أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - أنتم وأنا بوليس















المزيد.....

أنتم وأنا بوليس


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2126 - 2007 / 12 / 11 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
منذ البداية، ومنذ أن رفضنا قرار التقسيم 181عام 1947 ولجأنا إلى الشرعية الدولية لكي تأخذ لنا حقنا كاملاً غير منقوص (من النهر إلى البحر)، ونحن نطرق باباً وراء باب، ونستجدي أقوياء وراء أقوياء، ونرجو أوصياء وراء أوصياء، لكي يعيدوا لنا حقنا في فلسطين دون جدوى. بل إن الحق الفلسطيني أخذ ينقص قليلاً قليلاً مع مرور السنوات وما أبرزته كيمياء السياسة من تفاعلات، حتى لم يبقَ من فلسطين غير الفتات والأشلاء.
ومنذ نصف قرن شهدت القضية الفلسطينية التي أضحت الآن قضية كونية وليست قضية إقليمية عربية فلسطينية مئات المبادرات من الشرق والغرب، ومن الشمال والجنوب، ومن العرب والعجم، ومن المسلمين والنصارى واليهود. ولكن كافة هذه المبادرات كانت مرفوضة من الجانب الإسرائيلي حيناً، ومن الجانب الفلسطيني والعربي حيناً ثانياً، ومن الجانبين العربي- الفلسطيني والإسرائيلي معاً حيناً ثالثاً.
-2-
وقد حاول زعماء عرب – عرفوا بالشجاعة والواقعية السياسية – كالحبيب بورقيبة أن يقول للعرب في عام 1965 وفي فلسطين (مدينة أريحا والقدس): "خذوا وطالبوا" وكان جواب العرب والفلسطينيين دوماً وأبداً: "إما كُلّه وإما فلا"، وراحت القضية الفلسطينية تذوب في محلول القول الشعبي المعروف: "من طلبه كُلّه، فاته كُّلّه". وكان مصير مبادرة بورقيبة وغيرها من المبادرات الواقعية الجريئة، في مزبلة التاريخ العربي وليست في مزبلة التاريخ الإنساني. فالتاريخ الإنساني وضع مثل هذه المبادرات الشجاعة والواقعية في مكان عالٍ وراقٍ، وأدخلها تاريخه السياسي الواقعي والعقلاني. واعتبر عدم الأخذ بها من قبل العرب والفلسطينيين ملمحاً من ملامح الغلو والتطرف والرومانسية الطفولية السياسية العربية، سيما وأن التاريخ العربي الحديث خاصة يشهد عدة خطوات سياسية مصيرية، كانت فيها العواطف السياسية التي تثيرها الجماهير في صدر وقلب القائد تتغلب دائماً على العقلانية والواقعية السياسية التي غالباً ما تأتي من المؤسسات الدستورية المختلفة وليس من نداءات وهتافات الجماهير. وهذه المؤسسات الدستورية المتزنة والواقعية هي ما نفتقر إليه في العالم العربي المعاصر. وكانت القضية الفلسطينية وحلولها المختلفة مطروحة على جماهير الشارع، وليس على نخب المؤسسات الدستورية، فآلت إلى ما آلت إليه الآن من ضياع وتشتت.
-3-
المشكل الأكبر في القضية الفلسطينية، أنها قضية حق الضعفاء اقتصادياً وعلمياً وسياسياً، ورغم هذا فالعرب والفلسطينيون ينكرون هذا الضعف الاقتصادي والعلمي والسياسي، ويخرقون هذه السقوف الثلاثة، ويطلون برؤوسهم على العالم وعلى الشرعية الدولية من فوق هذه السقوف، وليس من تحتها. وبمعنى آخر فإن العرب والفلسطينيين منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان، أهملوا أنفسهم ومصالحهم السياسية، وبالتالي أهملوا القضية الفلسطينية إهمالاً كبيراً من حيث فشلهم في تحقيق عدة مظاهر للقوة العربية، في حين كان الطرف الإسرائيلي يُعزز من مظاهر قوته عسكرياً واقتصادياً وسياسيا، ويأخذ ويطالب، ولا يكف لا عن الأخذ، ولا عن المطالبة. فهو منذ الأربعينيات وهو يقضم فلسطين قضمة قضمة، ولقمة وراء لقمة، ولم يبلعها كلها منذ البداية. لذا، فاليهود لم يطلبوا فلسطين كلها منذ البداية، وبالتالي لم يفتوها كلها كما حصل مع العرب. فقد كان هناك قائد وزعيم كدفيد بن غوريون يقول لهم دائماً: "سوف تأخذون ما ينفعكم وليس ما تريدون". ولم يكن للفلسطينيين قائد كهذا. بل إن قادة فلسطين منذ الأربعينات حتى الآن يصرون على استعادة فلسطين "من النهر إلى البحر"
-4-
من سوء حظ القضية الفلسطينية أن تولت قيادتها زعماء غير مؤهلين سياسياً وتاريخياً لإدارة قضية كالقضية الفلسطينية. فمقابل الحاج أمين الحسيني كان هناك السياسي الداهية بن غوريون مؤسس دولة اسرائيل، ومقابل أحمد الشقيري كان هناك موشيه شاريت ثم بن غوريون، ومقابل ياسر عرفات كان هناك جهابذة من السياسيين والزعماء الصهاينة أمثال جولدا مائير، اسحق رابين، مناحيم بيجن، اسحق شامير، شمعون بيرس، نيتنياهو، باراك، شارون. وكان وراء هؤلاء جميعاً جهابذة السياسة الصهيونية من مستشارين وباحثين ومفكرين ومؤسسات دستورية. فكان لا بد للقضية الفلسطينية أن تخسر.
-5-
ومن سوء حظ القضية الفلسطينية أن زعماءها لم يقرأوا التاريخ السياسي والواقع السياسي جيداً. فكما سبق وراهن الشريف حسين على الانجليز في إقامة مملكة العرب ويكون هو ملك العرب الأول بعد الحرب العالمية الثانية، فقد راهن الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين وزعيمها على النازية، وحالفها، وانتصر لهتلر وذهب إلى برلين النازية لاجئاً سياسياً في ضيافة هتلر، عسى أن ينتصر الزعيم النازي في الحرب العالمية الثانية وينصره على الانجليز والصهيونية. ولكن هذا الرهان كان خاسراً كما كان رهان الشريف حسين خاسراً كذلك. كذلك فعل ياسر عرفات عندما راهن على حصان صدام حسين الخاسر في حرب الخليج الثانية 1991 ووقف إلى جانبه في عدوانه الأثيم على الكويت.
-6-
ومرت في القضية الفلسطينية عدة أحداث خاسرة وكوارث ماحقة أدت إلى ضعفها الحالي. وعقدت من أجل القضية الفلسطينية عشرات المؤتمرات وتقدمت عشرات المبادرات، ولكن لا مؤتمر سياسياً ولا مبادرة شرقية أو غربية أفادت. وكان آخر هذه المؤتمر مؤتمر أنّابوليس الذي عُقد في اسبوع الماضي بولاية ميريلاند بأمريكا، والذي كان مسبّة المسبّات العربية، وشتيمة الشتائم العربية. ولم يبقَ كاتب أو معلّق أو عارف أو جاهل إلا وشتم هذا المؤتمر، ورماه بأقذع الصفات السياسية، لا لشيء إلا لأن هذا المؤتمر تنظمه أمريكا وترعاه أمريكا التي فشلت حتى الآن في حلِّ القضية الفلسطينية وإجبار إسرائيل على التنازل عن غلوائها وعصبيتها وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم.
-7-
فهل هذا هو الطريق الصحيح؟
وكيف يكون كذلك والفلسطينيون أنفسهم غير متفقين منذ 1948 إلى الآن على استراتيجية واحدة تجاه فلسطين. وبالأمس قامت مظاهرات صاخبة في غزة ضد مؤتمر أنّابوليس، في حين كان محمود عباس وأحمد قريع وآخرون من القيادات يحضرونه، ويباركونه، ويأملون منه أن يكون الفاتحة لبدء المفاوضات من جديد كما كان هدفه الأساسي.
فكيف نحضر مؤتمراً لبدء المفاوضات ونحن مختلفون، ومتخاصمون، ومنقلبون على بعضنا بعضاً؟
ألا يكفي أننا نذهب إلى المؤتمرات بدون ملفات ولا وثائق ولا معلومات ولا تنسيق فيما بيننا، كما كان يحصل في مفاوضات اتفاقية أوسلو 1993؟
فإذا كانت إسرائيل قد لعبت دوراً كبيراً في التهام فلسطين على النحو الذي تم، فنحن قد لعبنا دوراً رئيساً في تمكينها من هذا الالتهام الشرس.
فلولا غفلة الحراس لما تجرأ اللصوص على سرقة الدار.
وغفلتنا كانت بما قمنا به خلال أكثر من نصف قرن مضى، من ضعف، ومن خلاف، ومن جهل، ومن تشنج سياسي، ومن إضاعة الفرص، وعدم تقدير دقيق للظروف السياسية في كل مرة.
وسوف يتكرر مؤتمر أنّابوليس عدة مرات مستقبلاً بأسماء وأماكن مختلفة. وسنظل ندور حول هذه المؤتمرات مغمضي العينين كالبغال حول هذه الساقية، أو المعصرة.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداد لا يليق ببغداد
- هل سينسحب ديمقراطيو أمريكا من العراق لو فازوا؟
- -عام الجماعة- أم اقتربت الساعة؟
- بشائر غرق سفينة الإرهاب
- نُذُرُ هزيمة -القاعدة-
- كيف ندفع أمريكا إلى الانسحاب من العراق؟
- في الاستراتيجية العربية لعصر العولمة
- عودة الوعي الديني وانتصار الليبرالية
- تقسيم العراق: هل هو كالكي.. آخر الدواء؟
- هل هناك حداثة اجتماعية سعودية؟
- اللهمَّ اهدنا إلى إسلام الأتراك السياسي
- كوارث الديكتاتوريات العسكرية على العالم العربي
- دور العسكرتاريا في فشل دولة الإستقلال الوطني
- ضرورة ابتعاث رجال الدين إلى الغرب
- معركة سوريا وأمريكا في -نهر البارد-!
- بيان مساندة الكرد السوريين يقضُّ مضاجع الديكتاتورية
- لماذا أصبح رجال الدين الآن قادة الرُكبان؟
- البيان العالمي لمساندة الشعب الكُردي السوري
- التجارة الرابحة بالدين
- حملة -الأنفال- السورية


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - أنتم وأنا بوليس