أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - البرلمان المغربي في قفص الاتهام















المزيد.....

البرلمان المغربي في قفص الاتهام


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 671 - 2003 / 12 / 3 - 05:38
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


البرلمان المغربي، بغرفتيه أثار انتباه الجميع  بالمغرب في الآونة الأخيرة، سواء تعلق الأمر بالزيادة في تعويضات البرلمانيين التي تذمر لها الرأي العام عموما، اعتبارا للملابسات و الشبوهات الكثيرة المرتبطة بهذه الزيادة، أو  تعلق الأمر بظاهر النواب الرحل، و التي يعتبرها الرأي  العام بمثابة استهتار  بالثقة التي وضعها فيهم المنتخبين و بمثابة اغتيال المسار الديموقراطي بالبلاد الذي مازال  في المرحلة الأولى للحبو بالمغرب.

و في هذا الخضم، أعلن وزير العدل على نية النيابة العامة للانكباب على ملف البرلمانيين الرحل الذين ينتقلون من فرقهم (وبالتالي من الأحزاب التي انتخبوا بانتمائهم إليها) إلى فرق أخرى. و هذا يبين بجلاء أن البرلمان المغربي- مثله مثل المجتمع  عموما – مازالت تنخره الرشوة و البيع و الشراء في الذمم و المكر السياسي الرخيص و المقيت. فماذا يمكن الانتظار من مؤسسة تعتبر تقريرية في مجال القوانين و مجال السياسة العامة للدولة و مستقبل البلاد، و هي على هذا الحال؟ كما أنه ماذا يمكن انتظار من نواب يغيرون فرقهم  و قناعا تهم إذا كانت لهم قناعات بمقابل مادي، أليست هذه من أبهى صور الخيانة على أكثر من مستوى،  خيانة مهمة النائب، و خيانة البلاد و خيانة المواطنين الذين منحوه ثقتهم و خيانة للحزب المانح تزكيتهم، لاسيما و أن هؤلاء الرحل انتخبوا على أساس برنامج، أو أنه من المفروض أنهم انتخبوا على هدا الأساس. فهل هده هي الديموقراطية التي ناضل من أجلها المغاربة، ة منهم من قضى نحبه في المعتقلات السرية من أجل دلك على امتداد أكثر من جيل؟
و حسب الاحصائيات المتوفرة فان هده الحالة  تهم ما يناهز 80 برلمانيا تقريبا 45 نائبا (في الغرة الأولى) و 35 مستشارا (في الغرفة الثانية)، و هدا رقم يدعو إلى التساؤل حول قواعد اللعبة السياسية و آلياتها بالمغرب، و حتى حزب الأغلبية و الذي يعتبر من أقدم الأحزاب المغربية (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) لم يبج من هدا الداء المقيت، داء الترحال الذي دأب  المغاربة  على نعته بتغيير المعطف. و بدلك يكون هدا الداء المقيت طال كل الأحزاب السياسية المغربية، و التي مهمتها حسب الدستور تأطير المواطنين لتفعيل آليات اللعبة السياسية بالبلاد. فكيف و الحالة هده يمكن للمغاربة، عموم المغاربة أن يثقوا في مؤسسة البرلمان و يحترمونها و يقتنعون بما تقرره من أمور؟ و رغم أن هده المؤسسة على هدا الحال، قررت الحكومة زيادة تعويضات أعضائها، رغما عن المغاربة و بدون موافقتهم، بت و حتى دون استشارتهم، فهل هدا أمر يقبله عقل سليم؟

كما أنه ألا يعتبر تصريح وزير العدل بمثابة طعنا واضحا في مصداقية المؤسسة التشريعية المغربية، ينضاف  الى ما يعتقده أغلب المغاربة فيها؟

و الطامة الكبرى هي أن بعض البرلمانيين لازالوا يدافعون على هده  الظاهرة، رغم علمهم علم اليقين، أنها ظاهرة مرتكزة بالأساس على البيع و الشراء و الرشوة و ليس على تغيير قناعات سياسية أو مذهبية أو إيديولوجية.

و علاوة  هدا و داك، فهل فعلا  ستمضي الحكومة بخصوص هدا الملف إلى مداه، أم أنها ستتراجع في التحقيق و يحفظ الملف كأن شيئا لم  يكن، أو أن الزوبعة ستنتهي بالتصريح أنه لم يكن من الممكن إثبات أي شيء و انتهى الأمر؟

فلا يخفى على أحد أن ترحال البرلمانيين من حزب لآخر يعد على الأقل من الناحية الأخلاقية خيانة للعهد و هي من الناحية المبدئية خيانة لمبادئ الحزب و أهدافه التي تم الترشيح للدفع عنها، و هو علاوة على هدا وداك إدانة للحزبين معا، الحزب الأصلي الذي ترشح الرحالة في إطاره و الحزب الذي استقبله. و ادا كان هدا يدل على شيء فانه يدل على أن الأحزاب المغربية أضحت تقبل  في صفوفها و ترشح باسمها كل من هب و دب لدوافع انتهازية رخيصة و أحيانا كثيرة مقيتة، كما يدل على أن بعض الأحزاب المغربية تمنح تزكيتها بمقابل مالي.

و في نظر القانون – الذي يعتبر أن الكل سواء أمامه- فان ظاهرة الترحال بمقابل هي رشوة و ارتشاء و نصب على المواطنين  ادا وقع اتباتا . و هكذا، و اعتبارا للقانون الذي يعلو و لا يعلا عليه، فان الأحزاب المعنية تعتبر مشاركة في هده الجريمة. و لعل المادة 129 من القانون الجنائي و المتعلقة بجريمتي الرشوة و النصب واضحة في هدا المجال.

و في حالة البرلمانيين الرحل بمقابل تتضح بجلاء أركان الجريمة من مساس بمصلحة الغير (الناخبين و الأحزاب) و من منفعة مالية (المقابل الذي على أساسه تم تغيير المعطف). إلا أنه تبقى القاعدة العامة في هدا  المضمار أنه لا يمكن أن يفلت أحد ارتكب جريمة من العقاب كيفما كان مركزه و صيته و مهما كان منصبه و موقعه و سلطته، لأن الكل سواء أمام القانون. علما أنه لا مناص من احترام القانون في مختلف المراحل  من بحث و تحقيق و متابعة و محاكمة عادلة و احترام قواعد الإثبات.

و يعتبر البعض أن الحل لا يكمن في المتابعة القضائية لأنها ادا تمت فيمكنها أن تسقط رؤوسا لكنها لن من الداء شيئا. و الحل الحقيقي ، حسب هؤلاء، يجب أن يكون حلا سياسيا، و هو بيد الأحزاب قبل غيرها عبر رفع من مستواها و عبر تكريس الشفافية و الديموقراطية داخلها و احترام الضوابط لتصبح فعلا أحزابا حقيقية و ليس وكالات للانتخابات و الانقضاض الانتهازي على الفرص من أجل خدمة  المصالح الذاتية أو الفئوية الضيقة. و لن  يكف هدا لأنه من اللازم كذلك النظر من جديد في إصلاح قوانين الانتخابات لأن  نواقصها الكثيرة تسمح هي كذلك ببروز ظاهرة الترحال و الخيانات المرتبطة بها.

و الرشوة و شراء الذمم هي ظاهرة بارزة في الركح السياسي المغربي، و هدا بشهادة الجميع. فقد تمت في الانتخابات الأخيرة عمليات يبع و شراء الضمائر و الأصوات، و هدا ليس خاف على أحد، أراد من أراد و كره من كره. إلا أنه في هدا الصدد قيل أن الجهل و الفقر شجعا على دلك. لكن نفس الشيء تم استعماله لانتخاب عمداء المدن و رؤساء المجالس و انتخاب المستشارين المحليين للغرفة الأولى و الغرفة الثانية حيث كان الشارع المغربي يعرف حتى المبالغ المقترحة.

و في هدا الصدد أنجزت جمعية ترانسبرنسي (الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة) تقريرا جاء فيه أن مختلف المؤشرات لا تدعو إلى التفاؤل رغم أن الجميع يتحدث عن مخاطر الرشوة على المجتمع، لأن الرشوة مستشرية في جميع القطاعات دون استثناء بما فيها مؤسسات القضاء و ممثلي الأمة، و هي مؤسسات  معنية مباشرة قبل غيرها، بحماية مصالح المواطنين و الدفاع عنهم، و كلما توجهت الاتهامات إلى هده المؤسسات فان مؤشر الخطر يرتفع.

و ليس خاف على أحد أن تخليق الحياة السياسية و الانتخابات تعتبر المدخل للإصلاح، لاسيما و أن ما حدث في الانتخابات من شراء و بيع الذمم و في البرلمان من ترحال و تغيير المعاطف، و بعض هده الحالات وصلت إلى درجة الخيانة المفضوحة، و في  عملية انتخاب ثلث مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) و الخروقات التي طالته. كلها أضحت بارزة و بامتياز و يعلمها الجميع، بما في دلك وزارة الداخلية التي لا تخفى عليها خفية بالمغرب. و كذلك في علم النيابة العامة. إن  الأمر كان واضحا بجلاء، الرشوة الانتخابية فعلت فعلها في الانتخابات التي عرفها المغرب مؤخرا. و الأولى بالحكومة ليس الانكباب على ملف الترحال و تغيير المعاطف بمقابل  بالبرلمان و إنما كان عليها إجراء بحث على مختلف الجرائم المرتبطة بالانتخابات أو ما يمكن إطلاق عليه " الجرائم في حق الديموقراطية بالمغرب"، و دلك ليس بحثا على خبط دعائية أو تلميع الصورة، و إنما فقط من أجل تفعيل و إعمال القانون الذي من المفروض أن يطبق على الجميع، و لو كانت الأمور قد تمت بهده الطرية لما استغرب أحد، و لو ثاق الجميع في أن الحكومة عازمة فعلا على تخليق الحياة السياسية بالمغرب. فما على الحكومة في الواقع إلا تطبيق القانون بكل فروعه و ضماناته الدستورية من حيث التأكد  من حالة التلبس و من وقوع الأفعال الجرمية، و آنذاك لن يلومها  أحد. أما و أن تكون ممارستها مناسباتية أو ظرفية أو اعتمادا على حسابات، فهدا ما يدعو إلى الشك و الريبة، خصوصا و أن الأمر يتعلق بإرادة الجماهير و بمستقبل البلاد.

و في هدا الصدد تجب الإشارة إلى أن البرلمان سبق له أن اقترح بنودا في قانونه التنظيمي تمنع انتقال البرلمانيين من فريق لآخر اعتبارا لتنافي هدا الفعل مع الأخلاق السياسية و ارتباطه بالمكر السياسي، إلا أن المجلس الدستوري أقر بحرية تنقل البرلمانيين من فريق لآخر وفقا لمبدأ الضمانات الدستورية. و الآن هناك جملة من البرلمانيين الدين غيروا معاطفهم بمقابل يستندون على هدا المقرر لتبرير ما فعلوه، و هدا ما اعتبره البعض بمثابة  عدم احترام إرادة الجماهير و انتظاراتهم. فهل تنقل البرلمانيين و تغيير معاطفهم بمقابل و غض الطرف على المضاربات في المناصب أضحت ممارسة مدعمة دستوريا بالمغرب؟ و ادا كان الأمر كذلك ألا يدعو هدا إلى التفكير في إصلاح دستوري لسد  التغراث؟

و علاوة على هدا و داك فان المنطق يؤدي إلى اعتبار أن البرلماني الذي ينتقل من فريق إلى آخر بدون تبرير سياسي يعني بكل بساطة أنه تعبير على استقالة من البرلمان و بالتالي يتحتم عليه العودة إلى ناخبيه الدين وضعوا فيه الثقة عندما ترشح باسم حزب معين، لمعرفة موقفهم بصدد تغيير معطفه، فادا وافقوه ظل بمنصبه و إن عارضوه اعتبر مستقيلا نهائيا. و هدا فعلا ما دعا إليه بعض المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب لأن تغيير المعطف بناء على دوافع مادية يفتقد إلى مبررات سياسية مشروعة دستوريا. و يزيد الطين بلة ادا علمنا أن حتى الإجراءات التنظيمية المنصوص عليها في النظام التنظيمي للبرلمان لا تحترم في هدا المجال، و هي التي تنص على أنه في حالة الانتقال من فريق لآخر، على البرلماني المعني تقديم استقالته من الفريق الأول وتنشر استقالته في الجريدة الرسمية، و لن تصبح نهائية إلا بعد مرور 8 أيام بعد النشر.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بداية تجربة تدريس الأمازيغية بالمغرب
- لازال قانون مكافحة الارهاب يسقط رؤوس الصحافيين
- لازالت الصحافة المغربية في محنة اقتياد صحافي آخر إلى وراء ال ...
- الجماعات المحلية و تسيير الشأن العام بالمغرب التدبير المنتدب ...
- ضريبة الجرأة الصحافية
- الجماعات المحلية و تسيير الشأن العام بالمغرب - التدبير المنت ...
- النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقةالأخيرة
- الإصلاح الدستوري شرط أساسي للتحديث الفعلي
- النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 3
- النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 2
- النظام و المسألة الدينية بالمغرب - الحلقة 1
- كيف يرى الدكتور المهدي المنجرة مغرب 2020
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة الأخيرة
- الحوار نهج يفتح الأبواب و لا يصدها
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 26
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 25
- أحزاب تحول دون استكمال الانتقال الديقراطي
- زيادة تعويضات النواب بالمغرب قرار حكومي يتذمر له الرأي العام
- محاكمات الإرهاب بالمغرب - الحلقة 24
- تنحي عبد الرحمان اليوسفي ليس في مستوى مساره الطويل


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - البرلمان المغربي في قفص الاتهام