أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جان عثمان - شرعيّة العزلة ومشروعيّة الحلم














المزيد.....

شرعيّة العزلة ومشروعيّة الحلم


أحمد جان عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 722 - 2004 / 1 / 23 - 04:55
المحور: الادب والفن
    


من غار حراء إلى جبل عرفات، من باكورة الوحي إلى خطبة الوداع يمكن اختزال حياة محمد بن عبد الله. هذه الحياة، بوصفها إبداعاً ومبادرة، في مجتمع حقّق قدراً من المدنية كشبه الجزيرة العربية إذ استقبِلتْ فيه رسالة الإسلام بين الأخذ والردّ في بداية ظهورها كأي ديانة من الديانات المتواجدة، آنذاك، التي يمكنها أن تتعايش في مناخ حضاري لم يشهد، بعدُ، تصادم الثقافات، أقول إن هذه الحياة رسمت خطاً بيانياً لفردية الإنسان التي تبدأ من "اقرأ"، أي من قراءة الواقع المعاش سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وتنتهي بـ"أكملتُ"، أي باكتمال مشروع التغيير. بتعبير آخر، من شرعيّة العزلة إلى مشروعيّة الحلم.

 

يمكن القول إن العزلة والحلم هما طرفا المعادلة التي تسمّى الإنسان من حيث إنه وحدة الاختلاف والهوية، وكفتا الميزان من حيث إنه (أي الإنسان) وحدة الحرية والضرورة ، ووجها العملة من حيث إنه وحدة القيمة والتحقّق. إن جبل عرفات حتى يصبح مسرحاً لحدث الهوية، التي تجلّت كضرورة وتحقّق، لا بدّ من أسبقية غار حراء كدورٍ لظاهرة الاختلاف الذي ينطوي على الحرية والقيمة. هكذا يمكننا قراءة تلك الصورة المجازية التي تربط بين الحدثين التاريخيين: من جهة، خيوط العنكبوت التي سدّتْ مدخل غار حراء وكأننا في يوم حداد، ومن جهة أخرى، الجماهير المحتشدة التي ملأت فضاء جبل عرفات كما لو أننا في يوم عيد. الحدث الأول هو الانفصال والتزامن، وأما الثاني فهو الاتصال والتعاقب.

 

يشير الصديق الشاعر حسين عجيب في مقاله "الفرد والفردية في بلاد العرب أوطاني" إلى كل من العزلة والحلم. يقول: "الإنترنت كسر عزلتي، ويمكن القول عزلتنا، صرنا نتبادل الكلام وصار باستطاعتنا أن يسمع بعضُنا البعضَ الآخر". ويقول في مكان آخر: "كنت أفصل بين الحلم والواقع، وبالأصحّ كنت قد خسرت الحلم". هاتان الجملتان كان لهما تأثير عميق في نفسي إلى درجة أنهما أثارتا فيّ المزيد من التداعيات كالتي استطردت بعضها في الفقرتين الآنفتين. فيما يلي أحاول أن أصف مدى استجابة مشاعري ومخيلتي لتلك العبارات الجوهرية بالفعل.

 

هذا بغضّ النظر عن أن الأنظمة تحاول تفكيك مغارات العزلة وتصرّ على لا واقعية الحلم.

 

أول ما تبادر إلى ذهني دلالة كلمة "إنترنت" إذ تخيّلتُ صديقي حسين جالساً في بيته أمام شاشة الكمبيوتر، منفصلاً عن الواقع، وفي الوقت نفسه يقرأ هذا الواقع المعاش عبر الإنترنت. فتذكرتُ أولى الآيات القرآنية: "اقرأ...". هكذا شرع فكري يربط بين عزلة حسين أمام الشاشة وعزلة النبي محمد في غار حراء. الاثنان كان يقرآن في عزلتهما المنيعة بشباك العنكبوت. وفي والوقت نفسه، كانا يستمعان إلى الآخرين، أي كانا في الحوار مع الذين يمكن أن يسمع بعضُهم البعضَ الآخر. كان منفصلَينِ ومتصلين في آن، منفصلَينِ عن الواقع ومتصلين بالحلم. ففي هذه اللحظة، لحظة العزلة كثيفة الحزن كحداد ولحظة الحوار محلِّقة الغبطة كيوم عيد، تذكرا الحلم الذي افتقداه زمناً طويلاً بوصفه الهوية المتعاقبة حيث رآها كل منهما على طريقته، النبي محمد على جبل عرفات، وصديقي حسين في المجتمع الوشيك حدوثه على سفح قاسيون حيث يتمّ التداول السلميّ للسلطة وتسود حرية الرأي كشقائق النعمان في ربيع الحلم. تجدر الإشارة، ههنا، إلى أن تداعياتي هذه لا تنوي الإساءة بشكل من الأشكال إلى مشاعر المؤمنين برسالة الإسلام، إذ قارنتُ بين الرسول محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلّم) وصديقي العزيز حسين عجيب. كان وجه الشبه بين الاثنين، على نحو ضيق جداً، لا في النبوة حاشى الله، وإنما في شرعية العزلة ومشروعية الحلم.

إن العام الجديد على العتبة، يقرع بابنا بكل هدوء العزلة وصخب الحلم. فقبل أن أفتح الباب، أتمنى للأصدقاء المنعزلين حلماً سعيداً، وللقراء عزلةً إلكترونية تفضي إلى الحوار. بتعبير آخر، أدعو لهم حياة زاخرة بالإبداع والمبادرة كنبيّنا محمد بن عبد الله وصديقنا حسين عجيب.

 

مع المحبة:        أنا الغريب

وزوجتي نورما وابنتاي دلبر ودنيز السوريات



#أحمد_جان_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريـــة والقيـــد
- يا لنا من ضحايا الرقم 3
- حوار الهوية والاختلاف


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جان عثمان - شرعيّة العزلة ومشروعيّة الحلم