أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بروحو - عروس البحر / قصة قصيرة














المزيد.....

عروس البحر / قصة قصيرة


محمد بروحو

الحوار المتمدن-العدد: 2086 - 2007 / 11 / 1 - 11:17
المحور: الادب والفن
    



في غيهب الليل ، بين ثلم الأحجار الثابتة في هذا المكان منذ زمن..
جلس يتأمل ضوء القمر المنعكس على برك غر ماؤها ، بين أحجار كبيرة وصغيرة . يخاطب البحر بكلمات نبراتها تشبه صوت الماء المنحدر بين الشقوق . تجيبه أمواج تلاطم الأحجار .. عند اندفاع الماء مدا ثم جزرا .. رسمت وجها تفحصه ليجد وجها يشبهه .. خاطب نفسه بكلمات مبغومة ، كما يخاطب البحر المكان بهديره ..نحت له صورة .. فسأل سكون الليل ، متى كان البحر وفيا ، حتى يرسم وجها يشبهه..؟
في لحظة يحاول أن يستجمع أفكاره ، كما تستجمع السحابة قطرات الماء المتناثرة عبر الفضاء .. ثم يتصيد الكلمات، كما تتصيد أنواع الأسماك المغرمة بشقوق الأحجار والكهوف غذاءها .. رشات الماء التي تبلله حين تلاطم وجه الأحجار تلامس وجهه ماء ، بينما يلامس الزبد رجله التي تدلت في جوفها ، تساكن الأعشاب التي نمت على جنباتها..
في غربة هذا الليل وسكونه المتلاشي بهدير الموج استقبل البحر، رمى بناظره في اتجاه ضوء القمر المطل من وراء التلال الصامدة هنا عبر السنين .. تتشتت الأمواج على صلابتها .. كما تتشتت أفكاره أمام صلابة الأيام المزدحمة بالتناقضات منذ سنين.. يتمزق ضوء القمر على الماء، كما تتمزق الكلمات في فمه المبلل .. يمر وقته كمرور ضوء القمر بين السحاب ونتوءات المكان . حين تزاحمه الأمواج على الشقوق والثقوب .. الموشومة على وجه الصخور . ينبت الضوء فوقها كما ينبت البريق في عينيه .. باتجاه القمر الذي توسط السماء منذ قليل.
الأسماك هي الأخرى ، تحب هذه اللحظة ، تموقعت تحت الماء ، تتبع ضوء القمر المسلط على الأمواج المتدافعة . يتبدد ضوؤه فيصعب عليه النفاذ أكثر الى عمق البحر .. يتموقع السمك قريبا من سطح الماء ، حتى يتمتع بضوء القمر العارض نوره على الأمواج والبرك والصخور .. يتراقص داخلها حين يتحرك الماء صاعدا ثم نازلا يغازل الثقوب والشقوق .. مع هدير البحر ، وسطوع القمر ، بين نتوءات صخور تآكلت جنباتها ، وجد نفسه جزءا من مشهد يكمل لوحة طبيعية حية .. يستجمع الكلمات .. لكنها بهدير البحر وتلاطم أمواجه ، تتلاشى في زبد البحر.. يظل يصارع كلماته ، كما تصارع الأحجار عناد الموج.
تهاجم رائحة البحر خياشيمه.. يتركها تقوم بتنظيف أنفه الذي طالما شم عفونة الزمان ونتانة الأيام .. يشرد بذهنه في لحظة ، كما يشرد الحوت عن مكانه حينما تحجب السحابة ضوء القمر .. ينقبض السكون في وهلة يذوب فيها الضياء بالسحب المتدافعة .. تترامى الأمواج ، دون أن يعرف موضعها.
يتحسس المكان . يتتبع هديرها بسمعه ، استخال سحابة . يخلخل هدير البحر سكون الليل الذي يرتبط بسكون نفسه .. شيء يتحرك على ايقاع اندفاع الموج يظهر ثم يختفي ، طالعه ، اقترب الجسم العائم نحوه .. كاد أن يراه ، سحابة حجبت ضوء القمر المسلط عليه.. لم يستطع رؤيته ، لكنه سمع صوتا فيه نبرات توسل وحنان..
لم يفهم معنى الكلمات لقد تلاشت بسرعة ، كما تلاشت كلماته قبل قليل لكن هذه النبرات المؤثرة وشمت في نفسه ، حتى عاد يقلدها بصوته ، فيسمع صداها.
قد تكون عروس البحر ، جاءت لتسمع كلماتها في نفس المكان الذي جاء اليه هو ليسمع كلماته .. لكنها كانت تتلاشى كما تلاشى منظر الجسم العائم.
لم يبق سوى صدى أنين قلده .. وفجأة ، أطلق صيحة لها أنين يشبه أنين الجسم العائم ، الذي سماه : عروس البحر
محمد بروحو / المغرب



#محمد_بروحو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بروحو - عروس البحر / قصة قصيرة