أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد الفخاري - الحرب الصليبية الجديدة















المزيد.....

الحرب الصليبية الجديدة


محمد الفخاري

الحوار المتمدن-العدد: 1954 - 2007 / 6 / 22 - 05:33
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


هناك عدة ملفات ساخنة على مكتب الرئيس الأمريكي الذي بقي على نهاية ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة أقل من سنة ونصف وحيث أن الدستور الأمريكي لا يعطيه الحق في ولاية ثالثة - تمنى لو يشكل استثناء وتمنح له بالرغم من كل شيء - فإنه سيحاول مغادرة البيت الأبيض بعد الحسم في أكثر الملفات تعقيدا وخطرا بالنسبة إليه وهو الملف النووي الإيراني الذي طرح نفسه على إدارته بإلحاح دون أن يتوصل بعد إلى حل جذري يبدد مخاوفه ويكفل له الحفاظ على ماء الوجه في ظل الإصرار الإيراني على تخصيب اليورانيوم باعتباره حقا مشروعا غايته امتلاك تكنولوجيا نووية ذات أبعاد سلمية.

لقد أصبح هذا الملف يقض مضجع الرئيس بوش خصوصا أنه يواجه خصما عنيدا يتشبت بمشروعه النووي ويعتبره بمثابة مشروع قومي لا يمكن التخلي عنه تحت أي إغراء أو ضغط حتى لو كلفه العزلة عن العالم كله. ولعل ما يقلق الإدارة الأمريكية هو ما تظنه سعي النظام الإيراني الحثيث إلى تطوير برنامجه النووي عبر توسيع نطاق عمله على أجهزة الطرد المركزي تتيح له إنتاج الوقود النووي اللازم لصنع قنبلة نووية وبذلك تصبح إيران بلدا نوويا قادرا على قلب ميزان القوى وحماية نفسه من كل التقلبات السياسية التي يعرفها العالم حاليا والتي سيعرفها أيضا فيما بعد. إذن وبسبب هذه الخاوف المتزايدة تتحرك الإدارة الأمريكية على أكثر من صعيد لحشد الدعم الدبلوماسي لدى حلفائها الأروبيين و غريمتها روسيا في محاولة للتصدي لطموحات إيران النووية وهو ما أفرز عقوبات اقتصادية أكثر صرامة فرضت على" بلاد العم نجاد" في الآونة الأخيرة.

لكن المقاومة التي أبدتها إيران إلى جانب تصميمها المضي قدما في برنامجها النووي أربك حسابات الإدارة الأمريكية وجعلها تمر بحالة من الانفصام السياسي. وأمام التحدي الإيراني المستمر على لسان المسؤولين ابتداءا من الرئيس محمود أحمدي نجاد, مرورا بوزير الخارجية وانتهاءا بعلي لاريجاني المكلف بهذا الملف, بدأت بوادر اللجوء إلى الحل العسكري تلوح في الأفق بعدما عرقلت الجهود الدبلوماسية الداعية إلى إيجاد حل سلمي لهذه الأزمة والتي لم تستنفذ بعد حسب ما تفتأ تصرح به وزيرة الخارجية الأمريكية في كل مناسبة.

هل وصلت فعلا الجهود الدبلوماسية حول هذا الملف إلى نفق مسدود؟ أم ما زالت هناك فرص لاحتواء النزاع القائم بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبرها دولة مارقة وصنفتها ضمن دول محور الشر إلى جانب سوريا وكوريا الشمالية؟

يبدو أن الإدارة الأمريكية تعرف انقساما بين أعضائها يمكن وصفه بالأكثر حدة منذ تولي المحافظين الجدد مقاليد السلطة في البلاد ومما لا شك فيه أن تداعيات هذا الانقسام بين الدبلوماسية ممثلة في شخص وزيرة الخارجية رايس والخيار العسكري المفضل لنائب الرئيس تشيني سوف يرجح الكفة لصالح الحرب باعتبارها الحل الأنجع والنهائي مع وجود قناعات لدى الأمريكيين باستحالة تطويع الإرادة الشعبية في إيران وحكومتها المستمرة في تطوير قدراتها النووية.

هكذا سوف نرى تكرار نفس السيناريو الذي ميز الحرب على العراق لكن من المتوقع أن تختل كل المعايير الحربية هذه المرة بسبب تشتت الجنود الأمريكيين بأعداد مختلفة في العراق وأفغانستان والصومال مما سيدفع وزارة الدفاع الأمريكية الجديدة إلى نهج نفس السلوكيات الرمسفيلدية وإعداد خطط حربية محكمة تعتمد على المباغثة والحسم من خلال استعمال مفرط للقوة تستخدم فيه أسلحة أكثر تدميرا مما كان عليه الحال في العراق. وفي حال فشل حسم هذه الحرب المتوقعة في وقت قياسي بسبب مقاومة ستكون بكل تأكيد شرسة لم تعهدها القوات الأمريكية من قبل, ربما تلجأ هذه الأخيرة إلى استخدام أسلحة نووية متطورة لإنهاء الحرب كما فعلت إبان الحرب العالمية الثانية والتاريخ يشهد بفظاعة ما خلفته تلك الأسلحة في وقتها فما بالك بالأسلحة الحالية وهو الشيء الذي لن تتردد واشنطن في اختياره إذا اتسعت رقعة الحرب لتشمل مناطق أخرى من العالم بعد أن هددت إيران باستهداف كل ما يمت لأمريكا بصلة وفي أي مكان في العالم إذا هوجمت من طرف النظام الأمريكي, بمعنى أن هذه الحرب قد تحدث مفاجآت كبيرة يصعب التنبؤ بها في ظل الوضع الراهن وستكون أكثر ضراوة ربما تمتد رحاها إلى الأراضي الأمريكية.

بما أن خيار الحرب أصبح قائما وهو ما يظهر من خلال حشد أمريكا المزيد من قواتها ومعداتها الحربية وحاملات الطائرات في المياه الخليجية, فإن الإدارة الأمريكية ستبدأ بالتحرك قريبا على المستوى الداخلي والخارحي لأجل إضفاء الشرعية على هذه الحرب التي تعتزم خوضها في المنطقة تماما كما فعلت من قبل وإذا تعذر عليها ذلك وهو أمر وارد جدا فإن التاريخ سيعيد نفسه وسنشهد قرارا أحادي الجانب تشن بموجبه الإدارة الأمريكية حربا على إيران الهدف منها أولا وأخيرا إسقاط النظام الإيراني وكبح نشاطاته النووية حتى لو واجهت معارضة كبيرة من لدن الرأي العام الأمريكي والدولي الذي سيحاول الرئيس بوش بشتى الطرق إقناعه بضرورة الحرب. هذا يعني أنه في المقابل, ستواجه منظمة الأمم المتحدة أزمة جديدة وستضطر إلى اختيار أمران أحلاهما مر: إما إذعانها للإرادة الأمريكية الداعية للحرب وبقائها على الهامش بعد أن تفقد الشرعية الدولية كليا وبذلك يسحب الاعتراف بها من قبل دول عدة أو جنوحها للرغبة الدولية المعارضة للحرب عبر اتخاد موقف جدي من الولايات المتحدة – وهو مستبعد – تقوم على ضوئه بمواجهة السياسة الأمريكية وقراراتها الأحادية الجانب التي تفتقر بصفة مطلقة إلى أي نوع من الشرعية والتبصر مما سيخلف كما قلنا أزمة خطيرة في أروقة المنظمة وإمكانية إلغائها نهائيا إذا ما تبين أنها تتعارض مع المصالح الأمريكية في العالم.

من جهة أخرى وعقب الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت للولايات المتحدة حيث قام بمحادثات مطولة حول الأوضاع الأخيرة في غزة و حول الملف الإيراني مع الرئيس الأمريكي الذي لم ينف خيار الحرب بل أكد أنه يأخد هذا الملف بجدية بالغة إن لم نقل أولوية وأن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" بما فيها الحرب على أيران, فإن التحالف الأمريكي الإسرائيلي هو بمثابة تحالف استراتيجي يقوم على تعهد الولايات المتحدة بصفتها القوة العظمى بالدفاع على الدولة العبرية وحقها في الوجود وضمان أمنها واستمراريتها بعدما باتت تشعر بتهديد وخطر حقيقيين من طرف النظام الإيراني والذي صرح رئيسه مرارا بضرورة محو الدولة الإسرائيلية من الخريطة العالمية مما يدل جليا على أن الولايات المتحدة تخوض حروبا في الشرق الأوسط لا لأجل حماية أمنها القومي بما أنه ليس مهددا على الإطلاق بل لحماية أمن إسرائيل التي مازال نفوذها قويا في أمريكا ممثلا في اللوبيات الضاغطة سياسيا واقتصاديا في الإدارة الأمريكية.

إلا أنه ما زالت هناك عدة أسئلة تطرح نفسها على الواقع ومن بينها ماذا ستجني الولايات المتحدة الأمريكية من حربها على إيران؟ وكيف تنظر لمستقبل المنطقة بعد الحرب؟ وما علاقة هذه الحرب المتوقعة بجيش بوش السري ومعسكرات يسوع التي تمولها الإدارة الأمريكية وتسهر على تنظيمها تنظيما محكما استنادا إلى المرجعية الإنجيلية؟ قد تبدو هذه الأسئلة غير واقعية للبعض ولا أساس لها من المنطق إذا سلمنا بأن دوافع الحرب سياسية كما يزعم الأمريكيون, تقوم على المصلحة الاستراتيجية ولا علاقة لها بالدين. لكن يجب ألا ننسى ما صرح به الرئيس الأمريكي مباشرة قبل إطلاق الشرارة الأولى لحربه على العراق حيث قال: "لتكن حربا صليبية" وهو ما اعتبر فيما بعد زلة لسان ظاهرها إيديولوجي يعكس صراع الحضارات وباطنها ديني صرف يتوخي منه استعجال نزول المسيح في المنطقة حسب زعم الإنجيليين وتنبؤاتهم باقتراب نهاية العالم. هل يسعى إذن الرئيس الأمريكي لنيل شرف نزول المسيح في عهده؟ وما علاقة ذلك بالزيارة الأخيرة التي قام بها لأوروبا في أعقاب مشاركته في قمة الدول الثماني الصناعية والتي شملت كذلك الفاتيكان؟ كل المؤشرات تدل على التوجه الديني الذي يتبناه الرئيس الأمريكي في صراعه مع الدول الإسلامية بمباركة عدد من رجال الدين الأمريكيين الذين يرون فيه المحرر والمخلص للأمة من الأخطار المحذقة بها والحامي لمهد المسيح ومكان نزوله بعدما فشل سلفه الرئيس السابق بيل كلنتون في تحقيق ذلك إثر تعثر سياسته في الشرق الأوسط إلى جانب الفضائح التي لحقت به وعلى رأسها الفضيحة الأخلاقية التي تعرف بفضيحة مونيكا لوينسكي.

أمام الرئيس بوش أقل من سنة ونصف لاستعجال نزول المسيح خصوصا وأن العد العكسي بالنسبة له قد بدأ ولكي يتأتى له ذلك, بات ضروريا حسب تنبؤاتهم ب "نهاية الزمان" أن تشن حرب ضارية تأتي على الأخضر واليابس في بلاد آشور بعد الحرب على بلاد مابين النهرين وإذا فشل الرئيس في ذلك فسوف يغادر السلطة تاركا وراءه إرثا سياسيا ودينيا فظيعا سيصنفه - إن لم يكن ذلك الآن- أكثر الرؤساء دموية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما سيؤدي لا محالة كما توقع البروفيسور المغربي المختص في الدراسات المستقبلية المهدي المنجرة إلى اندثار الامبراطورية الأمريكية مثل امبراطوريات عظيمة قبلها قامت على الجور والطغيان وكان السبب الرئيسي في زوالها الحروب التي خاضتها وأثقلت كاهلها وأبرزها الامبراطورية الرومانية.

هذا النظرية أخدت تترسخ فعلا من خلال ما نراه حاليا,حيث أصبحت الحروب عبئا على الاقتصاد الأمريكي وتدفعه نحو التدهور إذ تخصص ميزانيات ضخمة للحرب على حساب الوضع الاقتصادي الداخلي الذي يعرف تراجعا ملحوظا خصوصا في ظل المنافسة الخارجية التي تشكلها دول شرق آسيا على رأسها الصين التي غزت حتى الأسواق الأمريكية. هذا الوضع الاقتصادي جعل الشركات الكبرى بما فيها الممولة للحروب تعمد عقب أزمات متتالية إلى تسريح أعداد كبيرة من العمال مما سيزيد من استفحال البطالة ورفع معدل الجريمة إلى أقصاه وتنامي ظواهر اجتماعية أخرى أكثر خطورة. ولعل هذه مؤشرات على بداية النهاية, ليس نهاية العالم كما يدعي الكثير من رجال الدين في الغرب بل نهاية امبراطورية عظمى, امبراطورية القرن الواحد والعشرين التي سيطرت لقرابة نصف قرن وحررت فيه الاقتصاد الدولي لصالحها وأسقطت فيه أنظمة وخلقت أخرى وأبادت شعوبا وطمست حظارات وحاربت تحت ذريعة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل في حين أنها تمتلك أكثر الأسلحة دمارا على الاطلاق. فهل سنشهد ميلاذ امبراطورية جديدة تحل محلها وتأتي من جهة أخرى من العالم تقوم على مبادئ مختلفة وتفرض نظاما عالميا جديدا؟



#محمد_الفخاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدتان فرقهما السؤال
- هايكو النهار و الليل
- سكرات الخلوة
- قراءة في عيني حبيبتي
- شفرة دافينشي...بين الأسطورة والحقيقة
- حنين


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد الفخاري - الحرب الصليبية الجديدة