أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بسام الهلسه - بؤسُ العالم..














المزيد.....

بؤسُ العالم..


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2083 - 2007 / 10 / 29 - 12:05
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لم يسبق للبشرية أن مرت –سوى لفترات محدودة- بمثل الوضع الحالي: الوضوح الساطع للعدوان وللاستغلال والقهر وكافة صنوف الظلم من جهة، والغياب شبه التام لبديل الخلاص من جهة أخرى..
ليس على الصعيد الخاص بكل أمة، أو جماعة، أو فئة، أو طبقة، أو عرق، أو حتى قارة مضطهدة، بل على المستوى العالمي.
في مدى التاريخ، المعلوم لدينا، كان يظهر بين حين وآخر فرد أو جماعة أو طبقة أو أُمة تستشعر الخلل القائم، فتقدم رؤيتها لما تراه خلاصاً للعالم البائس. والعودة لدفاتر الماضي المطوية، تخبرنا عن هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لانقاذ البشر ككل: رسلاً، وأنبياء، ومصلحين وأخلاقيين واجتماعيين، وحكماء، وفلاسفة، ومثقفين، وعلماء...
أما الآن، ومنذ هيمنة الولايات المتحدة على العالم، وتعميم الرأسمالية كنظام اقتصادي وحيد جرى تعميده باسم "العولمة"، فإن الحالة تبدو مقفرة، لا نكاد نرى فيها سوى المحاولات والجهود الجزئية على مستوى الأمم والجماعات المتفرقة، والتي يتوجه نقدها اما لجانب من جوانب الخلل وإنعكاسه الضار عليها، أو أنها تبحث لنفسها عن مكان في إطار الوضع القائم دونما محاولة لتجاوزه وتخطيه.
* * *
ومع الاعتراف بالمنجزات الكبيرة علمياً، وتقنياً، واقتصادياً، ومدنياً، للرأسمالية، إلا أن طبيعتها البنيوية بالذات، القائمة على الأنانية والاستغلال، حدَّت من أفقها ومنعتها من تقديم نفسها كمخلص للبشر كما ادعت أدبياتها وشعاراتها ودعاتها.
وبيَّنت تجربتها التاريخية، ان المحرك الرئيس لها هو المصلحة الفردية، والقوة، التي لا تحفل في سبيل تحقيقهما بأية قيم. فإذا كانت قد بنت نظاماً طبقياً في بلدانها الأم، يجعل من الاستغلال والكسب المادي إلهاً معبوداً، ومن السوق، وأيديها الظاهرة والخفية، شريعتها ودينها، فإنها قد جعلت الاستعمار والإمبريالية، ذراعها الضاربة في الخارج...
ولم تتورع عن بعث نظم قديمة تجاوزها التطور البشري، فأحيت "العبودية" في أميركا رغم أنها البلد الوحيد الذي انطلق من قاعدة تطور رأسمالية.
أنانيتها قادتها، أيضاً وفي الوقت نفسه، وبشكل محتوم، إلى خوض صراع ضار فيما بينها لاقتسام وإعادة اقتسام العالم، للسيطرة على مواده وموارده وأسواقه.. صراع بلغ ذروته في مذبحتين عالميتين (الحرب العالمية الأولى والثانية).. وما كان إنشاؤها لـ"عصبة الأمم" ثم "الأمم المتحدة" سوى تغطية للتحكم في العالم ومصائره.
* * *
بعد انهيار "الإتحاد السوفيتي" و "دول المنظومة الاشتراكية" كشفت الولايات المتحدة، مجدداً عن وجهها الإمبريالي القبيح الذي عملت طويلاً على إخفائه وتجميله، فإذا بها لا تكتفي بالوسائل الاستعمارية الحديثة، بل تعيد إطلاق التقاليد الاستعمارية القديمة القائمة على الغزو والاحتلال المباشر، وتدمير هياكل وثقافات البلدان المستهدفة، والسعي لفرض الأمركة بالقوة على الآخرين، مما وضع العالم بأسره في حالة فوضى ورعب دائمين، ضاعف الشعور بهما، غياب البديل الإنساني الذي يقترح أُفقاً آخر للبشرية المعذبة.
* * *
والبديل ليس وصفة تأملية يقدمها هذا الحكيم أو الفيلسوف أو ذاك، كما فعل "افلاطون" في "جمهوريته" أو الفارابي في "آراء أهل المدينة الفاضلة" أو توماس مور في "يوتوبيا"... ولا هو الاكتفاء بـ"الخلاص الروحي" كما يقول المبشرون، ولا في اتباع نظام أخلاقي قويم، كما نادى المصلحون، ولا في تغيير البنيان الاقتصادي والسياسي فقط، كما دعا آخرون، بل هو في هذا كله، بديل شامل للجميع ينطلق من الواقع القائم، ويتجاوزه في آن واحد معاً... بديل يكون إنقاذ الإنسانية والكون المهدد مثلها بالخراب، منطلقه وأداته وغايته.. ويستجيب للاحتياجات الإنسانية المتعددة: الروحية والعقلية والأخلاقية، والحياتية والبيئية..
* * *
من دون هذا البديل الذي يجتذب العناصر والقوى الحية المتألمة في العالم إلى ندائه، ستظل سائر المحاولات –مع ضرورتها وأهميتها- جهوداً متناثرة، تفصيلية، قد تصلح جزءاً من الخراب القائم، لكنها لن تنهيه وقد يُعاد تجديده..
والتجربة الإنسانية الحالية والسابقة، تذكرنا بما سبق لمفكرين وفلاسفة تاريخ أن لاحظوه: ان التاريخ لا يسير في خط صاعد متقدم دائماً، بل يشهد إنحرافات، والتواءات، وردات إنحطاطية..
وتطور البشرية العلمي والمعرفي والتقني، لا يتلازم مع تطورها الروحي والأخلاقي في تكامل وتناغم، بل يرافقه –كما لوحظ من قبل- تردٍ وتقهقر.. وقد تعود البشرية إلى عهود التوحش حيث "حرب الجميع ضد الجميع" كما سبق وقال "توماس هوبس".
فتحويل العالم إلى "سوق" يعني تشييء البشر، والقيم، والعلاقات، وتحويلهم إلى "سلع" معروضة للتبادل حسب شريعة العرض والطلب.. ولا يقبل إنسان ذو ضمير حي، حر، منصف –عدا عن المستضعفين الذين يستلبهم هذا الوضع- بهذه النخاسة المعاصرة، التي جعلت الكرة الأرضية مكاناً للعذاب.
* * *
إذا كان "المستضعفون في الأرض" هم المعنيُّون أولاً بتغيير الوضع العالمي، فهذا لا يعني أنهم سيفعلون ذلك لمجرد كونهم مستضعفين.. فبصفتهم هذه، ليسوا أكثر من "إمكانية" قابلة للاحتمالات.. أما تحولهم من "إمكانية" إلى "واقع" فهو مشروط بمدى "وعيهم" لبؤسهم ولبؤس العالم، ومشروط بمدى عملهم الجاد على دفع هذا البؤس وتغييره..
ولسوف يسرع كثيراً إنجاز هذه المهمة المطلوبة بإلحاح، والشاقة والطويلة الأمد، امتلاكهم لرؤية إنسانية بديلة شاملة لخلاص العالم، ولتصويب مساره ومصيره الكارثي.

* واحـة العـرب



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجوهرة والستار .. !؟
- معنى الكرامة: درس من شافيز
- ذات أكتوبر روسي... ذكرى ثورة هزت العالم
- أربعون عاماً على رحيله... جيفارا .. جيفارا


المزيد.....




- بسرعة 152 ميلًا في الساعة.. ثنائي مغامر يقفزان من مروحية ويح ...
- -ألف حمساوي- في تركيا.. -زلة لسان- إردوغان وماذا وراءها؟
- ماذا يعني إعلان مصر التدخل رسمياً لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد ...
- شتائم واتهامات بين نواب المعارضة والحزب الحاكم في البرلمان ا ...
- وسط التغييرات في الكرملين.. القبض على مسؤول كبير آخر في وزار ...
- حزب الله يرد على -اعتداءات إسرائيل على المدنيين بصواريخ وأسل ...
- الصين تتعهد باتخاذ -جميع الإجراءات اللازمة- ردا على الرسوم ا ...
- القسام تعلن تنفيذ عملية مركبة ثانية في المساء ضد قوة إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل إسرائيلي وإصابة 5 جنود بإطلاق صواريخ ...
- زاخاروفا تصف الاتحاد الأوروبي بالمريض بـ-اضطراب القطب الثنائ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بسام الهلسه - بؤسُ العالم..