أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور الجمري - ما هو المجتمع المدني؟















المزيد.....

ما هو المجتمع المدني؟


منصور الجمري

الحوار المتمدن-العدد: 732 - 2004 / 2 / 2 - 04:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثر الحديث (منذ السبعينات) عن "المجتمع المدني"، وذلك تعبيراً عن السعي الحثيث لتقوية النسيج الإجتماعي المعتمد على تعدد الأنشطة القائمة على أهداف مجتمعية، يقوم بها أفراد المجتمع بصورة مستقلة عن تسلط وهيمنة "الدولة".

أنشطة المجتمع متعددة ومتنوعة وتشمل جميع قطاعات المجتمع وطبقاته واهتماماته، ولهذا فإن "المجتمع المدني" الحيوي هو الذي يتمكن أفراده من تكوين أعمالهم الجماعية وممارسة أنشطتهم بصورة مستقلة عن مؤسسات الدولة، ولكن ضمن "حكم القانون الدستوري" العادل والمقبول من المجتمع، ويعرف المجتمع المدني بأنه ذلك المجتمع الذي يتمتع بحرية التشكيلات الذاتية والطوعية التي تهتم وترعى شؤونا اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية.

هذا يطرح السؤال حول طبيعة العلاقة بين مؤسسات الدولة الرسمية ومؤسسات وأنشطة المجتمع المدني "غير الرسمية"، فلكي يكون هناك عمل "ذاتي" حقيقي لا بد من الابتعاد عن الموافقة الرسمية على ما تقوم به المؤسسات الاجتماعية (الطوعية بالأساس)، هذا لا يعني أن المؤسسات الاجتماعية لا تحصل على ترخيص، فكثير من الدول تتطلب أن يحصل أفراد المجتمع على ترخيص لبعض أنواع المؤسسات والجمعيات التي يكوّنها أفراد المجتمع، ولكن المقصود هو أن هذه المؤسسات الإجتماعية لا بد لها أن تمارس نشاطها ضمن حدود الدستور ولكن دون "تسلط" الدولة.

المجتمعات ومنذ القدم تنشأ فيها أنشطة ذاتية، مثلاً، عندما يتفق بعض الأفراد لادخار جزء من معاشاتهم شهرياً على أن يحصل أحد الأفراد على ما تم جمعه بصورة دورية فان ذلك يعتبر من التشكيلات البسيطة للمجتمع المدني.

المجتمع المدني الحيوي هو الرادع الحقيقي "لتسلط" الدولة على المجتمع، فالدولة التي تسعى لتركيز استقرارها وأمنها تسعى باستمرار لممارسة الضغوط التي تزداد لتصبح "تسلطا" مع الأيام، ودكتاتورية، وشمولية خانقة لكل النشاطات الإجتماعية، إذن المجتمع المدني يراد منه خلق التوازن بين سلطة الدولة وحقوق المجتمع. ولهذا فإن الدول المتقدمة المستقرة تعتمد في استقرارها الاجتماعي على حيوية "المجتمع المدني" الذي لا يأتمر بالدولة، ولكنه يلتزم بحكم القانون الدستوري.

وعلى هذا الأساس فإن الدول المتقدمة تحتوي على مؤسسات للمجتمع المدني تتنوع بين منظمات شبابية ونسائية، جمعيات مهنية، نقابات عمالية، مؤسسات خيرية ودينية، نوادي حرة، دور ثقافية وفنية، جمعيات للحارات والجيران، جمعيات الضغط بمختلف أشكالها، القطاع الخاص في التجارة والصناعات والجمعيات الصناعية المستقلة عن الدولة، دور الصحافة والنشر غير الخاضعة لرقابة السلطة.

وفي الأمم المتحدة، فإن المؤسسة الدولية اعترفت بدور المجتمع المدني من خلال السماح للمنظمات غير الحكومية (والتي هي - عادة - منظمات خارج إطار الدولة وتشمل - في العادة - جنسيات مختلفة ولديها اهتمامات اجتماعية واقتصادية وبيئية)، بالاشتراك في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والهيئات المنبثقة من المجلس، كمفوضية حقوق الإنسان، واللجان والمفوضيات الأخرى.

وقد برز دور المنظمات غير الحكومية بشكل قوي في العام 1993، أثناء انعقاد "المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان" في فيينا، حيث استطاعت هذه المنظمات غير الحكومية الضغط والتأثير على برنامج المؤتمر رغم أنها لا تمتلك حق التصويت أو اقتراح المشاريع للتصويت، وقوة هذه المنظمات تزداد مع الأيام، وهناك دعوات لإصلاح الأمم المتحدة للأخذ برأي المنظمات غير الحكومية التي تمثل الشعوب أكثر من الحكومات التي تمثل "الدول القومية"، وهذه الدول القومية أصبحت - ولاسباب عديدية - لا ترعى مصالح مجتمعاتها أو المجتمعات الأخرى بصورة حسنة، كما أثبتت السنوات منذ تكوين الأمم المتحدة في العام 1945، وقد رحب كوفي عنان مؤخرا بتشكيل "مجلس عالمي شعبي" للإحتفال بالألفي الثالث في العام 2000.

مفهوم "المجتمع المدني" حصل على قبول الثقافات المختلفة بصورة أكبر من المفاهيم الأخرى، فلحد الآن لا يوجد اعتراض فكري ضد أصل المفهوم، والاعتراض الرئيسي يأتي من "الدول القومية" التي تحاول المحافظة على التضخم السلطوي لديها.

"المجتمع المدني" الحيوي هو الداعم الرئيسي للمواطنة الصالحة، فالمواطن الصالح هو الذي يرعى شؤون مجتمعه دون تدخل أو تسلط الدولة.

مؤسسات المجتمع المدني تعبر (آو تخرق) حدود الدولة القومية بسهولة. فالذي يهتم بحقوق الإنسان، مثلا، فإن ذلك يدعوه للدفاع عن حقوق الإنسان في أي مكان، سواء كان في بلده أو خارج بلده، ومع انتشار ثورة الاتصالات والإنترنت فإن الشعوب بدأت تطلع على أفكار بعضها الآخر وتتحالف بصورة طبيعية على أساس الأفكار والاهتمامات (بدلا من أسس القبلية ودون الحاجة لرؤية بعضهم البعض بصورة فيزيائية) دون أن تتمكن الدول القومية منع ذلك.

لقد طرح السيد محمد خاتمي، الرئيس الإيراني، موضوع "المجتمع المدني" بقوة أمام المؤتمر الإسلامي في طهران في ديسمبر 1997، مما أثار دهشة المراقبين السياسيين الذين لم يتوقعوا أن ينطلق أحد زعماء الدول الإسلامية في هذا الاتجاه.

مؤسسات المجتمع المدني تختلف عن المؤسسات والأحزاب السياسية التي تسيطر أو تسعى للسيطرة على السلطة، المؤسسات المدنية المقصودة هي تلك الجمعيات الخيرية ومجموعات الضغط وغيرها، كما ذكر أعلاه.

مؤسسات المجتمع المدني لا تستهدف قلب النظام، وإنما تستهدف رعاية مصالح المجتمع والحد من تسلط الدولة على تلك المصالح، ومؤسسات المجتمع المدني يستفاد منها في الدول المتقدمة من أجل ممارسة التطوير والإصلاح المستمر للدولة. ولهذا فإن "تسييس" المؤسسات المدنية يجعلها وجها لوجه مع مؤسسات الدولة. وفي المجتمعات التي تسيطر عليها الدكتاتورية، فإن المواجهة هذه تكون حتمية وغير مريحة، ولا بد أن ينتصر فيها أحد الطرفان (القوى الاجتماعية أو الدولة) أو يتم التنازل من أجل خلق التوازن بين الدولة والمجتمع.

المجتمع المدني يتطلب أن تتحول "الحالة الجماهيرية" أو"الحركة الجماهيرية" إلى مؤسسات أكثر تنظيما لكي تستفيد تلك الحركة من إنجازاتها، والنخبة السياسية المنتظمة في الأحزاب السياسية التي قد تحظى بدعم تلك الحالات الجماهيرية لا تستفيد كثيرا، على المستوى البعيد، إذا لم تتحول الجماهير لوحدات اجتماعية منظمة ضمن إطار المجتمع المدني، بل على العكس، فقد تصبح الجماهير عبئا على نفسها وعلى النخبة السياسية التي تؤيدها، أن العمل الجماهيري يعتمد على التفاعل والحضور الجماهيري المباشر في الساحة ولكن هذا الحضور بحاجة للانتظام "مدنيا" لكي يستمر في عنفوانه، وهناك حالة جماهيرية جديدة خلقتها شبكة الإنترنت وعززتها ثورة الاتصالات التي تحرك الجماهير، وهذه الجماهير أصبحت أكثر تعليماً وثقافة من الماضي، ولكنها أيضا تخضع لنفس الأمر، بمعنى، أن عليها أن تتحول لمؤسسات اجتماعية طوعية ومنظمة لكي تستفيد على المدى البعيد.

مفاهيم "المجتمع المدني" تتطابق كثيراً مع مفهوم "العقد الاجتماعي" الذي تحدث عنه الفيلسوف الإنجليزي جون لوك، كما تتطابق مع المفاهيم الثقافية الأخرى الداعية للحفاظ على الحقوق الأساسية والمدنية للمجتمع.

المجتمع المدني يعتمد على التفاهم المستمر بين أفراد المجتمع ويعتمد على الحديث المستمر والتفاعل مع القضايا، وهذه الأفكار تتشكل في مؤسسات بصورة "غير مركزية"، مكونة شبكة كثيفة من الهيئات المدنية لحفظ حقوق المجتمع ضمن الإطار الدستوري المتفق عليه بين الحاكم والمحكوم.



#منصور_الجمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منصور الجمري - ما هو المجتمع المدني؟