أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامر أحمد موسى - الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجستير ....الجزء الثالث















المزيد.....



الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجستير ....الجزء الثالث


سامر أحمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 09:43
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المبحث الثاني
الحقوق المقررة للمدنيين في الأقاليم المحتلة
لا شك أن قواعد حماية المدنيين كما سبق الذكر، ترتكز على مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين، إلا أن تجاهل هذا المبدأ وخصوصا في الأقاليم المحتلة من قبل دولة الاحتلال، جعل دائما الحصيلة ثقيلة في صفوف المدنيين(1)، وعليه بذلت الجهود الدولية من أجل تقرير قواعد للحماية العامة للمدنيين، وذلك عبر قواعد اتفاقية جنيف الرابعة ومن قبلها قواعد لائحة لاهاي الرابعة، وأخرى لحماية بعض الفئات من المدنيين تضمنها البروتوكول الإضافي الأول، وهذه القواعد التي تأخذ صداها أيضا في الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، هذا القانون الذي يقدم مع قانون النزاعات المسلحة حماية تكاملية للمدنيين(2)، وسنبين ذلك من خلال المطلبين التالين:
المطلب الأول
حقوق المدنين في اتفاقية جنيف الرابعة وحدودهـا
لقد تضمنت اتفاقية جنيف الرابعة 1949 مجموعة من الحقوق الحامية للمدنيين في مواجهة دولة الاحتلال، والتي تمثل الحماية العامة لهم، وهنا سوف نتوقف عند أهم هذه الحقوق من خلال إبراز مجموعة الحقوق السياسية والمدنية في الفرع الأول، مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الفرع الثاني، وهذا ما يجعل من السهل علينا التوقف عند أوجه قصور الاتفاقية في هذا الشأن بالفرع الثالث وذلك كما يلي:
الفرع الأول
الحقوق السياسية والمدنية
إن كان هذا الفرع معنونا بالحقوق السياسية والمدنية، وهذا القول لا يعني وجود الرغبة في الدخول بمسألة، هل القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فرعان مستقلان أو متكاملان أم لا(3)؟
بقدر ما جاء هذا العنوان لحتمية أن يحكم القانونان معا مناطق جغرافية مختلفة(1) من خلال توطيد جسر بينها، ولأن القانون الدولي لحقوق الإنسان أوسع نطاقا في التطبيق، من حيث الزمان حيث يسري في زمن السلم والحرب مع التقيد في الحالة الأخيرة، وأيضا دراسة هذه الحقوق في سياق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، أفضل لوضع صورة كاملة للخروقات التي تصيبها من قبل دولة الاحتلال.
إن كان جميع الفقهاء والشراح يصفون مجموعة من الحقوق والتي تعتبر سياسية ومدنية والمستمدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966، فنذكر منها على الأخص: الحق في تقرير المصير، الحق في الحياة، عدم الخضوع للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، والحق في اللجوء للقضاء العادل، عدم جواز النفي والترحيل، وحرية التنقل والإقامة وغيرها..(2)، وعليه يتعذر هنا بحث كل أنواع الحقوق المقررة للمدنيين في ظل الاحتلال عبر اتفاقية جنيف والشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وذلك لأنها من الكثير بمكان، فتجدر الإشارة إلى أهم هذه الحقوق وباختصار وهي كما يلي:
أولا: الحق في الحياة والنهي عن التعذيب والمعاملة غير الإنسانية.
لقد نصت المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه «..من المحظور على أي منهم (المتعاقدين) أن يتخذ إجراءات من شأنها أن تسبب التعذيب البدني، أو إبادة الأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطته، ولا يقتصر هذا الحظر على مجرد القتل، والتعذيب، والعقوبات البدنية، وبتر الأعضاء والتجارب الطبية، أو العلمية التي تقتضيها ضرورات العلم الطبي، ولكنه يشمل أيضاً أي إجراءات وحشية أخرى سواء من ممثلي هذه الدولية المدنيين أو العسكريين »، فالمادة تحرم إيقاع الموت نتيجة للقتل العمد، أو الإهمال في رعاية المدنيين طبياً(3)، والقتل العمد الفردي أو الجماعي للأشخاص المحميين محرم، لأن القتل الفردي إنكار لحق الحياة على الفرد والإبادة الجماعية إنكار لحق الحياة على جماعة معينة(4)، وهذا الأمر أكد في المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة وكذلك المادة 02 من اتفاقية منع إبادة الأجناس.
فلقد حرمت الاتفاقية الرابعة كل العقوبات البدنية وعمليات التشويهMutilation التي تعتبر نوعاً من أنواع التعذيب والإيذاء للنفس البشرية، كما حرمت التجارب الطبية التي تجري على الأشخاص المحميين(5)، أما في إطار منع المعاملة اللاإنسانية يمكن لنا أن نرتكز على مجموعة المبادئ التي جاءت في نص المادة 27 من الاتفاقية الرابعة، التي تلزم الامتناع عن إتيان التصرفات التي تتسم بالطابع اللاإنساني ضد المدنيين المحميين، وبمعنى آخر وجوب احترام الوجوه المادية والمعنوية لشخصية الكائن البشري(1)، من قبل دولة الاحتلال، وعليه نهت المادة 147 من الاتفاقية الرابعة لجنيف كل هذه التصرفات ضد الأشخاص المحميين، واعتبارها من قبيل المخالفات الخطيرة أو الجسيمة للاتفاقية التي تعتبر جرائم حرب، ولنا أن نذكر بأن هذه الحقوق نصت عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية، في المادتين 03 و05 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك في المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية(2).
ثانيا: حق احترام الأشخاص وشرفهم وكرامتهم.
هذا الحق الذي جاءت به المادة 27 ليس جديدا في الاتفاقية فهو مؤسس على مادة مشابهة جاءت في المادة 46 من اللائحة الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة، ويجب أن يفهم هذا الحق على أنه يغطي كل الحقوق التي تلازم الشخص والتي تنبع من بشريته وتشمل وجوده وإمكانياته العقلية والصحية وعلى وجه الخصوص احترام تفكيره ومعنوياته.
فتلزم دولة الاحتلال باحترام شرف وكرامة المدنيين المحميين ضد الابتزازات وتشويه السمعة والتحقير والإهانة، فشرف الإنسان صفة معنوية تلازم كرامة الإنسان، واحترامها يتطلب أن لا يكون المدنيين في الإقليم المحتل محلا لأي عقوبات أو أعمال مخزية، وقد سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اتفاقية جنيف بهذا الشأن حين قرر هذه الحقوق في مادته الأولى وكذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته 23(3).
ثالثا: حق احترام العقيدة الدينية والعادات والتقاليد.
قد جاء النص على هذا الحق في اتفاقية جنيف الرابعة بالمادة 27 حين نصت «للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لعقائدهم الدينية وممارستها وعاداتها وتقاليدها..» فالحماية التي تقرها هذه المادة بأن للشخص الحرية التامة في اعتناق أي معتقد ديني ولا قيد على حريته.
للأشخاص المدنيين الموجودين في الأراضي المحتلة الحرية التامة في ممارسة هذه العقائد دون أي تدخل من سلطات دولة الاحتلال ودون أي قيود تفرض على هذه الممارسة من ناحية الزمان أو المكان أو إمكانية هذه الممارسة من عدمها(4)، وإن صح لنا أن نتوقف هنا، نجد أن قوات دولة إسرائيل المحتلة وبدعوا الضرورة الأمنية دائماً تضرب بعرض الحائط هذا الحق، حينما تمنع وصول المصليين يوم الجمعة إلى المسجد الأقصى، فلا يدخل المسجد سوى من هو أكبر من 45 سنة وأن يكون من سكان المدينة القديمة (القدس) فقط(1)، وهذا العمل يشكل خرقا للاتفاقية.
رابعا: حق المدنيين في البقاء والتنقل داخل الأراضي المحتلة وتحريم النقل الإجباري الفردي أو الجماعي للسكان المدنيين في هذه الأراضي.
لقد حرصت اتفاقية جنيف الرابعة على تقرير هذا الحق في مادتها 49/1 بحظرها النقل الإجباري الفردي أو الجماعي بصفة مطلقة إلى دولة الاحتلال أو أراضي أي دولة أخرى هذه الصيغة المطلقة لا تسمح بأي استثناء رغم القيود الواردة في الفقرة الثانية من هذه المادة التي جاءت لتحقيق مصلحة السكان المدنيين ليس غير، وهذا الحق نصت عليه أيضا المادة 6 من ميثاق المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ(2)، ويمنع على دولة الاحتلال ترحيل مواطنيها إلى الإقليم المحتل مهما كانت دواعي هذا النقل لأن الاستيطان يشكل جريمة دولية.
فعند عدم امتثال دولة الاحتلال لهذه القواعد، تعتبر بأنها جاءت بجريمتين دوليتين تدخلان في إطار المخالفات الخطيرة وفقا للمادة 147 من الاتفاقية، وإن كانت هذه القاعدة العامة فالاستثناء يجوز لدولة الاحتلال (حسب 49/2) الإخلاء الكلي أو الجزئي في حالة يتطلب ذلك أمن السكان وحالة الضرورة وأسباب القهرية(3).
خامسا: الحقوق القضائية.
لقد أكدت اتفاقية جنيف الرابعة في المادة 33 منها، هذه الحقوق التي نجد سندها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يقضي بحق كل إنسان أن تنظر قضاياه أمام محكمة مستقلة وعادلة، وإضافة إلى ذلك قضت المادة 64 من الاتفاقية ببقاء قوانين العقوبات الموجودة، في الإقليم المحتل نافذة كقاعدة عامة(4)، وبمواصلة عمل محاكم الإقليم.
في هذا السياق وتوخيا للاختصار، تقوم الحقوق القضائية المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الرابعة على مجموعة من المبادئ نذكر منها ما يلي:
- مبدأ عدم سريان قوانين العقوبات بأثر رجعي (مواد 64/65/7) من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 15 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
- مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة (المادة 67).
- مبدأ شخصية العقوبة (المادة 33).
- مبدأ تقيد عقوبة الإعدام (المادة 64/65).
- مبدأ عدم جواز القبض على الأشخاص المدنيين أو محاكمتهم بسبب أفعال أو أقوال سابقة على الاحتلال.
- مبدأ ضرورة توفر ضمانات المحاكمة القانونية (المادة 71 من اتفاقية جنيف والمادة 10 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية).
- مبدأ حق المحكوم عليه في استئناف الأحكام الصادرة ضدهم (المادة 73)(1).
الفرع الثاني
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
إذا كان لنا أن نذكر بأنه من منطلق الإيمان بعالمية وشمولية حقوق الإنسان، فهناك من ينادي بوجوب سريان القانون الدولي لحقوق الإنسان في أوقات الحرب والسلم على السواء(2)، وفي المقابل هناك من يعارض هذا القول، وفي هذا السياق شدّ مؤتمر فيينا لعام 1993، على ضرورة توافق ممارسات الدول المشاركة في النزاع المسلح وما قد ينشأ عنه احتلال حربي مع قواعد وأحكام القانون الدولي، والمعايير الواردة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية أو ما يعرف اليوم بـ Bill Of Right أو شرعة الحقوق(3)، هذه التي تحتوي مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تضمنتها المواد 22-28 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومواد العهد الدولي لحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومنها الحقوق العائلية والحقوق العمالية والحقوق المتعلقة بالتعليم والتربية والحق في المشاركة في الحياة الثقافية للمجتمع وغيرها، وهذه الحقوق التي تلتزم جميع الدول، بغض النظر عن ثروتها القومية، بالسعي على الفور وبأسرع ما يمكن نحو إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتعاون من خلال العمل المتواصل والاستخدام الفعال والتراكمي للمصادر المتوفرة.
إن كان في هذا المقام يتعذر الوقوف على كل هذه الحقوق المقررة لفائدة المدنيين، في ظل الاحتلال عبر قواعد اتفاقية جنيف الرابعة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وذلك لأنها كثير فيجدر الإشارة إلى أهم هذه الحقوق وهي كما يلي:
أولا: الحقوق العائلية:
ضمانا لاحترام الحقوق العائلية للأشخاص المدنيين المحميين ووفقاً للمادة 27 من الاتفاقية الرابعة فإنه يجب على سلطة الاحتلال احترام ما يلي:
- حماية روابط الزواج المقدسة، حماية الأباء والأمهات والأولاد الذين تتكون منهم الأسرة الواحدة
- عدم تفرقة أفراد الأسرة الواحدة، وضرورة العمل على إعادة إلتئام العائلة الواحدة التي تعرضت للانفصال بسبب النزاع أو الاحتلال وذلك بمقتضى المادة 25 من الاتفاقية.
- احترام السكن الذي تقيم به الأسرة وألا يكون محلاً لأي اعتداء أو تدخل تحكمي من جانب دولة الاحتلال(1).
- حماية النساء وشرفهم من الاغتصاب والاعتداء حسب الفقرة الثانية من مادة 27.
- وقد سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اتفاقية الرابعة في تقرير هذه الحقوق في المادتين 12 و16 منه وكذلك العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في المادة 10 منه حيث قرر وجوب منح الأسرة أوسع حماية ومساعدة ممكنة.
ثانيا: الحق في التربية والتعليم والصحة.
لقد جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادة 28/3 بأن للوالدين الحق في اختيار التعليم الذي يريدونه لأولادهم وكذلك تناولت المواد من 13 إلى 15 من العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية هذه الحقوق(2).
أيضا نصت المادة 50 من الاتفاقية الرابعة، على أحكام متعلقة بالتعليم ورعاية الأطفال بالإقليم المحتل وألزمت المحتل بتسهيل الإدارة الجيدة لجميع المنشآت المخصصة للعناية بالأطفال وتعليمهم وذلك بمعاونة السلطات المحلية، وفي حالة عدم الكفاية هذه المنشآت يجب على سلطة الاحتلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لرعاية وتعليم وتربية الأطفال حسب دينهم.
أما الحقوق المتعلقة بالصحة فإن الاتفاقية الرابعة من خلال المواد 55-57 منها ألزمت سلطات الاحتلال باتخاذ جميع الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع انتشار الأوبئة وتأمين وصيانة المنشآت الطبية وعدم الاستيلاء عليها طالما أنها لازمة لاحتياجات المدنيين في الإقليم المحتل(3).
ثالثا: حقوق العمال.
لما كان العمل هو عصب الحياة وأساس تطورها، وهو المصدر الرئيسي للدخـل الذي يتوقف
عليه العيش والبقاء، وعليه فقد حظيت حقوق العمال باعتراف متميز في القانون الدولي، فتضمنت المادة 23 من الإعلان العالمي، وكذلك المادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد تضمنت المادة 51 من اتفاقية جنيف الرابعة، حق العمل للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة، وعلى الأخص الفقرة الثانية منها، حيث أوجبت شروط مكان العمل بأن يكون في داخل الأراضي المحتلة وأن يكون العمل غير ذي طابع حربي وأن يكون العامل فوق الثامنة عشر(1).
رابعا: حق احترام الحقوق المالية الخاصة بالسكان المدنين في الأرض المحتلة:
يمكن تعريف الأموال الخاصة بأنها "الأموال المملوكة للأشخاص والشركات العامة غير مملوكة للدولة أو لأحد وكلائها أو ممثليها"(2)، فإنه كقاعدة عامة حرمت مادة 33/2 من الاتفاقية الرابعة أي تعرض للممتلكات الخاصة عن طريق السلب أو النهب، واعتبرت السلب والنهب محظورا وانتهاكاً لأحكام الاتفاقية وألزمت سلطات الاحتلال بحماية جميع الأموال الخاصة من النهب أو السلب بإصدار لوائح جنائية تنهي عن السلب ومعاقبة من ارتكبها سواء كان مدنيا أو عسكريا.
خامسا: الحق في حماية الممتلكات الثقافية.
تقرر كثير من النصوص القانونية في اتفاقية لاهاي الرابعة سنة 1907(3) قاعدة عدم الاعتداء على الممتلكات الثقافية أثناء فترة الاحتلال، وقُرِرًّ ذلك بكل وضوح في اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية لعام 1954 والتي قررت عدم الاعتداء بأي شكل من أشكال على الممتلكات الثقافية أثناء الاحتلال وهذا ما جاءت به المادتان 50 و51 من اتفاقية جنيف الرابعة.
وعند هذا الحد نكتفي على أن نذكر بأن هناك الكثير من الحقوق للمدنيين لم نتكلم عنها في هذا المقام وعلى رأسها حق تقرير المصير وحق دفاع الشعب المحتل عن نفسه، وحق عمل المنظمات الوطنية التي كانت تعمل قبل الاحتلال بعده وغيرها، وهذا راجع لضيق المساحة المحددة ولاتساع جوانب الموضوع أكثر من اللازم.

الفرع الثالث
أوجه قصور اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين
بالرغم أهمية اتفاقية جنيف الرابعة في تقرير الحقوق الأساسية والحماية العامة للمدنيين والمبادئ الإنسانية، التي تحكم حالة الاحتلال، فضلا عن قيمتها القانونية باعتبارها أول اتفاقية من نوعها من حيث موضوعها ونطاق تطبيقها، تضع نصوص شاملة لتنظيم حالة الاحتلال(1)، إلا أن قصور أحكامها جعل سلبياتها تطفو على سطح الأحداث الدولية، فهذا القصور في الاتفاقية بصفة عامة يرجعه جل الفقهاء والباحثين إلى مجموعة من الأسباب والانتقادات، منها عدم تناسب الاتفاقية مع الأخطار الناجمة عن استخدام الأسلحة المتطورة، وإعداد هذه الاتفاقيات في زمن الاستعمار الغربي وغياب الكثير من الدول في المشاركة بهذا الإعداد(2)، ونضيف أيضا سببا جوهريا وهو أن الاتفاقية لم تعالج حماية المدنيين أثناء القصف الجوي(3)، ومع هذا كله فإن اتفاقية جنيف الرابعة تعتبر بمثابة الفتح الكبير الذي حققه المؤتمر الدبلوماسي لعام 1949(4)، وأما بالنسبة للقواعد الدولية المنظمة لحالة الاحتلال نستطيع أن نبرز باختصار أوجه قصورها من ناحتين كما يلي:
أولا: أوجه القصور النظرية:
تتمثل بما يلي:
- إسراف قواعد قانون الاحتلال في رعايتها لمصلحة دولة الاحتلال على حساب مصلحة المدنيين من خلال النص على الضرورة الحربية أو العسكرية القاهرة، كتحفظ خطير يسمح لقوات الاحتلال ممارسة بعض التصرفات الضارة بالمدنيين منها على سبيل الاحتلال الكلي أو الجزئي لمنطقة معينة من الأراضي المحتلة من سكانها، وحجز الأشخاص المدنيين وتدمير الممتلكات العامة وهذا عيب يتنافى مع أن هذه القواعد وضعت أساسا بطابعها الإنساني لحماية المدنيين(5)، وهذا الأمر مرده إكثار واضعي الاتفاقية من اعتماد الحلول الوسط.
- عدم النص على تحريم استخدام الأسلحة الخطيرة الحديثة ضد السكان المدنيين، وهذا يرجع لأن الاتفاقية لم تعالج موضوع وسائل الحرب الحديثة وأثارها على نظام الاحتلال الحربي(1).
- عدم النص على الحريات العامة الأساسية التي يجب أن يتمتع بها المدنيون في الأقاليم المحتلة وذلك على النحو الذي كان سائدا قبل الاحتلال مثلا كحرية الرأي والتعبير والصحافة.
- عدم تضمن الاتفاقية لنصوص صريحة تحمي رجال المقاومة في الأراضي المحتلة، الذين يتمسكون بمبادئ القانون الدولي الذي يمنحهم شرعية لمقاومتهم لاحتلال.
- ضرورة النص على الجزاءات الجنائية التي توقع على منتهكي قانون الاحتلال وعدم الاكتفاء بتعهد الدول المتعاقدة بمقتضى مادة 146 من الاتفاقية باتخاذ أي تشريع يلزم لفرض العقوبات، لأن هذا غير كافٍ وغير عملي(2)، فبالرغم مما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم ضد المدنيين في فلسطين المحتلة لم نجد هناك أي حكم من المحكمة الإسرائيلية يدين هذه التصرفات. وهذا ما سوف تتوقف عنده في دراسة أوجه القصور العملية.
ثانيا: أوجه القصور العملية:
لما كانت الممارسات الدولية هي المؤشر الوحيد على مدى استفادة المدنيين من أحكام قواعد اتفاقية جنيف الرابعة وخصوصا في الأقاليم المحتلة عمليا، فإن دولة إسرائيل وكما فعلت ألمانيا النازية ومنذ بدء احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية ارتكبت العديد من الجرائم ضد المدنيين مع أنها تزعم بأنها تلزم نفسها بالأحكام الإنسانية لاتفاقية جنيف، فإنها تواصل في الوقت ذاته انتهاكاتها السافرة لهذه الأحكام(3)، علاوة على رفضها تطبيق الاتفاقية الرابعة على الأراضي الفلسطينية.
لو حاولنا أن نجعل سجل الإرهاب الإسرائيلي كاملاً يحتوي على جميع ما ارتكبوه من جرائم لعجزت السطور عن استيعابه، منذ عام 1939 ارتكبت المنظمة القومية العسكرية الصهيونية(أرجون) أفظع الأعمال الوحشية ضد السكان المدنيين منها ما فعلوه في سكان قرية دير ياسين وغيرها.
أما واقع اليوم فإن الانتهاكات الإسرائيلية أخذت إشكالا كثيرة منها:
- في عامي 2002/2003 استخدمت السلطات الإسرائيلية القوة المفرطة وغير المتناسبة وأعمال القتل خارج إطار القانون والقضاء واعتماد سياسة الاغتيالات رسميا، مما أدى إلى قتل الكثير من المدنيين(1)، إضافة إلى إطلاق النار على المدنيين خلال المواجهات المدنية، وأثناء مرورهم على الحواجز العسكرية لقوات الاحتلال.
- قصف الأحياء السكانية وتدمير المنازل والممتلكات المدنية الخاصة.
- استمرار سياسة الحصار والعقاب الجماعي وفرض القيود على حرية الحركة(2)، وبناء جدار الفصل العنصري الذي يعيد لأذهان العالم معالم جدار برلين، هذا الجدار يؤثر سلباً على حياة المدنيين الاقتصادية والاجتماعية لهذا يواجه حالياً بحملة إدانة دولية كبيرة، وغيرها من الجرائم التي توصف بـ" جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية "، والتي تستوجب توقيع العقوبات ولكن هناك سؤالان مطروحان، أولهما كيف نوقع عقوبات دولية على إسرائيل وهي الحليف الأول لأمريكا؟ في الوقت الذي تسيس فيه حتى القانون الإنساني، وثاني الأسئلة كيف يمكن حماية المدنيين وفرض احترام القانون الدولي الإنساني في الوقت الذي نواجه فيه سياسات القتل والإبادة الجماعية؟
خلاصة القول، لقد أثبتنا سابقا ما أصاب قواعد حماية المدنيين في الأقاليم المحتلة من قصور نظرياً وعملياً، هذا ما أدى إلى تواضع النجاح الذي حققت هذه الاتفاقية على أرض الواقع ومن هنا كان التفكير بالتطوير أمرا لابد منه لأن هذه النواقص قد بددت الاعتقاد الوهمي بأن الضوابط التي رسخت في اتفاقية جنيف قد أدت النتائج المطلوبة منها فعلاً(3)، وعليه جاء البرتوكول الإضافي الأول، فهل وفق في تحقيق، أي نجاح نظرياً وعملياً أكبر لحماية المدنيين في أقاليم المحتلة؟ هذا ما سوف نعرفه في المطلب الثاني من هذا المبحث.
المطلب الثاني
الحقوق المقررة لبعض الفئات الخاصة من المدنيين بالبروتوكول الإضافي الأول وفعاليتها
لقد كان مؤدى اعتماد البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، أن تعززت نظم الحماية الدولية للمدنيين زمن النزاع المسلح الدولي، وذلك بأفراد الباب الرابع منه للحماية العامة للسكان المدنيون من آثار القتال وخصص القسم الثالث من هذا الباب لمعاملة الأشخاص الخاضعين لسلطات طرف النزاع، إضافة لبعض المواد المتفرقة منه بهذا الخصوص.
يجب الإشارة بأن هذا البروتوكول قد طور من الحماية العامة للمدنيين، فعالج موضوع حروب التحرير الوطنية واعتبارها حرباً دولية بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة الأولى منه(1)، وعالج موضوع حماية السكان المدنيين ضد القصف الجوي في المواد من 24 إلى 31 منه هذا الموضوع الذي يعتبر العمل التشريعي الأكثر إبداعاً فيه(2)، لأنه سد ثغرة لا تطاق في الاتفاقية الرابعة، وأكد واستحدث الكثير من الحقوق وأوجه الحماية للمدنيين الخاضعين لسلطة طرف النزاع.
لكن سوف نحلل هنا فقط تلك الإجراءات للحماية الخاصة التي جاء به لصالح الأطفال والنساء والصحفيين، وذلك في الفرعين التاليين، هذا ما يجعل من اليسر علينا التوقف عند فعالية الحماية العامة الخاصة في الفرع الثالث، وذلك كما يلي:
الفرع الأول
حقوق الأطفال والنساء
الحماية الخاصة protection spécial مكسب إضافي لفئات معينة من المدنيين تقررت لهم بسبب حالتهم أو مهامهم التي يقومون بها، وهي لا تحل محل الحماية العامةprotection générale ولا تنقص فيها وإنما تؤدي إلى ازدواج الحماية لمن تقررت لهم، فطبقا لمعيار حالة الشخص من حيث السن أو الجنس قامت الحماية الخاصة للنساء والأطفال باعتبارهما الفئة الأكثر تعرضاً لمخاطر النزاع والأشد حاجة إلى هذه الحماية لكونهم أكثر ضعفاً(3)، وعليه سنتناولها بالدراسة تبعا:
أولا: الحماية الخاصة بالأطفال.
لقد كشفت الإحصائيات أن الأطفال شكلت نسبة 40% من ضحايا النزاعات، و50% من اللاجئين والمهجرين، وقد أحصت اليونيسيف UNICEF أنه بين 1987 و1997 مات مليونا طفل بسبب النزاعات المسلحة، وهذا يرجع حسب الوقائع التي أثبتتها "جراسا مايشل" في دراسة لها إلى أن الأطفال أصبحوا في نزاعات اليوم أهدافا – لا مجرد ضحايا عارضين- اعتقادا بأن قتل طفل هو قتل لعدو الغد(4)، وعليه لضمان فعالية أي نصوص، تقرر لحماية للأطفال أن تأخذ في الحسبان بأن الأطفال هم أكثر تعرضاً للضرر من غيرهم، وأنهم قد يكونون مجبرين أو مختارين للمشاركة في العمليات العسكرية مع مراعاة عدم نضجهم العقلي(5).
لأهمية هذا الموضوع، كانت هناك العديد من الإعلانات الدولية العامة التي توفر بعض نصوصها ضمانات لكافة حقوق الطفل في ظل النزاعات المسلحة، إذ يغطي العهدان الدوليان لعام 1966 الكثير من الحقوق للطفل إلى جانب التوصية رقم 3318/29 الصادرة عن الجمعية العامة سنة 1974 المتعلقة بإعلان حماية النساء والأطفال، هذه التوصية التي تحتل أهمية خاصة إذ يَّحظر هذا الإعلان كل أشكال العنف المهين ضد الأطفال والنساء ويستنكر استخدام الأسلحة الكيماوية والبكتريولوجية، وهناك الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين 1951 من الصكوك ذات الصلة، وكذلك اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 44/25 الصادرة في نوفمبر 1989 والتي تتضمن قائمة من الحقوق تطبق في وقت السلم والحرب للأطفال في مادة 38 منها(1).
على الرغم أن أحكام الاتفاقية الرابعة تمنح الأطفال حماية خاصة إلا أنها لا تحتوي على أية مادة تعتبر أساساً لهذه الحماية. أما البروتوكول الإضافي الأول فقد طور من مبدأ الحماية الخاصة للأطفال(2)، عبر المادتين 77 و78 منه اللتين ركزتا بصفة أساسية على الأمور التالية:
1. وجوب أن يكون الأطفال بموضع الاحترام خاص وأن تكفل الحماية ضد أية صورة من صور خدش الحياة، وأن يهيئ لهم العناية والعون وذلك بتوفير التعليم وجمع شمل الأطفال بأسرهم ورعايتهم الصحية.
2. حظر مشاركة الأطفال مشاركة مباشرة في العمليات العدائية من قبل أطراف النزاع، وذلك بعدم التجنيد في القوات المسلحة لكل طفل لم يبلغ 15 سنة من عمره، وعند المشاركة الاختيارية أو الجبرية لهؤلاء الأطفال ووقوعهم في الأسر يجب أن تمتد حماية هذه المادة لهم، ولكن عند مقارنة هذه الفقرة بنص الفقرة 3.ج. من المادة 04 في البروتوكول الإضافي الثاني، نجد هذه الأخيرة قد حدت حمايتها على الأطفال المشاركين بالأفعال العدائية بصورة مباشرة وغير مباشرة وهذا ما يحمد عليه البروتوكول الثاني(3).
3. لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام على الأطفال الذين لم يبلغوا سن 18 من عمرهم وقت ارتكاب جريمة متعلقة بالنزاع المسلح.
4. جاءت مادة 78 بالإجراءات الواجبة لإجلاء الأطفال وقتيا إذا اقتضته أسباب قهرية تتعلق بأمنهم وسلامتهم، وعليه فالإجلاء يتعين أن يكون استثنائيا ومؤقتا وألا يكون لبلد أجنبي كما أنه معلـق
على توافر شرطين وهما:
 أن تكون هناك أسباب ملحة تقضي بمثل هذا الإجراء.
 موافقة الوالدين في حالة وجودهما وفي حالة اختفاءهما موافقة من يقوم مقامهم بصفته والي عن الأطفال(1).
ويبقي القول بأنه في الأراضي المحتلة يستمر الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة الاستفادة من هذه الحماية بالإضافة إلى التدابير التفضيلية المتعلقة بالغذاء والعناية الطبية طبقا للمادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة.
ثانيا: الحماية الخاصة المقررة للنساء.
لعل أهم ما نبدأ هذا الموضوع هو بيان مدى تأثير القانون الدولي الإنساني حتى هذا اليوم بالتقدم المحرز في مجال حماية النساء في إطار حقوق الإنسان؟ فبالنظر إلى رأي " جبرالد درابر " فإن الحركة الرامية إلى تطوير القانون الإنساني استفادت استفادة جمة من التقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان(2)، ويعلل هذا القول بأنه يمكن النظر إلى المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي عقد في طهران عام 1968، على أنه نقطة تحول في تاريخ العلاقة بين القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عمل الهيئات المكلفة بالدفاع عن حقوق الإنسان التي نجحت بإحراز تقدم في عملية إحصاء المصاعب الخاصة التي تلحق بالنساء في النزاعات المسلحة، إلاّ أن كلل هذا العمل الوطيد باعتماد إعلان بشأن القضاء على أعمال العنف ضد النساء في الجمعية العامة في ديسمبر 1993(3)، واعترف أيضا المؤتمر العالمي الرابع بشأن النساء الذي نظمته الأمم المتحدة في بكين عام 1995 لما للنزاعات المسلحة من عواقب وأثر على حياة النساء.
تجب الإشارة إلى أنه منح الحماية والضمانات في اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولان الإضافيان يكون للجميع دون تميز وبالمساواة بين الرجل والنساء، على أن الفئات الخاصة من الأشخاص المشمولين بالحماية يتعين معاملتهم " ..معاملة إنسانية دون أي تميز ضار على أساس الجنس"، فمن هذا المنطلق منح النساء حماية خاصة هو إعمالٌ لقاعدة عدم التميز والمساواة نظرا لظروفهن الخاصة.
فرغم اتفاق الجميع على ضرورة توفير الحماية الخاصة للنساء إلا أنهم اختلفوا حول الأساس الذي على ضوئه تمنح مثل هذه الحماية، فمنهم من ذهب إلى إطلاق هذه الحماية أخذا في الاعتبار الحفاظ على الكرامة الإنسانية للمرأة. ومنهم من يري أن الغرض الأساسي من الحماية هو رعاية الأطفال أي أن الحماية معلقة على شرطين وهما وجودهن في حالة حمل أو أمومة، ورغم صواب الرأي الأول إلا أن واضعي البروتوكول الأول وحتى البروتوكول الثاني واتفاقية جنيف الرابعة قد غلبوا الرأي الثاني عن الأول ولحسن الحظ لم يهملوا الرأي الأول(1).
في الواقع هناك مواد متفرقة جاءت بالحماية الخاصة للنساء في اتفاقيات جنيف الأربعة، فعلى سبيل المثال المادة 27 من الاتفاقية الرابعة التي تقضي بأن تكون النساء الحوامل موضع حماية واحترام، وأنه يتوجب على دولة الاحتلال صرف أغذية إضافية وملابس لهم، والشأن ذاته في المادة 14 من اتفاقية جنيف الثالثة التي توجب معاملة" النساء...بكل الاعتبار الواجب لجنسهن "وغيرها من أحكام أكثر تخصيصاً(2).
وأما في إطار البروتوكول الإضافي الأول، فقد استمر التركيز على منح الحماية الخاصة للنساء في المادة 76 منه التي تضمنت أحكاماً مهمة ذات دلالة عامة(3)، فاستوجبت ما يلي:
1. يجب أن تكون النساء بموضوع احترام خاص وأن يتمتعن بالحماية، وذلك بعدم مساس دولة الاحتلال بنظام المعاملة التفضيلية أولا، وعدم الإكراه على ممارسة الدعارة ومنع الاغتصاب الجنسي وأية صورة من صور خدش الحياء، وفي نقطة منع الاغتصاب الجنسي ثم التأكيد عليها في تعليمات ليبر بمادة 49 منها التي تعاقب مرتكبي الاغتصاب، وكان الاغتصاب الجنسي من أوجه الاتهام للأشخاص الذين مثلوا أمام محكمة طوكيو، فضلاً عن ذلك فإن المحاكم الوطنية التي أنشئت لمحاكمة مرتكبي الجرائم في ألمانيا أدرجت الاغتصاب كجريمة من جرائم الحرب(4).
2. من أجل تقرير حماية النساء أثناء الاعتقال أو الحجز، أعطت الفقرة الثالثة من المادة 76 الأولية القصوى لنظر قضايا أولاة الأحمال وأمهات صغار السن، غير أن هذه الفقرة لم تحدد العمر لاعتبار أطفال صغار السن(5)، وكأنها تحيل تحديد السن للمادة 27 من الاتفاقية الرابعة.
3. أخيرا يجب الإشارة إلى قرار نص مادة 76 الفقرة 03 من البروتوكول الذي يقضي بعدم جواز تنفيذ عقوبة الإعدام على المرأة الحامل أو أمهات صغار الأطفال، هذا الحكم يعدُ تقدما كبيراً على ما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي حصر الحظر على الأمهات الأحمال بمقتضى المادة 6/5 منه.
الفرع الثاني
الحماية المقررة للصحفيين
لبيان أوجه هذه الحماية المقررة للصحفيين لا بد أن نتوقف عند ما يلي:
أولا: مضمون الحماية الخاصة للصحفيين في البروتوكول الإضافي الأول.
من الملاحظ الانتشار الواسع لمفهوم حرية الرأي والتعبير كأبرز حق من حقوق الإنسان يتدرج ضمن ما يسمي بالحريات الفكرية والمعنوية، فهذا الحق يشمل على جملة من الحريات منها حرية الصحافة والكتابة ووسائل الإعلامية وحرية الرأي، لهذا اهتمت الشرعية الدولية بهذا الحق في وقت السلم والحرب، فمن هذا المنطلق تبرز مجموعة من الحقائق، أهمها على الإطلاق أمران، أولهما الدور المميز الذي تقوم به كل وسائل الإعلام الحديثة في هذا العصر من نقل حي ومباشر للأحداث التي تعصف بالمدنيين والعسكريين أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، أما الأمر الثاني هو أن جل الإعلانات والمواثيق الدولية قد أكدت هذا الحق فنصت عليه المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 بأنه " لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير.." وأكد هذا أيضا بنص مادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهذه المواثيق كلها أفادت كثيراً في إعطاء نوع من الحماية الخاصة للصحفيين.
لهذا وطبقا لمعيار المهام، منح البرتوكول الإضافي الأول حماية خاصة للصحفيين كونهم من الفئات الأكثر تعرضاً لمخاطر النزاع على أساس وجودهم دائما بالمناطق الخطيرة التي تشتعل فيها النزاعات المسلحة، وركزت المادة 79 من البروتوكول الإضافي على الإجراءات الواجبة لحماية الصحفيين والتي نصت على الأمور التالية:
1. إدراج الصحفيين الذين يباشرون مهمات مهنية خطيرة في مناطق النزاعات المسلحة في إطار فئة الأشخاص المدنيين، وفقا للمادة 50 من البروتوكول الأول(1)، وعليه أضفى عليهم صفة المدنيين، وهذا الحكم ينطبق أيضا على كل الصحفيين الوطنيين في الأقاليم المحتلة.
2. لكن الفقرة الثانية اشترطت للاستفادة الصحفيين من أحكام الاتفاقيات والبروتوكول ألا يقوموا بأي عمل يسئ إلى وصفهم كأشخاص مدنيين، أي بمفهوم المخالفة ألا يشاركوا مباشرة أو غير مباشر في العمليات العدائية، وهذا الغموض يفتح الباب أمام تهرب أطراف النزاع من هذا الالتزام بحجة أن الصحفيين قد خرقوا هذا الشرط، وعليه لا بد من تحديد صور الأعمال السيئة للأعراف المهنية وخصوصاً في الأقاليم المحتلة حيث يواجه الصحفيون آلة البطش الاحتلالية.
3. مع تدارك نفس الفقرة السابقة لوضع المراسلين الحربيين المعتمدين لدى القوات المسلحة باعتبارهم من الفئات غير المحاربة المنتمين للقوات المسلحة لأحد أطراف النزاع وفق المادة الرابعة من الاتفاقية الثالثة والذين يأخذون وصف أسرى الحرب(1).
4. لابد على كل حكومة أن تصدر بطاقة شخصية للصحفيين من رعاياها، أو الذين يقيمون فيها أو التي يقع فيها جهاز الأنباء، تشهد على صفته كصحافي مع التزام هؤلاء الصحفيين بارتداء إشارة مميزة لهم.
بهذا نكون قد وقفنا أخيرا على مضمون الحماية الدولية الخاصة التي تقررت لعض الفئات الخاصة من المدنيين، وقبل أن نبين مدى فعاليتها، نتعرض فقط إلى إبراز الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين في الأراضي المحتلة الفلسطينية.
ثانيا: الممارسات الإسرائيلية ضد الصحفيين في الأراضي المحتلة.
لا يزال الصحفيون هدفا لرصاص وإجراءات قوات الاحتلال التعسفية وذلك في إطار إجراءات قوات الاحتلال للتغطية على جرائمها، وهنا نقترح للاختصار هذا الجدول الذي يبرز الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين(2) منذ اليوم الأول للانتفاضة الأخيرة 29/09/2000 :
الرقم نوع الاعتداء 2000 2001 2002
1 إطلاق نار أدى إلى قتل - 02 03
2 إطلاق نار أدى إلى إصابة 22 33 34
3 إطلاق نار دون إصابة 04 17 17
4 اعتقال واستجواب صحفيين 01 16 62
5 ضرب وإهانة 09 30 24
6 قصف وإغلاق مقرات ومحطات صحفية 04 10 33
7 مصادرة أجهزة صحفية 04 05 32
المجموع 44 113 205
362 حالة انتهاك
مصدر الجدول: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إخراس الصحافة: التقرير التاسع، 2003.ص.4

الفرع الثالث
فعالية الحماية المقررة للمدنيين بالبروتوكول الإضافي الأول
كان وبحق البروتوكول الإضافي الأول، يشكل تقدماً ملحوظا في شأن كفالة الحماية الدولية للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية، ويبرز ذلك بوضوح عند مقارنة بالاتفاقية الرابعة أو حتى بالبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977، إلا أن هذا القول لا يعني عدم وجود مآخذ على أحكام هذا البروتوكول منها عدم إكماله لجوانب ناقصة في الاتفاقية الرابعة منها على وجه التحديد عدم إدراجه لنص مستقل يضمن للمدنيين كافة الحريات العامة التي كانوا يتمتعون بها قبل الاحتلال، إضافة إلى أن الكثير من قواعده لم تكتس الصفة الآمرة ولم تدخل في ضمير العرف القانوني الدولي(1)، وهذا إلى جانب نقص عدد الدول التي انضمت أو صادقت عليه بالمقارنة بالاتفاقية الرابعة، إضافة إلى أن هذه الأخيرة حددت تحت عنوان مستقل سبل معاملة المدنيين تحت الاحتلال هذا الأمر لم يفعله البروتوكول الأول.
رغم ذلك فإنه يشكل تقدما ملموساً في شأن حماية المدنيين ويعد انتصاراً حقيقيا للمؤتمر الدبلوماسي 74/1977، حيث نجح – ولو نظرياً – في تحقيق حماية حقيقية للمدنيين وذلك عبر ما يلي:
أولا: على مستوى الحماية العامة للمدنيين.
ويبرز نجاح البروتوكول الأول في الكثير من النقاط نذكر منها – على سبيل المثال – ما يلي:
1. أكد على مبدأ حصانة السكان المدنيين ضد كل الهجمات الموجهة لهم في المادة 51 منه(2)، مع التأكيد على ضرورة تقيد أطراف النزاع التحقيق هذا المبدأ بالقواعد الدولية القابلة للتطبيق، هذه التي تعطي تدعيما أكثر للحماية، وهذا الشطر ما أغفلت عنه مادة 13 من البروتوكول الثاني(3).
2. النص على حظر كل الهجمات العشوائية بمقتضى المادة 7 منه الفقرتان 4و5، إضافة لحظر استخدام المدنيين كدروع بشرية في النزاع، وحظر أعمال الانتقام هذا ما أكد في تعليمات ليير بنص مادة 28 منها.
3. التأكيد على الحماية الموازية من الأخطار غير المباشرة التي قد يتعرض لها المدنيون من جراء شن الهجوم على الأهداف العسكرية الموجودة بالقرب منهم، وذلك بمقتضى المادتين 57 و58 من البروتوكول الأول، والتي ألزمت القائم بالهجوم الدقة بتحديد الأهداف. أما الطرف الموجه ضده الهجوم فهو ملزم بأن يتخذ كافة الاحتياطات الممكنة لصالح السكان الذين يقعون تحت رقابته(1)، وتجدر الإشارة إلى أن أوجه هذا الحماية مغيبة تماماً في أحكام البروتوكول الإضافي الثاني.
نكتفي في هذا السياق بهذه الأمثلة وننتقل إلى دراسة فعالية الحماية الخاصة بنوع من الاختصار وذلك بتحديد الخطوط العريضة من المحاسن والمآخذ عليها.
ثانيا: على مستوى الحماية الخاصة لبعض الفئات من المدنيين.
من الملاحظات الأولية على النجاح النظري للبروتوكول، هي أنه خصص لكل فئة من الفئات المشمولة بالحماية الخاصة ببند مستقل بها، وذلك يبرز أهمية وضرورة مثل هذه الأحكام الخاصة.
أما بالنسبة لحماية الأطفال الخاصة فإن البروتوكول نص وفقا للمادة 77/1 منه إعطاء الأولوية للأطفال عند توزيع إرساليات الإغاثة وذلك خلافاً للبرتوكول الثاني، والبرتوكول أيضا نص وفقا للمادة 7 منه حالات الولادة والأطفال حديثي الولادة، وأكد على أهمية البيئـة الاجتماعية للطفـل اللاجئ وأكد على ضرورة العمـل على عودته إلى هذه البيئة الاجتماعية عند انتهاء النزاع أو أسبـاب الإجلاء.
مع هذا هناك الكثير من النقاط تحسب للبروتوكول الأول بهذا الشأن، أما ما يحسب عليه هو تحديد سنة المشاركة الفعلية للأطفال في العمليات العدائية بـ15 سنة، فالطفل في هذا السن لا يزال غير مميز وفي حاجة إلى الرعاية الخاصة، وعليه لابد من رفع هذا السن لسماح بتجنيد الأطفال، وفي رأيي أن حمل الأطفال في فلسطين للحجر ليس تجنيدا بقدر ما هو رد فعل طبيعي لما ترى عيون الأطفال من قتل ودمار على يد القوات الإسرائيلية لأهلهم ومنازلهم، ومن غير المعقول مواجهة طفل يحمل الحجر بسلاح قاتل بحجة أنه مجند أو مقاتل.
أما بخصوص حقوق النساء الخاصة فهي مسألة أصبحت من تاريخ وضع البروتوكول تتمتع باحترام متزايد باعتبارها أحد المجالات الحساسة في القانون الدولي الإنساني، فضمن لهن الحماية ضد كل أمر يخدش الحياء(2)، وإن كان الاغتصاب الجنسي لم يرد ضمن النصوص المحددة للانتهاكات الجسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني، وهذا الأمر لابد من تداركه لأنه تخصيص لما هو عام ولا تجريم لما هو خاص(1)، وذلك لأنه – عملياً – هناك الكثير من الخروقات هذه الحماية الخاصة للنساء والتي تبرز بشكل ملموس في الأقاليم المحتلة.
أن دولة الاحتلال دائما تنظر للمرأة وكأنها مدرسة تعلم أبناءها حب الوطن وتساعد زوجها على النضال، لهذا هي دائما مستهدفة إما بالقتل أو الإهانة، والدليل ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق النساء في فلسطين، هذا ما دفع النساء إلى المشاركة المباشرة أو غير المباشرة في القتال إلى جانب الرجال(2) ونلمس أيضا إهدار الحقوق المرأة في النزاعات المسلحة غير الدولية، وأكبر دليل ما حدث للمرأة المسلمة في مأساة البوسنة فكانت النساء المسلمات عرضة للاغتصاب بغرض فضحهن، والغريب أن سلاح الاغتصاب كان في هذه الحرب وسيلة من وسائل القتال وليس شيء آخر.
أما بخصوص الحماية الخاصة للصحفيين، فالجدول في الفرع السابق، واضح في تقرير الفعالية العملية لهذه الحماية، على أنه يجب توضيح أمر ضروري، وهو أن قوات الاحتلال تتعامل لطمس الحقائق في الأقاليم المحتلة مع الصحفيين الوطنيين بصورة أقصى منها بكثير مع الصحفيين الأجانب ودليل ذلك أن 80% من حالات الانتهاك لهذه الحماية في فلسطين كانت واقعة على صحفيين فلسطينيين بدرجة أولى(3)، أما نظرياً فهو نجاح لحماية أشرف وأخطر مهنة.
هنا نكون قد أبرزنا أوجه الحماية العامة والخاصة في البرتوكول الإضافي الأول، مع بيان فعاليتها التي أبرزت إلينا الكثير من الخروقات العملية لهذا سوف ننتقل لدراسة الالتزامات القانونية الدولية التي تقع على عاتق دولة الاحتلال تجاه المدنيين والأقاليم المحتلة ضمن أحكام الاتفاقية الرابعة وأحكام البرتوكول الإضافي الأول، ولذلك نقترحه محلا للدراسة في المبحث الثالث من هذا الفصل.



#سامر_أحمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- أوجه الالتقاء والاختلاف بين القانون الدولي الإنساني وحقوق ال ...
- مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني المحلية في مخيمات لبنان
- تعريف الإضراب في القطاع العام والخاص وأشكالة
- التطور التاريخي للإضراب في فلسطين


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامر أحمد موسى - الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجستير ....الجزء الثالث