النظام العراقي بتضامن اليمن مع أبناء الرافدين فربما يكفي أن نساعد العراق على التخفيف من تلك المعاناة وآثار الحصار المفروض عليهم وذلك بتقديم المواد الغذائية والطبية إليهم ومنحهم المزيد من الجيوش وفتح الحدود معهم !!
- ضروري هذه الدعايات أمام الرأي العالمي !!
- ولكن ربما نحن العرب بحاجة إلى التقليل من الجانب الإعلامي !!
- ليش ؟ العالم كله عايش على الوهم الإعلامي!
- نحن نحتاج إلى ترجمة كل الإعلانات التي نقوم بإشهارها على السيارات ومحلات اليانصيب!! وأن تنتقل تلك الإعلانات والمهرجانات الخطابية إلى حيز التنفيذ !
- نحن تنتهي مهمتنا بعد ساعتين من الآن !
- وتنتهي مهمة القادة والزعماء قبلنا بمليون ساعة!
بادرته بتساؤل :
- أسرتك هنا في المدينة ؟
- لا ..أن أعيش بمفردي في هذه المدينة !والأسرة في صنعاء حيث عمل الوالد في العاصمة.
- لماذا لم تدرس في تلك المدينة ؟
- أصلا رئيس الجامعة جارنا في العاصمة وعرض عليّ أن أدرس الهندسة هنا !
- فهمت قصدك .. ماذا يعمل الوالد في العاصمة؟
أنتظرت أن يقول لديه بقالة أو بالكثير سوبر ماركت .فردّ:
- أبي عضو مجلس الشورى !
أبتلعت أنفاسي بكل دهشة وقلت :
- أووه.. جيد !
- ماذا يعمل والدك ؟
- أبي مزارع في القرية ..كان مُغترباً وبعد غزو الجيش العراقي للكويت لم يعد إلى السعودية !
حاولت أن أنشغل بزحام المظاهرة وأنهي الحديث مع طالب ٍ في هذا الجنون من التخمة !!
وقبل المحاضرة في الثالثة عصرا بعد أسبوع من حديثي مع ذلك الطالب جلست إلى جانبه فقلت له :
- صقر أن فكرّت يوما أن تزور بلدا عربيا فهل ستزور سوريا؟!
- لقد زرتها كثيرا سوريا!!
- وهل زرت دول أوربية ؟
- نعم ..زرت فرنسا قبل مونديال 98 ولم نتمكن من الحصول على تذاكّر قبل سنة من المونديال!وزرت أيضا كندا أكثر من مرة !!
دخلت في دوامة من الصمت والحيرة والتفكير!!
لم أعيّ بعد تلك اللحظة من الذي دخل ومن الذي خرج.تعطّلت عقارب الوقت عن الدوران ولم تتوقف عقارب رأسي عن الدوران !!
وفي نهاية الترم الثاني سألت عن ذلك الطالب فأخبروني بأنه سحب الملف من الكلية ونقل إلى العاصمة بعد أن رسب بثلاث مقررات !!
قلت لنفسي:لو يرسب ذلك الطالب عشرون عاما لن تكون هناك أي مشاكل !!
نحن أبناء الفقراء أن بقينا سنة في نفس المستوى سيختل النظام الكوني ونظام الجاذبية الأرضية!!
ولهذا نحن من يموت أكثر في طريقة العيش الذي نعتقد أنه عيشا !!
الحياة تعني البؤس..و المجاعة..والبقاء في رصيف التعاسة الدائم !!
هل ستتغير حياتنا إلى الأفضل بالحصول على شهادةٍ جامعية ؟
وبينما أطرح على نفسي هذه التساؤلات المجهولة الملامح..قرأت نتيجة الترم الثاني للمستوى التمهيدي !!
ما هذا ؟
مادتان يجب أن أجتاز بهما دور سبتمبر وأنجح بهما.. وإلا سأبقى بنفس المستوى التمهيدي!!
وبعد أن جاء دور سبتمبر أختبرت المادة الأولى فكانت جيدة!
والمادة الأخرى أصعب قليلا,
ظهرت نتائج الدور فإذا بالمادة الثانية تسقط مرة ً أخرى!!
بدأ العام الدراسي الجديد و الاسم أيضا مع أسماء الطلبة المُتبقين في نفس المستوى ,
يعتقد أصدقائي أنني انتقلت إلى مستوى آخر..
أن الدوام مع الزملاء الناجحين..لا أعلم ما السبب الذي جعلني أداوم مع الطلاب الناجحين !!
الدكتور الذي يُدّرس تلك المادة ومواد أخرى في مستويات أعلى..أعتمد أسلوب الجامعة التي جاء منها هي جامعة "بغداد" في طريقة الإمتحانات والتدريس أيضا!!
لم يكن أمتحان تلك المادة صعبا بقدر ما كان إعتماد الدكتور على مرجع خاص والطلاب الذين ذاكروا ذلك المرجع نجحوا بسهولة !!
شعرت بالأسى لحظة إدراكي أن معظم الزملاء في القسم يملكون ذلك نسخة من ذلك المرجع الذي أحتوى كل أسرار الدكتور !!
أستمرت الشكاوي إلى رئيس القسم ومنه إلى رئيس الجامعة والتي تُطالب بضرورة أن ينتقل أسماء الذين رسبوا في مواد ذلك الدكتور إلى أسماء المستويات العليا !!
السبب الذي جعل عمادة الكلية ورئيس الجامعة أن يجيز ذلك العمل هو أن أحد الطلاب الذين يعملون لصالح الحزب الحاكم كان أحد ضحايا ذلك الدكتور !!
لذا جاء قرار الجامعة متأخرا في رفع أسماء الضحايا إلى مستويات زملاءهم الناجحين!
نزلت في شهر رمضان إلى رئيس الجامعة وأخبرته بالمشكلة التي نعاني منها..فقال لي أذهب إلى عميد شئون الطلاب في الجامعة بأن يأتي إلى هنا !!
وفي اليوم التالي تأكد الخبر بشكل صريح داخل الكلية !!
شعرت بالانتصار الساحق لهذا العمل الاستثنائي ..انتقلنا على إثره إلى مستوى ثاني كزملائنا الناجحين !!
لم يأتي القرار من جانب إنساني أو أخلاقي جاء نتيجة لحزبية ذلك الطالب والذي يعمل ليلا نهارا لصالح الحزب الحاكم داخل الجامعة !!
رئيس الجامعة الذي تواطأ مع شعور طالب واحد وحذف بقية الإنسانية تجاه بقية الطلاب الذين يعانون من تلك المأساة ذاتها !!
جميل أيضا أن تنقلب السيئة التي تُمّيز شعور طالب إلى حسنة تشمل الذين ليس معهم من يمنحهم التمييز!!
وأن كان ذلك الطالب يختنق بالمساوئ والأفعال العنصرية التي يمارسها..فإنه في هذه الحالة يُعتبر عنصرا أضاء حياة أولئك المساكين والذي حررهم من الوقوع في إثم الانتظار عاما كاملا على مُقرر واحد فقط .
أنجاز كبير أن يأتي هؤلاء المدعومين عن طريق الخطأ أو الُصدفة في صفوف الذين لا دعم لهم سوى الموت قهرا وصمتا !
رائعة تلك المخالفة القانونية والتي أستفاد من ورائها الطلاب المساكين الذين وقعوا في فخ المُقرر ذلك !
القرار تم تنفيذ نصوصه وفقراته قبل نهاية الترم الأول ,
بدأت في متابعة المحاضرات والمُذاكرة مع الطلاب المبدعين !!
أحد أصدقاء القسم والذي ينتمي إلى أسرة فقيرة جدا!!
إنه يشبه إلى حدٍ كبير "زوربا" في طريقته المباشرة والجنونية في الحياة !
أُعجبت بكل تصرفاته وحدة الذكاء الذي يتمتع به !
أذهب كل يوم إلى السكن الذي يسكن فيه ..إنه مجرد دكان يحوي دورة مياه بداخله !!
أنه بكل الحالات يستقبل الوافدين من الزملاء إلي السكن.
أنه مهووسا بالجانب العملي للهندسة ويحاول أن يجد مبررا لكل شيء يقرأ عنه !!
الذي يحد من طموحه الفقر وعدم قدرته على شراء بعض القِطع الإلكترونية !!
و عندما يحصل على قليل من المصاريف التي تأتيه من والده في السعودية.. يذهب مباشرة إلى سوق القطع الإلكترونية ويبحث عن ما سيجده هناك !
و في أحدى المرات حاول أن يربط دائرة إلكترونية ولكنه أخطأ باختيار "متسعة" تحتاج إلى مقدرا معين من الجهد الكهربائي فلم يدرك إلى ذلك الخطأ حتى انفجرت تلك المتسعة وكادت أن تتلف وجهه تماما !!
رائع جنون ذلك الشخص في العلم وفي طريقته في الحديث والنقاش والتفكير !!
أذهب إليه بعد العودة من الكلية لمراجعة الأفكار التي تصل إلى رأسه !!
وبينما نحن نُراجع المحاضرات معه في السكن صاح فجأة:
- يا شباب ليش ما نُصمم إذاعة في عيد مايو ؟
أجبته بشيء من التأني :
- يا "صدام "يحتاج ذلك المشروع إلى الكثير من الإمكانات المادية والعقلية.
رد بصوتٍ أكبر :
- أيش من إمكانات ؟!!أنا سأفعل ذلك المشروع والذي يريد أن يشارك معي فأهلا وسهلا !!
قلت بسخرية لاذعة :
- لو فعلت مشروع البث..ما الذي ستبثه إلى أبناء هذه المحافظة ؟
قال بكل برود :
- سأبث أفلام جنسية إلى بنات هذه المحافظة وليس لأبنائها !!
سألته وأنا أختنق من الضحك :
- وليش تبث مثل هذا النوع من الأفلام ؟
قال وكأنه يعاني من مشكلة ٍ مُزمنة بداخله :
- بنات هذه المحافظة غير مستوعبات لمسألة الجنس !!
قلت له :
- من قال لك هذا ؟؟
رد غاضبا:
- قالت لي أمي.
- أنت لم تفهم هذه المحافظة بعد !فكيف تريد أن تفهم نسائها ؟
قال وقد أنتفض مذعورا :
- لي سنتين في هذه المحافظة ولم أشعر بأي حركة نسائية تلفت نظري!!وهذا دليل على أن الجنس يشغل الرقم صفر في رصيدها !!
- يا "صدام "لو تملك ألفين ريال الآن وفي هذه اللحظة أنت مع أجمل بنات المحافظة تقضي سهرتك بصحبتها !!فلماذا ترهق أفكارك على تصميم دوائر إلكترونية ودوائر إرسال وإستقبال؟المرأة هنا مُثقفة جنسيا أكثر مما تعتقد !!
- بالله عليك لو في فلوس سأتمكن من السهر مع أي فتاة ؟؟
- وهل في ذلك شك ؟
- إذاً أول ما يرسل لي أبي بفلوس سأتحرك إلى أقرب فندق في المحافظة !
قلت أنا لبقية الزملاء في السكن معه :
- صاحبنا لا يهمه مسألة البث بقدر اهتمامه بالجانب الجنسي وتفعيل شفرات الأنوثة كاملةً!
قال وكأنه يؤكد مشروع الجنس في هذه المدينة :
- أُقسم بالله أن بنات هذه المحافظة باردات جنسيا,ربما يكون طقس المدينة البارد قد أفرز لعنته على مستوى الجنس !!
- يا "صدام" أنت تعتبر هذه المشكلة مهمتك الأولى في فهم أبعادها!
غادرت السكن وعدت إلى سكني مع أصدقاء القرية و الذين يدرسون تخصصات أخرى!!
و في أحدى الأيام لم أذهب إلى سكن ذلك الصديق لمراجعة المحاضرات !
- سألني أحد الزملاء والذي يسكن مع "صدام" قائلا لي :
- لماذا لم تحضر إلى السكن أمس؟
أجبته :
- لا أعرف السبب ولكن أمس شعرت أنني مُرهق من المحاضرات فلم أستطع الذهاب إلى السكن لديكم!
قال بشيء من الحزن :
- لقد تعرضنا لمشكلة طارئة من قِبل عصابة مجهولة!
سألته بسرعة :
- كيف ؟ وماذا حصل ؟؟!!
- جاءوا يبحثون عن "صدام".
- ماذا يريدوا من "صدام" ؟
- أرادوا اختطافه من داخل السكن ولا نعرف السبب الحقيقي وراء ذلك ,
- وماذا حدث؟
- بعد أن لحقنا بهم إلى خارج السكن وأخذنا "صدام"منهم..أفرغوا الرصاص على قدم "صدام"وذهبوا.
- المهم أن "صدام"بخير !!
- نعم .أنه بخير .وأسعفناه إلى المستشفى والآن الحمد لله .
- سنزوره اليوم ,
انتهت المحاضرات لهذا اليوم, التقيت بعدها بأحد أصدقاء القسم وقلت له :
- "هشام" أيش رأيك نزور اليوم "صدام" ؟
- جيد .
وصلنا السكن ولم نوقظ أي تفاصيل عن الحدث !
أنه أكثر تعبا ومرضا ..كانت قدمه الملفوف عليها بالأدوات الطبية هي الناطقة باسمه!
خرجنا من السكن بعد نصف ساعة و أفترقنا دون تعليق!!
جاءت فترة امتحانات نهاية الترم وكل شيء لم يزل غامضا !!
كيف سيمتحن هذا الطالب الذي تعرّض للإعتداء ؟
أعتقد أنه لن يتأثر كثيرا من هذه الناحية وسيكون المستوى طبيعيا !!
ظهرت نتائج نهاية الترم فكانت كعادتها ..وحصل ذلك الطالب المُصاب على درجات عالية ومُتفوقة !!








************************************************






تفاقمت مشاكل الدراسة الجامعية في عملية التحصيل العلمي !!
وأصبحت تزداد عبئا ثقيلا مع مرور الزمن إلى الأمام !!
أول عبأ مصدره زملاء القرية الذين يدرسون الجامعة !!
يدرسون كليات أدبية ولا تتطلب منهم أي مجهود سوى الحفظ لكل المحاضرات,
فمن الضروري البحث عن ظروف هذه الكارثة وأيجاد الحلول المؤقتة !!
لم يكن كافيا الذهاب إلى أصدقاء القسم ومراجعة بعض المحاضرات معهم !!
هناك عوامل أخرى تتطلب تحقيقها وتوافرها للطالب في الكليات العلمية والعملية في نفس الوقت!
ظروف السكن والجو العام ينبغي أن يكون صالحا للتحصيل العلمي !!
وهذا الذي يكتشفه الطالب لحظة أن يتعايش مع الطلاب من نفس التخصص !!
تدرك ثمن الوقت الذي ينفقوه للمذاكرة والترتيب العام لباقي الوقت !!
هذا الذي حصل في الترم الثاني من المستوى الثالث !!
نقلت السكن إلى غرفة في الدور الثالث مع أثنين من زملاء القسم !!
كان ذلك المجنون "صدام"واحد منهم والآخر زميلنا في القسم ولكنه رائع بحسن أخلاقه !!
غرفة من الطراز الشعبي الأول,نوافذها مُكسّرة ويتسرب المطر من بين جوانبها !!
لم يكن الإطار الداخلي ولا الخارجي ذا أهمية للغرفة التي تقع على سطح المنزل !!
ليس لديها دورة مياه في السطح ..ولكن توجد دورة مياه في الدور الأسفل مباشرة !!
بقت دورة المياه عُرضه لشتائم "صدام" و انهياراته العصبية حين يجدها في قمة التعفن.
استمرت الحياة الجديدة مع هذين الطالبين والتي لا تربطني بهما سوى الدراسة!!
بدأت أقترب من ملامح حياتهما وأمتزج بجنونهم اليومي !
أتضح أسلوب المُذاكرة الذي عرفته معهم.. وكيف يمتاز الطلاب عن غيرهم ؟
تلك المرحلة التي استعدت فيها عافية العقل والجسم معا !!
فأنا من أستثقل الخُطى حين أغادر سكن أصدقاء القرية ..و بعد الوصول إلى السكن الجديد مع أولئك الصديقين بنفس القسم يكون كل شيء طبيعيا !
في البداية تغمرك العاطفة والحزن وأنت تغادرهم وكأنك ستذهب إلى منفى أو إلى جحيم.
رغم كل المعالم و الخطوط التي تجمع الأصدقاء ببعضهم !
تحت راية تلك المدينة البائسة الأحلام في كل مساءاتها !
مدينةٌ لا تغريك إلا بضيق أرصفتها وشوارعها التي تلد لزائرها حالة القلق والوحدة والشعور الفائض بحنين ٍ صاخب إلى كل رجال وأمكنة الذاكرة والذين لا يمكنهم أن ينسجوا لك أي حنينٍ ممكن في تلك اللحظة ذاتها,
المدينة التي تمنح الزائر عناوين فاجعة لحظة أن يتحد بتضاريس مناخها !!
وما إن يفترسه الوقت بعد الإصابة القصوى بذهول الطبيعية وحضورها!
حتى يفيق من مشهد المكان وزوار الطبيعة أيضا !
فهناك لعبة الطبيعة التي سرقت منك متعة الأشياء الأخرى..
و هنالك اللعبة الأخرى هي لعبة الكائن الزائر إلى تلك المدينة يحاول أن يضفي على المشهد شيء من الحضور والغياب معا في تزوير البهجة والحيوية.
اللحظة الحاسمة التي تعلن فيها الشمس عن موعد سرقة خيوطها ويبدأ الظلام في التسكع وغزو أمكنة وأزقة المدينة.
عند ذلك المنعطف الشديد تستفيق من ولعّــك المحموم بالمشهد الأخير للمدينة لتركض خلف حالتك الجديدة في العتمة والدهشة والجنون !!
دون أن تعي اللحظة المُحددة التي أعلنت تلاشي كل هذا السحر اللامُتناهي بالطبيعة ومشهد المدينة الأخير!
المواجهة الأخيرة هي اللوحة القاتمة التي تحاول أن تنشر جنازة الوقت المُتعفنة على خارطة الذاكرة !
أي مواجهة ٍ تلك التي يتحول فيها مشهد الطبيعة ومناظرها الباذخة الجمال والروعة إلى مشاهد مُصمتة الملامح والتفاصيل !!
تتحول الموسيقى السحرية التي تأتي من مشهد الأرض وقصائدها المطرية الهطول إلى عناوين فاجعة في المساء,
لك مدينة ٍ مساؤها الخاص الذي تُقدّمه لزائريها أو حتى لأولئك السكان الأصليين لها !!
تلك المدينة أيضا لها مساؤها الذي يليق أن تسرده.
فيُنسي الزائر كل مشاهد النهار التي قضاها بصحبة الطبيعة وألحانها وذلك الالتصاق الحميم بمشهد الجمال وأقصى جنون المتعة!!
المساء الذي يحيلك إلى جثة ٍ تستعيد خرائبها المنسيه ذات زمن ٍ مضى !!
وتحاول أن ترمم أجزاء الرؤية التي أهتزت لفعل الطبيعة المدوي في النهار!
وفي هذا التوقيت بالضبط تستمر الذاكرة في بحثها الكثيف عن التخفيف من وطأة المأساة التي ترتكبها الطبيعة في المساء أيضا !!
كانت مأساة النهار بمثابة الوصفة المثالية التي يصعب تصوير مراميها .
يصعب على رسام ٍ يجيد تسميم الألوان على مساحة الرسم التي تنتطر أول بقعة ٍ من الخطوط !!
هناك الطبيعة في النهار ومعكوس الدهشة وتبخرّ لوحة الجمال الفعلية تماما في وقت ٍ آخر ..
والذي سرعان ما يتوقف القلب عند رقصته عند أول المساء لتلك المدينة,
أجمل مشاهد الدنيا وقصائد المطر التي لا تتوقف عن الهطول تجعل الزائر يؤمن بأن هناك ما يستحق الدهشة!
وبأن المدينة برمتها لا تساوي شيئا تجاه اللعبة الأكثر في صنع كل هذه الهاوية الساحقة من الجمال..
التي تأتي من يد الطبيعة وتفاقم المشهد النهاري حدا لا مثيل لوصفه أو حتى البكاء أمام سيمفونيته المروعة !!
لا تستطيع وأنت في ضيافة مساء تلك المدينة أن تُجرّدها من مشروعها الجمالي !!
مشروع الطبيعة ومخالب الجمال الذي يعقد صفقته الأبدية على ظروف الطقس والمناخ!!
أن يتوقف الزائر عن رصد ظروف المدينة في المساء .
المدينة التي تفقد وصفتها الجمالية في المساء في الشكل الذي تلبس حِلته !
لا يد ٌ لها في تغيير الرداء الذي تتقّمصه المدينة في المساء !!
اعتادت المدينة على شكل ورائحة المساء الذي يجب أن تكونه.. بعد مغامرة النهار في عشق الطبيعة والخلود إلى صوت الجمال الذي تعزفه تلك الأصوات القادمة من أعماق التاريخ!!
فماذا يمكن لشاعرٍ أن يقول عن تلك المشاهد ؟
وماذا يمكن لرسام ٍ أن يختصر أو يسرق من لوحات الطبيعة قليلا.. ويترك بعض الأثر على مساحة الرسم؟
كيف ينتحب الزائر في النهار على مشاهد تصنعها الطبيعة بكل دقة وجنون ؟وبعد مشاهد الجنون التي ترميها الطبيعة بكل صمتها إلى الزائر يأتي المشهد الأكثر دمعا وحزنا وذاكرة.. المشهد المسائي الأخير !!
مشهد أن تكون بمفردك تحاول نسيان مساءاٍ كمساء هذه المدينة!
فكل مشاهد النهار التي لم يجد لها الزائر وصفا في الذاكرة ولا في الخيال..لا تغفر له أن يعيش مساء تلك المدينة مغموراً بالكآبة و القلق والوحدة وجنون الذاكرة!!
ولكن مساءات تلك الغرفة العارية من الطلاء أو حتى من الإسمنت..الذي ينبغي أن يكون أحد مكوناتها الأساسية لحماية جوانب الغرفة من السقوط,
تلك المساءات المتألقة في حواراتها وهمومها ومتاعبها وتشظيها !
الحوار الذي يذهب بالمُتلقي بعيدا لنسيان ذلك المساء الذي تفرزه المدينة لأبنائها ولزوارها !!
الغرفة التي لا تسمع فيها شيئا يدل وجود كائنات حية بداخله !
كائنات تمارس غواية تعاطى أشجار القات في أوقات الراحة وتُقحم نفسها في تلك الحوارات التي تتعلق بشئون السياسة ومسائل القومية العربية !!
الغرفة التي امتلأت بضجيج الأخبار اليومية التي تأتي من المذيع المُهترئ الصوت !
أخبار العدوان القادم الذي يكتسح عاصمة ً عربية جديدة !!
لم تكن هذه المرة القدس..ولا رام الله.. ولا بيت لحم.. ولا حيفا..ولا الجولان..ولا جنوب لبنان!!
تلك التي أعتدنا سماعها كل ثانية في الأخبار أو تلك التي تتناقلها الجرائد كل صباح بالعناوين الملونة والمكتوبة بالأحمر والأسود البارزين,
عاصمة "الرشيد" ليس سواها..الرصاصة الموجهة على جبينها الشامخ !!
محاولة ٌ صهيونية وأمريكية لنسف التاريخ بطريقة البيت الأبيض وحلفاء ذلك البيت ,
بعد محاولات ٍ فاشلة لإقناع العالم بخطورة ذلك النظام العربي القائم !
الشعب الذي تعرض لصنوف الذل والقهر والموت المجاني تحت وابل القنابل العنقودية والنووية والصواريخ الحديثة الصنع !!
أبناء الرافدين الذين كتبهم التاريخ في صفحاته..هاهم يتقاسمون الموت القسري وتبادلون الضحايا والجرحى !!
بعد أن تقاسموا الموت البطيء تحت جرعات الحظر الإقتصاي والجو !
تقاسموا الموت نتيجة ٍ لتلك الأمراض القاتلة التي نالت أرواحهم.. في ظل حصار ٍ يوقف عنهم الأدوية والأغذية!
بعد فترة حصارٍ دام لعشرات السنين ..جاء دور الألة الحربية والعسكرية التي ستُستخدم في إكمال هذه العملية الجراحية للأرض والإنسان والهواء العربي !!
أن شعب ً يفتقر إلى ممارسة الديمقراطية والحرية والمطالبة المشروعة بحقوقه في العيش ويعاني شعبه أيضا من ديكتاتورية النظام في كل الإغتيالات التي تستهدف أبناء الشعب العراقي ,
أضافة إلى ذلك بأن النظام العراقي يملك أسلحة دمار شامل !!
ويُمثل بقاءه خطرا على المنطقة وعلى العالم !!
الشعارات الخادعة التي تستخدمها الإدارة الأمريكية والصهيونية لتبرير الحرب و لعمليات الإبادة!!
شعوب الأرض برمتها تتظاهر في محاولة ٍ لوقف الأداة العسكرية على أبناء ذلك الشعب !
شعب ٌ يعاني أبناءه من عدم وجود مياه الشرب..وإنعدام الدواء والغذاء ..فكيف له أن يمتلك أسلحة دمار شامل؟؟
أي أكذوبة ٍ تلك التي تتناقلها وكالات الأنباء ومراسلو القنوات الإخبارية ؟
هاهي غرفتنا الخالية من أدوات التجميل والزينة تنصت إلى المثلث المتشائم في نقاشاته..
المساء يؤكد تلك الأخبار التي تقضي بشن الحرب المحتملة على العراق!!
"صدام" ينتفظ كالطائر المذبوح من مكانه ويصيح:
- الله أكبر .
قلت مقاطعا:
- هذا الخبر لم يكن مفاجئ ً !!
رد بصوت ٍ عالي :
- الله يا زعيم الله العربية والإسلامية يحميك وينصرك !!
قلت بحزن:
- كيف سيخوض حرب ٍ بعد كل تلك الحروب التي مزّقت الأخضر واليابس؟
- الله يلعن كل الخونة الذين سيتهاونون في الدفاع عن أرضهم !
قلت له مازحا:
- عن أي دفاع ٍ تتكلم ؟!الحرب التي ستشنها قوات العدو لن تكون إلا حرب مُتطورة ..لديهم أسلحة حديثة من صواريخ وطائرات وقنابل عنقودية وغيرها من الأسلحة,وشعب الرافدين سيكون حقل تجارب لتلك الأدوات الفتاكة والساحقة للبشر وللأرض ولثرواتها أيضا !!
يرد "عبد السلام":
- صحيح الكلام الذي تقوله ,ولكن طالما أن الشعب لا يملك أي خيار ٍ آخر سوى المواجهة !
قلت لهما بكل حرية مطلقة :
- الشارع العربي يغلي من كل الأدوار التي تلعبه حُكامها أو ربما الصمت الشبيه بارتكاب الإثم الأكبر تجاه كل قضايا الأمة العربية والسلامية! كل حاكم يخشى أن يهتز عرش الكرسي الذي يقف عليه,لهذا هم الصدى الذي يأتي من البيت الأبيض وما عليهم إلا تنفيذ الأمر بكل احترام .
"صدام" ينطح عرض الغرفة بيده وبكل قوة يرد:
- هذا ليس صحيحا..فالمجاهدين من أنحاء الوطن العربي مستعدين للقتال في سبيل الله..ولن ينتظروا الموافقة من حُكامهم!!
"عبد السلام" يرد على لهجة "صدام"الساخنة ببرود :
- يا صدام أول من سيسمع ضربتك هذه على عرض الغرفة هو صاحب البيت ,سيأتي في هذا الوقت المتأخر ويطردنا من بيته,فالموضوع يريد نقاش بهدوء !
يرد:
- الله يعلن صاحب البيت ويلعن غرفته !!نحن نتكلم عن أشياء تهمّ كرامة الأمة العربية والإسلامية..نحن لا نتكلم عن أفلام دعارة.ولا عن قيس وليلى!!
ضحكت من أشتعالات هذا الإنسان وقلت بنبرة تتفجر من الضحك:
- حُكام الشعوب لا يفكرون بالطريقة التي تعتقد أنها الصائبة..ينظروا للأمور من زاوية تافهة !! لا تظن أن العالم مثالي إلى تلك الدرجة ,
يرد :
- يا صديقي لن تتعاون مع أمريكا أي دولة عربية.
قلت :
- كيف سارت الأحوال في حرب الخليج عام 90م ..و من أعترض على كل المواقف المُخزية التي لعبتها دول الخليج وغيرها ؟!!!
هز رأسه صامتا :
- (.............)
وأضفت :
- ما الدور الفعلي الذي لعبته الجماعات الإسلامية وكل المجاهدين الذين تقول عنهم ؟لم نسمع أحدا منهم ولم نسمع خطباء المساجد يدعون المسلين إلى المبادرة العاجلة لخوض الجهاد ومناصرة الشعب العراقي وأطفاله الذين يموتون بالآلاف !!أبناء العراق وحدهم من يخرجون من موتٍ إلى آخر ومن حصارٍ إلى آخر..ربما كانت إدانة النظام العراقي وكل القائمين عليه أكثر من إدانة كل القرارات الظالمة التي تنزل على رأس الشعب وأرضه !لم نسمع يوما أي رئيس عربي حاول أن يتخذ له موقفا شجاعا من كل التحديات التي تسحق كيان الأمة !
وبعد فترة صمت ٍ بيننا أضفت بسخرية :
- يا "صدام"أذا كنا نحن الثلاثة لم نستطيع أن نجد حل لمشكلة دورة المياه..لم نعرف بالضبط ما هو السبب الحقيقي الذي يمنع كل من يستخدم دورة المياه في صب وعاء ماء إلى الصحن!!فكيف تريد الشعوب العربية أن تحل مشكلتها مع الأنظمة التي تحكمها والتي تستعمرها!
رد "صدام"بلغته الصاخبة:
- صح !!والله العظيم إذا لم يأتي صاحب البيت ويشوف حل لهذه المشكلة ما يبصرّ فلس واحد !!الله يلعن أبوك وأصلك يا اللي تدخل الحمام* وما تصبّ ماء على الصحن ,
يقوم "عبد السلام" من مكانه وينظر إلى تلك البيت التي تظهر مقابل الغرفة ويتنهد:
- يا شباب لا تداعي لمناقشة أمور الحمامات واعتبار مشكلة الشرق الأوسط ,,الآن نحتاج إلى امرأة لمناقشة كل تفاصيل جسدها وشعرها !! الوقت هذا يحتاج بنت..وليس سواها !!
"صدام"الذي أصبح جاهزا للنوم بتلك الفانلة الداخلية الممزقة الجوانب والأطراف يسمع ويقول:
- الله يلعن أبوها الهندسة ويلعن طالبات الهندسة لعنة كلب !!
قلت له :
- يا جماعة الهندسة لم تكن كلية للعاشقين أو المُحبين أنها لكل من يبحث عن الشقاء والتعب !الذي يريد أن يبحث عن الحب أو الجنس في أماكن أخرى !
- الجنس يوجد في كل مكان على هذه الأرض.جاء رد "صدام" كذلك .
سألته عن رأيه الشخصي والخاص عن طالبات الهندسة :
- ما رأيك بطالبات الهندسة ؟ هل تتمنى أن تتزوج مع الأيام مهندسة ؟؟!!
رد بلغة ٍ باردة:
- لا يمكن أن أعشق حتى طالبة في الهندسة !! أنهن مُصابات بالتعب والسهر والجفاف الجسدي, في هذه الحالة القيمة الفعلية للجنس صفرا !! أجمل الطالبات الجديرات بالعشق في كلية الآداب أو التربية تجد الطالبة مهيأة للعشق والحياة !!
أجاب "عبد السلام":
- نحن أصلا لم نجد العاشقة لا بالهندسة ولا بالآداب.هذه الحقيقة,
تبددت الكلمات الأخيرة على أرجاء الغرفة وهي تحاول أن توقظ الحضور من وليمة النوم الذي يغمر المكان!
ويغمر المدينة في الخارج !!









***************************************


















جاء قرار الحرب وشن الهجوم على العراق في ذلك الصباح البارد !!
قرار فاجع أن تسقط في هذا الصباح الباكر أربعون صاروخا على عاصمة "الرشيد".
هاهي الأمة تفيق على مشهد الموت بطريقة الإدارة الأمريكية والصهيونية,
تفيق على مشهد الدم الجديد والعدوان الغاشم على تلك الأرض !
أنها الحروب الجديدة التي تنجم عن الفكر الذي تعيشه الدول الكبرى.
دول تُشكل الحروب في قاموسها نوعا من الفكر و الأيدلوجيا والترف التكنولوجي الذي تريد أن
تترجمه إلى فعل ٍ !!
الحروب التي لم تعد تعني المفهوم الكلاسيكي لها,
كانت تعني في الماضي الازدهار للجيش الغازي والقوة والبحث عن الألقاب اللامعة !!
أن الحرب في هذا العصر تحررت من تلك العقدة الوهمية !!
الحرب أخذت معاني كثيرة في هذا الزمن الأٍسرع في الخطى وفي الطفرة التكنولوجية .
الحرب التي تعني الآلة الجديدة التي يمكن تجريبها على أرض المعركة!!
الأسلحة التي يمكن أن نفحص فعاليتها في إمكانية التدمير والمساحة التي تدخل ضمن مجال التأثير المباشر!!
هناك الجانب الأخر من المعنى الخفي لحروب هذا العصر ..
لم يعد البحث عن الثروات النفطية هي الجانب الأكثر اتساعا!!
إنها حروب الثقافات والفكر الذي تُمثله الأنظمة التي يُراد تدميرها!!
فإن كانت الإدارة الأمريكية تبحث عن النفط..فلماذا لم تشن هجومها على المملكة العربية السعودية ؟
أنها تعتبر النظام العراقي هو النظام الذي لا تربطه أي روابط مع أمريكا..فليست هنالك حتى شركات نفطية أمريكية على أرض العراق!!
أضافه إلى أن النظام يُعارض كل الخُطط التي تريد تنفيذها الإدارة الأمريكية في المنطقة !!
وذلك بما يتعلّق من وجود للقواعد العسكرية على أرض الخليج العربي!!
هذا الفكر الذي يُورّق كبار الساسة الأمريكان منذ مطلع الثمانينات ,
فكان لا بد من إعلان تلك الحرب تحت مُسميات كثيرة ومُبررات أكثر سُخفا !!
أنه الصباح الأكثر إيلاما لكل أساتذة الجامعة العراقيين الذين لم يستطيعوا أن يستمروا في تدريس محاضرات ذلك النهار الأسود في ذاكرة أبناء الرافدين!!
امتلأت المطاعم وصالونات الحلاقة والفنادق بالحشود الغفيرة التي تتابع بكل أسى ذلك المشهد !!
أنها اعتادت كل مشاهد الحروب على الشاشة الصغيرة ولم تعتادها على أرض المعركة !
ولكن هذه الحرب الجديدة على أرض ٍ جديدة..
ليست تلك العواصم التي يشعر المستمع أو المشاهد بالملل عند أول إحصائية لعدد الشهداء أو الجرحى !!
العاصمة الأكثر إمضاءا و إشراقا في كتابة ملاحم الإنسانية على رِقعة التاريخ.
عاشقة القوة والصمود و الانتصارات وحضارات الرافدين الضاربة العمق والأصالة !
ما الذي يجعلها تتعرض لويلات الحروب والخيانات العربية التي تشرع نوافذها على تلك المذابح العلنية !!
الطائرات ذات الطراز التكنولوجي الحديث التي تحمل أدوات الموت تأتي من مطارات عربية .
تأتي وعلى متنها القنابل العنقودية والهيدروجينية على أرضٍ لإحدى عواصم الخلافة الإسلامية القريبة !!
أطفال العراق و نساءها وشيوخها تغتالهم تلك القنابل القادمة من أرض الحرمين.
الكل يتابع المشهد دون تعليق على ما يحدث !!
إن صباحا كهذا لن يكون إلا باسم تلك العاصمة العراقية "بغداد"..باسم عاصمة التاريخ الضارب في الحضارات والأصالة..
هذا الصباح بغداد تتصدّر عناوين الصُحف العالمية والعربية !!
باللون الأحمر يأتي أسم تلك العاصمة مكتوبا..اللون الذي يلبسها هذا الصباح!
اللون الأحمر والأسود معا..أنها تعيش معركة الألوان !!
معركة الدم ومعركة البكاء والحداد !!
معركة الشهداء والضحايا الذين يسقطون في تلك المؤامرة.
بدأت خطابات البيت الأبيض تصفح عن هوية تلك الضربة التي تتهاوي على أرض العاصمة,
أنه خطاب الحرب التي يعلنها البيت الأبيض على أرض الرافدين.
بداية الطلقة لجيوش الاحتلال التي تريد أن تعيد للتاريخ مقامُه الأول في كل صفات الحروب!!
الخطاب الذي يأتي من ذلك البيت يعلن بكل وقاحة عن ضرورة الإطاحة بذلك النظام العراقي القائم,
"بغداد" لا تبكي لوحدها في هذا الصباح, ولا تموت بمفردها على هذا الإيقاع الوقح من إيقاعات الحرب.
كل شوارع الدنيا تنتحب لأجلك ِ يا بغداد..!!
أتذكر قبل هذا اليوم ذلك الفريق الأوربي الذي قرر أن يغادر وطنه ويدخل العراق ليعلن اعتصامه داخل مبنى الإذاعة والتلفزيون العراقي.. الجدار البشري الذي قرر أن يعلن تضامنه مع الشعب العراقي في رفض الحرب تماما!
في وقت ٍ لم نسمع موقف عربي يقف بشكل فعلي مع رفض الحرب.
إضافة إلى الموقف الروسي والفرنسي المُعارض بشدة للحرب !!
كان موقفا رائعا من دولتين لا صلة لهما بالإسلام والمسلين!!
أي مساء ٍ يكون لهذا النهار الأسود !!
خرجنا نجوب شوارع المدينة مساءا.. بحثا عن شاشة ٍ صغيرة لمتابعة تفاصيل الحرب!
عدنا إلى الغرفة بعد مشاهدة بعض مقاطع العدوان !!
استمرت أحداث الحرب تتوالى من كل جانب,
وعلى إيقاع أخبار الحرب تسير الأيام ومعها يكبر حجم الجرح و العطب الموغل في أوصال الأمة.
تتهاوي المُدن العراقية كل يوم في أيدي الجيش المحتل,
ويكبر رقعة الدمار الذي ينجم عن الحرب الجوية..وما تلقي به من القنابل الفائقة التطور !!
إنها القنابل الذكية التي يُطلق عليها والجانب الأخر من صواريخ مُدمرة!
لم تكتفي الآلة العسكرية في هذا النوع من الدمار !!
أيضا امتدت سواعدها لقتل الجانب الحي من الصحافة .
و ما يقوم به المراسلون من تغطية حقيقية للحدث وكشف ستار الحرب ومُخلفاته!
فأي مشهد ٍ ذلك الذي يحصد تلك الحمامة البيضاء؟!
حمامة الرسالة النبيلة في رصد الحدث وإعلان مشهد المكان !
الحرب التي تحصد بوحشيتها وجنونها كل الأشياء الجميلة !
تقتل البشر وتنسف البنية التحتية وتجعل المدن خرائب عارية في اليتم .
ها هو الخبر العاجل يقفز من الشاشة الصغيرة مُعلنا عن استشهاد "طارق أيوب"مراسل قناة الجزيرة..
وذلك نتيجة قصفٍ أمريكي لموقع القناة ذاتها !
لأنها أدركت خطورة الموقف وبأن هنالك من يريد أن يقف على نزيف الجرح !!
تلك القناة الإخبارية تصف المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال في حق ذلك الشعب المحاصر!
فعمدت إلى إسكات الصوت لتوقظ شهيتها في قتل كل ما يقف مقابل وجهها تماما.
فما هي فحوى الرسالة التي تريد إيصالها إلى العالم؟
أهذه الدولة التي ترفع شعارات الحرية وتعلن عن برامج رعاية الديمقراطية ؟!
أيكون هذا جزاء من مشاريع تلك الدولة العظمى لبلاد ٍ تريد أن تهديها وردة الحرية؟
أو تنقذها من شبح الديكتاتورية والاضطهاد..
هذا ما ينبغي أن تُقدّمه على مائدة الحرب والدمار ..وتعطيها شرعيتها في كل المناحي !
فكم ذلك المشهد مؤلما في كل عناوين غموضه ؟
بعد تلك الحادثة الشنيعة في قتل ذلك المراسل تظهر زوجة المراسل وهي مكسوة بدمعها الغزير!!!
الصورة التي تُعبّر أكثر عن نفسها وعن مأساة أطفال ذلك المراسل,
ربما لن تكون تلك الحادثة إلا نقطة من بحر !!
فلن يكون مقتل ذلك المراسل أكبر من كارثة قتل شعب ٍبأكمله!
ولكن قتل المراسل ربما يأتي خارج الأشياء المعقولة,
أنه ليس بداخل الأرض التي تسقط عليها القنابل والصواريخ..
كان كغيره من المُراسلين يتابع مهمته الإنسانية !!
كل لحظة تتكاثف الأنباء عن ضراوة الموت الذي يتربص بأرض المعركة..
ومعها تزداد عاصمة "الرشيد" في النوم أكثر على حمامات الدم!!
وفي غمرة تلك المآسي التي تتزاحم على بوابات القتلى والمُصابين والأسرى الذين سقطوا في أيدي الجيش العراقي وأجريت معهم اللقاءات الصحفية !!
نحن الآن في قاعة المحاضرات لنسمع رأي ذلك المُدرس العراقي عن كل ما يجري من معارك.
أخبرنا عن الفوضى التي ترافق كل الإعلام عن الحروب!!
قال في مسألة الأسرى الذين ظهروا بالمُقابلة تلفزيونية:
لماذا جئت إلى العراق ؟سُئل أحد الأسرى من قِبل مراسل عراقي .
فرد ذلك الأسير بجملة بالغة الإنجليزية بما معناه بالعربية:"لأصلح العطب في النظام "
فقال المترجم العراقي: يقول أنه ميكانيكي فجاء لإصلاح بعض الأعطال التي تصيب النظام الميكانيكي!
لم يريد المترجم العراقي أن يظهر الخطاب الحقيقي لذلك الأسير الذي سقط من طائرته العسكرية.
جاء اليوم الذي تعلن فيه قوات التحالف عن دخولها العاصمة"بغداد" بكل صفاقة !
وهاهم العراقيين يظهرون على شاشة التلفزيون وهم يحتفلون بدخول القوات إلى أرضهم !
لم تقاوم العاصمة أكثر من يتوقعه الناس !
قاومت أم قصر حوالي أسبوعين ولم تقاوم العاصمة سوى ساعات !
الكل يبكي على ضحايا تلك المعارك التي حصدت أرواح الكثير من مجاهدي الجيش العراقي في "أم قصر" وغيرها من المدن الأخرى!
وفي النهاية تسقط أبواب العاصمة بيد الغُزاة !
الشعب الذي يحتفي بجيش ٍ يختصر عناوين كبرى لانتهاك الأرض وكرامة الأمة وثرواتها!
سقط النظام وسقطت العاصمة التي يتسابق العرب في المفاخرة بمقامها,
وهاهي بعض وسائل الإعلام العربية تحتفي بهذه الطفرة التي اجتثت جذور ذلك النظام,
و لم تعد من مهامها إلا إرسال فُرق النهب لكل الآثار في المتاحف العراقية !
تريد أن تعثر على شيء من مقتنيات الرئيس المخلوع !
تحاول إذلال التاريخ إلى الأبد..لأنها أمسكت بإحدى العلامات والرموز التي تظهر برفقته لحظة التعبير عن القوة وعن شموخ الكرسي الذي يقف عليه !
هكذا جاء قرار شن الحرب و قرار الغزو أيضا و انتهى كل شيء!
و طوي التاريخ مسيرة شعب ٍ وأرضٍ تحت رحمة النسيان.
لم يستوعب العالم حقيقة ما يحدث على أرض العراق!
تمثال الرئيس الذي يتعرض إلى الاعتداء في محاولة ٍ لإسقاطه !
هاهم يسقطون تمثال الرئيس"صدام حسين" و يانهالوا عليه ضربا بالعصي!!
يشهرون علم الولايات المتحدة الأمريكية على الدبابات التي تحيط بتمثال القائد الأعلى,
أنهم يرتكبون وقاحة تاريخية في تدنيس صورة أبن ذلك الوطن داخل وطنه!
تأتي جيوش لا صلة لها بالعروبة والإسلام وتنتهك كرامة العرب وتمزق انتمائهم العربي!
فذلك الشعب أن كانت لديه فعلا رغبة في تغيير النظام..فلما لا يطلب جيش ٍ من جامعة الدول العربية للتفاوض مع الرئيس العراقي.
مع أنه لم تكن المشكلة في النظام أو فيمن يكون الرئيس.
المشكلة تكمن في خطط البيت الأبيض لتدمير الأرض ..والتخلّص من آخر العقبات التي تقف في وجه المصالح الأجنبية !
الغرب الذين يريدون تأمين المنطقة بأكملها وتحويل منطقة الخليج العربي إلى قواعد عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية !!
أنها مؤامرة لم تكن وليدة اللحظة,
إن صقور البيت الأبيض قد وضعوا هذه الخطة في عهدٍ سابق !
العراق وفنزويلا تحت المجهر الأمريكي منذ الثمانينات.
فالحرب العراقية الإيرانية كانت أمريكا تقف خلف الستار وتدعم الرئيس العراقي في تلك الحرب!
وعندما حان أوان البدء بزعزعة أركان النظام العراقي,
كان لابد للأمريكان أن يجدوا عن مبررٍ لذلك العمل!!
فأعطوا النظام العراقي الضوء الأخضر لاجتياح الكويت,
ليسقط النظام العراقي في الفخ الأمريكي الذي سيتولى المهمة بعد ذلك.
سيلعب بكل الأوراق والمواقف التي تشغل سلطة الإدانة على ذلك النظام.
فهذا الذي سيُطبق على النظام..إدانة النظام بسبب غزوه للكويت!
العالم كله يعتب على ذلك الاحتلال!مع انه كل الدول الكبرى احتلت بلدان أخرى!
لماذا لم يعتب العالم على بريطانيا لأنها غزت كل بقاع الأرض ؟
وأيضا فرنسا وكثير من الدول العظمى كان لها حكايات مع الاحتلال !
العراق الذي دخل الكويت وخرج منها و انتهت الحكاية !
لماذا احتلت هذا القدر الهائل من الأهمية؟
وهاهي اليوم الدولة الأولى على كوكب الأرض تسقط بنفس الخديعة التي أرتكبها النظام العراقي في حق الكويت!
فهل هناك من احد شجب هذا الاحتلال البشع والذي يأخذ طابع العمل البطولي في نظر الأمريكان؟
الانتصار الذي يحققه الأمريكان انتصار من نوع ٍ فريد !
الاحتلال الذي يفقد أبناء الشعب كل خيارات الحياة!
الحرية لا تعني قتل الشعوب أو إذلالهم وسلب ممتلكاتهم..لا تعني القمع أو انتهاك حرمات الناس!
فالمواطن يبقى حرا إذا لم يُنتهك عرضه ولم يُسلب حقه,
و الذي تبثه القنوات الإخبارية عن أوضاع العراق كافي لإثبات كل الزهور التي يحصدها العراقيون من جيش الاحتلال التي أضافها إلى رصيد الشعب العراقي !
لم يسجل التاريخ يوما حرية ٍ مثل تلك .
الحرية ليست علبة سجائر نحصل عليها بهذه السهولة.
إنها الثمن الباهظ الذي لا ثمن لقيمته.
و حرية الوطن هي تلك التي لا نجد وصفا لها ولا ثمنا لحجمها !
الحرية التي لا حدود لشكلها أو لمذاقها..تلك التي ندفع بسببها أغلى ما نملك!
تظل كل خسائرنا المفقودة للفوز بها ..مكاسب كبرى في الأيام التي ستأتي !
و لكن لم تكن الحرية كتلك العروس التي نحصل عليها بعد ليلة الزفاف الأول!
الحرية كل الأشياء التي يبقى ثمن الوصول إليها مستحيل ٍ,
حتى وان حققت الشعوب حلمها في الاستقلال فأن هنالك ما يجعل شكل الحرية الحقيقي هو ذلك الوجه الذي لم يكتمل بعد !!
جميل أن تُسمى الأشياء بمُسمياتها التي تستحقها!
فعراق ما قبل الاحتلال ذلك الذي يُسمى النظام الديكتاتوري أو ما شابهه,
على الأقل التسمية قريبة من المُسمى..ولكن أن يُسمى العراق اليوم حرا أو قد نال قسطه من الحرية فتلك الجريمة الثانية التي نرتكبها بعد جريمة الاحتلال !




*********************************************




الفصل الثاني

العشق هو كل ما لم يكون يوما معك..
ما يمكن أن يكون دوما ضدك,
مزيجا من الجنون اليومي الذي يحدث لأعصابك الشرقية المزاج ..
ابدأ هذا الإعصار الناجم عن علبة الكلمات التي تأتي إليك من نافذة الورق بشيءٍ من الحذر,
لكي لا تنفجر عبوة الحنين الناسفة دفعةٌ واحدة ,,
تمهل في احتساء الوقت وضع قلبك الممتلئ بعشب الحلم في أمكنة مكيفة بالبرد وصقيع اللغة !!
لا تركض خلف هستيريا الأحلام وحاول أن تجد لك مقعدا خلف ظلال الروح ,,
لكي تبدأ البوح وأنت تشتعل فى طريقتك الحميمة إلى عالم ٍ يشبه الثلج بذاك البياض ..
ولكن تحتله جوارب منسية من الأبجدية ,,
تلك التي تشبه حذاء جندي فى ليل الهزيمة !!
عليك أن تربط أحزمة الأمان وتأخذ نفسا طويلا للإعلان النهائي عن بدأ الرحلة,
رحلة البحث عن شخصا رمت به الرياح والأعاصير ذات مساءٍ ماطر فى أبدية المجهول ,,
فحاول أن تجد فى زحمة الزمن وجنون المكان عن ظلالك المفقودة ...
أخرج إلى فسحة الكلمات التي اختلطت بنحيب المطر ,,,
أنها حالة الكائن العابرة التي تجتاح سنبلة الوقت,
وتعيد لك هاجس الرحيل من جديد !!
الرحيل بين أعواد السقوط و التشظي ..
واعتبار العربية هي هاجس الرحيل ونداءك القادم إلى الأبدية.
ربما تأشيرة واحدة للرحيل غير كافية لأن تعبر بحر الأبجدية !!!
وتغتالك العربية التي تشهق إلى مرفأها,وأنت تغرق في حصار البحث عن اللغة.
أجلس على سرير الرغبة ,
وأبدأ دوما في رحلتك العميقة نحو الأعماق ..
وأنت تغتال الكلمات في تأشيرتك الأخيرة ,,
وتقترب من سموك المقبل في الغياب ,
لعل ذلك الغياب يترك في الأرض طعما للرحيل والسير نحو أزمنة الصمت المقدس !!!
أخلع عن وجهك أمنيات الماضي ,
وأسرق لقلبك حنجرته المذبوحة بين الأصوات !!
فالنحيب على الماضي ليس مبررا لاقتحام الغد..
ولا يمكن أن تنجو من لعنة الغدر ومعالمه ,,
أن جاء القاتل بأدوات موتك,
فعليك أن تحتفظ بجاهزيتك إلى الرحيل ,
دون الحاجة إلى إيقاف الوقت تماما !!
عليك أن تأخذ تأشيرتك العاجلة إلى شاطئ الفجيعة,
دون أن تشعر برغبتك إلى البكاء أو الفراق !
أذهب إلى مدينتك الفريدة في الصمود ....
وسجل خاتمة الرحيل بشيءٍ يستحق البقاء..
لا تنظر إلى جواربك التي ستتركها في هذا المكان وتذهب بمأساة ودمع ٍ !!
أننا نمضي إلى ذلك المكان الذي يختاره لنا الجبناء ,
نمضي بقوة ٍ ونحن نتحدى شكل النهايات الغادرة دون أن نشعر بالخوف !!
نذهب إلى ساحات الموت كأننا ذاهبون إلى نزهة ٍ عابره!!
لم نترك الورق ,
لكي لا نُصاب بوعكةٍ نفسية جارحة,,
ولكي نغادر المكان ونحن برفقة الورق أيضا !!
ما أجمل الرحيل الذي يغتالك,ولا يغتال أوراق بوحك !!
فالورق هو محاولة الكائن الذؤابة في إشعال الزمن !!
وإيقاد شعلة الروح رغم كل الخسائر والهزائم التي اجتاحت أرضك !!
فالورق لم يكن كائنا ميتا كالروح ,,
الورق يبقى حيا و نابضا بالحيوية والسمو المدهش !!
فكن حذرا لكي لا ترمي حرائقك في عمق الورق..
وتقدم جنازة الحلم بكثير من الكبرياء ,,
تقدم بطلب التأشيرة النهائية إلى الرحيل لعلك تنجح في هزيمة قاتلك !
من أجل أن يدرك أنك لا تهاب طريقته السخيفة في الغدر والجنون..
أنت ستمضي إلى عالم المجهول ,
والبحث عن معنى ٍ يليق برحيلك !!
لا تترك أشياءك الجميلة قرب اللغة !!
وأمضي إلى عناوين ٍ سريعة في الرحيل .
فهناك رحيلٌ عن اللغة ,,
ورحيلٌ آخر في مستنقع الجبناء .
فلا تختار الشكل أيضا ,,
الرحيل برمته إلى حديقة الكلمات رحيلٌ له مذاقه الخاص !!
فهل يبدأ الرحيل في عالم الكلمات أم في مساحة الحبر الورق ؟؟!
لكل ٍ واحد منا طريقته المثلى في الرحيل ,
فهناك من يظن أن الرحيل ما هو إلى تذكرة ٍ عاجلة وعابرة في نفس الوقت ,,
فليس من الضروري أيقاد الذاكرة وإشعال الشموع ,للبحث عن معنى اللحظة,
فلن يكون الا عبورٌ موجز !!
وهناك من يختار الرحيل على الورق وعلى الكلمات!!
وأنا من اختار الرحيل على حافة الكلمة ودهشة الحبر العاري !!
أوجز تلك التأشيرة عاليا دون الحاجة إلى إرتعاشات الزمن .
أنها طريقة المقاتل فى البوح وفى الانتصار !!
الانتصار لطريقتك في الصمود وفى الصمت ,,
أنها مغامرةٌ مدهشة تلك التي تحاول أن تجعل الموت والجنون نسخةٌ واحدة,
فأيهما تختار ؟؟!!!
أتختار عنوانٌ لرحيلك ؟؟
أم علامة ٌ مبهمة من البقاء.. والتي لا معنى لحضورها ؟!!!
عندما تعطلت جسورك المؤدية إلى الشموخ والعزة والكبرياء !!
فماالذي جعلك تنتظر رائحتك المتعفنة ,بعد أن كنت مضيئا في حضورك المتعالي على هؤلاء ؟؟؟!!
ما الذي يعنيه هذا الحضور إذآ ؟؟
عليك أن تأخذ تأشيرتك دون رجوع ,,
وتترك قامةً لها حضورها المدوي فى حضرة الغياب المدهش والعاجل .
كان الرحيل الى المجهول يطاردني أينما ذهبت ,
ويدفعني الى إيجاز رغبتي الجامحة تلك .
أنا الذي راودتني تلك الفكرة المجنونة,,
الرحيل دون سابق إنذار..
فكنت أرحل دومآ عن المكان وأصحابه المخدوعين بزخارف البقاء !
كنت ارحل عنهم فى بحر الكلمة والورق ,,
أغوص عميقآ فى تأشيرتي المدهشة إلى ثكنة الورق ..
أرسم لحضوري معنى خارج حدود الوجود .
أنها فلسفة الإنسان فى العيش أحيانا ,,
تحاول البقاء خارج نطاق الحضور الذي يعيشه الأخر .
لم يكن الا رحيلٌ مؤقت فى هدب الكلمة ,
والرحيل الذي يستفزني دوما هو الرحيل إلى حقل الكتابة,
كان القلم يهزمني فى كل معاركي معه.
فينتصر برغباته الجنونية تاركآ خلفه سربآ من الحنين والعشق الباذخ!!
الحنين الى زمن ٍ لم أكون فيه !!
ذلك الزمن الذي أقرأ فيه ملامح الحضور المدوي !
ونافذة ٍ للعشق الجارف الذي ينام على أريكة الزمن المنسي,,
انه العشق الأزلي لشخص ٍ التقيناه على مساحة الورق!
وتماهى فى غيابه الى الأبد !
فكيف لك أن تعثر على ظلاله؟؟
وانت تبحث من طفولتك عن النموذج فى العيش وفى الحرية وفى الشجاعة والوفاء!
تبحث عن رائحةٍ لأثره فيصعب عليك ذلك ,
انت لاتختار الا زمنآ ولايمكنك أن تختار أبطاله بنفسك .
فالزمن يقلد من يشاء من الرجال ,
فقد يكون الذين يمنحهم الزمن رجولة وبطولية لايستحقون ذلك التقدير!
ولكن هذا الذي يحدث معك ,
عندما أريد البحث عن الرحيل ينتابني جنونٌ مروع الى شخص "زوربا"
أشعر بالغيرة منه ,لانني لن ألتقي به فى كل مفردات الزمن!
لن أجد شخصآ يشببه فى طريقته الجنونيه فى التعبير عن حالته ,
الذي يدهشني فيه لحظة أن يفرد ذراعه الوحيده وهو يرقص ,
ذات مصيبةٍ نزلت عليه !!
فكيف ستجد رجلآ بمثل هذا الإمضاء المدهش لحالته ؟؟
كان ذلك البطل يتقاسم معي الوقت والمسافات التي أجتازها ,,
أنه صورةٌ فريده لإنسان هذا الزمن .
لقد تجسدت أمامي هذه الصورة ,
كلما أحاول البحث عن معنى ٍ آخر للتعبير عن هزيمتي !
فالذي يمنحني القوة على الخروج من المآسي هو ذلك البطل ..
بسببه كنت أشعر بلذة الدمع والخسارة!
فهناك من أبطال الروايات من نشعر بهم معنا فى كل اللحظات ,
وننتمي الى طريقتهم فى العيش أيضآ .
ينتابنا حزنٌ عميق أحيانآ لانني لا القاهم معي فى الواقع !!
أريدهم أن يتحركوا ويشربون الشاي معنا ,,
لم كانت الرواية جسدٌ ميت فى ثقب الذاكرة ؟؟
لابد للشخصيات الهامة بالرواية أن تبقى حية !
ويبقى لها نزيفها الحاد فى الذاكرة ,لنُشفى من حالات الأبطال فى أي عمل ٍ روائي ..
لتنتقل حالة الرواية الى القارئ تمامآ ,
يصبح من الممكن خروج النص الى أرضية الواقع .
ويتماهي الفرق بين الكائن وأبطال الرويات,,
فيمكن أن تكون للرواية حضورآ مدوي ,,
يمكن لها أن تصير مشروعآ حيويآ قابل للعيش والنمو والإرتقاء !!!
الذي جعل من "زوربا" عنوانآ لشكل الزمن ,,
ورائحة ٌ لوجه الجنون والحرية والنضج الفلسفي ,
كانت تلك الهزائم الكبرى التي يعتبرها الأخرون فجيعة ,كانت تعني لديك الرقص والغناء!!
كنت تحولها الى شكل ٍ آخر من الإنتصارات .
فأي زمن ٍ ذاك الذي أنجب شخصآ مثلك !!
مالذي كنت تخفيه يازوربا وانت بتلك الذراع الوحيدة ؟؟
التي كنت تفردها بحثآ عن فضاء ٍ لمعنى النكسة والإنتصار والجنون فى آن ٍ واحد!!
لكن "خالد بن طوبال" فى ذاكرة الجسد للروائية الجزائرية "أحلام مستغانمي",
كان أيضآ بذراع ٍ واحدة !
كانت تلك الذراع الوحيدة التى تختصر فى مجملها ذاكرة ٍ لوطن..
كان يختلف عن "زوربا"كثيرآ ,فلم تكن تلك الذراع الشديدة الحزن تعني لاشئ !!
كانت قصيدة ً مكتوبة بكل البحور ,كانت جزءآ من جسور قسطنطينة المفروشة على ذاكرة "خالد"!
جزءآ من حرب ٍ خاضها "خالد" فى تحرير وطنه الجزائر من الإستعمار الفرنسي,,
لم يكن من ذاك البلد الا أن رماه بغزالة النسيان والفوضى التى تلي كل ثورةٍ !!
الثورة تأتي ثمارها لكل أولئك الجبناء الذين يتقاسمون مناصبها وثرواتها ,,
"خالد" خرج عن طور "زوربا"بحجم معاناته التى خسرها تمامآ ..
ولكن "خالد"لم يخسر شيئآ من كبرياءه وشخصيته الفذة فى الإبداع ,
وقدرته الفائقه فى العيش رغم كل الإسقاطات العابرة التى تجتاحه فى كل اللحظات !!
"خالد"الذي أشعل بداخلي نيران القوة مثل "زوربا"..
ولكن "خالد"كان أكثر من أي شئ ٍ ..
كانت علبة الألوان التي فاز بها من وطنه الجزائر بدلآ من تعيينه فى أي وزارةٍ تليق بنظاله وبذراعه المبتورة !
وأن مُنح منصب ٍ فى الحكومه فإنه حتمآ سيتحول الى شخصآ إنتهازيآ ,,
وينتهى معنى تلك الذراع الوحيدة ,
فتصبح لها بريق ٌ آخر كأولئك المرتزقة والمأجورين الذين يلهثون خلف فتات المناصب والأوسمة الكاذبة!!
عندما كان"خالد"وزيرآ للثقافة الجزائرية كانت تسكنه روح الإستخفاف بأعمال الأخرين!!
كان بمزاج البيروقراطي يلغي مايشاء من النصوص الإبداعيه التي تصله من المؤلفين والشعراء الشبان..
نسى أنه بذراع ٍ واحدة يملك القدرة على بتر ملايين القصائد من دواوين الشعراء الذين يتقدمون لطبعها ونشرها!!
فهذا الجميل فى "خالد"أنه ترك ذاك المنصب ليبقى نقيآ من إرهاصات الثورات وغنائمها !!
لم يكن من "خالد" بعد ذلك إلا الرحيل إلى باريس والبحث عن شكل ٍ آخر للعيش ,,
فكانت فاجعته أيضا أكبر ,,
عندما أعلن بكل جنون أنه يعشق ذاكرةٌ من عناوين الوطن ,,
ذاكرةٌ يجتمع فيها الوطن و"خالد"مرة واحدة.
كانت تلك الذاكرة هي "حياة"ابنة المناضل "السي طاهر"رفيق "خالد"فى كل المعارك التى خاضها ,,
فكانت "حياة"مبررا وطنيا لمناضل مثل "خالد" فى باريس..
كنت أنا أيضا أحسد "خالد"لأنه أكتشف ذاكرة بحجم "حياة".
فقررت أنا أقرأ تلك الرواية أكثر من مرة ,
وأنا أحاول أن أقترب من "حياة"لأظفر بعشقها بدلا من "خالد".
فكنت كلما أستعيد ملامح العودة إلى "حياة"و"خالد"أشعر برعشة العشق ,
وكأنني أفوز بها لأن "خالد"يعشق ما يرسمه من اللوحات التي يستعيد على إثرها الوطن,
فكنت أتسلل إلى "حياة"وأٌقبلها عوضا عن "خالد".
بقت صورة "حياة"تسكنني وتتسلق معي مسافات الزمن ,,
ذلك العشق الذي صرت أحتفظ برنينه كلما أنتقل جسدي إلى واحةٍ أخرى للعيش..
كانت "حياة"تذبحني بمنجل صمتها المدوي ,,,
"حياة"أحببتها دون أن أعي شكل المسافات وحجم الزمن الذي يفصلنا !!
لم أتذكر أن "حياة"لم تكن إلا عاشقة ٌ لخالد...
ولكن كانت تسكنني حيثما أذهب وحيثما أقرأ ذاكرتي أيضآ ,
اعتبرتها عاشقتي الوحيدة التي أستطيع أن أبحث عنها .
فلم أعشق فى الواقع سوى خيال "حياة",
كانت هي عناوين البحث الدائم عن العشق.
الأعمال الأدبية التي تهزّ مشاعرنا وتصعق عقولنا هي تلك الأعمال الحقيقية,
تلك التي يتحوّل الإنسان معها إلى رغبة التغيير والولادة بذاكرة ٍ أخرى غير تلك التي يحملها ,
تلك الأعمال التي تبقى خالدة في ذاكرة القارئ .
ويبقى تفسيرها لأكثر من جيل ,
الرواية الحقيقية تلك التي يصبح معها القارئ هو المؤلف الوهمي لها ..
وإنها رواية ٌ لأكثر من كاتب وأكثر من قارئ في الوقت ذاته ..
هناك أعمال تحاول أن تخرجك من طور الواقع إلى تفاصيلها المُدهشة ..
أن رواية "الجريمة والعقاب"للروائي الروسي "فيدور ديستوفسكي"تعتبر نظرية إخلاقية وفلسفية ,
رواية ٌ كان بطلها "راسكولنيكوف"أنها رواية خارقة استطاعت أن تخترق المعقول ,
وتذهب بقارئها إلى مساحة ٍ واسعة من الفكر والفلسفة,
تلك من روائع الأدب الروسي التي تدخل في إطار التركيب السيكولوجي للإنسان الروسي ..
كم أدهشني ذلك البطل بكل ما يملك من أدبيات ؟!
أنه كان صورة حقيقية عن المؤلف وتقلباته النفسية,
قراتها وأنا في مرحلة ما قبل الجامعة ,
لم أتصور حجم التفاصيل التي سأخرج بها من ذلك العمل !!!
إنه إختصارآ مُكثف لشخص "ديستوفسكي"!!
ذلك الذي قرر فى لحظة ٍ من لحظات دراسته الجامعية ,
أن يقتل أبوه الذي أرسل له قليلآ من المال,
كان مبدعا في طريقة التمرد الذي يملِكه !!
بعد سنة ٍ من صدور تلك الرواية ,
عاشت روسيا نفس الحالة على الواقع ,
أصبحت نظرية"راسكولنيكوف" محتملة على الواقع ,,
وهو أن شابا قتل امرأة مُرابية لكي يأخذ منها ثروتها وممتلكاتها ,
أي ّ عمل ٍ ذلك الذي يتحول الى مشروع حياة ..
ويصبح جاهزا للعيش والفعل على خبز الواقع!!
تلك التى تحول الأدب الى ثورة تعيش على ظلها الشعوب !!!
وتنير بضوئها الأمم وحضارات العالم ,
تبقى شاهدا على عظمة الأدب وفاعليته في خلق المستحيل ..
ذلك نتاج فكر ٍ راقي يعيشه المؤلف وينغمس في مشروع الحياة الصعب !!!!
لتكون تلك الأعمال فاعلة وصالحة للعيش والحرية,
المؤلف لمن يكتب ؟
أيكتب من أجل فعل الكتابة ذاتها ؟؟!!!
أم لأنه يقي نفسه من ذلك الواقع الذي يتنفس هواءه؟؟!!
أم لأنه يريد أن ينتج فكرآ وفلسفة ؟؟!!!
ربما الكاتب يلجأ الى الكتابة لكونها الفعل الإنساني الحُر!!!
انه الفضاء المُتسع لكل التغيرات التي يشهدها العالم !!
تلك التغيرات التي تفسد شرعية الإنسان للعيش ,
ليبقى حضوره باهتا ويتم على هذا عمليات إقصاءه التام من تلك الحقوق الشرعية التي يجب أن تكون مرادفة لوجوده!!
العمل الأدبي هو الذي يخرج من طور الورق والحبر الميت إلى ضفة الوجود !!
يحمل معه أدوات الرفض والتعرّية لكل أنواع الممارسات !!
الأدب هو الجدار الذي يفصلنا عن الواقع وكل أسراره الخفية!!
هو أدواتنا السرية التي نحتفظ بتركيباتها النحوية ولا نحتفظ بأصواتها المُدوية في وجه الحقيقة..
لأن الكتابة هي الخروج عن نص الموتى إلى نص الحياة ,
أولئك الموتى يجب أن يستعيدوا أنفاسهم لخوض الحياة من جديد!!
الكتابة سر ٌ من أسرار العظماء وقادة الأمم !!
أنها لوحة الرسام التي معها يحكم عالم الفضيلة !!
لذا الفرق الحقيقي بين الأعمال الأدبية الميتة وتلك التي تتقاسم مع الحضارات حصتها في العيش والتجدد!!
أم تلك تختنق بعد خروجها إلى الواقع وتمارس الموت سرا على نفسها !!
أنها كالفراشات التي تموت عند أول شعاع ٍمن النور !!
العمل الأدبي الذي يحاول أن ينتج الإنسان في كل العصور و الأزمنة,
ينتج شيئا بحجم الصرخة والإيقاف المُفاجئ لعجلة الزمن الخاطئة!!
ذلك العمل الذي يدخل في صناعة الإنسان وأشياءه المفقودة التي أقتحمها مارد الظلم والإذلال !!!!!!!
الأدب هو غياب القانون وتزويره وتمادي الحبر في غواية تلك الفوضى والقراءة الحُرة لتفاصيل ذلك التمادي !!!!











*********************************************














هناك شبه علاقة بين الأعمال الأدبية الذاتية التي تُلخّص سيرة المؤلف,
وبين تلك الشاهدة على عظمة التحدي والمقاومة والرفض !!!!!!!
فرواية "الخبز الحافي"لمحمد شكري..
على رغم كل المعالم الأخلاقية وغير الأخلاقية التي غمرت ذلك العمل!!
اختصرت ذاكرة الواقع وغمرت النص بجنونها الحاد و عناوين ذلك العيش الفاجع !!
الفقر وانعدام المقومات الأساسية لبناء الأسرة !!
أنها اختصرت مرحلة الكاتب في كل الأشياء التي غابت عن رغباته !!
وبقى بذلك الحد الجنوني فى تصرفاته وعلاقاته الأسرية التي أفرزت ذلك الشخص !!
أنه عمل يستحق الثناء رغم الخطاب اللغوي الفاسد الذي تخللها !!
لكن التجربة هي التي تنتج النص وتعطي النص زخما أكثر !!
تغفر للكاتب أدوات اللغة التقليدية المُستخدمة في بناء النص ...
وليس النص من ينتج التجارب أو الأعمال التي تستحق أن يستنشقها الآخرون ,,
النص ليس إلا عملا دعائيا لفعل التجربة و الفكر والفلسفة!!
أن المؤلف يعيد ترتيب الأشياء التي لا شكل لها !!
يمنحها روح الحياة دون أن نُفقد تلك الأشياء حقيقتها !!!!!!
لم يستطع المؤلف أن ينتج أبطالا وهميين أو أمكنة مجهولة!
فكان عليه أن يكتب صورته في الماضي:عند الطفولة وما يليها من سنين!
عند هذا الصنف الفريد من صنوف العيش و البقاء على خط الفقر المتهاوي في خطورته!
التجربة القادمة من عمق المأساة والفجيعة التي تغتال أفراد الأسرة,
وترمي بهم في أتون الأماكن القصوى بحثا عن لقمة العيش !
وهناك نصوص لم تلقى حظها في النشر .فتعثرت منذ الوهلة الأولى !
لم يمنحها الحظ حصة الظهور على حافة الولادة فتلاشت فجأة.
هناك الكثير من المبدعين الذين لم يستطيعوا أن يذهبوا إلى كتابة شيء ٍ يفزع الأدب ويجعله يقف مذهولا !
وهذا ما يصعب تفسيره في عالم الكتابة..
الكتابة تأتي في أقصى مراحل المقاومة والاستنفار,
أنها الجانب الأخر لهوية الإنسان في العيش وفي الحرية!
الكتابة عن شيئا ما..ربما تكون طريقتك في استهلاك ذلك الشيء والتحرر من وجوده تماما,
أنها المنطقة الأكثر عتمة ً و نورا تلك المساحة الشاغرة التي يتم الإعداد لزيارة مرافقها وملء السطور البيضاء لها بشيء ٍ من دمع الحبر.
مغامرة الكتابة والبدء في مشروع استنزاف العواطف والتعبير عن عاصفة الذاكرة والغياب و المنفى والوطن أخيرا !
فماذا يمكن لنصٍ أن يتجاوز خرائب كاتِبه ؟
كيف يمكن أن يُجسّد النص صورة مجهولة الملامح ؟
أن تحافظ مرايا النص عن صورة ٍ لا تشبه كاتبها تماما!!
النص الذي لم يجد له من أب ٍ شرعي يحاول أن يبعث الأنفاس بداخله.
أي كارثة ٍ تلك التي تلحق بنص ٍ لا ينتظر إلا قيام الساعة ليفصح عن جثمانه !
من أين للحبر كل هذا البقاء وكل هذا العمر والانتظار على مرمى السنين ليكمل شهادة ٍ تحاول تمزيقها آلة الزيف وماكينة الحرب الطاحنة التي تتبناها لعبة السياسة؟
فهذا نص ٍ لا يعلم احد في أي المنعطفات سيتعثر و ينال حقه في الهزيمة والموت !
النص الهارب من كل مفردات الإنسان الانتقامي.
انه يعاني الرحيل بكل التقاسيم التي تُشيّع مقاماته!
لم يكن يوما يغشى الرحيل لأنه ينشد أهازيجه ويدرك عشقه الجنوني إلى فوضوية المجهول!
المجهول الذي يكبر ويصبح ماردا عملاقا على حافة النص !
أي صمت ٍ هذا الذي يغتال بجنون عائلة النص ؟!
يحاول أن يلقى على الحضور بقية تفاصيل ذهوله.
فمتى ينتفض النص من لعبة السكون الذي تغمره ؟
يعثر في زحمة الأشياء المنسية على كينونته في التوّهج وفي الخفق,
أنه كل ما حاول أن يقترب من المعنى أو فك رموزه تغازله الرغبة في الاشتعال!
لا فرق بين النوم على صدر الكتابة أو الاكتفاء بسرايا النص المتشظي تحت رحمة المجهول!
جملة هاربة من النص أو أخرى تريد أن تحافظ على البقاء في صخب الموت العاجل للأشياء,
ليس مهما كل هذا الوداع الذي تجري مراسيم الإعداد له سرا في حضرة هذا الصمت الحاشد!
كل الذين يدركون حلاوة هذا الاحتفاء لا يعلمون كم يكون حجم الإنسان الذي يخوض كل هذه الرهانات الكبرى؟!
الرهانات التي نعقد معها صفقه أحزان الحياة وأفراح العمر المفقودة !
تلك التي تتدخل فيها أصوات المزايدات وتنتقل من طور ٍ إلى طور ٍ أخر,
ألن تأتي تلك الأحلام التي تنام تحت وسادة الروح مغمورة ً بغموض الزمن القريب ؟
وتقص على تلك اللحظة بعض أحزان ذاك الزمن القادم ؟
أي حزنٍ هذا الذي يغمر المكان بأنفاس الرحيل الفاجع؟
لماذا صارت الألوان لا لون لها.. والأشكال لا شكل لها ؟
ولماذا طريق العودة إلى الوراء له مذاق العودة إلى حضن الوطن ؟
العودة إلى ما مضى كأن هنالك شيئا خفي ينبغي أن نرسم ملامحه بدقة متناهية !
الوقت يركض في عجلة ٍ مريبة ..ويحرّك الاستشعار الكثيف في رسم صورة الغد.
تلك الصورة التي تأخذ أشكال عديدة ويبقى لها ذلك المعنى الخرافي والموحش في الذاكرة.
كل صباح ٍ أعثر على صورة ٍ أخرى وعندما أقترب من المعنى أذوب موتا ووحشتا وقهرا..
الصباحات الجميلة التي أعتاد القلب على قراءتها في أول أمنياته.
لم تكن بهذا الحجم من القسوة..
الصباح الذي كان يعني الجمال..العشق..الحلم..الوطن أولا و أخيرا .
وهاهو الوطن والصباح يقفان معا على عتبة الخاتمة !
يواريان على عجلٍ كل مواعيد الجسد ويطفئان شمعة الانتظار التي يتم استهلاكها في محاولة ٍ يائسة لاستعادة الصورة والمعنى السابقين اللامعين بكل التوهج !!
الصباح يقص على القلب أحدى حكايا هزائم الزمن المرير..
والذي أحال كل شيء إلى قصاصات ورق مهترئ.
بقى من تلك الحكايا جنازة حلم ٍ مات منذ ذلك التاريخ الهارب من تفاصيل النكسة!!
أي جنونٍ هذا الذي يزور رفات الجسد فيما بقى من زمنٍ ؟
الذاكرة وحدها من يغتالها الموت والحنين والذهول !
لم يعد هذا المكان مناسبا لنسيان الوقت!
ولن يكون أيضا مناسبا أن تجد صورتها المُهشمة على حائط المكان الأبدي,
ينبغي أن تتذكر صورتها الأولى التي تظهر موسومةً بعطر نرجسها!!
و جنازتها الأخرى والأخيرة التي تخشى اندثار الزمن دون الخوف مما حل فيها من طعنات!
ما يتوقعه المرء أثناء قوته,لا يمكن أن تحصل على نفس النتيجة في الوقت الذي تكون بموقف ضعف!!
المرء لحظة أن يقع في فخ ٍ ما..يدرك أنه يفقد كل الأشياء التي صنعها في الزمن السابق,
كل البطولات التي حصدها قبل ذلك الفخ لا شك أنها ستنال حظها الوافر من التبخر و الانعدام!
لم يكن الناس هم المشكلة التي تريد أن يتوقف الزمن عندهم.
التاريخ لحظة أن يعلن عن انتهاء الزمن بالنسبة لك .
وصرت تتربع على بقايا الوقت الهاربة من عقارب الحياة الكبيرة,
ليت للذاكرة تستطيع ان تُشفى من صراعها الأبدي مع الوقت !
تحاول أن تجد لها مرقدا جاهزا لنسف هذا الجدار المتبقي من الوقت!
أنه الوقت الإضافي الذي يحاول فيه لاعبوا الفريقان أن يسرقا نصرا بعد ضياع وقت ٍ جنوني!!
فأي وقت ٍ هذا الذي يعزز مكانة الذاكرة على مقبرة نصٍ مندثر تماما؟!!
ما شكل ولون وحجم و مذاق تلك الاتفاقية الصماء التي يُبرمانها؟
الذاكرة التي تحاول الإبقاء على شيئا من غرورها وكبرياءها.
لا تريد أن تكتب رحيلها بطريقة ٍ تشبه البكاء أو الندم!
النص هو الأخر لن يخرج من مقامات دهشته إلا في الوقت المناسب,
فمن يحافظ على أزهار الربيع المؤثثة في ذاكرة الروح الأولى ؟
من يحصد ذلك الجنون بأكمله بعد كل أناشيد الرحيل الطويل؟!
من يتقن اقتفاء أثر الفراشات الدامي في تلك الذاكرة المنسية؟
أحلام ٌ معطوبة.. وجسد ٌ تستدرجه عقارب الموت كل لحظة!
المشروع الأكثر حضورا في القلب يسقط في وعكته الخفية..ولم يبقى له من أثرٍ !!
أنه بقايا رمادا متطاير نحاول أن نلملم أشتاته ونصوغ من جسده عالمنا السحري.
لعل في ذلك شيئا يعيد البهجة الكاذبة إلى الروح!
فهل أصبحت الأحلام إلى هذا الحد الباذخ في الجبن و الموت البطء؟
أيمكن أن يرضى الإنسان برائحة ٍ نتنه وعديمة القيمة بعد أن يفقد حدائق ربيع ٍ عطرة؟
لن يكون الرد طبعا بلا أو نعم..
كل ما يُعتبر نتنا عند البعض فإنه عند آخرين يبدو شيئا مقبولا أو راقيا !
وهناك من ينظر إلى الأشياء الراقية على أنها عديمة الأهمية والجدوى !!
هذا مقياس عابر لحقيقة مفهوم الإنسان في تفنيد رؤيته للأشياء..
وليست كل الأشياء التي بحوزة الفرد يمكن اعتبارها دائمة العهد والفاعلية!!!!
كم يلزم من الأدب وقواميسه لسرقة ما تيسر من المفردات ؟
لنقي جلودنا بمعطف اللغة أحيانا وفرو دهشتها القارص.
اللغة بكل أبعادها وتناميها المُكثف في زحمة الركض خلف غابات التنبؤ القصوى.
لم يعد هذا الرحيل ينتظر شيئا,
ربما تذبل اللغة على بواباته المُشرّعة في التهيؤ تماما,
لا بد أن تكبر اللغة في تيار التأويلات وتمارس سياسة المكر.
لم لا تقترب اللغة بكل رصاصاتها من أدوات الرسم البدائية؟!
فهل للألوان أيضا التأويل ذاته في اللغة العربية؟
الرسم يعني التعبير بكل لغات الدنيا!!!!
أنها اللغة المشتركة التي يستطيع أن يقرأها العربي من الغربي!!
اللوحة التي يحين ولادتها على الورقة المخصصة لذلك,
تصبح جاهزة لقراءات العالم كله!!
الذي يكتب ويقرأ اللغة اليابانية ولا يفهم بالعربية شيء.. ربما يقرأ لوحة ٍ رُسمت أبعادها وتجلياتها بالعربية تماما,
اللغة التي تسبق الزمان والمكان !!
والذين يؤسسون هذه العلاقة الحميمة جدا بقراءة اللوحات هم أكثر إبداعا من ذلك الذي رسم حدود تلك اللوحة وحدود ظلالها !
أن أولئك المحترفين للتوقيع على اللوحة البيضاء بالألوان وبث الحياة في ورقة ٍ صماء ميتة.
كم هو بأس وخيالي وشاعر وفنان ذلك الذي يحاول أن يترجم نصا مُبهما لأعصابه الخفية على رِقعة الرسم ؟
الرسام هو الرجل الثاني بعد الطبيعة وتقلباتها الكونية والجيولوجية الذي يعمل على تغيير المكان وتزويره بالطريقة المناسبة لذلك!
يعمد بكل مكر على صناعة المكان والزمان من جديد.
أنه كآلة الزمن التي تخترق كل قوانين الطبيعة وتعمل على القفز عبر الزمن...فتكتشف أنك في زمن ٍ آخر.
هي طريقته البارعة في الجنون والجنون المضاد .
هنالك لوحات عالمية وصلت أسعارها إلى حدٍ خيالي,
السبب الحقيقي الذي دفع برسم تلك اللوحات عبارة عن سببٍ لا قيمة له أصلا بالرسم ولا بالإبداع,
هناك من رسم على صحن الأكل رائعته ليس لأنه يريد رسمها..بل لأنه لم يستطيع أن يدفع فاتورة الغداء إلى صاحب المطعم عندما طُلب منه أن يدفع ثمن الغداء..فقال لصاحب المطعم سأرسم لك لوحة على هذا الصحن بقيمة الفاتورة.
و هاهي تلك اللوحة تحقق أرقاما خيالية منذ ذلك الزمن,
فهل كان يتّوقع الرسام مدى أهمية أبعاد تلك اللوحة؟التي لم تستطع أن تولد على المساحة المخصصة لها..
فلفظت أنفاسها قبل الزمن الذي تستحق أن تُولد فيه!
وهذا الذي يعطي ذلك الفن جنونه المُدهش تماما!
ليس هنالك من زمن ٍ محدود لقراءة طقس اللوحة,
أنها تعيش كل حالات خيبتها وانكسارها وحنينها وجنونها..
كل الأشياء تمتزج بتناقضاتها.. فلن تكون هناك لوحة تعني العشق بمفرده دون أن تدخل لغة الكراهية أو الغيرة أو الاكتئاب بين ألوانها!
و أن رساما يظن فردية الحواس في الرسم لا شك أنه لم يصل إلى مرتبة الرسام,
اللوحات التي عليها عناوين تختصر أسم تلك اللوحة لا شك أنها لوحة كاذبة المشاعر والأحاسيس,
فكل لون من ألوان تلك اللوحة يدخل ضمن الدورة الدموية لمشاعر الرسام وأحاسيسه في تلك اللحظة.
الفن يأتي دائما من تلك الأعماق التي لا حدا لأعماقها,
كل ما لا يمكن وقوعه يمكن حدوثه على مساحة الإبداع والفن,
كم أنا سعيد لمعرفة صديقة من السعودية تحترف الرسم وشيئا من الكتابة... معرفتي بها جاء من منتدى الغالية"أحلام مستغانمي".على شبكة الإنترنت!!
أنها تملك موهبة فنية في الرسم,
قلت لها في أحدى لقاءاتي معها:
عليكِ أن ترسمي أقرب الأشياء إلى ذاتكِ!
لا تحاولِ أن تسلكِ طريقه ٍ معينه في الرسم,
أنها طريقتكِ المنفردة في عشق الريشة ومساحة الرسم.
عليكِ اعتبار تلك المساحة ليست مساحة ٍ للرسم فقط أنها مساحة معركة متكاملة,
مساحة للجنون ولطريقتكِ في العشق والحزن و التشظي !
مساحة خاصة تفردي عليها جناحكِ نحو سماء الحرية الفسيح.
لا تظنِ أن تلك المهنة للتسلية أو الدعابة..عملية في منتهى الخطورة والإنسانية!
وغالبا ما يعتقد البعض أن الرسم هو محاولةٌ فاشلة للتعبير عن حالة الصمت و الإحباط!!
وأضفت لها:أن مجتمع ٍ كالمجتمع السعودي والذي تسوده الثقافة الفائضة من الناحية الدينية!
يحتاج منكِ الكثير من القوة والإرادة لتجاوز ظل هذا الإرث العميق.
على اللغة أن تخرج من حيز التقليد والممكن.
واللوحة تأخذ أشكال متعددة للتمرد والرفض.
ولكن يأتي تفاعلها مع كلماتي ببطء.. فترد :
إن شاء الله سأحاول أن أقترب أكثر من عشق الرسم,
فقلت أنا مقاطعا:
- يا سيدة لم تمنحني بعد أسمها الحقيقي!!لا تعشقي الرسم فقط ..أعشقي سماء التمرّد وألوانه وأسماءه!توحدي بأغنياته وقصائده الممتعة..كيف وصل المبدعين الكبار إلى مراتب العالمية؟؟!
- أولا أريد أن احتفظ بخصوصية الاسم, منحتك ِ لقبي وهذا يكفي.أتمنى أن يبقى ذلك حدا للصداقة بيننا!عجبت جدا بأسلوبك في الكتابة وفي عمق تفاصيل المعنى الذي تحمله.ولكن هل لي أن أسألك سؤال؟
- نعم..ما السؤال؟
- ما الذي لفت نظرك إلى كتاباتي ؟
- كتاباتكِ رائعة قليلا..
قفزت كلماتها مسرعة:
- وماذا تنصحني بإتباعه؟
- عليك ِ أن تتصرفي بطريقةٍ كبيرة في الكتابة.. و الخروج بنص ٍ ممتلئ تغريدا بانتصاراته!
- وكيف أجمع بين الكتابة والرسم ؟
- الكتابة هي الوجه الأخر للرسم,فهناك لوحات نستشفها من عمق النصوص المكتوبة..وهناك لوحات تسيل نصوصا وكلمات باذخة التأثير والحرية!
- طبعا أن كنت تريد أن تبقى علاقتنا فانا أقول لك من البداية أنا فتاة مرتبطة ولا أريد أي تفاصيل بهذا الموضوع نهائيا,والجانب الثاني أن تكتفي بما قلته لك من معلومات عن الاسم وأفراد الأسرة.
- أظن أن هذه العلاقة ستموت يوما بفعل تأثير الصداقة وما يلزمها من تفاصيل ثانوية..أنا شخص لا يكتفي بهذه العناوين السجينة لصديقته التي يحن إلى كل مواعيد اللقاء بها !!!!
- أنت تريد فقط أن نخسر بعض لأسباب لا داعي للخوض في غمارها,
- ربما سأقول نعم ولكن أنا من يملك العشق لكل ما لم أصل إليه.وهذا الذي ستكتشفينه يوما مع شخص ٍ مثلي,أحب دائما النوم على فوضى المسافات وتعرية تلك المسافات على إنها شيء من الجنون الذي يمكن أن نجتازه تماما!!
يأتي الصمت كنوع من الدهشة:
- (..........)
- ربما أنا أقترب منكِ أكثر ليس لأجل حبٍ أو ما يشبهه..أنا أقترب أكثر من أجل أن أصنع لي صديقا أكتشف ثمنه في ما سيأتي من الزمن,
- وهل تحترم الصداقة ؟
- الصداقة ما هي إلا معنى فائض عن حقيقة الشيء الذي يكون سببا في تلك الصداقة,فإن كانت بداية الصداقة نتيجة للشات الفوضوي الذي يمتلأ بأصوات المراهقين,فبالتأكيد هي صداقة زائفة,والأمر يختلف أن كانت الصداقة أكثر نضجا لأنها تأتي من زوايا الكتابة والإبداع والحرية!
- بالفعل..الأمر يختلف من موضوع إلى آخر ومن مناسبة ٍ إلى أخرى!!أنت إذاً تملك أشياء جميلة في أسلوبك الفكري.. هل تستطيع أن تتواجد على الإنترنت في ساعات متأخرة من الليل؟
- لا أستطيع أنا لا املك خط إنترنت ولا جهاز كمبيوتر.
- أقصد في الساعة الرابعة صباحا..
- يا سيدتي لا أستطيع!! هل أعطيكِ رقم تلفون من أجل معرفة المواعيد بيننا..إن كنتِ مهتمة بشأن التعارف!!!
- قلت لك توقف عند ذلك الحد..لا نريد أرقام تلفونات ولا شيء.
- بالنسبة لي..الأمر طبيعي, أنا أحضر إلى مقهى الإنترنت في أي وقت وأذهب..لا أهتم كثيرا بالوقت,
- سأذهب الآن كن بخير وداعا..
- وداعا.
أنها ثقيلة دم نوعا ما ..ولكن ربما لأنها تضفي على المشهد نوعا من الرسمية,أن تطفو مزاج الأنثى على رغبات رجلٌ شرقي..
لا أتوقع أن تنجح بمزاجها ذلك وتخترق جدار عزلتها الاجتماعي والأسري..
لم تتجاوز محنة البوح باسمها وتكسر جدار التقاليد...فكيف لها أن تتمرد على الكلمات أو على مرسمها الصغير جدا,
الأدب لن يكون صورة مزيفة عن صاحب الفعل والناطق بالإبداع.
أنه صورة لصاحبه وظله الأخر....فليس هنالك من يلجأ إلى تزوير صورته وأنفاسه على الورق ويُقدّم أخلاقا لا تعنيه!!
فليس من الممكن أن تظهر في صورة الملاك على صدر الصفحات وأنت في الحقيقة ممتلئ بالحقارات والنذالة!
تكمن قوة الأدب في هذه التعرية الساحقة للواقع وللإنسان بالمقام الأول,
ولكن لا أستطيع أن أقرأ ملامح تلك الصديقة التي اختارت لقبها بالإنجليزية وانتهت عند تلك النقطة!!
بعد عدد من اللقاءات المختصرة معها,تأكدت فعلا مدى قناعتها بتلك الفلسفة في الحياة.
دخلت معها في متاهة ٍ لا تُوصف!!
متاهة الأنثى التي تحاول أن تدفع بك للوقوع في فخ شروطها.
أنا الذي أشعر بتلك البرودة التي تسكن روحها..
فأي برودٍ ذلك؟!!
لم أسكت عن المناخ العاطفي والأدبي والأخلاقي الذي تغمر أعصابي به !!
و في صباح ٍ باكر من شهر نوفمبر من عام 2006م ألقت ببعض جمرها على خانة الحوار الذي يجمعنا!!
ألقت بتحية الصباح على طريقتها التقليدية:
- صباح الخير ..كيف أنت في هذا الصباح؟؟
- صباحكِ سكر ..سيدتي..أنا كالعادة عاشق ٌ لمدينةٍ بحجم هذا الوطن ولكن تلك المدينة التي على يديها أموت طويلا,أنها تمارس سطوتها المُبكرة في الصباح , وتجلدني بعصا الحنين والعشق والقلق في المساء.
- أهذه كلها حالتك يا صديقي في هذا الصباح؟
- المدينة المُلونة بهذه الأجواء والطقوس.إنها تغمرنا بالفرح وبالمأساة معا..ولا نستطيع أن نفيق من هذه الازدواجية المشتركة.
- سأعطيك هذا الصباح شيء أريد رأيك الشخصي فيه.
- أخاف أن تكون أحدى لوحاتك العشقية في الرسم؟!
- لا ..ليست لوحات في الرسم أنها بعض الكتابات والمحاولات النصية..أريدك أن تقول لي رأيك فيها..
- ليس هناك من مانع!!
- أستلمها الآن..وسأذهب بعد أن تستلمها.
- لقد أستلمت الرسائل الثلاث,,
- كن بخير ألقاك في القريب العاجل.
- سلام لك ِ .
الرسالة الأولى:
(( أخبرتني ذات مره ...
أنك بعد أن أحببتني أصبح لديك ولع بالفرشات ...

لا أخفيك أستغربت حديثك جداّ .. وتشبيهك لي بالفراشة ...

ولكننى فى بعدك أكتشفت أنني أمتلك روح فراشة بداخلي !!

فراشة تبحث عن الحب .. الحلم .. و الجنون

تبحث عن بصيص ضوء يتسلل إلى داخلها .. ويبعث الدفء

إلى روحها... تبحث عن ضوء يأجج مشاعرها وأحلامها ...

فراشة ... تجد سعادتها ونشوتها فى أن تراقص الأضواء .. وألسنة اللهب !!

تتهادا بجنون ساحر وسط النيران .. ولا تستيقظ إلا بعد أن تكون النار

قد أحرقت أجنحتها الهشة !!

ولكنها وبدل أن تهرب بعيدا عنها ... تنظر اليها بشوق .. ووله

وجنون !

وتلتصق بها أكثر فأكثر حتى تفارق الحياة ....

هل هناك أجمل من الموت فى أحضان من نحب ؟؟

هل هناك أثمل من أن نغرق في رائحتهم العطرة حتى الموت ؟؟

هل هناك أشهى من أن تغتالنا أنفاسهم في لحظة موت ؟؟

هل هناك أروع من أن يكون دفء أحضانهم آخر ما نتدثر به قبل الموت ؟؟


حلم -24-10-2006 ))


الرسالة الثانية:
(( معك ...
كنت أعيش
لحظات ... عاصفة ... ثائرة ... انقلابية
مليئة باللهفة ... والجنون ...

انسى فيها من أنا ومن أكون ....

حبيبي ... ما أروع الجمر حينما تبثه يداك ... وتدثر
به حنايا روحي ... فيشتعل حبك فى دمي ... فا أجد نفسي
حورية بحر تناجي القمر...

حبيبي ... معك لا يمكن للحظات الا أن تكون أستثنائيه ...
مليئة بالشغف ... والوله ... والجنون


أحبك حتى الذبح
حلم - 27-10-2006 ))


الرسالة الثالثة:
(( حبيبي ... معك فقط
أدركت أن الحب وقوف
وليس وقوع !!

معك... يا فجري ... يا مطري ... يا مركبي ...
يا وطني ... يا قدري ... يا عيني ....

أدركت ... معنى الحياة ... معنى الفرح ...
معنى الألم .... !!

معك أحببت صوتي ... شفاهي... دموعي
أنيني... معك فقط !!


حلم - 29-10-2006 ))

طلبت رأيي الشخصي بتلك الكتابات.
طبعا لم أتمكن من قرأت تلك الرسائل لعدم قدرتي على التركيز في المقهى .ولعدم وجود الفلوس التي تجعلك أن تبقى في المقهى.
نقلت رسائلها إلى ذاكرة الفلاش التي أصطحبها معي وخرجت من المقهى.
خرجت وأنا أطوق مساحة الهواء بحثا عن حل ٍ لهذا المستقبل المجهول الذي يصطاد الملايين من خريجي الجامعات.
تحسست تلك الهوة العميقة التي نقع في بؤرتها أمواتا.
أي بلادٍ هذه التي لا يوجد فيها تساوي ٍعادل للوظائف؟؟
كثيرون ممن يحملون شهادات البكالوريوس ولكن الواقع رفض أن يعطيهم أدنى أهمية,
أنهم يمارسون تلك الأشغال الشاقة في حرج العمال في أول ساعات الصباح.
ينتظرون لقادم ٍ يأتي يأخذهم بسيارته إلى مكان العمل.
البلد بأكمله يختنق بأولئك المحترفين لنهب المال العام والثروة !!
فهناك من ينهب الأرض وآخر ينهب مخصصات مجانية من سيارات وعقارات وأموال يتم غسيلها في شركات خاصة تعمل لحسابهم الشخصي!!
لا طعم للشهادة الجامعية في هذه الأوطان التي يقف العلم على رصيف نسيانها الأبدي!!
مساحة ٍ لا تكفي إلا أن تسد فوهة لصوصها وبعضا من ذئاب ليله الدامس.





*****************************************************









من أي منفى يبدأ الإنسان في سرد مرايا وجعه الأكبر؟
أيمكن أن تتوقف الأرض عن دورتها حين تكون قد أوجزت حكايتك الموجعة تلك؟
كل شيء يتحرك بجنونٍ مدهش من حولك.
المنفى داخل الوطن أقسى بكثير من ذلك المنفى وأنت خارج حدوده!!
المنفى في الحالة الأولى لا يعني الموت أو الجنون مرة واحدة,ولا النهاية الأخيرة!!
أنه مثل تلك الطلقة التي تُعطّل جسدك كاملا عن الحركة!!
الحصيلة النهائية للجسد تلك حالة السكون الأخيرة التي تحافظ على ثنائية التنفس,
أنها اللغة الأخيرة والشاهدة على البقاء والحياة.
ليت المنفى الأول مثل المنفى خارج الوطن حتى تنهي شكل الجرح الذي يفقدك شهية الحياة,
فالأشياء المعلنة التي ندرك مفهومها تلك التي لا نخاف أو نتوجس من نتائجها..ندرك مسبقا أننا في حالة المنفى الفعلي!!
أنه منفى نشعر بديمومته منذ الطفولة,وفي كُتب الجغرافيا التي تحكي تلك الهجرة عن الوطن وكل أبعادها!!
التسمية التي تصوّر حجم الهجرة عن الوطن ومدى تأثيرها النفسي والعاطفي على ذلك المهاجر وأهله ووطنه!!
كانت تلك التسمية تثير لوعة كل الأطراف حزنا وبكاءً وحرقة..
لكنها أصبحت تعني في الوقت الحاضر الفرصة الذهبية للتحرر من لعنة ِ وطن !
الوطن الذي لا يؤمن بشرعية المواطنة إلا لأصحاب الكروش المنُتفخة..
وكل ما سواهم فإنهم يشغلون الحيز الصفري من خاناته العددية,
لذا هذه الطبقة التي لا حصة لها في هذه البلاد عليها أن تغادر الوطن بحثا عن شكل ٍ آخر لوطنٍ يمنحهم الخبز والحياة!!
أنها التسمية الكلاسيكية التي كنا نخافها ونحن في الصفوف الأولى للتعليم الابتدائي!!
نخاف أن تلتصق بنا عندما نصبح كبار ونترك الوطن,
و ها أنت أيها الوطن تنصت إلى حديثٍ يأتي أصداءه من الماضي حين عشقوك منذ طفولتهم.
منذ أن كنت غيمة ٍ أو نشيدا على صفحات الكُتاب المدرسي!!
أقسمت منذ الطفولة أن أختار الوطن فقط إلى كعنوان ٌ لوجودي وحياتي ومماتي وختام الأمنية!!
الآن وبعد كل معارك الأحلام والأمنيات والتحدي الصاخب لذلك التعرّي الحاد الذي تعيشه البيئة والمحيط الاجتماعي على حدٍ سواء.
هذا أخيرا حصاد زمن الحلم المنتظر لوطنٍ انتظرناه دهرا..
الحصاد الذي يفاجأ المزارعين بعدم جدوى كل ما أنفقوه من تعب ٍ وسهرٍ وتضحية.
هذا أنت بكل أدوات الغياب الكاذب تعلن عن حضورك الخالي والوهمي أيضا.
تُقدم المزيد من المبررات عن مشاريع الزمن القادم الذي يحقق لأبناء الوطن أحلامهم.
فها هم أبناء الوطن الذين يدخلون من زمنٍ إلى آخر ومن نفق ٍ إلى آخر بتلك العتمة ذاتها من لعنة المشاريع القادمة..ولكن تحت ذلك الخط المبهم لأوهام خادعة وماكرة,
لا شيء يستحق الانتظار فالذي تتوقع أن تحمله الأيام القادمة من تغيرات ربما يكون وهما..
الوطن الذي يشيّع على الحدود الآلاف من أبناءه إلى دول الخليج العربي بحثا عن فرصة ٍ أخرى للعيش.
تركوا خلفهم وطنا مجهولا في الذاكرة لا يعلموا عن تفاصيله شيئا,
و أعلنوا البدء في البحث عن أوطان ٍأخرى غير وطن الحقيقة.
هذه حقيقة ذاكرة ٍ مليئة بتعب الجغرافيا الأم.
ذاكرةٌ ملغومة بعدد لا يحصى من الهزائم والطلقات والحرائق!!!
و مع كل ذلك لا زال هناك وميض سحري يخفق في انتظار زمنٍ آخر.
ربما تولد مفاجأةٌ أخرى على جدار ٍ أخرس من جدران هذا الوطن.
ولكن الزمن الذي تأخذ عقاربه في الدوران تشكك في شرعية ما لم يأتي و ما لم يحدث بعد..
أن ما يتسلل من الوقت ويذهب تحت أدراج الريح يبقى خسارتنا الفادحة مع هذا الوطن!!
الموت بطريقة ٍ سرية و باردة وغير مُعلنة التفاصيل أبدا.
متابعة الجرائد اليومية والبحث عن تلك الإعلانات المنشورة فيها عن وجود فرص ٍ شاغرة للوظائف.
وتقديم ملفات التوظيف إلى الجهات التي المعنية بتلك الإعلانات,
وفي هذا المنعطف تتوقف الرغبة عن الشروع في أي عمل ٍ آخر أو التفكير فيه.
و بعد أن يتعثر من جديد مشروع التوظيف في تلك الجهة..يتم البحث عن وسيلة ٍ أخرى لمواصلة الحلم الطويل ذاك.
حلم ٌ يتحول على يد هذا الوطن إلى رماد ٍ متطاير و مبعثر!
الوطن بكل ما في جعبته من مافيا النهب وتلك المختصة في اللعب بأوراق الوطن البالغة السرية,
الجرائم التي لا تفصح عنها صحف النظام فيتم التكتيم الإعلامي عنها تماما.
ومثل ما يحدث في بقية الأجزاء الأخرى من الوزارات و المرافق الحكومية!
لم أكتشف آلية التعاقد الوظيفي في مجلس الشورى إلى بعد أن أدركت حقيقة العمل لديهم,
فالمدير الذي له كلمته القوية هو من يأمر بعمل تعاقدٍ ما,
ولكن الذي يتم التعاقد معهم بصورة ٍ متكررة ويزداد يوما بعد آخر هم من الجنس المؤنث,
بدون أن تعرف تفاصيل تلك الأسباب الخاصة التي يتم التكرم بمنح المذكورة عقد عمل.
وذلك بعد أحدى سهرات الفندق التي تتم بنجاح ٍ أكبر مع ذلك المدير,
ولم تنتهي قصة مطاردة النساء خارج أوقات العمل في الفنادق..أنها تُمارس فعليا داخل مبنى المجلس وفي وقت الدوام الحكومي!!
و على هذا الأساس يتم منح من تقدّم نفسها بمزايا إضافية في كل مستحقاتها المالية والإدارية أيضا !!!
وأيضا ما يتم المتاجرة به من نساء و كحول و بيرة وغيره !!!!
الظاهرة تلك لا تكون مع أولئك الحاصلات على البكالوريوس..أنها لأول فتاة تستلم لرغبات المدير العام أو مدير الحسابات,
فبعضهن حاصلات على الشهادة الثانوية والبعض الأخر ليس لديها أي مؤهلات.
فأي معيارٍ للتوظيف على مساحة أرض هذا الوطن ؟؟
الوطن الذي يفقد كل دقيقة بريقه السحري الممتد من أقصى الذاكرة والطفولة.
الصورة التي تحكي عن زمن ٍ تاه بين الأحلام و الأمنيات الوردية والتي بدأت تذبل ألوانها شيئا فشيئا..
ألوان أفصح عنها الواقع و حقيقة الفعل!!!!
الكثيرون من الأقرباء الذين يعرضون فكرة الخروج من هذا الوطن.
و لكن الإصرار على حتمية البقاء دون الخوف من شبح المجهول هو أحد عناوين المرحلة مهما كانت النتائج !!
شعارٌ ظل يلاحق الذاكرة عن وطنٍ قادم من جوف المستحيل..وطن أكبر من هذا الواقع والحلم معا,
ذلك الذي يمكن أن يعيد ترميم حجم الانكسارات والشروخ..
يصنع من كل الأشياء المُحطّمة شيئا يستحق التكريم والتقدير.
الوطن في الغياب كذلك الوطن في الحضور..كلاهما بنفس المعنى !!
الوطن يخرج من هالة الأشياء التي يستحق أن تكون مرادفا لحجم الحضور فإنه يبقى في حالة الغياب التام.
غياب أكبر من أي حضورٍ يمكن أن نسميه.
ما جدوى سباقٍ للركض على بوابة وطن ٍ كهذا ؟
وطن نصف سكانه مجانين لا تدرك المجنون السياسي من المجنون الذي فقد صوابه نتيجة مشاكله الاجتماعية والأسرية!!
لذا النصف الأخر الذي لم تصل بعد حالته إلى الجنون فإنه مرشح في فترةٍ قادمة إلى ممارسة تلك الوظيفة..
وظيفة التجسس لصالح النظام وخدمة الحاكم على رصد الأخبار وما يقوله أبناء الوطن الذين أتعبهم البقاء على مساحته كثيرا.
و لم تبقى من صلاحية الحاكم العربي إلا تلك المهنة الدنيئة في كل أبعاد مراميها.
و على هذه الصورة التي يلوح من خلال ألوانها أولئك المجانين الذين يكسون الشوارع!!
أيمكن أن تكون تلك الصورة هي صورة وطنٍ في قرن العشرينات و في عتبة الأوطان التي تتربع على عرش التكنولوجيا و الاتصالات الرقمية !!
الوطن يبدد حلم الشعب ويقتل كل تطلعاته..أنه يحافظ في هذه الحالة على بقاء منصب حكامه,
لذا يُقتل الكثير من أبناءه الشرفاء تحت هذا المسمى المكشوف.
كثيرون من اغتالتهم يد السياسة وامتد سُعارها لتشمل أجيال من ذهب النضال و عمالقة التأثير على الشعب,
لا قانون يدافع عن كل من يسقط في يد الحاكم.
و أخر من تغتاله تلك الآلة في حوادث السيارات أو تحت مسمى الإرهاب الجديد.
وموت ٍ آخر ذلك الذي يستهدف الشرفاء بمسمى "مرض ٍ عضال",
هذا الاسم الوهمي لمرض ٍ وهمي أيضا الذي حصدت من وراءه السلطة الآلاف من الشرفاء والمناضلين.
اللغة التي تُطلق على كل من يموت بيد تلد تلك الآلة العفنة.
الوطن الذي يسقط في بوتقة حرب ٍ سرية..حرب الإبادة المنظمة وغير المعلنة على كل من يرفع صوته عاليا في وجه الظلم..
كل من يقول كلمته الشريفة ويدافع عن قيم الحرية و محاربة الفساد..
هؤلاء من تسقط على رؤوسهم معاول النظام ويتم إقصاءهم وقتلهم بطرقٍ مختلفة.
الأرض هنا لها صدرٌ من جمر لكل اللصوص والفاسدين في هذه الجغرافيا..
أنها الحضن الدافئ لهذا الشكل والصنف من الشعب,
لم يكن أمر الخروج من هذا الوطن أمر هينا أنه يتعلق بكل أحلام الماضي !!
الموت على هذا الوطن مرادفا للبقاء والعيش فيه.
ليس من خيارٍ آخر إلا أن يكون المكان ذاته أيضا مساحة ٍ للدفن,
الرفض لأي خيارات ٍ أخرى لم يكن من سببٍ واضح للقبول بها .
أن مشاكل كثيرة تؤرق الإنسان خصوصا بعد أن يكمل دراسته الجامعية,
أنه يفتقر إلى أشياء تدخل في تركيبه البيولوجي..دون أن يدرك ذلك..يحتاج إلى الجنس والعاطفة والمال.
و لكن حين تجد نفسك عاجزا عن تحقيق تلك الرغبات وتجعل من الانتظار حلً لكل تلك المطالب الجسدية.
رغباتك الجنسية والعاطفية أيضا هي الأخرى بحاجة إلى قرارات سياسية..
كيف لواقع ٍ ملء بكل هذا التناقض أن يفك خيطا واحدا من خيوط تلك الشبكة الأكثر تعقيدا ؟
البدء من نقطة الصفر في الحياة والعيش مسألة في منتهى الصعوبة و الجنون.
واقعٌ ليس في رصيده إلا أرقام مهزومة لا تستحق الذكر.
فإنه الجزء المُتبقي من نصٍ على حافة السقوط يحاول أن يستدرك أنفاسه الأخيرة,
يستعيد وجه ٍ فقد ملامحه ذات زمنٍ أو يحاول نسيانه بذاك المعنى أيضا,
لم تبقى الأيام من حنينه إلى ذاكرته وذاكرة نص ٍ يرتعش عشقا سوى القليل حتى يصل إلى مرمى الفوضى والجنون.
أنه سفر ٌ تطرب على ريحه أغنيات الكتابة ومحاولة الخروج من مأزق الواقع.
الكتابة في زمنٍ كهذا تعني التحرر من أزمة الحاضر أنها محاولةٌ يائسة للدخول في مورفين النسيان.
لم يكن هناك من مبررا لاختيار المسافات أو الزمن بدلا من أن يكون الرحيل في مقامات الدهشة الأولى..
إمضاءٌ لا تراجع عن عشق عناوينه و استفزاز بوحه.
أنها أحدى تأشيرات الرحيل التي تقترب من ذلك النص الذي تتمزق خيوط كلماته على مساحة المجهول.
مساحة لم تكن مخصصة للبوح عن الرحيل بقدر ما كانت مساحة للتعبير عن حالة الكاتبة وما يتعلق بشروط الموقع الإلكتروني.
الكلمات تسبق كل ما له من صلة ٍ بالحضور أو الغياب,
تقفز إلى شيء ٍ يشبه الجنون أو التحدي.
الرحيل الذي أفترش مساحة الصفحات وأماكن البحث عنه.
رحيل ٌ في المقام الأول على أطراف النص الذي تبعثرت روائحه بعيدا..خارج حدود الوطن!!
أنه يبحث عن مكانا دافئا للخروج من لعنة الجغرافيا و هزائم الذاكرة مع هذا الواقع.
لم يكن العشق خارجا من مرايا الرحيل..العشق يأتي في الخانة الأخيرة من خانات الرحيل.
عنوانٌ هو الأقرب إلى تلك النصوص التي تنتقل من الذاكرة إلى الورق ومن الورق إلى جهاز الكمبيوتر ومنه إلى تلك الشبكة العالمية الواسعة شبكة الإنترنت.
اختيار اسم المدونة التي تضم باقة من نصوصٍ في الجنون والعشق والرحيل ..ما هي إلا امتدادٌ لوجع الذاكرة وقلقها المتزايد يوما بعد آخر.
لماذا الرحيل في زمنٍ ممتلئ بالعشق وبالحلم إلى غدٍ مشرق ؟؟
زمن يفيض بجنون الكتابة والانتظار..الزمن الذي ليس له من تعريف ٍ في الذاكرة.
أنه مزيجٌ من الزهو الكاذب الذي نشعر به,في حضرة أولئك المدراء الذين تربطنا بهم بعض الأعمال المالية معهم.
أرقام خيالية من الأموال التي نُوصلها إلى منازل أولئك المدراء.
أوراق مالية من الفئة المتسلسلة ..الفئة الأعلى رقما من عملات البلد,
ومع كل اللحظات الثمينة التي ترافق السير في موكب المال إلا أن القدر لا زال يقول كلماته عن شيء أسمه الرحيل !!
رحيلٌ في المعنى وفي العشق والحرية وفي الزمان والمكان..
رحيل ليس له من قرار معلن في جوقة الروح.
يأخذ أنفاسه من كلمات مرموقة في غموضها وتعرّيها الفاضح,
لم يدل شيئا واضحا على علامات ذلك المؤشر السابق لأوانه,
الرغبة في الكتابة والبوح أيضا عن حالة الكائن الذي يعاني من تغيير ٍ شاسع في الأحلام والواقع.
محاولة الخروج من وعكة الحقيقة و البقاء على حالة النسيان لكل ما يحدث تماما..
هل الكتابة تعني في زمنٍ كهذا الموت..النسيان..الحرية من قيود الوطن..العشق..الحنين إلى أرض ٍ لم تأتي بعد ؟؟؟
ربما يكون كل ما سبق وربما لا يكون شيئا مما سبق.
اللحظة الثمينة في الكتابة لا تجلب معها ويلات التفسير للنص المراد تفنيد دوافع الكتابة من أجله!
النص الذي يولد مرة واحدة على خارطة الورق يموت أكثر من مما يستحق على لسان القارئ!!!
الكاتب الحقيقي ليس ذلك الذي يجبر القارئ على مناسبة ٍ فريدة في كتابة النص..
و لكن النص بحد ذاته قادر على إعطاء القارئ فرصته في اكتشاف منجم النص الخفي وتفاعلاته الحية والميتة والتي دفعت به إلى مساحة الولادة والموت في آنٍ واحد.
النص يبقى مُبهما في كل تفاصيله وكل الظروف التي قادته إلى مساحة الضوء و الورق.
أنه كفيلً بالبوح عن كل أسباب الحضور والغياب..أسبابه في البوح و الغموض!!
تكمن قوته في تلك القدرة الخارقة التي تمنح النص الحركة والتجدّد يوما بعد آخر وقراءة ٌ بعد أخرى!!
النص لا شك في أنه الوجه الأخر للبحر بكل تقاسيم التجدّد والأشكال الأخرى التي في جعبته!!
في كل لحظةٍ تكتشف صدفة ٍ ما...وشكل ما...و لون ما...
عالم يصعب وصفه من اللحظة الأولى..وأن هناك شيئا تستطيع أن تبدأ منه..فمن أين لك أن تبدأ بالوصف؟!
كل النصوص التي تبدأ من النقطة الأخيرة وتحاول أن تقطع الطريق أمام القارئ لسبر أغوار النص!!!
لجعل المادة أكثر اشتعالا لحظة الغوص في ثناء الكلمات و ظلالها الوارفة!!
جاءت عناوين الرحيل في وقت ٍ مبكر من التنبؤ واليقظة..
ربما لأنها تحاول الخروج عن المساحة الضيقة التي تشغلها من هذه الجغرافيا المتعالية الصمت..
أصبحت الكتابة تعني ذلك الوطن المفقود على أرصفة الحقيقة ومحاولة البحث عن عطرٍ مثالي لوطن ٍ آخر!!
فأين يكمن سر ذلك العشق الجنوني لوطنٍ لم نجد من أثر ٍ له في الواقع ؟؟
أيمكن أن تكون الصورة على شاشة الكتابة هي الصورة الأكثر أتساعا لمعنى وطن؟
صورة ٌ لم تكتمل مشاهد حدودها بعد..أنها صورة تتمرد كل لحظة ٍ عن معالم الحاضر وسياط المستقبل!!
الصورة التي نبحث عن تفسيرٍ لجوانب معانيها فلم نعثر إلا على جثة الوطن.
وطن تحاول الكتابة فقط أن تنير معالمه ..تؤجل تلك الرائحة القادمة من العمق..
الكتابة التي توقظ نبضٍ هارب من الذكرى..
ومن لون صمته الحاد تماما وبقايا السر الكامن في نص ٍ لم يُكتب بعد,
أنه على حافة ذاكرة ٍ تستعيد الخُطى والأمنيات..في طريقها إلى البوح عن شكله النهائي ورائحته التي ما زالت تتسرب إلى مساحة الحاضر!!
لم يبقى من شيءٍ سوى التعبير أكثر عن العلاقة الحميمة بين الحاضر والغد.. بين وطنٍ في عتمة الزحام وعتمة الوهم أيضا,
ليس غير تلك الثنائية التي تمتد إليها زهرة الحلم وسرعان ما تعود خائبة الملامح!!!!
حلم ٌ ينكسر من الزيارة الأولى واللحظة الأخيرة للزيارة ذاتها التي تفصل بين الزمنين.
صخرةٌ لن يتوقف على صدرها معاول النضال وضربات الحرية بمرور الوقت..
محاولة إيجاد لغة عابرة في هذا السياق الجنوني على أزمةٍ نصفها الوطن والنصف الأخر لم يحن الوقت لإدراك معالمه,
الواقع يظهر ثمن تلك الخسائر التي نقترفها وننغمس في تفاصيلها كل لحظة.
لم نكتفي بمشهد الحزن على طريقة هذا الوطن..نضطر إلى البحث المؤقت عن قيمة ساندويتش الصباح أو ثمن الشاي في المساء.
تم تجريب عدد ٌ من الطرق في كسب مصاريف اليوم العابر..
تلك الطريقة التي أثقلت فيها على الموظف المسئول عن مخازن القرطاسية في مجلس الشورى.
أعتدت على طوب ٍ من الورق في الأسبوع للحصول على قيمته المالية في استوديوهات التصوير الذين يشترون الورق بثمن ٍ أرخص.
قيمة الطوب الواحد لا يتجاوز الأربعمائة ريال..قيمة جيدة لمواصلة الكتابة في مقاهي الإنترنت.
وأن يبقى هناك من زمن ٍ لمواصلة الحياة مع الآخرين.
كل ٍ بطريقته ينظر إلى الحياة..
فمواصلة الكتابة يعني مواصلة الحياة وعشق الحرية من أوسع الأبواب.
تلك القيمة القليلة جدا في حقيقتها تعني بالنسبة لمن يفتقر إلى الريال الواحد مبلغا محترما.
أنها تساوي في حقيقة الأمر الآلاف من الريالات في لحظةٍ مبتورة تماما كتلك اللحظات.
الجسر الذي تعبر عن طريقه إلى عالم تعشق روائح صمته وعبقه الفواح.
لم يكن إلا شيء يقف وراء كل هذه المسميات.
الوطن الذي قرأته على صفحات الكُتب في أحدى محطات العمر..وهاأنت تفقده كما فقد الهنود الحمر وسكان أمريكا في ذلك الوقت القمر الذي سرقه "كريستوف كولومبس" بطريقته الماكرة عندما اعترضوا طريقه وحاولوا قتله لأنه سرق الذهب ..فكان لأبد أن يهددهم بشيءٍ ما ..فكان في ذلك اليوم يعلم أن القمر سيحصل له خسوف..فقال لهم:إذا لم تبتعدوا عن طريقنا سوف أسرق القمر؟
و عندما وجدوا فعلا بأن القمر بدأ يختفي انصرفوا مذعورين وخائفين,
فأي طريقةٍ يمكن أن نفوز بها من هذا المخدر الذي يعني الوطن؟
لم نُشفى من وجعه الممتد من الوريد إلى الوريد..
أنه يتحول بفعل تغيرات الواقع إلى كوم ٍ من الأخبار المبوبة على واجهات الصحف والجرائد اليومية,
وطن ٌ نموت على ذراعه مليون ميتة في الثانية الواحدة ومع كل هذا نكتشف أنه يخبأ موتا أكثر في الأيام القادمة.
و يجد في تلك الممارسة شيئا من التسلية والترويح عن ذاته.
كم هو تافهة ٌ ذلك الوهم الذي نلقاه على ألسنة مسئولي هذا الوطن؟
يستخدمون الكذب أيضا والنفاق في كل حملتهم التي تخدم السلطة.
ذلك المسئول في وزارة الخدمة المدنية لحظة سؤالي له عن عدد الدرجات الوظيفية للمؤسسة العامة للاتصالات؟
فكان الرد بمنتهى الكبرياء والازدراء:أربعين درجة لقسم مهندسي الاتصالات.
تفاءلت كثيرا وأنا أحاول أن أهدأ فرحتي بذلك العدد الكبير جدا.
في مرحلة الإعداد للانتخابات الرئاسية..و هي من ضمن الحملة التي يقودها الحزب الحاكم في ذلك الوقت,
وجاء التاريخ المحدد ليؤكد عدم وجود درجات وظيفية.
وهكذا تتحول البداية المدهشة إلى لون ٍ قاتم وتُختتم بحزنٍ أسود.



********************************************

هنالك شيئا ما على أطراف الذاكرة يعلن عن قدرته في استعادة أجزاءه المنسية.
يلملم بقايا جرح ٍ نازفٍ في زوايا المكان,
المكان الذي لا يشبه أي شيء سوى عزلة هذا الوطن المأساوية,
موحشٌ حزن شوارع هذا الوطن بما تحمله من صورة ٍ تثير الرهبة.
العديد من الأطفال الذين أستوعبهم الشارع في تزيين كل ما يؤثثه من الخرائب.
لتكون براميل القمامة هي وليمتهم الكبرى في البحث عن بقايا طعام ٍ فائض,
في أي مستقبل ٍ ينتظر تلك الطفولة ؟
كانت تلك البراميل بما فيها من نفايات كفيلة بأن تكون حضنا دافئا لأطفال الوطن المحرومين من كل شيء..
فائضٌ هذا الوطن بكل ما يملك..فائض بالحرية الجوفاء وفائض برجاله ونساءه ولصوصه و عصاباته الليلية..
فائض بثواره وثوراته و فائضٌ أيضا بجيل ٍ من الشرفاء الذين يقفوا صامتين لمشهد الوطن الأخير,
الوطن متهم بهذا الانحسار الكبير في مسار ما بعد الوحدة وبعد كل الحروب الظالمة التي أُرتكبت بحق أبناء الجنوب,
ها هو الوطن اليوم بعد أن أنجز مشروعه الأول في الاحتلال والتدمير للجزء الأخر من الوطن..
أنه يستعيد عافيته في الحقد والإقصاء الشديد لأبناء ذلك الشطر الجنوبي.
تم تجريدهم من وظائفهم وأرقامهم المالية وإعلان الحرب الباردة في كل الوزارات على ملف للمراجعة والمعاملة لشخص ٍ ينتمي إلى الجنوب.
أنهم مستبعدون من كل الدوائر العسكرية والكليات الحربية لظروفٍ غامضة ومبهمة للغاية.
هكذا تكون أرادة المنتصر والخارج من حرب ٍ قد ظفر بها على الطرف المهزوم والخاسر في المعركة.
لم تكن حرب عادية..فقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في دعم الطرف المنتصر وذلك للقضاء على أقطاب الاشتراكية والأحزاب الشيوعية فيما بقى لها من آثار في الأقطار العربية.
أنها توهم العالم أن الحرب متوقفة بين الطرفين وتعطي الطرف الشمالي الضوء الأخضر لشن الحرب على الجزء الجنوبي والزحف على أبواب المدن الجنوبية.
ساهم أيضا في هذا الجانب أولئك القادة العسكريين الجنوبيين في التبليغ عن كل القواعد العسكرية من أجل أن يربحوا بعض المقاعد الوزارية في حكومة الطرف الشمالي.
الحرب التي مزقت أسم الوحدة و بعثرت كل ثمار النضال الوطني المساهمة في بناء مشروع الوطن الأول!
حرب ٌ أجهضت ميزانية الوطن لخوض مثل تلك المغامرة.
الحرب بدأت بتلك التصفية البشرية لعناصر الجنوب..اغتيالات يومية وآنية في اللحظة ذاتها,
تلتها موجة تكفير لعناصر الحزب الاشتراكي اليمني.
شعر أبناء الجنوب بمرحلة الإقصاء والحرب من كل الجهات,
لم تنجح كل الطرق الدبلوماسية في حل الأشياء الفعلية التي دفعتهم إلى الخلافات.
أنتجت تلك الأزمة الدبلوماسية أزمة الحرب العشوائية.
أزمة وطنٍ يعيش ويلات حربٍ سوداء ويغني بأعلى صوته لأنه يريد أن يكتشف نكهة القتال هذه المرة على يد أبناء الأرض الواحدة ويسير في موكب الضحايا بمفرده !
لقد سأم من حروب الماضي التي كانت لطرف أجنبي وأخر وطني.
فهاهو اليوم يجرّب تلك الحرب التي يقتتل فيها أبناء الوطن الواحد!!
الحرب التي لا مبرر لها سوى من يستولي على كرسي السلطة بمفرده.
من يظهر في النهاية بموقف المنتصر نتيجة لقوة ٍ كامنة يمتلك ثمن أبعادها,
بالتأكيد سيعلو صوته في أرجاء هذا الوطن الشاسع !!!
ولكن من تزحف صوبه ذراع المشيئة بغية أن تصيبه بإحدى شظايا السقوط الكبير..
السقوط في قاع الخطايا وقاع الخيانة في نظر الوطن الذي لن يُرّجح إلا كفة المنتصر فقط في النهاية,
لن يمنح أناشيده وأسماءه سوى لذاك الذي يفوز بهذا السباق المرّ..سباق المذابح الدموية أنه السباق إلى حانات الموتى الجدد.
في الأخير الوطن لن يكون إلا تذكرة عبور للاستيلاء على كل الثروة والسلطة والأرض معا.
وطنٌ سيفقد كل رموزه الوطنية بهذه النهاية الحتمية للحرب!!
أولئك الرموز الذين يساهموا في إثراء الوسط العمالي للمطالبة ببعض الحقوق المسروقة!!
الحقوق التي يعمد الحاكم المتصرّف بنفوذه وتوجهه السياسي إلى تغييب يد القانون على المواطن!!
والزجّ به في أتون المتاهة والضياع القسري تماما!!
فالحرب حتما قامت من أجل تسوية المقام في الدرجة الأولى وإزالة تلك القشور التي تحاول أن تعيد للشارع حقه في الحرية و شجاعته في المطالبة باسم القانون!!
لم يستمر مشروع تلك الوحدة الذي ساهمت في ترميم شروطه طرفان لثالث لهما..
انهار ذلك المشروع كانهيار جدار برلين وبقت مشروعيته تقتصر على المنتصر!!
الخارج من أحدى جراحات الوطن الكبرى مكسوا بذل الانتصارات التي يطلقها على ذاته وحاشيته!
أننا نسرق من الوطن لحظته الحقيقية..ففي الوقت الذي ينبغي لنا أن نواسي الوطن على هذه المعارك الخاسرة التي يخوضها و على تلك الجراح النازفة من جبهة أبناءه..
أصبح على كل أنصار المنتصر اعتبار ذلك اليوم موعدا للاحتفالات والأعراس الوطنية.
التاريخ وحده من نترك له حرية الصمت والاحتفاظ بحقيقة مُرّة تماما!!
لن يدركها أحدا سواه..لن يبوح بسر ٍ أسمه الوطن المذبوح على يد أبناءه الحُكام الجُدد الذين اغتالوا صورته دون أن يدركوا ما الذي يقترفوه !!
بقت الضحية في متناول قاتلها كأنه لن يهديها الموت بل سيكللها بالورود والياسمين,
فلن يتوقف الزمن لأي سببٍ كان..مهما أنحسر تاريخ المكان على ذاته وحاول تلفيق الحكاية التي تطوّق مساحة الوطن من جميع الجهات عدا تلك الأجزاء الجنوبية منها..فأنها تدرك مدى الخسائر والأكاذيب التي تمارسها الأطرف الأخرى!!
فمن أيّ الجهات تحاول أن تطوي تلك الحكاية الأم التي هي حكاية جزءٍ من وطن لم يعد في كل هوياته وطنٌ للجميع؟!
وطنٌ بكل معانيه إلى الطرف المنتصر لا غير !
وحكاية الأجزاء الأخرى التي سيتناوب على نهبها القادة القادمين بجيوشهم ولصوصهم المحترفة لذاك العمل المنتظر!!
تناوب على تقاسم الأرض التي لم يعد لها من حامي أو مدافع لحرمتها!
التاريخ اليوم يسلب تلك المدينة حضورها الذهبي ونضالها السابق في المقاومة والتحرر من براثن الاستعمار الأجنبي!!
ها هي اليوم تقف عارية الرجولة والمقاومة, وتستسلم إلى الذين دنسّوا كرامتها !!
المدينة برمتها تطوي التاريخ و تعلن نهاية صمودها!!
يسقط الماضي تحت أقدام الحاضر ويبقى الحاضر بكل عناوينه المريرة!!
أنهم يستفيقون على مأساة لا نهاية لخيوطها ومتاهاتها!!مأساة ٍ تتجذر على عتبة المستقبل المنتظر.
صورةٌ تتكسر ملامحها فجأة لتبقى مُفرغةٌ المعنى والشكل أيضا!
محزنٌ مستقبل جزءٍ من الوطن..ذلك الذي تمارس ضده سياسة الطرف المنتصر بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ستمتد تلك العقوبات تشملهم وتوقف حياتهم ومستقبلهم.
هذا لا يعني بالطبع أن بقية أبناء الشعب للطرف المنتصر سيعيش في بحبوحة من السعادة.
ولكن ربما ستكون تلك الأجزاء التي تقع ضمن النطاق الجغرافي للطرف المغلوب تحت المجهر!!
سيعاني رجالها ونساءها ثمن تلك الهزيمة التي نزلت على رؤوسهم.
وها هي الحياة تمشي ولا تنتظر أحد..ها هو الوطن مُغلفا بعصبة حكامه يوقف تلك الدرجات الوظيفية الممنوحة لأبناء الجنوب.
هذا الإقصاء الذي شمل كل مناحي الحياة..إقصاء سياسي واقتصادي وثقافي و وطني واجتماعي وعسكري وعلمي !
لم تكن تلك القوة التي اجتاحت ذلك الجزء من الوطن قادرة على فعل ما حدث!!
ساهمت أطراف ٌ أُخرى من خارج الوطن في كل ذلك الدعم!!!
و لم يسلم الطرف المغلوب من الدعم الخارجي والذي كان أخطر من الدعم الذي تلقّاه الطرف المنتصر.
الطرف المغلوب فقد شرعية ما يطالب به,لحظة إعلان الانفصال!!
كل الذين يطالبون بحقيقة موقفه ومطالبه أي الطرف المغلوب ذاب ذلك الجليد عند إشعال أول ثقاب للانفصال!!
عاد أغلب المقاتلين من جبهات القتال في تلك اللحظة!!
فهم عن ماذا يدافعون وعن أي شيءٍ يقاتلون ؟؟
الوحدة لم تكن نتيجةً لخطأ ٍ وطني أو خللٍ اجتماعي !!
أنها نتيجة نضال وطني وحلم ٌ يراود الأجيال في توحيد أجزاء الوطن الذي يرزح تحت عبء ووطأة التشطير!!!
و لكن الوحدة التي خدعت الطرف الذي أعلن في النهاية الانفصال أجهضت كل ما يملك من مقومات ومزايا!!
هذا الاسم الذي تحوّل إلى ثعلبٍ ماكر يحاول أن يلتهم ما حوله!!
ويوقظ النار والجمر في كل الأوقات..استمرار حالات الاغتيالات والفوضى التي يمارسها الطرف المنتصر!!
حتى وصلت الأمور إلى ذروتها في التعقيد!!!
أستهدف ذلك الغطاء الوهمي الكثير من الشرفاء والوطنيين الذين علّت أصواتهم مناديةٍ برفض الظلم والعبودية,
فكانوا هدفا لعمليات ومآسي النظام المحكوم بالطرف المنتصر,
حصدت تلك الفترة أرواح مناضلي الكلمة الحُرة والصوت الجريء الذي يصدح بهتافاته بحثا عن رائحة ٍللحقيقة!!!
وسط هذه الخرائب كلها يستفيق المشهد الوطني على صورة ٍ مُهشمة الملامح !!
صورة ٌ لا تكاد تظهر شيئا من ألوانها وتقاسيم وجهها المجهول!!
صورةٌ تختنق بكل الأشياء المتوارية في أعماق المعنى الحقيقي لأبعادها الكاملة.
أنها لا تشبه شيئا عن عالمها التي تبحث عن صورته في الحقيقة!!
يمنحها المكان غموضا أكثر بعد خروجها من الزمان أيضا عارية الهوية.
لم تكتمل الألوان لإظهار الصورة جلية على مساحة الرسم في اختصار المسافات..
ولا المكان أيضا قادر على التواطؤ في رسم المشهد كما يمكن أن ينبغي!!
كم نحن بحاجة ٍ إلى لوحات ٍ تخرج من عتمة الواقع وتعطي الصورة الواقعية لكل هذه العتمة؟
فأيّ عتمةٍ تلك التي تحتل هذا الواقع وتُطوّقه من جميع الجهات؟!
الواقع الذي لم نجد له من مكانةٍ تعزز شعور هؤلاء المسكونين بكل هذا الحزن والضياع,
ليس لأنهم ارتكبوا شيئا مخل ٍ أو اقترفوا جرما بل لأنهم ينتمون إلى هذا الوطن..
ينتمون إلى راياته وأناشيده وأعياده الوطنية و العسكرية والبربرية!!
ولكنهم لا ينتمون أبدا إلى ثرواته وخيراته ورواتبه المالية أو درجاته الوظيفية!!
ينتمون إلى مساحة الحُرقة والألم والموت جوعا على أرصفة شوارعه!
و ما بقى من حياتهم فانه خليطا من الذل والظلم الذي تمارسه بعض رموز السلطة من قمع ٍ واضطهاد على تلك الطبقة الاجتماعية الخالية الأرقام والعلامات المميزة!!
كثيرون من أبناء تلك الطبقة من تشرّدوا وفقدوا صوابهم بسبب أعمال النهب وأشكال الظلم التي تمتد إلى ممتلكاتهم المكتسبة من الأجداد!!
أصبحوا بلا مأوى ولا عناوين تحترم عودتهم في ما سيأتي من زمنٍ قادم!!!
لذا من الصعب أن يبقوا على متن الواقع أحياء دون أن تصيبهم نوبة الجنون أو الموت صمتا و قهرا.
أنهم نتيجة هذا الركام الزائف من عبث التسلّط والهيمنة والجبروت!
ليس في القاموس من جملة ٍ أو كلمة تحفظ وجه القانون سوى مصادرة الحقوق وتمليكها إلى الأقوى!!
هذا الوجه المفقود الذي لم تستطيع اللوحات اختصار عُمقه الإنساني تماما!!!
وبقى الفن عاجزا عن تصوير ذاك المشهد الأزلي الذي ما زال يمارس حضوره في الذاكرة وفي أغوار الزمان!!
هناك هوةٌ لا تتسع لكل هذه الأصوات التي لم تجد لها من صدى في ما تيسر لها من الهذيان والبوح بأسرارها!
فبقت مُعرّضه لرياح الزمن يسرق من جعبتها ألم السنين وحزن هذا الواقع الباذخ!
لا تنتظر شيئا من دوران الأيام والأشهر سوى أنها توزّع ملاحم البكاء الموحش على أول عابر طريق.
تتسكع في واحة الصمت وهي بحالةٍ من الذهول التام لصورةٍ فقدت ما لا تملك من الفقدان والضياع.
هذا الصمت المرّوع لن يكون إلا تلك الصورة المفقودة من لوحة الرسم و جنون الألوان أيضا.
صورة تغادر المكان بحثا عن ذاكرة ٍ تُعيد شيئا من هيبة الأسلاف في طريقتهم لرفض الواقع وكل مُلابساته الغامضة,
تحاول الخروج من مرارة الفقر ومأساة الذل التي تختلقها حركة المجتمعات وعواصفها الهائجة.
فالخروج من تلك البؤرة لا يعني بالطبع خروجً من المكان فحسب بل الخروج من الزمان أيضا.
لا شك أن محاولة العيش أو الجنون المطلق خارج هذا الإطار الاجتماعي الموحش والكئيب يعتبر عملا خارقا وبطوليا.
أنه لا يعترف بعمق جراح الحاضر ..و لا حقيقة معه سوى قوة الأشياء المادية الجوفاء,
تلك القوة الخرافية القادمة من أعلى الهرم السلطوي الذي يمنح من يشاء و يسلب من يشاء!!
فقط بقايا ظلال ٍيزيح الستار عن سرّ القوة الكامنة بكل هذا العبث الجنوني..لم يكن سوى العبث بحق الأمم والشعوب!!
وتحويل الإنسان وهو بهذا التصنيف إلى كائن يلعب دور الضحية تماما!!
كائن يعلن صمته وموته قهرا أمام هذه الأدوار كلها..وهو مازال على فعل الطبيعة موجودا بكل ما أُوتي من عدمية الوجود !!
القانون الذي يتسابقون على اقترافه وتلطيخ بنوده بمعاول تلك القوة المُجّردة من معناها!!!
قوة تزوير الحقيقة وتجريدها من المضمون لتبقى هكذا عاجزة ٌعن صون كيانها,
حقيقة فقدت لسّعتها وبقت تعاني وباء من ينطق بها ويحاول أن يجعلها صورة هذا الوطن ومعطف الحكم القائم في حل النزاعات و الانقسامات التي تعرّقل مسيرة التنمية والنهوض بهذا الوطن بأكمله!
ليس المجتمع من ينجو من فعل السياسة لأنه ربما محكوم بجغرافيا وتضاريس يصعب اجتيازها تماما..لوعورة المكان وغياب وجهه النظام السياسي على مساحته المحاصرة بكل هذه التفاصيل القاتمة.
لذا يمارس اللعبة بعض من يملكون سياط الحاكم وجلّاديه المدسوسين في عتمة البيئة وتقلّبات الجغرافيا المريرة.
الجغرافيا التي تمتد حدودها دون سابق عِلم ٍكما تمتد أيضا إلى ذراعيها يد الخراب والدمار ونيران الظلم والجبروت,
اليد التي على إيقاعها تذهب الممتلكات سرا في عمليات ٍ من نهب الجلاد ودستوره القائم,
المكان الذي لا يتسع إلى تبادل الأدوار وقراءة الأحداث بشكلها المغلوط !!
ولكن مع هذا تتماهي الحقائق قليلا ويلوح نزيف الجرح ولو كان خفيا على جلد الضحية ..في حضرة وطنٍ يحتضن بكل وقاحةٍ حفنة من رجال القانون والعدالة في حينٍ أنهم خارج حدود القانون والعدالة!
ليس لوجودهم من مبررٍ أو حقيقة ولكن تأتي ضمن أشكال أخرى من زيف الواقع ومجونه التام!
المشروع القائم في تجريد الملكية والأرض والثروة أيضا لإنسان هذا المكان والذي يمكن أن يكون أكثر عدما وأوفر تعاسةً بل الأقل جذورا في عمق تماديه بالنفوذ والجاه,
هكذا الطبيعة تستسلم لتلك الرصاصات المرتعشة والمجنونة التي تحصد وجهها الحي وقامتها المديدة في التوهج!
اليد التي تحصد بدون هوادة و لا انتظار لإثبات صحة الفعل من عدمه!!!
مشروع الحياة الذي يتستّر خلف كواليسها عدد مرعب من أفعال الإنسان المختبئة تحت معطف القوة والجبروت على أشياء الأخر الذي أنهزم أمام واقع ٍ مرير..واقع ٍ يفيض بظروف القسوة و تشظي العيش ومرامي الجغرافيا المحيطة ,
الإنسان الذي كلما اقترب من ظروف المكان الصعبة..ظروف تُسقط كل المراهنات حول مسألة تطبيق القوة وحضور قانون النظام السياسي الحاكم في هذا الوطن.
أيمكن للطبيعة في ظروفٍ كهذه أن تلغي شرعية القانون وسيف الحاكم وتعمل على تغييب سياط جلادو هذا البلد الشاسع؟
أن تذيب جليد الطاغية في غمرة هذه الفجائع الكبرى التي تتحقق على ظروف المكان الجبلية و قسرية الظروف التي تجعل من العيش عملا خارج المعقول والممكن.
ولكن ما إن تخفت كل تلك الأنوار حتى تلوح في الأفقِ صورة الأشباح التي تجتاز الحدود لتتمكن من الوصول إلى البقعة المجهولة في ذاكرة هذا المكان المجهول التفاصيل والبدايات أيضا.
لا بأس أن تعثر الأقدار على صورة ٍ لأشباح استوطنت المكان فجأة دون الغوص في معرفة: ما حدث ؟أو ما الذي سيحدث؟
والذي لم يحدث بعد ؟!!!
الصورة كاملةً تبرز في زاويةٍ ضيقة من زوايا المكان وتجلّيه الكثيف أيضا.
الصورة التي تلد سجّانها وجلّادها وأشباح ليلها الحالك الظلمة والظلم معا.
فأي صورة ٍ تلك التي تختلف عن طبيعة سرّها وأسرار الجغرافيا الممكنة ودون سواها؟!
صورة ٌ لا تحمل الجينات الوراثية لأبويها ولا المناخ الذي ساهم في تكوين ملامحها!
صورة الوطن وصورة الأرض الممزقة على يد الأشباح وناهبو الحقوق..صورة هذا الإنسان المعدم بظروف الحياة أو الحنين إلى أرضٍ غادرها الأسلاف بحثا عن ظروف ٍ أخرى لم تُحقق مراميها هذه الجغرافيا!!!
الطبيعة أيضا بكل هذه القسوة الجغرافية تنتج وحوشا كاسرة تلتهم بمخالبها جلود وأنفاس الإنسان الأكثر ضعفا والأقل دفاعا عن حقوقه, ليس لأنه يفتقد حق الدفاع عن عرضه وكرامته بل لأنه محكوم بظروف الجلّاد وأشباحه المتناسخة في عمق المكان والجغرافيا.
صورة تجد لذّتها في تطبيق العقوبة على ضحيتها دون مبررٍ لتطبيقها,
اللذة الكاملة في اكتشاف عددٍ هائل من الضحايا الذين وقعوا تحت معول الجلّاد وطعناته الموغلة في جسد المسكين وأحلامه البدائية وخيوط العزلة ومنفى الحياة المُرّ الذي يؤسس دراما واقع الحقيقة!!
حين تصبح الضحية جزءا من قاتلها..لا فرق بين جرم القاتل وعقاب الزمن ولا مصيبة الضحية الجديدة,
فأيّ جرمٍ يمكن أن يليق بجّلاد ٍ يرى في اقتراف الجريمة عملا عابرا وممارسة ً يومية تأتي ضمن قائمة المواهب وفنون الترف التي يعيشها الجّلاد ؟
و كذا ما مقدار الجرم الذي تستحقه الضحية فهي التي تجد في الواقع صورة ً لمرارة ٍ كثيفة ولا متناهية ولم يعد لها من حلٍ سوى رصاصة القاتل السريعة بكل عناوينها واختصاراتها الخاطفة جدا؟
أيهما أكثر قسوة من الأخر..الضحية أم الجّلاد ؟أو عتمة المكان بكل وحشته وتجاعيد الأحزان المتهالكة كتهالك الزمن على صدر النسيان ؟!!
كلاهما ينتظر حصته الوافرة في الفعل والطموح..واحد من أطراف اللعبة يحاول اصطياد الضحية ويجعلها هماً محتملا وقائما والطرف الأخر ذلك الذي يُعلّق حصته في الحياة بأمل ٍ وقليلٍ من الطموح في إشعال الحرب بينهما وإنهاء مسلسل ٍ باذخ الذل.
نهاية حياة ربما تبدو كأنها جملة هاربة من أي تعليقٍ أو علامة استفهام توضع في نهاية جملةٍ مجهولة.
و نوعٍ أخر من سيرة الضحية الذي يغادر الواقع مجنونا أو مغادرة ٍ لا رجعه معها,
لكي يحاول نسيان كل النيران التي أُطفأت جمرها في أعماق الروح.
ويخلع ذاكرة الواقع وكوابيس أحلامه كما يخلع شخصا معطفه في ليله ٍ باردة!
لا المكان و لا رجاله ملائمين لموتٍ يستحق الذكر والخلود.
المكان ودراما الواقع تشيران إلى شيءٍ من الذل الذي يتسلل إلى داخل الروح!
المجتمع أيضا الذي لا تحكمه النخوة و لا الشهامة في سير أموره وحل مشاكله العابرة أو العميقة,
بل يخضع إلى كل الأشياء السطحية الواهية والوهمية في نفس الوقت,
أنه محكوم ببعض الأوامر التي تأتيه من عمق ذلك البئر الغائر العتمة والوحشة,
بئرٌ يُمثّل مصدرا لموت الأهالي وجنونهم ورحيلهم إلى أمكانةٍ أخرى بعيدا عن تلك اليد التي تحاول تغريبهم ونفخ العبودية والذل في نفوسهم.
فإن كانت مشكلة الشعوب الحقيقية هي مشكلة البيئة و شحه مصادرها لكان بإمكانهم العيش بحياة ٍ أقل شقاءً وبؤساءً!!
فربما الموت بسبب ندرة الماء أو انعدام الخبز أهون كثيرا من ذلك الموت الذي تُهان فيه وتُقاد إلى المشنقة ظلما وقهرا لكون الفرد يحاول الدفاع عن حق ٍ يسلبه الأخر..أو لأنك لم تستسلم لرغبة الطاغية والسفاح,
أنه أمام خيارات مُعقدة لا تترك خلفها مجالا للخلاص أو الهروب من شبح الخاتمة الجاثم على الأبواب,
لم يعد بالإمكان الخروج من تلك الأزمات والهزائم أمرا طوعيا أو تحت أهواء من الترف.
فالكائن تحت أحلّك الظروف وأكثرها عتمة..لا يمكن أن يتخلص بمفرده عن حركة المجتمع بكل ما يحويه من ظلم ٍ وجشع واضطهاد وطريقته الخاصة في التفكير وفي قراءة الواقع.
مهما أمتلك الكائن من ثقافة ٍ أو أفكار تحررية في إعلان التمرد وعدم الخضوع إلى الفكر العبودي الذي تمليه عليهم ثقافة الواقع وظروف البيئة وعقلية الإنسان الذي وطأ تضاريس هذه العزلة المغلقة و فاق على سيف و أوهام ذلك الشبح المتبدد في الحقيقة والخيال والحلم والواقع..شبح الجّلاد و طاغية الأجيال,
الأفكار التحررية التي تحاول أن تسكن الكائن وهو في طور النضج والمراهقة بكل أنواعها والذي يخترق كل هذا الجدار الفاصل من حصار الواقع ومرارته,
أنه يعاني من تلك الأفكار وجدوى ترجمة تفاصيلها أكثر من معاناته الحقيقية مع الواقع.
واقعٌ منغمس في وحّل الخطيئة والعزلة بأبعادها و زواياها.
القوة التي بحوزة الجّلاد ..ربما تكون مزيدا من القوة المادية الموافقة لتلك الثقافة السائدة التي تملكها الدول العظمى في الحرب والسلم.
ماذا يمكن أن تصنع بتلك الأفكار التحررية أو الشعور المطلق بمدى الحرية والسلام الاجتماعي؟
لا تفي بالمطلوب ربما لأنها عاجزة عن فكّ العلاقة التي تربط المجتمع بحاكمه وجّلاده المتميز!!
الفكر التحرري أيضا يحتاج إلى أن ترافقه القوة من أجل الدفاع عن مشروع الأفكار التي يريدوا لها النجاح وحتمية الفعالية,
الأفكار غالبا ما تعمل على تهيئة الجانب المعنوي والنفسي لدي الطرف الذي يبحث عن الطريق إلى الثورة بكل مفرداتها.
لذا ترافق الأفكار المحمومة التي تسعى إلى كسر طوق الظلام والعثور على فوهة الضوء..ضوء الحياة والحرية.
يرافقها بالتأكيد شيئا من السلاح وترجمة الأفكار إلى فعل يكتسح معاقل العدو ويلحق به الهزائم والحروب و ترغمه على تلك الرائحة الكريهة القادمة من روائح الموتى.
الفكر بمفرده ليس كافيا في حل مشكلة الواقع والخروج من عتمة الزمان الذي يمزّق محيط المكان ويغتال ذاكرة الإنسان وينفي هويته وعلاقته الحميمة بجوهر الأشياء.
الطريق المؤدي إلى تحريف الواقع أو رفضه ليس المناخ الملائم لتغييره.
الواقع الذي يعتبر مرآة لأفراده وصورتهم الأخرى على مساحة الحقيقة,
أنه كل ثقافة المجتمع و وعيّه أو غباءه !
انعكاسا مباشرا لعواصف الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية,
و لا تختار المجتمعات القروية إلا الوجه الرديء من أوجه السياسة والشكل الرجعي في الممارسة.
فالناس الذين يتظاهرون بانتمائهم الحزبي..لا يدركون لماذا انخرطوا في ذلك التنظيم الحزبي دون سواه ؟
أنه امتداد لثقافة القبيلة وسلوكها الذي تحتفظ به في طريقتها العشوائية.
فالذي ينتمي إلى تنظيم ٍ معين بالتأكيد يعبّر عن ولاءه لشيخ القبيلة أو جّلاد المنطقة بأكملها,
عن هذا السِجال المُعلّب من أيدلوجية الأحزاب ومدى انعكاسها على حجم الصراع المُكتسب أيضا من المكان ذاته..
يأتي دور الغائب والذي كان غيابه ربما بسبب ظروف اقتصادية أجبرته على مغادرة الوطن,
أنه خارج حدود الوطن وحدود اللعبة السياسية ولكنه يمارس شيئا من فوضى الانتماء إلى الوطن.
تلك الفوضى التي لم تجيز له كسب قوته اليومي البسيط والذي يكون ممكنا بالنسبة لآخرين والذين وجدوا في مساحةٍ كهذه موطنا خصبا لسرقة الأموال والثروات.




*******************************************













الفصل الثالث

(المدّونة الأولى)

لقد غيرت الحرب الاخيره كل المفاهيم السابقه , غيرت أشكال الحرب والسلم !!
ثم أخذت المقاومه مسار الدم الجديد للخروج من حاله الزيف الاولى الى مرحله الكفاح المسلح....
ان حزب الله أخذنا الى ساحة أخرى ومعركة أخرى !!
إنها أعاده للأرقام التى فقدنها فى هزائم و خيبات آخرى...
هذه المرة أصبح معنى المقاومة الانتصار والصمود ...
أصبح معنى المقاومة هو تدمير الأسطورة الاسرائيليه .. واسقاطها تحت أقدام المقاومة.
كان سلاح المقاومة الفعلي هو النصر والدفاع عن الهوية والحرية ,, أصبح لديهم خيار واحد هو الذهاب الى معركتهم الأخيره مع العدو !
أرادوا ان يعلمونا ان النصر لا يأتي بالاعتصام امام السفارات الاجنبيه أو احراق الشعارات الامريكيه !!
أو ربما ننتظر ماسيخرج به الزعماء العرب من بيانات في القمم الطارئه ,,
تلك هي الهزيمه الثانيه بعد االهزيمه الأولى التي يقتحم فيها العدو حـــــــــــــــدودنا ويقتل أطفالنا ونساءنا..
لقد حوّل السيد –حسن نصر الله – المدن الاسرائيليه إلي مدن أشباح حولهم جميعآ إلى أشلاء حرب..
وأشلاء جثث!!!
هذا هو المعنى الحقيقي للجهاد والسيــــــــــــــــــــر باتجاه النصر والنضال والكرامة ؟
وللمقاومة كلمه أولى وأخيره::
سيروا نحـــــــــــــــــــــو الشمس
فنحن اذا نطلق لكم نوارسنا البيضاء,,,
نحن ماضون الى نــــــــوركم ...
أنتم عشقنا المحتوم..
أنتم أغنياتنا التي ننشدها على الدرب,,,





18/8/2006م-صنعاء






(المدونة الثانية)
الآن تتقاطع أحلامنا مُعبّرة عن ذلك الزمن المليء بالشموخ والحرية..أنه من المدهش أن نراكِ تكتبين ذلك الزمن والذي تلتقي فيه المقاومة والصمود والحرية.
ما أجملكِ يا أحلام وأنتِ تبعثــين الحياة في روح خالد بن طوبال ذلك الرسام والعاشق الخرافي .
لقد كان خالد وأنتِ الأكثر دفئاً في الحب والعشق وفي الموت لمدينة قسنطينة .
أنكما تشبهان تلك المدينة التي يختلط فيها أوراق المقاومة و الثورة .
أحلام مستغانمي كنتِ شاعرة قبل أن تكون ِ روائية كنتِ تختلطين بغيوم الشعر وتكتبين شيء متقدم لم يكن شعراً ولا رواية .
كنتِ تكتبين عن الصفوف الأمامية للثوار .
السي طاهر : هو الأخر كان مثلث الذاكرة لكِ يا أحلام و لخالد .
لقد ألتقت البندقية والثورة والمدينة المليئة بالدهشة .
لقد جاء ترتيب المناضلين في تلك المدينة فجائياً كما في أي تاريخ .
من يصنع التاريخ أو يفقد ذراعاً يحتل الصفوف الأخيرة أن لم يقدم للمحاكمة أو ينفى خارج وطنه.
هكذا هو تاريخ الحروب والثورات ينفذها الثوار ويحتل الجبناء والأوغاد المناصب الوزارية الفخمة .
يا له من وطن !
أن الذاكرة تكون فوق مستوى الجسد أنها ذاكرة الوطن ، لم يكن الجسد وحده من يكتب هذه الجدارية المحشوة بالمقاتلين والمحبين .
ليس كافياً هذا الجسد أن يسرد هذا العدد من الموتى والمناضلين والرسامين وهذه المدينة التي تكتب عن نفسها وعن جسورها وتسرد وجعها وحزنها وخوفها و رجالها .
هذه المدينة المحاصرة بالجسور والقبلات أشبة بالمنفى لرجالها الحقيقيين.
أحلام : من أين أتيتِ بتلك اللغة ؟ كيف استطعتِ أن توحدي بين البطولة والصمود والتاريخ والثورة والأبداع والعشق.. هذا الأخير الذي أشعل الرواية وأشعل القارئ ورائها ! كيف كانت اليد الواحدة ترسم وتعشق وتقبل اللوحات وتروي التاريخ ، كيف لها أن تتحول إلى موسيقى وإلى عاشقه تعشق جسور قسنطينة ؟
أحلام كنتِ لغراً له مذاق الحرية و الشموخ .













(المدونة الثالثة)

كاد المساء يشبهكِ سيدتي كانت كلماتكِ تأتي الى الشاشة كحبات العنب..!!
كان النون هو بداية الضوء الى يتسلل الى دهاليز عشقي معكِ .. سيدتي ..
كان مساء الأمس- السبت – هو دهشتي معكِ ..
كنت أكتشف كل من التقيت بهم قبلكِ..
معكِ وبكِ قرأت غصن الزيتون.!! وعصافير الجليل ..
كنتِ أشهى من الغصن وأشهى من الشعر نفسه .. ياإمرأة تجمع بين الطفولة والعشق والجنون !!
الوجع الآخر كان الواو : انه بذاته واو الاحتمال وردة نائمة التوقع وباذخة الجمال !!
وردة الجنون ووردة للشعر .. كانت تغني شعراً
"يطير الحمام
يحط الحمام
اعدي لي الأرض كي أستريح
فأني أحبك حتى التعب
صباحك فاكهة للأغاني
وهذا المساء ذهب !! "
هل كل ذلك كنتِ أنتِ ؟!! كنتِ تعلميني شعراً ... كنتِ أجمل المساء !!
أغنية أنتِ أم قصيدة ؟ حين كنتِ كل ماأحب وأعشق ..
الراء: يأتي في النهاية .. يأتي كرمانةٍ لهذه الأمنية .. فأنت هذا التوحد كله ..
أنتِ ماء الكلمات .. وحروفكِ رصاصات هذا الغياب !!
لكِ من أرض اليمن من صنعاء دهشتي !!




20/8/2006م-صنعاء








(المدونة الرابعة)
إن الخروج من نص الحرائق .. يعتبر خروج عن نشيد الوردة .
ينبغي أن ندرك إن الأعمال والمغامرات الكبرى تخلق ورائها تضحيات كبرى وفيها لا نخرج إلا برماد الهزائم والنكسات !!
علينا أن نحول ذلك الرماد إلى أغنية وأنشودة أيها القابع في دورتي الدموية .. دعني أجرب نبضك فانه يشبهني في حزني وفرحي..
دعيني اقرأ نزيفي على جرح كلماتكِ..
أُيُ سر
من الأسرار يحتلكِ ؟!
أنتِ لغز لجرحي .. و لغز ٍ
لصمتيِ ولدهشتيِ !!
دعينيِ الم عطر كلماتكِ .. إنها تمنحني الشهادة ..
كما تمنحني العشق !!!
أنتِ سحر الأشياء وسرها الجمالي ..
أنتِ كفيروز حين تغني وحين تجبرنا على مغادرة قاعة الغناء إلى الأفق كي نبدأ بترتيل الحلم ونحن بصحبتها ..
أنتِ كمحمود درويش .. بعشقه ومقاومته وقصائده ..
أنتِ من ينتمي إلى دمه وشجره..
سيدتي : لكِ أغنيات مارسيل خليفة ورحيله وعودته ..
لكِ شموخ السيدة أحلام مستغانمي
لكِ من جسور قسنطينة ومن لوحات خالد بن طوبالِ وعشقه إلى "حياة "
لكِ شموخ زياد الخليل في ذاكرة الجسد .. وصموده
بل أنت لوحات خالد وجسورها المعلقة على عتبة الزمان والمكان
أنت خالد بانتصاراته وغيرته وهزائمه أمام قبلات "حياة "!!
يا اسما يؤثث دهاليز عشقي ..
لكِ هذا المساء أغنياتنا
لكِ كل هذا الدمار ... الذي حولني إلى أشلاء
من الحيرة والعشق ..!!
لكِ أغني وأبوح بوجدكِ ...!!


20/8/2006 م -صنعاء



(المدونة الخامسة)

عندما غبتِ عن حدود الكلمة والعشق ..
استسلمتَ لرصاصة الغياب .. وأدركت
ثمن هزائمي معكِ ..
أدركت أني سقطت أمام لوحاتكِ المعلقة في قلبي .
وأنني احترف الهزائم كما احترف العشق معكِ .. سيدتي ..
لقد تحولت بفعل زلازلكِ وحممكِ البركانية الملتهبة إلى أشلاء .. وأصبحت كائن يؤثثه الرماد والحرائق..
لم أدرك سيدتي بأنكِِ تنامين بفعل مرض خريفي عابر!!
وأنكِ مازلتِ تحت ركام الضحايا و الأنقاض ..تجتازين العشق والحصار معآ..
سيدتي : كم كنت أخشى وأتمنى في الوقت نفسه ..أنكِ تتعمدين إثارتي وحصاري بصمتكِ الانوثي المفاجئ..
أتمنى أن تخرجي بالشفاء من كل نزلات العشق ونزلات الجنون ..
كذلك أتمني لكِ الشفاء من الهزائم ومن الانتصارات !!
ايها النور الذي يَضئ جنبات عتمتي ودهاليزي السرية ..
لقد أصبحت حروقكِ تأتي إلىّ كوصفة طبية .!!
تشفيني وتقتلني .. تتحولي انتِ الى طبيب يتجول في شراييني ... واوردتي ..!!
سيدتي : عشقكِ كترمومتر طبي يقيس تقلباتي الجوية والعاطفية .. كي ازداد بكِ احتراقًا وتبقين انتِ على سفح جرحي وحرائقي تغتاليني!!!..
يلكِ من امرأ ة تجتاح مدني .. عاصفةً ثلجيةً تهطل على فصوليِ .. تجرفنيِ رياحكِ الشمالية إلى أقصى العشق .. والى أقصى التوحد ..
سيدتي: لقد نجحتِ بجنون فريد .. وحزن فريد وعشقَ فريد ..
خرجتِ من جبن الأنوثة والاضطهاد لعواطف المذكر
كى تعلنين انكِ خالية من ا لسلاح..وخالية من القتل ,!!
يا لكِِِ من رائعة ..
انتِ من نجا من إعصار الغيرة الذي يذبحنا بلا استثناءات أو قوانين .!!
انتِ انثي تؤثثها الطفولة, والعشق, والجمال, والمقاومة ,,
أنتِ الوجة الاخر لغصن الزيتون وعراقته ..
انتِ من يعزف على جيتار هذا التوحد وهذا الغياب ..
سيدتي : كيف استطعت في مدة لا تتجاوز الثلاثين يومًا
أن أكون مجنونا بحضوركِ وغيابكِ ؟.. أصبحت أخاف العيش بدون كلماتكِ ودون عشقكِ ..
انتِ بحرٌ لأحلامي الوردية ..
ذاكرةُ تعزف وجدها على هذا الحنين .
الحنين الى اللقاء أو كما قلتِ يوماً لي" ليت المسافات تركض فعلاً ..". فأنتِ تدركين سموكِ الرائع والأسطوري..
أتمني ان يبقى نوركِ قمراً لعشقنا وبوحنا وتبقين أنتِ ياسمينة هذا الحنين ...
لك دعواتي بالشفاء ..
دمتِ بالقبلات !!
فأنتِ نزيفي القادم من الوريد إلى الوريد ..!!

28/8/2006 م
صنعاء



































(المدونة السادسة)

من منا أستطاع أن يؤثث وطنآ له..
وطن خالي من المقاعد الاماميه للعيش .. وطن يسكن دمنا ويكتب عن أنفاسنا ..
وطن يحتل قلوبنا .. وطن كل تفاصيله الحرية , العشق , السلام!
كيف يمكننا فعل ذلك ؟
إن الوطن ليست الأرض التي ولدنا على مساحتها ..
الوطن يمكن أن نسميه ذلك .. عندما نمتلك القدرة عن الدفاع عنه , نسميه وطن .. عندما نتحول بين يديه إلى أشلاء في معاركه ليس في مناصبه..
عندما نمتلك القدرة الخارقة على تقديم أنفسنا إلى محاكم الاستقالات.. مقابل أننا أخفقنا في رفع اسم الوطن ..ليس مقابل أننا سرقنا الوطن..
من منكم أيها الرفاق .. جرّب هذ الوطن ..
إنها مغامرة تدعونا جميعا إلى التجرد من انتماءاتنا لوطن ٍ لا ندافع عنه لا نستحقه ..
تدعونا الى ترك أوطاننا ..كي نبقى جبناء حقيقيين..
كي نشفى من المناصب القذرة والانتهازية!!
هذا اذ لم نتحول إلى عملاء وخارجين عن الانتماء للوطن.
فلذلك يمكننا أن نضع حدا للهويه أو الانتماء!!
يجب أن يكون لنا أوطان تأخذ شكل إبداعاتنا..,,
يجب أن نحول كل ما نعشقه أو نكتبه أو ما نرسمه إلى وطن ..
لتكون هناك علاقة مزدوجة بين الإبداع وبين الهوية!!



6/9/2006م-صنعاء







(المدونة السابعة)

بيروت صورتنا في الخريف ..لوحه مر سومه ليس بالابيض والاسود انها لوحتنا المعلقه على امتداد الامنيات &&
بيروت كم انت مدهشه حين تنتحبين وترقصين **
كم انت مليئة بالاغاني ! أغنياتنا التي ننشدها ونحن مغمورين بالذكريات هى من لحنك ونجمتك !!!!!!!!!!
بيروت أنت من منحتنا الدفء ذات ربيع .......
أنت من أهدانا الورده والقبله والقصيده ..بيروت أنت مدينه علمتنا الحريه والصمود //
بيروت لماذا أهديتنا فــــــــــــــــــيـروز وسمير القنطار ...
لماذا غنت فيروز لمصر ودمشق ومــــــــكه ...لما كانت "أسواره العروس مشغوله بالذهب وانت مشغول بقلوب ياتراب الجنوب "
ترى لماذا أهدينا هذه المدينه البارود ... لما اعطيناها قنابل (TNT) ..لما أهديناها البكاء ولم نهدها قبلاتنا !!!!!!!!!!
يامدينة تسكننا ولا نسكنها ......بيروت انت اسئله لم نعثر على أجوبتها ....أنت قصيده تنزف بالوجـــد .تبحث عن بطل يحاول يرتديها .......
بيروت لم نعطك سوى لحاف الاموات !!!!!!!لم نرمي في جبهتك أغنياتنا بل رمينا -نحن العرب – عليك سكوتنا وتواطؤنا .كيف نراك بلا أمنيات : كيف نجدك محاصره بالدم ......كيف نلقاك يابيروت وبيديك طوق الياسمين تهدي الى قاتلك وأنت تبتسمين!!!!!!!!يابيروت علمينا كيف نحول الجرح الى أغنيه !
علمينا معنى الحريه في زمن والحرب والاضطهاد..
علمينا يابيروت الصمود .. علمينا يايروت معنى التسامح والاباء في وجه من أهدوك خيانتهم , علميهم يابيروت أنك باقيه وشامخه وأن الجبناء والخونه لن يمروا أبدآ .......&&
















(المدونة الثامنة)

حينما نقترب من زمنآ ما.. يشتد ظمأ حار الى العشق..!!
نحاول ان نختصر هذ ا التعب بقليل من القبلات والاغنيات على الورق ..
كى نبقى قرب هذا النزف المزمن !!
كيف لنا أن نغلق مثل هذه الفوهه المتراكمه الاحتمالات ..
جرحٌ نحاول ان نشفى من نزلاته المتجلطه ,,,لكننا نفاجأ بأن المسافات
جسدٌ عجوز لا يقوى على الركض مثل الزمن !!
فيزداد هذا الحنين الى ان يوصلنا الى هوته السحقيه ..ونبقى نحن فى نقطه البدء..,, إنه عهر المسافات !!!!!!!!!
فنصل الى درجه العبث الجنوني بالأشياء والكلمات ...
فأي عضالٍ هذا الذي يغتالنا متى ماشاء .؟؟.
أي مصيبه تلك التى تضعنا فى قائمه الجرحى ؟ونكون بعد ذلك وجبه جاهزه للنسيان؟؟!!!!!!!
ثكلى وأشلاء موتى!!
أنه ثمن إنتهازي وبخس يقوده لنا ذلك المارد الذي يخرج من مغامرات "علي بابا" ,ليضعنا أمام أسوأ الهزائم !!
يالها من مجزره يقود ثكنتها العشق,,!!
والحلم هو الآخر شهيه تصف لنا الوقائع بهدب الأمنيه !!
ولكننا لا نجد فى الختام الا دمنا ,,يكتب وصيته الملحميه ..كشهاده
ولادة أو ختام ...لكل تفاصيل العشق !!
فكم أنت مزهر أيها العشق حين نعثر على بقايا وردٍ بجنباتك ..!!!
وكم أنت موجع فى الطعنات ؟!
حين يمنحنا القدر معك ثمه مأساه للبنفسج !!
ليس للعشق نهايات جاهزه ..إنه يبقى ينزف تحت الانقاض ونحن معه
نلفظ الذاكره ,للخروج من حاله نسيانٍ ٍ عابره ,,
الى حاله الحدث والوقائع,,
نشفى من ذاكره وندخل زمن ذاكره آخرى ,,
فيكون رصيدنا متعدد المذابح ,!!!
وبورقةٍ بيضاء عاريه يمكننا أن نغتال ..ونقتل ...
ونهدي الورد أمنياتنا البيضاء !!!

11/10/2006م-صنعاء


(المدونة التاسعة)

إن الأسماء هي بمثابة الجسور إلى الذاكرة ...
لا يمكننا أن نؤثث العشق على معبد الجنون دون أن نضع للأسماء سياجها!!
إن الأسماء هي ذاكره نستعيدها أحيانا فى لحظه عشقٍ أو لحظه بكاء..
إنها طريقتنا في عبور الزمن وعبور العشق ذاته .,,
جرحٌ يحاول أن يستعيد تفاصيله المثقوبة ..
يحاول أن ينجو من سطوه الحنين الى شرفه الكلمه والحرف...
ان العشق فى دهاليز الأسماء يشبه الى حدٍ ما ...عشق المدن وعشق التاريخ والحضاره ..هناك أسماء تأخذ شكل الغيم ..وأخرى شكل الحرائق ..
وهناك أسماء نتحول على يديها الى جثث قابله للدفن أو النسيان!!!
وهناك أسماء تختصر كل مشاريعك العاطفيه وتحولك الى جزء من براكينها,,
كيف إذآ ننجو من سطوه الأسماء ؟
كيف نعثر على العشق بدون الرغبه الباذخه فى عشق أشلاء الإسم؟
إذآ نحن نعشق الأسماء ..ونكره الأسماء ذاتها..
لانعشق حاله عابره للأشياء المتوقعه ..ولانقف شاهد للمكان لوصف الأشياء التى نعثر على عشقها فى أشلاءنا..!!
أننا بجنون نعشق الأسماء كبوابه أزليه للعشق ...
فلا تعبورنا ايها العاشقون وانتم تضعون الأشياء خارج نص الأسماء !
سيبقى الزمن شاهد ايضآ على ذاكره تضع من احببناهم ذات يومآ فى أفقها الممتد من الحنين الى الحنين ..
ستكون لنا الاسماء هى المدن ..هى العشق وهى البنفسج ..
فلكم ايها العاشقون أن تدفنوا الأسماء التى تحبونها بين باقات الياسمين ..
ولكم ان تحددو موعدآ زمنيآ لزيارتها والبوح على أسوارها ,,
فكم من الأسماء نحتاج الى وصفها ؟
وكم يلزمنا من الكتابه حتى نعبر العشق بدون ان نقع فى فخ الأسماء !!
لازلنا نضع قمرآ جميلآ ..وأفقآ نرممه أحيانآ برمانه الحنين
لنعبر حاله العشق للكائن الى عشق الأسماء..
فلنا هذا البوح كله ..لوردهٍ على الحرف والمسافه ,
ضعونا أيها الاحبه نايٌ ووتر كى نشفى من حاله العشق الى شاطئ النسيان....



15/10/2006م-صنعاء


(المدونة العاشرة)
( 1)
إنه العيد ,,فاكهه الزمن اللذيذه . ورده جوريه تختصر السمو بشهيه
الحلم !!
فى العيد لنا موعد آخر وتذكره آخرى فى سفر الحمام ..
نكتب وصيه الفرشات القادمه من اقصى الكلمه ..كيف يمكن وصف
وتر لكمانٍ ؟؟
عن غيمهٍ أولى لرقص النوارس ..فباي الالوان نبدأ لوحاتنا ..
؟؟ ياعيد أيها الطيف القريب من أمنياتنا ,,دعنا نطلق شئ من زغاريد
الإعياء ..دعنا نتعلم الغناء على أنفاسك..
..هيا أيها العيد ضعنا حلم بين يديك ...

( 2)
هانحن على بعد قبلات ونرجس عن العيد ..
نأخذ لنا موعد آ مع قداسه الزمن ..
فى العيد لنا أغنيه وقصيده ينام على مفرداتها وتر الروح !!
لكم أيها العاشقون والأصدقاء مانملكه من الفرح والأغنيات ..
اليكم حروفنا ..غزلان دهشتنا ..
خذو مابقى لنا من ابتسامات فى هذا االيوم الخارج من نص التحولات الإنسانيه ..
ذلك الإنسان المطرز بالنزعه الى الطبيعه .. نزعه البدوي الذي يُقبل المسافات
والحقول بأمنيه المطر..
هيا دعونا نأخذ ما تيسر من رعشه العشق والكبرياء ..
دعونا نخلع كل جلودنا الممقوتة والتي كان لها الحضور الدامي فى مواعيد الجبن
والخيانات ..كانت موعدا جاهزا للخديعة والهزيمة ..
فى هذه المناسبة:يمكن ان تتحول كل آثار العداء الى شرفات زهر وحلم ..
يمكن أن تتحول بعض فواتير النسيان الى باقات حنين نسددها معآ انا وانتم..
يمكن أن تتغير قوانين العشق ..وقوانين الكراهيه فى هذه المناسبه ..
يمكن أن نجد البوح ساطعآ على الورق بدلآ من بقاءه تحت أنقاض الصمت والنسيان..
إنها لحظات تدعونا جميعا إلى تغيير أثاث المكان بدءا بأثاث الذاكرة..والحلم !!
علينا أن نتسلق جدار المسافات الفاصلة بيننا ..
علينا أن نرفع أصابع البداية :من منا سيبدأ بهذا العشق ؟؟
من منا يستطيع ان يبوح بكلمه "حبيبي" لنقيم جسر العشق بأكمله..
فلا مجال لأنصاف الكلمات والملذات..
سندخل الزمن بدون إرثنا للذاكرة..
نضع الإمضاء الزمني للسباق بالكلمات أو الأمنيات!!
نسجل شئ من سفر الحمام على جنبات الكعبه ..
فلكم وردهٌ أولى ولهذا النشيد !!!
17/10/2006م
صنعاء





































(المدونة الحادية عشر)

اللغه إشتعالات يرتكبها أولئك الحالمون الى ولاده حنينٍ جديد !!
طريقه الكائن فى التعبير عن جنونه وعشقه وحزنه ..
كل الاشياء من حولنا لها لغتها ..
فكل شئ يختصر بداخله لغه ..لايدركها الا من يقترب من صمتها وكينونتها وإشتعالاتها!
متى نشعر برغبتنا الى كسر عزله الصمت ؟؟
وأقتحام هذا الجدار الفاصل بين الرغبه والبوح!!
بين العزله والحريه !!
ربما نشعر بضرورتها عندما يمكن لنا أن نقترب من ثنايا الاشياء والخروج من
نصها باستثناء خارق !!
اللغه تغسلنا من أنفاس الهدنه المبرمه بين الهذيان والروح ,,
تأتي الينا مشحونه ببارود التحرر من مرايا الجسد ...
كحاله عابره من خروج المعنى الى مساحه الضوء !
أنها سردنا المزيف للأمكنه وللأشياء !!!!
هناك شبه تقارب يجمع اللغه المسكونه بظلال الحلم وتلك الخارجه من نص الورق,,,
فما بينهما الا إرتعاشات حبر ٍ مفقود الملامح ..
يحاول ان يجد لفجيعته شكلآ ولمقاماته لغزآ طائشآ ..
لكي يسرد ولاده الحرف فى حضره أحتضار الورق وبياضها الجنائزي ..
نضع خيمه الجنون المقبل فى زناد الحبر ونطلق عبورنا الفوري الى فضاء الكلمات !
بدأنا نقع فى "مورفين " اللغه ونُصاب بدوار ٍ حاد الى تقبيلها ..
تقودنا الشهيه الى البحث عن أمكنهٍ لم تطأها نوارس البحر أو هتافات المطر !!
نريد أن نصل الى أول البوح وآخر أصقاع اللغه ...
ربما يكون البكاء هو موسيقى اللغه 0أنه مقامٌ لعرسها العاجل والخفي ..
فكيف لنا أن نؤرخ غناءآ تحت عنوانين تُشردنا الى واحاتها وتماديها البربري ؟؟!!
لندع اللغه تشهق زهرآ وتركض خلف تلال الحنين ..لترسم صورهً للمعنى وتنقذنا
من أرتكاب الجنون!!
أنها ..


جرحآ

زئبقي

الشهاده !!!
(المدونة الثانية عشر)
"التاريخ يعيد نفسه " هكذا قالها عمر الخيام ذات لحظه رحيل ومراره,
وخيبةٍ للزمن لذا وجب علينا أن نقف على عتبات تلك الذاكره المليئه بالخوف والفجيعه .الخوف من كل الزوايا المفخخه والتى كنا نعتقد أنها تختصر الياسمين ..
والحلم .كانت هناك أمنيه تمتد أحيانآ لتشمل مساحة الورق ,أن يتحول فيه الحرف الى زيتونآ وشجرآ..لقد أحلنا من الذاكره الى شبح نخشى تكراره فى الزمن القادم ,,
فكيف لنا أن نتقيأ ذاك الظل الخرافي الذي أصبح يعلمنا فنون الرقص والفجيعه ,كما أصبح يعلمنا البكاء لندخل فى عتمه الجاذبيه الحاد !!
ويبقى أولئك خارجين من حلم ٍ عابر ..
لم تكن الا أصوات تدنو ثم تخفت وسط هذه العتمه ..
تلقي علينا أعواد الثقاب الذهبيه اللهب ..
لنضعهم هذه المره فى قطار النسيان الأبدي !!!
لاشئ الا يدآ تمتد بكل إثم لإنهاء كل بوح الذاكره .
طريقة تؤكد شهيتنا الى القوة والأنتصارات .
إنها محاوله لنزع جلودنا ,وإبقاء الجسد عاريآ الا من ذاك البرد الذي يخترقه ويحوله الى ثكنه تسكنه شهوة الضحايا والإنكسارات .
فانتم المارون على قبورنا ..دعونا نعلمكم شجن الشرفات وهديل الحمام وانتم تعدون لنا المشانق والحكايا لقتلنا ..لم ننجو من أحدٍ منكم !
كنتم جميعآ ملتحفين براكين الدم ..فانا أهنئكم على قتلكم لى فى كل مره ..
ولكنني ساهديكم ورده وسياج ,,قرأت ملاحمكم جميعآ وبطولاتكم ..كان كلآ منكم له طريقته المدهشه فى قتلى ,كنتم تأخذون قسطآ من دم النسيان ,وآخر ُيسقط التاريخ كى يتسنى له أن يحذف زمن العبور الى لقاءٍ قادم ..
لتبقى النهايات هكذا صامته لا يعلمها أحد ..نرمي بالجثمان الى البحر وكفى !!
وآخر لم نقرأ شئ عن تفاصيله .
جاء موتنا على أقداره المائله بحروفه نحو العشب .لقد كان للحنين هذه المره قدرآ
كذاك القدر الذي أغتال "خالد بن طوبال " يوم كانت "حياه"تُزف الى رجل آخر بعيدآ عن حب " خالد " ولوحاته وجسوره .
بقت كل مساء تمنعني من زياره الحدائق وقراءة فيروز بين الشقائق ..
كانت تعلمني البكاء المر ..فأي صداقات تلك ..إنها مأساه العلاقات ومأساه الانسان ومأساه الزمن !!فكيف نريد للإبداع ان يصبح وطن ؟؟
سيتحول الى أداة للإغتيال ..الى دم ٍ نازف على صدر الورده !!
شريطآ ناسفآ للأخلاق والمشاعر ,لقد نهضت من معاركي نازفآ ,فقدت ذراعآ لي وذاكره ..فأنا لن أكون شئ ..سأكون ذاكره لكم ,لن أهديكم مقابل دمي الا قبلات
وباقات البنفسج لكم اينما كنتم ..!!
وأينما تشاؤن قتلي ومتى تشاؤن ذلك !!
سأذهب مع موعدكم الذي تريدون ..لا لشئ سوى أن أضع على راحاتكم وصايا
الى شرفه ٍ لي ..أن تدعوها بصحبه الشقائق المطله على حديقتي وعلى الافق
وعلى بعض ذاك الحبر المذبوح على مذكراتي ..
دعوها تعانق الشمس والى الابد !!


* 24/11/2006م-صنعاء
































(المدونة الثالثة عشر)
كيف أنسى كل هذا الجنون القادم من تعب المسافات ؟؟
كيف أستطاع أن يختصر الأرض ليلقي بكل ثماله الحنين دفعه ً واحده؟؟
يالك من قمرٍ ثمين !!أشعل ماتبقى من جدائل الضوء وخارطه التجلي,,
رميت كل الذين سبقوك الى ظلي .
لتكون أنت الأول فى رمي غزاله الدهشه وإصطياد مايمكن لنا أن نموت بأنفاسه,,
كيف لي أن أنسى هذا الشرود الذي جاءني بقربك ؟؟
لم أُصب بهذا الإعصار من قبل : كان إعصارآ تكسوه رائحه الزنابق
والقبلات ,,,,تُشعله تلك الكلمات الممطره والزلازل المدمره التي ولدت آنذاك
على هدب الوقت,,
ماذا أقول عنك أيها المُعطر بقداسه المسافات وشهيه النبل والحنين ..؟؟
كيف لي أن أنجو من مخالب الذكرى وأغنيات _فيروز_التي تسللت فجأه فى ثنايا
الهذيان والحرف "بقطف لك بس هالمره ,بس عبكره ..فى بكره شي ورده ..شئ ورده حمراء وبس!"
لقد حاولت أن أستفيق من سبات التغني والذهول ..ببعض الكلمات المختصره
قررت أن أجد تفسيرآ مناسب لذاكره الغياب وأولئك الذين نعثر على سموهم دون أن نبدأ العد من المرحله الكلاسيكيه معهم,,,,,,,,
أدركت أن الذين يولدون مع ولاده الحرف ليس مع ولادتنا ربما هم
أكثرنا ولعآ بالحنين الى الحرف ذاته والكلمه ذاتها والوطن ذاته!!!
ربما هم من يكتشفون حواسنا ودفئها دون أن نجد أنفسنا فى ذاك البريق الوهمي
والمتشظي لأحزان الكلمه وتغريبها الآني,,
قيلآ أشك من يد القدر وتماديه المفاجئ علينا..
أعتقد أن القدر هو حاله إستثناءيه وطارئه الوقوع ,,ربما يكون هو الفعل
الناتج عن الفعل ذاته, واننا من يضع السمفونيه الاولى له ,,
ويأتي بعد هذا الجنون كله عزلتي التي أُصبت بسعارها المحموم.
جاءت تلك الغيمه العابره لتلقى حمولتها على جرحي وزنزانه حلمي,,
ألقت ماتيسر لها من أحاديث الجغرافيا وأقاصي المكان المتخم بذاكرتها
..إنه تطابق مريع أن نحيا قليلآ بأنفاس من تشبه عاشقتنا وتقترب من ضوء دهاليزنا وعشقنا المتمرد للكائنات والأمكنه ..يا لها من زلازل وأمطار وبراكين تولد وتنشب فى ثنايا الكلمه
ثم تتحول فجأه بفعل قدر المسافات والرياح الى ماده تقتلنا بعبيرها
وتستفزنا بذاكرتها وتلقي بفؤؤس اللغه ومنجل البوح قربانآ من مرفأ القصيده
وشهاده التوحد بهذا الحلم ,,,


10/1/2007م-صنعاء بوابه الحزن واللغه

(المدونة الرابعة عشر)
أحيانآ يصبح للمكان بعدآ استثناءيآ لتجارب الكائن وانتماءه !!
يصبح المكان طرفآ آخر في الشهاده والخلود ,
ونحن غالبآ من يتهم المكان بنجاحنا واخفاقنا ..
نظل نربط أحداثنا العشقيه والعاطفيه بهذا البعد الوصفي للأمكنه ..نعطيه حدآ لا متناهي من التوقعات والهزائم !! حتى عند سماعنا لمقطع موسيقي ..تأخذنا الدهشه والتنبؤ بأننا سوف نجد من ترك لنا في القلب من منعطفات عشقٍ ونوبات نزيف تتكرر حين نفترق ...
فأنا حين أسمع فيروز "سيد الهوى" كنت القى الزميله العزيزه دومآ –هـــــاجر-
وعندما أسمع مارسيل خليفه"منتصب القامه أمشي" تطرق الباب على فراشاتي ..الورديه الجرح..الغيمه الشعريه في العشق والتوسد "نـــــــــــور" مازالت كلماتها تدعوني الى أفق البنفسج والحلم الممتد من الوريد الى الوريد!!
..أما" بشرى " تلك العندليب الخرافي فانها تأتي على ألحان العندليب الاسمر" عبدالحليم حافظ."..
هكذا يأتي الينا هؤلاء ونحن مغمورين بخيبه الأمل والمواعيد !!
والمكان الذي يمنحنا الانتحار بنسيان المفاجأت والاحتماليه العشقيه ,,
أي جنون يحملها الينا المكان ..حين نتنبأ بأن سحابه قادمه ستلقي علينا حمولتها في مكان ما.. انها حاله فرديه نخوضها ونحن في قمه الانهيارات واليأس.
كل المجد يأتي الى المكان الذي نسطر فيه الكلمات ..المكان الذي ينقلنا الى حدود الزمن الملغوم بامفاجأت التي تنتظرنا هناك..
هؤلاء الذين يعبرونا ويحرجون من أزمنتهم الى دهشتنا ..هؤلاء من يبقون على حدودنا ,هؤلاء من ندعهم يأكلون من خبزنا ويشربون من نبيذنا ..ويسمعون خفق قلوبنا ..اليكم جميعآ أمنياتي ,
ودعواتي لكم بمزيد من العشق والبقاء!!!!!!


2/9/2006م-صنعاء











(المدونة الخامسة عشر)
على سفحكِ اكتملت انتماءاتي .. بدأ الزمن يقترب معلنا
عن قمر شهي يدخل مجموعتنا القطبيه ...
يدخل حاملا اشلاءنا الاولى والاخيره .!!
سيدتي :ايها القمر الذي اضاء جنباتي المعتمه,,
كنتِ مسا ء الاثنين كليل صنعاء المطرزه بفنون العماره والتاريخ ,,
ها انتِ تخرجين من نفق الهزائم والانكسارات لتتحولي الي نجمة تدور حولة دهشتنا..
سيدتي: كيف تحولتِ من امراة تحترق الخوف والحرائق الي امراة تاخذ شكل الحنين الي الوطن ؟؟؟
كيف حولتني ببضع دقائق ان لم يكن ببضع جنون الي جثة ملتهبه !!!
اصبح المكان يجتثني بالاشتعالات المتكرره ..
كانت ابتساماتك ِعود ثقاب ..لا وردتي ولاتفاصيلي كنتِ تاخذينني في بحر عينيكِ الي الامكنة الاكثر غرقا,,,
عيونُ تختبا خلفها ما بقى لنا من تشظى ,,
كان صوتك ِيتسرب عميقآ الى نافذه القلب ..يخترق الحواس كما يخترق الانفاس ..
كنتِ تكسونني بعينيك الممطرتين !!!
كنتِ تخترقين جدار العزلة والمسافات بوردةٍ من فمك!!
او حديقة من انفاسكِ!!
وانا خلف اسواركِ العشقية ارتشف هذا النزيف القادم من اقصى الكوارث العاطفيه والبركانيه ..
سيدتي :هذا التحول افقدني ثمن الهزائم معكِ ,
اصبح رصيدي لرجل يؤثثه الرماد والحرائق الي رجل يؤثثه الياسمين والقرنفل قربكِ !!
سيدتي :كنتِ رقمآ مجهولآ لم اكتشف حدوده بل ولغزآ ملغومآ بالانوثه..
فقد تلاشت كل ارقامي العشيقة المبتكره بعدكِ,,
لقد هزمني دفء كلماتكِ وعينيكِ وغيميكِ الممتد الي توقعاتي الجويه,..,
كنتِ تنزلين الي عتبات القلب وانا اتسلق قسمات فجيعتي بكِ ..
لقد اختصرت ارقام القدر والعشق المحتمله ,
وانا جرحُ يواصل نزيفه بعد انفاسك !!
ايها القمر المعلق بأوردتي وشراييني ..
ايها البوح الخرافي: انني بعدكِ رجل يفقد توازناته العشقيه..
لقد احلتني الي صفوف الذهول المتر امي ...
كنتِ كلوحات خالد بن طوبال تسكنين جسوري وانا اخرج من نفق الالوان وتفاصيلها ...
ها انا امتد في طقوسك ِالجماليه والروحيه,,,
ها انا ادعكِ تتجولين في عتماتي !!
انت قبله عثرنا على رنينها ذات زمنٍ وعشقٍ منسيين !!..
لكِ كل قدري وجنوني واشتعالاتي !!
هيا الي نزيف آخر كي القاكِ واودعكِ ...
29/8/2006-وصنعاء شاهده على أنفاسكِ
(المدونة السادسة عشر)
أي جنون يدفعني الى حنينكِ .. فانت تؤثثين كل ممتلكاتي العاطفيه والعشقيه ...
لا أستطيع فعلآ ان أجتاز جدار النسيان بمفردي ,.
فأنتِ من يسكنني !!
سيدتي: انتِ من يحاول قتلي بقبله وحيده او ربما طعنه من حروفكِ,,.
كيف حولتني بفعل عواصفكِ وبراكينك الى ورقه ملتهبه تقذفها اعاصيركِ...
لقد هزمتني في كل المعارك وجردتني من كل اسلحتي واصبحت لا املك الا بقايا كلمات مهترءه..
أحتمي بها من بردكِ ومطركِ وعواصفكِ ..وغيومكِ!!
سيدتي /لقد غيرتي كل تفاصيلي ..وأصبحت بعدكِ رجل يعشق الهزائم والحرائق !!
فهل كنت فعلآ " آله" أغريقي ...تدفعني طقوسكِ ومعابدكِ الى
عشق اللهب ..!!
دعينا نكتشف كل الطرق المؤديه الى العناق والحنين,,
دعينا نكتب مالم يكتبه العاشقون من قبل ..دعينا نسطر أجمل الجنون ..فبعدك سيدتي لا أستطيع الرقص على هزائم "زوربا" !!
ياأمرأه تنقلنا من مناخات الوطن الى مناخات الحريه والجنون ..
سوف أبقى معلقآ على لوحاتكِ, وأحولكِ من عاشقه الى قصيده تدخل في كل بحوري ويصبح الشعر بعدكِ..حديقه ناطقه بكل البحور والأمواج ..وكل الألوان !!لا شئ يشفينا من هذى الخراب الجميل وهذى الدمارالمتراكم –والذي كنت أنتِ أحد تفاصيله –سوى فوضى جديده..وطلقه آخرى من كلماتكِ!أريدها هذه المره موت يشبهنا تمامآ !!!
الى حروب آخرى وحنين آخر..وذاكره آخرى وعشق آخرفي دهاليز الساعات القادمه..اليك غزاله الدهشه القادمه
اليك صوتي وحنيني...



8/9/2006م-صنعاء






(المدونة السابعة عشر)

نخطئ كثيرآ عندما نعتقد اننا نحتل باقه ورد أو طوق من الياسمين على مساحه القلب ومساحه الكلمات,,
نكون لحظتها مسكونين برغبه فادحه فى الحلم وفى اجتياح الأفق..
كيف نعتقد ان زنبقه واحده تكفي لإصطياد كل ذلك الحنين والحلم القادمين من دواه حبرٍ؟
كيف استطعنا ان نجعل من مساحه الورق هذه خريطه
تحمل كل تفاصيل الهزائم بل تفاصيل الشهاده؟؟
كيف فقدنا غوايه الأسماء والوصايا على شرفات الوقت ؟؟
وتحولت غيوم العشق المحتمله الى مفردات مذبوحه,,
انها الخاتمه لقدر المغنى ووتره..
كانت تهدنا ورده ثم يأتي خلف ظلالها سبع وستون طلقه ..فأكون أنا مساحهٍ فضيهٍ للطلقات والاشلاء !!
أتنقل بين طبقات البارود وبين نزيف الكتابه !!
كيف استطعنا ان نهدي الورده والزنبقه دم الغياب؟
كيف لنا ان نختصر الحب والعشق بمديه واحده لا أكثر؟
هيا ايها العاشقون القدامى دعونا من الحكايات الوهميه نشفى!!
دعونا من كل المذابح وكل الهزائم معكم ,,
دعونا من كل أولئك الذين يخدعونا بوردهم وعطرهم البربري!!!
دعونا نأخذ قسطآ من حكايا البنفسج حين تنجو من إثم الخيانات!!
لا تدعونا نموت بطلقاتكم فإنها تأتي من الخلف ..
إطلقوها إيها الشرفاء من الأمام كي نهديكم قبله أو ربما ياسمينه ,,
لأنكم بإختصار أهديتمونا موتُ يليق بنا,,
من منا يذكر كيف مات" لوركا ":
لقد وضعوه أمام سهل شاسع
وقالوا له أمشِ ِ.. وكان يمشي عندما أطلقوا خلفه الرصاص ,
فسقط ميتآ دون أن يفهم تمامآ ما الذي حدث له.
إنه أحزن ما في موته . فلم يكن "لوركا " يخاف الموت ,
كان يتوقعه, ويذهب إليه مشيآ على الأقدام كما نذهب لموعدٍ مع صديق ..ولكن كان يكره فقط أن تأتيه الرصاصه من الظهر!


* 12/9/2006م- صنعاء




(المدونة الثامنة عشر)

سيدتي/ جاءت رسالتكِ الأخيره مؤثثه بشئ من التجريح والإجتياح للمشاعر .........
أنها تؤكد لي بأننا نحن من يختار الأصدقاء وأننا من يهدي اليهم العشق كما نمنحهم النسيان ..
دفعه واحده!!
جاءت الرساله ومعها كل تفاصيل الفجيعه ..جاءت لتنسف طهرالمسافات بيننا ..وتؤكد أنها طرقت الباب بالخطأ,, لم أكن أنا ذلك الظل الذي غادرها خلسه ..والذي كانت تبحث عن رفاته!!
ألم تقل السيده أحلام "أجمل الأشياء تلك التي نعثرعليها أثناء بحثنا عن شئ آخر!!!"
سيدتي / جاءت كلماتكِ عود ثقاب على إناء الزهور والقبلات التى أهدانى القدر إياها ..
فهل أنا رجل عثرتِ على أشلاءه بالخطأ ؟؟؟
سيدتي /إن "حياه سي طاهر"فى ذاكره الجسد ..أحبت "زياد الخليل "بمجرد ‘إنها قرأت له بعضٍ من الشعر أو ربما أنها سمعت عنه,,
أكثرمن عشقها "لخالد بن طوبال"ذلك الرسام الذى أدخل "حياه" ضمن تفاصيل اللوحات والألوان والجنون!!
كانت تتعاطى مع خالد القبلات والعشق كما نتعاطى الشاى فى مقهى..كانت تتحد معه فى كل هزائمه مع الرسم والأدب والهوس بمدينه إسمها "قسنطينه",,,
وكان خالد يحدثها عن "زياد" بمزيد من الإنتصارات والأسى ..
فعشقت "زياد" حد الجنون وحد الفجيعه دون أن تلتقي به ..وعندما التقى الثلاثه فى باريس
شعر "خالد" أن نيران الغيره تسري في دمه..وأن زياد أنتصر عليه فى العشق ..
لقد حول العشق "حياة " من مغنيً الى وتر سادس فى الكمان !
ليصبح "زياد" هو العازف والكمان معآ..
أن العشق ليس برنامجٍ تلفزيوني نفتحه ونغلقه متى نشاء,
إنه كالشعر تمامآ يتجدد فى أوردتنا ..ليأخذ كل لحظه معنى ٍ آخر وتفاصيل آخرى ....
أتمنى أن ندفن كل أورام القتل للآخرين !!
من أجل أن لايبقى المنتدى ساحه تنزف بالجثث والأشلاء!!
ونبقى هكذا نمتلك القدره على إجتياز الزمن والمسافات ,بقليل من الود والكلمات وليس بشئ من التجريح والعشق البربري الموجع..
نرمم للزمن جسرآ كى نعبره ونحن ننتقل من طور الغيره والحقارات الى طور المثقف والأديب والشاعر والبطولي..
سيدتي/أنا لن أنتحر بعد كلماتكِ ..ولن أحترف البكاء بعدها ..
ولكن هذا كله يعكس مدى مانملك من وعي وثقافه..
يعكس رصيدنا الإخلاقي والإجتماعي والإنساني , يجب أن نخرج من نفق الذات المفرغه..
ونكون مثل "لوركا" فى طريقة عيشه وطريقته فى الكفاح وفى المقاومه!!
الى هزائم وإنكسارات آخرى معكم وبكم &&&

27/9/2006-صنعاء
(المدونة التاسعة عشر)

سيدتي/ هناك فرق شاسع بين حلمين : حلم العشق للاشياء التي نعثر عليها
وحلم تركها –فقط -لأننا لا نملك مقدار ثمن خسائرنا معها.!
كل يوم سيدتي تضعينني أمام خيارات الموت والنسيان..والورده العاريه من التفاصيل ..
كل يوم أعثر على ورده أو على رصاصه لإنها ء هذا البنفسج الطازج !!
لإنهاء كل معالم هذا الحنين !!..
فلماذا سيدتي /كنت أنا من يخرج عن كل مشاريعكِ العاطفيه؟
ولماذا كنت أنا الرجل الذي تضعينه فى محاكم العبث والتفاصيل اليوميه للفناء ؟؟
لماذا كنت أنا رجل لا يستحق الا أن ننهي معه كل المعاهدات ؟
وأبقى أنا رجل التقيناه وأخذنا نطبق عليه عقوبه النسيان الأزليه ؟
لماذا أستلم كل يوم تفاصيل الذبح والشهاده بمحراب كلماتكِ سيدتي؟
لماذا لا يبقى للصمت قداسه تشبه قداسه النسيان؟
فأنا ذلك الجندي الذي قرأ على أوصاله الشهاده ,فقاتل على معركه لا تعنيه !!!
فمات.. ولم يمنحه القدر حتى ثمن كتابه إسمه أعلى قبره ..كعنوان للتاريخ !!
فلم يقاتل بشرعيه الوطن ولم يكتب إسمه التاريخ فكتب فوق قبره إسم:
"الجندي المجهول" .............
سيدتي /أتمنى أن لا نكون قد إقترفنا إثمآ بهذا العشق !!!!!!!!!!
كي لا أكون انا سببآ فى كل إشتعالاتكِ المقبله !!!
كى لا أكون أنا عود ثقاب وأنتِ ذلك البركان الذي يعشق اللهب !!!
فكم أنا مهزوم فى هذه المعركه ..كم أنا مؤثث بالحرائق والزلازل !!
كم أنا حزين لإنني فقدت سوارآ كنت أحتمي به من أولئك المتزينين بالثروات والكروش المنتفخه !!
كنت احتمي به من برد الشتاء ومن حراره الصيف الملتهبه ..
فأين سأعثر عليكِ سيدتي ؟ أين سيعثر علماء الآثار على جثه تشبه جثتي ,
عندما كنت أنقب عن أشلاء منجمكِ !!!!!!!!!!!!
ياإلهي لماذا القدر دومآ يضعنا أمام أسوأ إحتمالاته ؟؟
يجعلنا نتحول الى إناء فارغ للبكاء والحزن وليس عقدٍ من المرجان!!!!!!!!!!!!!


أتمنى لكِ مزيدآ من الحريه للتعبير عن شهادتكِ القادمه ..دمتِ للأبد


3/10/2006م- صنعاء شاهده على حزني


(المدونة العشرون)
هكذا كتب لنا ان نكون ...
هكذا نحن نحول الزنابق العذراء إلى سربٍ من الأموات ...والجثث المتعفنة .
ُسرقت تلك الأحلام النبيلة والتي كنا نعتقد أنها ستكون أكثر فوحاً ونقاوة!!.
كنا نراهن على وردةٍ أخيرة وبلور يختصران معنى الكتابة ومعنى البحر تماماً .
انكسرت موجه الغيم الأكثر طهراً واصطدمت على صخرةٍ يفوح منها الكراهية والعداء ومعنى السقوط للأشياء الثمينة .
تحولت الناي الى لغمٍ طري وطازج يقتلنا عند أول حنين..
وأول موجة لهذا البحر تغتالنا بغتة .
كيف نستطيع ان نوصف الوردة وسفر النوارس وغصن البنفسج بالفجيعة ؟
كيف نحولهم إلى اختصارات تفضي إلى القبح والنسيان البربري ؟
كيف أخذنا البحر على امواجه ليغرقنا دون تفاصيل بموتٍ غير معلن ؟
كيف تغيرت عقارب العشق للكلمة إلى مخالب وسهام تجتاحنا وتعلمنا معني الموت وشهية الجرح المفتوح على مصراعيه ؟
كيف نتحول نحن كذلك إلى باعة ومتجولين نحترف هذا العرض المعيب لتفاصيل جرحٍ ينزف حد الجنون والتعفن ؟
فنلغي طهر الأسماء متى نشاء.. نجعلها تكتب باسمنا وتجرح الأحبة
باسم الورد والعفة ؟
وهي كذلك تمارس غوايتها وسطوتها الآنية على جثة الورق وكأنها لاتدرك شيئاً كأنها تختصر نبل الإنسان وبوحه وزهره,, وهي في ا لحقيقة تختصر الدم من سواعدنا ... تختصر دمعاً يجرحنا ويفقدنا كل معني للحرية والحرف والقصيدة .
فأي جرحٍ هذا ؟ وأي مشيئةٍ هذه التي نفقد على أثرها كل الرهانات.؟؟!!!!
كان لنا رهانٍ مع الوردة ثم الأفق ثم الحنين ثم في الاخير كان البحر خاتمة لن ننساها ولن ننسى هذه الوليمة المؤثثة بكل أصناف الفجيعة .
وكل هذه الأقدار والهزائم المتتالية .
ولن ننسى أبدآ العداء الذي جاءنا أخيراً من زرقة البحر!!
وعظمته في ذات حلمٍ ... وذات توحد خرافي .


*11/11/2006 م
*صنعاء - اليمن



(المدونة الحادية والعشرون)

دمت أيها القلم الذي يحن الى قرص االشمس ,
فأنت وطن الشرفاء والباحثين عن كسره الخبز المفقوده .
أنها رحله البحث والإنتماء لكرامه الانسان ولقضيته.
إمتداد البطوله الى أن تكون أنت هدفآ للرصاصات وملفات التهم ..
كانوا يسمونك بطل وانت تقاتل وتحارب بدواه الحبر الأبديه ,
مقابل دمك وجلدك !!
كنت أنت كذلك تختار نزيفك وشكل هذه العذابات من أجل كسره حياه مهدوره
وقطره ماء متهالكه ..
كلنا كنا نخفق قرب مديح كلماتك لظل الحقيقه ,
وقرعك الاسطوري على الظل وعتمته ..
ولكننا نخشى الدم والموت كى تكون أنت من يفتح صدره الى الرصاصات والمحاكم والتهم ..
أنت وحدك من راهن بدمه وقلبه من أجل كلمه ً حره .
لم تخشى أن تقولها بصوت منخفض بل تقولها لانك تريد أن تذهب الى الموت
والشهاده ,تقولها بأعلى صوتك ..
أنك أيها الملحمي تفضل النوم على حد الخنجر ليبدو لك أنه نومآ مريحآ مقابل
أن يكون لصوتك شرف الصمود والمقاومه .
فها أنت تغادر الوطن وتختار شكل نزيفك القادم وجرحك القادم ليس لانك
تخشى من موتهم أو رصاصاتهم ولكنك مازلت تحافظ على نقاوة موتك
وقداسته ..بدلآ من أن يكون ذلك على يد متهور ومجنون أو رصاصة ٍ طائشه
من رجلٍ يمتلئ بالحقارات والتعفن ..
أخترت "لندن" منفى للوطن أم وطن للمنفى ؟!!
من أجل حبرآ نقي وحاد خالي من التخثر والإختناق ,
لتبقى قلمآ وبحرآ وإعصارآ ..
سلمان ..دعنا نقرأ على تفاصيل المنفى وتفاصيلك مشاهد من العظمه وتجلياتها .
دعنا نقول لك مازلت حرآ ومازال دمك يختصر معنى البطولات ومعنى الشهادات .
دمت قلمآ وجرحآ يشتعل بنزيفه حد الإشتهاء والتجلي للحلم ,,
أختارك القدر هذه المره لتكتب روائع ملاحمك وأكثرها إيلامآ للإنسانيه ..
من أجل أن يكون لذاك الحبر نكهه المقاتل والبطولي والمنتصر لحريته.
لقد وضعوا على جلدك التهم والاسقاطات والحقوا بك ملفات حربٍ لم تكن تعنيك !!
من أجل إسقاط هذا القلم وشرف حبره وتعاليه ..
حاولوا أن يضعوا لك موتآ بين الأوراق والمحاكم أو يهدوك جزءً من مراسيم
السياط والتعذيب ..
كي يبصقوا على ذاك الموغل فى التحدي والحريه ..لكنك حيٌ وفولاذي ,
مازلت تكسر أنيابهم المهترئه بقليل من الحبر وكثير من الرجوله .
دمت ومضةً سحريه وانت فى منفاك تضئ لنا سماء الآتي والذي سيكون ذات حلمٍ وإشراقه نور ....

* 30/11/2006م- صنعاء



















(المدونة الثانية والعشرون)

لم تزل تتقاسمُ معي هذا الحزن!.
فأنا ربما أُقلِّدُ ظل اللوحات وهي تُقِلُّكَ بحزنها إلى التأمل والدهشة ..
ما زالت لوحاتك تعبُرني أيها المجنون وتعبر نزيفي بقليل من الأمنية والإبداع الذي يتحوَّل إلى مأساة ينسف جدران المشيئة والقدر.
الإبداع حالةٌ جنون قسوى يقتلنا متى يشاء
ومتى يكون قاتلاً أو عاشقاً أو ممطراً ...
ربما يكون الإبداع محاولات بائسة لإستعادة كل الأشياء
التي نفقدها أو نتعثَّر في طريقنا إليها لذا يكون الإبداع :
خداع التاريخ وخداع للأقدار.
إننا نستعيدُ الحياة أحياناً بعشق الورق أو عشق الموت على
اللوحات وتفاصيل الألوان المسفوكةَ على رقعة الحلم !!.
عندما فقدنا ذراعاً أو دماً أو حلم لم نكن ننتظر من التاريخ أن يمنحنا وساماً من المناصب أو شهادة شعبٍٍ تختصر معنى بطولتنا.
ولكن نحن نقدِّم ذلك من أجل أن نضع حدَّاً لكرامة الإنسان وحقِّهِ..
من اجل أن تبقى الدمعةُ والدم متساويان في النبض والإكتمال.
إننا عندما نفقد ذلك لا ننتظر إلا الخلود إلى عظمة التغيير وعظمة الإنسان
من أجل أن ينام الوطن تحت ذراع ٍ واحدة ..
اختصار هذا الوجع المتراكم من التاريخ إلى مشاهد وصور عند الآخرين ... باننا جزء من آثار الحرب وأننا نحمل فقط تذكرة العبور إلى الأموات ..
ذاكرة للماضي وعتمته وبؤسه !!.
اختصار لرائحة البارود والتشظِّي الذي ما زال يأتي من الخلف ..
إنهم يلقون علينا نظراتهم بأننا فائضون عن حاجة الوطن !!
وأننا يجب ان نزيل تلك الآثار المتداعية,,
وذلك باجتثاث هذا الإرث الجسدي وما يحمل بأبعاده من النزيف على ذاكرة وطن.
فإمَّا أن نموت ونحن نحمل هذا القدر تعبيراً عن دم شهيدٍ !
أو ننجو من المحرقة بدون أن نفقد شئ من أشلاءنا ..
يمكن عندها أن يمنحنا الوطن شئ من العظمة والطهر ..
ستكون وطنيَّاً ومناضلاً خالي من الشهادات الجسديَّة
التي تغنيكَ عن التعريف وعن الشهادات البيضاء ..
الجسد الذي لا يمكن أن يصلح لأي تكريم سوى شهادة مؤقَّتة ومزوَّرة نقولها للشعوب بأن هؤلاء مجرَّد ذكرى عابرةٌ وناسفةٌ لمن يريدون أن ينهبوا الثروة والوطن.
فلماذا نبقى على جرحٍ مثل ذلك .
هل لإننا ندلي بشهادتنا أمام الوطن بأنناء أبنا الثورة ؟..
وأبناء الدم الذي سال ذات زمن ٍ؟
نبحث عن رجالٍ لا يشعرون بالتقزُّز والغثيان من تلك الذراع المتهاوية والمبتورة في عتمة التاريخ الذي لا يعنيهم!!
بقدر ما يعنيهم أن لا تتكرَّر أمامهم مثل تلكَ الشهادات المحفورة في صدر التاريخ والأجيال .

صنعاء-12/12/2006م































(المدونة الثالثة والعشرون)


بعد أن بدأ العد التنازلي لحياة الرئيس كارتر
وبعد أن يقترب الزمن من تشظيه ...
استعاد الرئيس (جيمي كارتر) أنفاسه لفضح سياسة بلدانه واتهام الحكومة العبريه بالنظام العنصري الأبيض في جنوب أفريقيا .
بدأت الدولة العبرية في ملاحقة كارتر واتهامه بمعاداة السامية واختلاق الأكاذيب .. في الولايات المتحدة الأمريكية .
فيالك من بطولي لم تخشى من الدولة العبرية ..
فأنت من حقق للإسرائيليين أكبر انجاز في تاريخها القصير
وهو اتفاقات" كامب ديفيد" التي هزمت الصف العربي ..
سيدي الرئيس : علمنا مثل هذه التفاصيل وهذه الشهادات ..
علم التاريخ أن الحقيقة دوماً تأتي قرب تجليات الموت ..
وقرب أنفاس السياط والتعذيب .
قلتها يا سيادة الرئيس وأنت تغني وترقص وتعانق الأفق قلتها وأنت تختصر كل الأصوات وكل المعذبين والمعذبين والمقتولين على هذه الأرض .. لم تقلها سيدي بسبب أنك تدين بالإسلام أو أي ديانة .. قلتها لأنك تريد أن تضيء عتمة التاريخ بشيء من ورد الحقيقة .
قلتها يا سيادة الرئيس والتي لم يقلها أحد من
الرؤساء العرب ولا حتى من خطباء المساجد ولا
من الفنانين ولا الراقصين
ولا الأدباء ولا الشعراء العرب ..
هؤلاء جميعاً يخافون من إسرائيل ويخافون أن تهتز عرش بقاءهم وأن يبقون هكذا لا يدينوا أي عمل إسرائيلي بقدر إدانتهم للطرف المذبوح وتحميله كل التبعات والتخوين لقضيه العرب إن كان بالفعل لديهم ضمير حي وشجاع عن أرض تعنيهم أو دم ٍ لهم ..
ليس لديهم بالتأكيد ما يدافعون عنه .. لم يستطيعوا أن يجدوا الطريق إلى سنبلة قمح بغية أن تكمل موسمها وحنينها إلى شمس تموز ..
لم يجدوا شيء إلا التخوين والمؤامرات والدسائس والتزوير والاغتيالات وعشق السقوط كعشق الظلام .
فتحية لهذا الرئيس الفذ والشجاع ..
فأقول لك في الختام: لماذا لم تخشى أن تسقط من أعين الرئيس بوش والحكومة العبرية ..؟ لماذا قررت بمفردك أن تواجه"أولمرت"
وتعلمه التاريخ باختصار ؟ لماذا أنت أيها الأسطوري قاومت الأكاذيب وكسرتها بهراوة البوح.. قلتها وأنت ترفع عينيك نحو قرص الشمس ..
تعلن لأبناء هذه الأرض كل الأرض,,,, عن تفاصيل الجلاد والضحية .. فلك كل حبنا .. ولك السلاما ...

15/12/2006م صنعاء –بوابه الحزن واللغه

































(المدونة الرابعة والعشرون)
ها أنا قرب الحرف أبكيك ..
أحاول أن أكسوك بشراسة الحب والسمو مزيدآ من جنون الزمن ,
أعطيك ما تيسَّر من هدب الأرض كي ترسمني سندسا ودمعاً في خارطة الحزن ..
أنجو من لعنة القادمين ومن دمهم .. خذني زهراً أو نجمةُ تضيء عتمة الرحيل,,
"لوركا" كيف أشفي من ظلك المنثور على عرش القلب ونزيف المعنى ؟
سأرتل بعدك نشيد المنفى ولحن العابرين إلى اللغة ..
دعني أتسلَّق فؤوس الغرباء .. دعني أعبرهم بمنجل الدهشة وعشق النهايات ..
أنت أيها الخرافة الأولى في الأوردة ما زلت تحنُّ إلى عظمة الصمود وقداسة الطعنات !!
من حاول أن يقترب بجلده وأنفاسه من هتافات الغدر وطعناتهم ؟؟؟
من اشتهى الموت وذهب إلى مواعيده المرسومة بفضة
الرجولات وشمس الأمنية .؟!!.
من كان كذلك ؟؟سواك!!
سيِّدي : مهلاً فأنا أعدُّ وليمة الدمع نيابة عن دمك ..
أعدُّ لك نبض المسافات وشرفة من قبلات الوقت نيابة عن رحيلك ..
أضع لك أمَّا وأرضاً وعاشقة تحميك من وجع الخيانات وتداعيات السقوط .. فانهض أيها الإعصار لتعلمهم دروساً وتهديهم شئ من إيقاع الورد والزنبق ..
ان البطولات دوما تسطع بنورها على كل العتمات المتورِّدة بالجبن والخيانات ،، والمورقة باشتهاءات القبح والحقارات .!!
أين أنت يا"لوركا" ؟ لتعيد ترتيب الأموات وأوراقهم الصفراء ،. تلك الأوراق التي يحتمون بها في إيجاز التاريخ وإيجاز نشرتهم النفسية والعاطفية في بضع حلم ..
إنه حلم الأموات الصامت الذي لا يعزف إلا مقاطع من اختناقات الزيف والعتمة .. فأي حلمٍ هذا الذي لا يعشق إلا صمته وذهوله الفرعوني ..
"لوركا" خذني إذاً في منديل المسافات .. دعني أسافر معك وأقلِّدُ دمك عقداً من الياسمين .. دعني أُقبِّلُ رحيلك المؤقَّت عن دمي فإنك لا شك بلاداً من حنين ..
"لوركا" أين سأجد ظلًّ مثل ظلَّك ؟..
أين سأجد عاشقٌ يجيد الحنين كما يجيد الخونة تصويب الرصاصات ؟؟
أين سأجد مثلك حبراً ولغة ؟؟
بالتأكيد أنت وحدك من علَّمني أن أتحرر من حكمة القاتلين وسهامهم التائهة.
وحدك من علَّمني كره الحلم والتقيّؤ المزمن له..
حالما يصبح ذاك الحلم أمنية وطنية أو عاطفية ..
حالما يجعلنا نكتب وصايانا لننجو من الطوفان والغرق !!
إنه ليس حلماً إنه موت يختصر بوابة المحكوم عليهم بالسجن المؤبَّد ..
فأي حلم ينتظر هؤلاء القابعون على أسوار النهايات غير المؤجَّلة.
النهايات الممتدَّة في الغرق إلى الأعماق ..
"لوركا" أعد ترتيب جواز سفري مقابل أن أرمي بمخلَّفات الحلم وتداعيه الأخرس ..
دعني ألبس شكل هذا الرحيل وامنحه خفقة قلم أو دواة حبرٍ إغريقي ..
دعني أمنحه أسطورة الخلود والتجلِّي ..
فما زال هناك الكثير من الأغنيات ..
وطعم البرتقال المنعش ..
ما زال هناك قمراُ في أسواره الورق يخفي علينا مراسيم الخريف ..
ما زال هناك دمٌ ونبضٌ للنرجس يكفي لتأشيرة رحيل مجهولة التفاصيل والقدر ؟!
"لوركا" هيَّا لنذهب سويَّاً كي ننجو من أوسمة الوداع وتفاهته ..
دعنا نذهب مع الغيم ياسيِّد الغيم
نبدأ بفاتحة الرحيل .
18/12/2006م
صنعاء بوابه الحزن واللغه



























(المدونة الخامسة والعشرون)

لقد حل علينا القدراخيراً ليقرأ علينا وصيته الجارحه,
جاء ليغير مجرى الياسمين وعبقه..
يضعنا أمام غواية الدمع والحلم .
كيف تحولت وردة القلب إلي نزيف أني
يبدأ بهذا النسيان القريب من الموت والفجيعة ؟؟.
أيُها الحلم المثخن بأسئلة الدهشة وشهادة الرحيل الأعمى .
هل ستُبقي لنا صورة ماثله لجرائم الحرف واغتيالات العشق ؟
لنا من دم الغائبين شي من اشعالات الروح وجزء من تشظيها .!!
كيف استطعنا أن نوجز مدينة بزخارفها وأزقتها الجنونية وحزنها المتكاثف ؟
بهدب أمنية وتجلٍ عابر.
كلما اقتربنا من خرافة الوقت وهزيمة النرجس : نبدأ مغامرات أخرى
لا ندرك سببا أضافيا لشهية النسيان وحضوره العالي والمترامي بين السطور ودواه الحبر .
ربما تكون لنا حكا يا في عتمة الأقدار ,,
حكا يا لا تشبه حكا يا العابرون القدامى ..
ربما نُشفي من حالة الذعر للحلم والحنين ..
ساترك لهذا الحيز جزء من هوامش المشيئة,
وكتابة النص واندثار النبل الإنساني ..
سأدع لكم جثة تختصرشهادة أولئك الماثلين على اقتحامها بما يملكون من معنىٍ وخيانة إلى بوح اللغة ّّّّّّّ!!
إنني أيها الحالمون قرب الحرف وشجرة الحزن احترف العشق..
كما احترف النسيان ..
تولد علي أريكتي المسافات والشرفات التي غمرتني ذات خريف بنزيفها وأمطارها ، ظلت تهدني ذهول الوحشة وتغتالني هي الآخري بمدية المسافات
واختناقات الأمطار!!
لقد سردنا في حضرت الحزن كل ولعنا المتطرف بالضوء وشرعيته ،،
اقتربنا من شجون الظل واعترافات الكمنجات ,,,,
سرقتنا " فيروز " و"خالد بن طوبال " و"حياة " بهذا التمرد الأسطوري
لوليمة السمو و إغراقنا بتقبيل هذة المدينة "صنعاء "
حتى نسكتها تمامآ وقليلا عن جنون الزمن وإهتراء الحبر في سطورها ..
نعطيها المخدر الآني كي نفرغ هذه المدينة من هوسها في اقتفاء العشق وتعب التنبؤ بأزهار اللغة ،،
اخشى "صنعاء " أن تطارد نساءها وتغرق المدينه بسماءات الكلمه !!
حتى ذاك الجبل الذي يحاصرها "نقم " يعلمها نصوص الحزن المحترم ..
كانت المدينة كغيرها مليئة بفوضى العشق ...
تعلمنا اغتراب الدفء وشوق الأزقة إلي مرايا الوجد والانتظار .
أيُ مدينة أنتِ يا صنعاء..قليلآ تمهلي عن حصار الشرفات ..
وعن هذا الرخام الجنوني القادم من عمق المدينة وتاريخها .
أصبح بإ مكان القادمين إليها آن يكتبوا قدر هذه المدينة بأنفسهم ؟!
أن يكون للشهادة إيحاء ثنائي ومزدوج لاقتراف الحلم !
أنه رحيل الفصول عن طقوس المدينة .
من منحنا هذا التسلق اليومي لأريكه الحزن
والذكريات ........

25/12/2006م
صنعاء –بوابه الحزن واللغه.






























(المدونة السادسة والعشرون)

كم أستطيع ان أوهبك من هذيان قبلاتي ؟؟
أريد منك –أيها المغني –ظل ٍ وارف لأسئلتي ,,
قليلٌ من مذاق الحنين وشجنه ..
وكذلك مقاطع رثاء من هوسك المتفاقم بزهر اللوز!!
كيف أنسيتنا عزله هذا البلد وغروره الأسطوري بأوراق الزيتون ؟؟
هذا البلد الممتلئ بكل مقومات الإنسان المقاوم والفدائي وظفائر الزيتون.
تحول هذا البلد على طريقتك فى الهديل الى معركه بطوليه ,,
أمتد هذا البلد الى إغراءنا بمفردات الإنتفاضه ومطر اللغه !!
صار حنينآ وجرحآ ورؤيا أن نضع حدآ لهذا القابع عند مرمى الحواس,,
وعند ظل الكلمات المائله نحو وصف المكان والتوق الى التوحد بظفائره ,,
أن نضع له بلادآ من أناشيد الزهره ليؤثثها بطريقته الجنونيه..
ربما بالعشق ولحن الشجره ..!!
وبعد كل هذا السفر المتراكم فى درب الناي وحجر المقاومه ..تأتي أنت بكل زهرك
وهذيانك لتؤكد عظمه التراب وبقاؤك على سفح الوطن بمزيد من عرق النشيد
وعرق تلك الكائنات التى تلبسك وتمنحك خيارات الإنتماء والعشق ,,
ومن تراتيل المدن الفلسطينيه وجرحها النازف فى إتمام دوره التحدي والصمود
والتطلع الى خارطه التحرير ..
تبقى أنت أيها المُدثر بنداء الوطن ونداء شجر الزيتون ,,تبقى عاليآ ومتألقآ
وقادرآ على التّغني بمجد الحرف وسندسه ..
دومآ أنت ثائرآ ومقاتلآ بمفردات اللغه وبارود هذا النشيد الطويل ..
درويش__ كيف منحت تلك الجغرافيا كل هذا الضوء والقداسه ..
منحت الأرض فلسفه الخلود والبقاء الحتمي .
لم تكن تملك شئ غير أوراق مبعثره من الزيتون وحمامهٌ تبحث عن عشٍ لها بين أرضٍ تتهالك بموتاها وهي تئن من دبابات العدو ورصاصاته المدويه فى أرجاء الوطن !!
لم تكن أيها الحالم تملك أكثر من ورقه يحتلها البياض كأنها سورٌ
لمقبره المجهول !!؟؟
كيف خرجت من أثاث الموت الجاهز ؟؟
وكيف نجوت ؟؟
ونجا الوطن من صمته المذبوح الى هذا العالم ..؟؟!!
أصبحت وجهٌ آخر لوطن ٍ أنت نشيده وحرفه وعشقه ,,,
أصبحت أنت خطابه ونهاره وشوارعه ..
لم نجد لك بيتآ وزوجه وأطفال !!
عزفت عن رغبات الكائن المتوارثه عبر العصور .......
لتبقى أنت بمفردك تحن الى والديك ..ليكون الغناء والنشيد بالحرف وبالقصيده
ذاتها ,,عائلتك التى تملكها وتحملها معك من مدينه فلسطينيه الى آخرى
ومن ذاكره الى آخرى ..وقفت عند هذه العتبه ..عتبه التغني بالوطن وبكل مفرداته
كضروره قصوى ان يتحقق إستعاده الأرض والوطن المسلوب
لهذا الشعب المذبوح بكل الأدوات وكل الأسلحه ..
دمت يارفقينا الى الحريه والحياه ..



9/1/2007م
صنعاء_بوابه الحزن واللغه



























(المدونة السابعة والعشرون)

كيف أنسى كل هذا الجنون القادم من تعب المسافات ؟؟
كيف أستطاع أن يختصر الأرض ليلقي بكل ثماله الحنين دفعه ً واحده؟؟
يالك من قمرٍ ثمين !!أشعل ماتبقى من جدائل الضوء وخارطه التجلي,,
رميت كل الذين سبقوك الى ظلي .
لتكون أنت الأول فى رمي غزاله الدهشه وإصطياد مايمكن لنا أن نموت بأنفاسه,,
كيف لي أن أنسى هذا الشرود الذي جاءني بقربك ؟؟
لم أُصب بهذا الإعصار من قبل : كان إعصارآ تكسوه رائحه الزنابق
والقبلات ,,,,تُشعله تلك الكلمات الممطره والزلازل المدمره التي ولدت آنذاك
على هدب الوقت,,
ماذا أقول عنك أيها المُعطر بقداسه المسافات وشهيه النبل والحنين ..؟؟
كيف لي أن أنجو من مخالب الذكرى وأغنيات _فيروز_التي تسللت فجأه فى ثنايا
الهذيان والحرف "بقطف لك بس هالمره ,بس عبكره ..فى بكره شي ورده ..شئ ورده حمراء وبس!"
لقد حاولت أن أستفيق من سبات التغني والذهول ..ببعض الكلمات المختصره
قررت أن أجد تفسيرآ مناسب لذاكره الغياب وأولئك الذين نعثر على سموهم دون أن نبدأ العد من المرحله الكلاسيكيه معهم,أدركت أن الذين يولدون مع ولاده الحرف ليس مع ولادتنا ربما هم
أكثرنا ولعآ بالحنين الى الحرف ذاته والكلمه ذاتها والوطن ذاته!!!
ربما هم من يكتشفون حواسنا ودفئها دون أن نجد أنفسنا فى ذاك البريق الوهمي
والمتشظي لأحزان الكلمه وتغريبها الآني,,
قيلآ أشك من يد القدر وتماديه المفاجئ علينا..
أعتقد أن القدر هو حاله إستثناءيه وطارئه الوقوع ,,ربما يكون هو الفعل
الناتج عن الفعل ذاته, واننا من يضع السمفونيه الاولى له ,,
ويأتي بعد هذا الجنون كله عزلتي التي أُصبت بسعارها المحموم.
جاءت تلك الغيمه العابره لتلقى حمولتها على جرحي وزنزانه حلمي,,
ألقت ماتيسر لها من أحاديث الجغرافيا وأقاصي المكان المتخم بذاكرتها
..إنه تطابق مريع أن نحيا قليلآ بأنفاس من تشبه عاشقتنا وتقترب من ضوء دهاليزنا وعشقنا المتمرد للكائنات والأمكنه ..
يالها من زلازل وأمطار وبراكين تولد وتنشب فى ثنايا الكلمه
ثم تتحول فجأه بفعل قدر المسافات والرياح الى ماده تقتلنا بعبيرها
وتستفزنا بذاكرتها وتلقي بفؤؤس اللغه ومنجل البوح قربانآ من مرفأ القصيده
وشهاده التوحد بهذا الحلم,
10/1/2007م
صنعاء بوابه الحزن واللغه

(المدونة الثامن والعشرون)

مابيننا ليس هذا المكان الغائر بتجاعيد الوقت ..وتماهي المسافات !!
ولكن بقايا المقهى الليلي وظفائر المدينه تسبقنا وتضع مواعيد الشرود الآني .
كي يتسنى للحالم أن يضع ترانيم نحيبه فى حضور اللحظه وغواياتها,,
وإختصار القادمين الى المقهى بتعاويذ الرؤيا وغزاله العشق..
نبدأ لنستعيد أحزان النهار وقراءه نشره الذهول اليوميه لطقس المشيئه ..
ربما نصل الى ضفه الصمت ونحن فى أول تغريبه للبوح والشجن!!,,,,
نضع للكلمه تضاريس شهوتنا فى التقبيل والتمرد..
نلعب بورقه الحنين المتكاثف لنُشفى من غموض النسيان ومديحه المُر فينا وفى خارطه الحرف !!
نحاول ان نصل الى هدير الأمواج بفنجان شاي وزوبعه من حكايا المقهى .
ماتبقى لنا من وصايا أو حروب على نافذه الوقت –فى هذا التمرد الخفي والهارب
من سياج هذه المدينه-ننثره كأننا لم نُصب بحزن المدينه وعشقها ,,
كأننا جسر المدينه وأبوابها السبعه..
نعود بعد هذا الطواف الليلي كي نستعيد إشتهاءات اللغه ومطرها ..
نعيد بعض مفاقيد العشق قليلآ..
الى جثه المدينه ودهاليزها المؤرخه ببعض مفاتن الحنين الى الماضي وإلتماعاته المتشعبه !!
يبدأ وينتهي سفر المقهى بهذا الضجيج الخرافي للإنسان وتجليات هذا الجنون الوارد من المكان وخباياه !!
يقودنا الوقت الى التوحد بهذه الزوبعه وتمردها والتحرر من زنزانه الحرف وتداعياته!!
نبقى هكذا محاصرين برغبتنا الى الثرثره وسجايا الهواء المثقوب الى إستعاده هويه الروح وإبقاءها
عاريه الا من غوايات الهذيان ..
دعنا نهرب من أسئله القلق وأورامها المتتاليه .
دع العشق يتسرب الينا من تفاصيل المقهى وجدائل المدينه :
نسرق من عينيها ومن هدب طوافها بنا كلمات النشيد ,,
وحنين –المومياء-الى حروب البداوة
فتنكسر عاصفه التنبؤ لنعيد اليها أسطوره البقاء والقوة وعزله الذات ذاتها!!
فهذا زمن جماعي للموت والعشق والأمنيه وحرب الحضارات المتألق ’’’




15/1/2007م
صنعاء _بوابه الحزن واللغه


(المدونة التاسعة والعشرون)


ابا "قيس" مره آخرى تزيدنا الأيام مراره وفجيعه بعد رحيلك الدامي
تزيدنا حسره ,,ونحن نودع هذا الكامل فى السمو والرفعه ..
ما أحوجنا اليك ..كيف أستطعات رصاصه الغدر ان تلتهم صدرك الممتلئ فى
حب هذ اوطن !..
نعم..لقد قتلوك وانت تهدي الوطن أجمل زهرات انفاسك وإخلاصك!!
أطلقوا الرصاصه وهم يدركون انك تترك خلف تلال روحك أطفالآ وزرجه ووطن يحتاج
الى دفئك وحنانك .. أطلقوها بكل وقاحه كي يؤكدوا انهم يغتالون الوطن ويقطفون
ضوءه ومستقبله...
أكد القاتل ان الوطن يمنحك الموت كما يمنحك الحياه ,,وأن الذين يسهل عليهم العيش
هم الذين يصطادون كل ٍ من تمنحه الحياه تأشيره الأبداع والتوحد بالمعاناه والخروج بها الى دائره الضوء المعلنه..ليبقى الصوت أكثر سطوعآ !!
جار الله_هل بالفعل كنت قريبآ من الله عندما ولدتك أمك ؟؟
هل كنت تحمل من البدء تجاعيد الزمن ,,
وترسم فى راحتيك حبات العرق المتسسله من جباه المعذبون على الأرض ؟؟
كنت فعلآ تمارس غوايات البحث عن الإنسان المسلوب والمنتهك فى الحق !!
جاء رجال الدين هؤلاء الملبدون بشهوه القتل وعشق الدم امام شهاده الوطن الكبرى ...
جاؤك يحملون رصاصات الإثم والعدوان ..وهم بذلك لا صله لهم بالإسلام وبرئ منهم تمامآ..
إذآ ايها الشهيد : رحلت ولم تبقى لأبناءك الا قروش لا تعينهم على مواجه ليله واحده من ليالي
هذا الرحيل الآثم !!
رحلت عن الوطن وكأنك تذهب الى موعدٍ مع أحد الأصدقاء ,.,
رحلت وانت تهدي قاتلك جزءٍ من إبتسامتك !!
تهديه نص ٍ من ولاده الورده بينكما_ المسافه و الرصاصه _أيضآ أهديت هذا الوطن
جسدك وهو معبأ برائحه البارود وثكنات الطلقات المتواريه فى جوفك!!
بدأ الوطن فى مهرجاناته الاولى بتشييع جثمانك كأخر صفقه من صفقات هذا الوطن لأبناءه!!
خرج الوطن بأكمله وهو مدهوشآ من فاجعه الرحيل !!
خرجت كل الألسن تتسابق فى نعيك وهم مسكونين بنحيبهم المرتفع ...
لقد لبس الجميع ثياب المثول الى الصمت والحداد الحار فى هذا النحيب الآثم ,,
ودعوك ايها الوطن كما يودعون الشمس فى لحظه الغروب الأخيره ..
ودعتك سطور النظال والشهاده ووصاياك التي كنت تحملها معك من مقهى الى آخر
ومن قاعه الى آخرى ..كنت تحملها وانت على يقين انك تحمل معك ثاوث موتك المحتوم!!
كنت تحفظها كما تحفظ أسماء العائله ..كنت كذلك تحافظ على سموك الدائم وبقاءك من أجل الانسان فكم انت بطولي؟؟؟
..وكم انت ملحمي ؟؟
وكم انت شهيد ؟؟؟

صنعاء _بوابه الحزن واللغه..
18/1/2007م




































(المدونة الثلاثون)
بيروت أيتها المدينه التى تجتاحنا فى كل الأزمنه وفى رصيف التاريخ الكوني ..
كيف أستطاعت جبالكِ وسنابلكِ وصوتكِ أن يذبل اليوم ؟؟
أن تغتالكِ رصاصه الغدر والتخوين ..
أن تتحول المدينه والتاريخ برمته الى بقايا رماد وأشياء تسقط على غفله منا!!
بيروت : ياسماء الحلم وسندس العابرين الى المشيئه ..
بيروت : هكذا كنتِ وهكذا تكونين على مرفأ الذكرى وشاطئ النرجس تتسلقين نبؤه الحدائق وشرفات الياسمين,,
كنتِ تسبقينا جميعآ الى الجمال والحريه والأرض التي تحتفي بأبناءها...
سبقتينا الى إجتياح العشق ومغامرات الورد ,,
أهديتنا البطولات والحريه القابعه فى ثنايا الآرض والحضارات ’
كيف لنا أن ننسى "سمير القنطار" و"حسن نصر الله" و"خليل حاوي "
وآخرون ؟؟
هؤلاء القريبون من دم البطولات والإنتصارات !!
إختصروا التاريخ بطريقتهم الرائعه والملحميه..
وفى غمره الإعتزاز بهذه المدينه -الحلم -تتحول الى مدينه مسكونه بأذيال الحاقدين على ماتملكه -بيروت -
من تاريخ يشير الى عمقها الأزلي فى ذاكره الشعوب !!
بيروت :ياآخر أغنياتنا ..
بيروت: ياآخر أمنياتنا ..
وياآخر طلقاتنا الورديه
ياآخر إشتهاءتنا وإنكساراتنا ..
بيروت : لما أهديتنا هذه الوصفه المثاليه فى الإنتحار ,وشحوب أنفاس النجمه ؟؟
لما جردتنا من خضره الفصول ومن حضره بيروت نفسها ؟؟
بيروت : لم تعودي اليوم بيروتنا؟!!
لم تعودي بيروتنا !!
لم تعودي بيروت تلك!!
لم نعُد اليوم كما كنا لكِ فى الأمس !!!
لم نعد نحلم بفجر ٍ أنتِ ضوءه!!
أو ورده ٍ أنتِ عطرها !!
لم نعد نحلم بوطن ٍ –لغرباء الحنين الى طفولتهم –أنتِ فيه المنفى,,
وعزله الحواس والمسافات ..,,
لم نعد فى عشقنا الغريزي الى جبالكِ وبقاعكِ وقلاعكِ ؟
هكذا شاء لكِ يا بيروت حاكموكِ !!
شاء لكِ قاتلوكِ وبائعوا الأوطان والعروبات الجديده!!
أهدوكِ فى غمره العتمه وثيقه من ليل الدماء والخيانه ..
كيف لنا ان نعي مغامراتكِ يابيروت هذا اليوم ؟؟؟
إنتصرتي يابيروت فى كل رهاناتكِ وفى كل حروبكِ وفى كل معارككِ ,,
ولكنكِ الآن يابيروت تخسرين كل شئ دفعه واحده !!
الان أصبحتِ يابيروت عنوانآ عابرآ ومختصرآ للحرائق وتفاصيل القتل المجاني ,,
دمعآ مشتعلآ على وجه طفولتنا !!
تنبؤات عرافه ٍ لصائدوا السنابل والملح !!!
كل شئ ممكن الا انتِ يابيروت .
انتِ لن نُشفى من جرحكِ ومن صوتكِ ومن كل أمكنه الذاكره يوم كنتِ لها ..
يوم كانت بيروت كذلك فى تماديها على مساحه الظل وآثار الياسمين وأوراق الخريف القصوى.
بيروت: يابيروت أفيقي من جنون هؤلاء الذين أيقظوا فيكِ شهيه الحرب وزرعوا
على ساعديكِ أدوات القتل ..
هؤلاء الزائفون فى مناصبهم ..حاولوا أن يُسكتوا الشعب عن حريته ,,,
حاولوا ان يجدوا مبررآ لهزائمهم ومعاركهم الفارغه لإيقاف نبض شعب "رياض الصلح"
و"ساحه الشهداء "!!
أمام كلمته التي أعلنها مسبقآ وأطلقها وهتف بها فى ساحه بيروت .
أيمكن أن نُطفئ إراده الشعوب لمجرد اننا أخفقنا فى وطنآ مثل بيروت ,,
لمجرد اننا تعثرنا فى وطنيتنا وأهدينا بيروت المشانق الكبرى والمذابح المتكرره ؟
لمجرد أننا نريد ان نبيع –بيروت –ونبيع رجالها.. ,,
ونأخذ بذلك الثمن الرجعي لبقاءنا على كرسي الإثم –السلطه – والهيمنه الجوفاء ..
أن بيروت لن تقول الا صوتها : صوت الشعب بأجمه..
صوت الإراده ..والتغيير القادم على أبواب بيروت ..
بيروت كوني كشمس تموز,,
كوني بيروتآ كالعاده ...
وحرهٌ كالعاده ..
وبطوليهٌ كالعاده ..
كوني الأرض الأولى
,,والتراب الأول لأبناء جلدتكِ ..
كوني قرب صوتهم ,,
وأرفعي مفردات العيش الى معتصموكِ ..
وأمنحيهم حلم بيروت الحقيقي ..


صنعاء _بوابه الحزن واللغه
23/1/2007م












































(المدونة الحادية والثلاثون)

الشعر مرآهُ اللغه ,,
حاله غياب ثنائي ..
صورتنا المائه على وجه الحلم والمسافات ..
الشعر ماهو الا توحد خرافي بورده الكلمه وعتمتها الهلاميه !!
تلك المدينه المسكونه بظلها ..
عندما يكون الظل عاريآ من حزنه_
أنه دمعتنا البلوريه لنحيب ٍ غامض لايدركه الا أولئك الفائضون بحنين المكان وشرود المعنى.
هو حاله العشق الآني لشجره اللغه ..
والإكتفاء فقط بهذا الهباء المورق دفئآ ونزيفآ على قدر الورق,,
الشعر ليس الا المكان المثالي لعيون الحبر ,,
تغريبه إغريقيه الأساطير !!
أرض ٍ تغور بتحديات الجدب ..
لكنها تعزف أنشوده البقاء ,,
والتهيؤ المرتقب لقادم ٍ آخر !!!
الشعر هو تذكره السفر المجانيه للغيمه !!
أنهما يتشابهان فى الإحتمال وفى الغموض الآني ..
فى تراتيل بوحهما..
بينهما قليل من تداعيات الرقص المنثور بجنون ٍ على حائط الأزهار وهتافات المطر ,,
من ينقذنا من أسئله الحـــــــــــــرف ؟؟
من يخرجنا من عُشبك؟؟ ومن جُنونك؟؟
كلما سقطنا فى بؤره الرغبات نقترب أكثر من إشتعالات الروح ,,
وتوهج الشهاده الى ذكراك ..
الشعر إعاده الحياه .!!
وإعاده عقرب الوقت الى ديمومه البدايات وعواصف النهايات..
إنه تشكيل مزدوج لشرعيه الأشياء والهذيان على عتبه الشجن .
هنا عند أول هذيانك الخفي نحاول ان ننجو من البكاء أو الطواف فى محراب التأمل ,,
أيها المتسكع فى دهاليز الحالم ودمه وعتمته ..
لا تحاول ان تُلقي قنابل الرؤيا ..
لاتحاول أن تستشهد بمذابح الغزاه أو حروب المغول ,,,
أنت بوابتنا الى مدن المجهول ..
مدن النسيان والخروج من تعب التوغل والتيه !!!
طريقتنا فى البحث دومآ عن شكل ٍ آخر للجرح وتعريف ٍ مغاير للحقيقه والانسان .
محاوله الخروج من الآني ..
ودفنه فى عبوه ٍ ناسفه للنسيان,,
شكل ٌآخير لفاكهه اللغه وإمضاءات النرجس ..
هو طريقتنا الى متحف الحبيبه أو ربما الى جثتها ..
يالك من جغرافيا وأرض ٍ وزلازل ,
"أرخبيل "يحثنا على الركض فى جماليه التشرد بمفردات الطبيعه..
والبقاء على ضفه الدهشه ..
حصارٌ بخفق الأبجديه وإكتمال المعنى!!




صنعاء _بوابه الحزن واللغه.
28/1/2007م



























(المدونة الثانية والثلاثون)
طال حلم العرب وهم بإنتظار أن ينصفهم التاريخ ويعيد لهم تلك المدينه النازفه دمآ ..
تلك المدينه المسكونه بإنتفاضه الحجاره,,
وطفل الحجاره أيضآ.
كان ذلك حلمآ يراود كل عربي!!
ولكن لم يعد ممكنآ هذا ..
لا جدوى من البكاء وذرف ميكانيكيه الدموع على ضفاف ذلك الحلم .
أصبح بإمكان العربي أن يفعل مالم تفعله شعوب العالم ,
أن يحقق المستحيل ويدخل التاريخ من أسوأ أبوابه .
أصبح بإمكان العربي أن يستورد الحريه كما يستورد "علبه السردين".
انه يملك ثروه نظاليه وفكر نظالي.
حرٌ ووطني أكثر من أي وقت ٍ مضى.
لقد أطلقوا على من يبيع وطنه –مقابل رجلآ على كرسي السلطه أو حاكمآ-
أسموه حرآ وشجاعآ .!!
من يشتري جيوش تحتل بلاده وتسرق ثرواته وتذبح أطفاله وشيوخه ونساءه أسموه أيضآ
حرآ ووطنيآ!!
أطلقوا الهتافات لهذا الشكل الأحمق للحريه !!
كان يظنون ان العراق تحكمه الديكتاتوريه والقمع وأنه لابد من حريهٍ لهذا الشعب .
جاءتهم الحريه السحريه من جيوش ودبابات لا تنطق الحريه بل تجبرك على الركوع وتجبرك على الإستسلام ..,,تجبرك على كل أصناف القهر والإذلال,,
وماجرى فى سجن "أبو غريب"الا شاهدآ على حريه العراق الجديد..
هانت سجون المرحوم "صدام حسين "
هان بطشه ,,
هان عدله,,
وهانت ديكتاتوريته على لعنه الحريه بلسان جيوش محتله وغازيه .
كيف لنا إذآ أن نعيد حلم "القدس"وإستعادتها بعد ان أقدم العرب واكدوا أنهم قادرون على
ذبح مدينه ٌ آخرى وعاصمهٌ خرى!!
عاصمه "هارون الرشيد".
"بغداد"تبكي على نفسها أنه رماد الفجيعه والموت الذي يسكنها ..
كنا نملك جرحآ نازفآ الآن جرحين "القدس "وعاصمه "الرشيد"الأول ربما يكون من تداعيات التاريخ وصراع الحضارات ..
ولكن الأخير مُدمي حد الفجيعه وحد الجنون العربي فى الصمت .,,,
وحد شهوتنا الى الغدر والهزيمه ,,
ربما يكون أننا أطلنا المكوث قرب حكايا "شهرزاد" وهي تدخلنا من مغامرة الى مغامرات
آخرى ,,ونحن مازلنا مدهوشين بليله الأمس ,,
تسبقنا الرغبه لأحداث الليله القادمه!!
نحن ربما نكون خونه لأوطاننا عندما ننتظر أن يحررونا أولئك الصقور التي تبحث
عن ضحيتها وسط الحشود..
تنتظر من الزمن لحظه حاسمه كي تنقذ على فريستها
بكل غرور وكل بطوله ..
أهذا الثمن الذي كنا بالفعل نريد ان نسرقه من الزمن ؟؟
وهذا الرداء الأخرس للحريه ؟؟
أن كنا بالفعل نشعر بضروره الحريه وحاجتنا القصوى الى طعمها؟؟
لماذا لم ندافع عن ظلها ؟؟
لماذا لم نرويها بدمنا كي نستحقها ؟؟
وفى النهايه نريد من عاصمه "الرشيد"أن تكون حُره وديموقراطيه ,,
وهي التي أشبعناها جلدآ بسياط الخوف وسياط العار والرذيله ,,,
أنُسمى عاصمه "الرشيد"الآن عاصمه الحريات وعاصمه الإنسان المثالي ؟؟
ام نُسميها عاصمه المذابح والمجازر والإنتهاكات والإغتيالات؟؟
أتكون عنونآ للحريه المفقوده والتي لم تكن كذلك عندما كان المرحوم "صدام حسين "
رئيسآ وقائدآ ومجيدآ,,
إذآ مادمنا نقبل هذا الشكل الجديد للحريه ,,
لن تكون" القدس" وعاصمه " الرشيد"من سقطت فى بركه الحزن والدم ..
فى يد الأمريكان ويد الحكومه الإسرائيليه ..
كيف كان وجه عاصمه "الرشيد"قبل ليل الغزاه؟؟ وكيف أصبحت الآن ؟؟
أن كان هذا مذاق الحريه فلاحاجه للشعوب بها ,,,,
سلعهٌ فائضه عن حياتهم أن كانت تحمل ذاك الإمضاء !!
مابقى للعرب إذآ أن يغسلوا عواصمهم من مسمياتها وملكيتها ,,
ويقدموها ضيافتآ وكرمآ الى ضيوف عاصمه "الرشيد"كما فعل سابقوهم ..
فهنيئآ لكم صنعتوا التاريخ من جديد..


أنها لذه الحريه الجديده
والعروبه الجديده
..لذه الضحيه الجديده
ولذه الجلاد الجديد..


31/1/2007م
صنعاء _بوابه الحزن واللغه
(المدونة الثالثة والثلاثون)

سيف الرحبي :

أيها الممتد بين ذاكره الصحراء
وثقوب البرق اللامع
مازلت تجرح حنيني الى متاهات بوحك
أفترش ظمئآ وأنا أبحث عن عشب ٍ
يقلد نحيب الكلمه والمطر
نجمهٌ فى عمق المعنى
تكفي لرؤيه الظل
المنثور على غزاله القصيده !!
دعها تمارس الغوايه ذاتها
تلقي علينا مفردات الحنين البدائي ..
تغسل مرايا القلب
وعيون الأمكنه المتورده عشقآ
الى عنواين الذهول ..
لنخرج معآ من هذا المكان
المسكون بدم القصيده
وإمضاءات الرحيل القادم !!

ويزا:

حين يستفيق المرمر السحري فى عيون الحلم
بتلك القبلات ذاتها
أعزف أنشودة الحنين
أخلع الروح من دواه الأشياء
يشتعل الحرف قمرا ولهفه
والأرض ربيعا ..
لكن الجسد مُعبأ بورده الميلاد
وشهقة الزنابق
تجتاحه ومضه الأبجدية
ليبقى النزيف ساطعا
في جوقة الحبر
يئن إلى مواعيد القدر ..
6/2/2007م- صنعاء _بوابه الحزن واللغة

(المدونة الرابعة والثلاثون)

عاصمهٌ تمكث في جغرافيا الروح قبل جغرافيا التاريخ ...
تُقاسمنا العيش كما تُقاسمنا الهواء !!
تتسلل إلى رغبات الكائن لتوقظه من آخر أسراره العاجلة
والخروج من دوامه الذات إلى فسحه تطل على عناوين الفضاء الطلق
فهي تنجيك من البقاء طويلا وأنت متكلفا تحاول جاهدا إغراءها بغرور الشكل
وأنك تستطيع أن تجردها من فلسفتها &&
لا تلقى عليها كلامك فأنها في البدء تعريك وترغمك أن تسمعها نبض قلبك
كي تكتشف الذات المتوارية وتعلق عن خفق الكائن وعن هوية الروح .....
أنها سورٌ سحري لحديقة تفتنك بزهرها وعطرها وظلالها !!
أيضا ستكون بصحبه قسوتها ,,
هي تمنحك دفعه واحده صورتك الحقيقية من أجل أن لا تبذل
مجهودا أضافيا لمتابعه أبراج الحظ وتكتفي بالوصفة المهداة إليك دون أي عناء
أو تعب!!
كذلك وأنت في حضنها لن يهزمك الحنين إلى متابعه مواعيد الطرب
المعلن عنها على شاشه التلفزيون الصغيرة ,,,
فأنت بين يدي الفن الصنعاني ..تنتقل بين اللون الغنائي
وزخارف الكلمة والمكان إلى الغناء على صدر الزمان ...
فتسمع تمازجا مدهشا في الفنون وفى الإبداع الإنساني !
تظل تدفعك الشهية الجمالية للأشياء لتواصل مسيره العشق الآني
لهذا الإيقاع الخفي الذي يعتريك وأنت تحاول أن تجد تفسيرا
واحدا عن السر الكامن بين الريشة واللون ,,
وكيف تتحول الأجزاء الغامضة والمتلاشية عدما إلى سنابل قمح و
جداول ماء عثرنا عليها على إثر ظمأٍ
قادنا للبحث عن شكل الماء ,,
كيف ترقب الفن عندما يولد في عتمه خفيه لا نجدها الا حين تصير أدوات الفن
جاهزة ..
عندها تكون يد الفنان والنحات قلبا مشتعلا بتحدياته ومواهبه !!
وإمضاءه الموغل في ثنايا اللوحات ..
لنبقى مثقوبين بصمتنا مسكونين بتلك الفسيفساء
الناطقة بكل اللغات والمتراقصة بموسيقى الإبداع ذاته,,

3/3/2007م
صنعاء
(المدونة الخامسة والثلاثون)

سيكون لك موعدآ حافلآ لحظة أن يرميك القدر برصاصة البدء .
وأنت تحاول أن تختصر عناوين تشهق فى حنسنها الى وطن,
وثمالة الأشياء المفقودة التى مازلت تؤجلها وتحجز لها موعدآ دافئآ فى الذاكرة .
كل مشهد يحيلك الى ذرف ميكانيكية دمع ٍ حاد ..أو دراما لشكل الروح النازف حزنآ وتغريبآ ,
تحاول ان تغرق فى عناوين صمت ٍ فاجع الملامح ..
أنت أخيرآ إذآ تلملم أشلاء الحلم بمنجل الدهشة,
إنها شهادة التخرج الجامعية وأوراق التدريب ,خلف ضفاف القدر المجهول .
تنتظرك عيون الواقع الكثيفة الغموض .فأنت ستخوض أكثر من هزيمة بداخلك وستخسر أكثر مما كنت تتوقع أن تربحه من الأحلام.
فعليك ان تتمهل قليلآ وأنت تحاول أن تفك رقمآ واحدآ من أرقام لغز ٍ يُضحكك حد البكاء ويبكيك حد الضحك.
فأنت ربما بما يُؤثثك من الهم والإشتعالات والحرائق الناشبة كل لحظة .
لن تتمكن ان تُذيب قطعة ثلج ٍ عابرة..تقف على عتبة حُلمك !!
هيا فأبدأ فى الرسم ولتكن أنت علبة الألوان ومساحة الرسم عمآ ..
عليك أن تختار لونآ يحترف مقامات حزنك القادم.
عليك ان تُؤجل فتنتنا باللون الأسود كتعبيرآ عن طريقتنا فى البكاء والحزن .
فربما ترسم بريشة الألوان خطآ يشبه ثقبآ ..دون ان يكون اللون الأسود حاضرآ أو شاهدآ على عتمة الأقدار,
فلماذا كانت أحلام الوظيفة دون عناوين ودون ملامح ؟؟
فكم انت مبدع بهذا التغريد الفريد لأحزانك !!
بتلك الردود الثلجية التي تأتيك من المختص فى شئون الموظفين :تعبيرآ عن الحاجة الى هذا التخصص ,
ولكن سيتم الإعلان عن ذلك لحين الحاجة عنه!!
أمازالت أمنيتك بذاك الجنون السابق؟؟
أمازلت تمارس غواية الأحلام وتنسى مرارة الواقع الشاحب؟؟
عليك أن تُطفئ شهيتك المروعة للجنون وأبدأ دومآ من تلك الأرقام الصفرية.
أبدأ بالخربشة بهذا الثُب النازف فأما أن ترسم صفرآ أو دمعآ ,فكلاهما يُخرج علبة الألوان من مواهبها إيذانآ بخطف حزنآ أو قمرآ لبداية ونهاية مشهد البوح ذاته..
فالصفر أيضآ رقمآ قياسيآ يصنع تلك الأرقام الخيالية فى حياتنا ..
فأنا أعلن عشقي الأبدي للصفر وأنا أيضآ من اعلن نزوله من نص الجنون المؤقت للحلم .
فزهرةٌ واحدة ستجعلنا نخسر الكثير من الأصفار النائمة على عشب الحقيقة ,,
فدعنا نُشفى من جنون الحلم ونُصاب بجنون الحقيقة .
دعنا نمارس مزيدآ من التشظي ونحن نحاول أن نبدأ الرسم بذاك الرقم ..
نحاول وبخربشة ٍ عابرة بين الألوان أن نرسم تلك المسافة الفاصلة يبن الصفر والدمع !!
* 5/5/2007م-صنعاء

الفصل الرابع

رحلة الإمضاء الى العاصمة لم تكن الا مرحلة الإنتقال للبحث عن شكل العيش القادم,,
ربما كان مؤهل الدراسة الجامعية ليس الا مبررآ للتميز عن تلك الأيدي الباحثة عن العمل !
لم تكن العاصمة بتلك الهيبة التى تستقبل بها صانعوا مجدها وغدِها المشرق !!
انها بفوضوية تلقي عليك غبارها ,,
وتُقدّم لك كل مالديها فهي لا تعرف الإيجاز بالطبع !!
أنها تجيد الإنتقام فى لحظة الضعف أو لحظة القوة ,
"صنعاء" فى كل المتاهات مفتوحة للتأويل ,
أول شئ أدهشني فيها أنني وجدت أصدقائي يشربون الخمر بعنف !
ويصطنعون البحث عن الحب فى ساعات الخمر الأخيرة ..
والإتصال بتلك العشيقات فى ساعات متاخرة من الليل ,
ويتحدثون معهن عن السياسة وعن الجنس وعن الرؤساء العرب ,
كانت تلك المكالمات تتجاوز مدتها بين ثلاث الى اربع ساعات ,
دون ان يكون هنالك معنى ً للحب ,
كان أحد أصدقائي يتكلم مع عاشقته:
-كيف الحال؟
-تمام.
وبعد ان أستمر الحوار بينهما قال لها فجأة:
-أيش من جمال عبدالناصر ,
هذا الحوار العشقي الذي كان عناوين عاجلة للعاصمة .
لم انام إطلاقآ فى تلك الليلة ,,
كانوا جميعآ قد ثملوا !
فالذي كان يطرق الباب ,
والذي يعشق فى ساعات ٍ متأخرة من الليل ,
والذي يهذي دون إنقطاع ودونما هدف .
وكان هذا هو مساء صنعاء فى تعبيرهم !
وكل ليلة يتكرر هذا الموال معهم ,
مع انهم يشعرون بهذا الفراغ الموحش ,
وبأن خلفهم أطفال يحتاجون الى تلك الأموال التي يُبددوها فى هذه الاشياء الفارغة!
تعلموا العشق فى موقت ٍ متأخر من العمر ,
جاء العشق اليهم فى وقت ٍ هم بحاجة الى العمل والإنتاج !
وليس تبادل المشاعر والأحاسيس الزائفة .
أن البداية لتأسيس مشروع الحياة هنالك يبدو أنه مشروعآ صعبآ جدآ ,
فأنت ستبدأ من تلك الأرقام التى تبعد عن الصفر بالملايين من الأرقام السالبة ,
أنها مدينة مُفخخة بالناس الدبلوماسيين والوزراء ورؤساء الأموال !!
مدينة لايستطيع البقاء فيها الا من يحترف اللصوصية ,
وكذلك أن كان لك فيها يد تأخذ بك وتعمل على مساعدتك ,
وسط الأعاصير القوية التى تقتلع الأخضر واليابس .
بدأت الأمور تأخذ شكلها المعتاد ,
وانت تبحث عن الشركات التى تتناسب مع تخصصك ,
بعبارة مختصرة يستقبلك موظف الشركة قائلآ :
إترك لنا ملفك ورقم تلفونك وعند الحاجة سنتواصل معك !
والذي يحدث بالتأكيد أن عمليات التوظيف تتم دون الرجوع الى مثل تلك المسائل !
فالتوظيف بطريقة ٍ سرية تمامآ ,
فرئيس قسم معين ان كان هناك من حاجة الى مهندسين ,
فيطلب المقربين اليه ويتم التوظيف .
بغض النظر عن المستوى العلمي الذي تخرجت به من الجامعة.
المهم أن يكون مؤهلك مطابق للدرجة الوظيفة التى معهم,
أستمرت عملية البحث عن العمل ,
ولكن أيضآ الذي أوقفني عن البحث عن العمل فى أي مكان ٍ هو الإنخداع السريع بحالة الأخرين ..
ونعتبرهم من سيحققون لنا الهدف دون أدنى تعب !
كنت أيضآ لا أقطع رغبتي الشديدة فى العمل بمجال تخصصي ,,
وكان هذا الشعور يتكاثف فى المساء ,
عندما اكتشف انني لم اصل بعد الى الهدف الذي جئت الى العاصمة من اجله .
كنت أحاول أن أجد فرصة التوظيف فى المؤسسات الحكومية كالإذاعه والتلفزيون ,
او فى المؤسسة العامة للإتصالات أو فى شركة الهاتف المحمول (يمن موبايل)
ولكن كانت المحاولات لا تلبث أن تصل بك الى طريق ٍ مغلق !
كانت كل العبارات تشير الى أن التوظيف موّقف من رئاسة الوزراء .
لم تكن الا محاولات مستمرة وبحث ٍ دامي الخطى!
كل الذين تعرفت بهم فى بعض المؤسسات والدواوين لم يكونوا الا من حملة الثانوية العامة ,
ويشغلون بعض المناصب المرموقة ,
وأيضآ لهم من الرواتب والمستحقات مايجعلك تنسى كل حياتك .
كنت أكره هذا المشهد ,
واتمنى أن أعمل فى أي كافتيريا ولا أتابع مشهد الموظفين ذلك .
دام مشهد البحث طويلآ ,
وأكتملت شهادة اليأس تمامآ..
احسست أنني بدأت أتعثر وبدأت ملامح الحلم تخفت نسبيآ ,
الوقت يمشي بعجلة ٍ متسارعة ,
وأنا ادور فى مسار ٍ دائري لأعود لنقطة الصفر تلك .
الذي يجعلني أشعر بأن الغد سيأتي لا محالة ,
خبر توظيف لأفراد دفعة الجامعة من زملائي ..
كان هذا مايجعلني أتابع مشروع البحث عن الوظيفة .
فلم يزيدنا الإنتظار الا قلقآ وحيرة ,
كانت الكتابة فى المساء تعني العودة الى الروح ..
والى الماضي الذي ترك فى ذاكرتي العشق للكتابة والقراءة..
والى ترميم ذلك الجانب المُمزق من الداخل ,
القراءة المتواصلة للكتب الهندسية ومتابعة الأخبار والصُحف اليومية,
وأيضآ الإهتمام بالكُتب الثقافية وبعض المقابلات الصحفية مع الشعراء ,
بدأت فى عشق الكتابة على شبكة الإنترنت ,
خصوصآ فى مجال الأدب والثقاقة ,,
فكنت أن أخرجت كتاب هندسي أخرج ايضآ عشرات الكتب الأدبية ,
وهذا مايدل على الرسم بالكلمات وبانني أحترف الأدب ولا احترف الهندسة ,
بدأت أكتب كثيرآ و ماأعانيه هو جهاز الكمبيوتر .
لذا أكتب على الورق العادي وأخرج الى مقاهي الإنترنت لطباعتها ,
بدأت فى مسيرة الكتابة وتجاهلت حاجتي الى العمل .
فمن المفترض أن أعمل بأي شكل ٍ كان ..
بعيدآ عن الهندسة وعن التوظيف !!
ولكن تهيأت البيئة المناسبة للكتابة وليس العمل ,
فهناك من يدفع إيجار الشقة وفاتورة الماء والكهرباء ,
ونحن ماعلينا الا الصمت والفراغ !



**********************************












وأنا فى غمرة البحث عن الوظيفة فى المؤسسات الحكومية ,
كنت من حين الى آخر نذهب الى مساعدة أمين صندوق مجلس الشورى ,
وذلك لكي أحصل على بعض مصاريفي اليومية ,
ولكن بالرغم من ذلك كنت اشعر بعقدة الذنب التي تؤنبني ,
فالعمل المنقطع فى صرف الرواتب لا يليق بشخص ٍ حاصل على شهادة الهندسة !!
هناك شئ ٍِ آخر كان يدفعني الى الذهاب الى المجلس وهو التعرّف بأشخاص لهم علاقات مع وزارت آخرى,
وهذا الشئ الذي ظل عالقآ بذهني ,
الحصول على التوصيات من أعضاء المجلس الى وزراء فى الإتصالات أو الإذاعة او وزراة الكهرباء,
ولكن دون جدوى كان كل شئ يتوقف عند نقطة النهاية ,
فالجهة التى أذهب اليها تقدم إعتذارها وذلك بسبب ان التوظيف غير ممكن .
انه ممكن لأولئك البرجوازيين ابناء الوزراء والسلك الدبلوماسي ,,
فكل الوظائف تذهب اليهم ,
وايضآ تلك المقاعد التي تُمنح فى وزراة التعليم العالي ,
مقاعد المجاستير والدكتوراه ومقاعد البكالوريوس ,,
أتذّكر أن احد الصحفيين حصل على مخالفة تتضمن أسماء الطلبة الذين يسرقون المنح الدراسية الى الخارج ,
وهم أبناء المشايخ والوزراء والوجهاء ,
فتم ملاحقة ذلك الصحفي وخطفه الى جبل ٍ خارج صنعاء وهددوه بالقتل ان فعل ذلك مرة آخرى !
وحصل ذلك الصحفي على جائزة أشجع صحفى عالميآ فى امريكا !
ولكن أي جهة ٍ تابعت ذلك الموضوع ؟؟!!
لم يُثر على الإطلاق ! وكأن شئ ٍ لم يكن ,
عاد ذلك الصحفي الى عمله !
ولم تقوم أي جهات ٍ حكومية بمنح الموضوع طابع الإهتمام !
المهم أن لايعود ذلك الصحفي الى كتابة ٍمثل تلك !
وعدم المساس بهذه الأشياء وإعتبارها مواضيع خطير ة للغاية ,,
ومع ذلك فالوطن إعتبر تلك الجائزة تكريمآ للديمقراطية فى هذا البلد .
وان الوطن يعيش ديمقراطية متقدمة ,
أي ديمقراطية ٍ تلك التى تمنح ذلك الصحفي شكل الموت فى احدى قمم جبال "وادي ظهر"!
الجائزة لم تُمنح الى الوطن لأنه ثري بالحرية !
إنها مُنحت لصحفي نظرآ لشجاعته الأدبية ,
ولأنه قرر ان يكشف ذلك الزيف القائم فى الوزارات ,
وان الوطن يتقاسم النهب والغنائم والحصص الخارجة عن دائرة الضوء ,,
ويمنحها فى عتمة ليل ٍ بهّي الى أولئك الخارجين عن القانون.
أنه صحفي أختار أن يبرهن للشعب مهنته المُقدسة ,
والذي أعتبر أن الصحافة فعلآ هي خبز الشعوب .
وأن الصحفي الذي لا يعتبر أن دواة حبره هي بمثابة التغيير وكشف الحقيقة ,
بعد ان حصل تكريم ذلك الصحفي فى امريكا ,
وعاد الى الوطن ..بثت قناة "الجزيرة "لقأءآ مع وزير الإعلام اليمني ,
وكانت تلك المقابله حول مسار الديموقراطية فى اليمن ,
فبدأ ذلك الوزير يستعرض الإنجازات التى يجنيها الوطن ,
وان حصول ذلك الصحفي على الجائزة لم يكن الا تكريمآ لشكل الديمقراطية فى الوطن ..
فهل يمكن أن يتحدث وزيرآ للإعلام بهذا الخطاب الفاضح ؟
هذا لم يكن نتيجة لمساحة الديمقراطية المُتاحة !
كان نتيجة لضعف الحماية الحكومية للصحفيين ,
فى تأدية مهامهم وحمايتهم من أي إعتداءات !
لكن مايحدث لرجال الصحافة لدينا هي عملية الإغتيالات البشعة لهم ,
وخطفهم الى أماكن مجهولة..
وذلك لتهديدهم بان يمتنعوا عن الكتابة ,
ويتوقفوا عن طرق مواضيع تمس المسؤليين والوزراء والأنظمة القائمة .
وأيضآ الفساد لا يعتبروه موضوعآ حاسمآ أو مساحة للكتابة والتعبير !
بأمكانهم الكتابة عن الفن وعن الكليبات العربية وأغاني هذا العصر ,
وأيضآ وصف الوطن بذلك البلد الذي يعيش عهد الديمقراطية ,
وعهد الإنجازات والمشاريع التنموية التى تزخر بها أرض الوطن .
عليهم أن يعتبروا اوبريت "خيلّت براق ٍ لمع " مرادف ٍ لحضارة الأني والغد المشرق ,
وان الوطن لا يستطيع العيش دون ذلك الأوبريت ,
وعليهم أن يمدحوا الإنجازات التي تشهدها اليمن ,
كيف إذآ يعيش أولئك الصحفيين ؟
الذين يقتاتون على المديح ,
أولئك من يحصلوا على الإمتيازات والسيارات الفارهه !
أم الذين يكتبوا عن هذا الشعب وعن حاجتة الى الخبز وليس البسكويت كما قالت "ماري إنطوانيت ",
عندما خرج الشعب فى مظاهرة ٍ حاشدة ,
فتسألت عن سبب تلك المظاهرة ؟
قالوا لها :
-لا نملك قمحآ!
فردت بكل برود:
-كلوا بدلآ منه البسكويت .
لم يطلبوا منها أن تكفّ عن إقتناء الحُلي الباهظة الثمن !
طلبوا منها الخبز ليس سواه!
هنا تكمن بساطة المطالب الشرعية لأبناء الشعوب ,
أنهم لا يطلبوا الثروات ولا المناصب فى الحكومة !
ولا يطالبوها ببناء القصور الفخمة ,
أنهم يبحثوا عن شكل ٍ آخر للعيش والسلام ,
فماأجمل تلك المطالب الخالية من جشع السلطة ورجالها !
أتذّكر صحفيآ آخر ذلك الصحفي المبدع ..
والذي كتب عن الشعب وعن حقوقه !
كان فريدآ من نوعه فى مجال الكتابة ,
ولكن سرعان ما اُتهم بالخيانة والرجعية ,
لأنه كان يعّري الواقع الزائف ,
فنُسبت له العديد من القضايا فى المحاكم !
وكان يذهب الى المحاكم اكثر من ذهابه الى مقر صحيفته !
ثم مالبث أن توجه مع الوفد المسافر الى بريطانيا ,
وذلك مع الوفد الرئاسي الزائر الى مؤتمر الدول المانحة ,
وذلك ليعكس أن اليمن بلد يرعي الديمقراطيه ,
ويدعم الصحفيين فى أحزاب المعارضة .
فاعلن هذا الصحفي اللجوء السياسي الى الحكومة البريطانية ,
بعد عودة الوفد من تلك الزيارة,
كلّفت السلطة فريقآ للبحث عن أولئك الأشخاص الذين ساعدوا هذا الصحفي فى الذهاب معهم .
لقد نجا من الموت بأعجوبة !
وفر ّ الى مدن الضباب الكثيف ,
ذلك الضباب الممتزج بطعم الحرية .
لقد خلع عن جِلده لون المذلة والتُهم التى يسقطها رجال المحاكم ظلمآ وعدونآ !
وصار للمنفى مذاق الوطن ,
ووطن ٌ تسكنه المنافي والخيانات الكبرى !
تلك الأوطان الجاهزة لكل إسقاطات الأنظمة على شُعوبها !
وطن ٌ يهديك الموت بكل صُنوفه ,,
ويُرغمك على التُهّم وأشكال الجرائم المُبتكرة بطريقتهم .
فعليك ان تستسلم لرغباتهم وشروطهم فى العيش !
والأ فانت ضد وحدة الوطن ,
انت ضد شرعية الدولة والنظام ,,
هذه الأوطان المرتعشة بعشقها للسجون و رائحة الدم الأقوى من البارود !
ومن أولئك الصحفيين أيضآ الذين أُغتيلوا بطريقة ٍ بشعة ,,
وسار الوطن خلف جثمانهم وهو ينعي أسرة الشهيد الذي قدّم من الوفاء لوطنه مالم يقدمه أي مناظل ٍ آخر !
وأنتهت بذلك حياة رجل ٌ فى أقسى مشاهد الرحيل العفن !
تتم تلك الإختصارات دون أي تسأؤل !
ويتم أقصاءهم من الحياة ومسيرة النهوض بهذ ا الوطن .
فالكتابة فى هذه الأوطان تمنحك الموت ,
وتهديك قُبلة الإغتيال الخاطف والجنوني !
فهناك العديد من رحلوا بمُسميات متعدده من كُتّاب وأعضاء مجالس نيابية وقادة شرفاء ,
أغتالتهم يد الغدر والخيانة ,
وخلدهم التاريخ فقط بتلك الصفحات البيضاء الصادرة فى أربعينيات الفقيد ,
تلك التي نعثر عليها فى زمن ٍ آخر للتذكار !
زمن أن نفقد ماكنا نملكه !
وبعدها نتغنّى على الأطلال وعلى رُفات الذكرى الخالدة .
نحن نحتفل بكل الأشياء المفقودة وتلك التى تذهب منا فجأة !
ويمكن أن تكون لها حضورها الدامي ..
فى لحظة الغياب بالتأكيد !!
لانشعر بثمنها الا حين نفقدها .
حين نشعر بطريقة التمجيد لما فقدناه والمديح الزائف لها ,,
اننا مُصابين بداء الأوطان ودواء المنافي !
نموت على مساحة ٍ آخرى لم تكن مساحة الوطن .
نبقى فى حالة الحنين الى وطن ٍ من الخيال ,
ولكن متى سيشعر العربي بحجم وطنه ؟
وان الوطن لا يمكن أن يتصرّف ضد الشرفاء والمناضلين من أبناءه!
متى سيكون للوطن رائحة مُقدسة فى غياب الهيمنة على قوانينه ؟؟
متى سيسكن القادة العرب مذاق العروبة ؟
ويبدأون فى تحرير وإستعا دة الأرض المُحتلة ,
هذا ربما تحلم به دول آخرى غير تلك الدول العربية ,
نحن مهمتنا الصمت ومساعدة قوات الإحتلال لنمنحهم الأرض !
نمنحهم الجيوش فى تأكيد الإحتلال .
ونمنحهم مطاراتنا لقصف اراض ٍ عربية جديدة .
هذا مايمكن ان نفعله ,
ليت تلك الأنظمة تصمت فقط مقابل أن لا تتعاون معهم !
ولكن الذي يتحقق على الأرض غير الذي نحلم به,
أننا نفقد كل يوم أرض ٍ عربية آخرى ,
ونفقد قوائم من الشهداء الراحلين ,
ونرتكب أيضآ المذابح اللا معقولة والتى يدّونها التاريخ سرآ ,
تلك المذبحة التى راح ضحاياها خمسة وعشرون ألف فلسطيني!
ليصبح هذا الرقم الهائل فى حياتنا ..
رقمآ عاديآ ومستهلكآ كالعادة .
وتلك المذبحة البشعة التي أرتكبها الرئيس الأردني حسين بن طلال ,
نتيجة انهم دخلوا الى الحدود الأردنية .
فكان ذلك ضربةًٌ لمنظمة التحرير الفلسطينية ,
وخسارةً تاريخية للحاكم العربي !
انه رقم ٌ كبير ومُذهل ان يكون كل عدد من ذلك العدد الأكبر هو نهاية حياة !
ونهايةٌ لحلم ٍ بات يفقد بريقه اللامع ,
فبدأ العد ّ التنازلي لسقوط تلك القومية التي أرسى معالمها وأُسسها القائد الكبير :جمال عبد الناصر .
انه القائد الذي حرر الأرض وحرر فكر الإنسان من الاحتلال ,
وأستعاد قناة السويس بكل الحرية والنضال المطلق .
أستعاد أرضه تمامآ لتبقى ملكآ للشعب...
نحن فى زمن ٍ يفتقر الى القادة الكبار ,
والى اولئك الذين يملكون فى نفوسهم حق الرفض والتبعية الى الأنظمة الغربية .
هاهي الأمة العربية والإسلامية الآن ترزح تحت وطأة الإحتلال ,
وتضع للقوات الأمريكية القواعد على أراضيها ,
وتحشد العدد الهائل لنسف ماتبقى من الأرض العربية ,
وكذلك لنسف كل قائد عربي يفّكر بمحاربة المصالح الأمريكية فى المنطقة ,
نحن العرب حققنا نصرآ فى زمن حزب ٍ واحد هو حزب الله وليس دولة عربية !
برغم كل المعانات والنتائج التي تحملّها حزب الله ,
لكنه استطاع أن يبرّهن للحكام العرب أن إسرائيل ليست الا رقما عاديا ,
وأنتصر بالفعل ودّمر المئات من دبابات المركافا ,
والتي تعتبرها إسرائيل من أقوى الدبابات الحديثة ,
ولكن ذلك القائد أكتسح العدو بقوة ,
وأنتصر فى معركته البرية ,
قدم لنا الدرس الحقيقي عن تلك الأسطورة الكاذبة إسرائيل !
وبأنها لا شيء مقابل العزيمة والجهاد الخالص ..




**************************************












بدأت أدنو من ذاكرتي الأولى فى الكتابة ,
وتستفيق تلك الحممّ النائمة من براكين اللغة فى مكامن الذاكرة ,
بدأ شئ ٍ ما بداخلي يقترب من تلك الرواية التي تركت بصماتها على ذاكرتي ,
وقررت ان أستعيد ذلك الظل الخافت فى أنفاسي ,
وأعلنت أنني أعيش حالة العشق والشرود لذلك الطيف الذي تركني خلسة ,
فهو يسكنني من أٌقصى الذاكرة ويتلاعب بحواسي المذبوحة بعده ,
ألن تكون "حياة "حاضرة فى حضرة الحلم ,
طوال هذا الزمن المتلاشي والمُبعثر فى أشلائي !!
زمن ٌ خلّف سرب ٌ من الأحلام والمشاعر الفياضة ..
ليتها كانت فيض ٍ من حلم أو سراب ,
ليتها لم تكن "حياة" ولم تكن تحمل خلف ضلوعها تلك الجسور المعلقة !
ليت تلك الحرب ألتهمتها وضمتها الى قائمة الشهداء !
كي يستريح جسدي من ذاكرته ,
وأستريح انا من البحث الدامي عن خلاخيل قسنطينة.
كم كانت تلك المدينة تذبحني بالحنين والشوق الهادر ؟!
كم ستكون سعادتك عندما تهطل السماء ؟!
وترمي بجواهر حلمك عند قدميك !!
ترمي لك بذلك الطيف المسافر فى أحشاءك !
وتضع قلادتها السحرية على صدرك !
هاهي "حياة"التي فتّشت عنها فى كل أرصفة العمر !
وسألت عنها فى أقصى حدود فجيعتي !
تلك التي تركتني ذات زمن ٍ غابر !
رمتّ بأجزاء الذاكرة الى مرفأ النسيان .
وقرّرت ان ترحل بعيدآ فى حافلة الزمن الغابر .
ولكن مع كل هذا التيه وكل تلك الزوابع التى رافقت حواسي ,
لم تسكنني رياح اليأس والبَلادة ,
وركبت على خيل العشق لظلالها ,
وأنا فى كل المسافات التى أقطعها ,
أكتشف انني مازلت عند نقطة البداية ,
وأنني أحتاج الى ملايين السنين كي أجد ذلك الوطن الذي أغتال كل المنافي التى تسكنني ,
وأن الوطن الذي أشعر بغيابه مازل ينتظر نشيد البداية .
مازال يعّلق قصائد الحنين الكثيفة على مرفأ القلب ,
انا الذي هزمتني رياحك وأعاصيرك ,
وصرت خلف حدودك أسيرآ تائهآ ,
فمنحني تأشيرة الدخول الى ترابك !
إمنحني شئ من غيوم سُحبك ,
وقني من برد العزلة بعدك,,
انا من توحدت بتلك الإزدواجية الفاجعة للصمت ,
وصارت الأرض بعدك منفى .
ظلت تغتالني أمطار الحنين الى ذلك الظل الذي تحّول من رواية ٍ الى وطن !
وبات يطارد موطئ الذاكرة ويبحث عن غزالة ٍ شاردة كانت هناك .
مااجمل العشق الذي ياتي اليك من بطن الكُتب وأبطال الروايات !
انه أرقى انواع العشق بالتأكيد .
فأنت لن تحتاج شئ يستدعي منك المجازفة سوى الحنين ,
والنوم على شاطئ الورق ,
ان الإغتسال بدواة الحبر هوالخروج من لعنة العادات وتفاصيل الغيرة الحمقاء ,
ستظل حر ً وانت ترتشف قهوتك الصباحية وتعلن نزولك الخريفي على نافذة الورق ,
ستكتشف أن الأمطار التى تتسلق معطفك ليست الا أدوات ترافق قلبك المتأرجح باللغة وتماديها الفوضوي فى بوتقة عشق ٍ باذخ التفاصيل والملامح !!
فهل ستختار اللغة لتعلن العشق ,أم تبقى فى ساحة الخريف ليولد العشق خلسه؟؟
انت حتمآ تسكنك رياح العشق ,
وتحاول ان تحتمي من حُممه الملتهبة والتي تلتهم خارطة الحضور وأشياء الغياب !
انت من تطاردك تفاصيل العشق الى الكتابة والذاكره معآ !
لم تتواطئ معك الصُدف ولا ضربات القدر لتحسم جنونك الوردي اليهما ,
كنت فقط تسافر على حصانك الجامح فى كسر المسافات وإغتيالها المتسارع !
تحاول أن تذهب الى حتفك العاجل ,
ولكن القدر مازال يسرق إسمك من قائمة الجرحى ويبقيك معلقآ فى حائط الإنتظار !
لم تجد إسمك فى صفوف الشهداء الذين اهدوا الوطن دمائهم ؟
وكنت من تتعثر عند أول الطابور الذي سيوصلك الى فاتورة التبرّعات ,
كي تُسمي ذاتك بالمُجاهد والفدائي !
ولكن سرعان ما تتحول فاتورة حسابك الى رقم ٍ تجاري زائف ,
سرعان ما تذبل رائحة حنينك الى طوابير المُصابين الذين وصلت أجسادهم دائرة العودة الى
الإسعافات الأولية لتعلن بعض شهادات الإنتظار !
وتصف حالتك بالمتعب وغير القادر على مغادرة ساحة الورق ,
فهل أنت من يحارب ويكتسح ارض العدو ويخترق صفوفه الأماميه بنجاح ؟؟
دون ان تغادر صالة الحبر وجنازة الورقة الأكثر بياضآ ,
تعتقد أنك القائد الفعلي لمعارك الوطن ,
وبأنك مهندس الإنتصارات والهزائم معآ !
أهذا الذي يعتريك كل مساء ؟!
أن تشيع جنازات العدو الى مثواها الأخير !
وأن تحافظ على أسلحتك المعتادة وخُططك الحربية فى الإكتساح والتقهقر فى ذات اللحظة !
تُفضل ان تسدد فاتورة الوطن نيابةٍ عن أولئك الهاربين من حماية ارضه !
وتمارس غواية القائد الذي قهر الأعداء !
وتغلب على أولئك المنجّمين الذين حاولوا ان يوقفوا طبول الحرب فى تلك اللحظات !
ها أنت تغادر الأسماء وتبقى فى خانة الأوراق البيضاء التى لم نُصّب بتفاصيلها !
لم تتربع على عرش أخبار الجرحى الذين يتصدرون أخبار المساء على التلفزيون !
ولا حتى فى نشرات الأخبار التى تقرأ على مسامع الوطن أخبار الطقس ,
لم يشاء القدر ان ترتفع درجة حرارة وجعك فوق مستوى حرارة الوطن الصغرى.
ولم تغير مع الوطن الإحتراقات التى تُصيب طبقة الأُوزون .
كنت تدخل من وطن ٍ الى آخر ..
ومن معركةٍ الى آخر ..
ومن زمن ٍ الى زمن ٍ آخر ,
إنها مزيجآ من تلك المعارك التى تخوضها وتلك التى تخسرها,
وتلك التى لم تخوضها ولم تخسرها بعد ..
أنه دوارٌ حاد يخنق أنفاسنا ويُعطّلها عن ثنائيتها البديعه فى الشهيق والزفير .
ولكن ماأسم حالتك التى تذيب أزمنة الجليد القادم فى الذاكرة؟
ومن يقف على حافة المعارك التى تشعر بأنها جزءٌ من مشاريعك ؟
من أوقف الزمن ذات لحظة ٍ جنونية ؟
وامرك أن تكون اميرآ على بلاط السلطان ,,
من الذي فعل بك كل هذا؟
واستسلمت لكل الحقن التى وطئت أوردتك!
فلماذا إذآ لم يشيع الوطن إسمك فى قائمة الموتى أو حتى الأحياء منهم ؟؟
أنت حالة ٌ إستنثناءية الوقوع او الحدث ,
لم تكن الا المنطقة الخالية من الأسماء والأفعال .
ومع ذلك تلتهب كل العربات التى تطأها قدمك ,
وتنكسر الأصوات التى تلتقى بصوتٍ يشبه صوتك .
فهل كنت من أبحث عنه ؟
أم ذلك الذي يبحث عن الوطن ؟؟
فهل كنت فعلآ إسمآ لوطن ؟؟
ربما تكون انت ذلك الوطن الذي يجد رغبته الكبرى فى منحي وسام الشهداء !
ويزّور إسمي فى عناوين الأخبار المسائية .
ربما أنت كل المعارك التى كانت تجتاحني .
وتلك التى أخوضها فى غمرة صمتي اللذيذ,
انت من يوقظني فى كل الصباحات .
ويعلن عن بدأ ذلك الخريف المُزمن فى أحشائي..
كان كل مايعني وطن هو خاتمة البدايات ,
الذي أعاد للتراب رائحتة الأقوى وقُدسيته الباذخة ,
فى زمن ٍ للسقوط المريع للأشياء كنت أنت من تسكن القمم العليا للذاكرة ,
وتبرم معها المُعهدات والمفاهيم الراقية ,
وتلك العناوين التى تُخلّفها فى معارك الورق ,
لم تكن الا شاهد ٍ على رحيلك الدائم فى ازقة الوطن ..
أنت تبحث عن وطن ٍِ يأتي اليك من عمق الذاكرة ,,
فهل أنت من ترغب كل لحظة أن تسرق لك موعدآ مع الوطن ؟
وان تذهب الى تلك القائمة السريعة التى تختصر فى عمقها ذاكرة الوطن.
انت ترغب أن تكون باحثآ عن ذاكرة ٍ فقدتها ذات زمن ٍ ,
تركتها فى أحدى معارك النسيان ,
او خسرتها عندما كان لك ذاكرة ٍ من جنون ,
















***********************
















أن الكتابة على شبكة الإنترنت تكسبك بعض المهارات اللغوية ,
وتجعل من هوسك باللغة فى إتساع دائم .
سأكتب فى منتدى "احلام مستغانمي" ربما لانني أريد الظهور على مساحة واسعة.
وأريد أن أقيس معالم لغتي ومدى الإكتساح الذي سأحققه ,
بدات أكتب وأنشر واُعلّق على المقالات المنشورة فى المنتدى,
أريد أن أعثر على وطن ٍ خلف كواليس الذاكرة ربما فقدته هنا .
فأنا أبحث عن رائحة ترابه حتى الآن .
الكتابة فى زمن ٍ كهذا وفى مكان ٍ مثل هذا ربما أنجح فى الوصول الى شكله ,
ذاك الشكل الذي أنتحر فى ذاكرة ٍ غابرة ,
ولم أستطع العثور على وصف ٍ مُرّكز له .
كان ككل وطن ٍ فقدنا ملامح عشقه ,
ثم أردنا أن نلبس معطف الحنين اليه ,
ونستعيد تفاصيل الدفء التى نبحث خلف حدود الذاكرة عنها !
نحن أحيانآ مانلتقي بمنفى للذاكرة ,
لنعقد معه صفقه رابحه ولكنني نكتشف فى نهاية النفق أعاصيره وحُممه البركانية.
ليستمر الإنتحار المتكرر على حدود الذاكرة.
لنبقى سويآ اللغة جسرٌ والحبر دمنا المذبوح فى بوابة الذاكرة !
نعبر تلك المسافات الهاربة والمتلاشية ,
وتبقى انت كل الأسماء التى وهبتنا إياها !
وذلك العدد الهائل من الضحايا والشهداء والفدائيين ,
إسمُك ليس كتلك الأسماء المُبعثرة على صدر الجرائد ,
والتى يعتريها ذلك الخفق الدائم من اول المشوار ,
فى أحدى المساءات اسلتمت الرسالة التالية:
" عن كل ما لم اكتب
نشوان
من زمن ..لم أكتب في منتدى أحلام..ربما قبل أن تأتي ..أو بعد أن أتيت..لم أصادفك يوما ..لا يمكن أن تكون
..بعدي.....أو ..قبلي..لا يمكن أن تنحت من كلمات قديمة كتبتها ..منسية..أن تتفقد اسمي..لترسم لوحة ..تعلقها في .الذاكرة ..تحتفظ بها.. ..كخالد
"
أنها من الغالية "نفيسة"
وانا أمشي فى شارع "الرباط" فى العاصمة صنعاء ,
أنها مكالمة قادمة من خارج الوطن ,
فرديت فى ذلك المساء :
-أهلآ من معايا
بدأت أسمع صوت ٌ كأنه جرح ٌ قائلآ:
-معك نفيسة من المغرب,
رديت وأنا أرتعش :
-أهلآ سيدتي ..
-كيف أنت هلال وكيف هي أرض بلقيس ؟؟
-أرض بلقيس ستكون فى غاية السعادة عندما تصلها أنفاسك ِ المغربية .
-أشكرك هلال ولكنني اتصل بك لأقدم إعتذاري عن عدم تمكني من إرسال يوميات محمود درويش .
-نفيسة أن هذا الصوت القادم الى ّ من وطن "الطاهر بن جلون" ومن أرض الخبز الحافي
" محمد شكري "يعني لي الكثير بالطبع .كم انت ِ رائعة ياسيدتي؟
-لاعليك لنا لقاء على النت .سلام مرةً آخرى الى أرض بلقيس وسبأ ,
تركت ذلك الصوت أثرآ كبيرآ فى نفسي ذلك المساء .
شعرت أنني كُبرت وأنني سأعثر حتمآ على تلك الذاكرة المنسية ,
كيف أخذت رقمي "نفيسة "؟
أه تذكرت ربما من مقال ٍ لي على المنتدى كنت قد تركته على المساحة المتبقيه .
مشيت وأنا أُردد تلك التساؤلات العابرة ,
بدأت بعد هذا أكتب بعنف ٍ شديد ,,
وبعد اسبوع أسلتمت الرسالة التالية:
ذاك المطر الغزير يتدفق على علبة الرسائل..تنبثق " الأشعار والقصائد..شلالا من ضوء كثيف..ذاك النور الذي تسكنه ..يلمع بين الفينة والأخرى..ليست الا المخيلة التي نلتجأ اليها في الحالات القصوى..وحدها نستشفي منها هذا الالهام ..والعشق..والشغف..كالحنين الى وجوه نريدها..او الى عواصم نحتمي فيها..او الى حضارات ما زلنا نستنشق عبق التاريخ..تلك الرائحة التي تنفذ الى عمق القلب ..تشكل صورة ملهمتك..من بقايا التاريخ ..واستشراف المستقبل..
قصائدك الجميلة..خليط من كل هذا..وذاك..من بلد الحضارة..وواد سبأ..وصنعاء..وصورة بلقيس....أشكر اهداءاتك ..
كما أعزيك في المواطنين الذين رحلوا دون أن يستمعوا الى كلام الرئيس .."
يالها من رائعة أنها فعلآ تستحق التقدير والثناء!
قرأتها وأنا أردد تلك الكلمات ..
وأدخلني الزمن فى دوامة الصمت ..لأتعثر بعدها بالكتابة عشقآ ..
فأنا من قرر أن يعثر على ذاكرته تحت كل الظروف والإسقاطات اليومية لحياته .
هل تكون هي الشكل المفقود الذي ربما سأعثر على بوحه فقط؟؟
لم تكن مادة للعشق طبعآ ,
بل كانت حالة ٍ إستثنائية لشئ ٍ ما.
كانت تقول لى فى كل رسائلها :
دعنا نكون أُقرب الناس الى بعض بالحرف فقط .
أصدقاء بالحرف وبالكلمة والمعنى ,
ولكن هنالك شئ ٍ ما دق أجراسه فى قلبي .
وأعلن بداية طريق ٍ ما ..ساكتب لها رسائل عبر التلفون ,
كانت لاتجيب بالعربية لان تلفونها لم يكن يظهر الحروف العربية ,
سأكتب لها بالشكل الذي تريده ,
ولكنني مازلت فى طور الرجل الذي يفتقر الى شراء حتى بطاقة شحن للتلفون ,
عندما تكتب لي "نفيسة" سأضطر الى الرد ,
أنها تتحاشى أي لقاء يجمعنا على النت ,
وتعتذر عن كل المواعيد التى احددها ,
انها وقورة وناضجة فى تصرفاتها وأسلوبها ,
ولكن لم أكتشف على حدود ملامحها ذلك الوطن المجهول ,
فى أحدى رسائلي اليها عبر التلفون :
كم أحبك ِ ؟؟
ردت بشئ من عدم الموافقة:
-أرجوك لا أريد ان أسمع هذه الكلمة مرةً آخرى .
فقلت لكِ :
-لماذا ؟
أجبتِ والحزن يسكن كلماتك :
-أنني من أحتاج تلك الكلمة لأمنحها الى زوجي وأطفالي ,
شعرت بالحزن وأنا ألملم بعض الكلمات على لساني الذي تعطّل عن النطق ,
فقدت خيطآ كنت قد سُعدت بالعثور على طرفه ,
وأنقطعت الرسائل بيننا لفترة ٍ وجيزة .
أنها تتوحد معي بذاك العنفوان اللغوي فقط .
تتركني اعبث بهذه المسافة التى تفصلنا ,
ياتي الصوت مرة ً آخرى فى شهر رمضان :
-مساء الخير سيد هلال,
أجبتها وأنا ممزق الدهشة :
-مساء النور سيدتي ,كيف أنت ِ ؟
-انا بخير وأقول لك كل رمضان وانت بخير ,
-وانت ِ بخير سيدة "نفيسة ".كم اتمنى أنا ألقاكِ على الإنترنت ؟
-سأحاول أن أجد وقت ٌ مناسب لنا ,كل عام وأنت بألف صحة تصبح بخير مع ألف سلام ,قبل أن أودعك سأعطيك هذه الرسالة أتمنى ان توصلها الى صديقك"زيد":
هلال "

حين تمطر السماء..تغمرك رائحة التربة ..تتسرب الى داخل الذات..ذرات من حنين ....هكذا حين ينثر القلب .. الحروف..ينتابك حنين الى شيئ يشبح هاته الحروف..شيئ يشبهك ..هلال زايد..
صديقي في الحرف ..ذات مساء..رتب حقائبه ..وفوضى القلق..عودة للوطن ..اليمن..صدفة..تقابلنا على النت..حدقت في كلمة المفتاح.."لا تطرق الباب اني لست بموجود..وحين سألته..كيف..قال..هناك قرية ..ليس بها لوحة مفاتيح حتى أستمر في الكتابة..كان حزينا جدا..فكتبت رسالة في المنتدى من هلال زايد ..ابلغ للأصدقاء برحيل ترك حزنا ..كانت أشعاره جميلة وقاتلة.. ....أتركك هاته " اللحظة..سلامي الى بلقيس ..نفيسة...
-أشكرك ِ سيدتي على كل هذا التواصل كوني بخير سأمنحها الى "زيد",سلام !
لقد أدمنت ذلك الصوت الحنون ..لم يكن صوت عاشقة أو فتاة مراهقة ,
أنه صوتٌ يختصر بأعماقه أشياء الإنسان الحقيقية,
تلك التى تناساها الإنسان فى زمن ٍ آخر ويظل يحمل معه أشكال الخيانات والعلاقات المبتورة المعنى ,
أي إمرأة ٍ تلك التى تهديك بطاقات المناسبات وترمي على مسامعك أنفاسها ,
دون أن يشعر زوجها بتلك الروائح القذرة للغِيرة,
بدأت أحن ّ اليها كثيرآ عندما أطلب لقاءها على "النت ".
التقيها لمدة دقيقتين وتعتذر عن المواصلة لأنها ستذهب من العمل ,
وفى غمرة إندفاعي الشديد اليها بذلك الشهر ,
أردت أن أتصل عليها ولكن كان ذلك فى وقت السحور من رمضان ,
إنزعجت "نفيسة "من ذلك التصرف وقررت أن تقاطعني وتتوقف عن التواصل معي ,
لأنني سببت لها الكثير من المشاكل مع زوجها ,
رميت بالكثير من الرسائل الى بريدها الإلكتروني ,
لم أعرف انا فى البداية ماسبب ذلك ؟
لم تكن تجيب على تلك الأسئله التى أطرحها اليها ,
أدركت ان شئ ٍ ما قد حدث ,
وانني يجب أن أصمت مقابل هذا ,
أستمر الصمت شاهدٍ على ماحدث بيننا ..
قررت أن أكتب لها رسالة بالتلفون علها توضح ماأزعجها ,,
"أنني أسف سيدتي ,ان كنت قد تسببت لك ِ بأي مشاكل فى حياتك ِ ,
فأنا لم ادرك بعد ماالذي يزعجكِ ؟وماالذي أفعل تجاهكِ ؟
جاءت رسالتكِ بعد كل هذا الزمن ,
وبعد كل هذا الإنتظار الجنوني "الذي ازعجني التلفون فى ساعةٍ متأخرة من الليل "
أدركت حساسية الموقف وأن كل شئ لايمكن ان يكون عبثيآ أبدآ,
أستمرت موجة المقاطعة طويلآ ,
وشعرت انني فقدت جزءآ مهمآ فى مسيرة الكلمة والبحث عن طريق اللغة,
فهمت فيما بعد أنها لم تكن الا عاشقة ٍ للغة ولا معنىً آخر يمكن أن تتضمنه ,,
وبعد أكثر من شهرين التقيتها فجأة على الإنترنت :
-نفيسة ..أيمكن ان يكون هذا حقيقه ؟؟
لم تردي ذهبت ِ بصمت ٍ أكثر حِدة..
وجاءت تلك اللحظة الحاسمة التى التقيتكِ ,
وأتفقنا على الية التواصل دون أي جنون معلن ,
وأصبحنا نلتقي دون مواعيد ولانلتقي دون مواعيد أيضآ,
وأنا فى غمرة التيه أعلن عن ذلك الجرح النازف فى ذاكرتي ,
ذلك الجرح الذي يوقظ وطن فى جوانحي ,
هل نعثر على كل الأشياء التى فقدناها فى ذاكرةٍ ما ؟؟
أننا ربما نعاني من وطن ٍ سلخ جلودنا على أطرافه ,
ربما رمى بنا خارج حدوده الشرعية ,
ولكنه يخدعنا فى كل المرات ..
اننا نعاني من وطن ٍ إغتالته الذاكرة فى أحدى معاركها الطاحنة ,
والآن وبعد هذا الزمن الضارب فى النسيان ,,
تستيقظ الذاكرة من سُباتها وتعلن حتمية البحث عنه ,
كنا فى كل المرات لانجد الا منفى وموتى فقط ,
نعثر على مزيدآ من الخيبات والهزائم العابرة ,
ولكن أتأتي الأقدار بقدر ٍ مثل الوطن ؟؟
ربما تصحو الذاكرة على قدر ٍ يشبه الوطن .
فتجيز لك أن تغتال كل المنافي السابقة وتعلن عن ميلاد ٍ آخر لذاكرتك,
الذاكرة ربما تعثر على تأشيرة وطن بالشكل الذي يمنحها الحياة فقط ,
فانت ربما تكون خارج وطنك ..لتُصادفك جملة ٍ ما او شكل ٍ ما أو أسم شارع ٍ ما !!
وربما تكون أيضآ داخل وطنك ,
ولاتجد شيئآ يمنحك الثقة بأنك تسكن وطنك ,
لاشئ يوقفك ويجعلك تُجزم بأنه الوطن ,
جاءت تلك الكلمات المختصرة برسالةٍ نصية الى تلفوني ذلك المساء لأول رمضان :
"بنسيم الرحمة وعبير المغفرة وقبل الزحمة أقول لك رمضان كريم .islamic.net "
وانا خارجآ للتو فى نزهةٍ قصيرة حول العاصمة بسيارة صديقي ,
تُرى من يكون هذا الذي بعث لي بهذه الرسالة ؟
ربما يكون مخطئ ..فوصلت الى رقم تلفوني !
كان الرقم هو من الجزائر ..لم أرد عليه تركت كل شئ بصمتٍ عميق !
أنها الليلة الأولى من شهر رمضان ,
سهرنا ذلك المساء حتى السحور ..بعدها نمت الى الظهر ,
فأيقظتني رسالتان بالتلفون لنفس الرقم والذي فيهما عنوانين للبريد الإلكتروني الخاص بصاحب الرسالة ,
وتتضمن الرسالة الآخرى موعدآ عاجلآ يطلب التواجد على النت بعد ساعة ,
قمت بعدها للخروج الى مقهى الإنترنت فوجدت الشئ الذي أدهشني وأقف الزمن عن الدوران .
فى البدء كنت أقول أنها مخطئة وبأنها طرقت الباب بالخطأ ,
فكنت أنا من أعلنت مراسيم إستقبالها ,
هي بحثت عن شخص ٍ ما ..
فهل كنت أنا ذلك المجهول الذي عثرت عليه ؟؟
وهل كانت حقآ تبحث منذو زمن ٍ عن رفات ذاكرتي ؟
ما الذي تبحث عنه ؟
وكيف فقدت عناوين الزمن كل هذا الوقت ؟
من يكون هذا الذي رمى بحرائقه على تلفوني ؟
ويطلب مني أن ألتقيه بعد ساعة ٍمن الزمن !!
كانت تلك الأسئلة التى تجري فى مخيلتي ..ولم أستطيع أن اجد لها من أجوبة !!
كل ما أعرفه أنني سأذهب الى ذلك الموعد المجهول ,
سأذهب الى تفاصيله.. فأنني لاشك أمام موعدٍ مُفخخ بالمجهول والمفاجأت ,,
أضفت تلك العناوين التى وصلتني عبر رسائل التلفون الى بريدي الإلكتروني ,,
أن هذا الشخص موجود على الشبكة ..
كنت انا من بدأ فى نسف المجهول وأعلن نفسه على نشرة الحضور المُفاجئ:
- السلام عليكم .
- ....
- من معايا
- ...
- أنا نشوان هلال من اليمن –صنعاء
- ...
- من تكون أنت ؟
- وهل تناسيت من أكون ؟
- كيف أتذّكر مالم التقيه ؟
- أن قلت أنك لم تعرفني فسأذهب واحذف بريدك الإلكتروني من قائمة العناوين!
- وأي زمن ٍ هذا الذي جمعنا تحت سقفه ؟؟
- سأخاصمك الى الأبد أن قلت لي أنك "هلال"؟
- أنتِ مخطئة وطرقت ِ باب ٍ غير الذي كان بإمكانكِ طرقُه !!
- ياسيدي أنت "هلال"بكل تفاصيله .
- ياسيدتي أقُسم بالله أنني لست ذلك
- المهم كيف أنت ؟
- انا بخير ..ما إسمك ِ؟؟
- ..........
- هل أنتِ موجودة الآن؟

يبدو ان الإتصال إنقطع ولم تعد موجودة على الطرف الأخر..
خرجت حزينآ ذلك الوقت من المقهى ,
جاء المساء بكل مايحمله من تساؤلات وشكوك ..
"ذهب النهار بجنونه وأقبل الليل بسكونه قلبي يسلم على المحبوب قبل مايغمض جفونه"
انها رسالة من رقم ذلك التلفون الذي التقيته هذا النهار على النت.
ماالذي يحدث ؟
ومن تكون هذه الجزائرية التى تجزّم بأنها ألتقتني ذات زمن ٍ سابق؟؟
هل أنا فعلآ ذاكرتها المنسية ذات زمن ؟؟
أه ..تذكرت أنها صديقة زميل ٍ لي ,أخبرني عنها .
سوف أخبرها عندما ألتقيها على النت فى الغد,
ساذهب الى النت لأجدها واخبرها عن الذي تبحث عنه ..
وأنا أبدأ فى الإتصال بالبريد الإلكتروني ,
وجدتها على الخط :
- السلام عليكم .
- وعليكم السلام
- كيف انت ِ سيدتي؟
- بخير.
- أنت ِ طبعآ "حياة سرتاح" كما أتوقع ذلك ؟
- ومن قال لك هذا ؟
- اعتقد ذلك !!
- كيف تعتقد وأنت هو ؟
- والله أنني لست هو ,وساعطيكِ أرقام تلفون صديقي ذلك ان أردتِ ,
- مادمت لا تريد أن تقول الحقيقة سأضطر الى المغادرة .
- أنا قلت لكِ الحقيقة وبعد ذلك لكِ القرار النهائي !
- سأتركك الى الأبد مادمت أنت "هلال".
- أنتِ حر فى كل قرار ٍ تتخذينه ..فأنا من أعطيت الأختار لك ِ !!
- وداعآ.........
إنقطع الإتصال وغادرتني فجأة ..
بعد ذلك تأكدت أنها فقدت شخصآ ما.. فى زمن ٍ ما ..
وهاهي الآن تعثر على شخصآ ربما يحمل رائحة تلك الذاكرة المفقودة ,,
شعرت أنها حققت لي بعض الإنتصارات النفسية ,,
وكانني على ضفة الحدود الأولى لشئ ٍ ما !
ولكن كلما أقترب منها أكثر تحاول أن تخلق شئ من المستحيل بننا ..
أنها فى كل مرة تأتي بسبب ٍ لعدم إمكانيه الصداقة بيننا ..
كانت تدرك فعلآ من أكون ,
وذلك بسبب ماكنت أنشره على منتدى الروائية الجزائرية "أحلام مستغانمي".
ولكنها تعمدت أن تكثف المحاولات معي ,
وذلك مزاجآ لأنوثتها الشرقية فى قياس درجة العشق ودرجة الغيرة ودرجة النسيان عند الرجال ,,
كنت أنا من منحتها تلك الدرجة الجنونية فى الحنان وقررت أن أمنحها درجة الخلود الدائم ,
ولكن كانت ترمي بالكرة على ملعب المستحيل وتؤكد لي أنها ستبحث لى عن صديقة بطريقتها ,
وتعطيها رقمي :
- أنا ياسيدتي لم أطلب منك الزواج من أجل أن تبحث لى إمرأة لم تكن أنت ِ !
- سأعطيك رقم صديقتي وأتفق معها كيفما تشاء !
- لاأريد ذلك ياسيدتي ..
- لماذا؟؟
- وهل هذا شكل معقول لنوع العلاقات الأدبية ؟؟
- انا سأكون صديقتك ولكن دون ان نلتقي على النت!
- إذآ مامعنى هذا الشكل من العلاقات ؟
- أن شئت سأعطيك رقم صديقتي ,أو بالأحرى سأعطيها رقمك وهذا بريدها الإلكترني (....)!
- كما تشاءين ..مع انني حتمآ سأغادر صديقتك تمامآ ,,أتدرين "حياة"أنني حين ألتقيتكِ للمرة الأولى شعرت أنني ألتقيت بذاكرتي المنسية ؟؟
- كيف ؟
- شعرت أنكِ ذلك الرقم المفقود الذي أبحث عنه منذو زمن ٍ طويل !!
- وكيف لى أن أتأكد من ذلك ؟؟
- انتِ ليس بإمكانكِ التأكد ..انا الذي أرتعشت لهذا العنوان الأول من حلم اللقاء ..
- ................
- كان لقاءي الأول بكِ أكبر الصُدف ..وأجمل قدر ٍ لي حين جاءني رحيلكِ الفاجع الى حدودي !
- لا تبالغ فى ذلك .أنني لست شئ مما تقول !
- انت ِ كل تلك الجسور المُعلقة على قسنطنية..ولاتعجبي أنني أحببتكِ قبل كل هذه اللقاءات ,,احببتكِ فى زمن ٍ آخر وفقدتكِ فى زمن ٍ يليه أيضآ..ولم يكن يفصل بين تلك الأزمنة الا غيبوبة الذاكرة !
- هل تتكلم بالحقيقة ؟
- ربما تكون حقيقتي معكِ إستثناءية ,وكل الحقائق المُدهشة هي تلك التي تُدفن فى الأعماق فلا نبوح بها ونُثرثر عنها الى أول عابر سبيل ..
- غريب انت!!
- أنتِ تلك المساحة المضيئة من رقعة الذاكرة ..فلا ذاكرة ً لي دونكِ ..ولا وطن ً لي فى غيابكِ ,,انتِ رقعة الورق التى تذبحني بنقاءها الأبيض والتى تنتظر أن نفترش على وجهها بتلك الأناشيد الوطنية التى تعلن عن بدء مراسيم السلام الوطني ,
- ياسيدي نحن لسنا فى زمن الرويات ,ولم نكن خارجين من أزمنتها !
- نعم..ولكن ربما نخرج من قراءتنا لرواية ٍ ما ..بشخوص نعشقها ونبحث عنها فى مساحة الواقع ..فربما نموت ونحن فى تلك الدوامة من البحث الدائم!
- قد يكون هذا صحيحآ !!
- ربما تكون انتِ تلك "حياة"الخارجة من رواية الغالية "أحلام مستغانمي"! وقد أكون أنا مساحة الوطن المجهولة التي رمت "خالد"فى أحضان المنفى والتيه!!
- لاأعتقد ان كل ماتقوله صحيحآ ,ولو كنت تشعر بانها الحقيقة ..فأنا لاأحتمل أنا أكون "حياة"التى تشعر بجنونك الأزلى اليها ..
- أنتِ قبل أن أكتشف حضورك ِ معي على الحقيقة !!كنتِ ذات زمن ٍ نصآ من نصوص ذاكرتي .. أنتِ نعم !!فلاتتعجبي من كل إعترافاتي الجنونية فى نظركِ !!
- أنت شخصآ مجنون إذآ..
- ربما أكون كذلك ...
- ياصديقي اعتبر هذا اليوم أخر يوم لقاء يجمعنا ..ساعطي رقمك الى صديقتي وأنتهى الموضوع ..أرجوك أبحث عن نص ٍ آخر غيري ..
- اهذا كل مالديكِ ..ان غبتِ فهذا الشئ يعود لكِ ,,أما أنا فلن اعود أبحث عن نص ٍ آخر غيركِ !!ربما تذهبين الى المجهول ولكنني سأبقى حاملآ لرفات تلك الذاكرة التى أختارتها منذو زمن ٍ مضى..
- الى اللقاء ..وردة وحلم وطن تصبح عليهما ..كن بخير
تركت كل شئ وأنصرفت ..لم يزدنا ذلك اللقاء الا غموضآ وتشردآ .
كم أنا حزين هذه المساء ؟!
عدت الى شقتنا كمثل الطائر المذبوح !!
ربما لن ألتقيها بعد هذا ..ولكن لايهم ذلك ..أنا من ساحتفظ برُفاتها ..انا من سأحتل تلك المساحة الشاغرة لذاكرة ٍ من وطن ..أنا من سأغني وأهتف فى داخلي ..لأنني وجدت عنوانآ لذاكرة الوطن المنسي!
وجدت إسمي أخيرآ فى قائمة الذين يبحثون عن أوطانهم داخل الوطن ذاته ..
عثرت على وطن ٍ أبحث عن ذاكرته اللذيذه فى أقصى الحدود ولم أعثر على عناوينه فى الصحف ونشرات الأخبار اليومية التى يكررها الوطن كل يوم,
جاءني رقم غريب أيضآ من الجزائر ولكن كما قالت "حياة"أنها ستعطي رقمي الي صديقتها ..
طلبت مني أن ألتقيها على النت فى الغد ..
ذهبت الى موعدها وأنا مُنكسر من الداخل ..
ماذا ستكون رائحة العشق الذي يشتريه لنا الأخرون وبالمزاد العلني ؟؟
انها موجوده بدأت ألقي عليها سر كلماتي :
- رمضان كريم سيدتي
- .........
- هل انت ِ صديقة "حياة"؟؟
- .........
أنها ترد ّ بلغة ليست العربية ولا الإنجليزية..
تركتها تعبث بأدوات اللغة العمياء التى تقع على يديها ..
أفترقنا وجاءتِ أنت ِ بكل ملامح الوطن تستقبلين زهور الكلمات وأناشيد الإنتصار الفذّ..
وسالتني بدهشة:
- كيف حال صديقتك الجديدة ؟
- أرجوكِ لاتتحدثي عن هذا الموضوع ..فأنتِ تركتني وحيدآ !!
- لماذا ؟انا أعلنت لك موقفي !
- أنت ِ من قطع كل الإحتمالات معي ..أفرغتي الإناء من محتوياته ,وتركتني اختار شيئآ أكثر غموضآ من فراقي بكِ ..
- نعم !!أرجوك لاتحزن ..ستكون أكثر روعة مني ,,أنت لم تكتشفها بعد ..
- لاأريد أن تكون شئ تِجاهكِ ..انتِ ماتزالين حاضرة معي ..ولن اختار وطنآ لذاكرتي سواكِ !!
- الى اللقاء ..
ليت كل الأشياء الخفية التى نحلم بوقوعها لم تتحقق !!
يبقى للحلم مذاقه القُدسي التى نشعر بزحمة البحث عنه فى رُكام الواقع ..
هاانا أعثر على قامة الوطن بين زحام الخطوط المؤدية الى العالم !
فكانت المسافة بين الوطن وذاكرتي هي أنتِ !!
"حياة"هي كل تلك المسافات التى أغرقت الذاكرة عن التوحّد بالوطن ,
أنها من ستمنحني فرصة الخلود الى مناظلي وشهداء الوطن ..
ستمنح إسمي أخيرآ لقب الشهيد دون ان أكون كذلك فى الواقع ..
ستمنح ذاكرتي ذلك السمو المدهش فى طريقته الخاصه فى الرحيل النهائي ...
أيها الوطن ..إستيقظ الآن على إيقاع ذاكرة ٍ كانت فيما مضى ذاكرتك وعناوين صمتك الكبيرة !!
أستيقظ ..فانا الآن قد عثرت على إسمك ومساحتك وتفاصيل الطقس الخاصة بك !!
أدركت ثمن الهزائم والإنتصارات معك ,
وتلك الذاكرة المُتعثرة فى طريقتها فى البوح وفى النسيان أيضآ ..
كنت أنت كل مافقدته من الحلم والهذيان !
كيف أتيت أخيرآ بعد كل هذا الزمن وايقظتني من سُبات الأزمنة ؟
أنت أقرب الأشياء التى كانت تنام على الذاكرة ,
ولكنني لم أجد طريقة ً مألوفة للبوح على حروف إسمك !
كنت أتعثر فى أول الطُرق المؤدية الى حدودك .
لم تكن اللغة حاضرة ً فى وصف تفاصيل المكان والزمان !
كنت ملغومآ بالكثير من الشكوك والريبة ,
الان وقد أصبحت أتقدّم صفوف المدافعين عن إسمك ,
بعد كل ذلك الغياب الذي تورطت به ,
مازال هناك متسعٌ آخر لعشقك من جديد !
فانا سأكون حاملآ لواء الشهادة على يديك ..
















***********************************



















وفى المساء عندما عدت خائبآ من كل مواعيد الذاكرة ,
وذلك اللقاء الموحش مع "حياة"!
جاء الى تلفوني رسالة قصيرة:
"أرجوك أفتح بريدك الإلكتروني الآن ,تركت لك رسالة هناك "
أنها رسالة من الغالية "حياة".
ساذهب حالآ الى المقهى لأرى ماذا هناك ؟
خرجت مسرعآ الى المقهى وفتحت بريدي الإلكتروني فكانت الرسالة التالية:
"عمت مساءاً
قد قرات جميع رسائلك التي كتبتها لي ليلة امس
يا سيدي ساخبرك سبب هروب من لقائك
حدث وأحببت صديقك زيد كما احبني ربما لم أدرك محبتي له
الا في اللحظات الأخير لرحيله ولكن بعد غيابه
عانيت..عانيت..عانيت
لذا قررت أن لا احب بعد ذلك شخصا تفصل بيني وبينه حدود
حدود يصعب اختراقها ضف على ذلك
أنت لم تراني حتى فكيف تحبني ؟؟؟
هذا ما التمسه منك
صدقني لو كنا في زمن غير هذا
لاحببتك وذبت فيك حبا وعشقا وجنوناً
ولكن هذا ليس زمن خالد..
ولا زمن زياد..
ولازمن حياة الخارجة من روايات الغالية احلام


صدقني لا اريد ان أمنحك وابلا من الاحزان
امضى كأننا لم نلتقي
سر دون حنين لذاكرة صنعها لك صديق


لا تنسى بلغ من كان حبيبي انه جعل مني امراة اخرى
غير التي خرجت من عالم احلام
بلغه اني طالما احببته
ولكن...
سأمضى انا فبحث لك عن حبيبة أخرى
نشوان..
انت طيب جداً..مثل صديقك
كن بخير
رمضانك سعيد
وليلتك هادئة


لاتجعل الحزن يعشعش في صدرك
اجعل له حبيبه تمنحك شئاً من الحب
وأخر من الجنون


لك باقة ود تسع هذا الكون الذي لايجمعنا الا في الاحلام
ساذكرك دومـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً قـــــبـــــل أن أنام

أتدري
أنت صورة طبق الأصل عن زيد "

قرأتها وأنا مسكون بكل الخوف والفزع ,
ياإلهي ..ماهذا ؟
كيف فعلت بي كل هذا ؟
لابد أنها تريد أن تقيس نبضي نحوها !
أغلقت البريد الإلكتروني ومضيت الى صمتي ..
بدأت أكتب لها رسالة ,
سانشرها فى منتدى "أحلام مستغانمي "وأرى رد فعلها ..
وبعد أسبوع التقيت "حياة"بالصدفة:
- مساء الخير أيها الجرح الجزائري النابض فى ذاكرتي ..
- مساء النور .
- انت ِ كل مالم أكتشف معالمه بعد ..ولكن أكتشفت ذاكرته فى زمن ٍ آخر !!
- ياسيدي أنت مجنون فعلآ ..
- أنت ِ من أعادت ترتيب ذاكرتي مع الوطن ,معكِ شعرت ان الوطن بدأ يستيقظ !
- هل أقول لك بالحقيقة ؟
- لاأريد حقيقة تسرق مني لذة عشق الوطن بعد الآن .
- سأعطيك رسالة تقرأها الآن :


" قرات ما كتبت
أحزنني ان أشعل فيك كل تلك الحرائق
وانا التي لم استعمل معك شيئاً غير الكلمات

لما كل هذا الحزن يسكن قلبك؟؟؟؟
سؤال أطرحه على نفسي كل لحظة



قلت لك ياأخي أنني أحمل الاسم الخطأ
حدث وكنت اكتب به والان انتهى زمن استعارة الاسماء

على كل ان اسمي الحقيق هو نسيمة بولوفة كاتبة وصحفية
زرني على مدونتي وتعرف علي
سيدعني وجودك بجانبي حتماً

كن بخير "

- لايعني الإسم شيئآ .
- أنا لست "حياة سرتاح"وكان هذا الأسم الذي أحمله فقط للإستعارة ..أنا كاتبة وصحفية وأسمي الحقيقي "نسيمة بولوفة"
- لم يكن الإسم هو المشكلة بالنسبة لي ..لكنني وجدت على الأقل تلك الذاكرة التى فقدتها فى زمن ٍ سابق كنتِ أنتِ طرفآ فى حل هذا اللغز !
- ربما ...
- ربما لا نلتقى بعد هذا لأي ٍ سببٍ كان ,فأنتِ ستبقين معي وإن دخلت معكِ فى رحيل ٍ آخر ..هكذا سأعترف للمرة الأولى معكِ !!
- أتُصدّق أن قلت لك بأنني سأكتب عنك فى مجموعتي القصصية والتى ستكون أنت عنوانآ لها والتى ستصدر قريبآ ؟؟!!
- لابأس ..وأنتِ أيضآ عنوانآ لذاكرة ٍِ ما ..أنتِ التى أدخلتني فى قائمة العاشقين لأوطانهم آخيرآ ..كنتِ شاهدآ على ذلك الركام الهائل الذي يفصلني عن الوطن ..فكنتِ أنت ِ من أذاب جبال الجليد المتراكم بين الذاكرة والوطن ,
- أتمنى أن تكون بخير .تصلح على وطن !! القاك..
- وداعآ سيدة"حياة".
فجأة بعد أن فقدت الأتصال معها قرأت في المنتدى الرد التالي على المقال المنشور في المنتدى:
"
..حدث واستيقظت الذاكرة ولهف القلم عند الهاء واسرع باللام وذاب بالالف إلى أن توقف ليروي ظمأ شوقه..
برؤياك عند اللام قررت للحظة أن أضع بجانبها كامة أحبك..لعلها تغني عما في القلب من شوق وذكرى حب فكتبت الألف وليتني لم أكتبها فقد تبعتها الحاء مع حسرة في القلب..والباء كانت بداية البكاء..فدمعة بعد أخرى الى أن أنتهت كلمة أحبك مع الكاف ولكنها وأن أنتهت على الورقة..فلن تنتهي في قلبي..سيدي..لا أريدك زوربا أريدك أنت بكل عنفوانك الجميل..وحزنك المكابر..بجنونك الشرقي اريدك أنت بكل الحب."
أيمكن أن يكون الصمت أكثر دلالة وتعبيرٍ من البوح ببعض المشاعر؟
وهذا الذي يفصل الزمن عن بعض أجزاءه.
دخلنا معا في إجازة ٍ مفتوحة ولكنني بعدها لم أنسى شيء,
استعدت كل معالم ذاكرتي الأولى وازددت عشقا أكثر لشيء أسمه الوطن ,
بعد "حياة"لن يكون هنالك من حياة سوى الرحيل ,,
إنها إبنه الجزائر وانا أبن بلقيس –اليمن- ..
فكيف لها أن تعيد لي مجد العشق لوطن ٍ لم يكن وطنها ؟!
وماالذي جمع بين ذاكرةٍ ووطن لم تكن ذاكرتها ولا وطنها ؟!!
تبقى الأسلئة مفتوحة بإحتمالياتها المتعددة !
فربما كانت "حياة"الخارجة من رواية "أحلام"هي التى تركت بصماتها على ذاكرتي فى عشق الوطن !!
بحثت عن تلك الغيبوبة المتواصلة التى دخلت فى تفاصيلها ..لأفقد على إثرها ذاكرتي تمامآ ففقدت الوطن ...
نحن نُصاب بهذا الجنون المفاجئ بعد كل عمل ٍ مفاجئ !
فهل سأدخل بعد زمن ٍ غيبوبة ٍ آخرى غير غيبوبة الوطن؟
أن الوطن في كل الحالات السابقة كان حقيبة سفري الغير معلنة!
أنني فى أراضي الوطن منذو الولادة وحتى الآن ..
لكن هناك شئ خفي كان يقف حاجزآ بين ذاكرة والوطن ,
لم أجد من تفسيرآ مباشر لذلك الغموض !
ففتحت "حياة" كل تلك الأبواب الموصدة منذو زمن ٍ ,
وحافظت بعد هذا الوقت على السير فى موكب الوطن !
وأنا بعد كل هذا قد شُفيتُ من ذاكرة الماضي والطريقة السرابية التى كانت تعيشه !
تأتي الأيام ويأتي العيد وانا فى القرية..
لاأستطيع أن أصل الى شرايين "حياة"عن طريق النت ..
سأتصل على "حياة"وأزور صوتها لبعض الوقت :
- ألو ..حياة..كل عام وانت ِ بخير ..
- وانت بخير إن شاء الله .
- أتصل اليكِ من القرية ..لايوجد النت هنا ..سأتواصل معكِ عندما أسافر الى العاصمة "صنعاء"! كوني بخير .
- لاأعتقد أننا سنلتقى على النت .
- لابد أن يكون لنا من لقاء هناك ..الى اللقاء
- الى اللقاء
أغلقت سماعة التلفون ولم أُغلق ضحكتها الرنانه الذي مازال يملأ مسامعي !!
لم تتوقف أنفاسها الجزائرية فى مغادرة أُذني ,,
كانت تلك آخر المحاولات التى جمعت ذاكرتي بالوطن ,
وسجلت إسمي أخيرآ فى قائمة المجاهدين عن الوطن ..
"حياة" جرح ٌ مازال يوقظ الذاكرة لمعانقة الوطن ,,
أوصلت الذاكرة الى مقبرة الشهداء ..
وحاولت ان تجد لإسمي من فراغ ٍ هناك ,
فسجّلت ذاكرتي بدلآ من إسمي على تلك العُتبة السريعة
من سجل الشهداء ,,
أوقفت الوطن عن جنونه ومنحته جنون ذاكرتي مع الوطن ..
أنها من أيقظت كل مشاريعي مع الذاكرة وكان مشروعي الأكبر معها ,
ذلك المشروع العملاق والمرّوع معآ ..
أنه الوطن فى كل شئ فى الذاكرة وفى النسيان أيضآ ..









*******************************





























وفى غمرة الكتابة فى منتدى "أحلام مستغانمي",
الذي جمعنا بالأصدقاء من بلدان كثيرة..
فكانت "بشرى"و"نور"و"كريستي خالد الحوراني"و"ويزا"و"كيوت"و"ريا الجزائري"والكثير من الأصدقاء ,,
أن "كريستي"لها أسلوبها الجميل فى الإفتراس على الورقة البيضاء..
وتحويلها الى مادة قابلة للتأويل والحركة والفلسفة أيضآ ..
وفى كتابة ٍ لي على المنتدى ,
كتبت "كريستي"تعليقآ عليه:
" لا تنتحر.. كن دائما على فوهة الألم.. حاول أن لا تسقط في بركانه..لكن اعلم سيدي أن..
العشق الذي لا يواصل النزف في ذاكرتانا.. هو ثقب احمق في جسد ميت!!!!!!
شكله كرفات الذكريات المتعفنة والتي لا رائحة لها..
أجمل الذكريات تلك التي يمكننا أن نستنشقها حتى وإن كتمت أنفاسنا.. وقطعت حاسة الشم!!!!


لذلك لا تبحث عن النسيان.. خاصة إن كان هذا العشق عضالا خطيرا أصاب قلبك.. منذ الأزل!!!! "

إنها مُدهشة فى وصف الأشياء التى تكون مثارآ لحياتنا !
فى مساء 1/1/2006م أستلمت رسالة بالتلفون من "ويزا" كسابقتها "حياة"ولكن "ويزا"التى قدّمت نفسها بأسلوب جيد ,,
أسلوب الصداقة وانها مُعجبة بطريقتي فى الكتابة ,
أستمرت فى التواصل الحميم معي ولكنها كانت تتواري عن الظهور فى المنتدى ,
فى أحدى المرات وصلت الى بريدي الإلكتروني الرسالة التالية :
" اتعلم لغة اخرى للبكاء؟ غير الصمت؟ غير الصراخ؟
غير المناجاة؟
اشتاق.... اشتاق الحب الراحل... و اكره حبيبي الراحل الغادر....
يحرقني هذا الصمت اذا كنت ستصمت ساقتلك اقسم اني ساقتلك في عقر مغارات صمتك....
انطق ... اصرخ بدمعك... بجنوني... بحبي.....
انت لا تعلم بعد من تكون هذه المجنونة؟ هي حصاد خيانات لم تكن ابدا طرفا فيها .. هي حصاد حب لم تكن تسعى اليه بل سعى هو اليها حتى رماها في مهب سنين الراحلين...... اذا كنت تعلم اللغة التي ابحث و تجيد القتل الذي ارغب فارمي بسيفك الي و ادفن جثتي في مقابر العاشقين...
رحيل "
وصل إتصال عبر الهاتف من"رحيل"قالت بأنها أردنية من أصل فلسطيني ..
وطلبت مني أن التقيها على النت ..
لكنني تجاهلت طلبها وادركت أنها قادمة من طرف السيدة"ويزا" ,
التى تريد ان تتأكد أنني لن أنصرف عنها !!
وأذهب الى مواعيد آخرى ..
كانت تلك الأساليب المزيفة فى فهم العلاقات بين الأخرين ..
كانت "ويزا"مديرة مشفى بعاصمة الجزائر ..
لم يدهشني أسلوبها مثل "حياة"..
"ويزا"حالة ٌ عابرة بعد جنازة الذاكرة وشهادة الوطن ..
أنتهت "ويزا"دون علامات تُذكر ..
كانت حالة ً مرضية مؤقتة أُصبت بها ..
ولكنني شُفيت منها فى مرحلة الصمت التى أجتاحت ذاكرتي معها ..
وجاء دوار العشق بين يديّ صنعاء ..
التى أفرغت مخلفات صمتي معها ,
لم أكن جاهزآ بالطبع لكل تلك المعارك العاطفية التى أجتاحتني فى مرحلة البحث عن الوظيفة ,
لقد إستفذت كل الطرق المؤدية الى الوظيفة ..
وصرت كالمجنون الذي أختلطت عنده الأوراق ..
كان لابد لي ان أعثر على فرصةً للعمل فى العاصمة ..
إن العمل الذي حصلت عليه فى أحدى الوزارت لم يكن الا عملآ زائفآ ..
فوزارة مثل "الأوقاف" مالذي ستفلعه وانت مهندس إتصالات ,
العمل هناك يأتي كمثل العمل بأي مطعم أو معرض للأشياء التقليدية ..
أنه إدخال بيانات وسجلات الى الكمبيوتر والى الشبكة الخاصة بالوزارة.
قدمت أثناء العمل بالوزراة رسالة الى وزير الأوقاف طلبت منه إستيعابي لديهم بالوزارة !
لم يقرأ الوزير الا عنوان الرسالة فرد قائلآ :نعتذر عن تلبيه الطلب.
وأستمر إدخال البيانات التى تعتمد على سرعة الكتابة على الأجهزة..
وأستمرت المعاناة أكثر ,
فأحيانآ يتم إيقاف العمل بسبب موظف صغير فى المخازن بناءآ على رغبته ,
وأحيانآ يأتي التوقيف من الوزير ذاته,
وذلك لعرقلة اولئك المُدخلين وعدم صرف مبالغ كبيرة لهم ..
إزداد قلقي أكثر حين تم قبول زميل لي فى الجامعة وفى العمل بوزارة الأوقاف الى شركة إتصالات وذلك عن طريق أحد أصحابه الذين يعملون بتلك الشركة الجديدة للإتصالات ,
وبقيت انا أعمل فى الأوقاف ..
معظم الذين تخرجت معهم والذين معهم من الوساطة مايكفي ,
تم إستيعابهم فى تلك الأماكن ..
والتوظيف لايعتمد على أي شئ ,
أنه يعتمد بصورة أساسية على الوساطة والنفوذ,
كثيرة تلك المحاولات التى جُربت للحصول على الوظيفة العامة ,
كانت الأخيرة فى جهاز الأمن القومي ,,
تقدمنا الى الإختبارات العامة معهم على شكل مجاميع ,
المرحلة الأولى هي الأختبارات العامة فى الرياضيات والإنجليزي والذكاء والسياسة والتاريخ والجغرافيا والفقه.
والمرحلة الثانية فى إختبارات التخصص ,
والمرحلة الثالثة المقابلات الشخصية .
نجحت أنا فى المراحل الثلاث وقدمت لهم الصور الشخصية ,
ولكن ذلك الجهاز يتطلب منك السرية ,
وهذا كان سبب إخفاقي معهم ..
بعد كل المحاولات بدات أشعر باليأس ,
وقررت أن أبحث عن أي عمل ٍ غير الهندسة ..
وحاولت مرارآ أن أحصل على أي تعاقد فى أي جهة ٍ كانت ,
ولكن توقفت كل الأقدار عن محالفتي ,
فأنا يجب ان أتخلص من ذلك الوقت المساءي الذي أكتشف معه انني مازلت
خارجآ عن طور العمل والوظيفة .
فى أحدى المرات تعين عضو مجلس الشورى كوزيرآ للإعلام ,
وذلك العضو مع إتصال دائم بصديقي أمين الصندوق .
فكان أن أوصل ملف الشهادات الجامعية اليه ,
لكنه إعتذر بكل برود وقال عندما يكون هنالك طلب سيكون لملفي الأولوية ,
أستمر هذا التشتت الدامي فى إغتيال طموحاتي الكبيرة..
وإعلان التمرد على أشكال الواقع المرير,
أنه الرفض لحالة السكون التى تنتابنا ..
وتجعلنا نبحث أيضآ عن مسارات آخرى لحل تلك الأزمات ,
إن أزمة الجنس تأتي فى مقدمة الأزمات ,
ولكن تلك الثورة لم تتحرك ..بقت ساكنة انها تريد أن تبحث لها عن شكل آخر للبوح ,
فربما كانت هي سببآ فى الكتابة وفى العشق وفى التمّرد..
فى أحدى صباحات الوطن وانا ذاهب الى الدوام فى تلك الوزارة ,
صادفت وانا أمشي بثلاث طالبات من طلبة المدارس الثانوية ..
كانت أحداهن معها حقيبة مميزة اللون هو اللون الوردي ..
أنها تمشي وترفع شيئآ فشئيآ صوتها لأسمعه بوضوح ..
إنها تتحدث عن نفسها وعن بقاءها بمفردها داخل البيت ,
لم أهتم بهذا الموضوع ..
سبقتهن لأذهب الى موقف الباصات المؤدي الى الوزارة.
تكرر هذا المشهد فى صباح اليوم التالي ,
وكأنها تريد أن تثير فضولي تجاهها ,
أنها تسكن فى حارتنا ,
أن والدها يشغل السكريتر الصحفي لنائب الرئيس ..
ان ذلك الشخص اعرفه منذو فترة سنتين,
أنه رجل كبير ولم يكن صحفيآ بالمعنى الحرفي ,
أنه رجل عسكريآ وإستخبارتيآ من الطراز الأول..
أعجبني لون حقيبتها ..ولكن أنظر الى الموضوع هذا من زاوية التوظيف ..
أن الوظيفة كانت همي الأكبر وشغلي الشاغل ,
أنها ربما ستساعدني على الوظيفة ,
فأبوها رجل كبير فى الدولة ..ربما ,
أنها تمشي فى وقت مُبكر الى المدرسة ,
فى مساء ذلك الأسبوع وأنا ذاهب الى البقالة التى أشتري منها ,
إنها بقالة مقابل بيت ذلك الصحفي ..
وأنا أشتري شعرت أن هنالك شئ يتحرك على نافذة البيت ,
وأذ بها تشير الى أخوها الصغير الذي لم يتجاوز الثلاث سنين بان يأخذ شئ من هذه البقالة ,
لم تمضي دقيقتين حتى جاء ذلك الطفل وأشترى لها "بيبسي "أحمر ,
مضى الأسبوع الأول ثم أختفت ملامحها تمامآ ,,
تغيّرت تلك الحقيبة الوردية تمامآ وأصبحت هي شئ ًمجهولآ ,
لم أعد أراها نهائيآ ..
وبعد نصف شهر وانا قادم من وزارة الوقاف ,
خرجت الشغالة يبدو انها حبشية من بيت ذلك الصحفي والتقيت معها قرب شقتنا ,
نظرت نحوي قائلة وهي تضحك :
- كيف حالك؟
- زي الزفت والحمدلله!
رددت وهي تضحك..زي الزفت ؟
مضت الي مكان يعبد عن شقتنا بعشر دقائق .
دخلت الى الشقة واستبدلت ملابس العمل ,
جاء صديقي الذي يعمل كأمين صندوق بسيارته ..
أعطاني مفتاح السيارة لأخرج القات من السيارة!!
خرجت الى القات ..فوجدت تلك الشغالة راجعة الى منزل ذلك الصحفي.
القت عليا نظرة خاطفة تختصر فى معناها الإبتسامة الصغيرة ,
هذا كل مايمكن أن نقول عنه العشق الصنعاني ,
بعد ذلك احسست برغبتي الجنونية لكتابة رسالة الى تلك ,
كيف أستطيع أن أعطيها هذه الرسالة وأنا الذي لااثق بأحد هنا ..
لقد خطرت لي فكرة: سأعطيها مع جارتنا تلك التى تدرس معها ,
كانت تلك البيت التى تقع جوار شقتنا .
وصاحب تلك البيت يعاني مرض نفسي ,
كان كلما إنتابته الحالة النفسية يضرب زوجته ضربآ مُبرحآ .
كانت زوجته تأخذ فلوس كل مرة من صديقي أمين الصندوق,,
وتقول لنا :ان بنتها مريضه وتريد ان تعالجها ,,
لم تكن فى الحقيقة تعاني من أي مرض ,,
إنها تتناول القات وتشرب التُمباك بعنف..
إنها تتردد بإستمرار على صديقنا لطلب الفلوس .
وفى عصر ذلك اليوم جاءت الى شقتنا البنت الصغيرة ,
وطلبت كعادتها فلوس للعلاج كما تقول لها أمها !
كانت تسمع كل كلمة نقولها ,
ربما كان حديثنا عن ذلك الصحفي بصوت ٍ مسموع !!
أخذت ذلك الحديث بعين الإعتبار فهي تريد أن تخدم ساكنين الشقة بكل رغباتهم !!
من أجل ان تحصل على مبالغ محترمة ,
ربما نقلت رغباتنا التى أعلنا عنها فى الشقة ,
تسرب الخبر الى أُمها التى لايعنيها شئ سوى الحصول على المال ..
لم نعطي الطفلة أي فلوس !!
غادرتنا وهي محملة بكل الأنباء التى يجب أن تمنحها الى والدتها ..
كانت إستجابه الإم الى حديثنا سريعآ ,,
لم نعرف بعد تلك اللحظة مالذي حدث!!
فقد سمعت صُراخآ فى بيت ذلك الصحفي فى ذلك المساء.
كان المنزل مظلم وأطفؤ كل الأضواء فى المنزل ,
أدركت أنني وقعت فى الفخ وان الرسالة وصلت الي افراد الأسرة وهم مع بعض!!
لم أتوقف عند ذلك الحد ,
فاعطيت الرسالة الى ذلك الشاب الذي يسكن فى الدور الأول من المبنى الذي نسكن نحن فيه,
أنه شاب لم يكمل حتى دراسة الإعدادية ,
أشتريت له كرت تلفون ودخان وقال لي سوف يتصل بصديقته التي تدرس مع بنت ذلك الصحفي ,
أتفقت معه على هذا الأساس فى الحادية عشر مساءآ,
وبعد أن أفترقنا بساعة جاء يدق باب الشقة ,
نزلت اليه فقال لي :
- أعطيت الرسالة الى زميلتي وأخبرتها أن تعطيها الى بنت ذلك الصحفي ,
- تمام ,
- لكن أريد تلفونك من أجل أتواصل أيضآ معها ,
- لاداعي للتواصل ,
شعرت من خلال كلماته بالمكر ,
وفى مساء اليوم التالي لمحت ذلك الشاب,
عندما شعر انني أقتربت منه ..فرّ هاربآ الى منزله.
أدركت حجم خسارتي وبانني وقعت ضحية ,
لم أذق النوم فى المساء ,
كان خروجي بالعصر لمراجعة بعض شركات الإتصالات ,
كان ينتظر لي ذلك الشاب عند الباب ,
ويقول لي :
- أتصلت بي صديقتي ,اخبرتني عن الرسالة ,لقد أعطتها الى بنت ذلك الصحفي .
سالته وانا أشعر بالخوف والحزن:
- كيف تفاعلت مع الرسالة؟
- لقد شعرت بالفرحة وهي تسأل صديقتي بشئ من الغيرة عنك:من أين تعرفين ذلك ؟وهل لك ِ علاقة معه ؟
سألني أيضآ :
- أتريد رقمها ؟؟
- لاأريد أي أرقام .أنني أحترم أبوها أكثر من هذا الذي تقول عنه.
قلت له بشئ من الغضب :أرجوك أحترم نفسك ولاتتحدث عن هذا الموضوع بعد اليوم,
زرت مقرآ لشركتين فى ذلك النهار وقدمت بعض الأوراق من أجل أن يتواصل معنا لحين الحاجة الى ذلك .





***************************************************
















إن الخروج الى الكافتيريا بعد المغرب لشرب الشاي وتناول بعض السندوتشات ,,
كان شئ روتيني يخفف عني بعض الهموم ,
بعد تلك الرسالة بدأت أحسّ أن هناك عيون تتبعني الى المقهى والى كل الأماكن التى أذهب اليها ,
كانت الوجوه التى تسير بعدي وتلك التى تصل أمامي ,
وتلك العيون النسائية التى تتجه صوبي ,
إن كل شئ مكشوف وأصبحت إذآ ملاحقآ وتحت ادنى تصرف خاطئ .
سيقودني الى الموت حتمآ ,
أن ذلك الصحفي ليس شخصآ عاديآ ,
أنه رجلآ عسكريآ وإستخبارتيآ للسلطة,
يستطيع قتل من يشاء ويغتال من يشاء دون أي مشاكل تعترضه ,
إزدادت الأمور سوءآ وتفاقمت المطاردة المنظمة فى كل الأماكن التى أمر ّ عليها,
شعرت بأن رجال ذلك الصحفي يريدون إختطافي فى مساء يوم الثالث,
قررت أن أذهب الى صديق ذلك الصحفي ,
أن الصحفي وذلك صديقه من قرية مشتركة ,
وبينهما من الإحترامات ما يوقف كل المسائل الملتبسة ,
عسى ان يغير من رأيه ويتوقف عن مطاردتي ,
ذهبت الى صديق موظف فى وزارة النفط وأخبرته أن اذهب معه الى صديق ذلك الصحفي ,
وصلنا الى هناك فأعطيته ورقة مكتوب عليها كل ماحصل ..سألني بدهشة :
- هل يعرفك "يحيى"جيدآ ؟ومن اين تعرفه ؟
- نعم يعرفني ..عرفته لأنه ساكن بحارتنا ,
- وهل يعرف أنت من أين ؟
- نعم يعرف قريتي,
- لاتقلق ..سأبحث معه هذا الموضوع,
أخذ التلفون ثم اتصل على ذلك الصحفي ,
أخبره أن يمرّ عليه عندما يخرج من العمل ,
خرجت أنا وذلك الموظف الذي فى وزراة النفط وغادرنا المكان ,
وفى صباح اليوم الثاني زرت ّ صديق ذلك الصحفي الى مكتب عمله فى المعهد المالي بوزراة المالية,
دخلت اليه وأنا أشعر بالأسى لأنني وضعته فى موقف مُحرج مع ذلك الصحفي ..
شرح لي أنه وضحّ للصحفي كل الحقيقة وانتهى كل شئ..
قدّمت له كل الشكر والإعتذار عن هذا الموقف الذي سبب له الإحراج .
غادرت المكتب وانا مطمئن بعض الشئ ,
جاء المساء وخرجت الى الكافتيريا وظهرت حقيق ٌ آخر,
بعد عشر الى خمسة عشر ثانية من دخولي الكافتيريا جاء شخص الى جواري ,
تبدو من ملامحه ومن شعره الأبيض بأنه رجل فى جهاز الأمن السياسي,
عند خروجي من الكافتيريا أتجهت كعادتي الى الشقة ,
ثم جاء ذلك الذي ألتقيته بالكافتيريا خلفي على سيارة تاكسي ,
ثم دخل بيت ذلك الصحفي ,
أدركت أن كل شئ يسير الى الهاوية,
وأن ذلك الصحفي يريد إغتيالي بالشكل المطلوب ,
وفى الصباح وعند تلك الكافتيريا وجدت شخصآ متينآ جدآ و
ياكل بعنف وهو ينظر الى ّ نظرات خاطفة ,
أستمر ذلك الرجل تقريبآ أسبوع وهو على نفس الوتيرة,
قررت أن لا أدخل الى تلك الكافتيريا وأن أغادر تمامآ من هناك ,
عند الوزارة أتناول الإفطار والشاي ,
أيضآ ظهر لي رجلآ غاضبآ..ومعه بندقية ,
غادرت الكافتيريا الى الوزارة مباشرة ً ,
شعرت أنني على حافة موت ٍ عاجل!
وفى المساء يبلغ عدد المنتظرين عند باب الشقة حوالي الأربعين شخصآ ,
أنهم من أولئك الفارغين ومن عصابات الشوارع والحواري,
كتبت رسالة بالتلفون الى صديق الصحفي وأخبرته بالذي يحدث ,
فأتصل مباشرة بالصحفي وطلب منه ان يسمح لي أن أذهب اليه وأطلب العفو منه ,
أتصل بي بعدها وطلب مني أن اذهب وأسلّم على ذلك الصحفي ,
ذهبت الى بيت الصحفي مباشرة ,
سلمت عليه وعلى ولده وطلبت منه أن يسامحني ويعفو عني ,,
لقد ظهر لي أنه جيد وبانه لم يحدث شئ ,
وقال لي أنك مثل أبني وليس صحيحآ ماتشعر به ,
وان شعرت باي شئ أخبرني به!
أفترقنا ذلك المساء الأخير والذي كان عنوان لمعارك آخرى سرية ,,
أعتدت على كل مجانين العاصمة كأصدقاء لي ,
انهم محترفين لقتل الآخرين بطريقة ٍ عفوية ,
التقيهم عند أقصى شارع "هائل" وأنا راكب على باص الأجرة,
ثم أذهب الى نهاية شارع "16"فيدخل خلفي وأنا أتناول الغداء بالمطعم .
أن هذا المشهد اصبح مألوفآ بالنسبة لي ,
وعندما قررت أنا أفضح ذلك المجنون ..
قلت له وانا على طاولة الغداء أجلس معي على الغداء!
ردّ بإرتباك شديد شكرآ ..ثم خرج مسرعآ من المطعم وأختفى تماما,
فى ظهيرة اليوم التالي لم يات ِ ذلك المجنون ,
جاء مجنون آخر كان أكثر وحشية وتجهّم وعنفآ ,
انه ينظر لي بقسوة وانا اتناول الغداء فى ذلك المطعم ,
وأنا خارج من المطعم ..اعطيته مائة ريال ,
أخذها من يدي بقوة وكأنه يوجّه رسالة غضب لي ,
أدركت ثمن خسارتي وبانني مرهون تحت عناية الموت ,
وانه لايوجد من مجال ٍآخر للعيش والبقاء هنا ..
فانت عنوانٌ لقضية ٍ مجهولة التفاصيل .
لم تكن قضيتك حقيقية ..أنها مزيجٌ من الخيانة التى صنعها الأعداء لك ذات ليل ٌ بهيم .
سجلّوا إسمك فى خانة المطلوبين الى أقسام الشرطة والطوارئ ,
والأماكن التى تصنع منك مجرمآ وتسقط على إسمك الجرائم التى لم تكن يومآ جرائمك .
هم من يشكّلون لك التُهم والإسقاطات الوطنية الكبيرة,
يرمونك بحجر الجريمة وانت بكامل براءتك,
يعدّون لك ماتيّسر من لعنة الأوراق والمحاضر التى يحرصون على توثيقك داخل مساحاتها,
تلك المتشحه بحبر الفضائح المزورة والمُلفقة اليك ..
عليك ان تمضي الى مكان ٍ لاتغزوه أقلام التزوير والتلفيق الباطل..
أن الخروج من هذه العجلة القاتمة سيُؤخر طريقتي فى الرحيل فقط ..
سيكون هنالك من زمن ٍ ضيق يمكن أن يعيد لي ترتيب مراسيم الرحيل ,
ان تكون تلك المراسيم تليق برجل ٍ صنع له ذات زمن ٍمن المجد والعزة والشموخ مايكفي ,
اننا لايمكن ان نختار الشكل الأحمق للرحيل ,
لن يكون الرحيل الا رحيلآ شامخآ ووهاجآ ,
لن تغتالنا الأيادي المُتسخة بالدم وتعلن أن الرحيل كان مُدنسآ وتافهآ ,,
تريد أن تكتب الإسم الطُهري فى خانة الأسماء الصغيرة التى تكسوها الروائح العفنة ,
هؤلاء الذين يجدون فى رائحة الدم أشهى من رائحة الوطن ذاته ..
الرحيل لايعني أنك ستكون جبانآ او خاءنآ ,
لقد سجّل التاريخ ذات زمن ٍ لأولئك الذين أختاروا الرحيل كعنوان ٍ بارز لحضورهم على مدى الأزمنة ..
كان ذلك الرحيل الذي أختار شكله الفدائي والكاتب اللبناني "خليل حاوي",
لقد وجد الموت إنتحارآ كعنوان لجيل النكسة ,,
أنها نكسة حزيران لعام 67,
ذلك الإجتياح الإسرائيلي للمدن والعواصم العربية ,
أختار ان يقتل نفسه بكل حرية وشموخ .
تلك الرصاصة التى تخرج من بندقيتك وتختار أنت المكان الذي تريده ,
فنحن نذهب الى الرحيل ولا نطلب الآخرين أن يهدونا شكله الرجعي الأحمق ,
لانريد لأجهزة النظام أن تختار شكل المسرحية وأبطالها ,
نحن من نختار الرحيل ونحدد معه موعدآ كما نحدد موعدآ لخروجنا الى نزهة ٍ عابرة.
نريد أن نخاطب أولئك العاشقين لإغتيال الوطن وأبناءه ,
وتقديم المُبررات الوهمية التى دفعت بهم الى تنفيذ الجريمة ,
والبحث عن مُسمى شرعي لفعل الجريمة ..
أن الوطن الذي سرقوا منه كل الأشياء الثمينة وكل معاني الحرية والقانون ,
فاصبح يعني الإغتيالات والمحاكم التى تُدينك بالأشياء اللامعقولة,
وتتكاثف الأقلام الماجورة التى تسهم فى شناعة الفعل الذي يُنسب اليك ,
وتتمّ محاكمتك تحت وطاة الإعدامات وفى الساحة المفتوحة ,
والتى لم يدخلها أولئك الذين يسرقون أموال الوطن وثرواته..
ويتاجرون بأرقامه وممتلكاته خارج الوطن .
هؤلاء لن يتم محاكمتهم ولن يُطلق الرصاص على صدورهم ,
بل سيُمنحون وسام الشرف والنظال فى الدفاع عن الوطن ..
لكن الذي يمكننا ان نحافظ عليه شئ ٌ عابر من الوقت ,
ذلك الوقت الذي ننسى فيه كل أمتعة الخوف .
ونبقى فى حالة الرحيل وعلى تلك العتبة الحرجة من الزمن ,
الذي تبقى معه أمتعتنا عُرضة للنسيان الأبدي ,
لايمكن أن نُسجّل تلك اللحظة التى يتوقف عندها الزمن ..
ربما نستطيع ان نُفسر طريقتنا المدهشة فى الرحيل ,
ان تكون تلك المرحلة المُقدسة فى شكل الرحيل ,
اننا ربما نرحل قبل ان يكتمل النص وبعد أن تتوقف الذاكرة عن قراءة الزمن ,
قبل أن تتهيأ الورقة لولادة الحبر على مساماتها ,
وأن تتوقف أجهزة الدولة عن ملاحقة كاتب النص ,
وإغتياله مرة ً آخرى فى تهمه الإساءة لأجهزتها ,
الإغتيال الثاني الذي يتم.. من يستحق ان ينالُه؟
فالنص ليس الا إسم ذلك المؤلف مرةً أخرى!
ذلك الإسم الذي تعلنه أجهزة الأمن فى ملفاتها ,
هذا الإسم الذي ربما تغتاله المحاكم واجهزة النظام قبل أن تغتال نصآ من نصوصه السرية,
تلك النصوص التى تنام طويلآ ولاتجد طريقها الى النور ,
فهي حياة المؤلف الشرعية التى يبقى فيها حاضرا رغم رحيله المُدمي !
نحن ربما نجد طريقنا الى الرحيل قبل ان تكون نصوصنا فى متناول القارئ ..
يبقى الرحيل شاهدا على اندثار المادة الجسدية ,
ولكن هنالك علامة ٌ مجهولة لا يدركها أحدا سوى النص !
تلك التى تتوهج وتكون نقطة مضيئة في ذاكرة الرحيل ,
ستكون نصا فارغا ان أختار لك القدر موعدآ فى قاعات المحاكم وجلسات الإستئناف المُقززة,
النص ايضآ يكون محترمآ لحظة أن نمنحه طريقة شامخة فى الرحيل ,
نستحق ان نُخّلف نصآ دون أن نعلم بجمهوره وزمنه!
الذي نذكره أننا تركنا نصآ من حصة الروح ,
تركنا ذاكرة تُخربش على الورق شكل نزيفها القادم ,
وتعلن عن وفاة وطن ٍ أغتال ذاكرته,
تلك الذاكرة التى حاولت أن تجد الوطن خارج حدوده .
وتعلن بعد زمن ٍ أنها عثرت على رايات ذلك الوطن ,
وأنها ستمنحه ذاكرة الشهادة على تُرابه ,
فمنحها الوطن الرحيل قبل أن تكتمل فعل الشهادة ,
مخلفا نصا في دهاليز الغياب والرحيل معا!!!!!!!!!!!






































الفصل الخامس

فى ذلك المساء من الخامس من يوليو لصيف 2007م ,
المساء الذي افقدني هويتي الكبرى ,
وأحسست ان ثمن العيش القادم يعتبر ضربآ من الموت او الجنون !!
أن التنازل عن مشروع الحياة والعيش بكرامة لا يمكن أن نسميه عيشآ!!
فانت عندما تدرك أنك فقدت جزءآ حيويآ من حلمك ,
لحظة ان تُصاب بنوبة الجنون وتدخل ملاءات حزنك الكثيفة ,,
أنت من سقطت على قلبه سهام الغدر ووقعت فى محراب الضحية ..
من فقد حضوره البهي الى الأبد !!
أنت من أعلن رحيله الحاد عن عاصمة الحلم ,
الخروج عن دائرة التوهج الى عتمة الأشياء الحالكة ,
فأي مساءآ ذلك المساء الذي جردني من مفرداتي الجميلة ,
والتي هي عنوان الوجود كله,,
لقد تحسست أدوات قلبي كلها لأجد إنطفأ النبض التام ,,
لم تبقى الا برودة الموت التى تتسلق شرايين ً حزني الكئيب !
كيف أدخل مدينة الأموات وأنا ملتحفآ رعشة الخوف ؟؟!!
الخوف الذي سأكتشف ملامحه فى الطريق الى ذلك الغد !!
الخوف القادم اليك من متاهات التشتت والخيبة والإنكسار والموت والجنون ,
فعليك أن تخرج ذاكرتك من نفق الأسئلة وأن لا تستسلم الى شبح النهايات ,,
عليك أن تدفع فاتورة الحياة بثمن ٍ بخس الى كل أولئك الأوغاد ,,
والذين سددوا سهامهم الرخيصة على قلبك ,
وتركوا أنيابهم المهترئة تنهش فى أحشاءك..
كيف تركت حبل المشنقة يصطاد أنفاسك بالخطأ ؟؟
أنهم يذبحونك بطريقتهم الجميلة ,
ويتبادلون الأدوار فى تجريدك معالم الحياة ,,
لتبقى شخصآ فقد حضوره الشرعي فى الحياة .
ولم يبقى لك من دور تلعبه سوى لعبه النهاية أو الجنون !!
عليك أن تجمع أشياءك الصغيرة فى المساء ,
وكل مايتعلق بمراجعك الجامعية التي تسير خلفك ,
والتي ربما تكون قد لقت حتفها فى هذا المساء ,
ووصلت الى نفق ٍ مظلم لأنها بحثت عن كل ملامح النور فلم يهديها القدر الى نافذة العتمة !
عليها أن تعود معك تلك الكُتب الهندسية التى أرهقها الإنتظار والتعب ,,
وأنهكها الزمن فى البحث والتطلع الى ذلك الغد المشرق ,,
ولكن ذلك الغد تحول الى مأساةٍ والى إشتعالاتٍ آخرى ,
الى شكل ٍ آخر من ليل النكسة ..
لقد رمت بك يد المشيئة ان تقع بين مخالب الجلاد ,
أولئك الذين يتبادلون قتل الأرواح بمنتهى الحرية ,
ويقتلون مايشاءون من الناس الأبرياء وذلك بحسب القانون ,
وتحت مُسميات آخرى لاعلاقة لها بالإنسان .
ربما يقتلوك دون سببٍ ويختاروك لتمثل أمامهم جثمانآ متعفنآ.
فكيف أن دخلت معهم بأي نوعآ من المُزاح او اللعب ؟؟؟
بالتأكيد سيعلنون حالة الطوارئ القصوى على طول البلاد وعرضها,
للبحث عن رائحتك وظلك !!
كنا نحلم بوطن ٍ نموت من أجله ..وليس وطنآ نموت على يديه..
تلك الأنظمة التى ترتكب الإغتيالات البشعة ..
والقتل القسري بإسم القانون وبإسم الحضارة الأنسانية الحديثة,
الوطن الذي يمنحنا تأشيرة الموت.. لاشك أنه يعاني من ازمات حادة فى أنظمته!!
وفى مشاكله الكبرى مع نفسه ..
الوطن لايمكن أن يكون دمية ٌ فى يد الفاسدين و أولئك الذين يلعبون بالنار على مساحته !!
فكم نصحو كل يوم على عدد القتلى والموتى والشهداء؟؟,,
والذين يتصدّرون عناوين الصُحف بالألوان الحمراء والسوداء معآ,,
كأننا نفقد شيئآ عابرآ ,,
ومع كل هذا نرى الوطن يمشي خلف جثمانهم ,,
وتُقرأ الفاتحة على أرواحهم فى نشرة الأخبار ..
كأن الوطن فقد فارسآ من رجاله فى غفله ٍ من الزمن!!
ويقدمون العزاء والمواساة الى أُُسرهم ..
وبأن الوطن يهيب بذاك المُصاب الجلل ,
الوطن الذي يمشي على إيقاع الإغتيالات والقتل لكل الشرفاء والمخلصين له ..
ليت الوطن يذهب الى معارك الدفاع عن الأرض .
ليته يدخل تلك المعارك الحقيقية التى ترغمه على الإنتصار أو الموت !!
الإنتصار فى تقديم المقاتلين الى ساحات المعركة !
وفى محاسبة كل الخارجين عن وطنيتهم!!
ومحاكمة أولئك المتلاعبين بأنظمة الحكم,
والذين يقتلون بإسم القانون أيضآ !!
ويُدخلون الوطن بأكمله فى زحمة الدم والمجازر !!
مهما كانت مُسمياتها ودوافعها أيضآ.
الوطن ليس مسرحآ لمن يملك القوة ,
تبقى رائحة تراب الوطن أقوى من عطور( كريستيان ديور).
بكل مايحمله من التناقظات والقيم الزائفة .
فأنا أمارس لعبة الجنون الفردية من أجلك ..
أُسطر وصيتي بدم الشهادات فى جبينك ,
لعلك تحافظ على تلك الأجيال التى لم تأتي بعد ..
فيدهشها أن تلتقي بوطن ٍ مثلك ,
سيسكنها الجنون بالتأكيد لأنها ستقرأ ملامح فجرك ,
وتجد رائحة أرضك أكثر زُكامآ,,
ووجهك أكثر قُبحآ ,,,
لا تدع تلك الأجيال ترمي بصورتك فى تلك الشوارع المتسخة ,,
والتي لم يستطيع القائمون عليك بتدنيس أيديهم فى نظافة شوارعك !
بينما يملكون كل الشرعية فى تدنيس أيديهم بالدم والمذابح !!
وطنٌ يقودنا الى حافة المخاطر والنهايات المآساوية ,,
ويرمي بحرائقه المشتعلة على أجسادنا العارية ,,
تلك الأجساد الشفافة فى بريقها الى الجوع والنسيان!!
نسيان الأرض والثروة وممتلكات الوطن !!







********************













وصلت القرية وأنا مغمور باشياء الحزن ,
وصلتُ كالجندي الذي اخفق فى تأدية رسالتة العكسرية ,,
فعاد خائبآ من معركته ,,
عاد وقد فقد كل ملامح البطولة والتضحية والفداء ..
ترك خوذته العسكرية فى ساحة القتال وانسحب تمامآ ,
جئت خافظآ رأسي الى الأسفل ومعلنآ حالة الحداد التام عن كل مايجري ,,
رجعت وأنا مذبوحآ من الخوف والحزن والدمع ..
لماذا تنخفض فجأة راياتنا وتصبح مُنكسة الى الاسفل ؟؟
هل لأننا وقعنا فى فخ الجلاد ؟؟؟
لم نكن نعلم ماالذي تخبأه لنا الأقدار من هزائم وإنكسارات كبرى !!
لم أعي حجم الخسائر التي ستلحق بنا ,ان كان هنالك مايستحق الذكر!
ولكن كانت فوهة البندقية مُصوبة من الخلف ,,
كانت رائحة البارود تتسلل الى أعماقي فجأة !!
وتجتث بقايا الجسدٌ من الذاكرة,,
إنها حالة الإحتضار التي تسكننا وتُحاول الخروج من وعكة الجنون الى تفاصيل الرحيل !!
مدهش ٌأن يصل الإنسان بفجائعه الى ذروة الخسائر أوالإنتصارات ,
فهناك خسائر أبدية أوإنتصارات قُصوى ,,
وفى كلتا الحالتين تزداد حالتنا إضطرابآ ,
ونبقى فى حالة السقوط المُريع .
فنحن ربما نخسر كل شئ دون أن يكون هنالك من مبرر للخسارة ..
أو نكسب كل شئ دون ان يكون هنالك من سببٍ لهذا الإنتصار .
فنحن نكسب تلك الأشياء الواقعة على متن الخسارات,,
أو نخسر كل الأشياء التى نمتلئ بها من إنتصارات ..
ليت كلما نخسره كان خسارة ,,
نخسر تلك الأشياء الجميلة التي إخترناها معنا ,
والتي هي جزءٌ من مسيرة ٍ كبرى ,
ظلت ترافقنا على الدوام وتكبر شيئآ فشيئآ ,,
الى أن صارت مرادف لأسماءنا ولذواتنا .
ولكن أن يُنسف ذلك الكم الهائل من القيم والمبادئ فى لحظةٍ عابرة!
ولا يتبقى لك سوى رصيدٌ مفخخ بالخديعة والجنون,
كانت القرية أيضآ هي الآخرى جاهزةٌ الى نسفي بكل سذاجتها ,
تختصر الطريق المؤدية الى الجنون..
كانت تبدأ بجملة ٍ مفيدة وهي أن عليك أن ترحل ,
عليك ان تتأكد من أين أتيت !
وماذا تريد من هذا المكان الذي لم يعد مكانك ؟؟!!
الأرض التى غادرتها وانت فى غاية السقوط ماهي الا قطعة الأرض التى يجب أن تكون فيها !
عليك أن تكمل غوايتك التى أُصبت بها !!
ويزداد تشظيك أكثر عندما تحاول أن تنسى مافقدته من بقايا الجسد!
فانت فقدت مايصعب على كائن ٍ معدم أن يُرممه,
ويستعيد معالم ذلك الجزء المفقود من هويتك !
أنت لم يتبقى منك الا رائحة ٍ مُتعفنة من ظلال الجسد !
عليك أن تتخلص من الجزء المُتبقي والذي تأتي من نوافذه رياح الرحيل ,
كان ذلك الصوت الذي يأتي من الأعماق كل لحظة ماهو الا جرس النهاية ,
معلنآ إنتهاء رخصة إقامتك على هذه الأرض !
لم تكن تلك الخطوة متوقعة وممكنة الحدوث فى هذه النقطة الحمقاء من أمكنة العيش,
كانت أزمة البحث عن مكان ٍ مناسب لإيقاف هذا السيل الجارف من أن تقع فى مصيدة
الخطأ !
وينتهي المقام بك لأن تكون مجرمآ حقيقيآ!
لم أدرك فقط أن أصحاب القرية هم من يعلمون بتلك الدوامة السحرية ,
بعدها توضحت لي خيوط تلك العُقدة ,
أدركت بعدها أنني فقدت أيضآ أختي وأخي الأكبر والذي يليه والذي أكبر مني ,
بقى لي أبي وأمي وأخي الأصغر ,
أنهم قد تورطوا بعدي ولن تُحل عقدتهم الا بالتنازل عني !
أنني أعيش هذا الوجع اليومي كل لحظة ,
فتزداد حالتي سوءآ كلما بدأت أتوق الى فتح أٌٌٌٌٌٌٌٌُُُفق ٍ جديد ,,
كل الطرق تشير الى الإقتراب من نفق ٍ مظلم ,
كلما أقترب من الذات أشعر بأنها تروي لي رحيلها ,
عليك أن تخرج من أزمة الذات الى أزمة ٍ حقيقية.
كي يدرك هؤلاء بأنك تستحق تلك العقوبة .
يجب أن تسرق لك موعدآ من الخيانات المصطنعة ,
فهل الذي يحدث يمكن ان يكون حقيقة ؟؟
أن الجهاز الأمني الذي يحقق أحلام ونزوات رجاله ,
يمكن أن يلعب هذه اللعبة الحمقاء فينا !
فانا الذي يدهشني حقآ ويجعلني أتسأل فى كل لحظة :
لو أن أمين صندوق جهة ٍ حكومية سرق مبلغ من خزانة الدولة بالملايين ,
لن تكون هذه المُلاحقة تتبعه بهذا الشكل الجنوني والفاضح لمثل هذه الأجهزة,
فهل هذا المسئول فعلآ يحرص على الوطن ؟؟
أم أنه يحرص على هيبته ومصالحه الشخصيه فقط!
أنه فعلآ يحرص على تحريك يد القتل واللعب بها كيفما يشاء ,
يحرص على جنونه فى بث الرعب فى قلوب البسطاء والمغلوبين على أمرهم !
مادامت له قصور الأحلام تلك ,,
ومرافقتة لنائب رئيس الجمهورية فى كل الفعاليات والأنشطة التي يقوم بها ,
إذآ عليه أن يقتل من يشاء ,ويسلب من يشاء !!
بعد فترة الإقامه الجبرية فى القرية لمدة شهر ,,
تفاجأت بخبر القتل الذي حدث مقابل بيت ذلك السكرتير الصحفي ..
أو بالأحرى السكرتير العسكري لنائب الرئيس ,
كان ذلك الخبر ساذجآ ومضحكآ بنفس الوقت !
فكيف ينتج العالم مثل هذا الإقتتال السخيف ؟؟
قُتل ذلك الشاب عن طريق جهاز الأمن السياسي ,
لكي يعيد لذلك السكرتير الصحفي بعض الهدوء النسبي ,
وتمت تلك العملية بكل وقاحة وتحت مُسمى القانون ..
قُتل ذلك الشاب لسبب ٍ يدركه ذلك السكرتير الصحفي !!
قُتل وهو مازال فتآ يافعآ ..لم يرى من حياته شئ ,
تخّرج من الثانوية وحاصلآ على منحة ٍدراسية الى الخارج.
فعثر على مُستقبله البهي والنابض!
أختار قتل ذلك الشاب لكي يلغي شرعية الإشاعة التى تعنيه !
فأستبدل إشاعة ٍ أخرى أكثر دويّآ وتدميرا,
أي قانون ٍ هذا الذي يُسمونه !
القانون لم يتابع أسعار المواد الغذائية ولا أولئك المتلاعبين بها !!
القانون يعني لديهم :الفساد بكل أشكاله وصُوره !
أتستحق هذه الشعوب أن نمنحها التضحيات ؟؟
فى الوقت الذي يمنحنا هذا الزمن: الإغتيالات والتُهم الجسيمة والدسائس العفنة!


********************************










ماالذي جعل هذا الإسم الأكثر طُهرآ يفقد ملامح طُهره؟
ليبقى عنوانآ أحمر فى مرافق الأمن والحكومة !
من كان صاحب هذا الاسم الذي يزداد كل يوم رفعة ًوشموخآ ؟
الآن أصبح أكثر سوداوية ً وعتمة ,
هكذا شاءت لك الأقدار ان تسقط فى مستنقع الذل والغدر !
وان الزوجة التى تعتقد بانها ستمنحك بطاقات الحظ ليس صحيحآ..
لايعني أبدآ أنك ستختار كنزآ سيضئ عرش حياتك حتى النهاية ..
المرأة لايُحتمل أن تكون عاملآ كبيرآ للسعادة ,,
أنها بيئة خِصبة لتدمير الرجل والقضاء على كل مشاريعه الحقيقية.
أستمرت لعنة العشق الكاذب تطاردني فى المنزل وفى دهاليز القرية أيضآ..
أمتدت لعنة تلك الفتاة الى كل شئ فى حياتي ,
واصبحت أقاربي أكثر عدوانآ لي ,
فإنهم بالتأكيد قد وصلتهم تلك المضايقات التى سيفقدون من خلالها حياتهم أيضآ,,
عندما فكّرت أن أخرج من الوطن وأنا بإعتقادي أنني سأنجو من لعنة ذلك السكرتير الصحفي لنائب الرئيس !
وجدت كل الأمور أيضآ تسعى الى إلحاق أي قضية تزوير .
فاي حياةٌ بعد هذا الجحيم الأسود !
فانت مُطارد ومُتهم دزن أن تكون مجرمآ ,
ومُتهم بالعشق دون ان تكون عاشقآ بمعنى العشق ,
ومُتهم بالخيانة لانك كنت ضحيةٍ لشخص ٍ ما ...
انت إذآ من تعلن الرحيل الأبدي عن هذه الأرض مسبقآ ,
تعلن هوية الرحيل دون ان تصتحب معك حقائب السفر ..
ان تعلن رحيلك وسط هذه الفوضى التى يفرضها الرجل الذي لايحترم القانون ,
الرجل الذي يقتل ويغتال بالطريقة التى يهواها ,
هذا أنت بكامل جنونك السابق ترحل بطريقة السياسيين غدرآ وتزييفآ لشئ إسمه القانون والأنظمة !
وطني الذي قررت أن أمنحك الخلود والشهادة ..
وبأنني سأكون جثمانآ لراياتك!!
هاأنا الآن أقف على عُتبة الموتى والشهداء الذين سجلوا رحيلهم على يديك ,
أنت أيها الوطن من أستحقيت تلك الشهادة !
وليس أولئك المتلاعبين بك والمزورين لأسماءك!
الرحيل يعني الوطن وليس النهاية القذرة التى ستُلفق اليك !
أنت تذهب الى موعد ٍ مع الوطن ..
وان كنت لن تُكتب فى قائمة الشهداء على حسب رغبة المفسدين ,,
فإن الوطن أسرع الى الإعتراف بشهادة الرحيل تلك ..
فعليك أن تذهب الى رحيلك مُبكرآ قبل أن يخطف الخونة موتك فى طريقة ٍ مُهينة !!
قبل أن تكون طريقتك فى الموت مُشينة وجبانة فى الوقت ذاته,
أنت لن تعود هنا بعد الآن لتحافظ على كرامة أشياءك المتواضعة ,,
لاتعلم بعد هذا الرحيل من ستقع على شهادات التخرج الجامعية ..
تلك التى منحتك الموت ظلمآ !
وانت فى طريقك الى البحث عن وظيفة ٍ محترمة.
لم تترك اسلوبآ الا وجرّبته ,
ولكن أمتدت تلك الأيادي المتسخة بنفايات الجريمة ,
وأفترست أوصالك قطعة ً قطعة ,,
صنعت لك من ملفات الجريمة مايكفي ,
وبما يجعلك عميلآ وخائنآ وجاسوسآ ..
فإن كنت تحتفظ فى تلفونك لصورة الفنانة "فيروز"!
هذا يعني أنك غير وطني وغير إخلاقي ..
أتذكر بعض التُهم التى توردها أجهزة الأمن السياسي ,
مثل أنك تعمل لصالح إسرائيل وبأنك جاسوسآ لها !
فهل لشخص ٍ قروي يمتلك كل مقومات الضعف والفقر ان يكون كذلك ؟؟
أي حكومات ٍتلك التى تسرق من مواطنيها حق العيش الشرعي ؟!!
وتجردهم من حقهم المشروع فى العيش بأمان ,
أي أنظمة ٍ تلك التى تتسرب الى دهاليز بيتك ؟
وترغم أهلك ومجتمعك عن التنازل فعليآ عن واحد من أبناءها قهرآ !
وبانه شخصآ يستحق الموت ..
أنها انظمة أفلست فى كل مهامها ,
وبقى لها أن تستخدم تلك العصا السحرية ,
عصا السلطة فى قتل مواطنيها وإرتكاب الإغتيالات البشعة ,
أنظمة لاتجيد الا تسويق الموت لمن تريد أن تغتاله صمتآ ,,
فقد تموت فى هذه الأنظمة لكونك كاتبآ مُحترفآ !
أو تموت لأنك رفضت طريقة ً ما ..
أختارتها تلك الأنظمة لأسلوب العيش !
أن الوطن يخسر فى كل لحظة أغلى الشرفاء ,
ويمنحهم لقب الشهيد لأن الوطن هو الذي أغتال ,
وهكذا تسقط عليك لقب البطولة وبانك كنت رمزآ للنظال !
فإن كان الوطن فعلآ يحترم نظالك وشرف الإنتماء الى ترابه..
فلن يجرؤ على إغتيالك بطريقة ٍ ساذجة !
نحن من أعتاد على تلك التسمات الفارغة من المعنى ..
هنالك أوطان نبحث عن شكلها فى كل قواميس اللغة !!
ونحترف الإنتماء الى حروف إسمه !!
نتعلم منذو الطفولة أن يكون هنالك قُدسية الى حفظ ذلك النشيد الوطني فى باحات المدرسة !!
وأن نتوقف عن الحركة ونحن مازلنا أطفال لا ندرك شئ !!
الآن وقد كبرنا وكبرت مساحة المعنى لذاك الوطن !!
الوطن الذي نفقد مراسيم حضوره ونبقى فى تلك المساحة التى تعني غيابه تمامآ!!
وهنالك أوطان تجمعنا به خطوط الغرباء الذين تتقاطع معهم حياتنا ..
ينشرون على مسامعنا إسهاماته وتجدده الفعلي فى خلق الإنسان !!
نعشق الوطن أحيانآ دون أن يكون بيننا وبينه أي نوع ٍ من العلاقات المُتبادلة!!
نعشقه لمجرد أننا حاضرين فى ذاكرته ,,
ولان الوطن أصبح نموذجآ بين أسماء الأوطان المُتقدمة فكريآ وثقافيآ وايدلوجيآ !!
ربما هو من يبحث عنك ويحتفظ بك كرصيد ٍ له !!
ويحميك وأنت فى اقصى الكرة الأرضية!!
ويتقدم للدفاع عن هويتك وإنتماءك له !!
لتبقى أنت شئ يتقاسم مع وطنه دفء الحرية وشرف الإنتماء ,,
فأي شئ ٍ سيكونه ذلك المعنى فى نظرك ؟؟
وما الذي ستقدمه أنت لوطن ٍ يبحث عن هويتك خارج حدوده ؟؟
ويرسل بخطاباته التى تحمي حقوقك وتطالب بالدفاع عنك وفى كل امور حياتك !!
ان الوطن حين يتحول الى منفى ,
يجردنا من أدنى الحقوق ويقدّم أبناءه الى المحاكمات والمشانق !!
فاي وطن ٍ يفقدك أشياءك الرائعة ويمنحك المزيد من الإذلال والإسقاطات المُختلقة؟!!!!!!!
ذلك الذي يُصدّر الرعب والعمليات الدموية لشعوبه!
وهنالك اوطان تخشى ان تنتمي الى إسمها !!
وأنت تتصفح كل يوم شوارعه وجلاديه وانظمة الحكم فيه!!
تحاول أن تبقى مجهولآ بهويتك الوطنية وإنتماءك الى ترابه!!
وهنالك الأوطان التى تدرك حضورك بعد فترة إقامتك خارج حدودها !
فتضع لك عناوين جاهزة على ملفات الإنتظار !!
أنت من يجب ان يُتهم بكل الأعمال الإرهابية التى تسعى لإدارتها خارج الوطن ..
الذي تتذكره أن الوطن مازال على موعده لحضور مراسيم دفنك !!
هكذا تجد نفسك وسط زحام الإنتظار وطوابير العودة الخفية ,
مابين الوطن والذاكرة شئ ٌ من المسافات المُوغلة سرآ فى عيون الورق!!
أننا حين نكتشف هذا البعد ندرك ثمن تلك الحدود !!
أنها كل أشياءنا القريبة من الأمنية وتلك المختبئة فى عمق الزمن !!
المسافات التى نكتشف أبعادها عند أول البوح تلك التى تفقد خفقها !!
وتبقى المساحة التى نبحث عن وصفها عارية ٌمن ملامح دهشتها !!
أجمل الأشياء تلك التى لم نستخدم الزمن لسرقة موعد ٍ معها!!
إنها بالطبع التى لم نتمكن من إكتشافها بعد ...
لأننا لم نحاول أن نكتشفها !!
او لم نسعى لإكتشافها ...
ولم نعثر عن طريقة ٍ فاجعة لوصفها أيضآ !!
تكون أكثر وقعآ على النفس فى إشتهاء المستحيل,,
المواقع التى تختبئ فى أقصى الورق ويستحيل علينا الوصول الى مراميها !!
تلك التى تكون جسيمة وباذخة الوصف والتفاصيل ,,
ليس لنا الا هدف ٌ آخر على ضفة الحبر ..
هناك نسعى لخلق هواية الركض فى سماء اللغة ..
وجمع تلك الهزائم القصوى لنا مع وطن ٍ يغتال حضورنا فى كل محاولاته!!
ويترجم كل أصواتنا التى نطلقها على حافة الذاكرة بلغة ٍ غير العربية !!
ذلك الذي يكتب عنا ويطلق على أفواهنا رصاصات الرحيل !!
لم يترك شيئآ الا وأفسدّ علينا المعنى الذي يختصره !
كل مالم تبوح به ربما تجد نفسك راضيآ فى الإمضاء على ظلاله ,
إنها مشكلة الوطن مع ذاكرة ٍ مثل ذاكرتك ..
هنالك متسع ٌ للرحيل الجنوني مع أشياء صمتك ..
تلك الأشياء التى ستمنح النص شرعية الولادة والتهيؤ !!
أنها الفرق الشاسع الذي سيحفظ مجد النص الأبدي!!
ذلك الذي لن يجرؤ الوطن على إدانتك فى إقتحامه ..
وفى غسيل مشاعرك على ضفافة!
النص أيضآ عبارة عن السفر دون تذاكر ودون الإقامة الشرعية وتلك الإقامة الغير شرعية !
إنه الشئ الذي يجيز لنا عبور الأزمنة وعبور مطارات الوطن !
عبور هذا الزحام الأخرس لوطن ٍ يشتهي ذبحك بتلك اللغة الصفراء..
إنها لغة عصاباته المُتبادلة فى وقوعك على حبل المشنقة ...
تلك التى ينثرها رجال الأمن على مسامعك,
وتبقى أنت المُتهم فى قولها دون أن تكون أنت القائل !!
هكذا يتبادولون لغات الجريمة وإصطيادك فى فخ ٍأعمى ..
أن إيقاف الزمن عند نقطة ٍ محدودة لاشك أنه أكبر الإنتصارات معهم !
لن يكون الصمت حلآ بالنسبة لرجل ٍ يبحثوا عن حُطامه ..
ان تصمت يعني فى لغة الأمن ان تكون موافقآ فى كل مايقولونه !!
محاولات الكتابة فى حضرة الغياب عنهم ربما هو أكبر إنتصارات الذاكرة ..
يجب أن نعطي مساحة الورق تلك الأماكن المزدوجة الحواس!!
اماكن لم نزرها يومآ ونحن على متن فوضى هذا الوطن ..
ربما سنوجز قليلآ من حرية النص ونحرره من عبث الأنظمة وسطوتها على اللغة !
أن تبقى هناك مساحة نجرؤ فيها على إختصار الطريق المعلن للرحيل !!
نحاول أن نمزق خطاب الصمت الذي تـُمليه علينا !!
وتبقى الرغبة كامنة فى إشعال الحرائق على تلك المساحة الحرة من الورق ..
أنها ببساطة طريقتنا الثمينة فى الرحيل !!
تلك التى تُسمى : محاولات الإنتحار على حافة النص ..
فكل مانملكه من الأحلام والثروات ذلك الطريق الذي يستفزّ وجودنا تمامآ ,
فماأجمل تلك الأوطان التى تتبادل مع شعوبها لغة الإغتيالات..
والكتابة بدمهم حبرآ على صفحات التاريخ !!
والإمضاء بدم الشعوب قهرآ وإذلالا !!
النص الذي ننتصر على جغرافيته يعبتر نصآ معطوب المضمون !!
ليست النصوص مواد جاهزة الإستهلاك !!
أنها مادة نخسر فى غمارها الأشياء التى نعتقد انها فى متناول أيدينا ,
وأن النص الحقيقي ذلك الذي نتعثر عند منعطفاته ,
ويبقى هنالك من إتساع شاسع فى الحصول على تفاصيله ..
أننا نتسابق على رسم جرح ٍ أو وطن ينزف فى تساؤلاته ,,
نطلق الكثير من الإحتمالات على مساحة ٍ لاتتسع لشئ ٍ من مدارات الكلمة ..
كيف لنا أن نختصر تلك الأزمنة الشاهقة والموغلة فى الذاكرة ؟؟؟
على مساحة ٍ آخرى من مساحات الحزن .
أن النص الحقيقي ذلك الذي لم يخرج الى مساحة الورق بعد!
الذي يبقى ساكنآ وينتظر تلك اللحظة الحاسمة للإنفجار ..
أنه كالبراكين التى تشهد الثورات العارمة من الداخل !!
والذي ياتي الينا من الحمم ونحن على محيطه الخارجي...
لن يكون الا إنفعاله طفيفه من ذلك الهياج الداخلي !!
نحن نكتب تلك الأشياء المفتونة بالشكل الخارجي !!
الذي يسكننا لايمكن أن نبوح به مُطلقآ !!
وأن حاولنا ان نغري الورقة بمانملكه من فن الرسوم باللغة ..
نحن فقط نبدأ بجملة ٍ عابرة ونعتبر أنها خاتمة كل إنفعالاتنا ..








********************


القت القرية على جسدي نظرات الحيرة والمكر أيضآ ..
دست كل الأشياء الخادعة على طاولة حزني ..
تلك الثكلى برواية العاصمة ونزيفها المتكرر فى الذاكرة!!
أمتدت تلك اليد التى لم أتصور أنها ستصل الى هذا المقام فى التمادي!!
وفى إيقاظ تلك الحكايا البالغة السرية ..
لم أتذكر هذا الشتاء الروحي القارس الذي يعصف بي وبكل مفردات الذاكرة ..
كل الأشياء المُصمته التى كانت هنا منذو كنت طفلآ !!
لم تحاول أن تتبادل معي لغة ٍ كهذه!
تلك اللغة التى تمنحك برودة المعنى وحرارة التورط بالأشياء الخفية !!
لتبقى هكذا مُعلنة وفى متناول الكلام السطحي العابر ,
أن تلك المأساة تذهلني بكل مكوناتها ,
وتتقاطع معي اشباحها كلما حاولت أن أعثر على ثغرة ٍ آخرى للهروب من سابقتها !!!!!!!!
الذين يعانون من حالات نفسية وعاطفية وتلك الحالات المُستعصية على العلاج ,
وجدت طريقها الى الشفاء على جسد ٍ يحمل رواية الرحيل بطريقتنا !!
وتلك النساء التى لم تترك مستشفى ولا طبيب نفسي ولا مشعوذ الا وذهبت اليه ..
لكن كل تلك الزيارات لم تكن تحمل العلاج الحقيقي لها ...
كنت أنا تلك الوصفة المثالية لكل الحالات المستعصية عن العلاج !
كانت حالتي كفيلة بشفاءهن من كل الوعكات المرضية التى أصابتهن ذات زمن ٍ ,
إنها الحالة النادرة التى تصل الى مجتمع ٍ كهذا!!
أنها المرة الأولى التى تصل فيها اوامر الدولة الى يد ذلك المجتمع القروي ,
تلك الأوامر التى يصبح معها الأهالي مخولين بتنفيذ مهام ليست الا مهام السلطة ورجال الأمن السياسي !!
أولئك الأهالي المغلوبين على أمرهم والذين لم تصلهم من شموع الثورة الا الفتات !
أنت من تُـصّوب عليه كل الرصاصات ومن تستقبل كل تلك الحالات المُزرية فى الشفاء..
عليك ان تكون وصفة ً سحرية لكل هؤلاء القادمين الى عيادتك !
تلك العيادة الخالية من أقراص الحُمى والملاريا أو حتى حالات الصُداع العابرة..
أنها عيادة ٍ مؤثثة بالإنتقام على جسدك وذاكرتك التى كنت تتفاخر بها على هؤلاء!
الآن يجب ان تُبقى تلك العيادة مُشرعة الأبواب فى كل الدوام ..
وفى ذلك الوقت الإضافي الذي يجب عليك ان تستقبل حالات الإنفصام الشخصي لأولئك الزائرين !!
أنها العيادة المجانية التى ندخلها دون رسوم مالية !
ودون أن نقوم بعمل الأشياء الروتينية لزيارة المختبر ..
أنت أمام كل الخيارات المفتوحة ,
فالقادم الى عيادتك يمكنه ان يختصر الوقت مع وصفتك الطبية ,
فيجرج من تلك العيادة وهو ممتلئ بنشوة الحياة نيابة ٍ عنك ,,
لقد سرق من عيادتك نخب الإنتقام ....
ورمى على طاولتك بوعكتة الأزلية وأنصرف بمغادرة المكان !!
لما تلك العيادة لاتحمل على مُقدمتها إسم العيادة ؟
ولماذا هي دون مواعيد للحضور والإنصراف ؟
ربما أنها عيادة ٌ لاتقف عند حالة ٍ بعينها !!
فهي تُشفيك دون أي جهدٍ ودون أن تنفق أي مبالغ تـُذكر!
ربما يكون صاحبها ساحر بالطبع ,
وهذاهو اللغز الذي يوقف المرضى عن الإجابة وعن التساؤل أيضآ ,
أنهم يدخلون بوعكة ٍ مُزمنة ويخرجون منها بوعكة ٍ آخرى من الصمت اللذيذ..
لحظة زيارتهم الى العيادة وفى حقائبهم تلك الأشياء المغلومة التى يتسابقون على إهداءك إياها !!
تلك الاشياء القادمة من مركز إستقبال العمليات !!
أنها تعبيرآ عن حالة المريض الذي تستقبل أنت حالتة !!
ليتها كانت حالة ً مرضية او نفسية او جسدية ,,
فالمريض يزور العيادة ليس لأنها المكان المُخصص للتدواي!!
انها المكان المُخصص لإلقاء بطاقات الزيارات على صاحب العيادة ..
بطاقات مُفخخة بالأسئلة والإجابات وأصوات الفنانين ..
وفى أحدى جلساتي مع أحدى تلك الحالات سألني بطريقة سريعة:
- كم هي جميلة عيادتك ياصديقي ؟؟
- لماذا؟
- أننا نتسابق على زيارتك !!
أستقبلت رده بكثير من الدهشة :
- أيش سبب هذا الإقبال على عيادتي؟؟
- أنت شخص طيب جدآ ونريد أن نصف لك أوضاعنا وحالتنا التى نعيشها !!
- أنني رجل فقد كل الأشياء التى تجعل منه شخصآ بارزآ !
- أنت مازلت الرجل الأول فى القرية وماتحمله من علم كفيل بان تكون سيدهم !
أعاد لي رده قليل من الشعور بالغبطة والسرور الباهت فبادرته :
- ياسيدي نحن فى زمن أرعن..لم تعد الشهادات تكفي لحصولك على منزل وزوجة ,
- أنت تحمل شئ كبير !!
- ماهو ؟؟؟؟
- العلم فى أرقى أنواع الحياة..
- نعم !!!!!!!!
- إذآ لماذا تخاف من المستقبل ؟؟
- الخوف لايعني الهزيمة ابدآ!
- أنت ان سافرت الى السعودية سيكون راتبك أكثر من أربعة ألاف ريال سعودي ..
أستقبلت تلك الطفرة الجنونية.. وانا فى سبات عميق من التفكير:
- من قال لك هذا ؟؟
- انا أعرف كل شئ هناك ..أيش رأيك أعطني صورة من مؤهلاتك الجامعية وانا سأقوم بما يلي !!
- ماذا ستفعل ؟؟؟؟؟؟
- ساقدم الى مكتب العمل تلك الشهادات ,لتحصل على زيارة عمل الى هناك ..وبعد ذلك سيمنحوك تأشرة فيزة عمل وأنهم بحاجة الي شهادتك !!
- هل أنت متأكد ؟؟
- نعم .
- خذ هذا الملف الذي يتضمن صورتين للمؤهل الأول بالعربية والثاني بالإنجليزية !
- جيد ...سأحاول أن أقدم لك خدمة إنسانية .
- ساكون لك شاكرآ ..
- ولكن بشرط ان تمضي بعدي وتسمع قولي !
- لاعليك سأكون كما تشاء !!
غادرني ذلك الرجل الذي يبدو ان حالته تختلف عن كل المرضى ..
أنه رائع ويبدو انه سينقل حياتي الى شكل ٍ آخر ,,,
سأتحول الى مليونير على يد هذا الزائر لي !
ربما كان يريد ان يخدع نفسيتي !!
وقد يمكن ان يفعل ذلك ,
لكن أيكون طيبآ الى الحد فى زمن ٍ يصعب معه العثور على شخص ٍ مثل هذا؟!!!
نحن فى زمن يتوفر فيه كل مقومات الإخفاق والحقد !
ماذا ياترى سيتفيد من مساعدتي ؟؟
هل له أهداف آخرى مني ؟
او أنه كغيره من الزائرين الذين يغرقون المكان بالتساؤلات والإجابات فى آن ٍ واحد !
الذين يزور عيادتي هم باتأكيد يحترمون صاحب المكان .
ولكن ماعلاقة أولئك الكبار فى السن الذين أيضآ لم يبخلوا عن زيارتي ؟!!
ماهدف أيضآ تلك النسوة التى تتعدى أعمارهن الأربعين والخمسين بعيادتي؟؟
لم تكن العيادة تتضمن أدوية ولا شئ آخر يستدعي الزيارات تلك !!
العيادة مكان مؤثث بالأخشاب القديمة التى تُـــذكر الزائر بزمن ٍ غابر !
وأنا اُرتب تلك التساؤلات العابرة على ذهني ..
الذي أدهشني ذلك الرجل الذي ألقى على مسامعي ذلك الخبر ..
لم يكن خبرآ عاديآ أنه خبرآ مُتقدم فى كل مراميه !!
هل أنا مازلت ذلك الرجل الكبير فى ذهن هؤلاء ؟؟
أنه من رجال القرية الذي عمل كمديرآ لمدرسة القرية ذات زمن مضى ..
كان فقيرآ الى درجة كبيرة لم يترك شئ الا وتربص به من اجل أن يكسب شئ !!
واثناء حرب الخليج الأولى فى عام 1990م دخل الى المملكة العربية السعودية !
وكان من يدخل فى تلك الفترة كمن يُسجل إسمه فى قائمة الأموات !
دخل الى هناك وأشترى له إسمآ ليصبح شخصآ بالجنسية السعودية .
والآن وبعد كل ذلك الصراع المرير مع الحياة تحول الى رقم ٍ صعب من أرقام المنطقة ,
يملك الثروة الكبيرة !
أيضآ فى الفترة الأخيرة أشترى إسمآ لإبنه الأصغر هناك !!
ليصبح ايضآ شخصآ بجنسية سعودية ,
وهكذا تتغير أمور الحياة وفقآ لمعايير طارئة فى حسبانها !
لن يأتي المال من أي شئ ٍ حقيقي ,
فأنت ربما تكون ثريآ دون أن تكون حاملآ أي شهادات ,
أغلب الناس هنا ليس لديهم شهادات فى المرحلة الإبتدائية !
وتجد لديهم كل الأشياء اللامعقولة,
والتى جعلت منهم رجال أعمال وتُجار من العيار الثقيل !
أن الإعتقاد التقليدي بأن الشهادة الجامعية هي الطريق الي عالم مُتقدم عالم راقي فى كل مُسمياته !!
ربما هذا تفكير أولئك الذين يبحثون عن الوقت المفقود لإستعاضة غفلتهم !!
أنت ربما تريد أن تحصل على الشهادوة الجامعية من أجل أن تتعلم فقط !!
ليس من أجل أن تكون مليونير,
من يريد أن يكون غنيآ ربما أختصر هذا الطريق الطويل ,,
وبدأ فى التجارة وفى ممارسة البيع والشراء ,
دون الحاجة الى الشهادة الجاميعة!
أن الشهادات الجاميعة لم تكن الا مُبررآ للذين يستطيعون ان يسرقوا لهم من وظيفة محترمة !
تلك الوظيفة الثمينة فى كل إمتيازاتها !
وظيفة تقطع أمامهم المسافات وتوصلهم الى الربح السريع ,
ليحصلوا من خلالها على السيارات الفخمة وقطعة الأرض ,
وتكبر تلك القطعة الى قصر من قصور الأحلام ..
ربما هذا الإمتيازات يحصل عليها القليل من الموظفين داخل إدارة حكومية !
وبقية الموظفين فى نفس الإدارة لا يملكون شئ ,
أن كل شئ يتم سرقته بين أولئك الذين لهم سواعد كبيرة فى النهب !
أم الذين ليس لديهم الا القانون فليس معهم سوى الشئ القانوني !
وذلك القانوني لا يفي بشئ ,
أن أعمال النهب المنظمة تلك التى تظهر خلف الكواليس ,
انها تأخذ مُسميات عديدة وبالأخير هي السرقة بالمعنى اللغوي!
هؤلاء الذين ترتفع حياتهم الى الأعلى ليسوا ناس عاديين ,
أنهم مزيجآ من العصابات المحترفة ولصوص البلد الأوائل ,
لا يستطيع العيش معهم الا من كان يملك تلك المهنة ذاتها !
والا ستحترق وانت بين صفوفهم وستعتيرك كل الويلات والهزائم ..
يجب أن تكون بيعدآ عنهم ولاتمت اليهم بأي صفة ٍ !
هذا الهذيان الذي أردده فى ذاكرتي,
وانا الذي لاأنتظر أحدآ بل الاخرين هم الذين ينتظرون الفرصة لدخولهم الى طاولتي,
تلك الطاولة التى تختصر ذاكرتي وحقيبة الوطن !
أنها طريقتي الفريدة فى سرد أحداث الرحيل ,
ذلك الرحيل الذي بدأت معه وانا أحاول ان لاأعبث بمسودات الذاكرة !
تلك التى أخترتها دون ان أمنحها الولادة على حافة الورق ,
أردت ان تكون ضفة الرحيل الخفي الذي يجيز لى الموت صمتآ وقهرآ ..
دون اللجؤ الى إنتهاك الذاكرة وتجريدها من مشاريع الكتابة ,
تلك الكتابة التى نعلنها سرآ دون ان نستفز ّ الوطن عن كل مشاريع الذاكرة ..
ربما نبوح بها على مساحة ٍ حرة من البياض ,
لا يكون فيها الحبر حاضرآ ,
نكتبها بتلك الألوان التى تشبه لون الورقة ذاتها ,
لنعيد للذاكرة شهية صمتها فى الرحيل ..
ولا يمكن أن تكون مشروعآ تثرثر مع أول قارئ .
وأول الجواسيس الذين يسرقون متعة رحيل ٍ فى عتمة وطن ٍ وبلادآ بكاملها !
أن تكون للذاكرة حرمة البوح صمتآ ,
وحرمة الرحيل الخفي عن الجسد المغامر فى هزيمته السرية عشقآ وغدرا!
أنما ستكون تلك المؤامرة الأثيمة والوطنية..
التى أضاع خيوطها ذلك القول "أن القاتل معتـــوّه !!!! "
هذا أن لم تتورط بتهمة ٍ آخرى معهم !
ان حاولت أن لا تسقط فى خيوط الشبكة الشائكة !
ولكن البقاء عند نقطة السكون والصمت ,
تلك النقطة التى تجعل منك كائن فقد كل مقومات الحركة والحياة مع الناس ,
انها النقطة التى تبقيك فى عزلة الأشياء مع ذاتك ومع الأخرين ..




**************************








جميل أن تبدأ صباحات يومك فى إنتظار قهوة ً من يد أمك !
كم أنا حزين لأنني لم أكتشف أمي بكل مشاعرها طيلة ذلك الزمن المنسي؟!!
انها الكائن الذي يملك من الوفاء مالم يملكه أي كائن آخر ..
أنها ربما تخسر كل شئ من أجل أن تكون معها وملكآ لها فى كل الأوقات.
وكيف لنا ان نستعيد تلك الحقيقة الأزلية لجدليةالعلاقة بين الام وأبناءها ؟
أنا الذي وقفت فى حضرة حنانها ذات زمن ٍ ,
وها أنا مرة أخرى أستعيد صورة أمي التى غطى عليها غبار الزمن منذو الطفولة ,
ها أنا أزور حدائق صباحاتها فى قهوة الصباح !
وذلك الصوت الأكثر قربآ من شرايين الجسد..
يوقظ شهيتي الى إنتظار يومآ آخر يأتي فيه ذلك الصوت ,
الصوت الذي يفتح معه شبابيك الذاكرة ونافذة الروح المنسية بعدها !
أننا نعيش فصل الصيف أيضآ هنا فى القرية .
أن القرية تبدو كلوحة ٍ خضراء تتخللها تلك الغيوم الداكنة !
فى هذا المنعطف الحرج لحالتى لاتعني لي القرية سوى الصمت !
مهما كانت غزيرة بالأمطار ومهما إزدادت خضرتها !
لم أعد ذلك الذي يحمل بين ضلوعه حلم الحياة !
ولم أنتظر ذلك اليوم الذي سأعود الى العاصمة كعادتي الجميلة ,,
أنتهى ذلك الزمن الذهبي الحافل بالإنتاج والمتابعة والإصرار على حلم ٍ خفي !
ذلك الحلم الذي يعيد لصورتي شكلها الحقيقي ..
الشكل الأول لذاكرة الحياة فى إستعادة جو الإبداع الفكري !
وذلك الإبداع العلمي والمتنور بين أفراد المجتمع .
من هنا بدأت ومن هنا أنتهى مشوار العمر ..
عدت الى القرية كأنني لم اعد ذلك الشخص المتميز فى كل شئ !
أنها حقيبة فارغة المعالم والتفاصيل والأقدار .
حقيبة لم تعد بتلك الهيبة البراقة ,
أنها حقيبة تعني الرحيل بكل أشكاله وصُوره ومذاقه ,
ليتها كانت حقيبة ناسفة أستطيع ان أترك جسدي وذاكرته جانبآ !
واعلن الرحيل ..ولكن بطريقة ٍ إنتحارية !
كأولئك الذين يربطون تلك الأشرطة الناسفة فى أجسادهم .
ويغتالون مع عملياتهم تلك ..الأعداء!
ولكن انا من يكون عدوي الذي يجب أن أنسف جسدي معه ,
لن تكون الا أشياء الذاكرة وبقايا جسدي المشتعل بجراحه!
ليت ذلك السكرتير الصحفي لنائب رئيس الجمهورية ,
والذي سبب لي كل هذه الهزائم العظمى فى حياتي!
ليته كان قريب من هنا ,
لن أفعل به شئ على الطريقة الجديدة فى الإنتقام ,
كنت سأهديه ذلك المقطع من فيلم عن حياة ذلك الشاعر الإسباني "غارسيا لوركا",
وطريقته المؤلمة فى الموت ,
والذي إغتالته يد الموت غدرآ لتأتي الرصاصة من الخلف ,
ليسقط دون أن يعرف مالذي جرى له تمامآ !
أنه يريد إغتيالي بكل الأشكال المسموحة وتلك الغير مسموحة !
انا الذي قرر أن يموت ولكن بيد ذلك السكرتير وبطلقة ٍ من رصاصاته المجنونة ,
أريده ان يوجز الطريق ويهدي جسدي رائحة حقده..
لاأريد أن تذهب ذاكرتي فى عملية ٍ تافهة فى الرحيل ..
أريد لها موتآ شرعيآ من يد ذلك الذي قرر أن يختار جسدي كعنونآ لرصاصاته !!
ولكنه لن يستطيع أن يوقف ذلك السيل الجارف من ذاكرة ٍ تسيل دمآ وحبرآ فى الوقت ذاته.
أي ذاكرة ٍ تلك التي تقدم اليك كل مالديها ولاتنتظر وقت ٌ إضافي لجنازتها ..
هكذا تبدو لي حالة الكتابة عن ذاكرة ٍ مثل ذاكرتي ,,
تهديك جنازة الجسد ولاتهديك تفاصيل الموت سرآ !
أنه الجزء المتبقى من الجسد والأكثر قدرة ٍ على البقاء ,
لنا أخاف من شئ ٍ سوى طريقة الرحيل التى تليق بي !
الرحيل فى وصفٍ ساذج لذلك ,
أريد أن أهديه جسدي قبل أن يقرأ شهادة الذاكرة الخافتة فى صمتها !
لن يقرأ شيئآ من وصية الذاكرة على ضفة الورق !!
ربما سيلتقي بكل الأشياء الخادعة التى تُــغريه بزُخرفها الكاذب !
لكن سيبقى ثمنٌ آخر لم تاتي تفاصيله بعد ,
هنالك من نتركه على صف الإنتظار دون موعد ٍ مسبق ,
ودون أن نحجز له بطاقة ٍ من الزمن على دفتر التذاكر!
الذي يبقى على طاولة الإنتظار ليعلن حضوره السحري فى ذاكرة البوح !!
يُدهشنا فى مواعيد صمته وكبرياءه المُعلن ,
أنه كل مالم يحدث.. وكل مالم يتوقع الحدوث بعد إجازة ٍ الرحيل !
يستفيق من منفى الرحيل ويدخل فى غيبوبة البدء ,
أن يوجز معنى الغياب بشئ ٍ من ذاكرة الحاضر ,
وتفتح ذراعُــها الى دائرة اللغة وتجد رغبتها القصوى فى النهوض ,
تخرج من سبات الوقت الذي أوقف أنفاسها ذات زمن ٍ .
ويتوقف الجدار الفاصل بين الحرية وحواسنا الجديدة على الورق ,
يتلاشئ ذلك الفرق المادي بين المُسميات لتصبح كل الأشياء هي شكل الحقيقة .
ذلك الشكل الذي غيبته الصراعات بين الفئات وبين طبقات العالم الإنساني..
أنها تبدأ بمشهد النهاية وتستعيد نص تلك الحقيبة المفقودة فى زحمة الرحيل ..
أنها حقيبة الذاكرة التى أستعادت حضورها فى إكتمال نص الرحيل الفاجع !
حاولت أن توقظ أشياءنا المجهولة فى معركة ٍ أكثر غموضآ ,
لن يكون الشاهد على خسارتنا الا مابقى من صراع ٍ فى مساحة الذاكرة .
هي من ستنقل الجثمان الى وصفته الأخيرة فى الوقوف صمتآ !
لكنها لن تترك رائحة ذلك يغادر أجواء حدودها .
ستوجز رحيله فى أقصى مذكرات عشقها له وجرحها له !
إنها مدهشة ٌفى إستعادة التفاصيل الآخرى لجسد ٍ أعلن نزيفه الفاجع على رصيف الحياة !!
ربما يستعيد شيئآ من جاهزيته الجنونية فى العيش ..
ربما تتمكن تلك الأداة من إستعادة القليل من حضوره الوهمي هنا ..
كافي أن تبقى ذاكرةً تعلن للزمن أنها ..هنا لإيجاز نص ٍ من نصوص الجسد!
المحطة الأكثرعنفآ من محطات العمر تلك التى لم تأتي بعد !!
أنها علامة الإستفهام التى تحترف الرحيل صمتآ وعشقآ فى دهاليز تلك الذاكرة .
للذاكرة أكثر من رحيل وأكثر من جسد واكثر من وطن ,
فنحن الذين نسلخ جلودنا متى نشاء ومتى ماوجدنا أنفسنا مهيأون لفعل ذلك ..
الذي يمتص كل النهايات وكل مايسمى أيضآ وطن ..
لاشك أنها المُحرك الفعلي لأشياء الغد,
وتلك التى كسا لونها غبار الأزمنة لتصبح شئ وهمي وعابر.
لم نعد نتذكر قصتنا الأولى تلك التى أضاع فيها الماضي طفولتنا ..
الطفولة التى كانت مشحونة بالفقر والنسيان والمرض .
انها الرحلة الخاصة التى كانت تغتال الذاكرة بمفردات نسيانها ,
ولكن هنالك مايجعلنا نقف على مُفترق عناوين صمت ذلك الماضي .
ولا نحاول أن نجعل بينه وبين الحاضر من مسافات تُذكر.
ربما يكون الماضي ذلك الذي يجتاح الحياة الحاضرة .
فهناك من يوقف عجلة الزمن ليصبح الحاضر صورة ً للماضي .
لايمكنه أن يتخلص من مفردات الزمن السابق .
فيبقى مُصابآ بذهنيه زمن ٍ مُتلاشى فى القِــدم .
وهناك من يتحرر من أدوات الذاكرة الأولى التى أُصيب بوعكتها ذات زمن .
ليصنع له ذاكرة ً للحاضر و آخرى للمستقبل ,
وكل واحدة منهما ذاكرة ٌ مستقلة فى الحضور وفى الغياب !
واننا فى النهاية لسنا الا فريسة لتلك الذاكرة والتى تغتالنا أثناء هزائم النص وعند تشييع جنازة صمتنا أيضآ ..
أنها أقصى حالات الكائن إستنفارآ لحظة أن تنتهي كل معالم حضورنا ..
بعد ذلك أنها المندوب الدائم عن حالة حواسنا فى مساحة ٍ تشبه مساحة الورق.
هي سفيرة الجسد الى كل أنحاء الدنيا نمنحها تأشيرة الدخول والخروج ,
وتأشيرة المغادرة من ذاكرة الى آخرى ,
مع كل هذا الزحام المُطلق لأشياء الذاكرة التى تكونه بعدنا !
كل تلك الحفاوة التى تضفيه على رحيلنا تلك التى تسقط فى عتمة نصٍ جاهز ٍ للبوح أو الصمت أيضآ ,,
أنها تشعل ماتيسر من شموع التوهج على نافذة الورق !
فى محاولة ٍ يائسة لتحنيط كل مشاريع الزمن ,
ولكي تزيل عزلة الرحيل من كومة الأشياء المنسية .
وتؤكد تلك الأسطورة على نظرية الكائن فى البقاء والعيش .
ربما تكون الأعمال الإنسانية التى ترافق كل تغيرات العالم ,
تبقى شاهدآ على إنجاز شخص ٍ ما ..
ذلك الشخص الذي أستطاع أن يجد حلآ أو ربما أستطاع أن يعثر على مشكلة !
من تلك المشكلة التى دفعته الى إيجاد تفسيرآ لأبعادها !
وصياغه قانونآ فى ذلك الخصوص ,
فأستطاع أن يهدي الإنسانية جزءآ من عبقريته الكامنة .
وهذا الذي يُبقى الكائن مُساهمآ فى صناعة التحولات التى يشهدها العالم .
أنه الوريث الشرعي الذي يتقاسم مع التاريخ البشري والعالمي خطوطه الكبرى.
هؤلاء من يحمل أسماءهم التاريخ الى الأبد ,
وهنالك من يدّونه التاريخ بحبر المأساة والشر !
أولئك الذين تتحول مساحة حياتهم الى باقة ٍ من معارك الزمن ,
فمنهم من يرتكب مجازر عظمى كالرئيس النازي "هتلر".
والبعض من يساهم فى إختراع شيئ وٍ ذلك الذي يموت بسببه الملايين ,
كالفريد نوبل الذي اخترع البارود ولم يستطيع أن يكفر عن إنجازه الا بتلك الجائزة السنوية ,
والتى تُمنح فى كل المجالات بإسم ذلك العالم الذي أهدى البشرية ذلك الإختراع .
ان تلك الجائزة التى أصبحت تاتي من داخل إسرائيل ,
وذلك مقابل السياسة الأمريكية الإسرائيلية فى العالم.
تُمنح لكل أولئك الأدباء الذين يحتفظون بمواقفهم فى نقد السياسة الإسرائيلية ,
نحن العرب الذين نتسابق نحو سياسة التطبيع مع العدو الإسرائيلي,












**********************************************



أن كل شئ هنا يشير الى تلك الأشياء المنسية والتى تركت ملامحها فى صنعاء .
كل شئ يستفزك رغم سذاجة المكان ,
لا تجد الا ذلك المسار الكثيف فى الإلتفاف حول إسمك ,
ومطاردة صورتك فى كل الأمكنة التى تزور معالمها ,
المكان الأول فى الذاكرة والذي يحترف فقط الموت البطئ لكل مكوناته ,
اليوم وقد أضفت أنت الى رصيده هذا الرقم المحترم من التداولات والأرقام القياسية,
التى جعلت من هذا المكان السادي فى بلاهته الى مكان ٍ تغمره السياسة ,
مكانٌ لتبادل الأوهام السياسية ومناقشة تفاصيل النظام .
لقد حولوا إسمك وصورتك الى عيادة ٍ طبية وسياسية وعشقية فى نفس الوقت .
لقد إختلطت الأوراق فيما بعضها ,
وأصبحت انت عنوانٌ للتجريح والإساءة والتناوب على مُطاردته فى كل اللحظات .
الكل يدعوك الى وليمة الخيبة والسقوط فى مُستنقع الهزيمة ,
انهم يعرضون عليك تلك الحفلات المليئة بسموم ٍتنتظر أن تمتد اليها رغباتك ,
كل شئ جاهز الى الإنفجار دون أن تكون مُدركآ لما يحدث !!!
كل من لايمكن أن تسميه رجلآ فى هذه القرية فى ذلك الماضي ,
أصبح الآن قادرآ على إسكات كل معالم ثقافتك ومشاريعك العلمية.
جاء الصيف بكل مظاهره الجنونية هنا فى القرية ,
أنت فى البدء عنوانآ مُدللآ لكل أبناء القرية ,
ولن تتم حفلات السمر والقيلولة الا أن تكون أنت حاضرآ,
من أجل أن يشعلوا على إسمك رغباتهم المتبقية .
تلك التى تكون إختصارات للأشياء التى تشعل الحرائق الكلامية فى الحديث ,
ذلك الحديث الذي يختارو عنوانه لكى تبدأ أنت بالحديث دون علمك بتلك البوليسية التى تنشر حديثك فى أروقة الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية ,
والا كيف وصلت سُعار النظام الى بيتك القروي فى كل مكوناته ؟؟؟!!!
ذلك البيت الذي لايحتمل أن تدخله الأنظمة الإستخباراتية,
وكل الحديث الذي يرمونك بعناوينه لم يكن الا جزءآ من حلقة ٍ مترابطة ,
ولم يكن صيف 2007 خالي من رماد النكسة التى تتنظرك.
أنت الذي تعمدت أن تبوح بشئ ٍ يسكنك ويرمم مشاعرك الداخلية ,
أنت الذي سقطت مذكراتك على يد شاب يملك من المجون والإسفاف الأسري مايكفيه ,
هو الذي نشر أخبارك العشقية الكاذبة الى مركز القتل والإغتيالات.
فقرر ذلك الصحفي المغمور بخيبة التلاعب بالروح الإنسانية وإبادتها بالشكل المطلوب ,
أن يستخدم لعنة القوانين خلفك سرآ..ويضعك فى شبكة الأشياء العلنية ,
تلك التى تجعل من أسرارك الكبرى حديثآ عابرآ بين الآخرين .
هكذا قرر أن يوقع الأخرين من حولك فى بوتقة الهتك والتهديد ,
أنهم لكي يخرجوا من أزماتهم المرتبطة بمصدر العيش ,
يجب أن يحملوا جثمانك على سرير الجريمة التى يفتعلوها لك .
ويصبوا زيت خياناتهم على نيران صمتك الخفية .
ليت الموت كان متناولآ فى حقيبة تلك الأزمة التى خرجت منها فى تلك العاصمة .
لماذا أخترت هذا المكان اللعين لإعلان الرحيل ؟؟
أنه مكانٌ يليق بأولئك الرجال الأقل سخفآ وسذاجة .
مكانٌ لايصلح لموت الشرفاء والمُعتزين بأمجادهم وعقولهم !
المكان هنا يصلح لموت العجزة والمُختلين عقليآ وعاطفيآ !
وأولئك الذين سقطوا فى وهمية الأشياء وخرافاتها .
هم الذين ينتظرون الموت فى كل الأحوال !
كيف لرجل ٍ قضى حياته برمتها فى البحث عن حصته فى العيش ,
تلك الحصة التى كانت خليطآ من التعليم فى مجالات رفيعة,
ولم تكن قريته الا شيئآ عابرآ وصغيرآ بالنسبة له!
والآن وقد توقفت شهيتك الى الحياة والى البحث عن حظ ٍ آخر فى العيش ,
أصبحت تُقـلد أفراد قريتك القدامى فى إنتظار الموت !
والرقص على فجيعة الصمت المُتعالي الذين يعتري أوصالك .
تبدو الرحلة شاقة وفادحة فى كل إتجهاتها .
فانت لن تنجو من شئ ٍواحد ..وتستعيد عافيتك معه,
أنت من يقف فى وجهك الوطن أيضآ ويضع إسمك فى خانة المطلوبين الى العدالة ,
هذا الذي صنع من قصتك عنوانآ عريضآ من عناوين الوطن !
الوطن الذي ينبغى أن ينشغل فى متابعة همومه الكبرى !
ومأساته الإقتصادية التى يبتلي بها ابناءه ,
وتلك البطالة الكبرى التى تلتهم خريجي الجامعات الذين تتعثر أحلامهم فى أول منعطف للتخرج ,
هؤلاء الذين سلبوا الوطن حريته وعناوين نهوضه..
يستخدمون القانون للترفية عن حالاتهم العاطفية والشخصية التى يعيشونها !
لم يكن الوطن الا شئ إستثنائي بالنسبة لهم !
الوطن فى معناه الحقيقي نهب المال العام والإستحواذ على ممتلكاته ,
لاتعنيهم حالة المواطن التى يعيشها من بؤس ومجاعات وحالات التسول التى تملئ واجهات المحلات التجاريةفى كل المدن!!
أن عدد المتسولين الذين يملأون كل الفراغات على خارطة الحركة أكثر من ذلك العدد الذي يمارس حياته بشكلها الإعتيادي والطبيعي !!!
نحن نعاني من مسألة البحث عن شكل ٍ آخر للعيش ,
والتخلص من ذلك التراكم الكاذب لمعنى الحريات والإغتيالات المرتكبة فى حق الشعوب ,

الذين يقولون بأن الوطن يعيش أسوء حالات الإتزان الإقتصادي وتلك الإضطربات السياسية هم اولئك الذين تسكن قلوبهم الكراهيه والحقد !!
أولئك من ينشروا صوتك العذب فى مستنقع المياة الأسنة .
ويحاولوا أن يجدوا مُبررآ لشكل طقوسك النفسية وتلك التى فى العمق.
ليمنحوا أجهزة الدولة شئ ٌ خفي عثروا عليه أثناء تجوالهم الدائم فى ينابيع صمتك النقية ,
كان كل ذلك مشاهد لصيف 2007م ,
صيف ٌ تختبئ خلف كواليسه حكايا الجحيم الملتهبة .
أنها مسرحية الموت المعلن الذي يتراقص على مساحات الحضور الأني,
الإقتراب أكثر من زحمة الفوضى الذي يزداد سُعاره كل لحظة فى إلتهام جسدك ,
الجسد الذي ينوء بتعبه وجرحه وذاكرته ..مازال يقف عاجزآ عن وصف حالته الجديدة ,
التى تحيط به !!تلك الحالة التى تفرض عليك كل ضروب العزلة والحصار والصمت الباذخ !!
وتنشر على حبل غسيل الرحيل مواويل حتفك الحتمي!
لاشك أن الخط مُزدحم برجال مُدججون بأسلحة النعي..
وأصوات تتداول حديث حديث الجلد والتشهير ببقايا الجسد!!
ربما فقدت نصف الجسد فى معارك آخرى لم تكن تعنيك ,
ذلك الجزء المتبقى من ذاكرة الرحيل الذي يرمي بأجزاءه فى وحل القدر !!
سريعة ٌ هي عجلة السقوط التى تحتفل بشكلها النهائي فى الوقوع الى الأسفل .
مخلفة ًذلك الكم الهائل من تلك الأشلاء التى نتوقع أن تحافظ على تماسكها أوتشظيها !!
وسط تلك الحادثة الفريدة فى السقوط .
السقوط بمعناه الأبدي أن نعثر على بعض بقايا ذلك التهور الجنوني ..
ولانجد الا رماد تلك الأجزاء المنكسرة!!
كل تلك الأشكال التى لم تعثر على سبب ٍ حقيقي وراء إنكسارها ,
وتماديها فى غواية السقوط الفاجع !!!
انت تحاول ان تعيد الروح الى ذلك الجزء الذي يدخل فى قائمة الأشياء,
المنكسرة أو تلك التى تبتهج بحالة الإنكسار التى تعتري الذاكرة,
حالة الذاكرة التى تغرق فى إثم الصمت وأزمة الدوران فى فلك الأشياء المحيطة بنا !!








يأتي شهر رمضان وأنت ترغم ذاتك على الهدوء وانه يمكن أن يزول !!
وهذه الغيوم التى تستفز كينونتك ربما ستبحث لها عن أرض ٍ آخرى لتلقي حمولتها هناك !!
وكل ماكان له علاقة بذلك الحد الجنوني من الغِيرة سيجد طريقته فى الزوال والإنحسار !
وقد تزول كل تلك الأسباب التى تدفعك الى الشعور ذاته!!
والى تكريس الطاقات وتفريغها فى تلك الأشياء الصغيرة,
إنها تزيد كل لحظة جنونآ وتُرغمك على إحتراق ذلك الجزء المُتبقي من الأعصاب!!
ولاتلبث أن تتكرر فى محاولة ٍ تهدف الى نزع ذلك الجلد الحي الذي يكسو الجسد!!
إنها محاولات للسطو على ممتلكاتك السرية التى تحتفظ برموزها منذو الطفولة !!
ولكن تلك الممتلكات التى تسكن الذات لم تكن أداة جاهزة للتداول أو المقايظة ..
إنها جزءٌ من تكوينك الأول الذي رافق تطورك البيولوجي ومنحك خصائص البيئة التى تحيط بك !!
لم يكن الصيام أيضآ كافيآ لإيقاف هذا السيل العارم من الأفعال التى تستفز صمتك !!
وتأويلاتك الكثيفة فى فهم كل هذه المسائل وإستيعاب خيوط ذلك !!
أن طريق العودة من الجامع الى البيت أيضآ كان مثار إستفزازآ لك !!
لم يكن الرجال وحدهم من يملكون أدوات لتجريح مشاعرك وأحاسيسك التى تكمن بها ذاتك!!
أيضآ النساء الطاعنات فى السن مصدر ذلك الإستفزاز والأطفال منهم !
أنت من تعوّد أن تهتف له الأصوات بإحتراماتها وودها اليك ..
لم تصل بك الحياة الى هذا الحد المُتدني من شكل العلاقات المُتخثرة !
لكن الذي يحصل شئ يدعوك الى التوقف تمامآ عن كل مشاريع حياتك القادمة .
كل ذلك العمل المُتنامي بداخل البيت يُسكت صوتك ويجعلك عُرضةً للحسرة والألم أنت بمفردك!
فى مساء التاسع عشر من شهر رمضان وبعد صمت ٍِ طويل ,
قررت أن أغادر العاصمة صنعاء فى الساعة العاشرة مساءآ,,
أنه الدافع الى الخروج من هذه الأزمة..
وتلك الفوضى التى تركض بجنون فى صفوف العائلة الواحدة..
لم أكن أملك أي ّ مصاريف لكي أتمكن من السفر الى العاصمة .
سأذهب الى القرية المجاورة وأستلف لى مبلغآ يوصلني الى العاصمة ..
ومن هناك سأحل المشكلة المالية.
لملمت بعض الملابس وأتجهت الى مغادرة القرية .
وصلت الى القرية المجاورة وأستلفت لي مبلغآ قدره2000ريال
من شخصآ كان يعمل مع أبي فى عملية البيع والشراء,
بعدها واصلت السير على الأقدام حوالي 2كيلومتر..
ثم جاءت سيارة خلفي مُتجهه الى أقرب مدينة الى قريتنا,
بعدها انتقلت الى المدينة المؤدية الى العاصمة .
وعند حلول الفجر وصلت العاصمة وانا فى قمة التعب والإرهاق.,
لم تكن صنعاء كتلك التى غادرتها فى ذلك الوقت ..
أنها تبدو اكثر حزنآ وأقل جمالآ ..
لم يمضي الا يومآ حتى زرت وزارة الأوقاف لإستلام بعض مُستحقاتي المُتبقية هناك ,
خرجت الى "باب اليمن" لشراء بعض الأدوات ..
وبعد ذلك ذهبت الى مقهى الإنترنت وبي حنينٌ جارف الى تصفح أصدقاء الذاكرة القدامى!!
اولئك الذين غادرتهم وجعلت بيني وبينهم حاجزآ من الغياب .
فتحت بريدي الإلكتروني فإذا بي يتوقف القلب عن الركض..
أنها "حياة"على الطرف الأخر من الخط ,بدأت معها بكل جنون :
- رمضان مبارك سيدة "حياة".
أنتظرت جملتها بكامل الصبر,فردت:
- رمضان أكرم ,
- كيف أنت ِ سيدتي..بعد كل هذا الصمت والغياب؟؟
كان صمتها أكثر وضوحآ من تلك الجملة التى انتظرت لها جوابآ..فردت بكل غيرتها النسائية :
- ولكن من "حياة" تلك ؟؟
- "حياة"تلك التى لم تكن يومآ علامة إستفهام فى ذاكرتي,
أسلتمت عبارتي تلك وهي تحاول أن توقف ذاكرتي الأولى التى تقاطعت معها ,فقالت:
- ياسيدي لا أفهم شيئآ مما تقول ,فمن تكون أنت؟!!!!
- أنا الآن لست جاهزآ لإثبات ذاكرة ٍ ما ..ولكن سأقول لك ِ بتلك الحقيقة التى زرتها دهرآ فى
ذاكرتكِ!!
ردت بنوع ٍ من فوضى الغيرة على ذاكرتها :
- أنت تقول لي كلامآ غير معقول وتريد أن أوافقك الرأي !!
- أنت ِ تلك المرأة التى تحاول أن تدفن كل ماله علاقة بالحقيقة أو بالأحرى بذلك الذي يعيدنا الى
الذاكرة,,
- ربما يكون هذا !!
- العشق يعنى فى قاموسكِ الموت على حافة الصمت أو على حافة الورق,
- ............
- أنتِ من يضع للعشق فى ذاكرته ذلك الضريح الهائل ..
- .......
كان صمتكِ مدويآ بحجم مأساتي الجديدة واضفت :
- أنه شاهدآ على عشق المرأة الشرقية التى تضع بينك وبينها ملايين العبارات الهاربة من الإعتراف.
- ......
أنقطع الإتصال بيننا الآن وأصبحت على الشاشة فى حالة عدم إتصال !
غابت تلك الجمل الأكثر غموضآ ولم يغيب ذلك المـتألق فى جوقه أنفاسي !
غابت ملامح الكلمات الهاربة من البوح ولم يغادرني ذلك الدفءالذي تركتيه على شاشة الأثير,كما وصلت أنفاسكِ الجزائرية الشهقة..
ودخلت معكِ فى حالة الصمت الكثيف..
صمتٌ بمعنى المسافات الموغلة بإتساعها الجغرافي والتاريخي أيضآ ,,
جاء صوت المؤذن معلنآ عن موعد الإفطار الرمضاني بتوقيت العاصمة صنعاء,,
غادرت المقهى الى تلك الشقة المؤثثة بحزني ودموعي ,
خرجت بعد صلاة العشاء مُتجهآ الى شارع "الرباط"
وبينما أنا أخرج فى الشارع الفرعي المؤدي الى الكافتيريا..
التى كانت جزء من تكويني وذلك المدى المؤدي الى شارع "الرباط"فوجئت بذلك المشهد ,
أنها تلك الفتاة وأخوها الأصغر ..تلك التى حولت جسدي الى هيكل إغريقي تسكنه الحرائق وسُحب الإشتعالات !!ذلك الجسد الذي فقد كل هويته واسرار ذاكرته بمنتهى السرعة !!
كانت تُعد لي وليمة ٍ قادمة من أطراف الموت ,
أنها تنتظر شخصآ اعلن عن أسرارها الى أول عابر سبيل ,
وأقتحم ذاكرتها بكل جنون ..ومع ذلك أباح تلك الذاكرة الى رجال لم تربطهم به أي روابط !!
وأصبح الحديث عنها مُباحآ فى حارتها ..
كيف لها أن تنتقم من شخصٍ أباح كل أسرارها ؟؟!!
لم يتبقى لها الا أن تعلن هي الأخرى عن قتلي !!
وذلك مهما كلفها الثمن وأن تعلن للملأ عن كل فضائح المستقبل معي !!
لقد شاء القدر أن يتسرب ذلك الخبر الى أبوها الذي يعمل سكرتيرآ صحفي لنائب رئيس الجمهورية,
فشخصآ مثل هذا لا يمكن أن يقبل بهذا الخبر ,,
ولايمكنه أن يقف حائرآ فى مثل هذه الأشياء..
إنه يملك من القوة مايكفي ويملك من تزوير القانون مايكفيه أيضآ..
فلن توقفه أي وساطات للصلح ولن يقبل بأي خيارٍ مهما كان نوعه ..
لذا لزم عليه أن يفرش على الطريق الذي أسيرعليه مزيدآ من الجمر ...
كي تتعلم قدماي مذاق النار ولهيبها !!
أنها معادلة الزمن الذي أكتشفت أسرارها قريبآ ..
وأدركت معنى التنفس فى حضرة رجال ٍ وعصابات ٍ مثل تلك ..
وأن الحرية يجب أن تموت على حافة القوة والقرار,,
الحرية لم تكن مُتداولة الا على اطراف الورق ومقاهي الإنترنت ,,
لكنها تعلن موتها فى زمن ٍ يكون فيه رجال ٌ مثل هؤلاء!!
تصبح أدوات الموت ممكنه فى مثل هذه الأوقات وهذه الأمكنة ..
ولا خيارٌ لك سوى الرحيل على الطريقة المُلائمة لذلك !!!
ألقيت عليها نظرة خاطفة وتسارعت خطاي الى موقف الباصات للتوجه الى شارع الجامعة ..
لم أجد مكتب المبيعات وخدمات الزبائن الا مُغلقآ ,وذلك لغرض تفعيل خدمة الرسائل ,
عدت الى الشقة سريعآ بعد أن ركبت فى الباص القادم من الجامعة الجديدة الى تقاطع شارع الرباط مع شارع 16..لم اتوقف عند تلك الكافتيريا القريبة من شقتنا ..
وصلت الى الشقة وأنا من قرر أن يغادر المكان فورآ!!!
أخذت مايلزمني من أدوات وتحركت الى موقف النقل الجماعي المُتجه الى مدينة "إب"!!
كان معي فى هذه الرحلة أحد الأصدقاء الذين يعلمون فى شركة تكرير للنفط,,
الذي دفعني الى السفر انني أستشعرت أن هنالك شيئآ ما !!
هذا ماأثار رغبتي الى مغادرة المدينة وبأن خطرٍ قادم على شرفة القدر ينتظر جسدي!!
بعد أن حجزنا تذاكر السفر بالباص ..وبأن موعد الرحلة الساعة السابعة صباحآ,,
كان الجو باردآ ونحن فى صالة الإنتظار ..
وعندما إقترب الوقت من السابعة دخلنا الى النقل الجماعي..
وكان هناك عددآ من الركاب ..لم أنتبه الى الركاب الذين خلف مقعدي ولا الذين فى الأمام ..
كنت مُنشغلآ بقراءة مقابلة ٍ مع الشاعر "محمود درويش" فى صحيفة القدس العربي,,
لم أشعر بأي شيئ الا حين سمعت تلك الفتاة التى تتصل خلف مقعدي.
أدركت أنني على متن الباص .
عدت الى قراءة الصحيفة ولم أعير تلك الفتاة أي إنتباه ..
لكنها عادت تتكلم على موبايلها وتمد يدها الى مقعدي محاولة ً لفت إنتباهي ..
لكنني تركتها تعبث بفوضويتها وترفع صوتها دون أي إهتمام مني !!
أنني أسمعها تأكل فى رمضان وتتكلم على الموبايل مع شخص ٍ آخر !!
كانت كلمات "محمود درويش"أعذب من ذلك الصوت النسوي الذي يتكلف الغزل بكل زيف ,
تلك المقابلة التى حاوره فيها :هشام نفاع ,رجا زعاترة وبشير شلش..
والتى أجريت معه قبيل أمسية حيفا,
أن ذلك الحوار أذهلني فى كل شيئ .
فى الطريقة الفلسفية التى وصلت بها عقلية المُفكر والشاعر الفلسطيني.
وصلنا الى مدينة"إب" فى الساعة التاسعة صباحآ فى جو رمضاني مُشبع بشمسٍ حارة!!
إسترحنا الى بعد صلاة العصر وبعدها خرجنا الى شوارع تلك المدينة !!
إقترب موعد أذان المغرب وقررنا أن نبقى فى المدينة للإستراحة الى قبل صلاة الفجر ..
وعند الثانية عشر صباحآ أتجهنا صوب القرية ,
وصلنا الى القرية عند الثانية صباحآ ونحن فى قمة التعب والإرهاق,
وصلت اجسادنا التى أفترشها العرق فى كل الجهات..
أن أمي التى طال حزنها على رحيلي الى العاصمة ولم تذق شيئ بعدي!!
أنها اول من إستقبلتني والقت على وجهي بسؤال الأم الحنون:
- ياإبني الحمدلله على وصلك الى البيت ..هذا أكبر هدية من الله !!
- نعم وصلت ياأمي ..
- هل تحتاج الى شيئ تأكله ؟؟؟
- ربما ..
- سأفعل لك الخبز,وهناك العشاء المُتبقي لك !!
- نامي ياأمي ولاتهتمي بهذا الجانب,
وضعت امي الخبز والشاي وذلك الاكل المُتبقي من العشاء..وذهبت الى النوم..
وبقيت أنا واخي الأصغر الذي مازال نامآ ولم يدرك وصولي الى البيت,,
هنالك إتصال من العاصمة صنعاء ترى من يكون؟؟
ضغطت على زر التلفون وأجبت:
- الو من معايا...؟؟؟!!
- لماذا سافرت ؟؟
- من معايا لو سمحت؟؟؟
- ........
يبدو ان الإتصال إنقطع ومن هذا الذي يرمي بتساؤلاته على شخص ٍ لايعرفه؟!!
غريب أمر هؤلاء الناس لماذا يهتمون بخصوصيات الأخرين؟!!
أغلقت التلفون ..وبدأت فترة السحور الرمضاني!!!
قام أخي الأصغر من النوم وهو ممتلئ بثورة من الغضب قائلآ :
- لماذا فعلت كل هذا ؟؟!
أجبته بشيئ من التأني:
- ماذا فعلت ؟لم يعجبني شكل العلاقات الأسرية هنا فقررت انا أغادر !!
- لقد أزعجني أخي الأكبر من السعودية بالإتصالات !!
- لم أكن سببآ وراء كل ذلك ..
- ومن يكون إذآ السبب؟؟؟
- أنا الذي أكتوي بكل هذه المشاهد !!
وساد الصمت بيننا ......






*********************












أشتدت حالة العزلة التى بدأت تحيط بي من كل جانب!!
إنها المرحلة الأكثر قتامة فى حياتي ,بدأت كل الأمور تزداد ضرواة!!
وأنا الذي تسكنني رياح الحصار الدامي,
نساء القرية التى تزداد رغبتهن يومآ بعد آخر لإيقاعي فى فخهن !!
لقد قررت أنا أتخذ من البيت مكانآ للعزلة من أجل أن أوقف هذا الجنون كله ,
فى صبيحة الأربعاء من 31/10/2007 م جاء ذلك الإتصال المُفاجئ !!
الذي يعلن لك عن خبرٍ تصدر الصحف الرسمية !!
إنه خبر توظيفك فى قطاع الإذاعة والتلفزيون!!
كيف حدث كل هذا فجأة ؟؟
كيف حصلت على هذا الإمتياز وانت هنا فى القرية ؟!!!
أنت الذي لم يترك شبرآ من الأرض الا وحاولت ان تجد معه لغة ٍ من لغات البحث عن الوظيفة!!
لماذا كان التوقيت فى هذه الفترة الحرجةمن فترات الحياة ؟؟!!!
لابد أن ذلك الصحفي ينتظر حضورك بفارغ الصبر !!
يريد أن تكون حاضرآ لتتقاسم معه رائحة القتل !!
جاءت الإتصالات التى تبارك لك بحصولك على الوظيفة !!
لم أرد على تهانيهم المؤيدة لمشروع موتي !!
لم تصلني الجريدة لكى أقرأ فحوى الخبر وأتأكد عن الحقيقة بنفسي!!
كل الذين أبلغوني ان الخبر كان مؤكدآ بالتوظيف !!
ولكن عندما اخبرني أخي الأصغر أن الأسماء سوف تخضع الى إختبارات قبول.
وان المادة التى سنخضع للإختبار فيها هي فى هندسة الإتصالات ,
وجاء إتصال أخي من صنعاء الذي أمرته أجهزة الأمن السياسي بأن ينقل لي الخبر بنفسه!!
الذي يعمل مهندس طرقات فى محافظة "تعز"وكان ذهابه الى صنعاء من اجل أن يهيأ الجو النفسي لي!!
أتصل بي من أجل الحضور صباحآ الى العاصمة ..
ترددت كثيرآ فى الرد عليه ولكنه مُــصرآ على حضوري فى وقت مبكر .
وفى الصباح لملمت بعض مراجع الدراسة الجامعية وغادرت القرية !!
وصلت الى مدينة"إب"التى يدرس فيها أخي الأصغر مستوى ثالث فى كلية التجارة والإقتصاد !
ألتقيته ذلك الصباح وقرأت الجريدة لأجد شيئ مُحير فعلآ!!
لم تكن الأسماء جاهزة من الخدمة المدنية ,
بل كانت أسماء المتقدمين الى إختبارات القبول للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون!!
كان معظم المُتقدمين من الجامعة التى تخرجت منها !!
ولكن الإعلان الذي أعلنت به الإذاعة والتلفزيون يطلب أولئك الذين تقديرهم "جيد جدآ",
وأنا تقديري "جيد"كيف حصل هذا اللبس ؟؟
هذه التساؤلات التى أكررها على نفسي لأقتنع بتلك الأسماء..
أيضآ لحظة إعلان المؤسسة عن درجاتها الوظيفية لم تقبل اللجنة ملفي المُقدم اليهم !!
وردت بانها تريد التقدير المبين على الجريدة !!
أسترحت فى مدينة "إب"وحجز لي أخي الأصغر بالنقل الجماعي الى العاصمة فى الثالثة عصرآ ,
وعند الثالثة توجهت الى محطة النقل الجماعي!!
وهناك إعتذر لنا المسئول فى مكتب النقل الجماعي عن تأخر الباص القادم من "تعز",
وفى مكتب النقل الجماعي جلس الى جانبآ رجلآ فى الخامسة والأربعون من العمر تقريبآ,,
وهو ينظر نحوي قائلآ :
- من أين أنت ؟؟
- من محافظة "إب".
- وأين تعمل؟؟
- أنا لست موظفآ بعد .
- هل درست جامعة؟؟
- نعم تخرجت من الجامعة منذو سنتين ولم أحصل بعد على وظيفة.
- ماذا درست ؟؟
- درست هندسة إتصالات .
- يعني حاسوب .
- لا.
- أنا أبني درس فى العراق هندسة سيطرة وتحكم ..انه القسم الوحيد الذي يُدرس عند "صدام حسين" و"شارون" ذلك القسم الذي يكشف عن الطائرات فى الهواء!!
- وهل أبنك موظف ؟؟رغم أن القسم الذي تتحدث عنه ليس بتلك الأهمية التى تقول عنه..
- نعم .موظف فى شركة سبأفون للإتصالات.
أدركت أن هذا واحد من اولئك ..وأن شخصآ بهذا السن لايمكن أن يجري معي حوارآ مثل هذا ..
واخيرآ جاء الباص فى الرابعة عصرآ بعد إنتظار ٍ طويل!
أمتدت تلك الرحلة الى العاصمة حوالي أربع ساعات ..
كان الباص ممتلئ ٍ بالرجال والنساء ولم تكن الحركة فى الداخل طبيعية!!
وصلنا الى "باب اليمن" فى التاسعة والربع ,
وأتجهت الى موقف فرزة الباصات المؤدية الى شارع "هائل-مذبح"!!
وصلت الى الشقة وأنا أرتعد من الخوف..كانت المسافة أكثر وحشة!!
ذلك الشارع الأكثر صمتآ والخالي من الناس لم تكن فيه الا أصوات الكلاب التى أعادت الى ذاكرتي تلك الأشباح التى تخيفني منذو الطفولة !!
وصلت الى الشقة والتى وجدت فيها الأصدقاء وأخي أيضآ المهندس.
أستفزتني طريقتهم فى الإستقبال وكأنهم يستقبلون وزيرآ كبيرآ.
كل شيئ يبدو مختلفآ عن السابق ..حتى غرفتي الصغيرة أصبحت كأنها شخصٍ آخر!!
لم أستطيع النوم ذلك المساء كنت كمن يبحث عن أسئلة ٍ وسط هذا الخراب الجنوني!!
يبدو أن النوم صعبآ للغاية فى مثل هذه الحالات!
أشرق الصباح معلنآ عن فجر ٍ جديد تظهر خيوطه على نافذة البيت!!
خرجنا جميعآ الى الكافتيريا للإفطار .
إن ذلك الشخص رأيته بالأمس وهو يلقي نظراته الجنونية على قسمات وجهي!!
وهو كذلك الآن يكرر نظراته ..ويحاول أن يتعرف على قسمات وجهي ..
ليتأكد من شكل الضحية التى سيفترسها علنآ ودون أن يكون أحدآ يعرف بهذا!!!!
قررت أن أنسحب من تلك اللعبة المزورة الأبعاد والتفاصيل ,
وأعلنت أنني لن أدخل الإختبار غدآ ,فكل مايجري عبارة عن فوضى مُلفقة ,
أن إصرار أخي جعلني أصمت أكثر وقررت أن أدخل الإختبار ولكن سأقرر فيما بعد ماذا سأفعل !!
وصلنا الى مبنى الإذاعة والتلفزيون وطُلب مننا البطاقة الشخصية فى البوابة !
ألتقيت بعدد من الأصدقاء الذين تخرجت معهم !!
البعض موظف فى القطاع الخاص والآخر مازال فى طابور البحث ,
حضر ذلك اليوم الأستاذ/عباس الديلمي مدير الإذاعة والبرامج والمذيعة"نوال عاطف"!
الإختبار فى مجال الثقافة الهندسية للإتصالات !!
خرجت من المبنى أنا وأخي واتجهنا الى الجامعة القديمة..
طرحت عليه كثيرآ من الأسئلة التى أريد أن أجد لها حلآ!!
فيجيب كل مرة بإجابة تختلف عن الإجابة السابقة ..
هذا الذي زاد أكثر من خوفي وقلقي وشكوكي!!
أنا من قرر مغادرة العاصمة فى أقرب وقت ٍ ممكن ..
عندما طُلب أخي ان اخرج الى السوق لشراء "القات"!!
خرجت الى السوق فى الظهيرة ولكن ثمة شيئ ٍ خفي يلاحقني !!
إنه مجنون أيضآ يلقي نظراته على قسمات وجهي !!
كأنه يريد أن يغرس شيئآ حاد فى جسدي ,
ولكنه لم يتمكن من اللحاق بي ,ولأنه أيضآ أدرك إستشعاري السريع بكل مايحمله لي!!
إنه الجزء المتتالي من مسلسل المُلاحقة المُتكرر معي !!
عدت الى الشقة وأنا كل إيمان بأن البقاء يمثل لي حالة الخطر الأكبر!!
وأن كل شيئ يشير الى حالة الموت المعلن دون رجوع ودون أدنى شكٍ بذلك ...
يأتي المساء كعادته محملآ بعناوين القلق والشك!!
خرجت أنا وأخي الى ذلك الشارع السابق للذاكرة شارع "هائل".
وبدأت أنا بطرح ذلك التساؤل حول مسألة الأسماء للتوظيف :
- لماذا كان تواجدت فى هذه الفترة بالذات ؟؟
- يوجد معي عمل بالمؤسسة العامة للطرق!
- ولم تكن لك أي علاقة مع تلك الأسماء ؟؟!!!!!!!!
- لم أكن أعلم بهذا إطلاقآ !!
- وكيف قلت لي أنك قدمت ملفي الى ناس كبار فى الدولة ؟؟
رد بكثير من التردد والحيرة:
- نعم !!
- إذآ أنت هنا من اجل أن تبعث الثقة فى نفسي !!ومن أجل أن تحقق هدفهم المرجو !!
- لا ..أبدآ
- وكيف لي أن أثق بأنك لاعلاقة لك بهذا الموضوع ؟؟
- سنذهب سويآ الى المؤسسة !!
- أنا مقتنع جدآ بأنك تخفي سرآ كبيرآ ...
- لاأخفي شيئ !!!
- سنرى فيما سيأتي !
- هل تريد علاج للخوف ؟؟
- لا أحتاج الى أي حُقنات ..أنا لاأخاف من شيئ !!
- ضروري نأخذ لك !!
- أريدك أن تتكلم معي بالحقيقة !!وهذا سيكون أكبر حُقنة مُسكنة الى جرحي النازف..
إشترى العلاج من الصيدلاني وهو مُسكن للخوف!!
وبينما نحن فى طريق العودة الى الشقة ,
التقيت فجأة بذلك الموظف فى وزراة النفط فى الشارع القريب من السكن بادرته بكل سرور:
- مساء الخير .. أ/محمد !!
- مساء النور والسرور يامهندس نشوان !!
- كيف أنت أستاذي الكريم ؟!!
- والله أنا بخير .وأنت كيف أحوالك ؟؟
- أنا أحوالي وأخباري تجمدت بفعل تلك الأزمة التى أصبحت اليوم عنوانآ لقتلي وإغتيالي !!
- أولم تخبرني ذلك اليوم بأنك أنهيت ذلك الموضوع ؟؟!!
- نعم ..ولكنه أخذ مسارآ آخر ..
- وهل مازلت على علاقة بتلك الفتاة؟؟
- ياأستاذ/محمد..أنا من زمان ليس بيني وبينها شيئ..ولكن الذي جعل حجمها يزداد هو الكلام الذي تسرب الى بعض شباب الحارة!!
- خير إن شاء الله ..
- والأستاذ/صالح ..هل هو موجود ؟؟
- الأستاذ مازال مسافرآ فى مصر !!
- إذآ أودعك أستاذي .سأسافر غدآ الى القرية ..
- الله يكون معك .
- تصبح على ألف خير.
- وأنت من أهل الخير.
إفترقنا ..كنت أنا بمفردي .وأخي تحاشى لقاء هذا الشخص ..
أن ذلك الشخص رائعآ الى درجة ٍ قصوى !!
ونزيهآ وصادقآ ووفيآ وملتزمآ بكل مواعيده ,
مشيت بمفردي الى ذلك السوبرماركت الذي كان أخي فيه مدة لقاءنا بالأستاذ/محمد.
توجهنا الى الشقة بعد أن أكملنا شراء بعض الأشياء السريعة من الخارج!!
لم يكن بالشقة الا القلة من الشباب والبقية فى الشارع !!
لذا كل شيئ يحتاجونه من البقالة لابد أن أخرج أنا لشرائه !!
خرجت حوالي ثلاث مرات وأنا أستشعر الخوف والقلق خلفي ,
قررت أن لا أخرج فيما سيأتي ..ورفضت أن أخرج فعلآ..
بعدها طلبوا أن أحضر لهم الشاي على الغاز..
وصوت التلفزيون مُرتفع الى النهاية بإحدى السهرات للفنافة "أم كلثوم "!
أحسست بشيئآ ما ..لم أوافق على الطلب !!
فتظاهرت بالنوم ..ولم أسمع الا صوت أخي يقول :لقد وقعنا فى الشبكة .
نهظت من النوم وأخذت فلوسآ من أخي كمصاريف الرجوع الى القرية..
تردد فى إعطاء الفلوس كثيرآ وقال لي :عندما تنزل أسماء المقبولين يجب أن تكون هنا ,,
لم أجاوب .أخذت الفلوس وذهبت الى النوم.
وعند السادسة صباحآ كنت على مشارف "باب اليمن" لمغادرة هذا الكابوس المُعتم الذي زلزل كياني خوفآ وهلعآ وإحتراقآ !!
وبعد ساعة توجهت السيارة الى محافظة"إب" ,
كم تمنيت أن تزول المسافة الجغرافية التى تفصلني عن البيت وتصبح مسافةً وهمية !!
أردت أن تذوب كل جبال الجليد التى تكاثفت خلسة على درب الذاكرة !
وليبقى الصمت حاجزآ حقيقيآ بين الحلم والحقيقة.
السيارة تجتاز مسافات وأنا أجتاز ذلك الجدار العازل بين الذاكرة والمكان !!
كل تلك الأمكنة التى نجتازها لم تكن يومآ أمكنة للخوف أو للذهول..
كانت أمكنة تختصر كل أشواقنا الى الحياة والحرية .
والآن تحولت فجأة الى محطات نخشى من الإنتظار فيها والبقاء على مشارفها لحظة واحدة..
أنه مأساة كبرى تلك التى نشبت فى غمرة الظلام ,
تلك التى حاكتها أشباه الرجال على حساب مستقبلهم وحياتهم ,
ونحن فى السيارة التى تُقلنا الى مدينة "إب".
فهناك على المرتبة الخلفية ثمة رجلآ يتظاهر بنوبات نفسية وعصبية..
يلقي على رقبتي كثيرآ من التأمل وكأنه يريد أن يضع توقيعه الفريد عليها!!
فهمت ماذا يريد أن يضع من بصمة عليها !!
نظرت عليه بعنف وكأنني أقول له :أنت تريد أن تغرس خنجرآ على رقبتي تحت مُسمى أنك معتوه!!
وبعد مدة خمس دقائق أستعاد ذلك الرجل وضعه الطبيعي .
وبدأ يتكلم معنا فى كل النقاشات التى نطرحها !!
وصلنا أخيرآ الى تلك المدينة التعيسة "إب"أن أول شيئ فى تلك المدينة قابلته ,
منظر أولئك المجانين الذين يكسون الجولات والشوارع ,
أتصل أخي الأصغر فجأة على تلفوني فقلت له إنتظرني سأكون بعد خمس دقائق عندك!!
سلمت على أخي الأصغر بحرارة لأنني لم أكتشف بعد خيانته لي ..
ان ذلك الإستقبال لم يكن الا على رصيف تلك الكافتيريا التى إلتقيته هنا عند السفر الى العاصمة ,
حاولت أن أنقل له بعض تلك الصور المُتقطعة التى مزقها الزمن !!
تلك الصور المُهترئة الملامح والتفاصيل والأحلام أيضآ ,,
أن الحجم المزور للأشياء هو الذي يمنحها الغطاء الكاذب للبقاء ..
وأننا بحاجة الى وعاء إخلاقي وأدبي من أجل أن نعطي الحدث إيقاعه المناسب والضروري .
تلك الأشياء التى تظهر فجأة ونمنحها أدوات الديكور الخارجي..
ولا ندرك ثمن هزائمنا القادمة وخسائرنا العظمى معها !!
هذا الذي ينبغي أن يطفو على سطح الواقع .
ونحاول أن نُشفى من لعنة المُسميات ومدلولاتها الأخرى,
لم يدم طويلآ ذلك النص الموجز الذي أهديت مقاماته الى أخي الأصغر ..
بعد وجبة الغداء السريعة التى جمعتنا غادرت المدينة مودعآ أخي الأصغر.
إتجهنا صوب القرية وأنا فى قمة السعادة لأنني ربما سأعثر هناك على عزلة ٍ تليق بي ,,
سأتحرر كثيرآ من لغة الجنون التى تتربص بي وتلاحقني حد الجنون أيضآ,,
لن أعثر فى القرية الا على نوع ٍ قليل من أنواع الجنون!
وأكون بذلك قد أقمت حوارآ داخليآ فى دهاليز الروح الأبدية!!


***********************************



















لم تهدأ العواصف مرة ً آخرى هنا .
الكل ينتظر منك جوابآ على سؤال ٍ له !!
ربما يكون من ينتظر الجواب ليس بحاجة ٍ ماسة الا شرحك الموجز والمُتقطع !!
أنه يعلم مُسبقآ شكل الإجابة وسبب سؤاله !!
فقط إنه يريد ان يوقظ نيران قلبك المُشتعلة !!
ويشعل ذلك الموت البطئ الذي يتسلق متاهات حلمك ,
الجميع هنا جاهزون الى تفتيت مابقى من سموك السابق!
أنهم فعلآ يقتلوك بطريقة ٍ حميمة ومدهشة فى آن ٍواحد !
لم تكن العملية الا تلك الطريقة الماكرة التى تلهبك بِسياطها الموجعة والمُتعمدة .
إنها قمة التداول الفاحش على لعب الأوراق معك .
والتناوب على التمثيل بسموك وعزتك وشموخك .
تلك العملية الساذجة التى تسمع صداها فى عتماتك!
وتحاول أن تتجنب السقوط فى ذلك الوحل الموغل فى القتامة والتعفن !!!
ولكن ماذا عساك تفعل أمام تلك السلسلة المُنظمة فى إهتزاز عرشك ؟؟!!
بماذا عساك أن تحتمي من شبح الجلاد وسياطه التى تلاحقك أينما تذهب ؟؟؟!!
الكل مدعوون الى حضور مراسيم موتك ولكن بطريقتهم السرية التى يعدون لها !
ويرفعون شاراتهم المعلومة لهذا المهرجان الكرنفالي ,
إنه ليس ككل المهرجانات الأخرى والمعتادة مراسيمها .
هذا الذي غاب عنك دهرآ ولم تتخيل أحداثه مُطلقآ ,
فيأتيك بغتة ٍ دون تفاصيل مُسبقة ودون أن تضع فى الحُسبان مقامات هذا الإيقاع الفريد..
يتسلل الى دهاليز لم يتسلل اليها أحدآ من قبل !!!
فتأتي تلك الحالة وتمثل بذاكرتك أيما تمثيل ..وتلقي على دفء صدرك رصاصات الغدر الحارة !!
فأيّ حضورٍ هذا الذي يمكن أن تتوقع أن تكونه ؟؟
أيّ منفى سيكون بعد هذا النفي القسري لذاتك ومرامي المستقبل المنشود الذي إنتظرته حتى هذه اللحظة ؟؟!!!
كل شيئ أصبح فى غمرة الأشياء العدمية التى جُردت من معدنها الأصيل والبرّاق!!
لم تبقي لديك الا حفنة ٍ رخيصة المعنى والإيقاع !!
تلك التى تلفظ أنفاسها الأخيرة فى الحضور الأعمى للوجود !!
فهنالك تلك الأشياء التى تعثرت على مُنحنى الحياة !
وسقطت فى أول منعطف ٍ من منعطفات الذاكرة .
شاءت لها مصائرنا أن تمارس حقها فى أن تفقد هوية البقاء ..
وتدخل من منفى الى آخر داخل المنزل الواحد !!
لتتعدد بوابات المنفى وتكون أنت العنوان البارز لكل هذه المحاولات الفاشلة فى عشق العزلة .
أصبح الخيار قائمآ فى عملياتك التى تجربها بل تلك التى تجري عليك عملياتها ,,
فأنت ذلك الذي ينتظر بوابة الدخول الى حلقة مجتمه المُفرغة !!
أنت من يقع إختيارك الأخير والذي كان أجدر بك أن لاتقع فيه..
أنه خيار الهروب من هذه العجلة الطاحنة التى تلتهمك فى كل الإتجاهات !!!
فهل ذلك الخيار الذي تريد أن تهرب على إثره الى خارج الوطن يبدو خيارآ سهلآ ؟!!
وتعتقد أنك ستنتصر بمدية المسافات والزمن !!
كل ماتحاول أن تنجو من منفذ سدو عليك كل المنافذ التى ستخرج منها .
أن تلك الفكرة التى جاءت آخيرآ معك لم تكن الا طريقة ٍ تافهة للوقوع فى فخ ٍ لامثيل له !!
لم تمضى سوى أسابيع معدودة لكى تأتيك تلك الأوراق المُتعفنة من خارج الوطن !!
أنها أوراق الفيزة والسفر الى الخارج !!
تلك التى كانت تحمل بداخلها مليون طعنة وذبحة ٍ فى الوريد!!
فكان أمر رفضها أقرب الحلول الى ذاتي !!
وذلك بعد أن حصلت على جواز ٍ للسفر وبطاقة حديثة !!
عندما دخلت مبنى الجوازات وكأنني أدخل مبنى للتحقيق عن جريمة ٍ ما !!
فوجئت بمسئول ٍ هناك يقول لي :
- هل درست الجامعة؟؟
أجبته وأنا فى قمة الحزن:
- نعم .
- وماذا درست؟
- هندسة إتصالات .
- أيمكن أن تترك الوطن الذي علّمك وتعب عليك ؟!!
- ماذا أفعل إذآ؟؟
قلت فى نفسي :لوكنتم فعلآ تحترمون أوراق الوطن وشهاداته الجامعية لكنتم منحتومونا فرصة ً للعيش !!!
لقد أثارت تلك الكلمات فى نفسي الحزن الشديد وتمنيت أن لا أدخل هنا !!
وبعد أن أستمرت المعاملة هناك !
وعند النهاية طُلب منا أن ناتي بمُعرفين !!
فكان أخي واحد من المُعرفين وبقى لنا واحد آخر!!
ولم يكن من المسئول المُختص الا اخذ إبهام أخي لكي يبصم على خانة شخص ٍ آخر !!
قائلآ لنا :نحن نفعل فى كل الجوازات التى لا نحصل على معرف ٍ ثاني!!
لقد رفضت الفكرة تمامآ وحاولت أن أحتفظ بسير المعاملة صحيحآ !!
ولكن المُختص فى ذلك القسم أكد على ماحدث وأيضآ أخي أجبرني على الصمت !!!
فكيف إذآ تريد أن تمشي بقية الإجراءات بالقانون؟؟!!
إن كان هذا أول تأشيرة للخروج من أزمة ٍ ترافق ذاكرتك!!
فهذه بحجم ٍ وطني أكثر ..ومساحة ٍ أشمل لظهور الجرح جليآ !!
من هنا ستطفو حالتك الى السطح ويزداد نزيفك بشكل ٍ علني ..
ربما الإبقاء على زج صورتك فى عتمةٍ مثالية من قبل المسئول الأول فى مصلحة الجوازات !!
من أجل حصوله على الشرعية المُطلقة فيحتفظ بألبومك كاملآ فى سجلٍ ملغوم بالتهم والتلفيقات الباطلة ,,
هكذا بكل ماتعنيه الكلمة من معنى !!
وكل من يستطيع كتابة الواقع أكثر والتعبير عن الدراما الخفية التى يتقلّدها زائفوا القانون !!!
لم يتبقى سوى تلك اللعبة الحمقى التى يريدون زجك فى تفاصيلها ,,,
وأن تكون أنت بطلآ وهميآ لتلك اللعبة الخارقة الزيف !!!
هنالك شيئ ٍ بقى لك أن تحافظ فيه على ماتيسر من إمتلاك الجسد ونقاوة الذاكرة !!
ذلك الشيئ الخارق فى مجانيتة وسهولتة فى الوقت ذاته,
أن الوقف عند نقطة الصفر يمثل رقمآ محترمآ فى رصيدك الحياتي!!
أنها المحاولة الأخيرة للإبتعاد عن مارد الإقتراب معهم ....
فهل من الممكن أن يكون الحفاظ على نقطة السكون هو الحفاظ على مستقبلنا ؟؟!!
ولكن على الأقل أن تنسحب من مشروع ٍ لا تملك فيه شيئآ يحفظ لك ممتلكات جسدك ..
ليس بإمكانك القيام بأي عمل ٍ من شأنه أن يُخرجك من أزمة الوقوع فى خندق الخطيئة وتصبح لحظتها أمام القانون مجرمآ محترمآ!!
كل الطُرق تؤدي فى نظرهم الى الوقوع فى كارثة ٍ من صنيعهم ..
وتلك التى تأخذ طابع الرسمية وتقودك بمنتهى الجنون الى المحاكم والمشانق أيضآ !!!
ربما البقاء على حافة الصمت والسكون سيحمل طابعآ أكثر فعالية اليك!!
مهما كان ذلك الشكل البائس للموت أقل مالديك من الدفاع عن الذات..
وأتفه أسلحة النفس فى خوض المعارك الكبرى مع الحياة..
ربما أنت من يبحث له عن رحيل ٍ أقل نكسة وألمآ ..
لاتريد أن يلطخوا إسمك فى قائمة المجرمين وأولئك الذين يتأمروا على وطن ٍ كبير !!
غير مسموح ٍأن أهديهم إسمآ لطالما كان عنوانآ للسمو الوارف الظلال !!
أنه الطريقة الوحيدة والأخيرة التى نحافظ فيها على حافة الإسم من التدنيس ..
والعبث برفاته فى كتابة التاريخ وصياغة رجالاته الأكثر حرية وأكثر خيانة ٍ أيضآ !!
أنها الطريقة الخاصة التى أريد أن أُسجل إسمي فى قائمة الوطن الكبيرة!!
تلك القائمة الأكثر خصوصية والتى ربما لن يمنحوا إسمي فى خاناتها !
ولكن على الأقل يبقى هنالك شاهدٌ عن مأساة ٍ إسمها إغتيالات ٌ ومشاريع إبادة أكثر صمتآ وتلفيقآ!!!
إنه الرحيل فى غمرة الصمت وعلنية الأجهزة الأمنية على تلك المُسميات التى تُروّج لها !
لتخدع الأخرين بفاعلية أجهزتها ودورها الريادي فى إستتباب الأمن .
هل أنت الآن جاهز إلى أنت تكون كذلك الذي مات بسبب تسمم المياة ؟؟
لم يسلم من قوة ذلك الحصار الضاري الذي أنتهك كل مايملكه من أدوات العيش !!
قليلون أولئك الذين يحتفظون بطريقتهم الأخيرة فى الموت ..
إنهم فعلآ يدركون حجم المعاناة التى يعيشونها وحجم المسائل التى يشغلونها .
إنهم بطريقةٍ أو بأخرى يغشون تلك الطريقة التى ستكون عنوانآ لموتهم !
ليس الخوف من الموت ذاته ..ولو كانوا لايريدون لحياتهم الخطر لكان بإمكانهم العيش بمدى أكثر من الرفاية خارج أوطانهم ..
لذا كانت الطريقة الأخيرة التى يوقعون فيها على أجسادهم تلك الطريقة الفريدة التى تستحق التقدير !!
ربما تكون طريقةٍ لاتليق بمقام ذلك الشخص ..
كموت ذلك الزعيم الفلسطيني /ياسر عرفات .الذي أحتفظ بنظاله وإصراره على العيش رغم كل الظروف العصيبة التى تمر بها القضية الفلسطينية..لم يكن يخشى الموت بالطبع لأنه كان يختصر بقلبه وعقله وذاكرته قضية الأرض المُغتصبة وقضية الشعب الأعزل!!!
إن كل مظاهر الحصار التى أحاطت بذلك الزعيم لم تثنيه مُطلقآ عن الإستسلام والتخلى عن موقفه الوطني!!
ذلك الزعيم الذي لم يسجل أيّ رئيس عربي موقف ٌ كما فعل هو !!!
أيّ رئيس ٍ ذلك الذي يُجرد من مظاهر قوته وهيمنته وحاشيته ومن أدنى الحقوق السلطوية!!
إنه جُرد من أبسط مظاهر العيش البائس فى حين أنه يتمتع برتبة رئيس فى الوقت ذاته!!
لم يتم هذا إلا مع ذلك الزعيم الفلسطيني الذي رفض كل مظاهر الزيف التى يتمتع بها الحاكم العربي!!
لكنه إختار شيئآ إسمه " فلسطين " ولاشيئ سواها !!
وأختار أيضآ أن يموت بإسم تلك الأرض التى جردها العدوان الإسرائيلي من أدنى مظاهر العيش والحياة!!
لقد كانت طريقتها فى الموت أكثر بطولية وطريقته فى العيش فى ظل غياب كل مظاهر العيش ..
لماذا لم يعلن عن إستقالته من السلطة أو ربما القضية ذاتها ؟!!
مقابل أن يهنئ بعيش ٍ رغيد وقضاء بقية العمر فى قصور "الشانزليزيه"أو فى تلك العواصم الأكثر زخمآ وأكثر نسيانآ !!
ولماذا لم يتنازل عن موقفه من القضية الفلسطينية ؟!!
لكن الذي اختاره على كل شيئ هو أن تشهق روحه معلنةًَ عن التمسك بعشقها المحموم الى الأرض والتعبير عن إرادة شعب ٍ بأكمله !!
وفى النهاية بعد أن عجزت قوات الإحتلال عن إرغام ذلك البطل عن إسقاطه من السلطة ..
لجأت الى تسميم المياة التى كانت تصل الى منزل المناضل "أبو عمار"فمات مُتسممآ من مياة الشرب !!
لقد كانت طريقته فى الموت أيضآ أكثر غموضآ ..
لم يأتي ذلك التقرير السري الا بعد فترة ٍ كبيرة !!
بعدها تأتي دور وسائل الإعلام العربي التى لم تشاء الا تزوير حياة ذلك المناضل !
وإخفاء بعض الشهادات التى سجلها فى حياتها أثناء تعيينه قائدآ لمنظمة التحرير الفلسطينية !!
غابت عن مسامعنا تلك المجازر التى إرتكبتها دولة ً عربية ..
غاب ذلك الرقم الهائل الذي أعتدنا أخيرآ على سماعه !!!!
وأصبح يمثل رقمآ إعتياديآ فى حياة العرب !!
وهكذا تمت تلك المجازر دون أن يتدخل التاريخ فى إيقاف ذلك الرقم التاريخي..
أو تكون ثمة محاولة ٍ آخرى حتى لنسيانه أيضآ !!
تركنا ذلك الراحل الكبير بكل فخر وإعتزاز !!
وبقت تلك العلامة الفاصلة التى جاء بعدها الرئيس "محمود عباس"!!
والذي فى عهده لم نعد نسمع أن هناك قضية ٍ تطرح نفسها الى طاولة المفاوضات !!
كل شيئ غاب ولم يبقى هنالك الى تلك المؤتمر العابرة التى تُناقش فيها المسائل الفنية كتلك اللقاءات التى تجمع الرئيس "أبو مازن"مع الرئيس الإسرائيلي!!
فهل سيتكرر شخص ٌ آخر مثل "ياسر عرفات"؟؟
هل ستنجب فلسطين بطلآ بحجمه وبقامته؟؟!!
أو أن الأرض المُغتصبة ستكرر مأساتها مرة آخرى فى نسيان مشروعها الحقيقي !!
وتفريغ الملف الفلسطيني من مضامينه الحية والعملاقة !!
فتكون تلك الأرض من أسطورة الإسرائيليين !!
يكون الصراع قائمآ وشرعية الأرض لمن يملك القدرة الفائقة فى تصوير المكان ذاته !!
أنها المسألة التى يجرى عليها المحتلون تعديلاتهم..
تلك التعديلات على الأرض وفقآ لماجاء فى التوراة!!
لأنهم يتصورن المكان من ذلك المنظور الذي ترسمه الكُتب والديانات!!
وليس من ذلك المنظور الحقيقي للأرض ذاتها !!
فأنت حين تزور مكانآ لأول مرة وتكون قد قرأت عنه !
فأنك ستوصفه بتلك الطريقة التى قرأتها وليس نتيجة ً لتلك الزيارة على الواقع!!
فهناك من الأدباء والنقاد الذين يوصفون لوحة ًما ..أو أرض ٍ ما .. أو بطلآ ما..
أجمل وأروع من الشيئ الذي يمكن أن يكون على الواقع ..
وهكذا تأتي قوة الأدب الخفية ومكرها فى إغواءنا بالأشياء وسحرها !!
وتأتي قوة تلك الأشياء من قوة الأدب ..





* *********************************************















من يختار منا الطريقة الأخيرة فى الرحيل ؟!
أنها تبدو طريقة جميلة أن نخط الرحيل بذلك التوقيع المدهش والشجاع !!
التوقيع على لوحتك الأخيرة بذلك التوقيع الحتمي للرحيل!!
تختار عنوانآ للرحيل أم من الأفضل أن تكون لك خصوصية ٍ فريدة فى طريقتك فى الرحيل أيضآ ؟؟!!
كيف لكاتب ٍ أن يدخل فى تلك التفاصيل التى لايدرك تمامآ أنه سيحظى بالعيش خلف غلاف هذا النص الذي تعشش على مسافاته برودة الرحيل ؟؟؟
ذلك النص الذي لاأدرك أن سيلقى حظه فى الخروج الى دائرة الضوء ..
ليبقى نصآ مجردآ من الإحتماء بمؤلفه !!
نصآ يعيش حالة ٍ من اليتم بعد أن يكتشف أن كاتبه لم يعد موجودآ !!
ولم يعد هنا ليقاوم كل الأسباب التى تعيق نشر نص ٍ يريد الكتابة عن مؤلفه!!
أو بمعنى أخص يحاول أن يوقف الزمن فى أحدى محطاته !!
يريد أن يبين حجم جرح ٍ باغته فى أحدى منعطفات الزمن !!
ذلك الذي تكاثفت حوله الوطاويط الليلية وحولته الى مشروع ٍ عملاق جدآ..
فرضت كل مظاهر العزلة وحكايا من الطعنات السرية!!
التى تجهز على حضورك الصامت وتتبادل معك الحوار المنظم لنسف كل مشاريعك على هذه الأرض !!
مشروع الوجود ومشروع العيش ومشروع العزلة صمتآ وقهرآ فى فناء البيت !!
لم تترك لك طريقآ إلا وأتت عليه ..ولم يبقى لك إلا أن تغادر منزلك !!
وتتركهم يوقعوّن على جسدك تلك التوقيعة النهائية فى العيش!!
فأنا من أختار الحصار فى البيت ..وأنا من يتنبأ أنه سيموت على إثر وجبة ٍ مسمومة !!
أو على إثر مرض ٍ بسيط يتحول على يد الأطباء إلى مرض ٍ يصعب معه العيش ..
هكذا يُراد لنهاية ٍ أن تكون ولكن على الأقل أن نحافظ على شكل الرحيل الأخير !!
لايمكن أن نسقط فى وعكة الأشياء التى تريد أجهزة الدولة أن تدس إسمك تحتها !!
لنا أن نختار الموت سرآ ولكل بكل بطولة ٍ نقبل بالحصار والعزلة !!
ولا نختار تلك التسميات الهزيلة التى يسعون لمنحك إياها ..
لأنهم الآن يحتاجون إلى وجودك إلى قربهم !!
لسنا مضطرين إلى حصد تلك الأوسمة التى ستُسجل بأسماءنا ..
لأننا ندرك حجم تلك اللعبة السخيفة التى يلعبها معنا اليوم سفاحوا الوطن ومنفذوا إغتيالاته !!
أريد أن يكتمل النص قبل أن تأتي عناوين الإجتياح إلى سرير النوم!!
فربما هذا النص الذي أحاول أن ألملم أشلاءه النازفة يحافظ على نوعٍ آخر من العيش !!
قد يحظى بالعيش نيابة ٍ عن مؤلفه وعن تلك القصة التى كانت سببآ عاجلآ لرحيلة!!
لا أُصدق أنا نص ٍ كهذا سيلقى طريقه إلى النور وإلى دور النشر !!
فإن كان هذا سيحدث لما تسعى أجهزة الدولة إلى إقصا المؤلف عن الحياة ؟
وعن حقه فى العيش وفى الدفاع عن قضيته ..
هذا الذي لاندرك أبعاده الآخرى ولايمكن أن نتنبأ بكل الطقوس القادمة التى سترافق الرحيل ,
فالنص فى كلا الحالات مُهدد بالفناء والإنقراض !!
إنه مثل كاتبه الذي حاول دون فائدة أن يُحنط الزمن على مساحة الورق !!
وأن يبث الزمن الفعلي فى مساحة ٍ ميتة من مساحات الورق!!!!
أن النص سيتوقف عند أي محطة من محطات الإخراج ..
ربما يتوقف عند ذلك المسئول المُراجع لكل النصوص التى يُراد طبعها ونشرها فى كُتب !!
أو سينطفأ تمامآ حالة مغادرته من جهاز الإخراج النهائي للكتابة!!
لابد أن تتوقف أنفاسه ويشهق بألفاظه الأخيرة مؤكدآ حتمية الرحيل !!
فكما كان الرحيل لكاتب النص غير شرعيآ سيكون الرحيل إلى نصوصه أكثر مصادرةً !
لن تقف إشارة الجلاد عند نقطة ٍ وهمية ..
إنها ستمتد إلى كل مُخلفات الرحيل وإفرزاته المُرافقه له ,
لم تتوقف أدوات الموت حتى لحظة ً واحدة !!
فالعائلة تعاني من حدٍ فائض فى أزماتها ,
تلك الأزمات التى يُصدرها لنا صانعوا الأزمة ..
إنهم يزجون الأسرة فى حرب ٍ مالية وحرب ٍ إعلامية ,
وحرب ٍ تسويقية لكل الخصوصيات التى بداخل العائلة ..
أصبحت البيت مفتوحةٍ لجهات الإعلام فى بث كل المشاعر والتوجهات التى نتبادلها فى البيت !!
هذا من الناحية العامة لأفراد البيت ..
أما تلك العزلة التى تعيشها أنت فهي قمة فى إستثنائياتها !!
أنها سياسة تجريدك من العالم الذي تعيشه والمحيط الأسري الذي أنت بداخله ..
لم يعد هناك من أحد يستطيع أن يتبادل معك مشاعر الحوار ..
مرحلة حداد تام يفرضها عليك جهاز أمن الدولة السياسي!!
أنها تؤسس بداخلك مرحلة الإنفصام الكلي عن حياة البشر ..
لتتحول إلى كائن يعيش الصمت والحزن والكآبة!!
كائن يتقاسم مع ذاته كل مفردات إغتراباته !!
كائن إجترح شيئآ ما فى حياته وبقى الآن فى مفترق الطرق الصعبة .
لم يبقى له إلا أن يدرك تصنيف المجتمع لأفعاله !!
لقد فاض عن البقاء ليكون وجوده ضربآ من الخيال ..
إنها مسألة نفسية يحاول الجهاز الأمني تكثيفها معك !!
والذي يزيد الأمور فى التفاقم هم أقرب الناس إليك !!
ليس من الطبيعي أن تتجرد من حضورهم معك فى كل الأوقات..
وليس أيضآ من السهل أن تعلن أن أقرب الناس إليك يحاول التخلص منك ..
تجعل بينك وبينهم مسافة ً وهمية من العلاقات المُتبادلة .
أنها تلك اللحظة الحاسمة التى تكتشف فيها أنك كائن غير مُجدي !!
كائن يجب التخلص منه وأنه أصبح فى قائمة الأشياء الفائضة والمهملة,
كل الطرق التى ينبغي لك إجتراحها قد حُسم أمرها تمامآ ,,
ولاطريق لديك الآن الا الصمت والعزلة التامة !!
لم يعد بإمكانك أن تتمتع بحالة العشق العابرة .
وأصبح من الصعب عليك أن تتبادل مع غيرك المواضيع الحساسة وتلك العادية أيضآ,,
أنت تحت إشارة الخطر فى كل الحالات .
تلك الإشارة التى تتحول عندها حياتك إلى رُكام ٍ مُتلاشي..
تلك اللحظة الفاصلة التى ستعيد الأجهزة الأمنية لإكتساح ساحاتك !!
وتعلن عن إدانتك بشيئ ما أنت لم تحسب له أي حساب .
تلك الأشياء التى نحاول الهروب من وقوعها أو الإقتراب من فتيلها المشتعل .
ونؤجل مشاريع السقوط على فوهتها لنحمي مساحة الزمن التى نريد أن نبقى على حلقتها !!
ذلك الزمن الذي نعيد على حدوده مشاعل الولادة والرحيل فى آنٍ واحد!!
الولادة لنصٍ طال إنتظاره فى معارك الذاكرة الأولى ..
لتعلن الذاكرة من جانبها حالات الرحيل الأبدي !!
تحاول أن تلد على مساحة ٍ صغيرة من مساحة الزمن حالة الإحتضار لها !!
وتجعل لكيانها جسرآ لعبور حالة التسكع والحيرة المطلقة ,
فالنص سيبدأ من هذه الحالة بعبور الذاكرة والمرور على جنازتها ..
والعشق نيابة ً عنها والحنين بدلآ منها والتنفس عوضآ عن تنفسها !!
أنه الحاكم الشرعي للذاكرة الذي ستتجاذبه المحاكم بُعيد الذاكرة والمؤلف ذاته.
وحده الحبر من يتسلّم الدعوات والخطابات التى تنتظر حضوره فى كل الجلسات.
هو الذي سنتسبب نحن فى إلحاق الهزيمة مرة ً آخرى عليه !!
فكيف له أن ينجو من سطوة الحاكم وجبروته ؟؟
كيف لنصٍ فقد كل من يدافع عنه أن يتعافى من وعكة المُسائلات والمحاكم؟!!
اجمل حالات النص الحقيقية التى بها يمكن ان يعيش أن يكون فى زحمة النسيان حتى فترة ٍ من الزمن !
تلك الفترة التى يزول فيها ذلك السبب الحقيقي فى إلحاق الموت بالمؤلف .
بعد ذلك ربما يُشفى النص من حالات الملاحقات والتحقيقات البوليسية ,,
تهدأ قليلآ ثورات المطاردة خلف جنازتك !!
وتخف تلك السُحب المُثقلة ببارود الإغتيالات والتُهم !
عندها ربما يجد النص ملاذآ دافئآ للعبور الخفي إلى مساحة الضوء !!
ويمارس التقدم البطئ لإستعادة الصورة المخنوقة والممزقة فى تلك الذاكرة المنسية !
يعيد ترتيب ملامح ذلك الوجه المفقود وحواراته الأكثر خرقآ للزمن !!
محاولة الخروج من زنزانة الجلاد وسفاحوا الوطن ,,
أنها مهمة ٌ شاقة للغاية وتتطلب الكثير من التضحيات..
تتطلب مزيدآ من الخسائر لتحرير النص من أزمة الظلام الحادة التى سيُصاب بها .
ومن حالات الحصار وضروب العزلة الجديدة ..
لابد أن تنام دواة الحبر التى سفكنها نيابة ٍ عن دمنا .
لابد لها أن تتمهل كثيرآ عن الخروج إلى حتفها .
وتُوقف شهيقها فى هذا الزحام المتلاحق والمتكرر .
لبقاء النص فى أفضل حالات النبض والحركة ..
يبغي له أن يتعلّم لغة الموت سرآ .
ليتوقف رحيله معنا أيضآ .
عليه أن يرقص دهرآ على سمفونية الموت .
لاأريد لنصٍ أن يعلن خيباته وكوارثه إلى كل الزائرين على ضريح الذاكرة .
لاأريده مثل "زوربا" هذه المرة أن يفرد ذراعه الوحيدة ويرقص مُنتشيآ ..
"زوربا"جميل ٌ بخيباته العلنيه والمطلقة ..
فالنص يعاني من هزائم كبرى ليست كهزائم "زوربا"!!
يعاني من تلك الأيادي المُتماديه فى مُصادرته وتغييبه نهائيآ ..
تلك إشكالية النص الحقيقية التى ستنسف حبره وذاكرته نهائيآ ..
سيكون النص أكثر من "زروبا"بعد زمنآ سحيق جدآ .
أريده أن يتكلم اللغات الآخرى غير العربية..
ولكن ليس هذا الزمن بذاته ..بعد أن يكون النص حُرآ... من تلك الأدوات الجاهزة لقتله ودفنه فى مقبرة الأموات السحيقة !!
أشهى حالات العيش لنصٍ يعاني من يتمّ مؤلفه ويعاني أيضآ من تلك الذئاب التى تحاول التمثيل بجذور النص المتبقيةوإضرام الحرائق على ماتبقى من الحبر العالق على الورق ..
النص لابد أن يتصرف وفقآ لحالة الكتابة التى تنام على سريره !!
لابد أن تدخل تلك الكلمات مرحلة العُطب والكساد..
فى محاولة آخرى لإستعادة أنفاسها فى الزمن الأخر..
زمن لايعرف الوصف فى كل الحالات والذي لم يحن بعد ..
ذلك الزمن الذي يواري جثمان الذاكرة فى رحيلها الفاجع ..
وييبقى النص أخيرآ على جدارالموت زمنآ من الصمت ..
حتى يحين الآوان ويبدأ النص فى سرد نفاصيل القاتل الوردي للذاكرة .
يبدأ فى وصف الغياب والرحيل والعشق والجنون والغِيرة للجسد المُهاجر .
لتكون فجيعة النص أكثر من فاجعة الرحيل .
النص أن كان شاهدآ على حكاية الزمن المريرة.
تلك الحكاية التى أنتجتها يد القاتل وطريقته المُثلى فى إهداء الموت.
ولكن تبقى هنالك كثيرآ من الحوارات بين النص وبين الوطن !!
فالوطن ربما بعد زمنآ طويل سيعيد للنص خلوده العظيم..
ويكرّمه بشيئ ٍ من تلك الأوسمة التى تُمنح لأُسر الشهداء ,
التكريم الذي يسمح للنص أن يخرج من نفق المصادرة له وعدم السماح بطباعته..
فيمنحه الوطن فرصة الحياة نيابة ً عن مؤلفه ليبقى عملآ تم السماح بنشره ..
أو حتى ليستقيم النص من إنكساره وتشظيه على لوحة الزمن !!

* منفى بلا عناوين-السهله25/07/2008م









#نشوان_عبده_علي_غانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثمه شكل أخر للانتحار؟!!
- -الكتابة عن وطن وضمير أمة بأكملها!!-
- إلى رضية المتوكل


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نشوان عبده علي غانم - -ذاكرة الرحيل--رواية