أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل وداي الجبوري - قراءة في سيرة فوز رواية رقصة الطائر المذبوح















المزيد.....

قراءة في سيرة فوز رواية رقصة الطائر المذبوح


نبيل وداي الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2134 - 2007 / 12 / 19 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


لهفي على العباس اطاح براسه ضربُ العمد
لو كان سيفــُك في يمينك مادنا منك احد .


ليس غريبا ان يفوز روائي موهوب بجائزة عربية مهمة ولكن الغريب ان يتم التكتيم على هذ الفوز لعدة سنوات ريثما تتهيا الظروف المناسبة ... في عام 2001 فاز حسن قاسم بجائزة الشارقة للابداع العربي في مجال الرواية عن روايته رقصة الطائر المذبوح ... ومن هذا الفوز بدات رحلة الخوف التي نغصت ايام الروائي.. فالرواية كانت فضحا لخبايا الجورالعميق الذي القى بكل فضاضته على الانسان العراقي في مرحلة نظام صدام حسين وكان النظام مازال قويا قادرا على البطش ولم يكن هناك ثمة من مأمن لكاتب كل جريرته ان وثّق لمرحلة تشكل هرسا لكل ماهو انساني وشفاف ..كانت الرواية ماتزال خارج الحدود في الامارات وكان يمكن ان تؤدي الكتابة عنها الى لفت انتباه الشرطي الثقافي الذي كان يستلذ باطعام المثقفين الى تنور الغياب كيف يمكن ان اكتب عنها كنا في حوار دائب انا والصديق ناظم السعود عن المسؤولية الاخلاقية في الكتابة عن رواية رقصة الطائر المذبوح قال بانه لايملك منها نسخة اما انا فكنت قد قراتها قبل ان يرسلها الروائي الى المسابقة وكنت قد احتفيت بها لكنها ضاعت مني في بعقوبة بسبب الاهمال .كانت الرواية صرخة الم مدوية واحتجاج..قال لي ناظم السعود اذن دعنا نتكلم عن المفاصل التي لاتتطرق الى السلطة غير ان مثل هذ الامر قد يكون له عواقب وخيمة خصوصا وان الروائي كان يبتعد عن كل ماله علاقة بالرواية وكانه غير معني بها وكان الحديث يتعلق بطريقة الوصول الى الامارات والحصول على قيمة الجائزة... وفي احيان كثيرا كنت المح ان الروائي حسن يفضل عدم التطرق الى الرواية . كان ضياع الرواية وكما قال لي حسن بعد اكثر من سنة من الزعل سببا في تغيير الكثير من مصائر شخوصها وحبكاتها وبنيتها واعادة ترميم الذاكرة من اجل استذكار بعضا من فصولها وقال لي في حينها انه قد يكون لي الفضل في اضاعتها والا ربما لم افكرفي كتابتها من جديد
ظل هاجس حسن قاسم من ان ينكشف سر الروائي على الرقيب الداخلي في العراق فيجلب ذلك له المتاعب في تلك الاجواء المشحونة بالخوف والترقب والفجيعة والضياع، اذ ان لفت الانتباه الى الرواية قد يعني انها قد تقرا من قبل رجال الامن الثقافي ولابد حينذاك من كتابة التقرير عنها الى الجهات المختصة وبالتاكيد فان عبارات من مثل مسدسات ضباط الدولة ورجال ملثمون اعتقلوا ابي والاعتداءات الجنسية التي يمارسها الضباط المتنفذون على ميلاد الفتى المسيحي الطيب كلها ستكون وثائق ادانة دامغة من الصعب نكرانها، والكتاب حائز على جائزة...اذكر ان اتصالا هاتفيا جاءنا من احد الاشخاص يقول ان هناك اكثر من اديب وناقد عراقي فاز بجائزة الشارقة وكعادة الصديق ناظم السعود في الاحتفاء بالادباء كتب مانشيتا عريضا بعنوان الادباء العراقيون يكتسحون جوائز الشارقة.. اتصلت بوليد الزبيدي مدير مكتب مجلة الصدى في بغداد فاكد لي الخبر ، اخذت سيارة اجرة وانطلقت الى الاعظمية حيث الفضائية العراقية التي يعمل فيها حسن قاسم مخرجا للافلام الوثائقية كانت الفضائية بالقرب من مطعم السهل الاخضر الشهير دخلت بي السيارة الى الفرع المؤدي الى الفضائية بالقرب من معرض اثاث كبير وواسع للارائك والدواليب الضخمة الغالية.
من استعلامات القناة اتصلوا بحسن قاسم كان الجو حارا قاتلا جلس حسن قربي في غرفة الاستعلامات فضيعة التبريد واتكأ براسه كان الياس في تلك الايام يخيم على الجميع لم نكن سعداء باي شي الياس يخيم على كل مفصل من مفاصل البلد لاامل والحصار يدمر المجتمع ويمزقه ويصنع امراضا جديدة لم يكن للشعب العراقي بها عهد. قلت وانا اكتم ابتسامتي :(حسن شنو رايك هسة بخبر يطرد عنك كل هذ الضجر)؟. التفت الي وضحك ضحكته الجميلة الاسرة وبدت اسنانه المنتظمة الصغيرة اقل لمعانا بعد نهارطويل من حش لفافات التبغ لم يكن يتوقع شيئا مهما، فلم يكن هناك شيئا مهما يمكن ان يحدث الا موت ص.....ين هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن ان يبعث الحياة في النفس ، اشعل لفافة تبغ احسست باني بحاجة الى استدراجه للفرح ولكن على جرعات قلت له ولكن ماهي بشارتي ؟
قال سنتغدى سويا في مطعم السهل الاخضر.
قلت له انت فزت بالجائزة الاولى بجائزة الشارقة ؟ كنت اتوقع ان تختلج صفحات وجه او ان يتهدج صوته لم يحدث لا هذا ولا ذاك لكنه قال قم بنا الى السهل الاخضر لاحضت انه بدا يسحب انفاسا سريعة من اللفافة ربما احسست انه كان قلقا اكثر من توقه لمعرفة تفاصيل اكثر عن الفوز .
اتصلنا من السهل الاخضر بوليد الزبيدي فقال الخبر منشور في صفحة اخبار الدار اي صفحة محليات ركبا سيارة اجرة الى شارع السعدون فلم تكن مقاهي الانترنيت قد انتشرت كما هو عليه الحال الان .
كنت انذاك احررصفحة نادي الانترنيت ولم اكن اعرف كيف افتح او اغلق او اقلب المواقع او البحث عن الاعداد السابقة ولم اكن اعرف شيئا عن كوكول الا بشكل عابر اذا كان عملي في تحرير الصفحة يعتمد على التثقيف بهذ الاتجاه وكنت اثقف نفسي في تعلم الانترنيت مع قراء الصفحة اي اني اتعلم (براسهم ) . كان الطابق السفلي من مقهى الانترنيت الانيق يغص بالزبائن مما اضطرنا الى الصعود الى الطابق العلوي هناك وجدنا مجموعة من الاطفال الذين تنحصر اعمارهم بين السابعة والعاشرة وبعض منهم يلبس نظارت طبية يجلسون على الحاسبات ولا اعرف بالضبط ماذا يفعلون كنت ارى اشياء تقفز والعاب الكترونية ...الخ ، قطعنا البطاقة اذكر ان سعرها الفا دينار لم اكن اعرف وانا الاكثر معرفة نسبيا من حسن بالانترنيت كيف افتح الايقونة مثلا؟ فاخبرنا الفتاة التي تعمل باننا نريد ان نعرف كيف نفتح الانترنيت ...لم نكن نعرف اين نضع الاسم بحثنا عن البار ووجدناه ، كتبنا جريدة الصدى على مااذكراو الرافد المهم انها احدى المجلات او الصحف الاماراتية المعنية بالمسابقة وظهرت المجلة ولكن لم نكن نعرف كيف نقلب الاعداد السابقة وبدا وكأن الفتاة التي تعمل على الانترنيت قد فقدت صبرها فقالت :معقولة متعرفون تستخدمون الانتيرنتيت؟. واخيرا ظهرت الصفحة التي ذكرت فيها تفاصيل الجائزة والاسماءوبدانا نشعر بالتوتر والخوف والرغبة في التحقق من النتيجة كنت اقرا في اعلى السطور واحرك المسطرة وفجاة صاح حسن قاسم وجدت الاسم ( تقول العبارة الرواية : حسن قاسم الساعدي عن رواية رقصة الطائر المذبوح ) تعانقنا وخرجنا من المقهى باتجاه مكتب وليد الزبيدي اشترينا قناني من الببسي بمناسبة الفوز لصحفيي المكتب .
ومنذ ذلك الحين بدا حسن يكتـّم على الخبر كان القلق واضحا حتى ليخيل لي انه يشعر بالندم لانه جعل نفسه لقمة يمكن ان تكون سائغة للرقيب الثقافي الذي يجوب طرقات وافرع شارع المتنبي بحثا عن كتاب ممنوع تم تسريبه الى الشارع ليصادره او يكتب تقريرا عنه . طبعا ماوصل من نسخ اخفاها حسن ولم يهدي اي نسخة الى اي احد ، ربما باستثناء قاسم السنجري وهو اول من طبع الرواية على الالة الطابعة واحتفظ بالاوليات فضلاعن اخفائها في داره خشية ان تتم مداهمة بيت حسن بسببها ولابد من القول انه اجراء وقائي تحسبي تسرب الى ثقافة الخوف التي نعيشها ربما هي خبرة متوارثة عن الرواية التي ورثت وقائعها من الواقع نفسه ففي الصفحة واحد وعشرين وبينما كان البطل يونس طفلا يتعلم الزحف جرب ان يشم رائحة النارنج في عنق ابيه التي مدها اليه ربما ليجرب خشونة لحيته النبوية فوق نعومة وجه ابنه الغضة لكن يونس نام وفي الصباح استيقض ولم يجد اباه كان الرجال الغرباء قد داهموا البيت ليلا عنوة واخذوه من فراشه .. يبدو حس الخوف من اللوم والنبذ قد احكم على حسن حياته ففي الرواية يشير الى ان الجيران كانوا يخافون الاقتراب من الباب خوف ان تترصدهم عيون العسس بينما كان الاقارب يدخلون الدار( كاللصوص يلفون عباءاتهم حول ايديهم لاخفاءارتعاشاتهم واذا ماتكلم فانه سرعان مايلقي اللوم على ابي لانه رجل اناني ) هذه الجمل ليونس الراوي العليم في الرواية .
ثم يضيف وكانه يعلم النوايا اللاحقة التي سيلجا اليها الروائي حسن قاسم في اخفاء روايته لعدة سنوات بعد سقط نظام صدام حسين اذ يعمد العم الاصغر في الرواية الى احراق الكتب وثيقة الادانة ضد الاب بينما تم دفن الكتب ذات العناوين المذهبة في تراب الحديقة ولسنوات تبقى الحديقة تخفي سر ذالك الاب الغائب وعنما تكشف الام سر تلك الكتب لابنها يجد وعاظ المنابر واظنه يزيح العنوان عن المصدر الاصلي للعالم الاجتماعي علي الوردي وكتابه الشهير وعاظ السلاطين .لايخفى ان الراوي العليم كان يستحث ارثه الشخصي الموغل بالمراثي في انه يدفع الى الامام اولى طلائع هذا القمع الذي تعرض له الاب الذي تم اعتقاله فهنا ومن طين الحديقة الذي سرب الملوحة الى الكتب التائخة هناك رحلة السبي التي اعقبت واقعة الطف بكل ماساويتها وقسوتها اذ ان االكوفة ايقونة الارث الشيعي بكل مآسيه .لاادري لماذا اطل التعريف الاول بمحنة الحسين عبر ذلك الرجل الخرافي الشجاعة العباس الاخ غير الشقيق للحسين بن علي ابن ابي طالب . تاتي غمغمة الجملة لتبني الملحمة الروائية عبر رحلة العذاب التي عاشها يونس متماهية من حيث يدري الكاتب العالم بكل جروح وشروط الرواية .
فمن هو ذلك الذي قال تلك الجملة الشعرية :
لهفي على العباس اطاح براسه ضربُ العمد
لو كان سيفــُك في يمينك مادنا منك احد .
يقطع الروائي البناء السردي المتقدم ليعود القهقرى حيث السلاسل والزناجيل تسعر الجسد الذي خذل الحسين في معركة الطف وقبلها بقليل . من هذا النقطة يبدا الراوي بتاثيث الرواية بطقوسها ومواجعها وابتهالاتها فالعباس في الذاكرة الشعبية هو رمز القوة ورمز التضحية هو قمر بني هاشم الذي يركب جواده بدون ان يقفز هو الذي ابى ان يشرب ماءالشريعة وحسينا اخوه يتلظى من العطش .والاطفال في الخيم يتصارخون من اجل قطرة ماء يظن ذلك الطفل ان الرجل الشديد الباس الشديد الرحمة قادر ان يشده من الارض الى السماء بعد تلك الواقعة التي جمعته بزوج امه بالرغم من انه يمسخ زوج الام الى حرملة بن كاهل الاسدي الذي كان سهما مسموما على الحسين وآله فكان له القدح المعلى في ابادة صفوة بيت النبوة في واقعة كربلاء .......
للرواية مناخ فني آسر لم تتفاوت فيه ايقاعات السرد بين الهبوط والعلو ولم يتم القاء شخوصها بعيدا عن متناول السارد الاول ، السارد العارف بكل شيء ، حتى الاب الذي تاثتت الرواية على اكتافه والذي لم يشغل في متن الرواية الكثير تراه يطلع من تموجات السرد عبر تمثلات اخرى احلام واطغاث احلام ورموز.
الرواية غاصت عميقا في الشبق الجنسي غيرالمروي متاهات غير مكتملة لفتيات صغار كن يدفعن بالرغائب الى حدود التوهج ثم مايلبث السارد الاول ان يوقف التدفق الروائي ليمارس دورالواعظ تحت الحاح الرقيب الاجتماعي الذي يكاد يكتم على الرواية انفاس انطلاقها في خطوط السرد الى ابعد من تجربة الطفولة.


*الرواية الفائزة الفائز بالمركز الاول في جائزة الشارقة للابداع العربي الدورة الخامسة 2001 في مجال الرواية



#نبيل_وداي_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل وداي الجبوري - قراءة في سيرة فوز رواية رقصة الطائر المذبوح