أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الديمقراطية والشورى















المزيد.....

الديمقراطية والشورى


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 717 - 2004 / 1 / 18 - 05:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


 الدين والديمقراطية ينتميان إلى بنيتين فكريتين مختلفتين تماماً. جوهر الدين هو " المقدس" الذي يشتق منه في الحياة العملية  موقف من الآخر يقوم على أساس التكفير. فالآخر من منظار ديني أيا كان هذا الآخر وهذا الدين فهو كافر. ولا يخفى ما لهذا المصطلح " كافر" من قيمة انفعالية سلبية في مجال العلاقات الدينية وفي جميع المجالات الدنيوية الأخرى(1) .
     أما جوهر الديمقراطية فهو إدارة علاقات السيطرة، وبالتالي فهي موجهة بالدرجة الأولى إلى نظام الحكم السياسي وتنظيم الحياة السياسية وإدارتها. بالطبع الدين العملي( الدين كما هو في وعي الناس ) لم يكن هو الآخر بعيدا عن إدارة علاقات السيطرة وتنظيم الحياة السياسية للمجتمعات التي هيمن عليها، بل في مرحلة من التاريخ أفرز نظامه السياسي المطابق، وشكل في حينه أيديولوجيته الرسمية. وكما هو ثابت في التاريخ فقد كان نظاما استبدادياً، استمد شرعيته من بعده الميتافيزيقي.
     لكن مع تطور الرأسمالية وتنامي دور الفرد ومصالح الطبقات تولد شكل أيديولوجي جديد ينتمي إلى العالم الدنيوي، أخذت تقرأ به مختلف الفئات والطبقات مصالحا الواقعية. في سياق عملية التحول والانتقال هذه جرت صراعات عنيفة بين القوى الاجتماعية المتلطية خلف الراية الدينية من قوى إقطاعية كهنوتية ومدنية، وتلك المتلطية خلف الراية الدنيوية من برجوازية متحالفة مع العمال و الفلاحين، حسمت  في النهاية لصالح هذه الأخيرة. ونظرا لطبيعة البرجوازية الأوربية في القرن التاسع عشر، التي لم تفترق بشكل قطعي ونهائي عن الأيدولوجيا الدينية لذلك سرعان ما ارتد ت إليها باحثة فيها عما يقوي موقعها المهيمن في البناء الاجتماعي الجديد، في مواجهة الطبقة العاملة. ومع أن التحولات الديمقراطية والعلمانية كانت قد نمت في سياق عملية الصراع هذه، فقد اقتصرت في البداية على فئات محدودة من المجتمع، فئة المالكين. ولم تأخذ الديمقراطية بعدها المتقدم إلا في القرن العشرين من جراء التوسع الرأسمالي وغزو العالم، لذلك فإن الديمقراطية الليبرالية غير الديمقراطية السائدة في الوقت الراهن.
     ثمة أراء عديدة حول بداية التحول العلماني والقوى التي قادت عملية العلمنة(2) . لكن الشيء الثابت أنها انطلقت مع عمليات التحول والانتقال من التشكيلة الإقطاعية إلى التشكيلة
الرأسمالية، برز في سياقها دور الفرد وتوسعت حقوقه وقام البناء الاجتماعي على أساس مفهوم التعاقد . في سياق عمليات التحول هذه أخذ الدين ينتقل من الدائرة العامة إلى الدائرة الخاصة وبرزت الأيدولوجيا الوضعية كقارئ رئيس لمصالح الأفراد والفئات والطبقات الاجتماعية، وتراجعت الإحالات الميتافيزيقية. كما جرت تحولات عميقة على التدين بحيث تكيف مع الوضعيات الاجتماعية الجديدة وأخذ يبحث عن موقع له في إطارها. لقد جرى انتقال هام للخطاب الديني من الدائرة الاجتماعية إلى الدائرة الأخلاقية مع ما يفترضه هذا الانتقال من تحول في طبيعة الخطاب الديني بحيث نمى فيه منطق الحرية والتسامح وتراجع منطق الجبر والقسر. هذا ما جرى في أوربا، لكن واقع الحال بالنسبة للدين الإسلامي مختلف تماما.
     من الملاحظ أنه تحت تأثير الانفعال بما كان يجري في أوربا منذ بداية ما يسمى بعصر النهضة العربي، أن المفكرين النهضويين العرب والإسلاميين حاولوا إيجاد نوع من التزاوج بين الفكر النهضوي الأوربي والفكر الإسلامي وقد تحققت بعض النجاحات على يد الجيل الأول و الجيل الثاني من المفكرين النهضويين الإسلاميين، لكن هذا التزاوج أخذ ينفك مع ولادة  وانتشار الإسلام السياسي في النصف الأول من القرن العشرين ليصل حد القطيعة مع التيارات المتطرفة  فيه في النصف الثاني من القرن العشرين. على العكس تحاول التيارات السياسية الإسلامية  المعتدلة إعادة التكيف مع الخطاب الديمقراطي تحت ضغط التحولات العميقة التي جرت في العالم في العقد الأخير من القرن العشرين تحت راية الديمقراطية وحقوق الإنسان..
     ومنذ البداية لم يجد المفكرون الإسلاميون صعوبات جدية في مقابلة الديمقراطية بالشورى بعد تجريدهما من سياقهما التاريخي، وإعادة قراءة الشورى الإسلامية من موقع الديمقراطية    الليبرالية. وهكذا تكونت في الحقل الفكري الإسلامي نظرية في الشورى تشكل في قراءاتها العديدة أساس للحكم من وجهة نظر المشتغلين في الحقل الفكري والسياسي الإسلامي بمرجعية تراثية إسلامية، يقابلون بها نظرية الديمقراطية الليبرالية كما تمخض عنها التاريخ الأوربي، أو كما تجلت في القراءات المحلية لها بمرجعية فكرية ليبرالية. غير أن الديمقراطية غير الشورى فلكل منهما سياقه التاريخي ووظيفته المتميزة.
       الشورى في المرجعية التراثية الإسلامية تنتمي إلى مجال الأخلاقيات السلوكية العامة، وليس إلى مجال السياسة ولذلك لم يعتبرها أحد من الفقهاء شرط للحكم، ولم تكن ملزمة بطبيعتها. ومن المعروف أن معنى الشورى قد ورد في القرآن الكريم في آيتين: الأولى نزلت على أثر هزيمة المسلمين في غزوة أحد فحضت النبي على مشاورة أصحابه في شؤون الحرب" وشاورهم في الأمر وإذا عزمت فتوكل"(3). أما المعنى الآخر للشورى " وأمرهم شورى بينهم " (4)، فقد ورد في سياق تعداد الصفات الأخلاقية التي يتمتع بها المؤمنون .
  الثابت في التاريخ الإسلامي أن الخليفة لا مسؤولية له أمام الناس الذين بايعوه، بل أمام الله.
وهناك آيات عديدة تؤكد ذلك وتطالب الناس بطاعته،" وأطيعوا الله والرسول و أولي الأمر منكم"(5). وهكذا عبر التاريخ تصير في التكوين النفسي والثقافي للعرب والمسلمين بصفة عامة نوع من الاستعداد والقبول بالحاكم ظالما كان أو عادلا. وقد ساهم في ذلك من بين عوامل عديدة ما يمكن تسميته بسلطة " تجنب الفتنة"، ولا زال هذا الاستعداد سائدا في التكوين النفسي للإنسان العربي المعاصر وله حضوره البارز في ثقافته وفي خطابه الأيديولوجي والسياسي وفي علاقاته الاجتماعية على مختلف المستويات، ويمكن قراءة ذلك من خلال ضعف الوعي بالديمقراطية وقلة الانشغال بها. فلا زال الخطاب السياسي والثقافي العربي على الضد من الديمقراطية بصورة عامة، وإن المثاقفات والمحاولات الجارية في الوقت الراهن لإبراز حضور الديمقراطية في الوعي العام لا يغير من هذه الحقيقة بشيء. الديمقراطية ليست أصيلة ولا متأصلة لا في ثقافتنا العامة ولا في وعينا ولا في حياتنا اليومية ولا في حياتنا السياسية ولا اختلاف في ذلك بين معارضة أو موالاة فكل منها وجه للأخر.
مراجع
1-Rudolf Otto (( The concept of the Holy (London, ) Oxford University press,1923>
2- بشارة ، عزمي، "مدخل إلى معالجة الديمقراطية وأنماط التدين " في "  حول الخيار الديمقراطية"، مجموعة من المؤلفين( بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية،1994)، ص59.
3-سورة آل عمران، الآية159 .
 4-سورة الشورى ، الآية 38 .
5- سورة النساء،الآية 59.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية في الفكر الإسلامي النهضوي
- المجتمع يشارك بفاعلية إذا كان حراً


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الديمقراطية والشورى