|
انا...على رقعة الشطرنج
ازهار علي حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 06:25
المحور:
الادب والفن
بينما تتجاوز أناملي في أحايين كثيرة ، مسافة اللا شرعيه في إنتقالاتها مابين مربعات رقعة الشطرنج ، أكون قد رتبت لحظة ما في هجوم محتمل ، لكنه وعلى كل حال ، لن يكون سوى هجوم عليّ أنا ... مهما إبتعدت عن نطاق الحيره ... فالشطرنج .. لعبة الخطر ، وأيضاً ما يوّحِد بقايا شتات نفسي الجموح ، في رحلة ودوده لعالم تتواصل أجزاءه ، لاتنآى ، يسمح لكل جزء بالبوح ، ولكل كلمة بالقوة ، ولكل ألم بالتفجر ..... وفي متابعة خطواتها ، تلك اللعبة التي احب ، البكماء الصاخبه ، أتحايل في أحايين كثيرة ، للخروج هرباً منها ، أومعاودة خوض غمارها مجدداً ، إنها المساحة التي لاأتمنى إلا أن أكون ضمنها ، وفي نطاقها ، رغم نتائج الخسارة التي قد تبدو محبطه...... إن شيئاً من تحدٍ وكبرياء يحفزني ، في كل مرة للبدء من جديد ، اللعبة التي لاأستطيع إلا أن أدرك مفاوزها ، تقودني دهاليزها ملهمة في جو الخسارة المحتمله . وفي جنوحي لتجنبها ، وعلى كل الأصعده ، طورت لعبتي بطريقة ، أتهم بممارستها ، بالجنون معلنة الرقعة أمام المرآة ، وشاطرة نفسي عدوين متحاربين، مقسمة يداي بينهما ، أحرك باليمين الأحجار البيضاء ، وبالشمال السوداء . هكذا ، ألعب لعبتي المفضلة بروحين عدائيين ، وبما يجنبني مرارة الخسارة التي أكره ، هو في ذات الوقت شعور بالأمتلاء بنشوة النصر، وبما يمنحني قوة ألملم بها شتات أنصافي المحطمه ، لأواصل اللعب من جديد ..... النهاية موت ونصر ، وانا التي غدوت حينها في قمة السعاده ، وعيناي تركزان في عيني صورتي في المرآة ، ملؤهما نشوة النصر وإنكسار الهزيمه ، أضرب الحجر على الرقعة ، برحلة تنتهي بالبدء ، الفرحة تتسلق زوايا النفس ، الى فمي ، تصرخ بهمسٍ ظفور : ـ كش ملك أنت الخاسره .. وحين يرغمك مبهم على تركيز ذاتك وحواسك ، فتأكد أنه إستثناء لايتكرر ، يلهمك نبأ يقين ، فالقلب ليس أليف ، تتمكن الذاكرة عليه من ممارسة قسرية المكوث فيها وضمن أسارها ، وأدركت ممارسة الأرغام التي ساقني لها اللاشعور ،حين أجبرني أن اسمر عيني في عيني صورتي ، مركزة ذاتي بنظرة مخترقة ، مكنتني في لحظة مستثناة ، بدت يتيمة عن الزمن ، إختراق الجسور بيني وشتات ذاتي ، لملمته في لحظة وأدركت أن لي أوصالاً أخرى ، حين أبصرت صورة تشبه صورتي ، بنظرة لاتواصل نظرتي ، ومنطقٍ لاينتمي لمنطقي ، تتحرك شفتاها بحشرجة خافته ، ترد على خسارة هزيمتها ، قائله : ـ أنا ما زلت الرابحه .. فأنتِ مليكتي .. لم يكن كابوساً أراه في منامي ، بل حقيقة كانت أمامي ، حية ، حقيقه ، تركت لفمي أن يخاط ،ولحركتي أن تتجمد في جسدي إلا حركة الرعب في ركبتي ، وحين نطقت بهمسٍ متساءل ، كان ثمة ما يسبح في داخلي ، كان اليقين ، قلت أسألها عمن تكون ....؟ ودارت حول أذني دوامة مترنحه ، وأنا أسمع ذات الحشرجه ، ترد بشممٍ يحاكي شمم الملوك ، قائله : ـ أنا .... أميو ... حركتها المتحرره كانت ضمن رؤيا النبوءه الموعوده ، وبدت مبتلة بحنان قاس ، مثل سماء لاتشبه إلا ذاتها ، في صوتها كان إجتياح غني لركنٍ إكتشفته للتو ، من ذاتي ، كان النبوءه .... كان جوابها يحمل صلابة التمرد ، وقسوة التأريخ ، وحشرجتها التي بدت مثل باب موصدة على الحزن ، كانت لي ، رعب حقيقي ، حين عادت للتحدث في معرض الجواب : ـ أنا آلهة ... آلهة متمنيه ، وجوه البشر التي عرفت ، ووجوه الآلهة التي رأيت ، كانت زمن فيه سجنت ، وعليه تمردت وصرخت ، وماذا يحدث لو صرخت .. !؟ لو إ ستبحت الطرقات ، حياة للحب والحرية والغناء ؟ ، ماذا يحدث لو إفترشت كل الوجوه المبهمه ناشرة وشاح عواطفي الطريه الهوجاء أفقاً أمامها ...؟ وماذا يحدث إن أعلنت امنيتي .. الآن ، مثل القرون البعيده والقريبه ، والقادمه ... !؟ وهل تستبيح القرون حلم ؟ وهل ظننتها تتمكن من سحق الذوات ..؟ وآه حين يعبث بنا الحلم ... تولد الأمنيات ، والرغبه ، ويولد في النفس التمرد .. حينها تبعث أراشيف الثورات ، ونغرق في نشوةٍ تلهي عن إستباحة زمن التجاوزات الحصين ، ذاك المترصد.. ميلاد اللحظة كان لي عرساً ، فيه أفنى وفيه أولد من جديد ، وأنا الذي إرتضيت لنفسي العشق الكبير ، عشق الولاده والتمرد والحياة ، كان السجن موتي المحتم ، وغدي المهدوم ... الموت يا سيدتي غصن إلتوى ، فتدلى .. فلاقى آخرا كان أسمه سفرا وكان الى الحياة ..... سجني ، حجر الشطرنج ، حين كنتِ لي منحة الإله ، انت منجيتي .. بإنشطارك الغريب عن أبناء البشر ، لم أجد مستقراً أروع من روحك الحزين ، لتكوني أنت أنا.. وأنا أنت .. ، فلا تفزعي لأني نفسك فقط .... بدأت الدوامة حول أذناي تتلاشى شيئاً فشيئاً ، لتسكن جسدي مديرة فيه الدماء المتجمده ، فأحس أخيراً بأناملي المتثلجه ، ورقبتي المصبوبه . بدا لي صوتي مهشماً لوهلة ، في السؤال الوحيد المتوارد لذهني : ـ ما الذي حبس آلهة في حجر الشطرنج ، وكيف ولماذا أنا من يحررها ...!؟ كانت كلماتها أبواب مشرعة على الأسئله ، رغبات شفيفه ، وصليب ترتمي عند عتبته الأستفهامات المبهمه ، سردت قصتها مشحونة ، كجرس صومعة هجر بلؤم ، قائله : ـ أنا آلهة ، ابصرت من دقائق النفس أخفتها نوراً ، وأدقها شاهداً ، أنا حين ولدت ، كانت في السماء ترسم قلوب العشق ، وسهام الخديعه ، وحيث وجدت ، كانت توجد محاولاتي لنشر ثوب العدل والإنصاف بين البشر . كانت الأرض لي إمتداد إرتعاشة طرية في نفس عاشق ، حين كانت المعضلة ، سبب سجني ... ( وتنفست بعمق ، كأنها تدرك أنفاساً فاتتها ، ثم أردفت ) كنت أحب، ، أعشق رجل وإمرأة في ذات الوقت ، أتهيء في ليلة كرجل ، اقابل فيها حبيبتي الحسناء ، وأتهيء في أخرى كإمرأة ، وأقابل حبيبي الرجل ، الصوت الفارغ في نطق الكلمات المترصدة من حولي ، ماكان يعنيني ، والتكور الثاقب للعيون مثل لي عقداً أهوج والظلام ، وأنا الذي حطمت اي شاهد أمكنه الدلالة على محبوبيّ ، كنت وجهاً مباحاً ، امام كل الإتهامات ، وكل حشو الأكاذيب الذي لفق لي ، حين إكتشف والدي الإله الأعظم حيلتي الخرافيه وثورتي اللامسؤلة ، على التقاليد المباركة الرصينه ، وإبتلائي بالحب .. كان سبباً أدعى لسجنٍ مقرونٍ بالهوان في حجرالشطرنج ، وسجنت أمام عيني والدي في حجر اللعبة التي لم تفارقه يوما ، ولم يكن من سبيلٍ لتحريري ، إلا إن وجدت شخصية تشابهني ، تعيش حال إنشطاراتي ، وتعرف بما عرف عن تناقضاتي ، مدركة عمق زواياها .... وكنت أنت ....!! صدى النفس .. علاج ناجع في خلق جو لاينتمي الى السريه ، وهكذا أعلنت أمنيتي ، كرغبة ودودة في التعرف على عالمها المجنون ذاك الذي فتنت به من خلالها وحديثها ، وشائج الآلهه ، ثورتها ، وبعث قوى التمرد المجنونه ، حين جاء تحذيرها المنكسر صادقاً ودوداً ، قالت : ـ أن أعود عالمي المألوف ، أمنية الحريه التي عشت لها قرونا ، لكن حقيقة عودتي مقرونة في شرط أن تسجني بدلاً عني في حجر الشطرنج ، فإن كان جنون المعرفة فيك أكبر من عشق الحرية ، فإختاري .. أو أبقى معك نلعب الشطرنج .... حينها أدركت أني خلقت من إختراعٍ فريد ، يتيم ، وعرفت ما أنا به وعليه من غربةٍ وغرابة، وكان عليّ الإختيار ......
#ازهار_علي_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواسم الحصاد
-
هواجس الرحيل
-
لزمن اطول00
-
زوايا مهرجان الصمت
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|