فنزويلا يجب على تشافيز أن ينصت إلى القاعدة وإلى القيادات العمالية والشعبية الحقيقية

ستالين بيريز بورخيس

الحوار المتمدن-العدد: 2168 - 2008 / 1 / 22 - 12:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

مقابلة مع ستالين بيريز بورخيس

في استجواب مع Aporrea حول نتائج استفتاء الأحد 2 ديسمبر 2007، استخلص المنسق الوطني للاتحاد الوطني للعمل، وناشر جريدة المد الطبقي والاشتراكي، ستالين بيريز بورخيص حصيلة أولية لما جرى. كما يعرض الاقتراحات التي نوقشت في قطاعه النقابي والعمالي: اقتراحات تمثل جزءا لا يتجزأ من الحوار الجاري على صعيد العمال والشعب المساند " للسيرورة البوليفارية".

- ما هي تأملاتكم الفكرية الأولى بصدد نتائج يوم الأحد؟

ستحاول المعارضة واليمين استعمال فوزهم لممارسة معارضة أعمق للسبرورة الثورية ولكل سعي إلى التقدم نحو الاشتراكية. فارق الأصوات ضئيل، لكن هذه النتيجة- المحققة بفارق قليل تمدهم مع ذلك بمزيد ثقة وتتيح لهم الاعتقاد بقدرتهم على الانتصار على تشافيز في مناسبات أخرى، بغاية الفوز وإنهاء السيرورة الثورية التي بدأت مند 1989 [ إشارة إلى كاراكازو: انتفاضة شعبية في فبراير1989 ضد السياسة التقشفية للاشتراكي- الديمقراطي كارلوس- اندريس بيريز] . سيسعى اليمين والمعارضة إلى الاستفادة من أزمة ممكنة في صفوف البوليفاريين أو التسبب في أزمة. لكن حتى إن كانت الانتقادات قد تؤدي إلى هكذا خطر، فإنه لا غنى لنا، نحن المنخرطون في هذه السيرورة، من صياغتها. إن موظفي كل من الحكومة و كوموندو زامورا [ من اسم احد القادة الثوريين للحرب الفيدرالية التي دامت من 1859 الى 1863، ويوجد على رأس هذه البنية التي قادت الحملة الانتخابية خورخي رودريغيز النائب الحالي للرئيس الفنزويلي] موضوع نقد حاد من قواعد الثورة، وافترض أنهم كذلك من طرف الرئيس تشافيز. كيفما كان الحال نرى ان العديد من المواطنين الذين لم يتورطوا في أي قطاع سلطة يتمنون مواصلة السيرورة الثورية وتعميقها. آمل أن تقوم قاعدة الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا [ حزب تأسس بمبادرة من تشافيز في ابريل 2007 وانضم إليه أعضاء المد الطبقي والاشتراكي بصفتهم تيارا سياسيا] والحركات الاجتماعية بتقديم اقتراحات كثيرة للخروج من هذا الوضع الصعب. أرى انه لا بد لتشافيز- الذي لاشك انه يفكر حاليا في ما العمل؟- من الإصغاء للقاعدة وللقيادات الحقيقية، التي يتعين عليها الاضطلاع بدور نشيط في انجاز تغيير عميق.

- لما تقولون إن كوموندو زامورا منتقد ؟

أسباب ذلك عديدة. ثمة من جهة كونه حافظ حتى آخر أيام الحملة على موقف مهلل بالفوز، وظل هذا الفريق بعيدا عن الوضع الفعلي الذي كان البلد يعيشه. هذا ما يحدث عندما تملك السلطات والأفراد حق سلطة القرار لكنهم لا يعبرون سوى عن محيطهم الخاصة، بدل التعبير عن المشاعر الفعلية للقاعدة، ويرمون إلى تعزيز مواقعهم. ومن جهة أخرى، لم تجر استشارة أي من المنظمات الاجتماعية الكبرى عند تشكيل كوماندو زامورا، أو لاحقا عند شروعه في العمل. ولم يجر الاستماع إلى القادة الحقيقيين للقاعدة الموجودين في الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا. وفيما يخص الحركة النقابية، على سبيل المثال، لم ُيدمج غير ممثلين اثنين للجبهة الاشتراكية البوليفارية للعمل، بينما تمثل هذه الفيدرالية التيار الأكثر عرضة للنقد والأكثر بيروقراطية. كان مستحيلا في تلك الشروط ضمان تنظيم جيد لحملة الاستفتاء، على نحو يجعلها تعبر فعلا عن أراء القاعدة ومشاعرها. كان كثيرون ممن كانوا على رأس حملة التصويت بنعم يتصرفون على نحو بيروقراطي، من علو وظائفهم، لدرجة تعذر عليهم إقناع قسم من قاعدة أنصار تشافيز ذاتها بالتصويت بالموافقة على إصلاح الدستور.

- ألا ترون أن مناضلي الحزب الاشتراكي الموحد قاموا أيضا بدور نشيط في الحملة؟

اعتقد ان أغلبية المناضلين انخرطوا فعلا في الحملة. وأنتهز فرصة سؤالكم لأحيي وأهنئ الناطقين باسم الحزب الاشتراكي الموحد، ومندوبيهم ومناضليه الصادقين الذي قدموا يوميا، خلال تلك الشهور، وبوجه خاص في طور الحملة الأخير، التضحيات من اجل فوز التصويت بنعم. شهدنا هذا بالبلد كله، وكان الأمر ايجابيا جدا. كنت في ملاحظتي السابقة أشير بالأحرى إلى أن كوموندو زامورا قطع، بمعنى ما، أجنحة نلك القوة وتلك القدرة على المبادرة لدى القاعدة، ولم يتح لها الانطلاق بكامل قدرتها. هكذا ابقوا ادوار التنظيم والقرار بأيدي شرائح ضيقة بالقمة، بينما في أسفل تكافح القاعدة دون ان تتاح لها القرارات ولا التدخل في سير الحملة. هذا ما لم يعد على ما يرام. ويجب بالأقل ان تنفع هزيمة يوم الأحد النكراء في فتح نقاش من اجل إحداث تغيير عميق. سينطلق مؤتمر الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا في 2008. يجب أن يصبح هذا الحدث مساحة ديمقراطية، تتيح للجميع حرية الإدلاء برأيه، والاقتراح وتجريب الخلافات. يجب ان يكون المندوبون والناطقون فاعلين حقيقيين في تنظيم هذا المؤتمر. هذا ما نقترح في تيار المد الطبقي الاشتراكي لتجنب تكرار ما جرى مع كوماندو زامورا.

- صرح تشافيز بوجوب مزيد من العمل، وأننا لم ننضج بعد للاشتراكية، وان اللحظة ربما غير مناسبة لاعتماد الإصلاح. ما رأيكم بهذا الصدد؟

يقوم تشافيز حاليا باستيعاب الهزيمة بنبل، ولا شك انه سيتوصل بكل أصناف النصيحة، حتى من طرف جماعات الضغط ومختلف مجموعات المصالح. فيما يخص الاشتراكية، لا يمكن ان نتجاهل أننا كنا أكثر من 4 مليون شخص من المصادقين بالتصويت بنعم. إنها كمية هامة وصلبة. لكن لا شك ان دعاية اليمين الإعلامية أقنعت قطاعا من القاعدة التشافيزية. وهذا ما يدل جيدا على ضعف قطاع لم يساند هو أيضا المقترحات التي تصب في اتجاه تركيز اكبر للسلطات بيد الرئيس. لقد دققنا ناقوس الخطر حول هذا الجانب في وثيقة عرضناها على الجمعية الوطنية. إن تعيين نواب الرئيس من قصر الرئاسة، ورفع نسبة الأصوات اللازمة للدعوة إلى مختلف الاستفتاءات، وبنود أخرى تسير في نفس الاتجاه، لم تُقنع. هذه المقترحات مدت حملة التصويت برفض إصلاح الدستور بحجج. أعود إلى موضوع الاشتراكية، اعتقد ان أسوأ ما يمكن أن نقترف هو اتهام الشعب بأنه غير مهيأ للاشتراكية. قرأت أمس في Aporrea ان مواطنا كتب :"غير المهيئين للاشتراكية هم الموظفون"، وانأ متفق تماما مع هذا التصريح. بإمكان الرئيس أن يشرح أهمية الاشتراكية طيلة اليوم، لكن الناس الشعبيين لن يفهموا الأمر على نحو مجرد. ثمة جملة كاملة من التناقضات أدت إلى نفاذ صبر قطاع هام من السكان ويأسهم من الذهاب إلى صناديق الاقتراع للتصويت على مقترحات الإصلاح. إنهم فعلا يسمعون الكلام عن الاشتراكية لكنهم يرون موظفين يجولون بسيارات Hummer [ سيارة رباعية الدفع مشتقة من الآلية العسكرية الأمريكية]، ويرون وزير العمل [خوسيه ريمون ريبيرو] وجهازه في التفتيش يضربون النقابيين غير المؤيدين لتيارهم، دون اكتراث بما يلحق ذلك من ضرر بمصالح العمال الجماعية، ويواصلون العيش في أحياء الصفيح، في الهشاشة ومحرومين من حليب الأطفال. أدى هذا كله إلى استياء قطاع وانتهى به الأمر إلى الامتناع عن الذهاب للتصويت على مقترحات الإصلاحات الدستورية، لا سيما أن ما من أحد فسر لهم ماذا يعني الأمر، و إذا أخذنا هذا بالحسبان لا يمكن استنتاج أنهم لن ينضموا إلى المشروع الاشتراكي.

- نتطرق إلى موضوع آخر، ماذا تقترحون أن ُيفعل بالتدابير الاجتماعية الواردة في مشروع الإصلاح؟

لقد بذلنا جهدا جبارا في حملة الدعوة للتصويت لصالح إصلاح الدستور. ونظمنا مهرجانا دوليا يوم 28 نوفمبر 2007، ناهيك عن جملة أنشطة أخرى في الأيام الأخيرة، مثل بلاغات صحفية وزيارات للمناطق، هذا كله لأننا كنا واعين بأهمية أوجه التقدم الاجتماعي المتضمنة في مشروع الإصلاح. والآن، نرى أنه من المهم جدا السير قدما في تجسيد أوجه التقدم الاجتماعي تلك، لأن الثورة أتاحت التقدم، وتظل ثمة جملة مشاكل اجتماعية تستدعي الحل والقاعدة تواقة إلى إجابات وحلول. إننا ندعو كافة العمال والعاملات، وكل الشعب الفقير بالبلد، إلى التعبئة معنا من اجل مطالب من قبيل يوم عمل من 6 ساعات، وتسوية الوضع القانوني لعمال القطاع اللاشكلي، أي دمجهم في نظام الحماية الاجتماعية، الخ، وتطبيق المنافع الاجتماعي بأثر رجعي، والمطالب المتعلقة بالسلطة الشعبية، وضمان السكن الأساسي للأسر، هذا على سبيل المثال. يمكن تطبيق هذه التدابير بواسطة القانون المقدم في يناير 2007 والذي يضفي طابع القانون على مراسيم الرئيس وذلك لفترة محددة في 18 شهرا، أو بطريقة أخرى تحظى بالدعم الشعبي. ولا يمكن ان نقبل بصدد هذه المسائل ما يقوم به اليمين من نسف. يسعى هذا اليمين حاليا إلى تقييد أيدي تشافيز- الذي لا يمكنه السماح بعرقلة فعله- أو إخضاع بعض تلك التدابير لموافقة ما من أرباب العمل، كما تقترح حاليا منظمة أرباب العمل Fedecamaras. ان منظمات اجتماعية، مثل منظمتنا، شرعت في نقاش هذه المسائل. يقترح البعض جمع توقيعات على نطاق واسع حول هذه المواضيع لمدها بسند شعبي. و يتعين ان نبحث جميعا عن السبيل، لكن يجب ان يكون الهدف المصادقة بالقانون على ما نحتاج من مكاسب اجتماعية وتطبيقها. ستظل بعض المشاكل عالقة، لكن لا يمكننا السماح بإبداء أي ضعف. لقد سبق الإقدام على الاستيلاء على الأغذية والحليب، وأشكال تخريب أخرى، وقد تتكاثر بقصد إضعاف السيرورة. يجب وقف ذلك بوضع المقاولات المستولية المحتكرة بين أيدي المجالس البلدية لأن حياة السكان وتغذيتهم أولوية.

-عودةً الى الحصيلة، كيف تلخصون الجواب على سؤال"ما العمل؟" حاليا؟

يجب في المقام الأول فتح نقاش معمق وواسع في القاعدة، نقاش يشارك فيه القادة الطبقيون والشعبيون، والناطقون باسم الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا ومندوبوه، والحركات الاجتماعية. أنا على يقين أن كل هذه القطاعات قادرة ان تعطي أفضل الحلول والمقترحات للنقاش مع الرئيس. شاهدت أمس النقاش بالجمعية الوطنية حيث قام حتى تاسكون [ لويس تاسكون، قائد سابق لأهم حزب سياسي داعم لتشافيز – حزب الجمهورية الخامسة الذي انضم إلى الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا، وقد طرد منه تاسكون في نوفمبر 2007] بالتنديد، عن حق، بواقع ان ثمة مطرودون ونخب سلطة بالحزب الاشتراكي الموحد. لكن يجب ألا يقتصر هذا النقاش على الجمعية الوطنية. لا بد من الوضوح، إن حصيلة قطاعات الدولة والحكومة المكلفة بالمهام والقرارات حصيلة سلبية وعليها مسؤولية جسيمة في الهزيمة الحاصلة وعليها ان تنصرف. الوزراء ، مثلا، هم الحلقة الأولى. يريد نقابيو القاعدة تغييرا عاجلا في وزارة العمل، لأنها أصل العديد من أشكال التعسف، منها حتى تعديات على نقابات أو تجاهل توجيهات صودق عليها بطريقة ديمقراطية. وكذلك شأن قطاعات أخرى. إننا نقترح إذن على كافة المواطنين الذين شاركوا بصدق وبكيفية حازمة في السيرورة الثورية المشاركة الجماعية في نقاش. يجب ان ننظم منتديات ونجمع اقتراحات، ثم نقدمها لتشافيز، الذي تقع عليه مسؤولية الإصغاء بانتباه. كما يتوجب علينا البقاء في الشارع للحصول على مكاسب جديدة والاستنفار بوجه أي محاولة من اليمين.

- ختاماً، ماذا عن الوضع النقابي؟ إننا نجتاز لحظة صعبة. فمن جهة يحاول وزير العمل و الجبهة الاشتراكية البوليفارية للعمل تصفية الاتحاد الوطني للعمل. ومن جهة أخرى لم تتمكن بعد القطاعات النقابية الفاعلة فيه من تنسيق اشتغالها ونشاطها. يجب ان نجتمع لإيجاد اتفاق يتيح للاتحاد الوطني للعمل الاشتغال وتنظيم انتخابات على وجه السرعة. وهذا واجبنا نحن بوجه خاص، أي القطاعات التي عملت بشكل موحد في يوليو/ تموز : تيارنا، و لجنة العمال الثوريين، والمربون البوليفاريون، والقطاعات النقابية للحزب الشيوعي، والاتحاد الوحدوي لعمال فنزويلا. إني أُلح على وجوب اتخاذنا لموقف يتيح انطلاقنا في السنة الجديدة مع عملية إعادة تنظيم، وشرعنة ووحدة نقابية بين كل القطاعات المنخرطة في السيرورة الثورية. سنشرع في تيار [المد الطبقي والاشتراكي] ومكونات التيار الطبقي والوحدوي والثوري والمستقل في دورة حوار مع كل تلك القطاعات من اجل تبادل الآراء حول تلك الأمور.

ترجمة عن الاسبانية مجلة الونكونتر السويسرية (12 ديسمبر 2007)

تعريب جريدة المناضل-ة

#ستالين_بيريز_بورخيس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات