عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 08:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مأزق اللاجئين العراقيين حالياً أسوأ من السابق.. في تقريرها الجديد: أزمة اللاجئين العراقيين بين اللهجة الطنانة وبين الحقيقة، حيث يستند إلى بحث تحقق في ضوء العديد من المقابلات مع لاجئين عراقيين، قالت منظمة العفو الدولية: إن أزمة اللاجئين العراقيين تزداد سوءً.. فشلت الدول الأغنى في العالم توفير المساعدة الضرورية للاجئين العراقيين وأنهم، بعامة، يُعانون من اليأس في ظروف تضاؤل فرصهم في الحياة.
في حين تشتد الأزمة المستمرة، فإن المجتمع الدولي، بخاصة دول الغرب، بالإضافة إلى فشلها في تقديم المساعدة، عمدت كذلك إلى وضع المزيد من العراقيل أمام اللاجئين الاستقرار في أراضيها..
قدّم المجتمع الدولي، بخاصة الولايات المتحدة، "صورة مضللة عن الوضع الأمني في العراق" بغية دفع اللاجئين العودة للبلاد، في حين أن الوضع ما يزال "رهيباً جداً." ذلك أن العراق يبقى واحداً من أكثر المناطق خطورة في العالم.
تُحاول دول عديدة تبرير موقفها المتشدد تجاه اللاجئين بالإشارة إلى التحسن المفترض في للوضع الأمني في العراق. ورغم انخفاض عدد القتلى من 1800 في أغسطس العام 2007 إلى 541 في يناير 2008، يلاحظ تصاعد عدد الضحايا في مارس وإبريل إلى أكثر من ألفي قتيل.
متهماً الغرب بالتهرب من مسئولياته، ذكر Sarnata Reynolds- العفو الدولية- "أن الولايات المتحدة تتحمل مسئولية فريدة تجاه اللاجئين والمشردين بسبب الصراع." لقد "فعلت الحكومات المعنية القليل أو لا شيء لمساعدة اللاجئين العراقيين. وبذلك فشلت أخلاقياً تحمل واجباتها، وفشلت سياسياً وقانونياُ المشاركة في تحمل مسئولياتها تجاههم... وبالمقابل فإن اللهجة الطنانة واللامباة بقيت طاغية على ردود فعلها تجاه واحدة من أسوأ أزمات اللاجئين في العالم المعاصر."
بغية احياء يوم اللاجئ العالمي، دعت العفو الدولية المجتمع الدولي، بخاصة الدول التي شاركت في الغزو الأمريكي على العراق، اتخاذ خطوات فعالة لإزالة معاناة هؤلاء الناس المشردين. ذكرت المنظمة: يتوجب على هذه الدول بإلحاح العمل من منطلق مسئولياتها لمساعدة الدول المضيفة والمنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة من أجل مساعدة أكبر عدد ممكن من اللاجئين.
تعمل حكومة الاحتلال في بغداد على إظهار نفسها بأنها مسيطرة على الوضع الأمني بمستوى رفيع، وأخذت تُقنع الحكومات في المنطقة وغيرها زيادة القيود في وجه اللاجئين. على سبيل المثال، أوقفت سوريا استقبال اللاجئين العراقيين بعد أن فتحت الحدود دون قيد أو شرط للعدد الأكبر منهم. ومع نهاية العام الماضي وبطلب من رئيس حكومة الاحتلال أوقفت سوريا عبور العراقيين حدودها إلا وفق شروط صعبة.
كذلك يلاحظ على بريطانيا، إذ لا تجرؤ قواتها الخروج من قاعدتها في مطار البصرة، وقد اصطفت مع حكومة الاحتلال وتناصرها بإعادة طالبي اللجوء العراقيين إلى بلادهم بزعم أنها أصبحت "آمنة". تم ترحيل 60 عراقياً إلى بلادهم في 27 مارس، وسبق ترحيل 120 عراقياً خلال السنوات الثلاث الماضية. وحتى السويد التي كانت لغايته تتبع سياسة ليبرالية تجاه اللاجئين العراقيين، أحالت 1766 من طالبي اللجوء إلى الشرطة لتنفيذ ترحيلهم إجبارياً. كما اتخذت هيئة إدارة الهجرة قرارها بعدم منح حق اللجوء للقادمين من بغداد على أساس حصول تأكيدات بعدم وجود "صراع مسلّح" في العراق!
هناك أكثر من مليوني لاجئ عراقي خارج البلاد، بخاصة سوريا والأردن، وتحتضن سوريا أكبر مجموعة وبحدود 1.5 مليون. وتُقدر منظمة العفو الدولية أن العدد الكلي حالياً للاجئين والمشردين في الداخل بـ 4.7 مليون، وهو أعلى مستوى منذ بدء الغزو/ الاحتلال العام 2003.
وتكمن السخرية هنا.. ففي حين أن إدارة بوش هي التي شنت الحرب وخلقت المعضلة، فإن سوريا- وهي واحدة من أكثر الدول معارضة لواشنطن في المنطقة- تحملت أعباء قبول العدد الأكبر من اللاجئين، رغم القيود الشديدة التي تعاني منها هياكلها الأساسية.
"اعتقد بعدم وجود انتباه حقيقي وعال المستوى لأزمة اللاجئين هذه لدى الإدارة الأمريكية،" قالها Megan Fowler- اللاجئين الدولية- مجموعة مدافعة مقرها واشنطن. "نشعر أن الأزمة بحاجة إلى الانتباه بمستوى أعلى من نظرة سكرتيرة الخارجية والرئيس الأمريكي."
في نفس الوقت، فإن ما فعلته حكومة بغداد كان ضحلاً تجاه "مواطنيها" المشردين والمهجرين داخل وخارج البلاد، رغم ازدهار عائدات النفط بالعلاقة مع الارتفاع اللولبي المتصاعد لأسعار النفط الخام. ففي جولته الأخيرة إلى الأردن قدّم رئيس حكومة الاحتلال للأردن ثمانية ملايين دولار لمساعدة اللاجئين العراقيين هناك!!
استنفد أغلبية اللاجئين مدخراتهم، عاطلون عن العمل، وغير مسموح لهم العمل في مجال الخدمة العامة في البلدان المتواجدين فيها. وفي ظل هذه الظروف، ورغم توغر الرغبة لدى الكثيرين منهم العودة إلى الوطن، إلا أنهم غير قادرين على المخاطرة بسبب المدى الواسع للغياب المستمر للأمن في العراق. وهؤلاء ممن تدفعهم ظروفهم العمل في السوق السوداء غالباً ما يتعرضون للاحتيال، وانتشرت ظاهرة اشتغال الأطفال، كما وصارت المرأة في بعض الحالات مضطرة لبيع الجنس. ومن بين أكثر اللاجئين من العراق رخاوة وضعفاً هم الفلسطينيون ممن يعيشون في ظروف قاسية بين الحدود العراقية والسورية. وتعرض العديد منهم للاختطاف والتعذيب والاغتيال منذ الغزو/ الاحتلال.
في مقابلة لصحيفة الاندبيندت يوم الأحد مع شاب صغير (رشيد- 14 عام)، ذكر أنه يشتغل عاملاً لمساعدة والده المقعد، والدته، وأربعة أخوة وأخوات. "أقبل بأي عمل ممكن. نحتاج إلى النقود لنعيش... أبدأ بعض الأحيان السادسة صباحاً ولا أعود للبيت قبل الثامنة أو التاسعة مساءً. اشتغلت بصفة عامل، بيع الشاي، تنظيف الأحذية.. جئنا من الرمادي، وكنت معتاداً الانتظام في تعليمي، لكني لا أرى عودتي للدراسة أمراً محتملاً. أرغب أيضاً العودة إلى العراق، ولكن لم يبق لنا شيء هناك."
إن احتمالات الزيادة المستمرة في عدد اللاجئين العراقيين أطلق تحذير ومخاوف العديد من المراقبين، خشية حدوث هزّة واسعة النطاق للأزمة بحيث تكون مباغتة ومهيمنة على المنطقة. "الشرق الأوسط إقليم مهم جداً، وبغية دعم استقرارها، نعتقد أنه في صالح الولايات المتحدة بدرجة عالية مواجهة مشكلة اللاجئين هذه،" قالها Fowler. "وأخيراً ففي ظل استمرار أزمة اللاجئين العراقيين وإلى جانبهم ملايين أخرى في المنطقة، علاوة على مشردي الداخل، سيكون من الصعب جداً تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط."
مممممممممممممممممممممممممـ
هذه الترجمة هي خلاصة أربع مقالات في نفس الموضوع.. أنظر:
1- Int l Community Failing Iraqi Refugees, (Mohammed A. Salih-IPS), uruknet.info, Jun 13, 2008.
2- Iraqi refugee crisis grows as West turns its back,(Kim Sengupta- Indipendent), uruknet.info, Sunday, 15 June 2008.
3- Iraqi refugees facing desperate situation,(Amnesty International), uruknet.info, June 15, 2008.
4- Iraq: World governments misleading and failing Iraqi refugees,(Amnesty International),uruknet.info, 15 June 2008.
ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد
#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟