‹‹يتعذر الآن الاتصال بكرامتكم٠٠ المرجو مغادرة البلاد عاجلا››.

يوسف توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 2352 - 2008 / 7 / 24 - 03:15
المحور: حقوق الانسان
    

تمتلئ الشهادات الأخيرة التي حملت توقيع مناضلي طلبة موقع مراكش الصامدة أنفسهم٬ وتم نشرها على صفحات الجريدة الغراء الجريدة الأولى بالعديد من العلامات و الأيقونات و الرموز٬ و كان علي أن أقوم بحملة واسعة النطاق لتمشيط الذاكرة ٬و من ثم تقليب أرشيف بأكمله من الكراريس و الدفاتر و المدونات. وأن أستعيد ما تعلمته من أساتذتي الأفاضل في مدرجات الجامعة لكي أقترب أكثر من الجهاز المفاهيمي الخاص الذي تؤطره مفردات لم نسمع بها إلا في سنوات الرصاص الرهيبة .
وكان علي أن أهاتف صديقي صاحب السيميائيات و أبو الرموز و العلامات٬ لكنه اعتذر و عرض علي مساعدته لاحقا نظرا لأجندته المكثفة الحافلة بالندوات واللقاءات و المحاضرات في ما جد واستجد من صيحات في عالم السيميائيات . فقد أصابتني الدهشة السيميائية حين قرأت ذلك الكم الهائل من العلامات المحيلة إلى أكثر القواميس قسوة و رهبة.
المسدس الهراوات الشيفون العصي. الجهاز التناسلي. القيد. سيارة الشرطة. السلطة .الرأس .مسحوق تيد. مخفر. القرعة. القنينة. المؤخرة. الكهرباء. الصعقة الكهربائية. الخصية.الطابق السفلي القمل٠ النمل ٠جامع الفنا. دراجة نارية٠ لوح حديدي كبير٠ هاتف محمول .
لم التق السيد أبو الرموز ٬و لكنه هاتفني بعد صدور الشهادات بأيام٬ و من جملة ما قال لي إن القاموس أعلاه حاضر بقوة في أعمال الأديب الفرنسي الكونت دي ساد ٬وفي معظم الإبداعات الجميلة المنتمية لما يسمى بأدب السجون و الزنا زين المعتمة٬كما يمكن العثور على مثل ذلك القاموس في الوثائق السرية لمحاضر محاكم التفتيش . و توجد نظائره في شهادات الإنصاف و المصالحة ٬والتي يحاول أحد حقوقيي آخر الزمن أن يقبرها إلى الأبد. ولذلك تجند بكل ما أوتي من قوة من أجل أن يقاضي الجريدة الأولى و مؤخرا جريدة الحياة الجديدة كما يمكن أن نصادف ذلك الكم الهائل من المفردات السادية في شهادات الأطر العليا المعطلة والتي سمعنا بعضا منها غضة طرية من طرف المناضلين و المناضلات و آخرها شهادة الدكتور الذي ثقبت طبلة أذنه و كذا دكتور الرياضيات الرقمية الخ الخ
أما الشهيد عزيز لمشابط فقد فارقنا قبل أن نسمع منه تفاصيل الضربة القاضية التي تلقاها يوم 15/11/007 2 ٬والتي رافقته حتى مثواه الأخير٬ ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه شهيدا للأطر العليا المعطلة إلى جانب الشهيد مصطفى الحمزاوي.
وفي الأخير وبعد أن قدم إلي عزاءه في فقيد الأطر العليا عزيز لمشابط ٬ أخبرني أبو الرموز أن لا شيء تغير في هذا الوطن٬ و لا جديد تحت شمسه المحرقة. القاموس نفسه ٬و الأساليب نفسها٬ و الإصرار نفسه على ممارسات الماضي ٠و عندما و دعني بعين دامعة و قلب محزون ٬قال لي تصبح على كرامة يا صاحبي. وعندما حاولت إعادة الاتصال به٬ كانت تجيبني العلبة الصوتية ‹‹٬يتعذر الآن الاتصال بكرامتكم ٠٠المرجو مغادرة البلاد عاجلا››.

#يوسف_توفيق (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات