أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - الأزمة اللبنانية بين الظاهر والباطن















المزيد.....

الأزمة اللبنانية بين الظاهر والباطن


محمد أحمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 2172 - 2008 / 1 / 26 - 03:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1. يتهم طرفا الصراع في القطر اللبناني الشقيق بعضهما بعضاً بالتبعية السياسية والأمنية لقوى خارجية غير لبنانية.
ونحن نقول هنا ، أنه لاتوجد دولة واحدة في العالم كله بمنأى عن التداخل والتآثر الجدلي بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية ، ولكن الاشكالية عادة ماتتمحور حول حجم ودور كل من هذين العاملين في عملية الحراك والصراع والتغير الاجتماعي في هذا المجتمع أوذاك ، في هذه الحقبة التاريخية أو تلك . وغني عن التوكيد أن التفوق التكنولوجي والاقتصادي والعسكري للدول الرأسمالية الصناعية منذ القرن الثامن عشر وحتى هذه اللحظة ( 2008 ) قد سمح لها أن تستعمر وتستغل وتخلف( بضم التاء ) شعوب وأمم البلدان النامية ، الأمر الذي معه رجح دور العامل الخارجي على العامل الداخلي في هذه البلدان والتي منها وطننا العربي ، ومنها بالتالي القطر اللبناني .
وجدير بالذكر أن حجم ودور وأثر العامل الخارجي ، في وطننا العربي ، كان أشد وضوحا في النصف الثاني من القرن العشرين ، وذلك لأن تفوق هذا العامل الخارجي على العامل الداخلى قد كان شرطا ، من جهة للإبقاء على هيمنة الدول الرأسمالية الصناعية على نفط وثروات المنطقة ، ومن جهة أخرى لإبقاء الأمة العربية أمة مجزأة ، ضعيفة ومتخلفة ، كي لايكون في قدرتها الوقوف في وجه الإحتلال الاستيطاني الصهيوني ، الذي يمثل اليد اليمنى الضاربة لتلك الدول الاستعمارية .
إن تدخل الدول العربية بشؤون بعضها بعضا يعتبر ــ من وجهة نظرنا ــ أمرا مشروعا ، ولكن ماهو غير مشروع هو أن يكون هذا التدخل يخفي في طياته تبعية هذه الدولة العربية أو تلك ــ بصورة ظاهرة أو مضمرة ــ لهذه
الدولة الإمبريالية أو تلك ، كما هي حال تدخل النظام السوري الحالي في لبنا ن منذ عام 1976 وحتى أزمة الرئاسة المستمرة حتى هذه اللحظة .

2. بالرغم من اتفاقية سايكس بيكو 1916 ، ومن خارطة لبنان التي وضعها وعدلها جورج كليمنصو عام 1920 بقلمه وبخط يده ( حول الاشكالات المتعلقة بهذه الخارطة ، أنظر : جريدة الأخبار اللبنانية ، تاريخ 22 ديسمبر 2007 ، مقالة لنيقولا ناصيف ) ومن فصل لبنا ن عن سوريا عمليا عام 1936 ومن الاستقلال الأول عام 1943 ، والاستقلال الثاني 1946 ،أقول بالرغم من كل ذلك كانت وظلت العلاقات السورية ــ اللبنانية علاقات طبيعية وحميمية ، ذلك أن القطرين كانا يومها يجاهران ويعتزان بانتمائها العربي بل ويضعا هذا الإنتماء قبل وفوق كيانيهما المصطنعين ، وأيضاً فوق وقبل انتماءاتهما الدينية والطائفية والقبلية والعرقية . هذا ولم يكن ذلك الجهر بالإنتماء القومي العربي ليزعج حتى الكيانات العربية التي ولّدها ورعاها الإستعمار الإنجلو ـ فرنسي آنذاك تنفيذا لاتفاقية سايكس ـ بيكو ، ذلك أن دماء العروبة والإسلام كانت ماتزال تجري ساخنة في عروق أبناء هذه الكيانات الوليدة شعوبا وقيادات .

3. مع مرور الزمن وبفضل جهود الدول الإستعمارية ، ولا سيما إنجلترا وفرنسا ، شرعت تترسخ كيانات سايكس بيكو ، الهجينة وأخذ عنصر التمايز والتباين بين هذه الكيانات يغلب فيها على عنصر الوحدة واللحمة القومية والدينية ، ولا سيما بين الحكام من الملوك والسلاطين والأمراء والرؤساء والمشايخ و الذين باتوا اليوم أصحاب السمو والفخامة والجلالة والعظمة والسيادة ... الخ ( !! ) ، والذين أغرى المستعمر بعض أبنائهم ممن رضعوا من حليبه على التخلص من آبائهم بمختلف الأساليب غير العربية وغيرالاسلامية و غير الاخلاقية بما فيها القتل ( لاحاجة لذكر الأسماء فهي معروفة ) واستلام السلطة في كياناتهم الهجينة والهزيلة وبالتالي تنفيذ ورعاية المصالح الامبريالية المؤتمنين عليها في تلك الكيانات !! .

4. وبما أن لبنا ن ليس ــ واقع الحال ــ كيانا واحدا وإنما هو أربعة كيانات في كيان واحد ، فقد كان على الدول الإستعمارية أن تخلق أربعة رؤوس له في آن واحد ، وقد تم ترتيب وتوزيع هذه الرؤوس بين رئاسة الجمهورية
( الطائفة المارونية ) ورئاسة الوزراء ( الطائفة السنية ) ورئاسة المجلس النيابي ( الطائفة الشيعية ) ووزارة الدفاع
( الطائفة الدرزية ). إن هذه التشكيلة اللبنانية غير الطبيعية أدت مع مرور الزمن إلى ترسخ حالة الإنقسام الطائفي في لبنا ن وتحول بالتالي التنوع والتمايز المشروع والإيجابي إلى نوع من النار الكامنة تحت الرماد ، أو إلى نوع من الفتنة النائمة التي تنتظر من يوقظها .
إن الكاتب يعرف جيدا الطابع الجمالي و الخلاّق لتنوع أشكال وألوان واصطفافات الورود في بستان القطر الواحد والشعب الواحد والأمة الواحدة ، ولكنه يعرف ايضا الفارق النوعي الكبير بين الورد الطبيعي والورد الإصطناعي .
لقد كان لبنا ن بمثابة المنتدى القومي العربي في القرن العشرين ، ومطلوب من بستانيي لبنان اليوم ، إعادة الإعتبار لبستانيي لبنان الأمس الذين صاح شاعرهم من فوق جباله الراسخة والشامخة : " تنبهوا واستفيقوا أيها العرب "
أي إعادة الإعتبار لبيت الحكمة في بغداد ، ولدار الحكمة في القاهرة ، وأيضا وأيضا إعادة الروح والحياة لقلب العروبة الذي يوشك أن يتوقف عن النبض في دمشق .

5. منذ مطلع سبعينات القرن الماضي بدأ يتغير شكل ومضمون العلاقة بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية ، سواء داخل كل من سورية ولبنان ، أو بينهما ، وذلك إثر وصول حافظ الأسد وعساكره إلى سدة الحكم في سورية
( تحت ستار حزب البعث ) عام 1970 ومده الجسورالأيد يولوجية والاقتصادية والسياسية مع الطائفة الشيعية في لبنان ( بداية مع حركة أمل ونهاية مع حزب الله ) ، الأمر الذي معه انتقل الخلل السياسي والاجتماعي الذي أحدثه
نظام الأسد في سوريا إلى خلل مواز ومناظر ( وإن بشكل مختلف ) في الكيان اللبناني نفسه ، ولا سيما بعد دخول الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 بتفاهم وتواطؤ بين النظام السوري وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل آنذاك .، وذلك من أجل أن يضع حدّاً للحرب الأهلية التي أوشكت القوى الوطنية والتقدمية بقيادة كمال جنبلاط أن تحسمها لصالح إنهاء الإنقسام الطائفي الذي زرعه المستعمر في لبنان سايكس بيكو مع نهاية الحرب العالمية الأولى .
ولقد زاد طين هذ ا الخلل البنيوي السوري ـ اللبناني بلّه ، ظهور النظام الاسلامي الشيعي في طهران وتحالفه الاستراتيجي مع نظيره السوري في دمشق ، ومع الطائفة الشيعية في لبنان ، الأمر الذي أدّى إلى تعاظم دور العامل الخارجي في كل من سورية ولبنان وذلك على حساب دور العامل الداخلي في هذين القطرين العربيين ، وهو ما لمسه الناس لمس اليد بصدور القرارات الدولية المتتالية : القرار رقم 1559 ( تاريخ 2 /9 / 2004 ) المتعلق بضرورة خروج الجيش السوري من لبنان ، والقرار رقم 1701 ( ت 12 / 08 / 2006 ) المتعلق بقوات الفصل بين لبنان وإسرائيل ، والقرار رقم 1757 ت 30/ ماي / 2007 ) المتعلق بتشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري ،
وما نلمسه هذه الأيام أيضا لمس اليد في أزمة الرئاسة اللبنانية المستعصية على التوافق وبالتالي على الحل .

6. إن الكاتب يعرف الفرق بين العامل الخارجي العربي ، والعامل الخارجي الإسلامي ، والعامل الخارجي غير العربي وغير الإسلامي ، ولكنه يعرف أيضا ، أن أي نظام سياسي غير ديموقراطي ، أي لم يأت إلى السلطة على أكتاف الجماهير الشعبية وعبر انتخابات شفافة ونزيهة قائمة على العدالة والمساواة بين كافة أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن اختلافاتهم اللغوية والعرقية والجهوية والجنسية والدينية والطائفية والقبلية ، لايمكن أن يكون نظاما وطنيا
بحال من الأحوال سواء أ كان إسلامياً أو قومياً عربياً ، بل أكثر من هذا فإنه لايمكن أن يكون إلاّ نظاما تابعا لدولة أو دول قوية مادياً ومعنوياً ، تستطيع حمايته من شعبه الذي لم ينتخبه ولم يختره ، مقابل ان يقوم هو بحماية وتأمين مصالحها السياسية والاقتصادية في بلده !! . ومن المعروف والبيّن في هذه المسألة أن الدولة / الدول القوية القادرة على حماية مثل هذه الأنظمة الديكتاتورية ، غير الشرعية ، ولا سيما في الوطن العربي ، ( بسبب احتوائه على كل من النفط وإسرائيل في آن واحد ) هي بالضرورة الدول الرأسمالية ذات اليد والقدم العليا في النظام العالمي الجديد ، والتي سمح لها غياب الإتحاد السوفياتي أن تستنسر و تستأ سد في بلداننا على قاعدة ( غاب القط إلعب يافار ) .
إن العلاقة القائمة بين مثلث : النظام الشيعي في طهران ، والنظام الطائفي في دمشق ، وحزب الله الشيعي في لبنان ، لايمكن لعاقل أو تقدمي أن يفهمها إلاّ أنها تحالف ظاهره الاسلام والقومية العربية ، وباطنه الخواجات والامبريالية العالمية . وإلاّ فكيف يمكن أن يفهم المرء أو يفسر وقوف هذا المثلث ( الثوري ! ) ذي الألوان المتداخلة والمتقاربة ، ضد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في لبنان ، ومع تدخلها بل مع احتلالها للعراق ( !! ) . اللهم ساعدني على أن أفهم هذا اللغز المحيّر ! .

7. إن ما يرغب الكاتب أن يقوله في ختام هذه الموضوعات السوسيو ـ سياسية هو أن للصراع القائم منذ مدة طويلة في وحول القطر اللبناني الشقيق وجهين ، وجهاً ظاهرياً ووجهاً مستتراً . وبينما يتجسد الوجه الظاهر ـ من وجهة نظر أصحابه ــ في كونه صراعا بين : الحق والباطل ، الخير والشر ، التبعية والإستقلال ، أعداء إسرائيل وأنصارها ، المستقوين بالقوى الخارجية والمعولين ل على القوى الوطنية اللبنا نية و/ أو العربية و/ أو الإسلامية ، فإن الوجه الباطن لهذا الصراع إنما يتمثل ـ حسب اعتقادنا الشخصي ــ بوجود طرفين رئيسيين في هذه اللعبة الدولية الغامضة ، الطرف الأول هو الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، والطرف الثاني هو إيران وسورية . وبينما يمسك الطرف الأول بملف المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري ( والتي يصر النظام السوري على محاربتها ومحاولة وأدها في مهدها ) يمسك الطرف الثاني بالملف اللبناني ولا سيما سلاح حزب الله ونصاب الثلثين الضروري دستوريا لانتخاب رئيس ، توافقي للبنان .
هذا مع العلم أن لعبة شد الحبل التي نشاهدها يوميا بين الطرفين إنما تتعلق واقع الحال وحصرًا ، من جهة بملف إيران النووي ، ومن جهة ثانية بهضبة الجولان السورية المحتلة من قبل إسرائيل وبالتالي بضمان بقاء عائلة الأسد في السلطة في دمشق إلى ماشاء الله ، أما ماعدا ذلك ، وبالذات مايتعلق بالموقف الحقيقي لهذا المثلث الذي تمثل إيران قاعدته بينما يمثل كل من النظام السوري وحزب الله ضلعيه الآخرين من القضيتين الفلسطينية والعراقية ، فإن الكاتب لايتردد أن يقول بالفم الملآن " إنها كلمة حق يراد بها باطل " وهو يحيل القارئ الكريم إلى بيت شعر ذي مغزىً منهجي استشهد به صاحب تهافت الفلاسفة في أحد كتبه ألا وهو :
خذ ماتراه ودع شيئاً سمعت به في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل .

ــــ انتهــى ــــ

‏‏‏2007‏-12‏-23
د. محمد أحمد الزعبي





#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لرأي العام ومسرحية الإستفتاءات الصورية
- قراءة موضوعية لخطاب غير موضوعي
- التخلف والتقدم في البلدان النامية ؟ جدلية السبب والنتيجة
- نظرية المعرفة في ضوء علم الإجتماع
- حافظ الأسد ينتقل من حفر الباطن إلى المنطقة الخضراء


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أحمد الزعبي - الأزمة اللبنانية بين الظاهر والباطن