إبراهيم شياع
الحوار المتمدن-العدد: 2204 - 2008 / 2 / 27 - 09:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
إختتـم المؤتمر الوطني الثامن للحـزب الشـيوعي العراقـي أعمـاله ليـس فقـط بإصـدار قرارات وتوصـيات عمـل للمرحلـة القادمـة , بـل أيضـاً بظهـور كتلـة سـياسية من داخلـه مناهضـة لسـياسة القيـادة الحاليـة أطلقـت علـى نفسـها إسـم ( كتلـة تصحيـح المسـار ) والمتتبـع لأرهاصـات هـذا الظهـور وبيـانات الكتلـة يعـرف إنهـا بـدأت قبـل المؤتمـر وبالتحـديـد أثنـاء الممارسـات التقليـدية في التهيئـة لـه , وأعنـي بذلـك الأنتخابات الحزبيـة ومناقـشـة المسـودات المطروحـة للنقاش لوثائق المؤتمـر , حيـث شـخص أفراد الكتلـة و جلهـم من الكادر المتقـدم للحـزب ومن العامليـن في الداخـل في زمـن النظـام السـابق , نقـاط ضـعف تبعـد الحـزب عـن مسـيرة الديمقراطية والتجـديد التي تبناها منذ المؤتمـر الخامـس له والتي أتضـح لهـؤلاء من خـلال دراسـتهم للوثائق المطروحـة وبخاصـة مسـودة النظـام الداخلـي , إنها علاوة على ضـعفها فهي تشـكل أحـدى الوسـائل التي تجعـل من إنتشـار الديمقراطية الجزبيـة المنشـودة أمرا ً شـبه مسـتحيل , ممـا يفنـد مزاعـم القيادة بأنها تتبنى هـذا المفهوم , عـلاوة على إحتجـاجهم المسـتمر على الآليـة الموضـوعـة من قبل لجنـة التنظيـم المركـزية لهـذه الإنتخـابات , والتي جاءت نتائجها ونتائج إنتخابات المؤتمر تعزيـزا ً لتوقعاتهم وآرائهم القائلـة , بأن النظـام الداخلـي للحزب لا ديمقراطـي ولا يمـت لها بصلـة من أي باب , حيث وردت فيه فقرات ( سـبق لهم وطالبـوا في ملاحظات مكتوبة مقـدمة الى لجنة العمل الفكري المركزية في الحزب بألغائها من النظـام الداخلـي والتي رأوا فيها تكريسـا ً لبقـاء القيادة الحالية لمـدة طويلـة وهذا ما يتنافـى مـع الروح التي تبنـى على مبادئها الديمقراطيـات في كـل مكـان ) لاتمنـع السـكرتير من الترشـيح لأكثـر من دورتين , وفقرات تربـط ضمان وجـود القيادة الحاليـة بالعـلاقة المنصوص عليها في المادة 14 منه مـع الحزب الشـيوعي الكردسـتاني .
والكتلـة ببياناتها التي أصـدرتها والتي يسـتدل منها على أنها بـدأت كحـركة إحتجـاج رافضـة لكـل هـذه السـلوكيات والممارسـات والآليـات الأنتخابيـة التي أنتهجت أثنـاء أنتخابات المحليـات واثنـاء المؤتمر , معتقـدة
إن هـذه العمليات بمجملها قـد سـاهمت في تعطيل الممارسـة الديمقراطية وسـهلت صـعود وفوز مرشـحين تدخلت القيـادة بإختيـارهـم لا بـل فرضهـم بشـكل يبدو للعيـان وكـأنه ديمقراطـي ونزيـه , والكتلـة إذ تختـزل مجمـل خلافاتها مـع القيـادة الحالية بشـجبها لطريقة التقسـيم هـذه والصـعود المقـرر سـلفا ً لبعض العناصتر الهزيلـة للمناصب القياديـة للحـزب , تســتهل أيضـا ً عرض وجهـة نظـرها ( من خـلال البـلاغ الصادر عـن إجتمـاع لجنتها التنفيذيـة ) بمقـدمـة قصيـرة تســتعرض مـن خـلالها عيـوب ومثالـب القيـادة معتمـدة ً المبالغـة أحيـينا ً بإظهـار السـلبيات والأخطـاء والنيـل من أصالتهـا إذ تعتبرها ( قيـادة وافـدة ) كمـا ورد في البـلاغ الذي أكـد عجـزها عـن فهـم الواقـع العراقـي القائـم وتنصلهـا عـن واجباتها تجـاه الوطـن والجماهيـر ويصفها البـلاغ بأنها أكبـر إنتكاسـة في تاريخ الحزب النضـالي والسـياسي .
وفضـلا ً عـن مطالبهـا التي وردت في نهايـة البـلاغ على شـكل نقـاط والتي تعـد من وجهـة نظـر الكثيـر من المراقبين واللذين قرأوا البـلاغ مطـالب مشـروعـة ومنسـجمة مـع الواقـع , رغـم إعتقادنـا الشـخصي بأن هـذه المطالـب موجـودة ضمنـا ً في الوثائـق الصادرة عن المؤتمر الثامـن , لكـن لربمـا إن الكتلـة أرادت من خـلال ذكرها على شـكل نقـاط , أن تؤكـد على أهميتها وإرتباطها التام بقضـايا الشـعب المصيرية .
لكـن والحـق يقـال فأن الكثيـر ممـا تناولـه البـلاغ يعبـر عـن ظهـور أزمـة فكريـة وسـياسية في حيـاة الحـزب , ولكـي نكـون منصـفين , فمطالـب الكتلـة بضـروة إعادة النظـر في النظـام الداخلتي وجعله متـلائما ً مـع الطروحـات والتطـور الحاصـل في مسـيرة الحركـة الديمقراطيـة في كثير من بقاع الدنيـا , أمـر لا يخلـو مـن فائـدة , ليس للكتلة فحـسب , وإنمـا للقيـادة الحاليـة للحزب أيضـا ً عبر توضيح صورتها أمـام الجماهيـر على إنها مـن أوائـل الملتزميـن بالتغييرات العامـة الجاريـة على كـل الحقـول في العمـل السـياسي للشـيوعيين , والتي تركـز على إدخـال الديمقراطية وبشـكل واسـع يضمـن التغييـر المسـتمر في الوجـوه القياديـة وليس البقـاء المسـتمر .
والأمـر الملفـت للأنتبـاه في نهايـة المطـاف إن الكتلـة ( وهـذا ما فهمنـاه من خـلال البـلاغ ) لا تريـد الخـروج من الحـزب بـل هـي مصـرة على العمـل داخـل صـفوفـه , ولكنها في نفـس الوقـت تطـرح سـقفا ً زمنيـا ً لهـذه العملية موضحـة إنها في نهايـة الأمـر سـتكون في حـل ٍ من إلتزامها بعـد نهاية السـقف وذلـك واضـح من القـول بأن ( كل الخيـارات سـتكون مفتوحـة أمامها للتعبيـر عـن نفسـها بالشـكل والوجهـة التي ترتأيها )
وبرغـم المقدمـات التي رافقـت ظهـور الكتلـة والطـعون التي طالـت بعض أفـرادها مـن لـدن القيـادة الحالية للحزب والتي باتـت ولضحـة من القرارات الإنفعاليـة التي أتخـذت بحقهـم وغيـر المبــررة أصـلا ً , فأن مجـرد ظهـورها لإي وقـت كهـذا دليـل واضـح على ( وبمـا طرحتـه من أفكـار ) حيـوية الحزب بغض النظـر عمـا سـتفرزه النتـائج مسـتـقبلا ًومهمـا كـان موقف القيـادة الحالية منهـا والتـي كنـا نأمـل منهـا أن تكـون أكثـر حرصـا ً على وحـدة الحـزب ومصلحتـه من القيادات السـابقة التي كانت ترى فيه مناصب شـرفية تتعلق بالبقـاء مدى الحيـاة فيهـا .
#إبراهيم_شياع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟