|
هل قلت انه يساعد ؟
عدي حاتم
الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 07:31
المحور:
الادب والفن
اعرفها جيدا ، تلك الصباحات الآفلة ، توهج الرغبة ، وتقهقرها عند الظهيرة . كلها صباحات منخورة بالنمل . قالها بصدق ؛ اركض .. فالركض يساعد .. مكاني تسمرت وتوترت نظرتي ، لم اركض؟ : اركض فأمامك ميدان فسيح ، أنه يساعد ، عدوت وأنا أعرف أنه لن يساعد ، أو أني افترضت ذلك ..شكرا كانت نصيحتك متعبة ، قال : ليست دائما ، فإذا كنت مؤمن بأنه يساعد فسيكون كذلك .. وفي صباح آخر قبل أن اخرج ،أوصدت الباب .. باب القفص السلكي على سنجابي بعد أن أطعمته.. تسللت راكضا وأنا أقول: أنه يساعد ..لكنه الشهيق الذي يسرع بدفع الزفير ليتلقف شهيقا آخر كبلني وزادني ثقلا ..هذا كل ما في الأمر . وأن يكن فان كل ما ساعدني به هو أفول الصباحات المشرقة .. كنت اتلوى من مغص يأكل أحشائي بجبن فلم أذهب إلى المدرسة في احدها .. كنا نتقاسمها شتاءاً / تلك الصباحات المسرفة في الاشراق حتى ظننته كذباً . سقط ذلك اليوم من حقي .. ركعت وانا الهث ؛ عليك اللعنة .. انه لن يساعد ، فالنوم احياناً كثيرة يساعد اكثر . ورغم ذلك لن اعود مبكراً فالسهر يغضب الاباء وهو ايضاً يساعد . جلسنا عندها على جرف عالٍ من نهاية بستان يحفه نهر ما ، تغطس الشمس خلفنا لتضيء ظلاماً هناك وتأفل هنا . على الارجح انها اشرقت على الجنادب و الدعاسيق التي أمضت الليل تحت الاعشاب الندية نائمة .. تحلم ان يصبح أحدها (خيدعوراً) ؛ فالركض فوق الماء أيضاً يساعد . ومن المؤكد ان الشمس الان قد بدأت تكشف عن اسرار اثنين اثنين ، فالنصف الاخر من الكرة الارضية يسرف بالاسرار ، أو أنها لم تكشف … لم تكشف .. تباً تباً للضوء لم يكون لكل اثنين اسرار ز اترك يدي هذا الجرف مخيف ، وربما مغرٍ ايضاً .. سأركض .. فان الركض يساعد . لم أكد اخرج المفتاح من جيبي حتى سقط على السلم .. يالسوء الحظ ، خارت قواي .. لا أقوى على التقاطه .. فتحته اخيراً ، لكن نسيت أهم شييء ؛ طعام السنجاب . أغلقت الباب … انه لذيذ ومسلٍ / سأستمر في الركض . ابتعت طعام السنجاب ولكني لم اعد .. هل نسيت ؟ .. لم اكن متأكداً من اني اريد الدخول في المقهى حين توقفت امامه ، ترى هل يقدمون الكحول ، فلا ارغب بالمرطبات .. اريد كحولاً … فانا اذكر جيداً ان المرطبات تحتوي على المرض .. وانا اكره الطبيب ، خاصة عندما حذرني من المرطبات . جليت وانا ارتدي ملابس رياضية ، لااذكر شيئاً سوى اني بالمواجهة مع الجدار .. مرت ساعة وشعرت بالجوع ، قلت للنادل : ماذا لديك • لقد نفذ كل ما لدي .. أنا آسف . • اذن فطعام السنجاب لذيذ اذا لم يكن هنالك غيره …………… كأني اسمعه يركض على دولابه يطارد نفسه .. أهو جائع ؟ أو أنه كان يطارد بندقة للتو سقطت من شجرة هزتها الريح … كلا انه صوت قرض الهاتف .. أكان صوته .. أنه سنجابي .. نــعم .. ماذا ؟ هل .. كلا .. كلا .. انها صافرة .. انها سيارة اسعاف .. نعم انها كذلك أعرفها انها الصباحات المريضة .. لم المستشفى بالذات ؟ لمَ لمْ أؤخذ إلى المنزل مثلاً أو إلى أي مكان اخر غير صباحات المرض / صباحات الشفاء .. كلها صباحات افلة . عند الظهير خطوت على عتبة باب المستشفى .. نافد الصبر أو كأني كذلك . اركض : قلت لنفسي ركضت . اشتريت طعام السنجاب وركضت نحو المنزل ، سبقتني دراجة لم ألحظ منها سوى صوت الدولاب الذي يخش فوق الحصى الناعم / فوق الاسفلت ، ومؤخرة راكبها / هو ايضاً كان يركض . ترى هل يساعد ؟ دخلت البيت وعيني على الثلاجة تدق كما يدق الدم في رأسي ..عطش .. عطش شديد ، أشعر بفمي جاف تماماً .. أدنيت من قنينة الماء البارد شفتي ، واول قطرة حركت شفتي نحو القفص السلكي الذي يجثم فوق السنجاب ولكن .. اين السنجاب ؟ سقطت القنينة من يدي فاقتربت منه : كان هو الاخر يركض طوال الليل ، لكنه فقط هذا الصباح فقد اخر خطوة من ركضه الدائم في المكان نفسه . الم اقل لك ؟ . من قال انه يساعد ؟... • نشرت القصة ضمن المجموعة المشتركة لعدي حاتم وسامي البدري (رماد الاسئلة) عام 1999
#عدي_حاتم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
راية المجاز في حقيبة الظهر
-
المالكي زعلان!!
-
آسياد الدوحة - المنتخب العراقي يفوز على نظيره الايراني 2-1
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|