أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامر أحمد موسى - الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجستير ....الجزء التاني















المزيد.....



الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجستير ....الجزء التاني


سامر أحمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 1964 - 2007 / 7 / 2 - 10:37
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


الفصل الاول
المركز القانوني للمدنيين تحت الاحتلال في القانون الدولي الإنساني
بناءا على بيان مفهوم حالة الاحتلال الحربي، وأسس التفرقة بينها وبين الغزو والفتح، والجهود الدولية لإخضاع حالة الاحتلال الحربي للتنظيم القانون الدولي، نتطرق في هذا الفصل إلى موضوع المركز القانوني للمدنيين تحت الاحتلال في القانون الدولي الإنساني، وذلك لإيضاح مضمون الحماية الدولية الإنسانية للمدنيين زمن الاحتلال، ببيان واقع هذه الحماية في مستواها الدولي والوقوف على مدى فعالية الأحكام المقررة لحماية المدنيين في اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول.
وعليه فإن دراسة المركز القانوني للمدنيين تحت الاحتلال في القانون الدولي الإنساني تحتم علينا أولا تحديد من هم المدنيين Civils؟ وثانيا على مدى الحقوق المقررة لهم في إطار الحماية العامة باتفاقية جنيف الرابعة، أو الحماية الخاصة لبعض الفئات منهم في البروتوكول الإضافي الأول، وثالثا إبراز الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق دولة الاحتلال تجاه المدنيين المعنيين بالحماية، فإن الأمر يفرض علينا تقسيم الدراسة إلى ثلاثة مباحث، وذلك على النحو الآتي:
المبحث الأول: تحديد فئة المدنيين المعنيين بالحماية.
المبحث الثاني: الحقوق المقررة للمدنيين في الأقاليم المحتلة.
المبحث الثالث: الالتزامات القانونية لدولة الاحتلال تجاه المدنيين.

المبحث الأول
تحديد فئة المدنيين المعنيين بالحماية
يعد موضوع تحديد فئة المدنيين وتمييزها عن المقاتلين مقدمة لابد منها لتحديد النطاق الشخصي لموضوع الدراسة، فضلاً عما يترتب على هذا التميز من آثار أهمها عدم توجيه الأعمال العدائية لكل من يحمل وصف المدني(1)، وعليه فإن أي غموض بشأن هذا التمييز يؤدي لا محالة إلى العصف بهم ونتيجة لذلك فإنه يطرح تساؤل مهما مؤداه: إلى أي مدى وفق قانون جنيف في توضيح معالم هذا التميز؟
للإجابة علـى هذا السـؤال يتعين الوقوف على مبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين Non-Combattants، الذي يعد أحد أسس القانون الدولي الإنساني كمرحلة أولى، على أن نستعرض في المرحلة الثانية مدلول السكان المدنيين في ضوء اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق بها.
المطلب الأول
مبدأ التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين
يقوم القانون الدولي الإنساني على تمييز أساسي بين المقاتلين وغير المقاتلين، فبينما يمثل الأولون موضوع الحرب غاية التمثيل، فإن من حق الآخرين " غير المقاتلين" ألا يزج بهم في الأعمال العدائية مثلما ليس لهم بالمقابل حق الإشتراك فيها.
وعليه فإن مبدأ التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين قد أخذ وقتا طويلا حتى صيغة في القانون الوضع الدولي، واستقر في سلب قواعده العرفية والاتفاقية، وهذا ما سيكون محلا للدراسة في الفرع الأول، أما الفرع الثاني فنخصصه للحديث عن عوامل غموض هذه التفرقة، وذلك كما يلي:
الفرع الأول
الخلفية التاريخية لمبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين
ما من شك أن التفرقة بين القاتلين وغير المقاتلين أصبحت ولو نظريا العصر الحديث أحد من
أهم الملامح البارزة للقانون الدولي الإنساني، بعد أن مر هذا المبدأ بمراحل تطور عديدة، نتكلم عنها فيما يلي:
أولا: في العصور القديمة: إن كانت العصور القديمة تنقسم إلى عدة حضــارات قديمــة،
منها حضارة الشرق الأوسط القديم، والشرق الأقصى وغيرها، فإن القاسم المشترك بين حروب هذه الحضارات بأنها تتصف بالوحشية، إلا أنه من جانب آخر يتعين ألا نتغاضى عن بعض القواعد الإنسانية المعروفة في ذلك الزمن والتي – اتفق معظم الباحثين – بأنها تشكل البذرة الأولى للقانون الدولي الإنساني وكذلك البذرة الأولى لمبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين (1)
وقد عرفت حضارات الشرق الوسط القديم وخصوصا الحضارة الفرعونية بعض الوسائل السلمية لتسوية نزاعاتها , والسبب في ذلك اهتمام هذه الحضارة بالإنسان كإنسان,وعدم التعرض لسكان المدينة تم احتلالها تابعه للدولة المعادية , باعتبار قتل المدنيين فيها أمرا استثنائيا جدا(2).
أما في حضارات الشرق الأقصى, فالهند القديمة اعترفت بحق المنتصر في الاستيلاء على أموال وممتلكات سكان الطرف المعتدى, ومع هذه فقد امتازت هذه الحضارة بتقاليد غاية في الإنسانية, فكن بموجب قانون مانو Code Manuبأن يحظر الملك على جنوده استخدام الأسلحة الممنوعة كالسم والنار وكذلك يمنعوا من مهاجمة غير المشاركين في الأعمال الحربية, وبموجب قوانين مانو يحظر قتل النساء والأطفال والشيوخ والجرحى والأسرى, وحماية الأماكن المقدسة , إضافة إلى أن الهند بالذات عرفت القواعد القانونية الأولى التي تنظم خوض العمليات الحربية وخصوصا البحرية(3).
ومع اعتراف قوانين مانو بشرعية اللجوء إلي الحرب, فإن هذه القوانين وفى نفس الوقت سعت لوضع كافة القيود المحكمة لسير هذه الحرب, ومنه ما يعرف بأنه نوعا ما مبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين وخصوصا المدنيين المسالمين.
أما في الصين القديمة فإن الوضع لم يختلف كثيرا عن غيره من أوضاع الدول والحضارات القديمة, فقد سادها نوعا من الرفق بضحايا الحروب في البلاد المغلوبة, حيث دعا الفيلسوف كونفونشيوس إلى عدم إعتبار كل رعايا الدولة المحاربة أعداء، وهي البذرة الأولى لمبدأ التمييز بين القاتلين وغير المقاتلين، الذي أحياه بعده بعدة قرون جون جاك روسو(4) ونسب إليه، إضافة إلى ذلك فإن الصين شهدت للمرة الأولى في تاريخ القانون الدولي الإنساني محاولات للامتناع عن الحرب والحد من اللجوء إليها، وهذا تجلى من خلال عقد المعاهدات الأولى حول الحياد بعض المناطق، وعدم إلحاق الأذى والأضرار بأراضي الدول المجاورة، وقد شمل قانون " سي ما " أحكاما تضمن حماية السكان المدنيين، وتدعو إلى عدم قتل المدنيين في الحرب وإنما قتل أولئك الذين يقودونهم بشكل غير سليم (1).
وفي السياق نفسه فقد عرفت الحضارة اليونانية القديمة -المشكلة من مجموعة دول مستقلة عن غيرها سادها روح فردية مستقلة- بعض الأحكام في الحروب الدائرة بين الدويلات اليونانية دون غيرهم من البرابرة، من هذه الأحكام ارتكاز الحرب على أساس قانوني، وضرورة الإعلان الرسمي عن الحرب، وعدم جواز تخريب المعابد، وعدم جواز إبادة الأسرى(2).
إلى جانب ذلك فقد انتقد أفلاطون وشيشرون الحرب بشدة، غير أنهما قبلا حالتي للحرب، وهما: الحرب الثأرية، والحرب التي تهدف إلى طرد المعتدي، وغير ذلك من الحروب فهو غير مسموح(3)، فقد كان لأقول الفيلسوف شيشرون أثر واضح في تلطيف أجواء الحروب، وفي إبراز التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين، ومن هذه الأقوال مثلا "الأعداء متى جرحوا أصبح أخوه" (4).
أما بالنسبة للأمبراطورية الرومانية فقد امتاز الجيش الروماني خلال الحروب التي خاضها بالوحشية والبطش والقساوة في تعامله، فلم يسلم من وحشيته الأطفال وغيرهم، ومع هذا نرى أن هذه الفترة الزمنية أظهرت بعض العادات والتقاليد والقواعد ذات الطابع الإنساني، إلا أنها لم تكن ذات طابع قانوني دولي، فإنه يمكن القول بأن كان للشرائع السماوية في العصر والوسيط أبلغ الأثر في أنسنة قواعد القتال والحرب، وذلك كما سنرى فيما يلي:
ثانيا: الشرائع السماوية في العصر الوسيط.
لا يسع المجال في هذا المقام الحديث عن سلوك جيوش إمبراطوريات العالم أثناء حروب العصر الوسيط، هذه الحروب التي شهدت نزعات معينة جعلت من بعض أساليب الحرب ووسائلها أكثر إنسانية، فقد لعبت الشرائع السماوية دورا كبيرا في ذلك نبينه كما يلي:
أ‌. الشريعة اليهودية: نعلم أن الديانة اليهودية تأسست على تمجيد شعب الله المختار، وإذلال الشعوب الأخرى والعصف بها بدون تميز بين الرجال المقاتلين وغير المقاتلين(1)، فكان ومن منطلق تحقيق وعد الرب لإبراهيم "عليه السلام " اعتبار القتل السمة المميزة لحروب هذه الديانة، إذ جاء في قول موسى عليه الصلاة والسلام لبني إسرائيل"...وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها، وإذا رفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل من في المدينة تغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك..."(2).
ومن المؤكد أن مع ما يحدث يوميا في فلسطين من جرائم، يذهب ضحيتها أطفال ونساء ومسنين، لدليل على أن الديانة اليهودية لا تعرف أي نوع من أنواع التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين.
ب‌. الديانة المسيحية: لقد دعا المسيح عليه السلام إلى المحبة والرحمة والتسامح بين أبناء البشـر(3)، فبموجب الدين المسيحي يتوجب على الأطراف المتحاربة التقيد التام بالروح الإنسانية أثناء الحرب، وعدم توجيه العمليات القتالية ضد الناس الأبرياء، من أطفال ونساء وعاجزين عن حمل السلاح(4)، فضلا عن أن هذا الدين قد حظر وبصفة مطلقة اللجوء إلى الحرب، فقد وردَّ في الإنجيل على لسان سيدنا عيسى عليه السلام تأكيده ذلك فقال " سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن، وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، من لطمك على خدك الأيمن فحول له الأخر أيضا، ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين..".(5)، ولهذا بدأ رجال الدين يبحثون عن التبرير الديني للحرب، وكانت تلك بداية نظرية الحرب العادلة Guerre Juste ، التي صاغها القديس أغستين في كتابة مدينة الله La Cite De Dieu، وطورها القديس توما الإكويني، وغدت أفكار رواد القانون الدولي الأوروبي من اللاهوتيين مثل فيتوديا وسواديز ولاحقاً غرويتوس(6).
مع أن الفقيه جان بكتيه يقرر بأنه قد دفع ملايين البشر حياتهم ثمنا للحروب الصليبية، فعندما احتل الصليبيون القدس عام 1099، ذبحوا جميع السكان وهذا ما أكدته شهود عيان بأن الناس كانوا يغوصون في الدماء حتى ركبهم(7)، وفي المقابل أن الدكتور أحسان هندي يؤكد بأن هناك رجال دين ومفكرين أروبيين كانوا يمنعوا جيوشهم المساس بالقاصرين والنساء والشيوخ وعدم قتلهم في الحرب، ويقرر بأن أول من نادى بحماية المدنيين من وإلى في الحرب في أوروبا كان رجل الدين الكاردينال بيلارمان (1542/1621)، وذلك في كتابه "في المبادئ الطبيعية للدين المسيحي" الصادرة عام (1)1619.
ج. الشريعة الإسلامية: لن نتطرق هنا بإسهاب بل نذكر بعض ملامح أحكام النزاعات المسلحة في الإسلام على ضوء الكتاب والسنة ووصايا الخلفاء التي أسس عليها الفقهاء أداءهم بهذا الصدد:
1. القرآن الكريم: لقد نظمت الشريعة الإسلامية الحياة الإنسانية على أسس الرحمة والعدل والفضيلة والسلام، وعليه حرم القرآن الحرب العدائية بوضوح إذا جاء في التنزيل الحكيم "...وَ قَاتِلُوا في سَِبيل الله الذين يقاتلونكُم ولاَ تَعْتَدُوا إِن الله لاَ يُحبُ المُعتدين..."(2).
فإن أعمال القتال يجب ألا تتجاوز أهدافها، والتي تتمثل في دفع العدوان(3). وعليه يعتبر القرآن أن أصل العلاقات البشرية هو السلم، لهذا كانت القاعدة قبل المبادرة في القتال هي الدعوة إلى الإسلام أو دفع الجزية وقبول الاستسلام حقنا للدماء أو الحرب التي هي الخيار الثالث(4). والجدير بالذكر أن الإسلام يساوي بين الجميع فأهل الذمة في الدولة الإسلامية لهم وعليهم ما للمسلمين ويحق لهم ممارسة معتقداتهم، لقوله تعالى " لاّ إكراه في الدّين قد تَّبَيَّن الرُّشْدُ من الغَي.."(5). كما يدعو الدين الإسلامي إلى معاملة المستأمنين من طالبي الأمان واللاجئين ورسل العدو معاملة حسنة، لقوله تعالى " لا ينهاكمُ الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين.."(6)، ومع هذا فإن طبيعة الإسلام ترفض الظلم والطغيان والاحتلال أيضا - لأنه من العدوان – وتحث على مقاومة الظالمين والثورة عليهم(7)، والإسلام يقر حق الدفاع عن العقيدة والوطن في حالة تعرضهما لعدوان. وواجب الدفاع عن الوطن هو واجب لقوله تعالى" وأعـدّوا لهم مـا استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم.."(8).
2. السنة النبوية: انطلاقا من أحكام القرآن، فإن المعارك التي خاضها المسلمون تحت قيادة الرسول  أو بأمر منه، اتضحت فيها معالم قواعد القتال وآدابه، فقد أكدت هذه السنة النبوية الشريفة مبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين، فمثلا أمّر الرسول  زيد بن حارثة، على الجيش الذي أرسله إلى مؤته، وأوصاه قائلا:«ألا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا كبيرا ولا فانيا ولا منعزلا بصومعة ولا تعقروا نخلا ولا تقطعوا شجرة ولا تهدموا بناء...»(1).
قد نهى الرسول  عن قتل أطفال العدو لأنهم على الفطرة فقال: المصطفى  «إياكم وقتل الأولاد - أعادها مرتين - »، هذا وقد كانت أوامر الخلفاء مطابقة لهذا التوجيه النبوي الشريف وأكدت المذاهب الفقهية السنية والشيعة والإباضية على التزام المقاتل المسلم بعدة قواعد وهي:
1. قاعدة عدم قتل من لا يقاتل(2).
2. قاعدة عدم الاعتداء.
3. قاعدة عدم الظلم وخيانة العهد.
4. قاعدة وجوب تطبيق حكم الله والسنة في حل الأقضية والنزاعات(3).
هكذا أرسى الشارع الإسلامي نظاما إنسانيا منطلقا من أحكامه القائمة على أن" الضرورة تقدر بقدرها"(4) ولمًّا كان القتال ضرورة فلا ينبغي أن تتجاوز حدودها ومن ثم يجب ألا تتعدى العمليات العسكرية إلى كل من ليس مقاتلاً(5).
ثالثا: في العصر الحديث.
لقد ذكرنا أن اللبنة الأساسية لإرساء هذا المبدأ تم وضعها إبان الثورة الفرنسية، على يد الفقيه جون جاك روسو J.J.Rousseau في كتابه الذائع الصيت " العقد الاجتماعي أو مبادئ القانون السياسي" الصادر سنة 1762، وبذلك وضع الأساس القانوني والفقهـي لمبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين حينما قرر أن " الحرب علاقة بين الدول وليست علاقة عداء بين المواطنين المدنيين إلا بصفة عرضية بوصفهم جنودا "(6)، وقد عبر عن هذا الفقيه بورتاليس بأن الفضل الكبير يعود إلى روسو في وضع القاعدة الأساسية لقانون الحرب الحديث بشكل نهائي، فإن رأي روسو قد دفع وانتقد آراء هوبز القائلة بأن الحرب أمرا طبيعي بالنسبة للإنسان تسوغها المصلحة العليا للدولة، فالأفراد هم أشياء بالنسبة للدولة(1)
على الرغم من أن روسـو قال بهذا الرأي في أواخر القرن الثامن عشر، فإنه لم يلق الاهتمام الكافي والاستجابة إلا في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، حينما انضم بورتالين ومن بعده تاليران إلى تلك النظرية التي استقرت في كتابات الفقهاء في القارة الأوروبية، وسرعان ما انضم إليها صراحة أو ضمنيا الكثير من الفقهاء مثل Twiss وIvegrin، بحيث بات فقه روسـو سائد وعدًّ هذا بداية استقرار مبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين، في عرف القانون الدولي(2)، واعتبر أعظم انتصارات القانون الدولي في القرن التاسع عشر الميلادي، ومن ثمة وجدتْ هذه النظرية تطبيقاتها في حروب القرن التاسع عشر من خلال توجيه التعليمات للجيوش المحاربة، فمثلا مادة 22 من تعليمات فرانسيس ليبر F.Lieiber إلى الجيوش الأمريكية في الحرب الأهلية بضرورة التقيد بهذا المبدأ.
استقر هذا المبدأ في أول وثيقة دولية وهي إعلان سان بترسبورج لعام 1868 حيث نصت الفقرة الثانية من ديباجة الإعلان على ما يلي:"...وهذا يعد اعترافاً ضمنيا بأن الأعمال العدائية لا توجه إلى المدنيين المسالمين..."، ومن هنا توالى النص على هذا المبدأ في كل الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، وعليه يعد هذا المبدأ أو الآلية، الركيزة الأساسية للحماية الإنسانية للمدنيين الأبرياء(3).
مع هذا فإنه يمكن القول أنه من واقع الأمر، ثم من عوامل قانونية واقعية من شأنها وضع صعوبات أمام تطبيق هذا المبدأ وخصوصاً في شأن حماية المدنيين أثناء النزاع المسلح وبعْدَهُ، أي أثناء الاحتلال وهذا ما سوف نتكلم عنه في الفرع الثاني.
الفرع الثاني
عوامل غموض التفرقة بين المقاتلين والمدنيين
إن مبدأ روسو بالتميز بين المقاتلين وغير المقاتلين يقوم كما يرى بعض الباحثين على أساس من التجريد القانوني الخالص(4) ما جعله عرضة لهزات عنيفة ترجمها الواقع العملي في تجارب الحربين العالميتين الأخيرتين - وفي كل حروب الأزمنة الحديثة – إلى أرقام خيالية من الضحايا الذين شكل المدنيين منهم الغالبية الساحقة. وبذلك ثبتت صحة رأي الفقه الأنجلو-أمريكي(5)، الذي رفض التسليم بهذا المبدأ التي أرسى دعائمها العلامة الجرماني كلازوفيتز عام 1832(1) والتي مؤداها أن علاقة العداء بين المتحاربين قد تمتد أيضا إلى المدنيين المسالمين، ويتجلى ذلك بوضوح عند قيام المدنيين بالتمسك بحقوقهم من أجل تقرير مصيرهم، ونيل الحرية والاستقلال، فلا يمكن هنا فصل المواطنين عن دولهم المحتلة.
فهنا برزت حقيقة بأن الشعوب أصبحت أطرافاً في حروب الأزمنة الحديثة ولعل ذلك راجع إلى غموض التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين، بسبب تضافر مجموعة من العوامل التي يمكن رصد أهمها عبر نقطتين أساسيتين، وهما عوامل الغموض في النزاعات المسلحة الدولية الحديثة بصفة عامة والنقطة الثانية، بيان عوامل غموض التفرقة بين المقاتلين والمدنيين في الأقاليم المحتلة عند قيام حركة التحرر الوطني والهّبات أو الانتفاضات الشعبية لنيل الاستقلال وهذا ما سنوضحه فيما يلي باختصار.
أولا: عوامل غموض التفرقة في النزاعات المسلحة الحديثة بصفة عامة.
نجد من أهم هذه العوامل في الصراعات الحديثة ما يلي:
أ‌. تحول في طبيعة الصراعات المسلحة الدولية في العصر الحديث(2): ما من شك فيه هو أن معظم الصراعات دخلت اليوم في مرحلة جديدة، ومن ثم فإن التطور ولاسيما على الصعيد السياسي حديثا أبرز لنا أشكالا جديدة للصراعات -النزاعات المسلحة-(3). في العالم السياسي والتي ينصرف وصفها إلى طائفة الحروب الحديثة التي تختلف من حيث السبب وأسلوب شنها عن الحروب التقليدية هذه الأخيرة المعروفة بأنواعها في التاريخ. وإن لم يعد لبعضها وجود في العلاقات الدولية المعاصرة منها الحرب العادلة والحرب العدوانية والحرب الدفاعية(4)، التي ترتكز على أطماع استعمارية وفي بعض الأحيان اقتصادية، وتدور رحاها إما على البر أو على البحر أو الجو.
فإنه مع انهيار النظام العالمي القائم على الثنائية القطبية وقيام النظام العالمي الجديد، أدى إلى تحول في طبيعة وأشكال الحروب مما يزيد في صعوبة التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين عند دخول هذه الأشكال حيز الإنفاذ، وهذه أشكال ترتكز على مفاهيم حديثة منها:

1. الحروب الوقائية أو الإستباقية:
ظهر هذا المصطلح في ظل الهيمنة الأمريكية على العالم، على يد كاتب الدولة الأمريكي للخارجية هنري كيسنجر، حيث يتيح الوضع الجديد لواشنطن بتوجيه ضربات عسكرية دون أن تعرض مصالحها للخطر خاصة إذا كانت ضد دولة ضعيفة، وتتمحور هذه الحرب على استراتيجية جديدة لواشنطن تختلف عن استراتيجيتها القديمة التي تجسد العدو وتعرفه ضمن دول معينة(1).
فيرى في هذا الصدد المحلل الإستراتيجي الأمريكي ماكجد كجور كنوكس الذي يؤكد أن سبب انتهاج الولايات المتحدة الأمريكية هذه الإستراتيجية الجديدة، هو الرغبة في فرض هيمنتها على العالم وينتقد هذا المحلل هذا الأسلوب كونه يقوم بتوجيه ضربات عسكرية وقائية ضد عدو محتمل تبعا للمخاطر التي يشكلها هذا العدو، وهو ما يجعله غير ثابت فدولة صديقة قد تتحول في فترة من الفترات إلى عدو، وهنا يكمن خطر هذه الحرب، لهذا تعتبر ألمانيا وفرنسا ومن أشد معارضي هذا الأسلوب(2) الذي يقوم على عسكرة العولمة.
من الملاحظ أيضا في مجال التداول السياسي الحديث، لا يعد مصطلح الحرب الوقائية هو فقط ما أدخلته الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال، بل هناك مصطلحات أخرى عديدة منها:
- الدولة المارقة: (roque state) وسمح هذا المصطلح لأمريكا بإنزال عقوبات اقتصادية وعسكرية ضد بعض الدول، دون اللجوء إلى المؤسسات الدولية.
- الاحتواء المزدوج: وظهرت هذه العبارة سنة 1993 على لسان "ماين أنديك" للتعبير عن استراتيجية تقضي بعزل إيران والعراق عن المحيط الدولي(3).
- الحرب على الإرهاب: وقد استخدم هذا المصطلح بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وتركزت هذه الحرب في بدايتها على تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان.
- محور الشر: عبر هذا المصطلح وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، بتاريخ 31 جانفي 2002 العراق وإيران وكوريا الشمالية بأنها تقع ضمن محور الشر الذي يسلح نفسه لتهديد سلام العالم، بمعنى أن تلك الدول تسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل وبالتالي تشكل خطر ليس على الولايات المتحدة فحسب بل على العالم بأسره، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو أثر تنفيذ هذه الإستراتيجيات الحربية على المدنيين في الدول المحتمل أن يكون فيها عدو لأمريكا؟
أن واقع الأمر قد أبرز مأساة حقيقية في أفغانستان والعراق فالحرب هناك أدت إلى قتل الكثير من المدنيين، مما يجعل في إطار هذه الحرب الحديثة صعوبة كبيرة بالتفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين ومنهم المدنيين بالتحديد، لأن هؤلاء يعيشون على أرض واحدة تدور عليها وفي سمائها كل المعارك، مع العلم وجوب تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني على هذه الصراعات الحديثة.
2. الحرب الاقتصادية: la Guerre Economique
إذا كانت معظم حروب الأمس البعيدة والقريبة – في أغلبها– حروبا عسكرية من أجل احتلال الأرض، فإن الحروب المقبلة التي تلوح في الأفق، سوف تكون حروبا اقتصادية(1)، فالاقتصاد هو الطاقة المحركة لعجلة الحضارة في وقتنا المعاصر، ولذا فالحروب المقبلة سوف تتسم بإيقاع العصر ألا وهو صراع من أجل الهيمنة الاقتصادية، وبالفعل فقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية الشروع في رفع لواء الحرب الاقتصادية المباشرة على بعض بلدان العالم، ونحن هنا لن نتكلم عن المقومات والتدابير اللازمة لهذه الحرب، بل سوف نضعها تحت ميكروسكوب البحث العلمي الجاد للتعرف على أثارها ومدى شراستها على الدولة الموجهة ضدها(2)، فالملاحظ أن تخريب الاقتصاد القومي للدولة المستهدفة يؤدي حتما إلى زعزعت استقرارها الداخلي، وبالتالي منعها من الحصول على المواد الخام المهمة والمواد الضرورية للعيش الكريم، فلهذا فتطبيق هذا الشكل من الحروب يؤدي إلى آثار مدمرة على المقاتلين وغير المقاتلين فهي تلحق الأضرار الجسام أكثر بالمدنيين.
من خلال ما تقدم، نلاحظ أن هذه الحروب تشكل وبصورة قوية مانعا ماديا جديدا يزيد مسألة التميز بين المقاتلين والمدنيين صعوبة، فتنعكس سلبا على وجه التحديد على النساء والأطفال، لهذا يذكرنا صندوق السكان التابع للأمم المتحدة بأن معدل وفيات الرضع في العراق ارتفع من 64.1 حالة لكل 1000 حالة ولادة حية في عام 1990 إلى 129 حالة لكل 1000 حالة عام 1991 فهذا جزء من أثارها بلغة الأرقام الصماء(3).
ب‌. تطور فنون القتال وانتشار سلاح الدمار الشامل.
إذا كان علينا أن نذكر بأنه تتراوح تقديرات عدد القتلى خلال الحرب العالمية الثانية بين أربعين وخمسين مليون شخص، خلافا للحرب العالمية الأولى حيث كانت الغالبية العظمى من الضحايا من العسكريين المشاركين في المعارك، فإن نصف ضحايا الحرب العالمية الثانية كانوا من المدنيين(4) فان السبب المباشر لارتفاع عدد الضحايا هو تطور فنون القتال وإضافة لوجود واستخدام سلاح الدمار الشامل، الذي يحدث الخلط التام بين المقاتل وغير المقاتل مادام نطاق المعركة أضحى أكثر اتساعا ليشمل القرى والمدن حيث يوجد المدنيون، والتطور الحربي فنلاحظ بالحرب البحرية التي يحق لسفن الأسطول البحري المحارب فتح نيرانها على المدن المحصنة بهدف إصابة الأهداف الحربية، بغض النظر عن الأضرار التي يمكن أن تلحق غير المقاتلين في أرواحهم وممتلكاتهم(1) والأمر يزداد خطورة في الحرب الجوية(2) وهي أكثر الفنون الحربية تأثيرا سلبيا على المدنيين، وتأخذ هذه الحرب طابعها المأساوي حين نعلم أن الأسرة أو الجماعة الدولية وحتى يومنا هذا عجزت في التوصل إلى اتفاقية دولية تحكم الحرب الجوية بمناسبة النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية بالرغم من المحاولات الكثيرة وذلك من مؤتمر بروكسل لعام 1874 من هذا المجال، حيث بالرغم من وضع مشروع اتفاقية لاهاي للحرب الجوية لعام 1923 إلا أنه بقي حبرا على ورق ولم يدخل حيز النفاذ(3).
أما عن أسلحة الدمار الشامل، هذه الأسلحة العمياء أو العشوائية، لا تميز بين مدني ومقاتل إضافة إلى أنها تسبب آلاما لا طائل من ورائها فلقد أدى إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما إلى موت 140.000 شخص من مجموع سكانها البالغ آنذاك 350.000 ويضاف إليهم العدد الكبير من الجرحى والمشوهين والمصابين بالإشعاعات الذرية(4)، وقد أكد ميثاق محكمة نورمبرج على أن استعمال أسلحة معينة قد يكون محظورا بسبب تأثيرها غير التميزي بين المحاربين وغير المحاربين، فالتسبب في موت وإصابات غير المحاربين عن عمد خلال العمليات الحربية غير قانوني، ويعتبر جريمة من جرائم الحرب أو جريمة من جرائم ضد الإنسانية(5).
من هذه النظرة العامة أنتقل إلى الخصوصية حيث أن هناك أكثر من عامل مادي وسوف نركز على أهمها هنا التي تؤدي إلى غموض التفرقة بين المدنيين والمقاتلين في الأقاليم المحتلة وهي:
ثانيا: عوامل غموض التفرقة بين المقاتلين والمدنيين في الأقاليم المحتلة عند قيام حركات التحرر الوطنية.
بالموازاة مع العوامل السابقة الذكر تبرز عوامل خاصة تزيد من غموض التفرقة بين المقاتلين والمدنيين في أقاليم المحتلة، وذلك لخصوصية الوضع في هذه الأقاليم حين تندلع الثورات الشعبية هذه التي تقترن بالنزعة الوطنية لدى جماهير الشعوب بدافع من المبادئ والأفكار الديمقراطية، وخصوصا حقهم في تقرير مصيرهم وما يقابلها من بطش وإرهاب دولة الاحتلال.
فكل يوم ينقل الإعلام الدولي المتطور مشاهد حية بما يلاقيه هؤلاء الأبرياء من المدنيين - على الأخص في فلسطين المحتلة – المسالمون من أهوال، بحيث أصبحوا حصادا لأعمال همجية بربرية يندى لها جبين الإنسان في العالم المعاصر(1)، إلا أن إسرائيل تسوق الادعاءات الباطلة لتبريـر
هذه الجرائم بحجة متطلبات الحفاظ على الأمن أو ما تعرف بالضرورة الحربية.
وعلى وجه التحديد هناك عاملان مهمان من شأنهم الزيادة في اضمحلال التفرقة بين المدنيين والمقاتلين وهما:
1. استخدام الغازات المسيلة للدموع:
تقرر كل المناقشات العلمية التي دارت حول هذه المسألة بأن هذه الغازات تلحق أضرارا بالغة وتؤثر مباشرة على المقاتلين والمدنيين على حد سواء، طالما أن التظاهرات ساحتها الشوارع العمومية كما لها تأثير أكبر على الرضع والمرضى ذوي الأزمات الصدرية، فيؤكد الدكتور الأمريكي رونالد واغتر أن لغاز (سي. أسى) المسيل للدموع على الحوامل والجنين الذي لم يولد تأثيرا مؤلماً جدا فهو قاتل في حالة استنشاقه ولاسيما في الأماكن المغلقة، وأنه لا يوجد علاج معروف لمسحوق الـ(سي أس) وقد أحصى في مدة ثلاثة أشهر في إحدى مستشفيات قطاع غزة أكثر من 35 جنينا قد توفوا نتيجة هذا الغاز(2).
2. زراعة الألغام المضادة للأفراد:
دائما وبداعي تأمين حدود دولة الاحتلال تقوم الدولة المحتلة بزرع الألغام المضادة للأفراد التي تعتبر سلاح ذات آثار عشوائية ودائمة فهي تقتل وتشوه دون تميز فإنها سلاح من لا سلاح لديه، تقتل ما يزيد على 25 آلف ضحية سنويا معظمهم من المدنيين(1)، وقد أحصى المختصون في المجال أكثر من 10 مليون لغم ذهب ضحيتها أكثر من 20.000 شخص بين جريح وقتيل خلال سنة2001(2)، فجنوب لبنان يسقط فيه يوميا الضحايا جراء هذه الألغام التي زرعتها قوات الاحتلال الإسرائيلية، وتزيد المشكلة تعقيدا حين نعلم أن إزالة هذه الألغام عملية بطيئة وخطيرة وباهظة التكاليف.
لهذا أعرب المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر المنعقد في جنيف بتاريخ 3-7 ديسمبر 1995 بقراره الثاني عن قلقه وسخطه من الألغام المضادة للأفراد التي تقتل وتشوه أسبوعيا المئات من المدنيين العزل، ولأنها أيضا تحول من عودة وإعادة إسكان اللاجئين والأشخاص المهجَّرين داخل بلدانهم وتعيق التنقل الحر(3)، فوحشية هذا السلاح أيقظت الضمير العالمي نحو المضي للحد من استعماله وذلك بإبرام اتفاقية أوتاوا في18 سبتمبر1997 الخاصة بحظر استخدام
وإنتاج وتخزين ونقل الألغام المضادة للأفراد(4).
إضافة إلى ما سبق من شرح نضيف بعض العوامل دون شرحها وهي: استخدام قوات الاحتلال سلاح التجويع ضد المدنيين(5) أو ما يسمى بالضغط الاقتصادي.
- استخدام أسلحة محظورة مثل رصاص الدمدم متفجر الرأس أو قذائف أو مواد من شأنها أن تسبب في آلام لا مبرر لها وخصوصا المقذوفات ذات المعيار الصغير والسرعة الأولية الكبيرة(6).
- اعتبار دولة الاحتلال عند مواجهة الحرب الفدائية – إذا صح التعبير – بأنها حرب نظامية يجوز لها أن تستعمل كل قواتها لإجهاضها، مع أن الواقع يثبت بأن الحرب الفدائية – العمل المقاوم – يقتصر على مجموعة من الأفراد من الشعب وليس كله(7).
عند هذا الحد نكتفي لنرى هل استطاعت اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول من تحديد فئة المدنيين بصورة تجعلهم بعيدين عن آثار تلك العوامل التي تعيق التمييز بين المدنيين والمقاتلين؟
المطلب الثاني
مدلول السكان المدنيين في القانون الدولي الإنساني
لقد تبين لنا من خلال الجزء النظري لمبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين، أنه في واقع الأمر نجد صعوبة في رسم خط فاصل بين المقاتلين وغير المقاتلين، وذلك لجملة العوامل التي تكلمنا عنها لهذا أقترح دراسة مدلول السكان المدنيين في القانون الدولي الإنساني في هذا المطلب، لعل هذا القانون استطاع أن يأتي بقواعد تحدد وبدقة مفهوم المدني وتميزه عن المقاتل! وذلك في فرعين، نتناول في الأول تحديد المدنيين في اتفاقية جنيف الرابعة، والثاني تحديد المدنيين في البرتوكول الإضافي الأول لنصل إلى تحديد الأشخاص المعنيين بالحماية في الأقاليم المحتلة كما يلي:
الفرع الأول
تحديد السكان المدنيين في ضوء قواعد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949
لإبراز مفهوم المدنيين في جوهر هذه الاتفاقية لا بد علينا التوقف أمام نقطتين أساسيتين وهما:
أولا: تحديد الأشخاص المحميين بقواعد الاتفاقية وأسس تحديدهم.
نصت المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الرابعة على ما يلي:" الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية هم أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان في حالة قيام نزاع أو احتلال تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة احتلال ليسوا من رعاياه.."(1)
فالسؤال الذي يطرح نفسه إلـى أي أساس احتكمت هذه المـادة في تحديـدها للأشخاص المحمييـن من المدنيين؟ قد تبين لنا من المادة 04/02، أن الجنسية هي العنصر الحاسم في هذا المجال(2) لكن ماذا لو وجد أشخاص بدون جنسية تحت سلطة طرف في النزاع؟ ولما كان هؤلاء من غير رعايا طرف النزاع فإن الاتفاقية تطبق عليهم أيضاً، وهناك نوع آخر من لأشخاص تطبق عليهم الاتفاقية رغم انتمائهم إلي دولة الاحتلال وهم الذين لجأو إلي بلد قبل أن يصبح محتلا من طرف دولتهم، ونلاحظ أن هذه المادة تحمي كل فرد يجد نفسه في حالة مواجهات مسلحة أو احتلال, أو تحت سيطرة نظام في حالة حرب أو قوة احتلال هم ليسوا بمؤيديها ولا ينتمون إليها(1).
نلاحظ أن المادة 04/02 قررت وجود أشخاص لا تشملهم حماية اتفاقية جنيف الرابعة وهم:
- رعايا دولة غير طرف فيها.
- رعايا دولة محايدة أو متحاربة لها تمثيل دبلوماسي عادي لدى الدولة المتحاربة التي يوجدون تحت سلطتها.
- الأشخاص الذين تطبق عليهم اتفاقيات جنيف الثلاثة الأخرى وهم الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان والجرحى والغرقى في البحر من القوات المسلحة وأسرى الحرب(2).
مما سبق نصل إلى نتيجة هامة مفادها سريان اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1967، واستمرار تطبيقها ما دام الاحتلال قائماً، ومن جانب أخر يقتصر دور الاتفاقية على حماية المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة دون غيرهم(3)، وهذا الأمر ما أكدته منظمة العفو الدولية، بأن جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة هم أشخاص محميون بموجب الاتفاقية وأن معاهدات السلام المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة إسرائيل لا تؤثر سلبا على هذه الحماية(4)، وفي السياق ذاته كان يعتبر كل المدنيين في منطقتي خوزستانKhouzistan والأكراد Kurdistan في إيران إبان الاحتلال العراقي لها، أشخاص محميين بقواعد الاتفاقية الرابعة(5).
خلاصة القول إذا كانت المادة الرابعة تحمل القاعدة العامة في تحديد الأشخاص المحميين وهم الذين يحددون أنفسهم خاضعين لطرف في الصراع، أو سلطة قائمة بالاحتلال لا يعدون من رعاياه، فإنها تتضمن بعض الاستثناء من أحكامها فيما يختص بمواطن طرف في الصراع أو سلطة القائمة بالاحتلال.
غير أن المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الرابعة تعترف صراحة بأن لأحكام الباب الثاني نطاقا أوسع في التطبيق تبينه المادة 13 التي تنص على، أن أحكام الجزء الثاني من الاتفاقية تشـمل مجموع
سكان البلدان المشتركة في الصراع دون أي تميز مجحف يستند بشكل خاص إلى الجنسية(1).
بعد هذا التحديد تجدر الإشارة ولو باختصار إلى كيفية تعريف المدني وتفرقته عن القاتل في أجندة هذه الاتفاقية.
ثانيا: تعريف الأشخاص المدنيين في قواعد اتفاقية جنيف الرابعة.
بالرجوع إلى نصوص الاتفاقية نجدها قد تبنت فكرة المشاركةParticipation ، أو عدم المشاركة في العمليات العدائية، بمعنى آخر فإن وصف الفرد بالمقاتل أو المدني يتوقف على مشاركته أو عدم مشاركته المباشرة في العمليات العدائية(2)، ولكن ماذا تعني في الواقع عبارة يشارك بدور مباشر في الأعمال العدائية؟ على الرغم من أن مواثيق القانون الدولي الإنساني لا تقدم تعريفاً، فمن المقبول بشكل عام أن ارتكاب الأعمال التي من حيث طبيعتها أو غرضها تستهدف إحداث ضرر فعلي لأفراد العدو وأدواته تعتبر مشاركة مباشرة في العمليات العدائية، في حين لا ترى الشيء نفسه على إمداد المقاتلين بالغذاء والمأوى أو التعاطف معهم(3).
فقد ترددت هذه الفكرة – فكرة المشاركة الفعلية - في كثير من التوصيات والجهود التي بذلت
لإيجاد تعريف محدد للسكان المدنين، ومن هذه التوصيات التوصية التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 25 تحت رقم 2675 والمعنونة بـ"المبادئ الأساسية لحماية السكان المدنيين في النزاعات المسلحة"، والتي تنص على أن".يجب ألا يكون السكان المدنيون بصفتهم هذه هدفاً للعمليات العسكرية."، فالملاحظ على هذه التوصية أنها تبنت التفسير الواسع في تعريف المدنيين عندما احتكمت إلى معيار المشاركة الفعلية في الأعمال العدائية(4)، على أن نؤكد بهذا الصدد أن الأشخاص المدنيين المحميين في اتفاقية جنيف الرابعة والذين يشاركون مباشرة في العمليات الحربية يفقدون مؤقتا صفتهم كأشخاص محميين خلال الفترة التي يشاركون فيهـا مباشرة في العمليات الحربية(5).
أما اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ظل جهودها لوضع تعريف محدد وواضح للمدنيين حيث اعتمدت على معيار عدم المشاركة العضوية في القوات المسلحة كأساس لتعريف المدنيين، وذلك في المادة الرابعة من مشروع القواعد المتعلقة بالحد من الأخطار التي يتعرض لها السكان المدنيون في زمن الحرب لعام 1956، حيث نصت هذه المادة على أن"..يتألف السكان المدنيون من كل الأشخاص الذين لا ينتمون لفئة أو أخرى من الفئات التالية:
أ‌. أفراد القوات المسلحة أو التنظيمات المساعدة أو المكملة لها.
ب‌. الأشخاص الذين لا ينتمون للقوات المشار إليها أعلاه، ولكنهم يشاركون في القتال.."(1).
عليه تكون اللجنة قد تبنت التعريف السلبي للمدنيين حينما حددتهم بأولئك الأشخاص الذين لا ينتمون إلى القوات المسلحة أو التنظيمات المساعدة لها، وبذلك احتكمت إلى معيار المشاركة العضوية لتحديد فئة المدنيين، وخلاصة القول أن قانون جنيف لم يوفق في وضع تعريف جامع مانع للمدنيين بل وللمقاتلين أيضاً(2)، إذ اكتفى بالاحتكام إلى المشاركة الفعلية في العمليات العدائية كأساس للتميز بين المقاتلين والمدنيين، وهذا ما أبرز إلى سطح الأحداث بعض النواقص حاول واضعو البروتوكول الإضافي الأول سدها فهل وفقوا ؟
الفرع الثاني
تحديد السكان المدنيين في ضوء قواعد البروتوكول الإضافي الأول عام 1977
إن موضوع تحديد فئة المدنييـن وتمييزها عن المقاتلين، ظل قابلا للمناقشة طيلـة الدراسات
السابقة لإعداد البروتوكول الإضافي الأول، إذ يعد من المواضيع التي طرحت جدلاً كبيرا، إلى أن تكللت هذه المناقشات المستفيضة على مدار الدورات الأربع لإعداد مشروع البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، في مجال تحيد فئة المدنيين وغيرهم عن المقاتلين بإقرار المادة 50 منه، التي سوف ندرسها أولا ثم نبين المعيار الذي احتكمت إليه ثانيا كما يلي:
أولا: قراءة تحليلية للمادة خمسين من البروتوكول الإضافي الأول.
نصت المادة 50 من البرتوكول الإضافي الأول على أن:
1. المدني هو أي شخص لا ينتمي إلى فئة من فئات الأشخاص المشار إليها في البنود الأول والثاني والثالث والسادس من الفقرة (أ) من المادة 04 في الاتفاقية الثالثة والمادة 43 من هذا الملحق وإذا أثار الشك حول ما إذا كان شخص ما مدنيا أو غير مدني فإن ذلك الشخص يعد مدنياً.
2. يندرج في السكان المدنيين كافة الأشخاص المدنيين.
3. لا يجرد السكان المدنيون من صفتهم المدنية بوجود أفراد بينهم لا يسري عليهم تعريف المدنيين(1).
إن كان هذا النص يقتضي منا الرجوع إلى المادة 04 من الاتفاقية الثالثة المعنية بحماية أسرى الحرب فتنص هذه المادة على أن:
« أسرى الحرب بالمعنى المقصود في هذه الاتفاقية هم الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات التالية ويقعون في قبضة العدو:
1. أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع والميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزء من القوات.
2. أفراد الميليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم حتى ولو كان هذا الإقليم محتلاً، على أن تتوافر الشروط التالية منهم :
- أن يقودهم شخص مسؤول عن مرؤوسيه.
- أن تكون لها شارة مميزة محددة.
- أن تحمل الأسلحة جهراً.
- أن تلتزم في عملياتها بقانون الحرب وعاداتها.
3. أفراد القوات المسلحة النظامية الذي يعلنون ولأهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة....
4. سكان الأراضي غير المحتلة الذين يحملون السلاح من تلقاء أنفسهم عند اقتراب العدو لمقاومة القوات الغازية..»(2).
على نفس المنوال جاءت المادة 43 من هذا الملحق البروتوكول لتضع تحت عنوان القوات المسلحة تحديدا يتشابه لحد بعيد مع محتوى المادة 4 من الاتفاقية الرابعة(3).
باستقراء نص المادة 50 أعلاه يتضح أنها كرست الحماية العامة للمدنيين زمن النزاع المسلح الدولي وانتهجت في تعريف السكان المدنيين التعريف السلبي، كما فعلت ذلك بالنسبة لتعريف الأعيان المدنية في المادة 52 منه، حيث حددت كل الأشخاص الذين لا يدخلون في هذا التعريف وما عداهم مدنيين وذلك طريقة جيدة – بحق – لأن فئة المدنيين هم الأكثر دائما(1).
تكمن أهمية المادة 50 البند 03 الذي جاء بضمانة مهمة للمدنيين حيث نصت على أنه في حالة الشك حول كون الشخص مدنيا أو مقاتلا فإنه يفرض على أطراف النزاع ألا يكون هدفاً لعملياتهم العدائية، وذلك تطبيقاً للقاعدة الفقهية التي تقضي بـ" امتنع إذا ساورك الشك Dent le doute abstiens toi "، أو قاعدة " الشك يفسر لصالح الطرف الضعيف"، وهم المدنيون في هذه الحالة(2).
وما يحسب للمادة 50 ما نصت عليه في فقرتها 03 حين قررت احتياطات أخرى لصالح المدنيين، مع أخذها بعين الاعتبار الأساليب المستخدمة من قبل المقاتلين حينما قررت حماية للمدنين حتى ولو كان منهم مقاتلين، ويجد هذا النص صداه بصورة واضحة في حروب حركات التحرر الوطني أين يكون أغلب المقاتلين غير مميزين أنفسهم بشكل واضح عن السكان المدنيين لأن ساحة القتال في ظل مقاومة الاحتلال هي الشوارع والساحات العمومية(3)، ولأن عمل كل المقاومين يكون ذا صبغة سرية.
ثانيا: المعيار الذي احتكم إليه البروتوكول الإضافي الأول في تعريف المدنيين.
اعتمد هذا البروتوكول في تعريف المدنيين معيار المشاركة المباشرة، فالأشخاص الذين لا يشاركون بصورة مباشرة في النزاع أو مقاومة الاحتلال ينسحب عليهم وصف المدني، ويؤكد البروتوكول أيضا وبصورة واضحة على أن الأساس الوحيد لوقف الحماية القانونية الدولية للأشخاص المدنيين هو المشاركة لهؤلاء الأشخاص في العمليات الحربية، وعلى ذلك يفقد حق منح الحماية القانونية الدولية ليس كافة السكان المدنيين فقط أولئك الأشخاص الذين يشاركون في الأعمال الحربية فقط خلال فترة استمرار اشتراكهم في تلك الأعمال(4)، وخلافاً للمشاركة المباشرة للأشخاص المدنيين في الأعمال الحربية، لا يمكن النظر إلى قيام هؤلاء الأشخاص بأعمال معادية ضد العدوacts hostie to thé enemy كأساس لوقف حماية الأشخاص المدنيين الذين يشاركون في مثل هذه النشطات(5).
فخلاصة القول، إذا كان معيار المشاركة المباشرة أو الانتماء إلى القوات المسلحة للتمييز بين المقاتلين والمدنيين قد وفق في مبتغاه بالنزاعات المسلحة الدولية، حيث تعريف أعضاء القوات المسلحة بوضوح لا يقبل الجدل حاليا، فإن الأمر ليس كذلك في ظل الحركة الوطنية التحريرية التي تعتبر نزاع مسلح دولي حتى مع اعتراف هذا البروتوكول بوجوب تطبيقه على الشعوب التي تناضل ضد الاحتلال الأجنبي، بمقتضى المادة 01/04 منه فإن قرينة الانتماء إلى الأجنحة العسكرية للحركات الوطنية التحررية يصعب إثباتها فعلياً لأن الانتماء لهذه الأجنحة يكون دائماً أمراً سريا.



#سامر_أحمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجس ...
- أوجه الالتقاء والاختلاف بين القانون الدولي الإنساني وحقوق ال ...
- مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني المحلية في مخيمات لبنان
- تعريف الإضراب في القطاع العام والخاص وأشكالة
- التطور التاريخي للإضراب في فلسطين


المزيد.....




- مصدر لـCNN: إسرائيل تطلع منظمات الإغاثة على خطط لإجلاء المدن ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين الأفارقة من مخيمات في العاصمة الت ...
- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سامر أحمد موسى - الحماية الدولية للمدنيين في الأقاليم المحتلة .... رسالة ماجستير ....الجزء التاني