أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضا عبد الرحمن على - أبحاث قرآنية (قضى الله) و (أمر الله) في السياق القرآني ... الجزء الثاني















المزيد.....


أبحاث قرآنية (قضى الله) و (أمر الله) في السياق القرآني ... الجزء الثاني


رضا عبد الرحمن على

الحوار المتمدن-العدد: 2347 - 2008 / 7 / 19 - 10:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثانيا : شرح السياق القرآني الذي جاء فيه قضى وأمر بمعنى التشريع:

ــ هذا البحث كما ذكرت في جزءه الأول يشرح السياق القرآني الذي جاء فيه قضى الله وأمر الله بأكثر من معنى ، وفي هذا الجزء نذكر السياق القرآني الذي ورد فيه قضى الله وأمر الله بمعنى التشريع.

ــ أول ما يجب أن نشير إليه في سياق قضى وأمر بخصوص التشريع الآيات التي قضى الله جل وعلا فيها بأن نعبده عز وجل بلا شريك يقول تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (23)الإسراء ، أي أن شرع الله وقضاءه يأمرنا بأن نعبده وحده لا شريك له.

ــ وهنا أمر أخر من رب العالمين بألا نعبد إلا إياه يقول جل شأنه (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)يوسف ، ومن سياق الآية يفهم أيضا أن عبادة الله بلا شريك هي الدين القيم أي الدين الصحيح أو الدين الذي يجب أن يقيمه الإنسان كي ينجو بنفسه من عذاب الآخرة ودليل ذلك قوله تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)الروم.


ــ وهنا أمر من الله جل وعلا بأن لا يقع الإنسان في عبادة الطاغوت لأنه مأمور بأن يعبد الله بلا شريك يقول تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)النساء ، ومن خلال هذه الآيات السابقة يتضح أن الله جل وعلا أمرنا نحن البشر ألا نعبد إلا إياه وأن لا نحتكم لغير الله جل وعلا أو نشرك به أحدا.
ــ وهنا سؤال موجه للرسول عليه السلام يسألونه عن ملك الوحي جبريل عليه السلام ، وهو من ينفذ أوامر الله جل وعلا فيما يخص الوحي ، أو مبلغ الوحي لرسل الله (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)الإسراء ، أي أن الروح جبريل أحد أوامر الله التي يقوم بتوصيل الوحي الإلهي من الخالق جل وعلا لرسله جميعا.

ــ وقد جاء أيضا ذكر أمر الله جل وعلا في تنزيل الوحي على الرسل لينذروا الناس بأنه لا إله إلا الله (يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) ، وموضع آخر يوضح سببا آخر لإرسال الرسل بتشريعات الله جل وعلا أن ينذروا الناس بيوم القيامة ، يقول سبحانه (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15)غافر.

ــ وجاء أمر الله يوضح تنزيل الذكر القرآن الكريم يقول تعالى عن نزول القرآن ليلة القدر (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)الدخان.


ــ وهنا الحديث موجه لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام حيث يقول له رب العزة جل وعلا أنك لم تكن يا محمد بجانب جبل الطور حين أوحى الله جل وعلا لنبيه موسى الكتاب وأنك لم تكن من الشاهدين (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44)القصص، والآية قبلها توضح ذلك يقول تعالى (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43)القصص ، وهنا دليل واضح لكل من يدعي أن الرسول عليه السلام يعلم الغيب وقد تحدث في أمور وأحوال السابقين .

ــ وهنا توضيح هام جدا من رب العالمين أنه ليس بعد قضاء الله وأمر الله وتشريعاته جل وعلا خيار لأحد من البشر ، وهذه الآية الكريمة ذكرت بعد عدة تشريعات وأوامر للنبي تخص زوجاته أمهات المؤمنين بداية من الآية 28 من سورة الأحزاب وانتهاء بقول الله عز وجل (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) الأحزاب ، ومعنى ومن يعص الله ورسوله أن هذه التشريعات التي أوحاها الله جل وعلا للرسول موجودة في القرآن وعليه أن يتبعها حرفيا وكان عليه السلام يبلغ ما أوحي إليه من ربه ، وليس له من الأمر شيء ، وليس له خيار في شيء كما وضحت الآية الكريمة.

ــ ويتحدث القرآن عن تشريعات الطلاق بالتفصيل وفي نهاية الحديث يـَنهـَى عن إجبار الزوجة المطلقة على الخروج من بيتها ما لم تأت بفاحشة مبينة وذلك خلال مدة العدة لعل الله جل وعلا يقدر بأن يتم الصلح بين الزوجين خلال مدة العدة ، وذلك حفاظا على تماسك وترابط الأسرة (يَا يأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) الطلاق ، وفي نهاية الموضوع يؤكد المولى عز وجل أن هذا هو تشريع أو شرع الله جل وعلا ، ومن يتق الله و يتبعه يـُكـَفـر عنه سيئاته يقول تعالى (ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)الطلاق.

ــ موضع جاء فيه أمر الله يوضح أن الله جل وعلا لا يأمر بالفحشاء كما يدعي بعض بني آدم على الله الكذب ، لكن أمَـرَ الله جل وعلا الرسول بأن يقول لهم الحق ويصحح لهم ذلك بأن الله يأمر بالعدل وإقام الصلاة ودعاء الله بإخلاص لأنه هو المحيي والمميت يقول تعالى (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)الأعراف ، وهذه الآية من سورة البينة توضح ما أمر الله به يقول تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)البينة ، وهو عكس ما فعله الكفار من أهل الكتاب وآيات السورة تشرح ذلك بالتفصيل.

ــ وذكر نفس الأمر عن كفار أهل الكتاب في سورة التوبة واتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله ، ولقد أمرهم الله جل وعلا أن يعبدوه وحده بلا شريك ، يقول تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) التوبة : 31 ، ولتوضيح الأمر بصورة كاملة نذكر قول الله جل وعلا على لسان عيسى عليه السلام حين سأله المولى سبحانه وتعالى قائلا (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) ، وكان جواب عيسى عليه السلام ينفي عن نفسه أي قول يخالف شرع الله وما ليس من حقه ، (قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)المائدة ، وهنا أمر الله هو شرع الله أو ما أمر سبحانه وتعالى نبيه عيسى عليه السلام أن يأمر قومه به ، وهو أن يعبدوا الله بلا شريك وكان عليهم شهيدا ما دام حيا ، ولكن توفاه الله فالأمر كله لله جل وعلا هو الرقيب والشهيد عليهم.


ــ وهنا الحديث عن إرسال الوحي بواسطة جبريل للرسول عليهما السلام وقد كان من قبل لا يعلم شيئا عن الكتاب أو القراءة والكتابة ولا الإيمان ، ولكن جعل الله سبحانه وتعالى هذا الوحي القرآن الكريم نورا له يهدي به الله من يشاء من عباده (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)الشورى.
ــ وهنا أمر من الله جل وعلا للرسول أن يعلن ويجهر بدعوته التي أمر بتبليغها للناس (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)الحجر ، أي فاصدع بما أمرك الله من الوحي أو التشريع أو الرسالة.

ــ وهنا أمر موجه للرسول عليه السلام أن يجعل صلاته وحياته ومماته ونسكه لله رب العالمين لا شريك له ، وهذا أمر من الله جل وعلا للرسول نفسه يقول تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)الأنعام ، فإذا كان هذا ما أُمـِرَ به رسول الله عليه السلام فما بالنا نحن المسلمون فيجب علينا أن تكون صلاتنا لله وحده لا شريك له ولا يجب أن يكون في الصلاة ذكر لأي بشر كما كان يفعل الرسول نفسه لأنه قدوتنا ومعلمنا.

ــ أمر أخر للرسول عليه السلام بأن يعبد الله بلا شريك ويدعوه وحده ، أن إليه المرجع والمصير يقول تعالى (قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)الرعد ، وهنا نفس المعنى تقريبا أمر موجه للرسول أن يعبد الله بلا شريك ، ولكن معظم المسلمون اليوم إذا ذكر اسم الله فلا يحرك فيهم ساكناً ، وإذا ذكر اسم النبي فيسارعون بالقول عليه الصلاة والسلام، وهم يعتقدون أنهم يحنون صنعا ، و القرآن الكريم أمر رسول الله أن يخلص عبادته لله جل وعلا وحده لا شريك ، ونحن بالطبع يجب أن نكون كذلك أن نخلص عبادتنا لله وحده لا شريك له.

ـ هنا يأمر الله جل وعلا رسوله بأمرين ، أن يعبد الله ، أن يكون أول المسلمين (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91)النمل ، وقد تكرر نفس المعنى في الآيات 11، 12 من سورة الزمر.

وهنا توضيح ينفي مسؤولية الرسول عن غيره وأنه أمر ليكون من المسلمين وأجره عند الله يقول تعالى ( فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)يونس ، وأمر أخر من الله جل وعلا للرسول يقول ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104)يونس، وهذه هي الطريقة المثلى في تعامل الرسول مع من يشكون في دين الله فلم يأمره الله جل وعلا أن يقتلهم أو يتهم بالردة والكفر ويستبيح دمائهم ، وهذا هو رسول الله حين يتعامل من أناس يشكون في دين الله .

ــ اعتراف من الرسول عليه السلام يوضح فيه أنه لا يعبد أحدا إلا الله ، وهذا بفضل ما جاءه من البينات من ربه أو بعصمة الوحي يقول تعالى( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)غافر.

ــ هذه الآية تتحدث عن بني إسرائيل حيث جعل الله جل وعلا منهم أئمة يهدون بشرع الله وأمر الله (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)السجدة.
ــ وهنا تشريع من الله جل وعلا لأمر يخص علاقة الرجل بزوجته ، ويأمر باعتزال النساء في فترة الحيض حيث وصفه المولى عز وجل بأنه أذى ، كما حدد أيضا ما أمرنا الله به عند مباشرة النساء يقول تعالى(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)البقرة .

ــ أمر من الله جل وعلا لرسوله أن يدعو إلى ما أمره الله جل وعلا وأن يتبع الصراط المستقيم ولا يتبع هوى قومه ، ولكن يؤمن بما أنزل الله ، وأن يقيم العدل بين الناس وأن لكل من الفريقين ما اكتسب من أعمال والحساب عند الله ، وليس للرسول أي دخل في الحساب كما توضح الآيات يقول تعالى (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)الشورى ، وتوضح هذه الآية أن الرسول مكلف باتباع ما أنزل إليه من ربه وما أمره ربه جل وعلا به ، وأن يوضح للناس أنه سيحاسب مثلهم بل يجب عليه أن يعدل بينهم في الدنيا ، ثم الأمر والمرجع والمصير لله جل وعلا في الآخرة ، ودليل أخر يوضح أن الكفار سيجادلون الرسول في أمر الله أو شرع الله ، ولكن الله جل وعلا أمر الرسول أن يدعو إلى الله ويخبره ربه بأنه على الصراط المستقيم ولو جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون ، وهذه هي الطريقة التي تعامل بها خاتم النبيين مع الكفار حين يجادلون في آيات الله ، وأن يقول الله يحكم بيننا وبينكم يوم القيامة ، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو علام الغيوب يقول تعالى (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)الحج ، وهنا أمر واضح في تشريعات الله جل وعلا في تعامل الرسول مع من يختلفون معه في العقيدة ، وكان أمر الله واضح : الله يحكم بيننا وبينكم فيما كنتم فيه تختلفون ، ولكن علماء اليوم يكفرون الناس قبل الأكل وبعده لمجرد الإختلاف في أبسط الأمور ، وهم بذلك وقعوا في مشكلة كبرى وهي مخالفة نصوص القرآن الكريم التي جاءت توضح للرسول نفسه هذا الأمر.

ــ موضع قد تكون الإشارة فيه لقدرة الله جل وعلا للوحي والرزق معا يقول تعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)الطلاق ، ولو قرأنا الآية السابقة لهذه الآية سنجدها تتحدث عن الوحي في أولها وأن رسول الله يتلو على قومه آيات بينات من رب العالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وأن مصير من يؤمن بالرسول وبآيات الله ويعمل صالحا سيدخله الله الجنة ،وفي آخر الآية إشارة للرزق في الدنيا يقول تعالى (رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)الطلاق .

ــ عندما يكلف الله جل وعلا أحدا من البشر ويأتيه الحكم والنبوة والكتاب يكون الهدف من ذلك أن يدعو الناس لعبادة الله وحده بلا شريك ، ولا يأمرهم أن يتخذوه أي الرسول أو الملائكة أربابا من دون الله يقول تعالى (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)آل عمران ، ومن يفعل ذلك فإنه يأمر قومه بالكفر بعد أن كانوا مسلمين ، دليل ذلك (وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)آل عمران ، وهنا يقص ربنا جل وعلا لرسوله عليه السلام بعض قصص الأنبياء السابقين ، وتلخيص وتبسيط لدعوتهم ورسالاتهم يقول تعالى عن أن الرسل السابقين كانوا يدعون أولا إلى عبادة الله بلا شريك (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) الأنبياء ، ثم يوضح جل وعلا أن هؤلاء الرسل كانوا لا يسبقون المولى جل وعلا بالقول ، وإنما يتبعون ما أوحي إليهم ، وكانوا بأمره وشرعه يعملون يقول تعالى (لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)الأنبياء، ولو قرأنا الآيات إلى رقم 35 من نفس السورة ، توضح أن هؤلاء الرسل لا يشفعون لأحد ، وأن من يقل منهم أنه إله سيكون جزاؤه جهنم ، توضح قدرة الله في خلق السماوات والأرض وقدرة الله في خلق سبل وطرق في الأرض ليستطيع الناس السير فيها ، وقدرته سبحانه على خلق كل شيء فيه حياة من الماء ، وخلق الشمس والقمر ، وفيها تأكيد على أن كل البشر ميتون بما فيهم الرسول عليه السلام ، وتذكير الإنسان بأنه سيفتتن في هذه الدنيا بالخير والشر ، ثم مرجع ذلك كله لله جل وعلا ، وفي النهاية يتضح أن من خلال هذا السياق القرآني أن الأنبياء والرسل جميعا جاءوا برسالة واحدة هي عبادة الله جل وعلا بلا شريك ، واتباع شرع الله المنزل من عند الله ، وليس من حق أي رسول او نبي أن يأتي بآية واحدة من عنده ، كما ليس من حق أحدهم أيضا أن يدعو الناس لعبادته من دون الله ، ولو فعل ذلك سيكون جزاءه جهنم ، ويوضح هذا السياق القرآني أمرا هاما أن المرجع والمصير والحكم والحساب عند الله في أي اختلاف في العقيدة بين الناس ، وليس من حق أي إنسان حتى لو كان نبيا أوروسلا أن يحاكم الناس على عقائدهم ، وهكذا كان يفعل خاتم النبيين عليهم جميعا السلام.
هذا ما فهمته من قراءة آيات الله جل وعلا ، وهذا اجتهاد شخصي يقبل الخطأ قبل الصواب ولا أفرضه على أحد.
وإلى اللقاء في الجزء الثالث












#رضا_عبد_الرحمن_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محضر و تحقيق بتوصية من شيخ الأزهر
- أبحاث قرآنية (قضى الله) و (أمر الله ) في السياق القرآني ..ال ...
- الحاجة لرغيف الخبز أكثر من القطار المغناطيسي..؟؟
- من المستفيد من شراء هذا القطار ..؟؟
- يستمر الغلاء إن لم تتحجب النساء..!!
- النقاب والتسول قصة واقعية..!!..3
- كيف يتعامل المسلم المعاصر مع الأحاديث .. الجزء الأخير
- كيف يتعامل المسلم المعاصر مع الأحاديث ... الجزء الأول
- الدعاء بمفهوم القرآن الكريم ..1
- الدعاء بمفهوم القرآن الكريم ..2
- ماذا فعل أهل الجنة في هذه الدنيا ..؟؟
- الطفلة نجود شاهدة عيان ... وليست اخر الضحايا
- حوار بلا فائدة حوار بلا جدوى ...3
- هل التفكير حرام ..؟؟
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... في ثوبها الجديد
- النقاب والطفلة..... قصة واقعية..2
- لماذا لا يلبس الرجل نقابا ..؟؟ عن حقوق المرأة
- الفارق بين حَجَر قرية ميت اشنا وحجارة الأضرحة في مصر
- حوار بلا فائدة حوار بلا جدوى ..2
- فى الرد على الأستاذ نهرو طنطاوى


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رضا عبد الرحمن على - أبحاث قرآنية (قضى الله) و (أمر الله) في السياق القرآني ... الجزء الثاني