أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم السراجي - قراءة نقدية















المزيد.....

قراءة نقدية


نجم السراجي

الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 07:27
المحور: الادب والفن
    


د. نجم السراجي ; قراءة في نص ـ براكين الشوق ـ للشاعر يوسف الديك

براكين الشوق :

يحملني الشوق إلى عينيك ..
وبحر الصمت .
تفزعني ...بين الأمواج الذكرى ..والهمسات .

أتفقّد ذاكرتي .
.أقرأ ما خبأتِ بها من سحرٍ ، صورٍ ..
ودموعٍ تسبقها الصرخات .

يا غائبةً منذ أدارت بين أصابعها قبضة تمّوز
رحى الحزن ..
وتمتمة الطيرعلى غصنٍ يتكسّر في ريح الأنّات .

عودي ..فهذا غيابك ...لا يوجعني / لكن ...
يقتل بي إحساسي بالوقت وبالوجع ..وبالأشياء
يدخلني في عبثِ ..مللٍ ..نمط مبتذلٍ ..وسوادِ العمر .
ولاجدوى اللحظات .

حين تعودين سأطفيء ذاكرتي ..وأضيء شموع القلب ..
وأصرخ ملتحفاً تعبي ، معتذراً عن كلّ الأحلام .

هناك ....على شرفات النافذة ..طويلاً كنتُ جلستْ
هنا ..في أرجاء النخبة ..وحدي ..أطفات سراجي ، وبكيتْ .
على صوت هديل حمامٍ سوف يجيء بعينيك ...على ذكرى عينيك غفوتْ .
ورسمتُ على الأرصفة الحبلى بخطى من مرّ من العشّاق الخجلِين ...
ذبالة قنديلٍ صمد بوجه الريح طويلاً .. حتى نضب الصبر ..ونفد الزيتْ .

استمعي .. هذا القلب " بصدري "
ذئبٌ يعوي في وحشةِ صحراءٍ خارج خارطة الكونْ .

أنين الشوق صخورٌ تتكسّر فوق ضلوعي ...
تنفجر براكينٌ لو عرفتها الأرض تبدّلَ أخضرُها ..
وتكشّفَ للعالم سرّ اللونْ . .

يا بنت السحب ..الغارقة وراء ضباب الكلمات ...
وتمتمة الغجر التعبين بفوضى الرقص
وبحّات زغاريدٍ ليالي العرس ..المتكرّر
لا يعنيهم في العرس سوى آنية الخمر ..وحجم الدفّ ..
ومناديلاً تتبادلها خصور الغنج ..
وأردافاً تكشف للحدّ المسموح من اللحم
بعرف الشيخ ومختار الحيّ
الغارق بين نساء لا يعرف عنهنّ
سوى ما نعرف عن قاتلنا المختبئ بازرار القمصان وشرشفنا الورديّ ..وقهوتنا المرّة .

سنسلسل قصّتنا للأجيال القادمة :
فمنذ انهزمت فرس الماء ، بكيت على رمل الشطآن ، أمام القرش رجوتك لا تنهزمي بوهم العيش المشترك فللقرد طقوس بين الأغصان ، وبعض الأعشاب البريّة تشبه عن بعد ثلاثة أقمارٍ زهر الرمّان ، وأمي ..ماتت من عبء الشوق ، وكمَد التحنان ، وبعض الشهداء يعودون على خطوات الليل ..وينسكبون مع الفجر بصوت واحد
نذهب للحرب لكي يتقاسم دمنا المسكونون بضيق الذات
ولكن /متنا كي تحيا الأوطانْ

سنشيّد حول القلب ليبقى في ظلّ جدار ،

وسنبني ما ينقص من حجراتٍ للحبّ ....ونغلق باب الدار .
زَمّار الحيّ حزينٌ لا يُطرب أحداً ...كغريبٍ في الحيّ بكى ...
فانهمر اللحن على الخدّين ليغسل دمع الزَمّار .


يا بنت أصيخي للنبض قليلاً ..
تكتشفين حقيقة كم أتنفسّ زنبقة في خدّيك
وأهرب من كل الناس ومني إليك ...واختزل فنون الموت المُبْكِرِ
يا دهشة روحي ..ماذا تبّقّى منّي ....سواكِ
ومن عمرى التافه غير هديلك ..حين أراكِ
حياتي زاخرة بالموت
وموتي /حياتي في عينيكِ ..وقرب خطاكِ
ما أوسع ثقب جراب الأيام بخاصرتي
ما أضيقها الأيام ..ونافذتي ...
وما أبعده لقاءُ شقيّ ..بـ ملاكْ .!!!!!


قراءة في نص ـ براكين الشوق ـ للشاعر يوسف الديك

الدكتور نجم السراجي
‏2007‏‏-‏08‏‏-‏24‏

يبدأ الشاعر يوسف الديك نصه ـ براكين الشوق ـ بمقدمة موفقة تحمل تقنية شعرية عالية يدخل من خلالها في أجواء نفسية متميزة فيقول :
ـــ يحملني الشوق إلى عينيك ..
وبحر الصمت ـ
عادة ما يحمل المرء الشوق في قلبه ، دواخله ، أعماقه ، حواسه ، جوانحه ، لكن الشاعر هنا جعل الشوق هو الذي يحمله ، يطير به الى عينيها وبحر الصمت وهذه التفاته تحسب للنص . خصوصا وانه أضفى صفة الصمت إلى البحر ، وهذا التزاوج المميز بينهما والذي يربطهما بعدة صفات منها الهدوء والجمال والغضب والتأمل وحالة التمرد والاحتجاج والثورة وتحت الصمت بركان وتحت البحر بركان هذان المتلازمان ـ الصمت والبحرـ يشتركان أيضا مع حالة الشاعر النفسية والاجتماعية والسياسية في المواقف والتمرد والاحتجاج والجمال والهدوء وأيضا في البركان كما توضحه المشاهد القادمة ، فهو ومن الناحية النفسية يعلم مسبقا ً ان هناك شوقا وصمتا وبحرا وحالة فزع أيضا وهناك الأمواج والذكرى وحتى الهمسات هنا يضعها في حالة ريب فهي تخيفه لأنه يربطها بأمواج الذاكرة الهادرة وما تخبئه من سحر ، دموع ، صرخات ، صور ، والصور هنا تعكس تجليات الأحداث اليومية وإفرازاتها وانعكاساتها واسقاطاتها على النفس وعلى حالة العود إلى الطفولة ، إلى رجل يحمل بيتا ً وذكريات ً ورجلا ً عجوزا ً أقعده الكبر وشجرة زيتون قدسية مباركة على ظهره ويرحل مطرودا ً إلى ـ الخيام ـ تسبقه دمعة وعتب وغضب وثأر وأمل محفوف بالآلام والأحزان ورحاها وقبضة تموز وتمتمة الطير على غصن يتكسر فيقول الشاعر :
ــــ تفزعني ...بين الأمواج الذكرى ..والهمسات .
أتفقّد ذاكرتي .
.أقرأ ما خبأتِ بها من سحرٍ ، صورٍ ..
ودموعٍ تسبقها الصرخات ـــــ
يا غائبةً منذ أدارت بين أصابعها قبضة تمّوز
رحى الحزن ..
وتمتمة الطير على غصنٍ يتكسّر في ريح الأنّات ـــــــ

أتوقف هنا قليلا عند كلمة ـ تمتمة الطير ـ التي ربطها الشاعر هنا بتكسر الغصن وهو ربط موفق يدل على وعي ودراية فالتمتمة هي صوت الشفة غير المسموع أو غير المفهوم وهي الصراخ الصامت الصادر من عمق غصن يتكسر .
ثم يجر النص الى حالة الحزن الداخلي ويعبر عنه بالذئب الذي يعوي في قلبه وفي صدره الذي يصفه كوحشة صحراء وانين يتكسر فوق ضلوعه فيقول :
ــ استمعي .. هذا القلب " بصدري "
ذئبٌ يعوي في وحشةِ صحراءٍ خارج خارطة الكونْ ـــــــ
وينتقل الشاعر بشكل واضح الى حالة التمرد والمطالبة ليخرج من حالته النفسية التي تأرجحت بين القلق والحزن والخوف والانكسار والتخندق في في عالم الذاكرة وما تخزنه من آلام وذكريات وأحداث وحالة الاحتجاج في مختلف أشكاله ، السياسي ، الاجتماعي ، السلطوي ، العرفي وغيرها ويقول :
ـــ يا بنت السحب ..الغارقة وراء ضباب الكلمات ...
وتمتمة الغجر التعبين بفوضى الرقص
وبحّات زغاريدٍ ليالي العرس ..المتكرّر
لا يعنيهم في العرس سوى آنية الخمر ..وحجم الدفّ ..
ومناديلاً تتبادلها خصور الغنج ..
وأردافاً تكشف للحدّ المسموح من اللحم
بعرف الشيخ ومختار الحيّ
الغارق بين نساء لا يعرف عنهنّ
سوى ما نعرف عن قاتلنا المختبئ بازرار القمصان وشرشفنا الورديّ ..وقهوتنا المرّة ــــ
ولا يكتفي الشاعر هنا بالاحتجاج بل لجأ الى حالة ـ التدوين على شكل قصص مسلسلة وليس على شكل مقالات ـ وهي التفاته بالغة الذكاء إذ أن تدوين المقالات في الصحف أو عرضها على القارئ من خلال المذياع أو التلفاز له تأثير مؤقت على المتلقي وسوف يحفظ على الرفوف في السراديب على هيئة ـ أرشيف ـ أما التدوين القصصي او الشعري أو التشكيلي فانه يحفظ في القلوب على شكل ـ أسطورة ـ او مجاميع ودواوين قصصية وشعرية في البيوت والأسواق وتتداولها الأجيال .
ودون الشاعر للأجيال في هذا النص مفاهيم خطرة للغاية :
ـ الهزيمة ، البكاء ، الوهم ، الأم ، الشهداء الذين يعودون على خطوات الليل ..وينسكبون مع الفجر بصوت واحد :
ــ لم نذهب للحرب لكي يتقاسم دمنا المسكونون بضيق الذات]
ولكن /متنا كي تحيا الأوطانْ ــ
يستحضرني هنا الشاعر المتمرد الرائع ـ عدنان الصائغ ويقول :

للفارس في الحفل
وسام النصر
وللقتلى في الميدان
غبارُ التصفيق
وللفرس في الإسطبل
سطلٌ من شعير

* * *
كم صخرة
تحتاج الأرض
لتكتم صراخَ شهدائها
حين يمرُّ على أديمها القتلة
وفي نهاية النص يعود الشاعر إلى ـ المخاطبة ـ هي ـ البنت ـ الحبيبة ـ الأم ـ الوطن ـ الأمل ـ الثقة بالنفس ـ الضمير ـ الموقف ـ ويوظف الشاعر المتألق يوسف الديك هذه المصطلحات كمسك ختام لنصه المتميز الملحمي وكملاذ ثابت آمن يلتجأ إليه .
شكرا أخي الشاعر يوسف الديك على هذا النص المتميز الذي أمتعني وحلق بي في فضاءات متنوعة

تحياتي واحترامي
الدكتور نجم السراجي
النمسا ‏2007‏‏-‏08‏‏-‏24‏



#نجم_السراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم السراجي - قراءة نقدية