أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - إسرائيل بالأحرف الكبيرة والصغيرة















المزيد.....

إسرائيل بالأحرف الكبيرة والصغيرة


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 2103 - 2007 / 11 / 18 - 12:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


هناك "نصيحة" قديمة، لا تزال شائعة في إسرائيل، تقول إنه حين تقرأ إعلانا تجاريا مغريا، فلا تعتمد على الكلمات التي تكتب الأحرف الكبيرة، بل اقرأ الاستثناءات والملاحظات التي كتبت بالأحرف الصغيرة في أسفل الإعلان، لأنها توضح الصورة وتعرف حدود ذلك "الإغراء".
ولكن كما يتضح فإن هذه النصيحة لم تعد تقتصر على التجارة، بل هي صحيحة أيضا في السياسة، وفي الإعلام السياسي في إسرائيل، الذي يخرج إلينا يوميا بعناوين صارخة، ولكن في التفاصيل الدقيقة للخبر نقرأ صورة مختلفة كليا، عن عنوانه الرئيسي.
وهذا الأمر يتكرر يوميا، بالذات في الأيام الأخيرة، بتزامن مع الحراك السياسي على صعيد المساعي لاستئناف العملية التفاوضية مع الجانب الفلسطيني، والشائعات اليومية حول وجود نوايا إسرائيلية باستئناف المفاوضات مع سورية.
فقبل أيام صدرت كبرى الصحف الإسرائيلية تحمل عنوانا صارخا يقول إن أولمرت سيستأنف الاتصالات السرية مع سورية، والى جانب ذلك الخبر، خبر آخر لا أقل حجما "يبشرنا" بأن وزير الحرب إيهود باراك كلف أحد الجنرالات في الاحتياط لإعداد "مشروع سلام" مع سورية، لأن باراك يروج لبدعة "عدم وجود شريك فلسطيني قوي" للسلام.
ولكن إلى جانب الخبرين "الكبيرين، من حيث المساحة والعناوين الضخمة، كان خبر في مربع صغير، وعنوانه بأحرف صغيرة، يقول "ببساطة" إن ما يسمى بـ "مجلس مستوطنات هضبة الجولان" السورية المحتلة، شرع في الأيام الأخيرة بحملة دعائية تشجع اليهود في إسرائيل على الاستيطان في هضبة الجولان، نظرا لطبيعة المكان وفرص الاستثمار الزراعي فيها، والامتيازات المالية التي يحصل عليها المستوطنون من حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول ذلك "النبأ الصغير"، إنه منذ العام 2002 وحتى اليوم انتقل للاستيطان في هضبة الجولان السورية حوالي ألف عائلة، أي ما بين 3500 إلى 5000 آلاف مستوطن، من بينهم 300 مستوطن استوطنوا الجولان في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
ولو تصفحنا صفحات الجريدة الخلفية لربما وجدنا بعض المناقصات والعطاءات الحكومية لتنفيذ مشاريع بنى تحتية ضخمة في الهضبة المحتلة، كتلك الجارية حاليا في الهضبة، وهذه الإعلانات أصلا تكتب "بأحرف صغيرة".
بعد يوم، صدرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بعنوان صارخ على رأس صفحتها الأولى يدعي أن إسرائيل ستجمد البناء في مستوطنات الضفة الغربية قبل لقاء أنابوليس، في إطار ما يسمى "مكارم" إسرائيل للفلسطينيين.
وهنا أيضا قرأنا بالأحرف الصغيرة مضمونا آخر كليا، فرئيس الحكومة إيهود أولمرت، يوضح ان البناء في الكتل الاستيطانية الضخمة لن يتوقف، بل فقط في المستوطنات خارج تلك الكتل.
ومن المفيد الإشارة إلى أن الكتل الضخمة تضم ما لا يقل عن 70% من المستوطنين في الضفة الغربية، وهذا عدا المستوطنين في القدس المحتلة، فحسب القاموس الاحتلالي الإسرائيلي، فإن القدس ليست محتلة والاحياء الاستيطانية فيها ليست مستوطنات.
وعدا ذلك فإن إسرائيل أصلا لا تبني بشكل عام في المستوطنات الصغيرة التي بقيت خلف جدار الفصل العنصري، لأنها قد تخليها بهدف الاحتفاظ بما هو أكبر وأضخم، ولهذا فإن أي حديث عن تجميد البناء في الاستيطان، حسب توضيحات أولمرت لا قيمة له إطلاقا.
وهذان مثالان من مئات الأمثلة والأدلة على طبيعة السياسة الإسرائيلية وأبواقها الإعلامية، لا بل أن هناك أنباء تظهر لنا بشكل دوري وفي كل مرّة لدوافع مختلفة، فمثلا في ما يتعلق بالملف السوري، فقد ظهرت أنباء مطابقة قبل ستة أشهر بالضبط من الآن، وكان لتلك الأنباء دوافع إسرائيلية داخلية، واليوم تختلف الدوافع، ولكن الجوهر باق على حاله، وهو أن إسرائيل ليست معنية إطلاقا بالانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة.
فدوافع اليوم لسحب ملف المفاوضات مع سورية وطرحه في وسائل الإعلام من جديد، هدفه تكرار المناورة الإسرائيلية البالية، التي استعملتها إسرائيل العديد من المرات، في كل مرّة يجري فيها الحديث عن احتمال استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، وحين تبدأ عملية شد الحبل بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
فإسرائيل تعتقد ان الحديث عن احتمال استئناف المفاوضات مع سورية يضع القيادة الفلسطينية في أجواء ضاغطة، تجعلها تقدم تنازلات خلال المفاوضات، فمثل هذا رأيناه في ربيع العام 2000، في مفاوضات شيبرادستون، بين رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، ووزير الخارجية السابق فاروق الشرع، التي لم تثمر شيئا، ولكنها جرت في ظل أجواء تتحدث عن عقد قمة إسرائيلية فلسطينية، جرت لاحقا في معسكر كامب ديفيد الأميركي.
كذلك فإن إسرائيل تعتقد ان عقد مؤتمر للسلام حول القضية الفلسطينية يضع القيادة السورية في أجواء ضاغطة، إذ يتوهمون ان مؤتمرا كهذا يعزل سورية في الحلبة الدولية، على الرغم مما نسمعه من قادة إسرائيل بأنهم معنيون بمشاركة سورية في لقاء أنابوليس، الذي أصلا تسعى إسرائيل لإجهاضه قبل انعقاده.
وكما ان هناك أحرف كبيرة وصغيرة في إسرائيل، فهناك أيضا ساسة كبار وصغار، فالكبار بمستوى رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، لا يكف الحديث عن أنه يريد انتهاز الفرصة الحالية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وحتى مع سورية، أما الصغار فإنهم ينفذون مهمات مناقضة وبرعاية أولمرت نفسه.
ومن بين الساسة الصغار، مثلا، النائب غدعون ساعر، رئيس كتلة حزب الليكود، أكبر أحزاب المعارضة اليمينية في الكنيست، الذي بادر يوم الأربعاء الأخير لمشروع قانون تم إقراره مبدئيا، ويقضي بأن أي قرار الكنيست حول ما يسمى بـ "تنازلات" في القدس المحتلة، يستوجب أغلبية 80 نائبا من اصل 120 نائبا، وهي أغلبية مستحيلة على ضوء موازين القوى السياسية الإسرائيلي منذ سنوات طوال وحتى اليوم، وفي حال إقرار القانون نهائيا فهذا سيمنع تنفيذ أي اتفاق بشأن القدس، ومن دون القدس لا يوجد حل دائم.
وماذا فعل أولمرت في هذا المشروع، فهو أولا منع تقديم رد الحكومة عليه، ثم منح أعضاء الائتلاف الحاكم حرية التصويت، وهو بنفسه هرب من الجلسة ومعه عدد من الوزراء الكبار، وماذا كانت النتيجة ان القانون تم إقراره بأغلبية كبيرة جدا، 54 نائبا مقابل 24 نائبا، وغالبية المؤيدين كانوا من أحزاب الائتلاف الذي يقوده أولمرت.
وفي نفس اليوم بادر أحد السياسيين الصغار من الائتلاف الحاكم، لمشروع قانون حظي بأغلبية برلمانية ويقضي بسرقة أموال الضرائب الفلسطينية لصرفها على "الأضرار" التي تتكبدها إسرائيل من العمليات الفلسطينية، وهنا أيضا هرب أولمرت من الجلسة، وحصل القانون على دعم كبير من نواب الائتلاف الحاكم.
وأكثر من هذا فإن أولمرت وحكومته يدعمان بشكل مباشر وغير مباشر، وأسبوعيا قوانين عنصرية من الدرجة الأولى موجهة ضد فلسطينيي 48، وهذا في حال استمراره، سيقود مستقبلا إلى انفجار من نوع آخر.
السؤال الصارخ الذي يطرح نفسه، لماذا تتشبث وسائل إعلام عربية مركزية بالأحرف الكبيرة، وتهمل الأحرف الصغيرة، ولماذا هي نفسها تتمسك بما يقول "كبار إسرائيل" فقط، وتهمل ما يقوله صغارها، هذا سؤال قد يحتاج لإجابة لاحقة



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليهود الإثيوبيين والورطة المزدوجة
- ميزانية إسرائيل 2008: ضربات اقتصادية للشرائح الضعيفة
- سيناريو إسرائيلي معروف
- العبء الضريبي الإسرائيلي أعلى من معدل العبء في الدول المتطور ...
- إسرائيل وبورما
- ميزانية إسرائيل للعام القادم 76 مليار دولار
- -التنازلات- الفلسطينية
- سيناريوهات دورة الكنيست الشتوية
- تعليمات إبنة -الموساد-
- تقسيم القدس والإجماع الصهيوني
- جوانب أخرى للغارة على سورية
- بحث علمي: الشبان الأمريكان اليهود يبتعدون عن إسرائيل
- الصمت الإسرائيلي ومهمة المحللين الإسرائيليين في قضية الغارة ...
- بلعين: التجربة والنموذج الشائك
- محاولات تغيير نظام الحكم الإسرائيلي ستبقى مناورة
- حماس تجبي الخاوة
- أولمرت والحسابات الداخلية
- بن غريون أول من بادر إلى استيطان القدس والخليل
- نتنياهو حضيض سياسي جديد
- دورة صيفية برلمانية اسرائيلية تنقل الأزمة إلى الدورة الشتوية


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - برهوم جرايسي - إسرائيل بالأحرف الكبيرة والصغيرة