أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!















المزيد.....

الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 705 - 2004 / 1 / 6 - 05:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


قرأت مقالا على الحوار المتمدين لهدى أبو مخ تشكو فيه من رحلتها إلى مصر وكيف أصبحت "المعادلة محلولة" فيها بأن أصبحت الفتاة "المحجبة" هي "الفاضلة" والسافرة هي "الساقطة" وأعربت عن خيبة أملها فيما آل إليه الوضع في مصر. ولكنني شعرت بعد قراءتي للمقال بأنه يتضمن ظلما شديدا للشباب (المصري والعربي أو أي شباب) وذلك بإلقاء اللوم عليه دون البحث عن السياق الذي دفعه في هذا الاتجاه أو ذاك. ففي وقت من الأوقات كان هذا الشباب مفعما بالأمل ومقبلا على كل ما يدفع نحو التقدم، ولكن الهزائم المتكررة التي تعرض لها وما زال جعلته بالتأكيد في وضع مأزوم ومتناقض، وضع دفع قطاعا واسعا من هذا الشباب إلى التشبث برموز الماضي ليحافظ على هويته في مواجهة عالم يغيب فيه الأمان ويسوده الإحباط، يستمد من هذه الرموز قوة أحيانا لا تتجاوز الشعور بالتميز لتعويض خيبة الأمل، ودفع البعض الآخر إلى الانهيار والحياة بالتقسيط التي لا وقت فيها للحلم أو التفكير أبعد من الاحتياجات اليومية المباشرة. وكان من الضروري أن توضع هذا الملاحظات التي رصدتها كاتبة المقال في سياقها حتى نستطيع إدراك ملامح الصورة مكتملة.

فمنذ سقوط المشروع القومي الذي قاده عبد الناصر على أثر فشل الخطة الخمسية الأولى في عام 1965 ثم الهزيمة العسكرية المفاجئة والمروعة حتى أطلق عليها المصريون نكسة 1967، بدأت قوى اجتماعية عديدة تبحث عن البديل، وتتخبط في اتجاهات مختلفة رغم أنها جميعا تمتد جذورها في فشل هذا المشروع، بعضها كان يسعى إلى استعادة المجد التليد، وأصر على ذلك التصور القومي مغلفا بخطاب ماركسي/ستاليني وظل يدافع عن التنمية المستقلة وأولوية مواجهة الاستعمار على القضايا الاجتماعية وقضايا الديمقراطية الداخلية، وإن احتلت هذه القضايا زاوية ثانوية في خطابه، وبعضها بدأ يفتش في الماضي عن هوية ينتمي إليها تحل محل الهوية القومية المهزومة وتعوضه عنها.

واكب ذلك تغييرا في اتجاه المؤسسة الحاكمة في مصر حتى تحافظ على بقائها في السلطة جسده الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وإن بدأت جذوره مع عبد الناصر، يحول اعتماده وسنده من المعسكر الشرقي إلى الولايات المتحدة، وكان ضروريا في سياق ذلك معالجة الوضع الداخلي، من الاستجابة للضغوط أحيانا لمواجهة إسرائيل، وقام في هذا السياق بشن حرب تكتيكية قدمت لنا على أنها انتصار ساحق (رغم احتفال إسرائيل بيوم السادس من أكتوبر 1973 باعتباره يوم انتصار لجيشها أيضا) ذات هدف مزدوج، فمن ناحية كانت هذه الحرب تهدف إلى امتصاص الضغوط الداخلية التي هددت نظام السادات في عام 1972 عندما قام عشرات الآلاف من طلاب الجامعات بالتظاهر والاحتشاد في ميدان التحرير فيما كانت هذه المظاهرات تعكس مشاعر الغضب التي انتشرت بين قطاعات شعبية واسعة لم تصدق أن السادات سيخوض حربا في مواجهة إسرائيل وتشككت فيه مصداقيته بسبب ميله باتجاه الولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى كانت هذه الحرب تهدف إلى إقناع إسرائيل والولايات المتحدة بضرورة التفاوض مع السادات وتقديم تنازلات لنظامه، وإلى إثبات أن استقرار المنطقة لن يتحقق دون ذلك.
وكان ما يعرفه الجميع بعد ذلك، معركة ناجحة أعقبتها ثغرة وتدخل أمريكي مباشر لمساندة الجيش الإسرائيلي، وانتهت الحرب بعد خسائر هائلة في أرواح المصريين، ولكنها حققت للسادات كل ما كان يطمح له، فقد اتفق مع الإسرائيليين والأمريكيين بعد أن أثبت أيضا أنه سوف يتخذ سياسات اقتصادية بالداخل تتخلى عن توجهات التنمية المستقلة السابقة، وتفتح المجال للاستثمارات الأجنبية والقطاع الخاص، إلخ. وقدمت أيضا معاهدة كامب ديفيد وكأنها انتصار آخر حققه السادات، وخسر القوميون اليساريون الشارع عندما أعلنوا معارضتهم لتلك المعاهدة الاستسلامية.

المهم أن السادات بعد مواجهات متكررة بالداخل مع القوميين اليساريين والناصريين احتاج إلى خلق اتجاه سياسي قوي في الجامعات يدعم توجهاته ويواجه تلك القوى المعارضة له، وبدأت عودة الإخوان المسلمين إلى مصر، وخاصة من دول الخليج، والتي قامت بتعزيز ثقافة رجعية مدعومة بأموال النفط واستبداد الدولة.

لم يعرف الجيل الذي أنتمي إليه قوة سياسية (بخلاف المؤسسة الحاكمة) أقوى من الإسلاميين في الشارع المصري، وخلافا لآراء الكثيرين بأن مصر شهدت فراغا سياسيا خلال العقد الماضي على الأقل، فإن المجتمع المصري لم يشهد أبدا فراغا سياسيا منذ هزيمة 1967، والفرق الواضح من هذه الزاوية بين الفترة من 1967 وحتى بداية الثمانينيات مرورا بانتفاضة 1977 وبين الفترة التي تلتها حتى الآن هو اختلاف طبيعة القوى السياسية التي تعمل على جذب الشارع المصري وتعزيز قواها داخله، فالفترة السابقة شهدت شهقة الاحتضار الطويلة لليسار القومي والناصريين ومحاولاتهم المستميتة للتشبث بحلم التحديث القومي المهزوم، أما الفترة الثانية فقد شهدت صعود حزب الإحباط الذي رفض الحداثة في كافة صورها، (اشتراكية – على الطراز الستاليني – أو رأسمالية على النمط الأمريكي) وأخذ يبحث عن هوية أخرى تتسم بالتناقضات الداخلية – تمزج بين الحديث والقديم وتتشبث بكل ما هو رجعي بحثا عن التميز للحفاظ على الذات في مواجهة الآخر وتطرح مشروعا خياليا لا تستطيع هذه القوى نفسها الاستقرار على ملامحه.

المأساة الحقيقية هي أن هذه الصورة لم تقتصر على مصر، وإنما امتدت لتغطي المنطقة العربية كلها، كما أن التطورات الأخيرة في المنطقة – على عكس ما قد يظن البعض – سوف تؤدي إلى زيادة قوة وشعبية هذا الاتجاه.

 فأزمة الرأسمالية العالمية وضعت منطقتنا في بؤرة التناقضات والصراعات مع تطوير الطبقة الحاكمة بالولايات المتحدة مشروعا للهيمنة على العالم خلال القرن القادم، وسواء كان هذا المشروع قابلا للتحقيق أم لا، فإن المنطقة العربية تحتل أهمية خاصة في تحقيق هذا المشروع، لأن السيطرة على أكبر احتياطي للبترول في العالم يعد أحد الأركان الأساسية في مشروع القرن الأمريكي الجديد.

وفي ذات الوقت، بعد فشل مشروعها القومي، فشلت الرأسمالية في جميع الأقطار العربية عن تحقيق طموحات الشعوب في الاستقلال القومي وبناء مجتمع حديث وتحقيق تنمية اقتصادية مستديمة، كما فشلت أيضا في تحقيق تقدم يذكر نحو تطوير النظام السياسي الديمقراطي وفقا للتصورات السائدة حول الديمقراطية السياسية في مجتمع رأسمالي. فتوريث السلطة وحكم الحزب الواحد وغياب الحياة النيابية وضعف الحياة الحزبية والبرلمانات كلها ملامح مشتركة في جميع الأنظمة العربية. بالإضافة إلى البطالة وتدني معدلات النمو الاقتصادي وتشوه الهياكل الإنتاجية والاعتماد على الدخول الريعية … إلخ، التي تميز نظمها الاقتصادية. وما زالت القبلية ونظام العائلة المتخلف ووضع المرأة المتدني واضطهاد الأقليات الدينية والعرقية ملامح أساسية لنظامها الاجتماعي، ولم تستطع هذه الطبقات الحاكمة إقناع الجماهير العربية بتوجهاتها وفشلت في طرح مشروع خاص يلقى تأييدا من قبل هذه الجماهير مما جعل الأنظمة الحاكمة تعتمد فقط على الاستبداد السياسي والقمع المباشر في تثبيت سلطتها وحماية نظامها.

وتكتمل هذه المأساة أيضا بأزمة قوى اليسار الثوري في المنطقة العربية، والتي تعاني من العزلة والضعف الشديدين، بل إنها غائبة تماما في أكثر الأقطار العربية، وتساهم التطورات التي تتعرض لها المنطقة في تكريس هذه العزلة وذلك الضعف. وإن كان اليسار الثوري عالميا يستفيد من فرص التغيرات العنيفة التي يتعرض لها النظام الرأسمالي العالمي بتعزيز مواقعه في حركة مناهضة العولمة، ومقاومة الهيمنة الأمريكية، وحركات أخرى جزئية، فإن هذا اليسار في المنطقة العربية كلها من الضعف حتى أنه لم يستطع الاستفادة من هذه التغيرات، بل أن حركة مناهضة العولمة لم تجد لها صدى في المنطقة العربية ككل، رغم قيام جزء من النخب السياسية في مصر بعقد مؤتمر من مؤتمراتها في القاهرة خلال الشهر الماضي، فالظروف التي أحاطت بهذا المؤتمر وما حدث فيه يعد دليلا إضافيا على غياب أي تأثير لليسار الثوري في الواقع المصري.

هذه الظروف في مجملها لابد أن تدفع مزيدا من الشباب العربي والمصري في اتجاهات شتى، سيكون أهمها بالطبع "الإسلاميين"، وإن كانت جماعة الإخوان المسلمين في مصر اختارت أن تتحالف مع الدولة خلال الاضطرابات التي صاحبت اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية والغزو الأمريكي البريطاني للعراق، فإن هذا لن يمنع من أن يتجه المزيد من الشباب المصري نحو الجماعة الإسلامية والجماعات الجهادية التي تعرضت لضربات قوية من أجهزة النظام الأمنية ولكنها مازالت موجودة وربما تحقق مزيدا من المكاسب السياسية وتستطيع تجنيد المزيد من الشباب، خاصة وأن قوى الاستعمار قررت أن يكون شعارها في استراتيجيتها الجديدة للهيمنة العالمية "الحرب على الإرهاب" – وحددته باعتباره الإرهاب الإسلامي.

هذا لا يعني إنني أقل اشمئزازا من هذه الحالة التي رصدتها الكاتبة في الشارع المصري، بل إنني أوافقها تماما على ضرورة مواجهتها كما فعلت هي بارتدائها ملابسها "الموضة" وخروجها للشارع رغم أن هذا لا يكفي باعتباره حلا فرديا إن استطاعت هي تحقيقه فإن ملايين الفتيات في مصر لا يستطعن ذلك لأسباب ليس هنا مجال ذكرها،  ولكن فقط أردت أن توضع الصورة في سياقها الصحيح حتى ندرك أبعاد ما فعلته وما تفعله بنا أنظمتنا الحاكمة التي بددت جميع أحلامنا وعادت بنا إلى نقطة الصفر، أو إلى ما قبل عصر التنوير. كما أننا لابد أن نتفاءل بأن أصبحت المرأة في مصر جزءا هاما من قوة العمل الاجتماعية – حيث تعمل في المصانع ومراكز الاتصال وقطاعات كثيرة أخرى – مما يعني أنها أصبحت ، رغم تعقيدات الأمر، أكثر قدرة الآن على دفع مطالبها وتحقيقها، ولكنها، مثلها في ذلك مثل حال القطاعات الجماهيرية في مصر كلها، مازالت تفتقد الاتجاه ووسائل النضال. 
**********

http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=12962

مصر, الحرية و-المعادلة- المحلولة



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!