أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد العزيز الهدّاج - نحن مجتمع قبلي كنا وما زلنا ... هل تغّير شيء؟















المزيد.....

نحن مجتمع قبلي كنا وما زلنا ... هل تغّير شيء؟


عبد العزيز الهدّاج

الحوار المتمدن-العدد: 2156 - 2008 / 1 / 10 - 11:02
المحور: المجتمع المدني
    


لا أدري لمَ البعض علت أصواتهم استنكارا لمظاهر القبلية التي طفحت أخيراً من خلال الاحتفاء الطارئ بشعر النبط ومزاين الإبل وما في بابهما؟!.

شعب الجزيرة العربية هو هو لم يتغيّر ولم يغيّر من ثقافته القبلية الصحراوية البدائية وكل ما طرأ بعد اكتشاف النفط من مظاهر مدنية ليست أكثر من قشرة رقيقة تغلف الحقيقة المرّة ألا وهي تلك الثقافة القبلية البدائية.

الإسلام وهو فعل حضاري تنويري لم يستقر في الجزيرة العربية الوقت الكافي الذي يمكنه من تحويل الثقافة القبلية إلى ثقافة مدنية، إذ بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه في سنة 35هـ أنتقل الفعل المدني الإسلامي إلى الشام والعراق، وبقيت فيافي الجزيرة العربية تحكم من قبل شيوخ القبائل وبأعراف قبلية، أما الدين فلم يبقى منه إلا ما يتوافق ونلك الأعراف، وتأثيره الإيجابي أقتصر على ثقافة أشخاص دون ثقافة القبيلة..

لن أسرد تاريخ جزيرة العرب بدءاً من مقتل عثمان وإلى أن قامت الدولة السعودية الثالثة، ففي تلك الحقب لم يطرأ على ثقافة سكان الصحراء أي تغيير ذو شأن يستدعي سرداً تاريخياً ؛ كل ما في الأمر: قبائل تتصارع مع بعضها البعض حول المراعي وموارد المياه وتتفاخر بلأنساب والمنعة والشجاعة ولوك أمجاد الأجداد و هو دأبها منذ خلقت، أما الدين فلم يتمكن لكي يترك أثراً إيجابياً على تلكم الثقافة.

في أوائل القرن الرابع عشر الهجري نهض الملك عبد العزيز ابن سعود رحمه الله ليسترد ملك أجداده بمعاونة شيوخ قبائل الجزيرة، وبعد اكتمال مهمته أنفرد بالحكم كشيخ قبيلة، فأدنى شيوخ القبائل الذين أدانوا له بالولاء وأقرهم على مشيختهم، و صفى أولئك الذين أرادوا أن يشاطروه ملكه، وقد تمكن من القضاء على تلك الصراعات القبلية بالقوة تارة وبالمصالحة تارات أخرى، ومضت الأمور على هذه الوتيرة إلى يومنا هذا.
نظام حكم مستبد وقبلية في حالة كمون.

صحيح أن استدعاء الدين كان ذريعة لتأسيس الدولة السعودية الأولى ولكنه لم يكن أبداً ذريعة لتأسيس الدولة السعودية الثالثة، فالملك عبدالعزيز طيب الله ثراه استعاد بالقوة ما يراه حقاً مكتسباً لأسرته في حكم الجزيرة العربية، وهذا ما دعاه إلى تصفية من لا يرون له هذا الحق بالمطلق " معركة السبلة" .

وبمواصفات خاصة " قبلية" استدعي الدين فيما بعد لصد الزحف القومي والشيوعي ومن ثم الزحف الشيعي، ولكن الدين لم يستدعى قط لإجتثاث الثقافة القبلية أو على الأقل تهذيبها، بل حور ليتواءم مع تلكم الثقافة، مما أظهره بالمظهر العدواني المنغلق الصاد لكل مد حضاري.
في أيامنا هذه ما أحوج السياسي إلى إعادة مارد الدين إلى قمقمه، ولكن من الخطل الإستعاضة عنه بالقبلية.
ولا شك أن هناك أساليب أخرى أحكم وأجدى لمواصلة مسيرتنا الحياتية، ليس من بينها العبث بالدين أو بعث القبلية.

اليوم كل قبيلة لها شيخها ومناطق نفوذها، ويمثل البدو في كل قبيلة غالبية أبنائها، ولا يعني أن سكنى بعضهم القرى والمدن تخللّيهم عن بداوتهم وقبليتهم، كما أن التعليم النظامي المعمول به لم يساعد على تمدين المجتمع، بل أنه حينما أدلج دينياً اعتمدت تلك الأدلجة على الفقه القبلي " البدوي" أي الخاضع للعادات والتقاليد القبلية.

والتكتل القبلي ليس شر محض فيما لو هُذبت ثقافته، فالقبلية من طبيعتها صدق الانتماء للأرض وبذل الوسع في الذود عن حياض الوطن إذا ما دعت الحاجة، وهي أمنع حصون الأوطان ضد الغزاة، ولكن أن نستثمر القبيلة من جوانبها السلبية، هذا فيه تجذيراً لحالة التخلف التي نعيشها اليوم، فبيوت الشعر ومهنة الرعي و قرض شعر النبط والتغني بأمجاد القبيلة الغابرة، أمور ينبغي تجاوزها في القرن الواحد والعشرين، فالعالم ينتظر منا أن نشارك في بناء الحضارة الإنسانية ولو بجهد المقل، لا أن نضل عالة على المجتمع البشري ننتج مالا يحتاج ونستهلك ما لا ننتج.

النظام السعودي ظاهر الحرص على بقاء القبلية والأدلجة الدينية فلا بد له من الاتكاء على واحدٍ منهما، فالذي يتقدم للإتحاق بالقطاعات العسكرية، يطلب منه ذكر اسم القبيلة والفخذ، وفي القضاء يستحيل أن تجد قاضي من حضر الحجاز يعمل في محاكم نجد .
إن استنكار مظاهر القبلية أو الطائفية في المملكة، هو استنكار للواقع الفعلي الذي هي عليه ثقافة المجتمع، فالمظاهر أمرها سهل ولكن إذا كانت هذه المظاهر تجسد الحقيقة بكل أبعادها، هنا يحتاج الأمر إلى قرارات سياسية واضحة وصريحة وحاسمة وحازمة تعالج الجذور لا استنكار المظاهر من قبل الفئات المثقفة والتي لن يجدي استنكارها نفعاً.

البداوة أصل في الجزيرة العربية وجذرها القبيلة، كانت وما زالت وسوف تضل موجودة، فلحكومة لم تشاء تمدين المجتمع على مدى سبعين عاماً من الاستقرار والمكنة، لأن احتمال الحاجة إلى دعم القبيلة لا زال هاجساً مسيطراً على مخيلة صانع القرار السياسي.
ولعله لا يخفى على البعض قوة الأواصر التي نربط رموز الأسرة المالكة بشيوخ القبائل العربية، سواء ً في الداخل أو الخارج، في العراق والشام واليمن ودول الخليج، فهذا سمو ولي العهد زار بالأمس ديوانيات قبلية في الكويت، ولم يزر جامعة الكويت على سبيل المثال.

القبيلة بقضها وقضيضها لا زالت ثقافتها كما كانت عليه في جزيرة العرب منذ عهد ربيعة وتغلب، فهي كامنة كموناً متوثباً جاهزاً للحراك في أية لحظة، ولا يستبعد أن دعوة نائب السفير الأمريكي إلى زيارة تجمع قبلي قبل أيام، ليس إلا من أجل الإيحاء له ولغيره بأن المجتمع السعودي لا زال غارقاً إلى أذنيه بالقبلية البدائية والذي معها لا يمكن تفعيل أي عمل ديمقراطي حضاري دون حدوث ردود أفعال خطيرة.

حين يرى نائب السفير الأمريكي تجمعاً بشرياً لقبيلة واحدة بهذه الكثافة ولأسباب ليست ذات أهمية، من المؤكد أنه سوف يأخذ صورة مغايرة تماماً لمّ يمكن أن سبق وفهمه من خلال النخب المثقفة.

الشيء المؤكد أن تسليط الضوء أخيراً على الجانب الإيديولوجي القبلي ليس إلا إيذاناً بقرب إسدال الستار على جانب الإيديولوجي الديني، والذي احترقت جل كروته بيد النظام على المستوى الخارجي وهي بطور الاحتراق على المستوى المحلي، وقبل أن يترك الديني فراغاً قد يفت بعضد النظام أضحى الخيار المتاح والأنسب له هو سد الفراغ بأيديولوجينا القبلية وهو أمر أيسر من المتيسر.

في شارة طريفة لمعت من خلال هذا الصخب القبلي، منع داعية صحوي من الوعظ في أحد التجمعات القبلية، ولم يحاول التيار الديني الصحوي التصعيد وهو المنتظر منه، ولا شك أن السبب يعود إلى أن أي تصعيد قد يعود عليه بالوبال، ذلك أن التوجه العام اليوم لدى الغالبية الفاعلة في المجتمع هو التوجه القبلي، و أقصد بالغالبية الفاعلة شريحة الشباب، أكثر المتحمسين لبعث أمجاد القبيلة هم من هذه الشريحة التي طال ما استغلها الديني في تمرير أجندته.

عموماً الشعب السعودي لعله دخل في دوامة أخرى، وهي وإن لم يكن لها تأثيرات سلبية على الأمن الاجتماعي، إلا أنها سوف تعيدنا إلى ما كنا عليه قبل مئة عام وذلك على كل حال أهون الشرّين، فدوامة الصحوة كانت قد جرجرتنا إلى ما كنا عليه قبل سبعمائة عام، وكلها جرجرة إلى الخلف والله المستعان...سلام.



#عبد_العزيز_الهدّاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الصومال يطلب إنهاء عمل بعثة سياسية للأمم المتحدة
- منظمة العفو الدولية: الحكومات التي تمد إسرائيل بالسلاح تنتهك ...
- رابطة العالم الإسلامي تدين الاعتداء على مقر الأونروا في القد ...
- الاحتلال ينفّذ حملة اقتحامات واعتقالات بالضفة ويخلف إصابات
- الأونروا: 80 ألف شخص فروا من رفح خلال 3 أيام
- هيومن رايتس ووتش تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية ...
- الأمم المتحدة: 80 ألف شخص فروا من رفح منذ كثفت إسرائيل عمليا ...
- بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد ...
- الأونروا: لن نتمكن من إيصال المواد الغذائية لأهل غزة غدا بسب ...
- ماسك: انتخابات 2024 قد تكون الأخيرة بالنسبة للأمريكيين بسبب ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد العزيز الهدّاج - نحن مجتمع قبلي كنا وما زلنا ... هل تغّير شيء؟