عن ( سوأة آدم وزوجه / أحاديث متعارضة )


أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 7946 - 2024 / 4 / 13 - 16:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

عن ( سوأة آدم وزوجه / أحاديث متعارضة )
السؤال الأول :
قرأت الفتوى عن السوأة وقلت ان المقصود بها هى جثة الانسان بعد موته ، وأتفق معك فى أن الأكرم لها دفنها كما هى ، دون غسل أو تكفين ، وسبق لك مقال فى هذا ، ولكن اسمح لى يا دكتور بأن كلمة السوأة وردت أيضا فى قصة آدم وحواء حين اكلا من الشجرة فى سورة الأعراف : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) الاعراف ) .
اجابة السؤال الأول :
1 ـ كلامك صحيح .
2 ـ الذى سيطر على تفكيرى وقتها هى السوأة بمعنى الجثة البشرية الحالية بعد موت صاحبها ، وهذا لسبيين :
2 / 1 : أنى الان قد جاوت 75 عاما مثقلا بالأمراض ، أى أقترب من الموت داعيا ربى جل وعلا أن يرضى عنى ويقبل توبتى ويتجاوز عن سيئاتى . أوصيت أولادى أنه بموتى فعليهم الاسراع بدفن جثتى كما هى بلباسها الذى عليها، وتراجعت عن وصيتى السابقة بحرق جثتى ــ وكنت كتبتها مقالا ــ لأن زوجتى وأولادى إستبشعوا هذا . وأؤكد دائما إن الكينونة الحقيقية للبشر هى النفس ، وأنها ترتدى هذا الجسد مؤقتا ، وتفارقه مؤقتا بالنوم وتفارقه نهائيا بالموت . وعند الموت تنتهى علاقتها بهذا الجسد الذى ترتديه . ولكن البشر يرون فى هذه ( الجثة / الجيفة ) هو الشخص العزيز الذى تركهم ، لذا يتفننون فى تكريمه . هذا بينما تستقر النفس بعد موت جسدها فى قبر خاص بها فى برزخها ، ومعها كتاب أعمالها ، لا تشعر بالزمن . ثم ينزل بالبعث ماء الحياة فتحيا الأنفس ، ويظن الكافرون أنهم ما لبثوا سوى عشية أو ضحاها أو يوما أو بعض يوم . هذا هو الذى يجب أن نهتم به ، والذى يجب أن نعمل له .
2 / 2 : عبادة المحمديين وغيرهم للجثث / الجيف . يعبدون قبورا يقدسون أصحابها والذين تحولوا الى تراب ، هذا إذا كان الميت مدفونا فيه فعلا ، ولكن أشهر القبور المقدسة مُقامة على جثث أو جيف وهمية لا وجود لها أصلا ، مثل القبور المقدسة المنسوبة للنبى محمد وللحسين وزينب شقيقته .
3 ـ شكرا على تنبيهنا لقوله جل وعلا : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)الاعراف). أقول :
3 / 1 : خلق الله جل وعلا آدم وزوجه من طين ، وأنزل الله جل وعلا على جسديهما البشرى لباسا نورانيا برزخيا يلائم الجنة البرزخية التى عاشها فيها . بالنسبة لهذا اللباس النوراى كان جسدهما المادى سوأة . ولم يكونا فى جنة البرزخ يعرفان جسديهما المخفى . حين أكلا من الشجرة المحرمة تبدّت ملامح جسدهما المادى الذى هو سواة ، وأخذا الشيطان يتشفى فيهما ينزع عنهما لباسهما النوراى ويريهما جسدهما البشرى الذى يسوء النظر اليه .
3 / 2 : البديل لنا نحن أبناء آدم هو التمسُّك بالكتاب الالهى الموصوف بالنور ، وهذا هو تقوى الله جل وعلا . الذى يتقى الله جل وعلا يعيش فى نور هدايته . قال جل وعلا :
3 / 2 / 1 :( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) الانعام ) .
3 / 2 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) الحديد ).
3 / 3 : نور الهداية المعنوى فى الدنيا سيتحول فى الآخرة الى نور حقيقى للمتقين . والآيات كثيرة ، عرضنا لها فى مقال فى القاموس القرآنى عن ( النور )، منها قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) التحريم )
4 ـ اللهم إجعلنا منهم يا رب العالمين .!
السؤال الثانى :
قرأت فى موقع سلفى الآتى : ( عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمةً لهم، فقالوا: إنك تُواصِلُ؟ قال: ((إني لستُ كهيئتكم؛ إني أَبِيتُ يطعمني ربي ويسقينى))؛ متفق عليه. والوصال يعني أن يصل الإنسانُ يومين فأكثرَ في الصيام من غير فِطرٍ، يعني يصوم الليل والنهار يومين أو ثلاثة أو أكثر، فنهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولكنهم رضي الله عنهم فَهِموا أنه نَهاهم رحمةً بهم لا كراهة للعمل، فواصَلوا ثم واصَلوا حتى هلَّ شهر شوال، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لو تأخَّرَ الهلال لَزِدتُكم))؛ يعني لأبقيتكم تُواصِلون، قال ذلك تنكيلًا لهم؛ حتى يعرِفوا ألمَ الجوع والعطش، ويكُفُّوا عن الوصال من أنفسهم. الحاصل أنه نهاهم عن الوصال رحمة بهم، فقالوا: إنك تواصل ونحن نقتدي بك، فقال: ((إني لست كهيئتكم؛ إني يُطعمني ربي ويسقيني))؛ يعني أنه عليه الصلاة والسلام ليس كالأُمَّة، بل هو يَبيتُ عند ربِّه يُطعمه ويَسقيه، ومعنى ذلك أنه عليه الصلاة والسلام يتهجَّد بالليل، ويخلو بالله عزَّ وجلَّ بذكره، وقراءة كلامه، وغير ذلك مما يُغنيهِ عن الأكل والشرب؛ لأن الإنسان إذا اشتغل بالشيء نَسِيَ الأكل والشرب، خصوصًا إذا كان الشيء مما يُحِبُّه ويرضاه؛ ولهذا قال الشاعر في محبوبته:
لها أحاديثُ مِن ذِكراكَ تَشغَلُها ) *** عن الشرابِ وتُلهيها عن الزادِ ).
أنا طبعا لا أومن بهذا ، ولكن أطلب رأيك فى التعليق عليه .
إجابة السؤال الثانى :
1 ـ قلنا ونكرر : الأحاديث كلها كاذبة فى نسبتها للنبى محمد عليه السلام ، وليست جزءا من الاسلام الذى إكتمل بنزول القرآن الكريم . ولكنها صادقة فى التعبير عن ثقافة قائلها الذى زعمها وثقافة عصرها . وهى تعبّر بصدق عن أهوائهم وإختلافاتهم . هذا الحديث يتعارض مع حديث آخر ، يقول : ( جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوتِ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسأَلون عن عبادةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلمَّا أُخبِروا كأنَّهم تقالُّوها فقالوا: وأينَ نحنُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه وما تأخَّر؟! قال أحدُهم: أمَّا أنا فإنِّي أُصلِّي اللَّيلَ أبدًا وقال الآخَرُ: أنا أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطِرُ وقال الآخَرُ: أنا أعتزِلُ النِّساءَ ولا أتزوَّجُ أبدًا فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ( أنتم الَّذي قُلْتُم كذا وكذا ؟ أمَا واللهِ إنِّي لأخشاكم للهِ وأتقاكم له لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ وأُصلِّي وأرقُدُ وأتزوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِب عن سنَّتي فليس منِّي ).
2 ـ هذا يذكّرنا بقوله جل وعلا للكفرة : ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ (38) القلم ). دينهم فيه كل شىء ، وهم مختلفون فيه ، ولهم فيه ما يتخيرون حسب الهوى .