أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد نورالله - العدالة في الليبرالية















المزيد.....

العدالة في الليبرالية


محمد نورالله

الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 11:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد يتساءل البعض عن ماهية نظرة النظام الليبرالي السياسي إلى الطبيعة البشرية في نظام ليبرالي عادل. لشرح فكرة العدل في الليبرالية يجب أن ندرك أولاً أن البشر بجوهرهم مبدعون وخلاقون وقادرون على اختيار أدواتهم. أن تكون إنساناً يعني أن تبدأ باستخدام العقل الذي يتجلى بالنوايا والجدل الفكري والرغبات وأفعال خاصة بالبشر دونا عن غيرهم يكون فيها الإنسان مسؤولاً عنها. إن العقل الجدلي لا يكون سلبياً أو مجرد انعكاس للفكر أو حتى متفاعل.. لكنه يكون فاعلاً. الأفراد البشريون يتميزون بمقدرتهم على تفعيل مفاهيم إدراكهم ليعلموا أنفسهم كيف يعيشون ويزدهرون. فهم يفكرون، وعلى أسس ذلك التفكير يحولون الفكر إلى أفعال. هذه ليست نظرة "مثقفة" للعقلانية، بل هي محاولة لفهم المنطق الذي يخترق الإدراك والحكم البشريين. أيضاً هي محاولة لفهم الأفعال البشرية حتى ولو لم تكن ممكنة الجدل.

كان من الفلاسفة الذين يشتركون بهذه النظرة الحاسمة سقراط، أرسطو، أوغستين، أكويناس، ديكارت، اسبينوزا، كانت، وطبعا أيان راند والتي قامت بطرح أقوى البراهين حجة عن العدالة الليبرالية (رغم أنها رفضت مصطلح "الليبرالي" بسبب تضاد وجهات النظر عن بعض المفاهيم المتعلقة بالكلمة ذاتها). وحتى هذه اللحظة فإننا نعامل البشر بداية بإدراك أنهم كائنات مفكرة. نقدم لهم العدل حقا في عالم السياسة أو المجتمعات المنتظمة في حال لم نقم بإعاقة القدرة العقلانية على الإبداع والابتكار للأفراد. وهنا نتحدث على أكثر المستويات عموماً.لأن العدالة في حالات معينة يجب أن تأخذ حقائق أكثر خصوصية بالحسبان (وهذا طبعا يتضمن الأخذ بالحسبان مثلاً فعلاً جرمياً يرتكبه الفرد).

العدالة كحرية.

إن مفهوم العدالة الذي يتطلب حرية في عالم السياسة نستطيع أن نجده فيما سبق. الأفراد البالغين يملكون إرادة حرة ويحتاجون لأن يقودوا حياتهم ويحققون التفوق والازدهار. إن المسألة الحاسمة عن العدالة كونها مبدأ قائد للمجتمع يجب أن تكون ذات طبيعة بشرية وأن تكون حاجة وشرط أساسي للاستقلال الفردي.

دعونا في البداية نحدد مفاهيم الليبرالية الأساسية، فإن كانت تلك المفاهيم خاطئة فالليبرالية مخطئة أيضاً.
-البشر البالغون (والأطفال أيضاً مع بعض التعديلات) يملكون السيادة على حياتهم، أفعالهم، وممتلكاتهم، ولديهم حقوق في الحياة والحرية والملكية ضمن البقية.
-كل فرد يحمل مسؤولية الاحترام والتصرف بشكل واع ومدرك لحقيقة البند الأول عند التعامل مع الآخرين.
-على البشر أن يقوموا بتطوير مؤسسات ومنشآت تقوم على حماية استقلاليتهم، يقومون عن طريقها بتفويض السلطة المناسبة لعملاء (الحكومة أو ما يقابلها – حسب الجماعة) لأجل تحقيق تلك الغاية.
-هذا التفويض والانتداب لتلك السلطة يجب أن يكون حتما دون انتهاك لاستقلالية أو حقوق الأفراد.
-يجب على المؤسسات والسلطات المفوضة بحماية الحقوق حتما أن تمارس سلطتها لأجل حماية تلك الحقوق.
-كل ما يتعلق بتلك الأهداف يجب أن ينفذ من قبل أعضاء من تلك المؤسسات دون انتهاك لأي من حقوق الأفراد حتماً.

الطبيعة البشرية وحقوق الإنسان

الإنسان – على عكس عالم الحيوان – يستطيع الاعتماد على القليل من غرائزه كي يعيش فهو يتميز بأنه "يكتشف" دائما كيف يعيش ويتقدم، ولهذا فنحن بحاجة أن نتعلم – نحن لا نولد ببرامج جاهزة في جيناتنا تعلمنا كيف نقود حياتنا كما هي القطط أو الكلاب أو حتى الثدييات الأعلى مرتبة – كيف نأكل، ونتحدث، نقود السيارة، والعديد من المهام المعقدة التي يجب أن نتقنها كبشر.
العالم البري الغير بشري – فيروسات، كلاب، هزات أرضية – لا يتركنا نعيش بسلام دائماً وغالبا ما نواجه أوقاتاً عصيبة بسبب ذلك العالم لكن تلك الشدائد لا تتطلب منا أن نستخدم العنف تجاه الآخر. في الوقت نفسه فإن كان الآخر سيفرض ذاته علينا دون الإذن لذلك فهنا تكون القوة ضرورة لدرئه. لدينا الفرصة لأن نبذل الجهد لنفكر بالمشاكل ونجد حلولاً لها فقط عندما نعيش في حرية بدون تشويش أو قلق من عنف الآخر علينا. وبدلا من العامل مع الآخر قسرياً فإن مجتمعا حرا سيترك للأفراد الفرصة الإستمتاع بنتائج التفكير الطوعي والتعاوني، التنافس مع الآخر، الإتجار مع الآخر.. الخ. فقط مجتمع ذو صبغة تفاعلية طوعية هو المناسب لنا كبشر.

الليبرالية والمجتمع.

بعض نقاد الليبرالية والليبرالية الكلاسيكية قالوا أن الحياة الاجتماعية غريبة عن الليبراليين. هذا غير صحيح. فالبشر يزدهرون أكثر ويتقدمون مع بعضهم البعض طالما أن الآخر لا ينتهك حرية أحد، لدينا الحق ويجب أن نعيش في مجتمعات فقط إن لم تحوي قسراً أو إكراهاً أو أي انتهاكات أخرى لاستقلالية الفرد
المحافظون والليبراليون الإجتماعيون الجدد قاموا بانتقاد الليبراليين والوقوف في وجههم على أساس أن النظرة الليبرالية للإنسان ضيقة جداً. قالوا أننا "سنقوم بتخريب كبير عندما نبتعد عن فكرة أن الإنسان خاضع للمجتمع لأنه كائن اجتماعي بطبعه (ليس القصد هنا مبدأ المواطنة أو الزواج أو الشراكة) لكن يجب أن لا نشير للفرد على أنه مستقل لأنه سيفقد القدرة على الاختيار والارتباط الأخلاقي. وتصبح السياسة والمواطنة مفاهيم فارغة لا قيمة لها.
بالطبع فإن البشر كائنات اجتماعية بطبعها، لكن هذا لا يعني حتما ما عناه ماركس بذلك (أن الروح الإنسانية الحقيقية في الفرد هي مجموع الشعب) بل هذا يعني أن البشر يعيشون بشكل أفضل ويتقدمون ويزدهرون أكثر بين أفراد آخرين. لكن هذا شيء يجب أن يقوم به الإنسان البالغ باختياره حتما وإلا فلن يشعر بإنسانية المجتمع الذي يعيش به بشكل كامل ولن يشعر بإنسانيته كاملة.
الاختيارات الاجتماعية المتوفرة كثيرة جدا، بعضها مناسب وبعضها غير مناسب. ونحن مسؤولون دائما عن القيام بالاختيار الصحيح من تلك المجموعات التي نعيش فيها. وعندما نُمنع من هذا الاختيار (كما في النظام الشمولي) فإننا نعيش في حالة عنف حتى من قبل من يدعون أنهم يقومون بالارتقاء بمصالح العامة. أو كما أشار فريدريك هايك "إن تقدم وتطور الحضارة خاضع لمبدأ أن الفرد مسؤول عن أفعاله في حياته ونتائج تلك الأفعال وحريته في أن يقرر الطريق إلى نهايته دون أن يكون مضطراً لإطاعة قائد الجماعة التي ينتمي إليها"
البشر مسؤولون تماما عن الأدوار الاجتماعية المتنوعة التي يقومون بها في الحياة – في زواجهم، إنشاء عائلاتهم ونشاطاتهم السياسية - لكن هذه المسؤولية تكون فارغة تماما إن لم يقوموا باختيار دورهم بحرية. إن ما أطلقه المحافظون الجدد بنظرة متغطرسة على فكرة "عدم القدرة على الاختيار" أو "الاختيار الفارغ " هو في الواقع ما يمكن أن يحصل إن أجبرنا الفرد على الخضوع للمجتمع دون أن يملك حرية الاختيار المطلقة في حياته وهو أيضاً يلغي قيمة المسؤولية فنقع في مشكلة مفادها "كيف نستطيع أن نجعل الإنسان مسؤول عن أفعاله دون أن يكون قد اختارها بحرية؟".

الليبرالية على أرض الواقع

إن أردنا دراسة حالة في الفيزياء فإننا نأخذ المبادئ لذلك العلم ثم نبدأ بتطبيقها على ما حولنا لدراسة واستنتاج ناحية معينة في العالم الطبيعي. وكذلك السياسة، إن أي مبدأ سياسي لا يمكن أن يخبرنا بكل ما نحتاج أن نعرفه لنحقق الحرية أو نطور مجتمع حر ونحسن نمط حياتنا. المبادئ تقدم لنا الهيكل أو الإطار الذي يمكن أن نتحرك فيه لحل مشاكلنا. إن كنا نريد أن نقدم حلولا لمجتمعاتنا فعلينا أن ننتبه إلى أن أكثر المحرمات في هذا القانون هو انتهاك حقوق الآخر. هذا القانون يقوم ببناء التشريع المركزي والأساسي لعقيدة النظرة الليبرالية إلى العدالة، ويقود أي تنظيم قانوني هدفه تحقيق وصيانة عدالة أكبر في حياة المجتمع البشري. كان هايك محقاً عندما قال "الحرية هي المنظومة المطلوبة لنمو القيم الأخلاقية".



#محمد_نورالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد نورالله - العدالة في الليبرالية